وفي كتاب كفاية الطالب في مناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام الباب الثاني والستون 118 - 199 ط الغري سنة 1356 هجرية للعلامة إمام الحرمين ومفتي العراقيين محدث الشام وصدر الحفاظ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي الشافعي المتوفى سنة (658 هجرية) أخرج بسنده المتصل بجابر ابن عبد الله الأنصاري أنه قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وآله فأقبل علي بن أبي طالب فقال النبي صلى الله عليه وآله قد أتاكم أخي ثم التفت إلى الكعبة فضربها بيده ثم قال:
(والذي نفسي بيده.. إن هذا وشيعته هم الفائزون يوم القيامة ثم إنه أولكم إيمانا، وأوفاكم بعهد الله، وأقومكم بأمر الله، وأعدلكم في الرعية، وأقسمكم بالسوية، وأعظمكم عن الله مزية).
قال: ونزلت: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية) (1).
قال: وكان أصحاب محمد صلى الله عليه وآله إذا أقبل علي عليه السلام قالوا: قد جاء خير البرية.
ثم قال العلامة الكنجي: هكذا رواه محدث الشام في كتابه - تاريخ ابن عساكر - بطرق شتى، وذكرها محدث العراق ومؤرخها - وأظنه يقصد الخطيب البغدادي صاحب تاريخ بغداد - رواها عن زر عن عبد الله بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من لم يقل علي خير الناس فقد كفر).
وفي رواية له عن حذيفة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول: (علي خير البشر، من أبى فقد كفر)، هكذا رواه الحافظ الدمشقي في كتاب التاريخ عن الخطيب
الحافظ، وزاد في رواية له عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (علي خير البشر فمن أبى فقد كفر)، وفي رواية محدث الشام عن سالم عن جابر قال: سئل عن علي عليه السلام؟ فقال: ذاك خير البرية لا يبغضه إلا كافر، وفي رواية لعائشة عن عطا قال: سألت عائشة عن علي؟ فقالت:
ذاك خير البشر لا يشك فيه إلا كافر.
قال العلامة الكنجي: هكذا ذكره الحافظ ابن عساكر في ترجمة علي عليه السلام في تاريخه المجلد الخمسين، لأن كتابه مائة مجلد فذكر منها ثلاث مجلدات في مناقبه عليه السلام انتهى كلامه.
حديث (من كنت مولاه فهذا علي مولاه، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره وأخذل من خذله وأدر الحق معه حيث دار).
وهذا الحديث وحده كاف لرد مزاعم من تقدموا عليه بالخلافة والإمامة وهذا الحديث صريح في تنصيب الإمام علي عليه السلام خليفة للمسلمين من بعد يوم غدير خم، وهل لأحد من المسلمين الاستطاعة أن ينكر حادثة غدير خم الذي وقف فيها رسول الله صلى الله عليه وآله خطيبا في ذلك الحر الشديد (قال ألستم تشهدون بأني أولى المؤمنين من أنفسهم) قالوا: بلى يا رسول الله فقال: عندئذ: (فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه..) وهذا نص صريح في استخلافه على أمته، ولا يمكن للعاقل المنصف العادل إلا قبول هذا المعنى ويحضرني بيت من الشعر في هذا المعنى لبولس سلامة:
لا تقل شيعة هواة علي * إن في كل منصف شيعيا (2)
فلماذا حاول البعض تأويل هذا الحديث وصرفه عن محله، ليس هذا إلا استخفافا واستهزاء.
وبماذا يفسر هؤلاء الذين يؤولون النصوص حفاظا على كرامة كبرائهم وساداتهم ويكفينا حجة وبيانا اعتراف أفضل ممن قدمتوهم عندكم وهم الخليفتان أبي بكر وعمر
(رض) عندما تقدموا لعلي عليه السلام بعد أن نصبه رسول الله صلى الله عليه وآله في غدير خم:
تقدم الخليفة الأول قائلا: (هنيئا لك يا ابن أبي طالب لقد أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة).
وتقدم الخليفة الثاني من بعده قائلا لعلي عليه السلام:
(بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة)، فلماذا بعد كل هذا كتمان الحق، فويل لمن كتم الحق... فويل لمن حاول التأويل والتبرير. فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكتبون قال تعالى:
(وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) (3).
____________
(1) سورة البينة: الآية 7.
(2) بولس سلامة: شاعر ومفكر مسيحي له ديوان مطبوع اسمه (يوم الغدير) طبع بيروت الشركة المتحدة.
(3) سورة البقرة: الآية 16، (وروى حديث الغدير أكثر من 116 صحابي مشهورون).
ومن أراد معرفة حديث الغدير وتفاصيله وأحداثه فليراجع كتاب المراجعات للسيد عبد الحسين شرف الدين (قدس سره) وكتاب الغدير الذي يقع في عشر مجلدات للشيخ الأميني (رحمه الله).
حديث (علي عليه السلام خير البرية والبشر ومن أبى فقد كفر)
- الزيارات: 428