وهذه العقبة صعبة جداً وبتصورها تضيق على الانسان الدينا.
* قال أمير المؤمنين عليهالسلام : « يا عِباد الله ما بَعدَ المَوتِ لمَن لا يُغفَر له أشدُّ مِنَ المَوتِ القبر فاحذروا ضيقَةُ وضَنكَهُ وظُلمَتَهُ وَغُربتَهُ ، إنَّ القَبرَ يقولُ كُلَّ يَومٍ أنا بَيتُ الغربة انا بيتُ الوَحشَةِ أنا بَيتُ الدّودِ ، وَالقَبرُ روضَةٌ من رياض الجنّة أو حُفرهٌ من حُفرِ النّار الى أن قالَ : وَإنَّ مَعيشَةَ الضَّنكِ الَّتي حَذَّرَ اللهُ مِنها عَدُوَّهُ عذابُ القبر ، إنَّه يُسلّطُ على الكافرِ في قَبِره تِسعةً وتسعين تنيناً فَينهشنَ لحَمهُ ويَكسِرنَ عظمهُ يَتردَّدنَ عليه كذلك الى يوم يبعث ؛ لَو انَّ تنيناً مِنها نَفَخَ في الأرض لَم تُنبِت زَرعاً.
* يا عباد الله إنَّ انفسَكُمُ الضَّعيفة وأجسادكُمُ الناعمة الرّقيقة التي يكفيها اليسيرُ تَضعُفُ عن هذا » (1).
* وروي بأنه كان أبو عبد الله عليهالسلام اذا قام الليل يرفع صوته حتّى يسمع أهل الدار ويقول : « اللّهمَّ أَعِنِّي على هَولِ المُطَّلَع وَوَسِع عَلَيَّ ضيق المضجَعِ وارزُقني خَيرَ ما قَبلَ الموتِ وارزُقني خَيرَ ما بَعدَ المَوتِ » (2).
* ومن أدعيته عليهالسلام : « اللّهمّ بارِك لِي في الموتِ ، اللّهُمّ أعِنِّي على سَكراتِ المَوتِ اللّهُمَّ أَعني على غمِّ القَبرِ ، اللّهُمَّ أَعِنِّي على ضيقِ القَبرِ اللَّهُمَّ أعِنِّي على وَحشَةِ القَبرِ القَبرِ اللّهُمَّ زَوِّجني مِن الحور العينِ » (3).
* واعلم أن العمدة في عذاب القبر تأتي من عدم الاحتراز من البول ، والاستخفاف به ، يعني استسهاله ، ومن النميمة ونقل الأقوال والأخبار والاستغابة وابتعاد الرجل عن أهله (4).
* ويستفاد من رواية سعد بن معاذ انّ من أسباب ضغطه القبر سوء خلق الرجل مع أهله ، وغلظته مع عياله أيضاً (5).
* وورد في رواية عن الامام الصادق عليهالسلام : « ليس مِن مؤمن إلاّ وله ضَمَّةٌ » (6).
* وفي رواية اُخرى : « ضغطة القبر للمؤمن من كفّارة لما كان منه مِن تضييع النِعَم » (7).
* وروى الشيخ الصدوق رحمهالله عن الامام الصادق عليهالسلام قال : « اقعد رجل من الأخيار (8) في قبره ، قيل له : إنّا جالدوك مائة جلدة من عذاب الله ».
فقال : لا اطيقها.
فلم يزالوا به حتّى انتهوا الى جلدة واحدة.
فقالوا : ليس منها بد.
قال : فبما تجلدونيها؟
قالوا : نجلدك لأنّك صليت يوماً بغير وضوء ، ومررت على ضعيف فلم تنصره.
قال : فجلدوه جلدةً من عذاب الله عزوجلّ فامتلأ قبره ناراً » (9).
* وروي عنه عليهالسلام : « ايّما مؤمن سأله أخوه المؤمن حاجةً وهو يقدر على قضائها ولم يقضها له سلط الله شجاعاً (10) في قبره ينهش أصابعه » (11).
* وفي رواية اُخرى : « ينهش ابهامه في قبره الى يوم القيامة مغفوراً له أو معذَّباً » (12).
*********************
(1) الأمالي ، الطوسي : ص ٢٧ ، ح ٣١ ، ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ٦ ، ٢١٨ ، ح ١٣.
(2) اصول الكافي : ج ٢ ، ص ٥٣٩ ، بإسناد صحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن الامام الصادق عليهالسلام. وفي ( من لا يحضره الفقيه ) ج ١ ، ص ٤٨٠ ، ح ١٣٨٩.
(3) أقول روى هذا الدعاء السيّد ابن طاووس في اقبال الأعمال : ص ١٧٨ ، الطبعة الحجرية ، في ضمن أعمال الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك ، وقد رواه عن الامام الصادق عليهالسلام ، وفيه : « اللّهمّ أعني على الموت ، اللّهمّ أعني على سكرات الموت ... اللّهمّ أعني على وحشة القبر ، اللّهمّ أعني على ظلمة القبر اللّهمّ أعني على أهوال يوم القيامة ، اللّهمّ بارك لي في طول يوم القيامة ، اللّهمّ زوجني من الحور العين ». ونقله في البحار : ج ٩٨ ، ص ١٣٥.
(4) روى الشيخ الصدوق في علل الشرائع : ص ٣٠٩ ، باب ٢٦٢ ، بالإسناد عن علي عليهالسلام قال :
« عذاب القبر يكون من النميمة ، والبول ، وعزب الرجل عن أهله » ، ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢٢ ، ح ٢١ ، وفي ج ٧٥ ، ص ٢٦٥ ، ح ٢١٠ ، وفي ج ١٠٣ ، ص ٢٨٦ ، ح ١٦.
(5) وروى الصدوق رحمهالله في علل الشرائع : ص ٣١٠ ، باب ٢٦٢ ، ح ٤ ، وفي الأمالي : ص ٣١٤ ، المجلس ٦١ ، ح ٢ ، وروى الشيخ الطوسي في الأمالي : ص ٤٣٩ ، ح ١٢ ونقله في البحار : ج ٦ ، ٢٢٠ ، ح ١٤ ، وفي ج ٢٢ ، ص ١٠٧ ، ح ٦٧ ، وفي ج ٧٣ ، ص ٢٩٨ ، ح ١١ ، وفي ج ٨٢ ، ص ٤٩ ، ح ٣٩.
« أًتي رسول الله صلىاللهعليهوآله فقيل له : انّ سعد بن معاذ قد مات.
فقام رسول الله صلى الله عليه وآله ، وقام أصحابه معه. فأمر بغسل سعد ، وهو قائم على عضادة الباب. فلمّا إن حنّط وكفّن ، وحمل على سريره ، تبعه رسول الله صلى الله عليه وآله بلا حذاء ولا رداء. ثمّ كان يأخذ يمنة السرير ، ويسرة السرير مرّة حتّى انتهى به الى القبر.
فنزل رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى لحدّه ، وسوّى اللبن عليه. وجعل يقول : ناولوني حجراً ، ناولوني تراباً رطباً ، يسدّ به ما بين اللبن.
فلمّا إن فرغ ، وحثا التراب عليه ، وسوّى قبره ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله : انّي لأعلم انّه سيبلى ويصل البلى إليه ، ولكنّ الله يحب عبداً اذا عمل عملاً أحكمه ، فلمّا إن سوّى التربة عليه قالت ام سعد : يا سعد! هنيئاً لك الجنّة.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا امّ سعد! مه ، لا تجزمي على ربّك ، فانّ سعداً قد اصابته ضمة ، قال : فرجع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ورجع الناس فقالوا له : يارسول الله لقد رأيناك تصنعه على سعد ما لم تصنعه على أحد ، انّك تبعت جنازته بلا رداء ، ولا حذاء.
فقال صلىاللهعليهوآله : ان الملائكة كانت بلا رداء ولا حذاء فتأسيت بها.
قالوا : وكنت تأخذ يمنة السرير مرّة ، ويسرة السرير مرّة.
قال صلىاللهعليهوآله : كانت يدي في جبرئيل آخذ حيث يأخذ.
قالوا : أمرت بغسله وصليت على جنازته ولحدته في قبره ، ثمّ قلت : انّ سعداً قد أصابته ضمة.
قال : فقال صلىاللهعليهوآله : نعم انّه كان في خلقه مع أهله سوء ».
(6) كتاب الزهد للحسين بن سعيد الاهوازي : ص ٨٨ ، ح ٢٣٥ ، ونقله عنه المجلسي في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢١.
وروى الحسين بن سعيد الاهوازي في كتابه الزهد : ص ٨٧ ـ ٨٨ ، ح ٢٣٤ ، وقال أبو بصير : سمعت أبا عبدالله عليهالسلام يقول : « ان رقية بنت رسول الله عليهالسلام لما ماتت قام رسول الله صلىاللهعليهوآله على قبرها ، فرفع يده تلقاء السماء ودمعت عيناه. فقالوا : يا رسول الله انا قد رأيناك رفعت رأسك الى السماء ، ودمعت عيناك؟ فقال : اني سألت ربي ان يهب لي رقية من ضمة القبر ». ونقله المجلسي في البحار : ج ٦ ، ص ٢١٧.
(7) رواه الصدوق في الأمالي : المجلس ٨٠ ، ح ٢ ، ص ٤٣٤ ، وفي علل الشرائع : ص ٣٠٩ ، الباب ٢٦٢ ، ح ٣ ، وفي ثواب الأعمال : ص ٢٣٤ (ثواب ضغطة القبر) ، ح ١ ، ونقله في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢١ ، وفي : ج ٧١ ، ص ٥٠ ، ح ٦٨.
(8) قد أثبت المؤلّف رحمهالله (احبار) ثمّ قال في الهامش : (احبار جمع حبر يعني عالم اليهود. ومن المحتمل أن يكون اخيار بالخاء المعجمة والياء المثناة بنقطتين). وقد اثبتنا ما في المصدر.
(9) ثواب الأعمال للشيخ الصدوق : ص ٢٦٧ ، علل الشرائع : ص ٣٠٩ ، ح ١ ، وفيه (اقعد رجلاً من الاحبار) ، ونقله في البحار : ج ٦ ، ص ٢٢١ ، ح ١٨ ، وفي ج ٧٥ ، ص ١٧ ، ح ٤ ، وفي ج ٨ ، ص ٢٣٣ ، ح ٦ ، وفيها جميعاً (الاخيار) بالمعجمة.
(10) ذكر المؤلّف رحمهالله في ترجمة الحديث الشريف (سلط الله عليه حية تسمّى شجاعاً) وليس في الخبر ذلك. بل أنّ شجاع معناه اللغوي الحية قال الشيخ الطريحي في كتابه (مجمع البحرين) ج ٤ ، ص ٣٥١ (في الحديث سلط الله عليه شجاعاً اقرع ، الشجاع بالكسر والضم الحية العظيمة التي تواثب الفارس والرجل وتقوم على ذنبها وربما قلعت رأس الفارس تكون في الصحارى. والشجاع الأقرع حية قد تمعط فرورة رأسها لكثرة سمها) انتهى كلامه رفع مقامه.
(11) في عدة الداعي لابن فهد الحلي : ص ١٧٧ ، ص ١٧٩ ، وقريب منه في الكافي : ج ٢ ص ١٩٣ ، ح ٥ ، وفي ج ٢ ، ص ١٩٦ ، ح ١٣ ، وفي ج ٢ص ٣٦٧ ، ح ٤. وفي ثواب الأعمال وعقاب الأعمال للشيخ الصدوق : ص ٢٩٦ ، (عقاب من اتاه أخوه في حاجة فلم يقضها له) ، ح ١ ، وفي الاختصاص للمفيد : ص ٢٥٠ ، وفي الأمالي للشيخ الطوسي : ص ٦٧٦ ، ح ٣٦ ونقلها في البحار : ج ٧٤ ، ص ٣١٩ ، ح ٨٣ ، وفي : ج ٧٤ ، ص ٣٢٤ ، ح ٩٤ ، وفي : ج ٧٤ ، ص ٣٣٠ ، ح ١٠٢. وفي : ج ٧٥ ، ص ١٧٤ ، ح ٥ ، وفي ج ٧٥ ، ص ١٧٦ ، ح ١١ ، وفي ج ٧٥ ، ص ١٧٧ ، ح ١٣ ، وفي : ج ٧٥ ، ص ١٧٧ ، ح ١٤ ، ج ٧٥ ، ص ١٧٩ ، ح ١٩.
(12) المصادر السابقة.
العقبة الثانية : ضَغطَةُ القَبرِ
- الزيارات: 467