طباعة

المناظرة الخامسة: مناظرة السيد علي البطحائي مع الشيخ رئيس الهيئة وبعض الأعضاء

في حكم قتال معاوية لأمير المؤمنين (عليه السلام) قال السيد علي البطحائي: وقع البحث حول محاربة معاوية في صفين مع إمام المسلمين علي بن أبي طالب (عليه السلام). فقلت للشيخ وأعضاء الهيئة: ألم يحارب معاوية، علي بن أبي طالب (عليه السلام) في صفين؟ معاوية كان مع الحق أو علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مع الحق، أو كلاهما كانا مع الباطل. فقال واحد من أعضاء الهيئة اسمه عبد الله بن صالح: كان معاوية خال المؤمنين وكاتب الوحي. قلت: الساعة لسنا بصدد أن معاوية خال المؤمنين أو كاتب الوحي، بل في مقام أن علي بن أبي طالب كان مع الحق أو معاوية؟ قال الشيخ: أنت المحاسب لمعاوية؟ قلت: ما أنا المحاسب، المحاسب هو الله لكن أنا أحاسبه على كتاب الله، لأن القرآن يقول: *(وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله)*(1).
فاللازم مقاتلة معاوية حتى يفئ إلى أمر الله، وسؤالي من أعضاء الهيئة والرئيس أن معاوية كان مع الحق أو علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال رئيس الهيئة: لا شك ولا ريب أن علي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مع الحق والحق يدور معه. قلت: فظهر أن معاوية كان مع الباطل وعلي بن أبي طالب (عليه السلام) كان مع الحق، فمحاربة معاوية علي بن أبى طالب كان من أي جهة؟ قال معاوية: كان يطالب بدم ابن عمه عثمان. قلت: عثمان قتله علي بن أبي طالب (عليه السلام)؟ قال: لا، قتله أهل مصر. (2) قلت: فاللازم أن يطلب بدمه من أهل مصر لا من علي بن أبي طالب (عليه السلام). قال الشيخ: القرآن يقول: *(ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا)*(3). قلت: ما المراد بولي الدم؟ قال: وارث المال. قلت: وارث مال عثمان ابنه لا معاوية، وأيضا حينما قتل عثمان كان علي بن أبي طالب نازلا المدينة أو لا؟ قال: كان نازلا بالمدينة. قلت: إذا كان نازلا بالمدينة فكل المسلمين من أهل الحل والعقد يعرفون بأنه تقاعد عن مقاتلي عثمان، فلم بايعوه؟ وعلى كل حال محاربة معاوية مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما كانت من جهة قتل عثمان، بل من جهة أنه رأى حكومته في معرض المخاطرة فتشبث بأن عثمان قتل مظلوما، مع أنه حين هجم على عثمان، أهل المدينة تقاعدوا عن نصرته (4).
************************************
(1) سورة الحجرات: الآية 9.
(2) ولذا يقول الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب - ردا على الوليد بن عقبة الذي يزعم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قبض نجائب عثمان وسنيه وسلامه -: سلوا أهل مصر عن سلاح ابن أختنا * فهم سلبوه سيفه وحرائبه وكان ولي الأمر بعد محمد * علي وفي كل المواطن صاحبه علي ولي الله أظهر دينه * وأنت مع الأشقين فيما تحاربه وأنت امرؤ من أهل صفواء نازح * فما لك فينا من حميم تعاتبه وقد أنزل الرحمن أنك فاسق * فما لك في الإسلام سهم تطالبه راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 1 ص 271.
(3) سورة الأسراء: الآية 33.
(4) مناظرات في الحرمين للبطحائي: ص 15 - 17.