• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثاني: نتائج الحرب

نتائج الحرب:

وقتل في بدر سبعون، وأسر مثلهم.
وقيل: قتل خمسة وأربعون، وأسر مثلهم.
ولعل منشأ هذا القول الأخير هو تسمية البعض لهذا المقدار من القتلى، أو أكثر؛ فتخيلوا: أن ذلك هو العدد النهائي، ولكن ذلك لا يدل إلا على أن من عرفه ذلك الناقل هو هؤلاء، لا على أن هؤلاء هم كل من قتل من المشركين.
واستشهد من المسلمين، قيل تسعة، وقيل أحد عشر، وقيل: أربعة عشر، ستة من المهاجرين، وثمانية من الأنصار.
ولم يؤسر من المسلمين أحد، وغنموا من المشركين مئة وخمسين بعيراً، وعشرة أفراس، وعند ابن الأثير ثلاثين فرساً، ومتاعاً، وسلاحاً، وأنطاعاً، وثياباً، وأدماً كثيراً([1]).

بطولات علي :

وأكثر قتلى المشركين قتلوا على أيدي المهاجرين، وبالتحديد على يد أهل بيت النبي «صلى الله عليه وآله»، وبالذات على يد علي «عليه السلام».
وقد سماه الكفار يوم بدر بـ «الموت الأحمر» لعظم بلائه ونكايته([2]) وكيف لا ونحن نرى الشعبي يقول: «كان علي أشجع الناس، تقر له بذلك العرب»([3]).
وقد تقدم في الفصل السابق تحت عنوان: المبارزة، قول بعض بني عامر في جواب حسان، وقول هند في رثاء قتلاها.
وقال أسيد بن أبي إياس يحرض مشركي قريش على علي «عليه السلام»:
في كـل مجمع غـايــة أخـــزاكـم                 جــذع أبــر عـلى المــذاكي القرح
الله دركـم ألـمَّــا تـنــكـــــروا             قـد ينكر  الحر الكـريـم  ويستحي
هـذا ابـن فـاطـمـة الذي  أفناكم         ذبـحــاً وقتــلاً قعصـة لـم  يذبح
أعطــوه خـرجــاً واتقوا تضريبه                فعـل الـذليل وبيعـة  لـم  تـربــح
أيـن الـكهــول وأيـن كل دعامة         في المعضـلات وأيـن زيـن الأبطح
أفنــاهـم قعصـاً وضربــاً يفتري         بـالسيـف يعمـل حده لم يصفح([4])
وقال عبد الله بن رواحة:
ليهـن عليــاً يــوم بـدر حضـوره                 ومشهده بـالخـير ضـربـاً مرعبـلا
وكـائـن لـه من مشهد غير خامـل       يظـل لـه رأس الـكـمـي مجـدلا([5])
إلى آخر الأبيات.
ولماذا لا يسمى «عليه السلام» بالموت الأحمر؟ وهو الذي تقول في حقه بعض الروايات: إن جبرائيل قد نادى بين السماء والأرض في بدر:
       لا فــتـــى  إلا   عـــلــــي           لا   سـيـف  إلا ذو الـفـقـــار
ويقال: إن هذه المناداة كانت في أحد. وستأتي مع بعض الكلام حولها إن شاء الله.
وقد قتل «عليه السلام» من المشركين في بدر نصف السبعين، وشارك في قتل النصف الآخر([6]).
وقد عد الشيخ المفيد ستة وثلاثين بأسمائهم ممن قتلهم علي «عليه السلام»([7]).
وقال ابن إسحاق: أكثر قتلى المشركين يوم بدر كان لعلي([8]).
وقال الطبرسي، والقمي: إنه قتل منهم سبعة وعشرين([9]).
وقال أسامة بن منقذ: قتل أربعة وعشرين سوى من شارك فيهم([10]).
وقال الشبلنجي: قال بعضهم: «إن أهل الغزوات أجمعت على أن جملة من قتل يوم بدر سبعون رجلاً، قتل علي منهم أحداً وعشرين نسمة باتفاق الناقلين، وأربعة شاركه فيهم غيره، وثمانية مختلف فيهم»([11]).
وعد الواقدي اثنين وعشرين؛ ثمانية عشر منهم قتلهم علي، وأربعة مختلف فيهم([12]).
وعد المعتزلي، وابن هشام (مع التلفيق بينهما) تسعة وعشرين قتلهم علي، أو شرك في قتلهم من أصل اثنين وخمسين([13]).
وهذا الاختلاف ليس ذا أهمية، فإن من يذكر هؤلاء أسماءهم إنما هم في حدود الخمسين، أو أقل، أو أكثر بقليل([14]).
فنجد علياً قد قتل من هؤلاء نصفهم أو أزيد. ولو أنهم اهتدوا إلى أسماء الباقين، لارتقى عدد من قتلهم علي «عليه السلام» إلى نصف السبعين، أو زاد، عدا من شرك في قتلهم.
نعم هذه هي الحقيقة، ولكن المؤرخين، الذين جاؤوا بعد هؤلاء قد ذكروا من عدهم هؤلاء في ضمن الخمسين، واعتبروهم جميع من قتل، مع أنهم بعض من قتل.
ويلاحظ: أن البعض يعرف ممن قتلهم علي «عليه السلام» أشخاصاً، لا يعرفهم البعض الآخر، وبالعكس. وذلك أيضاً يؤيد صحة ما ذكرناه وذكره الشيخ المفيد وغيره ويؤكده.
وعلى كل حال، فقد كان ممن قتلهم أمير المؤمنين «عليه السلام» في بدر: طعيمة بن عدي، وأبو حذيفة بن أبي سفيان، والعاص بن سعيد بن العاص، الذي أحجم الناس عنه، ونوفل بن خويلد، وكان من شياطين قريش، والعاص بن هشام بن المغيرة([15]).

رواية مكذوبة:

وزعم البعض أن عمر بن الخطاب هو الذي قتل العاص بن هشام بن المغيرة([16]).
ويروون: أن عمر قد قال لسعيد بن العاص: إنه ما قتل أباه، وإنما قتل خاله العاص بن هشام بن المغيرة([17]).
وهو كلام مشكوك فيه: فإن العاص هذا ليس خالاً لعمر؛ لأن حنتمة لم تكن بنت هشام بن المغيرة، وإنما هي بنت هاشم بن المغيرة، وقد غلط العلماء من قال: إنها بنت هشام([18]).
وقال ابن حزم: إن هاشماً لم يعقب سوى حنتمة([19]).
وقال ابن قتيبة: «وأم عمر بن الخطاب حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، ابنة عم أبيه»([20]).
بل لقد قيل: إن حنتمة هي بنت سعيد بن المغيرة([21]).
واحتمال البعض أن يكون أراد: أنه قتل هذا الذي من قبيلة أمه، ويعد الناس كل أفراد قبيلة الأم أخوالاً، كما قال الشاعر:
ولــو أنــي بــلــيــت بهـاشمي           خـؤولـتــه بــنــي عـبــد المـدان
هذا الاحتمال خلاف الظاهر المتبادر من كلمة «خالي» فإن إطلاق كلمة أخوال على القبيلة لا يلزم منه صحة أن يقول الشخص: فلان خالي، وهو ليس بخاله حقيقة، فيصح قولهم: بنو مخزوم أخوالنا، ولا يصح أن يقال: فلان المخزومي خالي، لأن هذا الثاني ينصرف إلى الخؤولة الحقيقية.
بل لقد أنكر البعض أن تكون حنتمة مخزومية أصلاً، وقالوا: إن هاشماً وجدها مرمية في الطريق، فأخذها، ورباها، ثم زوجها الخطاب، وإنما نسبت إلى هاشم بالتبني والتربية، كما هي عادة العرب([22]).

ما هو الصحيح إذاً؟!

ولعل الأقرب إلى الاعتبار، والمنسجم مع الوقائع، والأجواء السياسية، والأحداث، هو الرواية التي ذكرها المعتزلي، والشيخ المفيد، وملخصها:
أن عثمان بن عفان، وسعيد بن العاص، حضرا عند عمر أيام خلافته؛ فصار عثمان إلى مجلسه الذي يشتهيه، ومال سعيد إلى ناحية، فنظر إليه عمر وقال: ما لي أراك معرضاً؟
كأني قتلت أباك؟
إني لم أقتله، ولكن قتله أبو حسن.
وفي رواية المفيد، أنه قال: فلما رأيت ذلك (يعني هياجه للحرب) هبته، وزغت عنه، فقال: إلى أين يا ابن الخطاب؟ وصمد له علي فتناوله، فوالله ما فارقت مكاني حتى قتله.
وكان علي «عليه السلام» حاضراً، فقال: اللهم غفراً، ذهب الشرك بما فيه، ومحا الإسلام ما تقدم؛ فما لك تهيج الناس علي؟!
فكف عمر.
فقال سعيد: أما إنه ما كان يسرني أن يكون قاتل أبي غير ابن عمه علي بن أبي طالب([23]).
فهذه الرواية التي تتضمن نجاة عمر على يد علي «عليه السلام»، ليس فيها: أنه قتل خاله العاص بن هشام، والذي لم يكن خالاً له ـ كما قلنا ـ أو على الأقل يشك كثيراً في هذه الخؤولة.
وفي هذه الرواية دلالات أخرى لا تخفى، ولا سيما في كلام علي «عليه السلام» وسعيد، فليتأمل المتأمل في ذلك.
إشـارة:
ويلاحظ: أن حرب بدر وأحد وغيرهما قد أثرت في قلوب القرشيين أثراً بعيداً حتى «قيل: كانت قريش وإذا رأت أمير المؤمنين في كتيبة تواصت خوفاً منه.
ونظر إليه رجل، وقد شق العسكر، فقال: قد علمت أن ملك الموت في الجانب الذي فيه علي»([24]).

قتلى المشركين في القليب:

وأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالقليب أن تعور، ثم أمر بالقتلى، فطرحوا فيها. ثم نادى أهل القليب رجلاً رجلاً: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً؛ فإني قد وجدت ما وعد ربي حقاً، بئس القوم كنتم لنبيكم، كذبتموني، وصدقني الناس، وأخرجتموني وآواني الناس، وقاتلتموني ونصرني الناس.
فقال عمر: يا رسول الله، أتنادي قوماً قد ماتوا؟
فقال «صلى الله عليه وآله»: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم، ولكنهم لا يستطيعون أن يجيبوني([25]).
وقد أنكرت عائشة قول النبي «صلى الله عليه وآله»: لقد سمعوا ما قلت.
وقالت: إنما قال: لقد علموا، واحتجت لذلك بقوله تعالى: {إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} الآية.
وبقوله تعالى: {وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ}([26]).
وفي البخاري عن قتادة: إن الله رد إليهم أرواحهم فسمعوا؛ وبهذا أجاب البيهقي([27]).
ونقول: إنه لو ثبت ما ذكره قتادة وصح؛ فلا مانع من أن يكون معجزة لسيد المرسلين محمد «صلى الله عليه وآله الطاهرين».
وأجاب الحلبي: بأنه لا مانع من إبقاء السمع على حقيقته، لأنه إذا قوي تعلق أرواحهم بأجسادهم أمكنهم أن يسمعوا بحاسة سمعهم، لبقاء محل تلك الحاسة.
والسماع المنفي في الآيتين هو السماع النافع، وقد أشار السيوطي إلى ذلك فقال:
سـماع مـوتـى كــلام الله قــاطبـة       جـاءت به عندنـا الآثار في  الكتب
وآيـة الـنـفـي معناها سماع هـدى              لا يـقـبـلـون ولا يصغـون للأدب
لأنه تعالى شبه الكفار الأحياء بالأموات في القبور في عدم انتفاعهم بالإسلام النافع([28]).

مهجع سيد الشهداء:

ويقولون: إن مهجعاً (مولى لعمر) هو أول من خرج بعد أن اصطفت الصفوف، فقتل، فنقل بعض المشايخ: أنه أول من يدعى من شهداء هذه الأمة، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قال يومئذٍ: مهجع سيد الشهداء([29]). ولكن ذلك مشكوك فيه، إذ:
1 ـ لماذا كان مهجع أول من يدعى من شهداء هذه الأمة، ولماذا لا يكون ياسر والد عمار أو أمه سمية أول من يدعى من شهداء هذه الأمة؟! وهما أول من استشهد، وكان ذلك قبل بدر بسنوات عديدة.
ولماذا لا يكون عبيدة بن الحارث، الذي قتل في نفس واقعة بدر قبل مهجع، هو أول من يدعى منهم؟!.
2 ـ قولهم: إنه أول من خرج بعد أن اصطفت الصفوف، لا يمكن قبوله. فإن أول من خرج من المسلمين هم: علي، وحمزة، وعبيدة بن الحارث بن المطلب.
3 ـ وكيف يمكن الجمع بين كون مهجع هو سيد الشهداء، وبين روايتهم: أن حمزة هو سيد الشهداء([30]) كما سيأتي في غزوة أحد إن شاء الله؟.
ويقولون أيضاً: إن علياً «عليه السلام» قد ذكر ذلك في شعره، فقال:
محـمـد الـنـبـي أخـي وصهـري          وحــمـزة سيـد الشهـداء عمـي([31])
وقال «عليه السلام»: «ومنا سيد الشهداء حمزة»([32]).
4 ـ وكيف يجتمع قولهم: بأن أول قتيل من المسلمين هو مهجع، مع قولهم: إن أول قتيل من المسلمين هو عمير بن الحمام؟!([33]).
وحاول الحلبي الجمع: بأن عميراً أول قتيل من الأنصار، وذاك أول قتيل من المهاجرين.
ثم أجاب عن هذا: بأن أول قتيل من الأنصار هو حارثة بن قيس.
ثم رده بأن حارثة كان أول قتيل بسهم لم يدر راميه([34]).
ولكن من الواضح: أن ذلك ليس إلا تلاعباً بالألفاظ، فإنه إذا قيل: فلان أول قتيل من المسلمين، أو في بدر مثلاً، لا ينظر في ذلك إلى آلة قتله، أو إلى بلده، أو نسبه. وإلا لقال: أول قتيل من المهاجرين مثلاً، أو من الأنصار، أو بسهم، أو نحو ذلك، فإن هذا هو الأنسب والأوفق بمراده.
ولو صح كلام الحلبي؛ فيرد سؤال، وهو: لماذا يطلق على مهجع دون غيره ـ مثل عمير بن الحمام أو عبيدة، أو حارثة بن قيس ـ لقب سيد الشهداء؟!
وما هو وجه اختصاصه بهذا اللقب دون هؤلاء؟!
فهل لأنه كان قد عانى في سبيل الله ما لم يعان غيره؟!
أم لأنه كان يمتاز عنهم بفضائل أخلاقية ونفسانية؟!
أم لأنه كان مولى لعمر بن الخطاب؟!
وقد كان لا بد من أن تكون له فضيلة لم ينلها إلا سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب والحسين بن علي «عليه السلام»؟!
لا ندري ولعل الفطن الذكي يدري!!

ذو الشمالين:

واستشهد في بدر ذو الشمالين (سمي بذلك لأنه كان يعمل بيديه جميعاً) واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة بن عمرو بن غبشان([35]). وتذكر هنا قضية سهو النبي «صلى الله عليه وآله»، واعتراض ذي الشمالين عليه.
وحيث إن الكلام فيها يطول، فنحن نرجئ الكلام عنها إلى فصل: «بحوث ليست غريبة عن السيرة» فإلى هناك.
وقبل المضي في الحديث عن سائر ما يرتبط بواقعة بدر، نشير إلى الملاحظات التالية:

ألف: إهتمام علي برسول الله’ في بدر:

عن علي «عليه السلام» قال: لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال، ثم جئت مسرعاً لأنظر إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ما فعل.
قال: فجئت، فإذا هو ساجد يقول: يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، لا يزيد عليها. فرجعت إلى القتال. ثم جئت، وهو ساجد يقول ذلك أيضاً. فذهبت إلى القتال. ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، حتى فتح الله عليه([36]).
ولا يعني ذلك: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يشارك في القتال في بدر أصلاً، فلعله شارك فيه في مراحله الأولى، حيث لا بد من تشجيع المسلمين، وتقوية قلوبهم، حتى إذا تحقق له «صلى الله عليه وآله» هذا الهدف، انصرف إلى الابتهال والدعاء. ويلاحظ هنا:
1 ـ إن علياً «عليه السلام» يتعاهد النبي «صلى الله عليه وآله» باستمرار، ولا يغفل عنه لحظة واحدة، حتى في هذا الموقف، الذي تبلغ فيه القلوب الحناجر، وتزيغ الأبصار.
كما ويلاحظ: أنه «عليه السلام» كان في سائر المواطن والأحوال يتعاهد النبي «صلى الله عليه وآله»، ويأخذ على عاتقه عهدة حفظه وحراسته، فقد قال يحيى: حدثنا موسى بن سلمة، قال: سألت جعفر بن عبد الله بن الحسين عن أسطوان علي بن أبي طالب فقال: إن هذه المحرس كان علي بن أبي طالب يجلس في صفحتها التي تلي القبر، مما يلي باب رسول الله «صلى الله عليه وآله» يحرس النبي «صلى الله عليه وآله»([37]).
وذكر السمهودي هذه الأسطوان في كتابه باسم «أسطوان المحرس»([38]).
2 ـ يلاحظ: مدى اهتمام الرسول «صلى الله عليه وآله» في هذه اللحظات الحرجة بالدعاء، والاتصال بالمبدأ الأعلى، مصدر القوة والفتح والظفر، يتصل به ليهب المسلمين اليقين، والصبر، وليشملهم بعناياته وألطافه، فبدون ذلك لا يمكن النصر، ولا قيمة للظفر.
3 ـ كما أننا نجد أمير المؤمنين «عليه السلام»، الذي كان أكثر الناس عناء في هذه الحرب، قد قتل نصف السبعين، وشارك في النصف الآخر، نجده يقول: «حتى فتح الله عليه» فهو ينسب الفتح والظفر إلى النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»، ولا يرى لنفسه، ولا لغيره أثراً يستحق الذكر في هذا المجال.

ب: الحرب مصيرية:

وواضح: أن كلاً من الفريقين كان يعتبر أن هذه الحرب مصيرية بالنسبة إليه، فالمسلمون وعلى رأسهم الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» يعتبرون: أنهم لو غلبوا فلن يعبد الله في الأرض بعد. والمشركون أيضاً يريدون أن يأخذوا المهاجرين أخذاً، ليعرفوهم ضلالتهم؛ وأن يجزروا أهل يثرب جزراً، حتى لا يتجرؤوا على ممالأة عدو لهم أبداً، وكي لا يستطيع أحد أن يعترض طريق تجارتهم، وتهابهم العرب.
نعم هذا هو المهم لدى جماعة متهالكة على المال والجاه والدنيا. ولأجل ذلك بالذات آذوا النبي «صلى الله عليه وآله» ومن معه، وأخرجوهم، وحاربوهم، وهم أبناؤهم، وإخوانهم وآباؤهم، وذوو قرابتهم.
فالدنيا بالنسبة إليهم هي كل شيء، وليس قبلها ولا بعدها شيء. وهذا ما دفعهم لارتكاب تلك الجرائم والموبقات تجاه ذويهم: فمارسوا ضدهم مختلف أنواع التعذيب، والسخرية، ثم أخذ الأموال، والإخراج من الديار. ثم الحرب العوان لجز أصلهم واستئصال شأفتهم.

ج: الهزيمة، وعدم تكافؤ القوى، والإمداد بالملائكة:

قد يحدث أن يغلب جيش قليل العدد نسبياً جيشاً أكثر عدداً، وذلك حينما تكون ثمة امتيازات في هذه القلة تفقدها تلك الكثرة، كالتسلح، أو الانضباطية، أو البراعة، أو كونها تملك خطة حربية معينة.
ولكن الأمر كان بين المسلمين والمشركين بالعكس تماماً؛ فالتجربة الحربية، والكثرة، والسلاح، والعدة وغير ذلك قد كان في جانب المشركين، مع عدم وجود خطة حربية معينة، بحدودها وتفاصيلها لدى المسلمين. وإنما هم يواجهون حرباً فرضها عليهم عدوهم في الزمان والمكان الذي أراد. مع وجود امتيازات لصالح المشركين حتى في هذه الناحية أيضاً.
أما أسلوب الحرب، فلا جديد فيه، وإنما على كل من الفريقين أن يعتمد الأساليب المعروفة. وفي قريش بعض مشاهير فرسان العرب، الذين امتازوا في الحروب التقليدية بخبرتهم، وبعد صيتهم.
ولكن النتائج التي تمخضت عنها هذه الحرب، لا تتلاءم مع تلك العدة وذلك العدد، ولا مع الامتيازات التي كان يتمتع بها أحد الفريقين دون الآخر.
فقد كانت خسائر المشركين أضعاف خسائر المسلمين. إذ ما هو وجه النسبة بين ثمانية إلى أربعة عشر شهيداً من المسلمين، وبين سبعين قتيلاً وسبعين أسيراً من المشركين؟! مع أن كل الامتيازات كانت في جانب هؤلاء على أولئك.
نعم، ما هو السر، وما هو السبب ياترى؟!..
والجواب: أن الله سبحانه قد قال في كتابه المجيد: {إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلاً وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيراً لَّفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ، وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كَانَ مَفْعُولاً}([39]).
وقال تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ}([40]).
وقال: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيْتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنَ المُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ}([41]).
وقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «نصرت بالرعب، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً»([42]).
ونستنتج من ذلك: أنه قد كان ثمة ألطاف وعنايات، بل وخطة إلهية لإلقاء الحرب بين المسلمين، والمشركين، لتذهب هيبة قريش من نفوس الكثيرين ممن أسلموا، وإذا حارب المسلمون قريشاً، فلسوف يكونون على حرب غيرها أجرأ وأقدر.
وهذه الخطة تتلخص في:
1 ـ تقوية قلوب المسلمين بما في ذلك أسلوب التقليل والتكثير المشار إليه في الآيات الشريفة.
2 ـ ما أمدهم الله به من الملائكة.
3 ـ إلقاء الرعب في قلوب أعدائهم.
بيان ذلك: أن هدف كل من المتحاربين هو الذي يعين نتيجة الحرب، ومصيرها، على صعيد الخسائر المادية والبشرية، وحتى على صعيد التأثير في حركة التاريخ، من جميع الجهات، وعلى مختلف المستويات.
وقد بينا مراراً وتكراراً: أن هدف المشركين من الحرب هو الحصول على الحياة التي يريدون، وعلى الامتيازات التي يتوقعون أن يجدوا فيها ما يحقق آمالهم العراض بالرفاهية والزعامة والسيادة.
وإذا كانوا يحاربون من أجل الحياة الدنيا؛ فكيف يمكن أن يضحوا بحياتهم؟ إن ذلك ليس إلا نقضاً للغرض، وتضييعاً للهدف.
ويدلنا على هذا المعنى، أنهم يذكرون: أنه لما رأى طليحة بن خويلد كثرة انهزام أصحابه قال: «ويحكم ما يهزمكم؟! قال رجل منهم: وأنا أحدثك ما يهزمنا: إنه ليس منا رجل إلا وهو يحب أن يموت صاحبه قبله، وإنا لنأتي قوماً كلهم يحب أن يموت قبل صاحبه»([43]).
ولما ولى الزبير يوم الجمل بلغ علياً فقال: «لو كان ابن صفية يعلم: أنه على حق ما ولى الخ..»([44]).
ويقول حميد الطوسي أحد أكابر قواد المأمون: «إننا قد آيسنا من الآخرة وإنما هي الدنيا؛ فلا نحتمل والله لأحد تنغيصها علينا»([45]).
أما هدف المسلمين أو بالأحرى بعضهم، وهم الذين جزروا قريشاً جزراً، كعلي وحمزة وأمثالهما ممن كان لهم نكاية في العدو؛ فقد كان هو الفوز الأخروي، ويعتبرون أنهم إنما يقدمون على إحدى الحسنيين: النصر وهو فوز أخروي ودنيوي، أو الشهادة، وهي فوز أيضاً حتى دنيوياً.
وإذا كانوا يعدون الموت فوزاً كالنصر العسكري، وإذا كانوا يعتبرون فرارهم خذلاناً، ووبالاً، ودماراً، وموتاً لهم، بل وشراً من الموت، حتى ولو أدى إلى حفظ حياتهم، وكانت في المستوى الأعلى من الرفاهية والراحة الجسدية والنعيم الدنيوي، لأنها سوف يعقبها الدمار في الآخرة والعذاب الأليم، إذا كانوا كذلك فإن حياتهم هذه تكون مرفوضة عندهم، ولا يريدونها؛ بل هم يكرهونها ويهربون منها أكثر مما يكره المشركون الموت، ويهربون منه وهو ما أشار إليه ذلك الرجل في جوابه لطليحة بن خويلد كما قد قدمنا.
ولما سمع عمير بن الحمام رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعد من يستشهد بالجنة، وبيد عمير تمرات يأكلهن، قال: بخ بخ، ما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء، أو قال: لئن حييت حتى آكل تمراتي، إنها لحياة طويلة. ثم رمى التمرات من يده، وقاتل حتى قتل([46]).
ومن هنا، فقد كان طعم الموت لدى أصحاب الحسين «عليه السلام» أحلى من العسل، بل وحتى الأمهات كن إذا علمن بأن ولدهن في الجنة لم يجدن ألم المصاب، بل وربما فرحن لاستشهاد ابنائهن. فحين قتل حارثة بن سراقة بسهم غرب، قالت أمه: «يا رسول الله، أخبرني عن حارثة؛ فإن كان في الجنة صبرت، وإلا فليرين الله ما أصنع، يعني من النياح».
وفي رواية: وإن كان غير ذلك اجتهدت عليه بالبكاء.
وفي رواية: لم أبك ولم أحزن، وإن يكن في النار بكيت ما عشت في الدنيا».
وفي رواية: أنه «صلى الله عليه وآله» لما أخبرها: أن ولدها في الجنان رجعت وهي تضحك، وتقول: بخ بخ يا حارث([47]).
كما أن عمير بن أبي وقاص الذي استشهد يوم بدر، حينما أراد «صلى الله عليه وآله» أن يخلفه بكى([48])، فأجازه، وأمثال ذلك كثير.
وتقول هند بنت عتبة لرملة بنت شيبة، وكانت من المهاجرات:
لحــى الـرحمـن صـابـئـة  بـــوج                ومـكــة، أو بــأطـراف الحـجون
تـديـن لـمـعـشر قـتـلوا أبـاهــا           أقــتــل أبــيــك جاءك باليقين([49])
وأمثال ذلك كثير، لا مجال لتتبعه واستقصائه.
ومن كل ما قدمناه يتجلى مدى حرص هؤلاء على الموت أو النصر، وحرص أولئك على الحياة والسلامة، فالمسلمون يرون الموت انتقالا، والشهادة عطاء. وأولئك يرون الموت خسراناً، وفناء، ودماراً.
وقد تحدث الله عن بني إسرائيل الذين يهتمون بالدنيا وليس للآخرة مكان في تفكيرهم، وحتى في عقائدهم، فقال: {قُلْ إِن كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الآَخِرَةُ عِندَ الله خَالِصَةً مِّن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُاْ المَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ، وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَداً بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمينَ، وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَن يُعَمَّرَ وَاللهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}([50]).
ولذلك احتاجت الحرب إلى: أن يريهم الله بادئ الأمر المسلمين قليلاً؛ ليتشجعوا على خوض غمار الحرب، براحة فكر، ولرفع مستوى احتمالات السلامة والبقاء. ولا أقل من أن يصمدوا ولا يفروا، ليقوم علي «عليه السلام» بإذلال فراعنة الشرك، وقتل أبطالهم، وأسر رجالهم؛ وفقاً لما جاء عن الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء: كلما حشوا ناراً للحرب أطفأها، ونجم قرن الضلال أو فغرت فاغرة من المشركين قذف بأخيه في لهواتها، فلا ينكفئ حتى يطأ صماخها بأخمصه، ويخمد لهبها بحده، مكدوداً في ذات الله الخ..([51]).
ثم وبعد نشوب الحرب كان لا بد أن يروا المسلمين كثيراً؛ فأمد الله المسلمين بالملائكة، وكثرهم بهم، وأمرهم بالحرب وبضرب الأعناق، وألقى في قلوب المشركين الرعب. وقد أخبر الله عن هذه المرحلة الأخيرة التي سوف تأتي بعد نشوب الحرب بقوله: {إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى المَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}([52]).
وواضح: أن القضاء على الجبان الخائف مهما كان قوياً أيسر، وأسهل من القضاء على الضعيف المقدام، الذي لا يبالي، أوقع على الموت أم وقع الموت عليه.
ومن هنا فقد كانت المعركة لصالح هؤلاء دون أولئك، الذين لا يمكنهم إلا أن يتجنبوا مواجهة الأبطال، وملاقاة الرجال.
فالمسلمون والمشركون أنفسهم كانوا على المشركين. وهذا ما يفسر قول أمير المؤمنين «عليه السلام»: «ما لقيت رجلاً إلا أعانني على نفسه»([53]).
وكان لإمداد المسلمين بالملائكة ناحية أخرى لا بد من ملاحظتها، فإنه حين يكون من الممكن أن لا تكون درجة المعرفة واليقين قد بلغت لدى بعض المسلمين مستوياتها العالية، وحين يكون احتمال الانهيار لدى البعض، أو على الأقل أن يضعفوا عن مواجهة هذه النازلة، موجوداً، فإن الله يلطف بالمسلمين، ويمدهم بالملائكة، بشرى منه، وتثبيتاً، ويقلل المشركين في أعينهم في بادئ الأمر، ليتشجعوا على حربهم. إلى غير ذلك من أسباب النصر التي تفضل عليهم بها.
ومن هنا نعرف أيضاً: لماذا كان القتلى في جانب المشركين أضعاف الشهداء في جانب المسلمين، وأسر من المشركين سبعون، ولم يؤسر من المسلمين أحد. وهذه النتائج لا تختص ببدر، وإنما تشمل كل المعارك التي كانت بين الإيمان والكفر ـ وما حديث كربلاء عن أذهاننا ببعيد.

د: حقد قريش على الأنصار:

1 ـ لقد اتضح من كلمات أبي جهل المتقدمة: أن قريشاً كانت تتعمد إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف الأنصار، حتى لقد أمر أبو جهل أصحابه بأن يجزروا أهل يثرب جزراً. ولكن موقفهم بالنسبة للقرشيين كان مختلفاً، فقد طلب أبو جهل: أن يأخذوهم أخذاً، ليدخلوهم مكة، ويعرفوهم ضلالتهم.
ولعل موقفهم هذا من القرشيين يرجع إلى رغبتهم في الحفاظ على علاقاتهم فيما بينهم، لأن كل قرشي من المسلمين له أقارب وعشيرة في مكة، ولن يرتاح هؤلاء لقتل أبنائهم، حتى وإن كانوا يخالفونهم في العقيدة والرأي.
وهذا هو المنطق القبلي الذي كان يسيطر على عقليات المشركين، ويحكم تصرفاتهم ومواقفهم حتى في هذه الظروف الدقيقة والحرجة بالذات.
وهو يريد في نفس الوقت أن يلقن الأنصار درساً، لكي لا يعودوا بعد الآن لمناصرة أعداء قريش، ومناوئيها..
2 ـ وحيث قد عرفنا: أن مراجل حقد قريش كانت في أشد الغليان على أهل يثرب، الذين آووا ونصروا، وقد عبر أبو جهل عن ذلك لسعد بن معاذ في فترة سابقة، وها هو يعود فيأمر بجزر أهل يثرب جزراً.
فإننا نلاحظ: أن هذا الحقد قد استمر عشرات السنين، وقد أكده وزاده حدة: معارضة الأنصار في الخلافة في قصة السقيفة، ثم كونهم إلى علي «عليه السلام» أميل منهم إلى غيره. وقد ناصروه في حروبه، التي تزعمت قريش الجانب الآخر منها([54]) حتى لقد قال معاوية في صفين لنعمان بن بشير، ومسلمة بن مخلد: «ولقد غمني ما لقيت من الأوس والخزرج، واضعي سيوفهم على عواتقهم، يدعون إلى النزال، حتى لقد جبنوا من أصحابي الشجاع. وحتى والله ما أسأل عن فارس من أهل الشام إلا قيل: قتله الأنصار، أما والله، لألقينهم بحدي وحديدي»([55]). إلى آخر الكلام.
ويقول النعمان بن بشير، في كلام له مع الأنصار: «ثم لم ينزل خطب قط إلا هونتم عليه المصيبة»([56]).
ثم كان موقف الأنصار تجاه شيخ بني أمية عثمان بن عفان، ومشاركتهم بشكل فعال في الثورة ضده، فزاد ذلك في حقد قريش عليهم وتمالئها ضدهم، حتى ليقول معاوية، وإن كان إظهار حزنه على عثمان إنما جاء لأهداف سياسية لا تخفى:
لا تحـسبـوا أننـي أنـسى مصيـبتـه     وفي البلاد مـن الأنصـار من أحد([57])
وقد عمق معاوية هذا الحقد ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، ثم جاء بعده يزيد فانتقم منهم في واقعة الحرة شر انتقام([58])، بعد أن قتل أهل بيت نبيهم في كربلاء.
وأخيراً، فقد روى أحمد حديث ابن عمر، الذي يقدم فيه أهل بدر من المهاجرين على أهل بدر من الأنصار([59]).
وقد تقدم جانب مما يتعلق بهذا الموضوع في فصل: سرايا وغزوات قبل بدر، حين الكلام عن سر إرسال المهاجرين في السرايا في أول الأمر؛ فلا غنى لمن أراد استكمال هذا البحث عن مراجعة ذلك الموضع.
3 ـ ومن الجهة الثانية، فإن قريشاً تريد أن تلقن الأنصار في حرب بدر درساً لن ينسوه، حتى لا يعودوا لمثلها من الممالأة لأعدائها، ويكفي الأنصار ذنباً بالنسبة لقريش أنهم مكنوا للمسلمين: أن يبلغوا هذا القدر من القدرة والشوكة، حتى لقد طلب أبو جهل ـ الذي كان يثق أولاً بالنصر ـ : أن لا يفلت من أيدي أهل مكة أحد من اليثربيين.
أضف إلى ذلك كله: أن أهل المدينة كانوا قحطانيين، أما أهل مكة فعدنانيون.

لماذا أهل البيت أولاً؟!

ولعل كل ما قدمناه آنفاً وسواه هو السر في تقديمه «صلى الله عليه وآله» أهل بيته في الحرب؛ لتكون التضحيات منه، وفي نفسه، وأهل بيته أولاً. ولا ينسى التاريخ مواقف علي «عليه السلام»، ولا بطولات حمزة وجعفر وسواهما ممن أخلص لهذا الدين من خيرة الصحابة، فكان هؤلاء أعني علياً، وأهل بيته «عليه السلام» هم الدرع الواقي، وبهم حفظ الله الدين، وخفف بذلك من حقد قريش الذين كانوا في الغالب أعداء لهذا الدين وأهله على الأنصار، وذلك حفاظاً على مستقبل الأنصار، لأن أحقاد قريش عليهم وعلى الإسلام قد تركت في المستقبل أثرها المرير والبغيض.

ه‍ : بدر وأثرها على علي وأهل بيته :

ويلاحظ هنا: أن أكثر قتلى المشركين كانت نهايتهم على أيدي المهاجرين، ولا سيما أمير المؤمنين «عليه السلام»، وعمه حمزة.
فقد قدمنا: أن علياً «عليه السلام» قد قتل نصف السبعين، وشارك في النصف الآخر.
ومن هنا نجد قريشاً لم تستطع أن تحب علياً وأهل بيته، رغم أنها تتظاهر بالإسلام، وتحاول الحصول على الامتيازات عن طريقه، ورغم النصوص القرآنية والنبوية الآمرة بمحبتهم ومودتهم.
وقد أخرج الحاكم: أن العباس جاء إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو مغضب، فقال «صلى الله عليه وآله»: ما شأنك؟
فقال: يا رسول الله، ما لنا ولقريش؟
فقال: ما لك ولهم؟
قال: يلقى بعضهم بعضاً بوجوه مشرقة، فإذا لقونا لقونا بغير ذلك.
قال: فغضب رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى استدر عرق بين عينيه، فلما أسفر عنه، قال: والذي نفس محمد بيده، لا يدخل قلب امرء الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله إلخ([60]).
ولقد شكى أمير المؤمنين «عليه السلام» من قريش: أنهم قطعوا رحمه ومالأوا عليه عدوه([61]) ـ كما سنشير إليه في واقعة أحد إن شاء الله تعالى ـ .
وعن ابن عباس: قال عثمان لعلي:
«ما ذنبي إذا لم تحبك قريش، وقد قتلت منهم سبعين رجلاً، كأن وجوههم سيوف (أو شنوف) الذهب»([62]).
هذا وقد ظل الأحلاف يتحينون الفرص للأخذ بثارات بدر وأحد، وغيرهما. وقد فشلوا في حرب الجمل وصفين، إلى أن سنحت لهم الفرصة ـ بزعمهم ـ في واقعة كربلاء المشهورة، ثم ما أعقبها من ظلم واضطهاد لأهل البيت وشيعتهم.
ونجد أن يزيد الطاغية لم يستطع أن يخفي دوافعه وكفره، وأنه يريد الثأر لأشياخه في بدر، فتمثل بأبيات ابن الزبعرى؛ وأضاف إليها إنكاره الوحي والنبوة فقال وهو ينكت ثنايا سيد شباب أهل الجنة بالقضيب:
ليـت أشيـاخـي ببـدر شـهــدوا           جـزع الخـزرج مـن وقـع الأسـل
لأهـلـوا واستهـلــوا فــرحـــاً             ثـم قـالــوا: يــا يــزيـد لا تشـل
قـد قتلنـا القرم مـن أشيـاخهـم           وعـدلـنــاه بـبــدر  فــاعـتــدل
لعـبـت هـاشـم بـالمـلـك فــلا              خـبـر جــاء ولا وحــي نــــزل
لست مـن خندف إن لـم أنتقـم            مــن بــنـي أحمـد مـا كان فعل([63])
وليراجع ما قاله قتادة لخالد القسري حول بدر([64]). وقتادة من أكابر محدثي البصرة، وهو مشهور ومعروف.

الشهداء من الأنصار:

ومع أن المهاجرين كانوا يمثلون خمس أو ربع الجيش الإسلامي في بدر، إلا أن الشهداء من المهاجرين كانوا بالنسبة إلى شهداء الأنصار بنسبة واحد إلى أقل من اثنين أو ثلاثة على اختلاف النقل، مع أن الأمر كان يجب أن يكون أكثر من ذلك بكثير إذا لوحظت الكمية العددية.

كلام للعلامة الطباطبائي حول آية التخفيف:


وللعلامة الطباطبائي «رحمه الله» كلام هام يرتبط فيما نحن فيه، لا بأس بإيراد موجز عنه، وهو:
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِن يَكُن مِّنكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ يَغْلِبُواْ أَلْفاً مِّنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ، الآنَ خَفَّفَ اللهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّئَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُواْ أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللّهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ، مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}([65]).
فعلل تعالى غلبة العشرين على المئتين بأن المئتين لا يفقهون، والعشرون يفقهون.
وذلك لأن المؤمنين إنما يقدمون عن إيمان بالله تعالى، وهذا الإيمان قوة لا تدانيها قوة؛ لأنه قائم على الفقه الصحيح، الموجب لتحليهم بكل السجايا الفاضلة، كالشجاعة، والشهامة، والجرأة، والاستقامة، والوقار، والطمأنينة، والثقة به تعالى، واليقين بأنه مقدم على إحدى الحسنيين: النصر أو الشهادة، وبأن الموت ليس فناء كما يعتقد الكفار، وإنما هو السعادة، والانتقال إلى دار البقاء.
أما الكفار: فيعتمدون على تسويل الشيطان، وهوى النفس. ولا تثبت النفس على هواها إلى حد تقبل الموت إلا فيما ندر.
ففقه المؤمنين، ومعه العلم والإيمان، هو السر في انتصارهم في بدر، وجهل الكفار ومعه الكفر والهوى هو الموجب لانهزامهم.
وأما بعد ذلك، وحيث زاد عدد المسلمين؛ فقد ضعفوا في القوة الروحية، بسبب قلة نسبة الفقه المشار إليه في الآية الأولى بقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ}([66]) وقلة الصبر المشار إليه في الآية الثانية بقوله تعالى: {وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}([67]).
وسبب هذا الضعف هو: أن كل جماعة أو فئة تسعى للوصول إلى هدف حيوي: دنيوياً كان أو دينياً.
فإنها في بادئ الأمر تشعر بالموانع، وتواجه المحن التي ترى أنها تتهدد وجودها وبنيتها، فتستيقظ هممها الدافعة للجهاد في سبيل هدفها المشروع عندها، ويهون عليها بذل أنفسها وأموالها في سبيله.
فإذا جاهدت وتقدمت نحو غاياتها، وصفا لها الجو بعض الصفاء، وكثر جمعها، فإنها تبدأ بالاستفادة من نتائج تضحياتها، وتتنعم وترتاح وتطمئن لجني ثمرات ما بذلته وقدمته.
وتبدأ قواها الروحية المحركة بالخمود.
وواضح: أنه مهما قلت أفراد تلك الجماعة، أو ذلك المجتمع، فإنهم ولا شك يكونون متفاوتين في درجات إيمانهم بهدفهم، وفي مستوى تفكيرهم ووعيهم، وفي سجاياهم بشكل عام.
وكلما كثر أفرادها كلما زاد فيهم ضعفاء الإيمان والمنافقون، والذين في قلوبهم مرض، ويتدنى مستوى القوى الروحية في متوسط الأفراد عموماً.
وقد أثبتت التجربة أنه كلما قلت أفراد الجماعة، وقوي خصومها ومنافسوها؛ وأحاطت بها المحن والفتن، فإنها تكون أكثر نشاطاً في العمل، وأحد في الأثر.
وكلما كثر أفرادها، فإنها تصير أكثر خموداً، وأقل تيقظاً، وأسفه حلماً.
وغزوات النبي «صلى الله عليه وآله» خير شاهد على ما نقول. فليقارن بين عدة وعدد، وظروف، وحالة المسلمين في غزوة بدر، وبين عدتهم وعددهم، وظروفهم في غيرها، وليقارن بين نتائجها، ونتائج غيرها، كأحد، والخندق، وخيبر، وحنين، وهي أقساها، حتى لقد قال تعالى:
{وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ} الآيات([68]).
وهكذا يتضح مفاد الآيات التي نحن بصددها، ولربما تشير إلى ذلك أيضاً الآية الثالثة المتقدمة، التي أشارت إلى أنهم رغبوا في الأسرى؛ لأنهم يريدون عرض الدنيا.
وإذا كانت الآيتان الأوليان متضمنتين لبيان طبع القوى الروحية في زمانين مختلفين، فلا مانع من نزول الآيتين دفعة واحدة، فإن وجود حكمين مختلفين في زمانين لا يوجب نزول الآية المتضمنة لأحدهما في زمان والمتضمنة للآخر في زمان آخر إذا كان ذلك الحكم حكماً طبعياً وليس حكماً تكليفياً.
ثم ذكر أيده الله: أن ظاهر التعليل في الآية الأولى بالفقه، وفي الثانية بالصبر مع كون المقاتل مؤمناً في الآيتين، يدل على أن الصبر يرجح الواحد في قوة الروح على مثليه، والفقه يرجحه على خمسة أمثاله، فإذا اجتمعا في واحد ترجح على عشرة أمثال نفسه([69]) والصبر لا يفارق الفقه، وإن جاز العكس([70]).

 

 

([1]) مغازي الواقدي ج1 ص102 و103، والكامل لابن الأثير ج2 ص118، والسيرة الحلبية ج2 ص183.
([2]) المناقب لابن شهر آشوب ج2 ص68.
([3]) نور القبس ص249.
([4]) أسد الغـابـة ج4 ص20 و21، وتـرجمـة الإمـام علي >عليه السلام< من تاريخ دمشق، بتحقيق المحمودي ج1 ص15، وإرشاد المفيد ص47، والمناقب لابن شهر آشوب ج3 ص121، والبحار ج19 ص282، وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج2 ص188، وتيسير المطالب ص50. والجذع: الأسد. والمذاكي: الخيل بعد مضي خمس سنين من عمرها، وضربه فأقعصه: أي قتله مكانه. ولم يصفح: أي لم يضرب بصفح السيف.
([5]) المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص20، والبحار ج19 ص292، والمرعبل: المقطع.
([6]) راجع: نهج الحق الموجود في ضمن دلائل الصدق ج2 ص353. ولم يعترض عليه ابن روزبهان بشيء.
([7]) الإرشاد ص43 و44، والبحار ج19 ص277 و316 عنه، وإعلام الورى ص77.
([8]) المناقب لابن شهر آشوب ج3 ص120، والبحار ج19 ص291.
([9]) راجع: تفسير القمي ج1 ص271، والبحار ج19 ص240 عن مجمع البيان.
([10]) لباب الآداب ص173.
([11]) نور الأبصار ص86.
([12]) مغازي الواقدي ج1 ص147 ـ 152.
([13]) راجع: سيرة ابن هشام ج2 ص365 ـ 372، وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص208 ـ 212.
([14]) شرح النهج للمعتزلي ج14 ص212، وابن هشام والواقدي وغيرهم.
([15]) المنمق ص456، والأغاني ط ساسي ج3 ص100.
([16]) سيرة ابن هشام ج2 ص368، والسيرة الحلبية ج2 ص145، وراجع نسب قريش لمصعب ص301.
([17]) مغازي الواقدي ج1 ص92، وسيرة ابن هشام ج2 ص289، ونسب قريش لمصعب ص176، والبداية والنهاية ج3 ص290، وتاريخ الخميس ج1 ص381، وحياة الصحابة ج2 ص333، والإصابة، والإستيعاب.
([18]) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص19.
([19]) جمهرة أنساب العرب ص144.
([20]) الشعر والشعراء ص348.
([21]) تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي ص20.
([22]) دلائل الصدق ج3 قسم1 ص56.
([23]) شرح النهج للمعتزلي ج14 ص144 و145، والإرشاد ص46.
([24]) محاضرات الأدباء للراغب الأصفهاني ج2 ص138.
([25]) راجع: فتح الباري ج7 ص234 و235، وصحيح البخاري هامش الفتح نفس الموضع، والكامل لابن الأثير ج2 ص29، وتاريخ الخميس ج1 ص386، والسيرة الحلبية ج2 ص82، وحياة الصحابة ج2 ص333 و334.
([26]) السيرة الحلبية ج2 ص82، وليراجع: مسند أحمد ج2 ص31 و38، وغير ذلك.
([27]) راجع: البخاري باب غزوة بدر، وليراجع: كلام المعتزلي في شرح النهج ج14 ص279.
([28]) راجع السيرة الحلبية ج2 ص82.
([29]) السيرة الحلبية ج2 ص61، وراجع: المصنف ج5 ص351.
([30]) سير أعلام النبلاء ج1 ص173، ومستدرك الحاكم ج3 ص195 و199، وتلخيص الذهبي (مطبوع بهامش المستدرك)، ومجمع الزوائد ج9 ص268، وحياة الصحابة ج1 ص571، وتاريخ الخميس ج1 ص164 و165.
([31]) روضة الواعظين ص87، والصراط المستقيم للبياضي ج1 ص277، وكنز الفوائد ج1 ص266، والغدير ج6 ص25 ـ 33 عن مصادر كثيرة جداً.
([32]) الإستيعاب هامش الإصابة ج1 ص273، والإصابة ج1 ص354، وراجع: البحار ج44 ص140، والمسترشد ص57.
([33]) الإصابة ج3 ص31، والسيرة الحلبية ج2 ص161.
([34]) السيرة الحلبية ج2 ص161.
([35]) راجع: سيرة ابن هشام ج2 ص337، والطبري في ذيل تاريخه ص157، والإستيعاب هامش الإصابة ج1 ص491، ونسب قريش لمصعب الزبيري ص394، والإصابة ج1 ص486، وطبقات ابن سعد ج3 ص119.
([36]) البداية والنهاية ج3 ص275 و276 عن البيهقي وعن النسائي في اليوم والليلة، وحياة الصحابة ج1 ص502 عنه وعن كنز العمال ج5 ص267 عن الحاكم، والبزار، وأبي يعلى والفريابي.
([37]) وفاء الوفاء ج2 ص448.
([38]) المصدر السابق.
([39]) الآيتان 43 و44 من سورة الأنفال.
([40]) الآية 48 من سورة الأنفال.
([41]) الآية 5 من سورة الأنفال.
([42]) سيرة ابن هشام ج2 ص233، والبخاري ج1 ص46 و57، وج2 ص107، وج4 ص135 و163، وسنن الدارمي ج2 ص224، وصحيح مسلم ج2 ص63 ـ 65، والجامع الصحيح ج4 ص123، وكشف الأستار ج1 ص44، = = وج3 ص147، وسنن النسائي ج1 ص209 و210، وج6 ص3، ومسند أحمد ج1 ص98 و301، وج2 ص222 و264 و268 و314 و366 و412 و455 و501 وج3 ص304، وج4 ص416، وج5 ص145 و148 و162 و248 و256، ومجمع الزوائد ج6 ص65، وأمالي الطوسي ص56.
([43]) سنن البيهقي ج8 ص176، وحياة الصحابة ج3 ص770 عنه.
([44]) مصنف عبد الرزاق ج11 ص241 وهذا يؤيد أنه قتل وهو منهزم كما يصرح به البعض.
([45]) نشوار المحاضرات ج3 ص100.
([46]) راجع: الكامل لابن الأثير ج2 ص126، وتاريخ الخميس ج1 ص380، وسيرة ابن هشام ج2 ص279، والبداية والنهاية ج3 ص277 عن مسلم وأحمد، وسنن البيهقي ج9 ص99، ومستدرك الحاكم مختصراً ج3 ص426، وحياة الصحابة ج1 ص424 عن بعض من تقدم.
([47]) راجع: مستدرك الحاكم ج3 ص208، والبداية والنهاية ج3 ص274 عن الشيخين، وسنن البيهقي ج9 ص167، وحياة الصحابة ج2 ص652 ـ 653= = عنهم، وعن كنز العمال ج5 ص273 و275، وج7 ص76، وعن ابن سعد ج3 ص68.
([48]) نسب قريش لمصعب الزبيري ص263، والإصابة ج3 ص35 عن الحاكم والبغوي، وابن سعد، والواقدي.
([49]) نسب قريش لمصعب ص156، والإصابة ج4 ص307.
([50]) الآيات 94 ـ 96 من سورة البقرة.
([51]) بلاغات النساء ص25 ط النهضة الحديثة، وأعلام النساء ج4 ص117.
([52]) الآية 12 من سورة الأنفال.
([53]) نهج البلاغة، الحكم رقم: 318.
([54]) راجع: المصنف ج5 ص456 و458 وغير ذلك.
([55]) شرح النهج للمعتزلي ج8 ص84 و85، وراجع ص87 و44.
([56]) شرح النهج  للمعتزلي ج8 ص88.
([57]) شرح النهج للمعتزلي ج8 ص44.
([58]) راجع: وقعة الحرة في تاريخ الأمم والملوك، والكامل في التاريخ، وغير ذلك.
([59]) مناقب الإمام أحمد ص235.
([60]) مستدرك الحاكم ج3 ص333 وتلخيصه للذهبي بهامش نفس الصفحة، وراجع مجمع الزوائد ج9 ص269، وحياة الصحابة ج2 ص487 و488 عمن تقدم.
([61]) وإذ كانت الضربات متوجهة إلى القائد المعصوم؛ فإنه يستطيع أن يتحمل، وأن يصمد، ويواجهها بالحكمة والروية وبما أوتيه من علم وعقل وصبر.
أما غيره فلربما يصعب عليه تحمل الصعاب، أو اتخاذ الموقف المناسب لتجاوزها؛ ولأجل هذا نجد النبي >صلى الله عليه وآله< كان يؤثر أن يكون علي >عليه السلام< هو المتعرض لقريش دون غيره.
([62]) معرفة الصحابة لأبي نعيم الورق22 مخطوط في مكتبة طوپ قپوسراي رقم1/497، وشرح النهج للمعتزلي ج9 ص22.
([63]) مقتل الحسين للمقرم ص449 و450، واللهوف ص75 و76.
([64]) البحار ج19 ص298 و300، وروضة الكافي ص111 ـ 113.
([65]) الآيات 65 ـ 67 من سورة الأنفال.
([66]) الآية13 من سورة الحشر.
([67]) الآية249 من سورة البقرة.
([68]) الآية25 من سورة التوبة.
([69]) قد يقال: إن مقتضى كلامه: أنهما لو اجتمعا رجح على سبعة أمثال نفسه. ونقول مقصوده رحمه الله أن الصبر يضاعف الخمسة التي نشأت عن الفقه. وهذا هوالأنسب والأوفق بظاهر الآيتين، لأن بالفقه يحصل الصبر وسائر السجايا. والصبر يرجحه على مثليه.
([70]) راجع: الميزان للعلامة الطباطبائي ج9 ص122 ـ125.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page