إن الأصول المعروفة بالعقائد الوهابية شيء ابتدعه أحمد بن تيمية وكانت أفكارا منسية كادت أن تذهب أدراج الرياح لولا أن محمد بن عبد الوهاب عمد إلى إحيائها وأيقظ فتنة كانت نائمة. واستكمالا للبحث يجب علينا دراسة حياته وما فيها من أحداث مؤلمة على وجه الاختصار. ولد الشيخ عام 1111، وقيل 1115 وتوفي عام 1207 ه في بلدة العيينة من بلاد نجد وتلقى فيها دروسه على رجال الدين من الحنابلة، ثم غادر موطنه ونزل المدينة المنورة ليكمل دروسه، ومنها سافر إلى كثير من البلدان، فأقام في البصرة أربع سنين وفي بغداد خمس سنين، وسنة في كردستان وسنتين في همدان ثم رحل إلى أصفهان وقم، ثم عاد إلى بلده. كانت بوادر الظلال تستشف من كلماته، خصوصا عندما كان يدرس على الشيخ محمد بن سليمان الكردي والشيخ محمد حياة السندي، فقد كانا
يتفرسان فيه الغواية والإلحاد، حتى أن والده عبد الوهاب كان رجلاصالحا يتفرس فيه الإلحاد ويعظه وينهاه، وكان مولعا بمطالعة أخبار من ادعى النبوة كاذبا كمسيلمة الكذاب وسجاح والأسود العنسي وطريحة الأسدي وأضرابهم (1). وهذا يعرب عن أن محمد بن عبد الوهاب كان يضمر في مكامن ذهنه شيئا يشاكل فعل هؤلاء المتنبئين، فصب ما أضمره في الدعوة الجديدة إلى التوحيد، وعاد يكفر رجال الدين عامة، وهذه سمة المبتدعين عامة.
**************************************
(1) لاحظ زيني دحلان: الدرر السنية: 42، وأحمد أمين: زعماء الإصلاح: 10،صدقي الزهاوي: الفجر الصادق: 17، وزيني دحلان: فتنة الوهابية: 66.
حياة محمد بن عبد الوهاب مروج عقائد ابن تيمية
- الزيارات: 426