• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

لماذا أنكروا موت النبي (صلى الله عليه وآله)

كانت مصلحة الحزب القرشي تتمثل في إنكار وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) انتظارا لمجئ أبي بكر من خارج المدينة. وتهيئة الأوضاع لمشروع السقيفة. فجاء في الرواية كان عثمان وعمر يرددان قول: لم يمت، من قال إنه (صلى الله عليه وآله) مات، وتوعدا أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) (1). وجاء أيضا: وكان أول من رآه مسجى فأنكر موته عثمان (2). وقال عمر: إن رسول الله والله ما مات ولا يموت (3). وقال عمر: ذهب (صلى الله عليه وآله) إلى الله تعالى في الأرض بجسده (4). وقال عمر: ذهب (صلى الله عليه وآله) إلى السماء بروحه وجسده مثل عيسى (عليه السلام) (5).
وقال عمر أيضا: عرج إلى السماء بروحه مثل موسى (عليه السلام) (6). وقال عمر أيضا: إنه (صلى الله عليه وآله) مغشي عليه (7). وبينما صرح عمر كرارا بأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يمت ولا يموت، أمام الناس أرسل سرا سالم بن عبيد إلى أبي بكر الموجود في منطقة السنح خارج المدينة يخبره بوفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله)!! (8) واستمر عمر في تصريحاته قائلا: إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي، وأن رسول الله والله ما مات، ولكنه ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى بن عمران، فغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع بعد أن قيل قد مات. والله ليرجعن رسول الله، فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أن رسول الله مات (9). لقد اضطر عمر إلى استخدام التهديد والوعيد والكذب لإقناع الناس بعدم موت النبي (صلى الله عليه وآله) قائلا: إني لأرجو أن يعيش رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى يقطع أيدي رجال من المنافقين وألسنتهم يزعمون أو يقولون إن رسول الله قد مات (10).
لماذا أشاعوا عدم موت رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي يقرأ السيرة جيدا يجد عملية خطيرة أعقبت وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) دعواها عدم وفاته. وأنه (صلى الله عليه وآله) سوف يعود إلى هذه الدنيا. ويلاحظ أن المجموعة التي عصت أوامر رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالذهاب في حملة أسامة، هي نفس المجموعة التي عصت ورفضت المجيئ بصحيفة ودواة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ليكتب وصيته. وهي نفس المجموعة التي قالت للنبي (صلى الله عليه وآله): إنه يهجر. وهي نفس المجموعة التي سقت رسول الله (صلى الله عليه وآله) شرابا قسرا وهو نائم. وهي ذات العصبة التي ادعت عدم وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله). وهي ذات الفئة التي لم تشترك في مراسم جهاز الرسول (صلى الله عليه وآله) فذهبت وأسست مراسم السقيفة وسيطرت على السلطة. وهي ذات الجماعة التي هاجمت بيت فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) بالنار والحطب والسيوف. إذن هناك ترابط بين تلك الأعمال وأنها لم تأت اعتباطا ولا صدفة، بل كانت ضمن خطة مدروسة ومنظمة لإقصاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الساحة. وكان عمر وعثمان قد قالا بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه: إنه لم يمت.: والله ما مات ولا يموت (11).
عرج إلى السماء بروحه مثل موسى (عليه السلام) (12). والظاهر من هذه الادعاءات أن الجماعة كانت تسعى إلى:
1 - ذر الرماد في العيون وإبعاد أية شبهة عن ضلوعها في أمر منكر حدث ضد رسول الله (صلى الله عليه وآله). وبيان حبها للنبي (صلى الله عليه وآله) وعدم رغبتها في موته (صلى الله عليه وآله)، بل هدفها استمرار حياته.
2 - تهيئة الأوضاع لمشروع السقيفة بإثارة مسألة عدم موت النبي (صلى الله عليه وآله).
3 - الانتظار ريثما يعود أبو بكر من خارج المدينة من السنح وهذا الأمر يتطلب منع مراسم الدفن إلى حين مجيء أبي بكر. علما بأن خطة الجماعة كانت تتمثل في تأسيس مراسم السقيفة والاستحواذ على السلطة أثناء اشتغال الناس بمراسم جهاز الرسول (صلى الله عليه وآله) (كما يتبين من بعد). ومن البعيد تصور ذلك - حب الحزب القرشي استمرار حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) - من تلك المجموعة التي قالت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): إنه يهجر، بحيث اضطر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى إخراج أفراد تلك المجموعة من بيته قائلا: دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعوني إليه (13). وجاء في رواية: فلما أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي (صلى الله عليه وآله) قال لهم (صلى الله عليه وآله): قوموا (14). وفي كل تلك الأثناء كان بنو هاشم يعارضون أفعال الحزب القرشي ويؤيدون مطالب رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأهدافه. إذ طالب الرسول (صلى الله عليه وآله) بصحيفة ودواة، فنادى أهل بيته بتلبية طلبه، وعارضت تلك الجماعة ذلك، وقالت: إنه يهجر. وطالب بنو هاشم بالإسراع في دفن رسول الله (صلى الله عليه وآله) فعارضت تلك المجموعة ذلك وذهبت إلى السقيفة. اتفق رجال الحزب القرشي على خطة عاجلة لمنع مشروع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في نقل الخلافة إلى علي (عليه السلام) وإخراجهم إلى الشام، واعتمدت خطتهم على أهداف محددة أهمها: قتل رسول الله (صلى الله عليه وآله): وهذه الخطة الخطيرة هي عملية استنساخ لخطة قبائل قريش في قتل النبي (صلى الله عليه وآله) في مكة لمنع هجرته إلى المدينة. والأطروحتان من قبل جهة واحدة وكانت الأولى تتمثل في منع الهجرة إلى المدينة، والثانية تهدف لمنع ذهاب رجال الحزب القرشي في حملة الشام. والاختلاف في العمليتين يتمثل في أن الهجمة الأولى جرت في مكة، والهجمة الثانية جرت في المدينة، والعملية الأولى كانت علنية، والعملية الثانية كانت سرية.
والاختلاف الثالث أن عملية الاغتيال الأولى فشلت والثانية نجحت. ومواقف عصبة قريش في معارك المسلمين يؤيد هذا المشروع - عدم رغبتها في المشاركة في حملة أسامة -، إذ فروا في معارك أحد وخيبر وحنين، وتركوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) طعمة سهلة للكفار واليهود، ولولا العناية الإلهية لتغيرت معادلة الإسلام والمسلمين (15).: ومن أهداف قريش في إبقاء جثمان رسول الله (صلى الله عليه وآله) دون دفن هو إشغال بني هاشم والمسلمين بذلك ليتفرغوا هم لاستلام السلطة. فما دام جثمان الرسول (صلى الله عليه وآله) في يد بني هاشم يستحيل عليهم تركه والمجيئ إلى السقيفة للمطالبة بالخلافة. وقد نجحت تلك الخطة الشيطانية في وصول الحزب القرشي إلى الحكم وحرمان علي بن أبي طالب (عليه السلام) منها. ويتوضح ذلك بهذا النص: إن عليا (عليه السلام) حمل فاطمة (عليها السلام) على حمار وسار بها ليلا إلى بيوت الأنصار يسألهم النصرة، وتسألهم فاطمة الانتصار لها فكانوا يقولون: يا بنت رسول الله قد مضت بيعتنا لهذا الرجل، ولو كان ابن عمك سبق إلينا أبا بكر ما عدلنا به.
فقال علي: أفكنت أترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ميتا في بيته لم أجهزه وأخرج إلى الناس أنازعهم في سلطانه. فقالت فاطمة (عليها السلام): ما صنع أبو الحسن إلا ما كان ينبغي له، ولقد صنعوا ما الله سبحانه حسيبهم عليه (16).
**************************************
(1) العثمانية، الجاحظ ص 79.
(2) المصدر السابق.
(3) تاريخ الطبري 2 / 442، تاريخ اليعقوبي 2 / 114، سيرة ابن هشام 4 / 305.
(4) تاريخ الطبري 2 / 442، سيرة ابن هشام 4 / 305.
(5) الملل والنحل، الشهرستاني ص 1 / 15.
(6) سنن الدارمي 1 / 39.
(7) طبقات ابن سعد 2 / 267.
(8) كنز العمال 7 / 232 ط. مؤسسة الرسالة.
(9) تاريخ الطبري 2 / 44، تفسير روح المعاني، الآلوسي 4 / 74.
(10) مسند أحمد بن حنبل 3 / 196.
(11) تاريخ الطبري 2 / 442، تاريخ اليعقوبي 2 / 114، سيرة ابن هشام 4 / 305.
(12) سنن الدارمي 1 / 39.
(13) سنن البخاري 4 / 490، باب جوائز الوفد ح 1229، سنن مسلم 11 / 89، طبقات ابن سعد 2 / 36، المصباح المنير ص 634.
(14) رواه أحمد بن حنبل في مسنده عن ابن عباس 1 / 325، وأخرجه مسلم في آخر الوصايا، أوائل الجزء الثاني، السقيفة وفدك، أبو بكر الجوهري، سنن البخاري، باب جوائز الوفد من كتاب الجهاد والسير 2 / 118، تاريخ الطبري 2 / 426، الكامل في التاريخ 2 / 320.
(15) السيرة الحلبية 2 / 156، تفسير ابن كثير 1 / 657، تفسير روح المعاني، الآلوسي 4 / 99، أنساب الأشراف عن هامش كتاب المغازي 1 / 18، مفاتيح الغيب 9 / 52، أواخر كتاب العثمانية للجاحظ ص 339، تلخيص المستدرك، الحاكم 3 / 37، صحيح البخاري 4 / 465، تاريخ اليعقوبي 2 / 63، سنن النسائي 3 / 871.
(16) السقيفة وفدك، أبو بكر الجوهري، شرح نهج البلاغة، المعتزلي 6 / 28، الإمامة والسياسة، ابن قتيبة 1 / 12.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page