1 - إن الطبيب المعروف (هارفي) (1578 - 1657 م) لم يكن له ذنب يستحق به التشهير والاتهام إلا كفاءته وتفوقه الذي جعله يكتشف الدورة الدموية في جسم الإنسان ومع أنه أيد نظريته بالبراهين الكثيرة إلا أن ذلك لم يمنع الحاسدين والمصلحين من أطباء عصره من مهاجمته واتهامه وتسفيه نظريته لمدة أربعين سنة.. وبعدها فرضت نظريته العلمية نفسها على الطب الحديث.
2 - والمكتشف الشهير (غاليلو) الذي يعتبر أحد مفجري عصر النهضة الأوروبية (1564 - 1642 م) اضطر كذلك أن يدفع ضريبة نبوغه وكفاءته العلمية التي تجلت في اكتشافاته وآرائه العلمية المعروفة فقد طورد واعتقل واستجوب أمام محكمة التفتيش ومنعت السلطات الكنيسية جميع الكاثوليكيين من قراءة كتبه وأصدرت ضده فتاوي التكفير وهكذا كل متفوق وصاحب كفاءة، عالما كان أو خطيبا، كاتبا أو مديرا، لا بد وأن يستعد لدفع ضريبة تفوقه وكفاءته بتلقي الاتهامات والإشاعات وشتى أنواع الإيذاء.
وما كانت جريمة يوسف النبي (عليه السلام) في طفولته حتى استحق أن يتآمر عليه إخوته ويلقوه في أعماق البئر ويحرمونه من حب أبيه ورعايته..
لا جرم له إلا جماله وأدبه ومحبة أبيه يعقوب (عليه السلام) البالغة له..
كما ينقل لنا القرآن الكريم حيث يقول تعالى:
(لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين. إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفي ضلال مبين. اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين. قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين) (1).
الصنف الثاني: المصلحون.
الذين يتحسسون آلام شعوبهم ويزعجهم الفساد والانحراف في مجتمعاتهم فيهبون لتحمل مسؤولية الإصلاح.
وضمن هذه المعركة والصراع يشهر الطغاة والمفسدون سلاح الإشاعات والاتهامات ضد من يحمل راية الاصلاح ولواء التغيير.
لاحظ عزيزي القارئ هذه الملاحظات:
الملاحظة الأولى (معاناة الأنبياء).
الملاحظة الثانية (تهمة الجنون).
الملاحظة الثالثة (تهمة السحر).
الملاحظة الرابعة (تهمة الكذب).
الملاحظة الخامسة (التهم الأخلاقية).
الملاحظة السادسة (تهمة العمالة) (2).
فمن هنا نستنتج سبب الإشاعات نحو مذهب أهل البيت عليهم السلام المذهب الإسلامي الصحيح، وتوالت الإشاعات بقوة عبر التاريخ من بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله مرورا بالتغطية الإعلامية على خلافة علي عليه السلام واغتصاب حقه ومظلوميته الفاضحة، ومظلومية زوجته الزهراء عليها السلام بحيث اغتصب حقها وإرثها ومن أقرب المقربين لرسول الله صلى الله عليه وآله الذين يدعون بأصحابه ومرورا بمظلومية أولاده كسم الإمام الحسن من قبل معاوية وقتل الحسين وقطع عنقه وحمل رأسه من العراق إلى الشام وأي مظلومية هذه؟! الذي يندى لها جبين الإنسانية وجبين المروءة وجبين الكرامة وجبين العزة الإسلامية.
يا لها من فضائح.. يا لها من مجازر قتل جماعية أيام الدولة العباسية بحيث وصل الأمر كل إنسان يعلن حبه للإمام علي عليه السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله كان يواجه بالجلد وقطع اللسان. وقطع الأعناق كحجر بن عدي الذي قطع عنقه، وميثم التمار، وأبو ذر الغفاري الذي واجه النفي إلى صحراء الربذة...
ولا زال مذهب أهل البيت عليهم السلام يواجه المؤامرات والضربات تلو الضربات والإشاعات والافتراءات بحيث وصل الأمر بمعاوية أن يجند أقلام تبث هذه الإشاعات الخطيرة لتبرير أفعال وأعمال من تآمر على علي عليه السلام وأهل بيته والأكثر خطورة هذه الإشاعة الفاضحة التي راح ضحيتها آلاف مؤلفة من القتلى وهي إشاعة وأسطورة عبد الله بن سبأ.
لماذا اختلقت هذه الإشاعة؟!! وما هي أسبابها وحيثياتها؟
وما الغاية والهدف من ورائها؟
ولماذا جاءت في هذا الظرف الحرج أثر المؤامرة على الإمام علي عليه السلام وما هو الهدف من صنعها واختراعها؟!!
وكثرت الأقلام للدفاع عن هذه القضية والإشاعة الكاذبة ولا زال الصراع مستمرا والخلاف بين الأمة إلى عصرنا هذا، قسم من يدافع عن هذه الإشاعة ويبرر وجودها بأدلة واهية، وقسم من يثبت أنها أسطورة كاذبة لا أساس لها.
___________
(1) سورة يوسف: الآيات من 7 إلى 10.
(2) أخذ هذا المقطع من مقال للشيخ حسن الصفار من عنوان كراس (كيف نقاوم الإعلام المضاد).
أمثلة معاصرة للمستهدفين بالإشاعات
- الزيارات: 366