• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أخبار عثمان بن عفان

ساد المجلس سكون رهيب، فقد غضب الملك وانزعج من كلام العباسي... وأطرق العباسي وسائر علماء السنة... وصمت الوزير.. وبقي العلوي رافعاً رأسه ينظر في وجه الملك، ليرى النتيجة؟.
مرّت لحظات صعبة على العباسي، تمنّى فيها ان تنشق الأرض تحته فيغيب فيها، أو يأتيه ملك الموت فيقبض روحه فوراً، من شدّة الخجل وحَرج الموقف، فلقد ظهر بطلاب مذهبه، ولقد ظهرت خرافة عقيدته أمام الملك ووزيره وسائر العلماء والأركان.. ولكن: ماذا يصنع؟ لقد احضره الملك للسؤال والجواب، ولتمييز الحق من الباطل، ولهذا استجمع قواه ورفع رأسه وقال:
وكيف تقول ايها العلوي ان عثمان لم يكن مؤمناً في قلبه، وقد زوجه الرسول ببنتيه رقية وام كلثوم؟
قال العلوي: الأدلة في عدم ايمانه كثيرة ويكفي في ذلك: ان المسلمين -وفيهم الصحابة- اجتمعوا عليه فقتلوه، وانتم تروون ان النبي قال: (لاتجتمع أمتي على خطأ) فهل يجتمع المسلمون- وفيهم الصحابة- على قتل مؤمن؟
ولقد كانت عائشة تُشبّهه باليهود وتأمر بقتله وتقول: أُقتلوا نعثلاً- اسم رجل يهودي- فقد كفر، اقتلوا نعثلاً قتله الله، بُعداً لنعثل وسحقا.
وقد ضرب عثمان عبد الله بن مسعود الصحابي الجليل حتى أُصيب بالفتق وصار طريح الفراش ومات.
وقد سفّر أباذر الغفاري، ذلك الصحابي الجليل الذي قال فيه الرسول: (ماأظلّت الخضراء ولاأقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر)، ونفاه وأبعده من المدينة المنورة الى الشام مرة أو مرتين ثم الى الربذة- وهي أرض جرداء بين مكة والمدينة- حتى مات أوب ذر في الربذة جوعاً وعطشا- في الوقت الذي كان عثمان يتقلّب في بيت مال المسلمين ويوزّع الأموال على أقاربه من الأمويين والمروانيين-!.
قال الملك للوزير: وهل يصدق العلوي في كلامه هذا؟
قال الوزير: ذكر ذلك المؤرّخون!
قال الملك: فكيف اتّخذه المسلمون خليفة؟
قال الوزير: بالشورى.
قال العلوي: مهلاً أيها الوزير، لاتقل ماليس بصحيح!
قال الملك: ماذا تقول أيها العلوي؟
قال العلوي: ان الوزير أخطأ في كلامه، ان عثمان لم يأت الى الحكم إلا بوصية من عمر وانتخاب ثلاثة من المنافقين فقط وفقط وهم: طلحة وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، فهل هؤلاء المنافقين الثلاثة يمثّلون المسلمين جميعاً؟
ثم ان التواريخ تذكر ان هؤلاء المنتخبين عدلوا عن عثمان عندما رأوا طغيانه وهتكه لأصحاب رسول الله ومشورته في أمور المسلمين مع كعب الأحبار اليهودي وتوزيعه أموال المسلمين بين بني مروان، فبدأ هؤلاء الثلاثة بتحريض الناس على قتل عثمان!
قال الملك- موجّهاً الخطاب الى الوزير-: هل صحيح كلام العلوي؟
قال الوزير: نعم، كذا يذكر المؤرخون!
قال الملك: فكيف قلت انه جاء إلى الخلافة بالشورى؟
قال الوزير: كنت أقصد شورى هؤلاء الثلاثة!
قال الملك: وهل إختيار ثلاثة أشخاص يصحح الشورى!
قال الوزير: ان هؤلاء الثلاثة شهد لهم رسول الله(ص) بالجنة؟!
حديث العشرة المبشرين بالجنة
قال العلوي: مهلاً أيها الوزير، لاتقل ماليس بصحيح ان حديث (العشرة المبشّرة بالجنة) كذب وافتراء على رسول الله(ص)!
قال العباسي: وكيف تقول انه كذب وقد رواه الرواد الموثّقون؟
قال العلوي: هناك أدلّة كثيرة على كذب هذا الحديث وبطلانه، أذكر لك منها ثلاثة:
الأول: كيف يشهد رسول الله بالجنة لمن آذاه وهو طلحة؟
فقد ذكر بعض المفسّرين والمؤرخّين ان طلحة قال: "لئن مات محمد لننكحن أزواجه من بعده- أو- لأتزوجنّ عائشة" فتأذّى رسول الله من كلام طلحة وأنزل الله قوله: "وماكان لكم أن تؤذوا رسول الله ولاان تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلك كان عند الله عظيما".
الثاني: ان طلحة والزبير قاتلا الإمام علي بن ابي طالب عليه السلام وقد قال رسول الله (ص) في حق علي عليه السلام: "ياعلي حربُك حربي وسلمك سلمي"، وقال: "من أطاع علياً فقد أطاعني ومن عصى علياً فقد عصاني"، وقال: "علي مع القرآن والقرآن مع علي لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض"، وقال: "علي مع الحق والحق مع علي يدور الحق معه حيثما دار"، فهل: محارب رسول الله وعاصيه يكون في الجنة؟. وهل محارب الحق والقرآن يكون مؤمناً؟
الثالث: ان طلحة والزبير سعيا في قتل عثمان، فهل من الممكن أن يكون عثمان وطلحة والزبير كلهم في الجنة، وقد قاتل بعضهم بعضاً، ويقول رسول الله (ص) -في حديث له-: القاتل والمقتول كلاهما في النار؟؟
قال الملك متعجباً: هل كل مايقوله العلوي صحيح؟
هنا سكت الوزير، ولم يقل شيئاً.
وسكت العباسي وجماعته ولم ينطقوا شيئاً.
ماذا يقولون؟
أيقولون الحق؟ وهل يسمح الشيطان بالاعتراف بالحقظ وهل ترضى النفس الأمّارة بالسوء أن تخضع للحق والواقع؟ أتظن ان الاعتراف بالحق أم سهل وبسيط؟
كلا.. انه صعب جداً، لأنه يستدعي سحق العصبية الجاهلية ومخالفة الهوى، والناس أتباع الهوى والباطل إلا المؤمنين وقليلٌ ماهُم!
... مزَّق السيد العلوي ستار الصمت والسكوت فقال:
أيها الملك: ان الوزير والعباسي وكل هؤلاء العلماء يعلمون صدق كلامي وصحّة مقالتي، وحقيقة حديثي، ولو أنكروا ذلك، فان في بغداد من العلماء من يشهد على صدق كلامي وصحته وحقيقته، وانَّ في خزانة هذه المدرسة كتب تشهد بصدق كلامي، ومصادر معتبرة تصرّح بصحة مقالتي وحقيقته... فان اعترفوا بصدق كلامي فهو المطلوب، وإلاّ فأنا مستعد آلان الآن أن آتي اليك بالكتب والمصادر والشهود!
قال الملك (متوجّهاً الى الوزير): هل كلام العلوي صحيح من أنّ الكتب والمصادر تصرّح بصحة مقالته وصدق حديثه؟
قال الوزير: نعم.
قال الملك: فلماذا سكتَّ في أول الأمر؟
قال الوزير: لأني أكره أن أطعن في أصحاب رسول الله(ص)!
قال العلوي: عجيب! أنت تكره ذلك والله ورسوله لم يكرها ذلك حيث انه تعالى عرّف بعض الصحابة بالمنافقين وأمر رسوله بجهادهم كما يجاهد الكفار، والرسول بنفسه لعن بعض أصحابه!
عدالة الصحابة
قال الوزير: ألم تسمع أيها العلوي قول العلماء: ان كل أصحاب الرسول عدول؟
قال العلوي: سمعتُ ذلك، ولكني اعرف انه كذب وافتراء، اذ كيف يمكن أن يكون كل أصحاب الرسول عدول وقد لعن اللهُ بعضهم، ولعن الرسول بعضهم، ولعن بعضهم بعضاً، وقاتل بعضهم بعضاً، وشتم بعضهم بعضاً، وقتل بعضهم بعضاً؟؟
وهنا وجد العباسي الباب مسدوداً أمامه، فجاء من باب آخر وقال: أيها الملك: قل لهذا العلوي إذا لم يكن الخلفاء مؤمنين فكيف اتخذهم المسلمون خلفاء، واقتدوا بهم؟
قال العلوي: أولاً: لم يتخذهم كل المسلمين خلفاء وإنما أهل السنة فقط.
ثانياً: ان هؤلاء الذين يعتقدون بخلافتهم ينقسمون إلى قسمين: جاهل ومعاند، أما الجاهل فلا يعرف فضائحهم وحقائقهم وإنما يتصورهم أناساً طيبين مؤمنين، وأما المعاند فلا ينفعه الدليل والبرهان مادام قد أصرَّ على العناد واللجاج، يقول تعالى: "ولو جئتهم بكل آية لايؤمنون"، ويقول سبحانه: "سواء عليهم ءأنذرتهم أم لم تنذرهم لايؤمنون"!
ثالثاً: ان هؤلاء الذين اتخذوهم خلفاء أخطئوا في الاختيار، كما أخطأ المسيحيون حيث قالوا: "المسيح ابن الله"، وكما أخطأ اليهود حيث قالوا: (عُزير ابن الله)، فالانسان يجب عليه أن يطيع الله والرسول وأن يتبع الحق لا أن يتبع الناس على الخطأ والباطل، يقول تعالى: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول".
قال الملك: دعوا هذا الكلام، وتكلّموا حول موضوع آخر.
قال العلوي: ومن إشتباهات أهل السنة وأخطاءهم أنهم تركوا علي بن أبي طالب (عليه السلام) وتبعوا كلام الأولين.
قال العباسي: ولماذا؟
قال العلوي: لأن علي بن أبي طالب عيَّنه الرسول(ص) وأولئك الثلاثة لم يعيّنهم الرسول؛ ثم أردف قائلاً:
أيها الملك: انك لو عيَّنتَ في مكانك ولخلافتك إنساناً فهل يجب ان يتبعك الوزراء وأعضاء الحكومة؟ أم يحق لهم أن يعزلوا خليفتك، ويعيِّنوا إنساناً آخر مكانك؟
قال الملك: بل الواجب أن يتبعوا خليفتي الذي عيَّنته أنا، وأن يقتدوا به ويطيعوا أمري فيه.
قال العلوي: وهكذا فعل الشيعة، فقد اتبعوا خليفة رسول الله الذي عينه(ص) بأمر من الله تعالى وهو علي بن أبي طالب وتركوا غيره.
قال العباسي: لكن علي بن أبي طالب لم يكن أهلاً للخلافة حيث أنه كان صغير العمر، بينما كان أبو بكر كبير العمر، وكان علي بن أبي طالب قد قتل صناديد العرب وأباد شجعانهم فلم تكن العرب ترضى به، ولم يكن أبو بكر كذلك!
قال العلوي: أسمعتَ أيها الملك ان العباسي يقول: ان الناس أعلم من الله ورسوله في تعيين الأصلح، لأنه لايأخذ بكلام الله ورسوله في تعيين علي بن أبي طالب، ويأخذ بكلام بعض الناس في أصلحية أبي بكر، كأنَّ الله العليم الحكيم لايعرف الأصلح والأفضل حتى يأتي بعض الناس الجهّال فيختاروا الأصلح؟ ألم يقل الله تعالى: "وماكان لمؤمن ولامؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرَة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينا"؟
ألم يقل سبحانه: "ياأيها الذين آمنوا استجيبوا لله والرسول إذا دعاكم لما يحييكم"؟
قال العباسي: كلا اني لم أقُل ان الناس أعلم من الله ورسوله.
قال العلوي: إذن لامعنى لكلامك، فان كان الله والرسول قد عيّنا إنساناً واحداً للخلافة والإمامة، فاللازم أن تقتدي به، سواء رضي به الناس أم لا!

مؤهلات الإمام علي عليه السلام دون غيره:
قال العباسي: لكن المؤهّلات في علي بن أبي طالب كانت قليلة؟
قال العلوي: أولاً: معنى كلامك ان الله لم يكن يعرف علي ابن أبي طالب حق المعرفة، فلم يكن يعلم ان مؤهلاته قليلة ولهذا عيّنه خليفة وهذا هو الكفر الصريح، وثانياً: ان الواقع ان مؤهّلات الخلافة والامامة كانت متوفرة كاملاً في علي بن أبي طالب، بينما لم تكن متوفرة في غيره!
قال العباسي: وماهي تلك المؤهّلات -مثلاً-؟
قال العلوي: ان مؤهلاته عليه السلام كثيرة جداً، فأوّل المؤهلات تعيين الله وتعيين رسوله له عليه السلام.
وثانيها: انه كان أعلم الصحابة على الاطلاق، فهذا رسول الله يقول: "أقضاكم علي"، ويقول عمر بن الخطاب (أقضانا علي)، ويقول رسول الله: "أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة والحكمة فليأت الباب"، وقال هو عليه السلام: "علّمني رسول الله ألف باب من العلم يفتح لي من كل باب ألف باب"، ومن الواضح ان العالم مقدّم على الجاهل يقول تعالى: "هل يستوي الذين يعلمون والذي لايعلمون".
وثالثها: أنه عليه السلام كان مستغنياً عن غيره، وغيرهُ كان محتاجاً اليه، ألم يقل أبوبكر: "أقيلوني فلست بخيّر فيكم وعليٌ فيكم"؟
ألم يقل عمر في أكثر من سبعين موضع: "لولا علي لهلك عمر"؟،"ولا أبقاني الله لمعضلة لست فيها ياأبا الحسن"، و"لايفتينَّ أحدكم في المسجد وعلي حاضر"؟
ورابعها: ان علي بن أبي طالب(عليه السلام) لم يكن قد عصى الله ولم يكن قد عبد غير الله، ولم يكن قد سجد للأصنام طيلة حياته أبداً، وهؤلاء الثلاثة كانوا قد عصوا الله وعبدوا غيره وسجدوا للأصنام وقد قال الله تعالى: "لاينال عهدي الظالمين" ومن الواضح أن العاصي ظالمٌ، فلا يكون مؤهّلاً لنيل عهد الله أي: النبوة والخلافة.
خامسها: ان علي بن أبي طالب كان ذا فكر سليم وعقل كبير ورأي صائب منبعث من الاسلام، بينما كان غيره ذا رأي سقيم منبعث من الشيطان، فقد قال أبو بكر: ان لي شيطاناً يعتريني.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page