طباعة

لماذا استمات عمر بن الخطاب وحزبه ليحولوا بين الرسول وبين ما أراد كتابته ؟

لقد اعترف عمر بن الخطاب في ما بعد إنه وحزبه لم يحولوا بين الرسول وبين كتابة ما أراد لأن المرض قد اشتد به كما ادعوا ، أو لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يهجر كما زعموا ، أو لأن القرآن وحده يكفي كما أوهموا . إنما صدوا النبي عن كتابة ما أراد ( حتى لا يجعل الأمر لعلي بن أبي طالب ) ( 1 ) فيؤكد تأكيداته اللفظية بتأكيد خطي هذا اعتراف زعيم الحزب عمر بن الخطاب .
هل في ما قاله الرسول هجر ! ! هل ما قاله الرسول يوجب هذه المواجهة ! ! أنظر بربك وتأمل مليا بالجمل التي نطق بها رسول الله في تلك الجلسة ، هل فيها خطأ ؟ هل فيها غلط ؟ هل فيها إساءة لأحد ؟ هل فيها ما يدل على أن الرسول يهجر ( حاشاه ) أي لا يدري ماذا يقول ! ! !
ثم إن الرسول في منزله كأي إنسان ، ومن حق الإنسان أي إنسان أن يقول ما يشاء في بيته ! ثم إن الرسول على الأقل مسلم ومن حق المسلم - أي مسلم على الإطلاق أن يوصي والذين يسمعونه أحرار في ما بعد بإعمال أقواله أو إهمالها ! ثم إن الرسول وبكل المقاييس كان ما زال رسولا وقائدا للمسلمين ورئيسا للدولة ، وسيبقى متمتعا بكافة صلاحياته كنبي وكرسول وكقائد وكرئيس عام للأمة ولا يملك أحد حق تجريد النبي من هذه الصلاحيات ! ! ولتقف على حقيقة وبشاعة ما فعلوه برسول الله فلا بد من أن نضع تحت تصرفك مجموعة الجمل التي نطق بها رسول الله .
 1 - الجملة الأولى : أنه قد قال للصفوة التي أحضرها ( قربوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا ) وعلى أثر صدور هذه الجملة من رسول الله أقام عمر وحزبه الدنيا ولم يقعدوها بحجة أن القرآن موجود وهو يكفي ، ولا حاجة للمسلمين بوصايا النبي ولا بتوجيهاته فأحدث عمر وحزبه حالة من الفوضى واللغط والتنازع متعمدين ذلك حتى يحولوا بين الرسول وبين ما أراد كتابته ! ! ! وفوق هذا وذاك قالوا للرسول : ( أنت تهجر ولا تدري معنى ما يصدر عنك ) .
 2 - الجملة الثانية : انتقدت النساء تصرف عمر وحزبه ، فقالت لهم النساء : ألا تسمعون رسول الله يقول قربوا يكتب لكم كتابا . . . فنهرهن عمر وقال لهن إنكن صويحبات يوسف عندئذ نطق الرسول بالجملة الثانية قائلا لعمر وحزبه : ( دعوهن فإنهن خير منكم ) .
 3 - الجملتان الثالثة والرابعة : لم يتوقف عمر وحزبه ، بل استماتوا بكسر خاطر النبي والتشويش عليه ، فتلفظ النبي بالجملتين الثالثة والرابعة قائلا : ( دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه ، قوموا عني لا ينبغي عندي تنازع ) ( 2 ) .
هذه هي الجمل الأربعة التي نطق بها رسول الله قبيل وفاته بدقائق ! ! فأين هو الهجر الذي أدعوه ! ! ( كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا ) .
ثم من الذي جعل عمر بن الخطاب وحزبه أوصياء على دين الله ، وعلى رسول الله ! ! ومن الذي خولهم هذه الصلاحية ! !
ثم هل الرسول قاصر حتى يتولوا الوصاية عليه ! !
ثم هل كان الرسول في بيته أم في بيوتهم ! !
نحن ندرك الآن حجم ظلمهم واستبدادهم واستخفافهم بمقام النبوة ، وقد عرفنا من الذي هجر ؟ هل هو رسول الله ( حاشاه ) أم عمر وحزبه ! ! بعد مرور أربعة عشر قرنا على تلك الفواجع يقرأ أولياء الخلفاء ذلك دون أن يشعروا بأي أسف لما فعله عمر وحزبه ، بل يشعرون بالفخر والاعتزاز ، ويعطون عمر وحزبه دور البطولة حتى في صراعهم مع رسول الله ! ! إن هذا لهو البلاء المبين ! !
**************************
( 1 ) شرح النهج لعلامة المعتزلة ابن أبي الحديد ج 7 ص 114 سطر 27 الطبعة الأولى بيروت وج 2 ص 79 سطر 3 تحقيق أبي الفضل مكتبة الحياة وج 3 ص 167 طبعة دار الفكر ، وكتابنا المواجهة ص 503 وما فوق .
( 2 ) في الصفحات السابقة حرصنا على توثيق كل جملة نطق بها الرسول .