• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المناظرة الثامنة والأربعون: مناظرة الشيخ المفيد مع رجل من أصحاب الحديث في آية التطهير

ونزولها في أهل البيت (عليهم السلام) قال الشيخ الصدوق (رحمه الله): ومن كلام الشيخ - أدام الله عزه -: قال له رجل من أصحاب الحديث ممن يذهب إلى مذهب الكرابيسي: ما رأيت أجسر من الشيعة فيما يدعونه من المحال، وذلك أنهم زعموا أن قول الله سبحانه: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)*(1) نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) مع ما في ظاهر الآية من أنها نزلت في أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وذلك أنك إذا تأملت الآية من أولها إلى آخرها وجدتها منتظمة لذكر الأزواج خاصة، ولم نجد لمن ادعوها له ذكرا. فقال الشيخ - أيده الله - له: أجسر الناس على ارتكاب الباطل وأبهتهم وأشدهم إنكارا للحق وأجهلهم من قام مقامك في هذا الاحتجاج ودفع ما عليه الإجماع والاتفاق، وذلك أنه لا خلاف بين الأمة أن الآية من القرآن قد يأتي أولها في شيء وآخرها في غيره، ووسطها في معنى وأولها في سواه، وليس طريق الاتفاق في معنى إحاطة وصف الكلام بالآي وقد نقل المخالف (2) والموافق أن هذه الآية نزلت في بيت أم سلمة - رضي الله تعالى عنها - ورسول الله (صلى الله عليه وآله) في البيت ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) وقد جللهم بعباءة خيبرية وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأنزل الله عز وجل: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)*(3) فتلاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقالت أم سلمة - رضي الله عنها -: يا رسول الله، ألست من أهل بيتك؟ فقال لها: إنك إلى خير، ولم يقل إنك من أهل بيتي. حتى روى أصحاب الحديث أن عمر سئل عن هذه الآية فقال: سلوا عنها عائشة، فقالت عائشة: إنها نزلت في بيت أختي أم سلمة فاسألوها عنها فإنها أعلم بها مني، فلم يختلف أصحاب الحديث من الناصبة ولا أصحاب الحديث من الشيعة في خصوصها فيمن عددناه، وحمل القرآن في التأويل على ما جاء به الأثر أولى من حمله على الظن والترجيم، مع أن الله سبحانه قد دل على صحة ذلك بمتضمن الآية حيث يقو جل وعلا: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* وإذهاب الرجس لا يكون إلا بالعصمة من الذنوب لأن الذنوب من أرجس الرجس، والخبر عن الإرادة هنا إنما هو خبر عن وقوع الفعل خاصة دون الإرادة التي يكون بها لفظ الأمر لا سيما على ما أذهب إليه في وصف القديم بالإرادة، وأفرق بين الخبر عن الإرادة هاهنا والخبر عن الإرادة في قوله: *(يريد الله ليبين لكم)*(4) وقوله: *(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)*(5) إذ لو جرت مجرى واحدا لم يكن لتخصيص أهل البيت بها معنى، إذ الإرادة التي يقتضي الخبر والبيان يعم الخلق كلهم على وجهها في التفسير ومعناها فلما خص الله أهل البيت (عليهم السلام) بإرادة إذهاب الرجس عنهم دل على ما وصفناه من وقوع إذهابه عنهم وذلك موجب للعصمة على ما ذكرناه. وفي الاتفاق على ارتفاع العصمة عن الأزواج دليل على بطلان مقال من زعم أنها فيهن، مع أن من عرف شيئا من اللسان وأصله لا يرتكب هذا القول ولا توهم صحته وذلك أنه لا خلاف بين أهل العربية أن جمع المذكر بالميم وجمع المؤنث بالنون وأن الفصل بينهما بهاتين العلامتين، ولا يجوز في لغة القوم وضع علامة المؤنث على المذكر ولا وضع علامة المذكر على المؤنث ولا استعملوا ذلك في حقيقة ولا مجاز، ولما وجدنا الله سبحانه قد بدأ في هذه الآية بخطاب النساء فأورد علامة جمعهن من النون في خطابهن فقال: *(يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول)* إلى قوله: *(وأطعن الله ورسوله)*(6) ثم عدل بالكلام عنهن بعد هذا الفصل إلى جمع المذكر فقال: *(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)* فلما جاء بالميم وأسقط النون علمنا أنه لم يتوجه هذا القول إلى المذكور الأول بما بيناه من أصل العربية وحقيقتها ثم رجع بعد ذلك إلى الأزواج، فقال: *(واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا)*(7) فدل ذلك على إفراد من ذكرناه من آل محمد (عليهم السلام) بما علقه عليهم من حكم الطهارة الموجبة للعصمة وجليل الفضيلة، وليس يمكنكم معشر المخالفين أن تدعوا أنه كان في الأزواج مذكورا رجل غير النساء وذكر ليس برجل فيصح التعلق منكم بتغليب المذكر على المؤنث إذا كان في الجمع ذكر، وإذا لم يمكن ادعاء ذلك وبطل أن يتوجه إلى الأزواج فلا غير لهن توجهت إليه إلا من ذكرناه فمن جاء فيه الأثر على ما بيناه (8).
************************************
(1) سورة الأحزاب: الآية 33.
(2) وقد تقدمت تخريجات نزول الآية فيهم (عليهم السلام) من كتب الجمهور.
(3) سورة الأحزاب: الآية 33.
(4) سورة النساء: الآية 26.
(5) سورة البقرة: الآية 185.
(6) سورة الأحزاب: الآية 33.
(7) سورة الأحزاب: الآية 34.
(8) الفصول المختارة للمفيد: ص 29 - 31.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page