• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المناظرة السادسة والعشرون: مناظرة ابن عباس مع ابن الزبير في حكم المتعة

مناظرة ابن عباس مع ابن الزبير (1) في حكم المتعة
خطب ابن الزبير بمكة المكرمة على المنبر وابن عباس جالس مع الناس تحت المنبر فقال: إن ها هنا رجلا قد أعمى الله قلبه كما أعمى بصره، يزعم أن متعة النساء حلال (2) من الله ورسوله، ويفتي في القملة والنملة، وقد احتمل بيت مال البصرة بالأمس، وترك المسلمين بها يرتضخون النوى، وكيف ألومه في ذلك، وقد قاتل أم المؤمنين وحواري رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومن وقاه بيده؟؟ فقال ابن عباس لقائده سعد بن جبير بن هشام مولى بني أسد بن خزيمة: استقبل بي وجه ابن الزبير، وارفع من صدري، وكان ابن عباس قد كف بصره فاستقبل به قائده وجه ابن الزبير، وأقام قامته فحسر عن ذراعيه، ثم قال: يا بن الزبير: قد أنصفت القارة من راماها * إنا إذا ما فئة نلقاها نرد أولاها على أخراها * حتى تصير حرضا دعواها يا ابن الزبير: أما العمى فإن الله تعالى يقول: *(فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)*(3)، وأما فتاي في القملة والنملة فإن فيها حكمين لا تعلمهما أنت ولا أصحابك، وأما حملي المال فإنه كان مالا جبيناه فأعطينا كل ذي حق حقه، وبقيت بقية هي دون حقنا في كتاب الله فأخذناها بحقنا. وأما المتعة (4) فسل أمك أسماء (5) إذا نزلت عن بردى عوسجة، وأما قتالنا أم المؤمنين فبنا سميت أم المؤمنين لا بك ولا بأبيك، فانطلق أبوك وخالك (6) إلى حجاب مده الله عليها فهتكاه عنها، ثم اتخذاها فتنة يقاتلان دونها، وصانا حلائلهما في بيوتهما، فما أنصفا الله ولا محمدا من أنفسهما، أن أبرزا زوجة نبيه (صلى الله عليه وآله) وصانا حلائلهما. وأما قتالنا إياكم فإنا لقيناكم زحفا، فإن كنا كفارا فقد كفرتم بفراركم منا، وإن كنا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا، وأيم الله لولا مكان صفية فيكم، ومكان خديجة فينا، لما تركت لبني أسد بن عبد العزى عظما إلا كسرته. فلما عاد ابن الزبير إلى أمه سألها عن بردي عوسجة؟ فقالت: ألم أنهك عن ابن عباس وعن بني هاشم فإنهم كعم الجواب إذا بدهوا. فقال: بلى، وعصيتك. فقالت: يا بني، احذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الإنس والجن، واعلم أن عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها فإياك وإياه آخر الدهر. فقال أيمن بن خزيم بن فاتك الأسدي: يا ابن الزبير لقد لاقيت بائقة * من البوائق فالطف لطف محتال لاقيته هاشميا طاب منبته * في مغرسيه كريم العم والخال ما زال يقرع عنك العظم مقتدرا * على الجواب بصوت مسمع عال حتى رأيتك مثل الكلب منجحرا * خلف الغبيط وكنت الباذخ العالي إن ابن عباس المعروف حكمته * خير الأنام له حال من الحال عيرته المتعة المتبوع سنتها * وبالقتال وقد عيرت بالمال لما رماك على رسل بأسهمه * جرت عليك بسيف الحال والبال فاحتز مقولك الأعلى بشفرته * حزا وحيا بلا قيل ولا قال وأعلم بأنك إن عاودت غيبته * عادت عليك مخاز ذات أذيال (7) وقد ذكر الراغب الأصفهاني: أن عبد الله بن الزبير عير عبد الله بن عباس بتحليله المتعة فقال له: سل أمك كيف سطعت المجامر (8) بينها وبين أبيك؟ فسألها، فقالت: ما ولدتك إلا في المتعة (9).
************************************
(1) هو: عبد الله بن الزبير بن العوام أمه أسماء بنت أبي بكر، هاجرت أمه أسماء من مكة إلى المدينة وهي حامل به فولدته في سنة اثنين من الهجرة، وقيل: ولد في السنة الأولى، وحضر عبد الله الجمل مع أبيه وخالته لقتال أمير المؤمنين (عليه السلام)، عرف بمواقفه العدائية لأهل البيت (عليهم السلام)، وقيل هو الذي أخرج محمد بن الحنفية من مكة والمدينة، ونفى عبد الله بن عباس إلى الطائف، وقال فيه أمير المؤمنين (عليه السلام): ما زال ابن الزبير منا أهل البيت حتى نشأ ابنه عبد الله، وهو أيضا الذي جمع محمد بن الحنفية وعبد الله بن عباس في سبعة عشر رجلا من بني هاشم، منهم الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (عليه السلام) وحصرهم في شعب مكة وهددهم بضرب أعناقهم أو حرقهم بالنار، أو يبايعوه، وحصلت بينه وبين عبد الله بن عباس محاورات ومواقف سجلها التاريخ والتي منها دخول ابن عباس عليه مرة فأخذ يؤنبه ويعنفه! فقال له عبد الله: والله إني لأكتم بغضكم أهل هذا البيت منذ أربعين سنة، دعى الناس إلى بيعته وطاعته، وقد كانت نهاية أمره أن حاصره الحجاج بمكة نحو ستة أشهر إلى أن قتله وصلبه في سنة 73 ه‍. راجع ترجمته في: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 4 ص 79 ج 20 ص 102 - 149، مروج الذهب: ج 2 ص 76، الأغاني لأبي فرج الإصفهاني: ج 14 ص 217.
(2) قول ابن عباس بحلية المتعة مما لا ينكره أحد، فقد كان يعلن بإباحتها صريحا حتى شاع وذاع تحليله لها ونظم على ألسنة الشعراء، فقال بعضهم: قد قلت للشيخ لما طال مجلسه * يا صاح هل لك في فتوى ابن عباس وهل ترى رخصة الأطراف ناعمة * تكون مثواك حتى مرجع الناس وقد نص على حليتها أهل البيت (عليهم السلام) ورواياتهم في ذلك متواترة وواضحة، كما ثبت على حليتها كثير من الصحابة والتابعين، قال ابن حزم في المحلى: ج 5 ص 519 - 520 في مسألة رقم: 1854: وقد ثبت على تحليلها بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) جماعة من السلف منهم من الصحابة: أسماء بنت أبي بكر الصديق وجابر بن عبد الله وابن مسعود وابن عباس ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن حريث وأبو سعيد الخدري وسلمة ومعبد أبناء أمية بن خلف، ورواه جابر بن عبد الله عن جميع الصحابة مدة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومدة أبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر، ومن التابعين طاووس وعطاء وسعيد بن جبير، وسائر فقهاء مكة أعزها الله، وقد تقصينا الآثار المذكورة في كتابنا الموسوم بالإيصال. انتهى. وقال الشريف المرتضى في جواب قاضي القضاة: فأما ادعاؤه أن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنكر على ابن عباس إحلالها، فالأمر بخلافه وعكسه، فقد روي عنه (عليه السلام) بطرق كثيرة أنه كان يفتي بها، وينكر على من حرمها وينهى عنها، وروى عمر بن سعد الهمداني، عن حبيش بن المعتمر، قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: لولا ما سبق من ابن الخطاب في المتعة ما زني إلا شقي، وروى أبو بصير، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) يقول: سمعت علي بن الحسين (عليه السلام) يروي عن جده أمير المؤمنين (عليه السلام): لولا ما سبقني به ابن الخطاب ما زنى إلا شقي. وقد أفتى بالمتعة جماعة من الصحابة والتابعين كعبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وسلمة بن الأكوع، وأبي سعيد الخدري، وسعيد بن جبير، وابن جريح، ومجاهد، وغير ما ذكرنا ممن يطول ذكره، فأما سادة أهل البيت (عليهم السلام) وعلماؤهم فأمرهم واضح في الفتيا بها، كعلي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام)، وأبي جعفر الباقر (عليه السلام)، وأبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، وأبي الحسن موسى الكاظم (عليه السلام)، وعلي بن موسى الرضا (عليه السلام)، وما ذكرنا من فتيا من أشرنا إليه من الصحابة بها يدل على بطلان ما ذكره صاحب الكتاب من ارتفاع النكير لتحريمها، لأن مقامهم على الفتيا بها نكرة. راجع: الشافي في الإمامة للمرتضى: ج 4 ص 197 - 199، وعنه ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: ج 12 ص 253 - 254. وابن جريح المذكور آنفا هو من التابعين الذين يرون حلية المتعة وهو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح، أبو خالد المكي، المولود سنة ثمانين والمتوفى سنة تسع وأربعين ومائة، عد في كتب الرجال والحديث من أعلام التابعين، كما احتج به أهل الصحاح، ذكره الذهبي في ميزانه وقال عنه: وهو في نفسه مجمع على ثقته مع كونه قد تزوج نحوا من سبعين امرأة نكاح المتعة، كان يرى الرخصة في ذلك، وكان فقيه أهل مكة في زمانه. راجع: ميزان الاعتدال: ج 2 ص 659 ترجمة رقم: 5227، شرح الزرقاني على مختصر أبي الضياء: ج 8 ص 76.
(3) سورة الحج: الآية 46.
(4) ومن أراد البحث والتوسع في مسألة المتعة والاطلاع على دليل حليتها وبطلان تحريمها ودعوى نسخها فليراجع: الغدير للأميني: ج 6 ص 223 - 240 البيان للسيد الخوئي (قدس سره): ص 313، مقدمة مرآة العقول: ج 1 ص 273 - 325، المتعة وأثرها في الإصلاح الاجتماعي للفكيكي.
(5) هي: أسماء بنت أبي بكر، ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة وأسلمت على ما في أسد الغابة بعد نيف وعشرين إنسانا، وهاجرت إلى المدينة وهي حامل بعبد الله بن الزبير فوضعته بقباء، ولقبها النبي (صلى الله عليه وآله) بأم النطاقين، لأنها صنعت سفرة للنبي (صلى الله عليه وآله) ولأبيها لما هاجرا فلم تجد ما تشدها به فشقت نطاقها وشدت السفرة به فسماها النبي ذات النطاقين، وقيل إنها عاشت مائة سنة وماتت سنة ثلاث أو أربع وسبعين. تنقيح المقال للعلامة المامقاني: ج 3 (فصل النساء) ص 69.
(6) وممن ذكر ذلك ابن أبي الحديد في شرح النهج: ج 6 ص 216، عن أبي مخنف لوط بن يحيى الأزدي قال: كتب طلحة والزبير إلى عائشة وهي بمكة كتابا: أن خذلي الناس عن بيعة علي (عليه السلام) وأظهري الطلب بدم عثمان، وحملا الكتاب مع ابن أختها عبد الله بن الزبير، فلما قرأت الكتاب كاشفت وأظهرت الطلب بدم عثمان، وكانت أم سلمة - رضي الله عنها - بمكة في ذلك العام، فلما رأت صنع عائشة، قابلتها بنقيض ذلك، وأظهرت موالاة علي (عليه السلام) ونصرته.
(7) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 20 ص 129 - 131، العقد الفريد للأندلسي: ج 4 ص 98 - 99، مروج الذهب للمسعودي: ج 3 ص 81 نشر دار الأندلس بيروت، وص 89 - 90 نشر مطبعة السعادة القاهرة، كتاب الفتوح لابن أعثم: ج 6 ص 251 - 252، بتفاوت، وقد ذكرها باختصار كل من: صحيح مسلم: ج 2 ص 1026، والسنن الكبرى للبيهقي: ج 7 ص 205 (ك النكاح).
(8) مفرده مجمر، وهو: ما يوضع فيه الجمر مع البخور.
(9) محاضرات الأدباء للإصفهاني: ج 3 ص 314.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page