طباعة

لماذا يقيم الشيعة العزاء على الحسين بن علي، و ما حكم اللطم و ضرب الصدور؟

 

السبب في إحياء لذكرى إستشهاد الإمام الحسين ( عليه السَّلام ) يعود لأمور كثيرة نُشير إلى أهمها بإختصار كالتالي :
إن الحسين ( عليه السَّلام ) ليس كغيره من الشهداء ، حيث أن منزلته أرفع بكثير عن منزلة سائر الشهداء ، فهو خامس أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس و طهرهم تطهيراً .
إن الهدف الذي استشهد الحسين ( عليه السَّلام ) من أجله هو نفس الهدف الذي سعى لتحقيقه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و ضحَّى في سبيله ، فالنبي محمد ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي غرس شجرة الإسلام و الحسين هو الذي سقى هذه الشجرة بدمه و دماء أنصاره ، فالإسلام محمدي الوجود و حسيني البقاء ـ كما قيل ـ و لولا تضحية الحسين ( عليه السَّلام ) لما بقي من الإسلام شيء ، و لعل قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) : حسين مني و أنا من حسين ، أحب الله من أحب حسيناً ، إشارة إلى ما ذكرنا .
إن إحياء ذكرى الحسين ( عليه السَّلام ) إنما هو إحياء لقضية الإسلام و الاُمة ، و إحياء لذكرى كل شهيد ، و إنتصار لقضية كل مظلوم .

ثم إن الأهم في هذا المجال هو أن قول الرسول ( صلى الله عليه وآله ) و فعله حجة علينا ، و الرسول ( صلى الله عليه وآله ) هو الذي علَّمنا إحياء هذه الذكرى الأليمة ، بل تولَّى إحياءها و حَثَّ عليها حتى قبل حدوثها نظراً لأهميتها .
فقد اتفقت كتب الحديث و الرواية سواء كانت من مؤلفات الشيعة أو من مصنفات إخواننا السنة على أن جبرئيل قد أوحى إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) بنبأ مقتل الامام الشهيد الحسين ( عليه السَّلام ) و مكان استشهاده .
قال العلامة السيد محسن الأمين العاملي (1) : ذكر الشيخ أبو الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي في كتابه " اعلام النبوة " صفحة : 83 طبع مصر فقال :
و من إنذاره ( صلى الله عليه وآله ) ما رواه عروة عن عائشة قالت : " دخل الحسين بن علي ( عليه السَّلام ) على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و هو يوحى اليه ، فبرك عل ظهره و هو منكب و لعب على ظهره .
فقال جبرئيل : يا محمد ، إن أمتك ستفتن بعدك و تقتل ابنك هذا من بعدك ، و مدَّ يده فأتاه بتربة بيضاء ، و قال : في هذه الأرض يقتل ابنك ـ اسمها الطف ـ .
فلما ذهب جبرئيل خرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الى أصحابه و التربة في يده ، و فيهم أبو بكر و عمر و علي و حذيفة و عمار و أبو ذر و هو يبكي .
فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟
فقال : أخبرني جبرئيل أن ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، و جاءني بهذه التربة ، فأخبرني أن فيها مضجعه (2) .
ثم يضيف السيد محسن العاملي على ذلك بقوله :
أقول : و لا بُدَّ أن يكون الصحابة لما رأوا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يبكي لقتل ولده و تربته بيده ، و أخبرهم بما أخبره جبرئيل من قتله ، و أراهم تربته التي جاء بها جبرئيل ، أخذتهم الرقة الشديدة فبكوا لبكائه و واسوه في الحزن على ولده ، فان ذلك مما يبعث على أشد الحزن و البكاء لو كانت هذه الواقعة مع غير النبي ( صلى الله عليه وآله ) و الصحابة ، فكيف بهم معه ؟! فهذا أول مأتم أقيم على الحسين ( عليه السَّلام ) يشبه مآتمنا التي تقام عليه ، و كان الذاكر فيه للمصيبة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) و المستمعون أصحابه .
و أما بالنسبة إلى اللطم و ضرب الصدور فهي ممارسة تعبِّر عن شدة تأثر الموالين لأهل البيت ( عليهم السلام ) بحادثة الطف الأليمة و نوع من أساليب الإستنكار المستمر للظلم الذي لحق بهذه الصفوة الطيبة من آل الرسول المصطفى ( صلى الله عليه و آله ) .
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1. يراجع : إقناع اللائم على إقامة المآتم : 30 ، للعلامة السيد محسن الأمين العاملي ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) .
2. و ذُكر الخبر ايضاً بالفاظ مختلفة و بطرق متعددة في المصار التالية : مستدرك الصحيحين 3 : 176 ، 4 : 398 ، مسند أحمد بن حنبل 3 : 242 ، 265 ، و المحب الطبري في ذخائر العقبى 147 ، 148 ، و المتقي الهندي في كنز العمال 6 : 222 ، 223 ، 7 : 106 ، و الصواعق المحرقة : 115 ، و الهيثمي في معجمه 9 : 187 ، 188 ، 189 ، 191 .

المصدر : مرکز الإشعاع الإسلامي

,