يقول الرسول الأعظم صلى الله عليه و سلم >وأنا تارك فيكم ثقلين، أوّلهما كتاب الله، فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به< فحثّ على كتاب الله ورغّب فيه ثمّ قال: >وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي<(1).
وفي مصدر آخر: >إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما<(2).
إذاً عدل القرآن هم أهل البيت عليهم السلام ، وهم الثقل الثاني في الميزان، لأنّ القرآن هو النهر المتدفّق، والغذاء الشافي، والمنار الهادي الذي لا يضلّ، وهو المحدّث الصادق، والحبل المتين للتمسّك به، ومن عظيم حكمته تعالى أن جعل عدله أناساً من البشر، فجعلهم من الكتاب كالنور من النور حتّى يتمّ الترابط، فلا يكفي الكتاب بغيرهم، كما لا تتحقق الهداية التامّة بدون القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، فهم المعصومون الذين لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ﴾ (3).
فأهل البيت عليهم السلام هم الصراط في الأرض، وهم النعمة الكبرى للناس.
يقول الإمام الصادق عليه السلام : >العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا تزيده سرعة السير من الطريق إلّا بعداً<(4).
حديث الثقلين ومكانته:
إنّ الذي رحم الإنسانية بلطفه، وبعث الأنبياء عليهم السلام بركةً منه وهداية لا يمكن أن يرجع عن لطفه - حاشاه - بعد وفاة نبيّه إلّا أن يعيّن بعده من يواصل هذه المسيرة ويحفظ هذا الدين، وهو الذي جعل أمة محمّد أفضل الأمم، وبعث فيهم أفضل الرسل، فكيف يتركها بدون أن يعيّن لها أفضل المربّين وأجدر القادة الملهمين؟!
وقد أمر سبحانه وتعالى نبيّه الكريم صلى الله عليه و سلم أن يبيّن وأن يوضّح ذلك للناس وقد صرّح النبي صلى الله عليه و سلم بأمر الأوصياء من بعده، وبيّن هذا الأمر المهمّ منذ أوّل البعثة في حديث المنزلة إلى آخر أيّام حياته، ومن جملة تلك التصريحات حديث الثقلين حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم: >إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما<(5).
إنّ جميع المصادر الإسلاميّة تشهد بصحّة هذا الحديث وتعترف(6) به، لكن الذين في نفوسهم مرض يعتمدون صيغة أخرى لتساعدهم على التعتيم على مكانة أهل البيت عليهم السلام وقدسيّتهم فيروون الحديث بلفظ كتاب الله وسنّتي ومع أنّ هذا الحديث ضعيف سنداً، حيث أنّه رواه بعض علماء أهل السنّة بأسانيد كلّها ضعيفة، وقد صرّح السقاف في صحيح شرح العقيدة الطحاوية(7) على كونه من الأحاديث المجعولة، إلّا أنّ البعض قد تمسّك به وجعلوه في قبال الحديث المعروف وعترتي، بينما تؤكّد أكثر من مائتي مصدر من مصادر أهل السنّة على أنّ الحديث كان >كتاب الله وعترتي أهل بيتي<، وأنّ كلّ مؤمن يخاف الله ويغار على دين الله ليدرك مدى خطورة مثل هذا التشويه والتزييف، وآثاره المدمّرة على مجتمع المسلمين، وقد قال أحد كبار علماء المسلمين: >ما رأيت حديثاً حورب حرباً شعواء مثل حديث الثقلين، إنّ تطوّع المحاربين لهذا الحديث هو طاعة وخضوع لأعداء الحقيقة ولطمسها وعدم التعامل بها، لأنّ إظهار الحقيقة من أخطر الأمور بالنسبة لأصحاب الأهواء والمصالح والمتزلفين والمنافقين والمتشدقين بما في نفوسهم من إيمان ضعيف وما في قلوبهم من مرض<.
____________
1- صحيح مسلم ٧: ١٢٣.
2- سنن الترمذي ٥: ٣٢٩.
3- الأحزاب ٣٣: ٣٣.
4- من لا يحضره الفقيه ٤: ٤٠١.
5- سنن الترمذي ٥: ٣٢٩.
6- صححه الذهبي انظر البداية والنهاية ٥: ٣٢٨ والألباني: سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤: ٣٥٥ - ٣٥٦ حديث١٧٦١.
7- صحيح شرح العقيدة الطحاوية: ١٧٨.
أهل البيت عليهم السلام عدل القرآن
- الزيارات: 440