• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المناظرة السادسة والأربعون: مناظرة الإمام الرضا (عليه السلام) مع أهل الملل في العصمة

قال أبوالصلت الهروي: لما جمع المأمون لعلي بن موسى الرضا (عليه السلام) أهل المقالات من أهل الإسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر أهل المقالات، فلم يقم أحد إلا وقد ألزمه حجته كأنه ألقم حجرا، قام إليه علي بن محمد بن الجهم فقال له: يا بن رسول الله أتقول بعصمة الأنبياء؟ قال: نعم قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: *(وعصى آدم ربه فغوى)*(1) وفي قوله عزوجل: *(وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه)*(2) وفي قوله عز وجل في يوسف (عليه السلام): *(ولقد همت به وهم بها)*(3) وفي قوله عزوجل في داود (عليه السلام): *(وظن داود أنما فتناه)*(4) وقوله تعالى في نبيه محمد (صلى الله عليه وآله): *(وتخفي في نفسك ما الله مبديه)*(5) فقال الرضا (عليه السلام): ويحك يا علي اتق الله ولا تنسب إلى أنبياء الله الفواحش، ولا تتأول كتاب الله برأيك فإن الله عز وجل قد قال: *(و ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون)*(6). وأما قوله عز وجل في آدم: *(وعصى آدم ربه فغوى)* فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده لم يخلقه للجنة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض، وعصمته تجب أن تكون في الأرض ليتم مقادير أمر الله، فلما أهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة عصم بقوله عز وجل: *(إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين)*(7). وأما قوله عز وجل: *(وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه)* إنما ظن بمعنى استيقن أن الله لن يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عز وجل: *(وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه)*(8) أي ضيق عليه رزقه، ولو ظن أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر. وأما قوله عز وجل في يوسف: *(ولقد همت به وهم بها)* فإنها همت بالمعصية وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة، وهو قوله عز وجل: *(كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء)*(9) يعني القتل والزنا. وأما داود (عليه السلام) فما يقول من قبلكم فيه؟ فقال علي بن محمد بن الجهم يقولون: إن داود (عليه السلام) كان في محرابه يصلي فتصور له إبليس على صورة طير أحسن ما يكون من طيور فقطع داود صلاته وقام ليأخذ الطير فخرج الطير إلى الدار فخرج الطير إلى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير في دار أوريا بن حنان فاطلع داود في أثر الطير فإذا بامرأة أوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها وكان قد أخرج أوريا في بعض غزواته فكتب إلى صاحبه أن قدم أوريا أمام التابوت فقدم فظفر أوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود، فكتب إليه ثانية أن قدمه أمام التابوت فقدم فقتل أوريا فتزوج داود بامرأته. قال: فضرب الرضا (عليه السلام) بيده على جبهته وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته حين خرج في أثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل. فقال: يا بن رسول الله فما كان خطيئته؟ فقال: ويحك إن داود إنما ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا في المحراب فقالا: *(خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط، إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب)*(10) فعجل داود (عليه السلام) على المدعى عليه فقال: *(لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه)*(11) فلم يسأل المدعي البينة على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئة رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه، ألا تسمع الله عز وجل يقول: *(يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى)*(12) إلى آخر الآية. فقال: يا بن رسول الله فما قصته مع أوريا؟ فقال الرضا - عليه السلام -: إن المرأة في أيام داود (عليه السلام) كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده أبدا وأول من أباح الله له أن يتزوج بامرأة قتل بعلها كان داود (عليه السلام) فتزوج بامرأة أوريا لما قتل وانقضت عدتها منه فذلك الذي شق على الناس من قبل أوريا. وأما محمد (صلى الله عليه وآله) وقول الله عز وجل: *(وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)*(13) فإن الله عز وجل عرف نبيه (صلى الله عليه وآله) أسماء أزواجه في دار الدنيا وأسماء أزواجه في دار الآخرة وأنهن أمهات المؤمنين، وإحداهن من سمى له زينب بنت جحش، وهي يومئذ تحت زيد بن حارثة فأخفى اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يقول أحد من المنافقين: إنه قال في امرأة في بيت رجل إنها إحدى أزواجه من أمهات المؤمنين، وخشي قول المنافقين، فقال الله عز وجل: *(وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه)* يعني في نفسك وإن الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حواء من آدم (عليه السلام) وزينب من رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقوله: *(فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها)* الآية، وفاطمة من علي (عليهما السلام). قال: فبكى علي بن محمد بن الجهم فقال: يا بن رسول الله، أنا تائب إلى الله عز وجل من أن أنطق في أنبياء الله (عليهم السلام) بعد يومي هذا إلا بما ذكرته (14).
************************************
(1) سورة طه: الآية 121.
(2) سورة الأنبياء: الآية 87.
(3) سورة يوسف: الآية 24.
(4) سورة ص: الآية 24.
(5) سورة الأحزاب: الآية 37.
(6) سورة آل عمران: الآية 7.
(7) سورة آل عمران: الآية 33.
(8) سورة الفجر: الآية 16.
(9) سورة يوسف: الآية 24.
(10) سورة ص: الآية 22 و23.
(11) سورة ص: الآية 24.
(12) سورة ص: الآية 26.
(13) سورة الأحزاب: الآية 37.
(14) عيون أخبار الرضا (عليه السلام) للصدوق: ج 2 ص 170 - 173 ب 14.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page