• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الأول: شخصيات وأحداث

تمهيد:

لقد لاحظنا الأحـداث التي بين بـدر وأحد، فوجدنـاهـا تنقسم إلى قسمين:
أحدهما: يسير في الاتجاه الشخصي بحسب الظاهر، بمعنى أنه يدور حول أحداث مرتبطة بشخصيات معينة، ولكنها في نهاية المطاف لا بد أن تؤثر على الجو العام، أو استفيد منها للتأثير فيه بنحو، أو بآخر.
الثاني: الأحداث التي تصب في سير الاتجاه العام مباشرة، كالحروب، والاغتيالات، ونقض العهود، وما شاكل.
ونحن نتحدث عن كلا القسمين، ونقدم الحديث عن القسم الأول فنقول: إن الحديث سوف يشمل البحوث التالية:
1 ـ وفاة رقية زوجة عثمان، والملابسات التي اكتنفت ذلك.
2 ـ زواج عثمان بأم كلثوم، ربيبة النبي «صلى الله عليه وآله».
3 ـ هجرة زينب، ربيبة النبي «صلى الله عليه وآله»، وما يرتبط بذلك.
4 ـ زواج أمير المؤمنين بالزهراء «عليهما السلام»: ظروفه وملابساته، ومناقشة بعض ما يذكر في ذلك. ويدخل في ذلك:
ألف: البحث حول أسطورة زواجه «عليه السلام» ببنت أبي جهل.
باء: البحث حول تأريخ تحريم الخمر.
والبحث في موضوع زواج علي «عليه السلام» وتوابعه نفرده في فصل مستقل سيأتي إن شاء الله تعالى.
5 ـ أم سلمة في بيت النبي «صلى الله عليه وآله».
6 ـ زواجه «صلى الله عليه وآله» بحفصة.
7 ـ زواجه «صلى الله عليه وآله» بزينب بنت خزيمة.
8 ـ سر تعدد زوجاته «صلى الله عليه وآله».
9 ـ ولادة الإمام الحسن «عليه السلام».
وتمر في خلال ذلك مناقشات لا بد منها لما قيل أو يقال، مما لا مجال لتجاهله والتجاوز عنه، فنقول:

1 ـ وفاة رقية:

قيل: إن رقية ربيبة النبي «صلى الله عليه وآله» قد توفيت في السنة الثانية من الهجرة النبوية الشريفة في شهر رمضان، يوم النصر ببدر.
وقيل: بل إن زيد بن حارثة جاء بشيراً بالنصر في حين كان عثمان واقفاً على قبرها يدفنها.
وقال النووي: إنها توفيت في ذي الحجة([1]).
ونحن نرجح: أنها توفيت بعد رجوعه «صلى الله عليه وآله» من بدر، وذلك استناداً إلى ما يلي:
1 ـ إن رواية: أن عثمان تخلف عن بدر ليمرضها محل شك، وذلك لما تقدم من تعيير عبد الرحمن بن عوف، وابن مسعود وغيرهما له بتخلفه عن بدر، فكيف خفي عليهم عذره، بل وفضله إذا كان «صلى الله عليه وآله» قد ضرب له بسهمه وأجره كما يقولون.
هذا عدا عن الرواية التي تقول: إنه تخلف لأنه كان مريضاً بالجدري. وقد تقدم كل ذلك وسواه في وقعة بدر، فلا نعيد.
2 ـ لقد ذكر النووي: أنها توفيت في شهر ذي الحجة بعد بدر([2]).
وذكر ابن قتيبة: أنها توفيت لسنة وعشرة أشهر وعشرين يوماً من مقدمه «صلى الله عليه وآله» المدينة([3]).
وهذا معناه: أنها توفيت في شهر محرم. وهو يعضد ما ذكره النووي آنفاً، وإن كان هذا أكثر دقة وتحديداً.
3 ـ لقد روى ابن سعد، وغيره: أنه «صلى الله عليه وآله» قال حينما توفيت رقية: الحقي بسلفنا عثمان بن مظعون، فبكت النساء على رقية، فجاء عمر بن الخطاب، فجعل يضربهن إلى أن قال: فقعدت فاطمة على شفير القبر تبكي، فجعل يمسح عن عينها بطرف ثوبه([4]).
وردَّ الواقدي هذه الرواية: بأن رقية قد توفيت، والنبي «صلى الله عليه وآله» غائب في بدر، فلعل المراد غير رقية، أو أنه «صلى الله عليه وآله» أتى قبرها بعد قدومه، وبكاء النساء عليها بعد ذلك([5]).
ولكن هذا لا يمكن قبوله، فإن الرواية الآنفة صحيحة السند، ويعضدها ما تقدم وما سيأتي.
وردها استناداً إلى ما شاع من تمريض عثمان لها، لأجل تأكيد ما استقر في نفوسهم من أنه «صلى الله عليه وآله» قد ضرب لعثمان بسهمه وأجره، ليس بأولى من العكس، مع وجود التهمة في مستندهم هذا، كما تقدمت الإشارة إليه في وقعة بدر.
4 ـ وقد جاء بسند صحيح على شرط مسلم، عن أنس: لما ماتت رقية بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، قال «صلى الله عليه وآله»: لا يدخل القبر رجل قارف أهله الليلة. فلم يدخل عثمان القبر([6]).
وفي لفظ آخر ذكره البخاري، عن أنس، قال: شهدنا دفن بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» ورسول الله «صلى الله عليه وآله» جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان، فقال: هل منكم من أحد لم يقارف الليلة؟ فقال أبو طلحة: أنا، فنزل في قبرها([7]).
وحكم جمع بأن ذكر رقية في الرواية وهم، أو خطأ، استناداً إلى ما تقدم من كون رقية قد توفيت، والنبي «صلى الله عليه وآله» في بدر([8]).
وجوابه كجواب سابقه. وليس هذا بأولى من العكس، بل العكس هو المتيقن، حسبما قدمنا آنفاً، وفي وقعة بدر.
والمراد بالمقارفة هنا: المجامعة، كما جزم به ابن حزم وغيره.

كلام ابن بطال وغيره:

وقد علق ابن بطال على حديث المقارفة هذا بقوله: «أراد النبي «صلى الله عليه وآله» أن يحرم عثمان النزول في قبرها.
وقد كان أحق بها؛ لأنه كان بعلها. وفقد منهم علقاً لا عوض منه؛ لأنه حين قال «عليه السلام»: «أيكم لم يقارف الليلة أهله» سكت عثمان، ولم يقل: أنا؛ لأنه كان قد قارف ليلة ماتت بعض نسائه، ولم يشغله الهم بالمصيبة، وانقطاع صهره من النبي «صلى الله عليه وآله» عن المقارفة؛ فحرم بذلك ما كان حقاً له، وكان أولى به من أبي طلحة وغيره، وهذا بين في معنى الحديث.
ولعل النبي «صلى الله عليه وآله» قد كان علم ذلك بالوحي؛ فلم يقل له شيئاً؛ لأنه فعل فعلاً حلالاً، غير أن المصيبة لم تبلغ منه مبلغاً يشغله، حتى حرم ما حرم من ذلك، بتعريض دون تصريح»([9]).
وقال ابن حبيب: «إن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان: أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة؛ فتلطف «صلى الله عليه وآله» في منعه النزول في قبر زوجته بغير تصريح»([10]).
وللعلامة الأميني ههنا كلام جيد ذكر فيه: أن النبي الداعي للستر على المؤمنين، والداعي للإغضاء عن العيوب، والناهي عن التجسس بنص القرآن العظيم عما يقع في الخلوات، يخرج هنا عن سجيته، ويخالف طريقته([11])، ويعرض بعثمان هذا التعريض الذي فضحه وحرمه مما هو حق له. الأمر الذي يدل على أن ما اقترفه عثمان كان أمراً عظيماً، لا مجرد كونه فعل أمراً حلالاً، ربما يكون قد اضطر إليه بسبب طول مرض زوجته، كما قد يحلو للبعض([12]) أن يعتذر؛ فإن ذلك لا يستدعي من النبي «صلى الله عليه وآله» أن يقف هذا الموقف الحازم([13]). انتهى ملخصاً.
ونقول:
لعل عثمان قد ارتكب في حق رقية ذنباً عظيماً جداً لم يستطع التاريخ أن يفصح لنا عنه، بل نجد نصاً في الكافي يقول: إن رقية لما قتلها عثمان، وقف النبي «صلى الله عليه وآله» على قبرها؛ فرفع رأسه إلى السماء، فدمعت عيناه، وقال للناس: إني ذكرت هذه وما لقيت؛ فرققت لها، واستوهبتها من ضمة القبر([14]).
ولعل مما يشير إلى ذلك، ما رواه في تقريب أبي الصلاح، عن تاريخ الثقفي: أن عثمان لما خطب، وقال: ألست ختن النبي على ابنتيه؟
أجابته عائشة: بأنك كنت ختنه عليهما، ولكن كان منك فيهما ما قد علمت([15]).
وبعد كل ما تقدم، فهل يمكن أن نصدق: أنه «صلى الله عليه وآله» قال: إنه لو كان عنده ثالثة، أو عشرة، أو أربعون أو.. لكان زوجها لعثمان؟!([16]).
أكاذيب وأباطيل:
والأكاذيب والأباطيل ههنا كثيرة، نشير منها إلى ما يلي:
1 ـ هناك رواية تقول: إنه بعد موت رقية، رأى النبي «صلى الله عليه وآله» عثمان مهموماً لهفان (أو أنه يبكي بكاء شديداً)؛ فسأله «صلى الله عليه وآله»؛ فقال: وهل دخل على أحد ما دخل عليَّ؟.
ماتت ابنة رسول الله التي كانت عندي، وانقطع ظهري، وانقطع الصهر بيني وبينك، فبينما هو يحاوره إذ قال النبي «صلى الله عليه وآله»: يا عثمان، هذا جبريل «عليه السلام» يأمرني عن الله أن أزوجك أختها أم كلثوم، على مثل صداقها، وعلى مثل عشرتها؛ فزوجه إياها([17]).
عجيب!! أوليس هذا النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه هو الذي حرم عثمان من الدخول في قبر رقية؛ لأنه رفث إلى جارية في نفس ليلة وفاتها؟!
أوليس عثمان هو الذي عيرته عائشة بأنه كان منه في رقية وأختها ما قد علم؟!.
أوليس هو الذي قتل رقية، حسبما جاء في رواية الكافي؟!.
2 ـ ورواية أخرى مفادها: أن أبا هريرة دخل على رقية، فأخبرته: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان عندها آنفاً، وسألها «صلى الله عليه وآله» كيف تجد عثمان، فقالت: بخير.
قال: أكرميه فإنه من أشبه أصحابي بي خلقاً([18]).
ونحن لا نزيد هنا على ما قاله الحاكم، وأيده الذهبي في تلخيصه: «هذا حديث صحيح الإسناد، واهي المتن، فإن رقية ماتت سنة ثلاث([19]) من الهجرة عند فتح بدر، وأبو هريرة إنما أسلم بعد فتح خيبر»([20]).
هذا مع غض النظر عن المناقشة الكبيرة في أن يكون عثمان من أشبه أصحابه به خلقاً؛ فإن المراجعة لسيرة عثمان وأخلاقه وسلوكه، لا يمكن أن تؤيد هذا بوجه من الوجوه، ونحيل القارئ إلى مورد واحد يكشف عن خلق عثمان، وهو قضيته مع عمار بن ياسر حين بناء المسجد..
هذا كله مع غض النظر عما ظهر منه أيام خلافته من أمور نقمها الصحابة عليه، حتى انتهى بهم الأمر إلى أن قتلوه من أجلها.
وثمة روايات أخرى حول عثمان وزواجه برقية وأم كلثوم، تعرض لها العلامة الأميني في الغدير، فمن أرادها فليراجعها([21]). فإنه رحمه الله قد جاء بما هو كاف وشاف، فجزاه الله خير جزاء وأوفاه.

كلمة أخيرة حول رقية وعثمان:

ويذكرون أخيراً: أن رقية كانت قبل عثمان متزوجة بابن أبي لهب، وقد فارقته بالطلاق.
وثمة رواية تقول: إن المبادرة للطلاق كانت من جانب آل أبي لهب، انتقاماً منها ومن أبيها، لأنها صبت إلى دينه. وهذه الرواية هي المعروفة.
ولكننا نجد في مقابل ذلك، رواية حسنة الإسناد تقول: إن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي طلب من عتبة طلاق رقية؛ وسألته رقية ذلك، فطلقها([22]).
ونحن وإن كنا لا نستغرب خبث نفوس آل أبي لهب، ولا يبعد أن تكون قد تعرضت عندهم للأذى، ولربما يستفاد ذلك من طلبها هي الطلاق، إلا أننا ربما نجد في هذه الرواية الثانية: دلالة على أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يسعى إلى أن لا يقر مسلمة مع مشرك، إن استطاع إلى ذلك سبيلاً.
ومهما يكن من أمر، فإن عثمان قد تزوجها بعد طلاق ابن أبي لهب لها.. ويظهر أن ذلك كان في الإسلام؛ كما تدل عليه الروايات المتقدمة([23]).
وإن كان البعض يحاول أن يدَّعي أنه تزوجها في الجاهلية([24]) ولكن ما تقدم يدفعه.
ويدفعه أيضاً أن ابن شهراشوب يذكر: أن عثمان قد عاهد أبا بكر أن يسلم إذا زوجه النبي «صلى الله عليه وآله» رقية([25])، وكانت رقية ذات جمال رائع([26])، ومن أحسن البشر([27]).
فلعل النبي «صلى الله عليه وآله» زوجه إياها تألفاً له على الإسلام، فأسلم.
ويكون معنى قولهم ـ وإن كان ذلك بعيداً ـ إنه كان قد تزوجها في الجاهلية: أنه تزوجها في جاهليته هو، ثم أسلم، وفاء بعهده لأبي بكر.
ولسوف يأتي بعض الكلام حول هذا أيضاً، حين الكلام عن زواج علي «عليه السلام» بفاطمة إن شاء الله.

2 ـ زواج عثمان بأم كلثوم:

قال البعض: إن عثمان قد تزوج بأم كلثوم في ربيع الأول من سنة ثلاث، وبنى بها في جمادى الآخرة([28]).
ولكن روي عن الصادق «عليه السلام»: أن أم كلثوم ماتت ولم يدخل بها عثمان([29]).
وكان أبو بكر وعمر قد خطبا أم كلثوم، فلم يزوجهما رسول الله «صلى الله عليه وآله»([30])، فلما ماتت رقية خطب عثمان حفصة بنت عمر، فأبى عمر أن يزوجه، فبلغ ذلك النبي «صلى الله عليه وآله»؛ فتزوج هو حفصة، وزوج عثمان أم كلثوم([31]).
وعن عائشة: أنه «صلى الله عليه وآله» جاء أم كلثوم بعد ثلاث، فسألها عن زوجها، فقالت: خير رجل.
فقال: أما إنه أشبه الناس بجدك إبراهيم، وأبيك محمد.
ونقول: إنه عدا عن الرواية المتقدمة المروية عن الإمام الصادق «عليه السلام»، التي ترفض أن يكون عثمان قد دخل بأم كلثوم؛ فإنهم أيضاً قد حكموا على خبر عائشة هذا بأنه: موضوع([32]).
هذا كله مع غض النظر عما تقدم، من أن أخلاق عثمان لم تكن توافق أخلاق رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأن الصحابة إنما قتلوه لأجل ذلك.
وأما سؤال: إنه كيف يزوجه أم كلثوم وهو قد عرف سوء معاملته لرقية؟
فسيأتي جوابه حين الكلام على تعدد زوجاته «صلى الله عليه وآله». ولسوف يأتي إن شاء الله في أواخر غزوة أحد بعض ما يتعلق بمعاملة عثمان لأم كلثوم، حين الكلام عن سبب وفاتها رحمها الله تعالى.

3 ـ هجرة زينب ربيبة النبي :

إنه بعد شهر من وقعة بدر كانت هجرة زينب ربيبة النبي «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة. حيث أرسل «صلى الله عليه وآله» زيد بن حارثة، وأنصارياً آخر ليأتيا بها. كما أن زوجها كان قد أمرها بأن تهاجر إلى أبيها، وفاء بالشرط الذي شرطه لها حينما أسر في بدر.
وخرج بها جهاراً ليسلمها إلى زيد؛ فأنف القرشيون خروجها من بينهم على هذه الحالة؛ فخرجوا في طلبها؛ فأدركوها بذي طوى؛ فسبق إليها هبار بن الأسود، فروعها بالرمح، وكانت حاملاً، فأهراقت الدم، ولما رجعت طرحت ذا بطنها.
وفي نص آخر: أنه دفعها، فسقطت على صخرة، فأسقطت، وأهراقت الدماء؛ فلم يزل بها مرضها حتى ماتت([33])؛ فبرك حموها كنانة بن الربيع، ونثل كنانته؛ وتهددهم، فتكركر الناس عنه، ففاوضه أبو سفيان؛ فكان مما قاله له:
«قد عرفت مصيبتنا ونكبتنا، وما دخل علينا من محمد أبيها؛ فيظن الناس إذا أنت خرجت بابنته جهاراً: أن ذلك عن ذل أصابنا، وأن ذلك منا وهن وضعف».
ثم طلب منه أن يرجعها إلى مكة، ثم يسلها سراً؛ فقبل منه ذلك، وعاد بها، ثم أخرجها ليلاً، وسلمها إلى زيد، فقدم بها على رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وفي نص آخر: أنه لما أرجعها بقيت عند هند بنت عتبة؛ فكانت تقول لها: هذا بسبب أبيك. فأرسل الرسول «صلى الله عليه وآله» زيد بن حارثة، ومعه خاتمه علامة لها، فأعطاه إلى راعي أبي العاص؛ فأوصله إليها، فسألته عن مكانه، ثم خرجت إليه ليلاً، فقدم بها على الرسول «صلى الله عليه وآله»([34]).
وفي عام الفتح أرجع الرسول «صلى الله عليه وآله» زينب إلى زوجها، كما سيأتي إن شاء الله.
وقد أهدر الرسول «صلى الله عليه وآله» دم هبار بن الأسود ورفيقه، بسبب ما جرى لزينب، كما ورد في رواية صحيحة على شرط السنن([35]). وكما هو معروف ومشهور.
وقبل أن نمضي في الحديث، لا بد من تسجيل النقاط التالية:

ألف: ما جرى لزينب، وما جرى لفاطمة عليها السلام:

قال ابن أبي الحديد المعتزلي: «قلت: وهذا الخبر أيضاً قرأته على النقيب([36]) أبي جعفر رحمه الله؛ فقال: إذا كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسلم أباح دم هبار بن الأسود، لأنه روع زينب؛ فألقت ذا بطنها؛ فظهر الحال: أنه لو كان حياً لأباح دم من روع فاطمة حتى ألقت ذا بطنها.
فقلت: أروي عنك ما يقوله قوم: إن فاطمة روعت؛ فألقت المحسن؟!.
فقال: لا تروه عني، ولا ترو عني بطلانه؛ فإني متوقف في هذا الموضع؛ لتعارض الأخبار عندي فيه»([37]).
وهكذا، فلقد خاف أبو جعفر: من أن يتعرض لما تعرض له غيره ممن يروي فضائل أمير المؤمنين، وأهل البيت «عليهم السلام» لقد خاف على نفسه، أو لا أقل على مكانته واعتباره ومستقبله العلمي. ولا سيما إذا كانت هذه الرواية تتضمن إباحة دم عدد من كبار الصحابة؟! الذين لبعض الناس فيهم حسن ظن وتعلق عاطفي، ومحبة ظاهرة.

ب: أين روايات إسقاط المحسن؟!:

وليت شعري، أين هي تلك الأخبار في إسقاط المحسن، التي قال عنها أبو جعفر: إنها موجودة ومتعارضة؟! فها نحن لا نجد لها عيناً ولا أثراً في كتبهم ومؤلفاتهم اليوم، إلا القليل مما هو من قبيل هذا التعبير الذي نحن بصدد الحديث عنه.
أليس ذلك يعني: أن هذه الأخبار قد أسقطت، وقضي عليها، كغيرها من الكثير مما رأوه يضر بمصالحهم وبعقائدهم؟! وإن كان قد بقي حتى الآن الكثير النافع، والقاطع لكل عذر، ولا مجال لأحد أن ينكره، أو أن يشكك فيه مما ليس فيه حرج بالغ، أو خزي فاضح.
ولأجل قضية إسقاط المحسن حرفوا كتاب: «المعارف» لابن قتيبة، فقد قال ابن شهراشوب المتوفى سنة 588 هـ :
«وفي معارف القتيبي: «أن محسناً فسد من زخم قنفذ العدوي»([38]).
وقال الكنجي الشافعي، المتوفى سنة 685 هـ‍: وزاد على الجمهور، وقال: إن فاطمة «عليها السلام» أسقطت بعد النبي ذكراً، كان سماه رسول الله «صلى الله عليه وآله» محسناً، وهذا شيء لم يوجد عند أحد من أهل النقل، إلا عند ابن قتيبة»([39]).
ولكن الموجود في كتاب المعارف لابن قتيبة، المطبوع سنة 1353 ه‍. صفحة 92 هكذا: «وأما محسن بن علي؛ فهلك وهو صغير». وهكذا في سائر الطبعات المتداولة الآن، فلماذا هذا التحريف، وهذه الخيانة للحقيقة وللتاريخ يا ترى؟!([40]).
ونسب المقدسي: إسقاط فاطمة لمحسن بسبب ضرب عمر لها إلى الشيعة([41]). وهو الذي يظهر من الذهبي والعسقلاني أيضاً([42]).
ولكن النظَّام قد أعلن رأيه في هذه القضية بشكل جعل من الصعب على الشهرستاني تجاهله، فقال عن النظام، إنه قال: «إن عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة، حتى ألقت الجنين من بطنها، وكان يصيح: أحرقوا دارها بمن فيها»([43]).
وذكر البغدادي قول النظام بضرب عمر لفاطمة، وترك التصريح بأنها أسقطت جنينها([44]).

ج: عروة يتنقص فاطمة عليها السلام، وموقف السجاد نه:

وقد روى عروة بن الزبير ما جرى لزينب، عن عائشة، وفي آخر كلامها العبارة التالية: «فكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: هي أفضل بناتي، أصيبت فيَّ.
قال: فبلغ ذلك علي بن الحسين زين العابدين؛ فأتى عروة، فقال: ما حديث بلغني عنك أنك تحدثه، تتنقص فيه حق فاطمة؟!
فقال عروة: ما أحب أن لي ما بين المشرق والمغرب: أن أتنقص فاطمة حقاً هو لها، وأما بعد، فلك أن لا أحدث به أبداً»([45]).
لقد كان لا بد لعروة من إنكار: أنه كان يتنقص فاطمة، ولو بأن يجعل المسؤولية تتوجه إلى عائشة نفسها؛ لأن تنقص فاطمة «عليها السلام» علناً، معناه الكفر الصريح، وتكذيب القرآن ولم يكن ذلك مقبولاً، ولا مستساغاً عند عامة المسلمين، رغم الدعايات الواسعة التي حاولت الحط من كرامة وشأن أهل البيت، وتعظيم ورفع أعدائهم ومناوئيهم.
ولا نريد أن نزيد هنا شيئاً على موقف السجاد «عليه السلام»، فإنه قد أوضح لنا بما لا مجال معه للشك المرمى والهدف من روايتهم تلك. وقام «عليه السلام» ليؤدي رسالته في نصرة الحق وأهله.

مع الطحاوي في تمحلاته:

ولكن ما يلفت نظرنا هنا هو: أن الطحاوي يحاول أن يؤكد على صحة ما كذبه الإمام السجاد «عليه السلام»، وأن يجد له التأويل والمخرج، حتى لقد حكم بأن تفضيل زينب على سائر بناته «صلى الله عليه وآله» إنما هو حينما كانت فاطمة «عليها السلام» صغيرة، ولم تكن بهذه المنزلة، ثم وفقت فاطمة إلى الأعمال الصالحة، وما وهب لها من الذرية؛ فصارت أفضل([46]).
ونقول:
إن ما نعرفه: هو أن فاطمة إنما فضلت على نساء العالمين بنفسها، وبعملها، وجهادها هي، لا بما وهب لها من الذرية؛ فإن مجرد أن يكون للإنسان ذرية صالحة لا يجعل له امتيازاً، ما لم يكن هو بنفسه شريفاً وكريماً وفاضلاً، فإن أكرمكم عند الله أتقاكم.
كما أننا نعرف: أن الطحاوي نفسه يذكر: أن فاطمة لم تكن حينئذٍ صغيرة، لأنه يقول: إنها توفيت وعمرها 25 سنة([47])،مما يعني أن عمرها كان حين هجرة زينب 17 سنة.
والغريب هنا أنه يقول: إن كون فضل عائشة على النساء، كفضل الثريد على سائر الطعام، لا ينافي فضل فاطمة، لأنه يجوز أن يكون ذلك قبل بلوغ فاطمة([48])، مع أنه هو نفسه يقول: إن فاطمة كانت أكبر من عائشة بسبع سنين، لأن النبي توفي وعمر عائشة 18 سنة عنده، وكان عمر فاطمة 25 سنة عنده (وقد قدمنا نحن أن العكس هو الصحيح، فراجع مباحث أول من أسلم، حول سبق عائشة إلى الإسلام، ومباحث العقد على عائشة، وانتقالها إلى بيت النبي «صلى الله عليه وآله»..).
ثم أليس البلوغ هو بلوغ تسع سنين؟
وقد كان عمر فاطمة يزيد حينئذٍٍ على تسع سنين على جميع الأقوال؟!.
كما أن آية التطهير قد نزلت بعد هجرة زينب بحوالي سنتين فقط، وقد شملت فاطمة دون زينب وعائشة.
وعلى كل حال، فإننا لا نستغرب على الطحاوي ولا على غيره هذه التناقضات والغرائب، فإنما هي «شنشنة أعرفها من أخزم».

مصاب فاطمة عليها السلام:

وبعد، فإن ما أصاب فاطمة بعد وفاة أبيها «صلى الله عليه وآله» قد زاد على كل مصائب من سواها من النساء، فقد ضربت «عليها السلام»، وأسقط جنينها، وهجموا على بيتها ليحرقوه، وقد بقي أثر الضرب في كتفها كمثل الدملج إلى أن توفيت.
ويذكر ابن سعد أنها أوصت أن لا يكشف كتفها([49]).
وقد روي قول الإمام الحسن «عليه السلام» للمغيرة بن شعبة: أنت ضربت أمي فاطمة حتى أدميتها، وألقت ما في بطنها استذلالاً منك لرسول الله «صلى الله عليه وآله»([50]).
ثم منعوها من البكاء على أبيها «صلى الله عليه وآله»، إلى الكثير الكثير من الظلم الذي حاق بها بشتى أنواعه.
وهكـذا يتضح: أنهم قـد انتقموا لأنفسهم شـر انتقـام، ولعـل رده لهما ـ حين خطباها ـ قد ترك هو الآخر آثاره على نفسية هؤلاء الناس، ورحم الله الذي يقول:
تـلـك كـانت حـزازة لـيس تـبـرا حـين رُدَّا عنـهــا وقــد خطبـاهـا

4 ـ أم سلمة في بيت النبي :

وفي شوال السنة الثانية بعد بدر([51]) وقيل: قبل بدر([52])، وقيل: في شوال السنة الرابعة([53]) تزوج الرسول «صلى الله عليه وآله» بأم سلمة، أفضل نساء النبي «صلى الله عليه وآله» بعد خديجة، وأول مهاجرة إلى الحبشة مع زوجها أبي سلمة، وعادت إلى مكة ثم كانت أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة أيضاً([54]).
ونحن نرجح: أنها دخلت بيت النبي «صلى الله عليه وآله» كزوجة له في السنة الثانية، وقد حضرت زفاف علي بفاطمة «عليهما السلام» الذي جرى في ذي الحجة من السنة الثانية، وذلك لما ذكرناه فيما يأتي، حين الكلام حول حضور أم سلمة زواج فاطمة «عليها السلام»، فليراجع ما ذكرناه هناك.
وعلى كل حال، فقد خطب أم سلمة أولاً أبو بكر، فردته، ثم خطبها عمر فردته؛ ثم خطبها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقالت: مرحباً برسول الله الخ..([55]) وذكرت له أنها غيرى، وأنها مصبية([56])، فرد النبي «صلى الله عليه وآله» كلا عذريها، وتزوجها.

عمر أم سلمة حين الزواج:

والظاهر أنها حين تزوجها رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم تكن قد بلغت الخامسة والعشرين من عمرها، لأنهم يقولون: إنها توفيت في أوائل خلافة يزيد لعنه الله، سنة اثنين وستين، ولها أربع وثمانون سنة([57]) فيكون عمرها حينما هاجرت إلى الحبشة حوالي 15 سنة.

الكمال والجمال:

وعذر أم سلمة المتقدم لرسول الله «صلى الله عليه وآله» بأنها تغار، وبأنها مصبية، يدل على كمال عقلها، وحسن أدبها، وعلى أنها كانت تحسب للعواقب حسابها، فإن غيرتها لربما توقعها فيما لا تحب، وتكون سبباً في أذى النبي، أو عدم راحته. وكونها مصبية لربما يعيقها عن القيام بواجباتها تجاه رسول الله «صلى الله عليه وآله» على النحو الأكمل والأفضل.
وقد كانت أم سلمة موصوفة بالجمال البارع، والعقل الراجح، والرأي الصائب([58]).
وكانت من أجمل الناس([59]).
ولأجل ذلك نجد عائشة تقول: لما تزوج رسول الله «صلى الله عليه وآله» أم سلمة حزنت حزناً شديداً؛ لما علمت من جمالها، فتلطفت حتى رأيتها؛ فرأيت والله أضعاف ما وصفت من الحسن والجمال، فذكرت ذلك لحفصة، وكانتا يداً واحدة إلخ([60]).
ثم ذكرت أن حفصة قد حاولت التخفيف من هموم رفيقتها في هذا المجال.
ولكن الظاهر: أن ذكر حفصة هنا كان في غير محله، لأن الظاهر أنه «صلى الله عليه وآله» قد تزوجها بعد أم سلمة كما سيأتي. فلا بد أن تكون قد ذكرت لها ذلك، حين لم تكن حفصة زوجة له «صلى الله عليه وآله»، أو أن غير حفصة هي صاحبة القضية مع عائشة.
وثمة موارد أخرى تدخل في هذا المجال، ذكرها ابن سعد في طبقاته وغيره لا مجال لإيرادها.

أم سلمة على العهد:

لقد كانت أم سلمة خير زوج لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وبقيت بعده على العهد، لم تغير ولم تبدل، وقرت في بيتها كما أمرها الله، وناصرت وصي رسول الله، وعادت أعداءه ومحاربيه، حتى ليذكر البيهقي: أن عائشة دخلت على أم سلمة بعد رجوعها من وقعة الجمل، وقد كانت أم سلمة حلفت ألا تكلمها أبداً، من أجل مسيرها إلى محاربة علي بن أبي طالب.
فقالت عائشة: السلام عليك يا أم المؤمنين.
فقالت: يا حائط، ألم أنهك؟ ألم أقل لك؟!
قالت عائشة: فإني أستغفر الله وأتوب إليه، (كيف تتوب إليه، وهي عندما جاءها نعي علي أعتقت غلامها، وأظهرت الشماتة، وتكلمت بالكلام السيء في حقه «عليه السلام»)([61]) كلميني يا أم المؤمنين.
قالت: يا حائط، ألم أقل لك؟! ألم أنهك؟!
فلم تكلمها حتى ماتت إلخ([62]).
ولأم سلمة كلام قوي واجهت به عائشة بعد حرب الجمل وقبلها. ولها كتاب إلى علي «عليه السلام» حول خروج عائشة وإرسال ابنها سلمة إلى علي ليحارب معه عدوه، فليراجع ذلك من أراده([63]).
وبالمناسبة فإن ابن أم سلمة الذي أرسلته إليه اسمه «عمر»، وقد كان والياً لأمير المؤمنين «عليه السلام» على فارس والبحرين؛ وكان معه يوم الجمل([64]).

وفاة أم سلمة:

وقد كانت أم سلمة رحمها الله آخر نسائه «صلى الله عليه وآله» وفاة. فقد توفيت في خلافة يزيد لعنه الله تعالى.
ولا يصح قول البعض كالواقدي وغيره([65]): إنها توفيت سنة تسع وخمسين، وصلى عليها سعيد بن زيد، أو أبو هريرة([66]).
نعم، لا يصح؛ وذلك للأمور التالية:
أولاً: إن سعيد بن زيد قد توفي في سنة خمسين، أو إحدى وخمسين([67]) فكيف يكون قد صلى على أم سلمة التي توفيت بعد ذلك ـ كما صرح به هو نفسه ـ بسنوات؟
وأما أبو هريرة، فإنه توفي سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين، فبالنسبة للقولين الأولين لا ريب في أنه قد توفي قبلها، وأما بالنسبة للأخير، فيبقى الأمر محتملاً؛ ولسوف يندفع هذا الاحتمال من خلال الأدلة التالية.
وثانياً: إننا لا نرتاب في أن أم سلمة قد توفيت في خلافة يزيد، وذلك استناداً إلى ما يلي:
1 ـ إن من المعروف والثابت، أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أودع عند أم سلمة قارورة فيها من تراب كربلاء، فإذا رأتها فاضت دماً؛ فقد قتل الحسين «عليه الصلاة والسلام».
وهكذا كان، فقد عرفت استشهاد الإمام الحسين «عليه السلام»، حينما فاضت هذه القارورة دماً([68]).
قال ابن كثير: «والأحاديث المتقدمة في مقتل الحسين تدل على أنها عاشت إلى ما بعد مقتله»([69]).
2 ـ روى الطبراني بسند رجاله ثقات: أنها رحمها الله توفيت زمن يزيد بن معاوية سنة اثنتين وستين([70]).
3 ـ وقال الذهبي: إنها عمرت حتى بلغها مقتل الحسين الشهيد؛ فوجمت لذلك، وغشي عليها، وحزنت عليه كثيراً، ولم تلبث بعده إلا يسيراً، وانتقلت إلى الله تعالى([71]).
4 ـ عن شهر بن حوشب، قال: أتيت أم سلمة أعزيها بالحسين([72]).
5 ـ رأت أم سلمة النبي «صلى الله عليه وآله» في المنام، وأخبرها بأن الحسين «عليه السلام» قد قتل([73]).
6 ـ قالوا: وقد روي بسند رجاله رجال الصحيح: أنها سمعت الجن
تنوح على الحسين «عليه السلام»([74]).
7 ـ عن شهر بن حوشب، قال: سمعت أم سلمة [تقول] حين جاء نعي الحسين بن علي، لعنت أهل العراق؛ فقالت: قتلوه، قتلهم الله إلخ.. ثم تذكر حديث الكساء([75]).
8 ـ وروى مسلم في صحيحه: أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة، وعبد الله بن صفوان، دخلا على أم سلمة في خلافة يزيد بن معاوية؛ فسألا عن الجيش الذي يخسف به. وكان ذلك حين جهز يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة بعسكر الشام إلى المدينة، فكانت وقعة الحرة سنة ثلاث وستين([76]).
وأخيراً، فإن من الذين قالوا بوفاتها في خلافة يزيد: الذهبي ـ كما تقدم ـ ورجحه ابن كثير كما تقدم أيضاً، وابن أبي خيثمة، وابن حبان، وأبو نعيم، واليافعي، وابن عساكر، وصححه([77])، وغيرهم.
ولعل الهدف من الإصرار على أنها قد توفيت سنة تسع وخمسين، هو تكذيب تلك الفضيلة التي ثبتت للإمام الحسين «عليه السلام»، والتي تظهر بشاعة وفظاعة تلك الجريمة التي ارتكبها يزيد، ومن معه من الأمويين وأذنابهم.

5 ـ حفصة في بيت النبي:

وفي السنة الثالثة، وقال أبو عبيدة في الثانية، في شهر شعبان، عقد النبي «صلى الله عليه وآله» على حفصة بعد انقضاء عدتها، بعد وفاة زوجها السابق خنيس بن حذافة، المقتول في بدر، أو أحد، أو بعدها.
والأرجح الأول؛ أي أنه «صلى الله عليه وآله» قد عقد عليها في السنة الثالثة، لأن بعض الروايات تصرح بأن عمر قد عرض حفصة على عثمان «متوفى رقية بنت النبي»([78]).
ورقية إنما توفيت بعد بدر، أو في ذي الحجة ـ كما تقدم وهو الذي رجحناه.
وتقول بعض الروايات: إن عمر عرض حفصة على عثمان وأبي بكر، فلم يجيباه إلى ما طلب، فشكا ذلك إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال له: إن الله عز وجل قد زوج عثمان خيراً من ابنتك، وزوج ابنتك خيراً من عثمان.
وهذه الرواية وإن كانت صريحة في أن أم كلثوم أفضل من حفصة، وتلقي ظلالاً من الشك حول ما ينسب إلى حفصة من الفضل، بالإضافة إلى أن سيرة حياتها وسلوكها مع النبي «صلى الله عليه وآله» وبعده، تجعل الباحث يميل إلى ضد ذلك الذي ينسبه محبوها إليها.
إلا أننا نجد: أن عرض عمر ابنته على أبي بكر، وعثمان، غير مألوف، ولا معروف من الآباء، ولا ينسجم مع طبيعة العربي، وغروره، وحساسيته تجاه قضايا المرأة بشكل خاص، وبالأخص من قبل عمر، الذي أظهر حساسية متميزة في هذا المجال، حتى لقد حرم زواج المتعة، الذي لم يكن معروفـاً ولا مألوفـاً في الجاهلية، ولـذا فنحن نـرى أن الروايـة الأصوب والأقرب هي التي تقول:
«لما توفيت رقية خطب عثمان ابنة عمر حفصة؛ فرده، فبلغ ذلك النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال: يا عمر، أولا أدلك على خير من عثمان؟، وأدل عثمان على خير له منك؟!
قال: نعم يا نبي الله.
قال: تزوجني ابنتك، وأزوج عثمان ابنتي، خرجه الخجندي»([79]).
ويلاحظ: أنه لم يذكر في هذه الرواية: أن الله قد زوجه حفصة، وزوج عثمان أم كلثوم.
وعدم ذكره هو الأقرب للصحة؛ فإن زينب بنت جحش كانت تفتخر على نساء النبي بأن الله هو الذي زوجها، أما هن فزوجهن أولياؤهن.
ولو كان الله قد زوج حفصة حقاً لم يكن لكلام زينب هذا مجال، ولاعترض عليها نساء النبي «صلى الله عليه وآله» في ذلك.
وهكذا، فإن الشواهد تتضافر على تأييد هذه الرواية الأخيرة. ولسوف يأتي أيضاً كلام مهم آخر عن زواجه «صلى الله عليه وآله» من حفصة، حين الكلام عن سر تعدد زوجاته «صلى الله عليه وآله».

6 ـ زينب بنت خزيمة في بيت النبي :

وفي شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة، وبعد تزوجه «صلى الله عليه وآله» بحفصة، تزوج «صلى الله عليه وآله» بزينب بنت خزيمة وماتت بعد شهرين، أو ثلاثة من اقترانها به، فهي أول زوجاته «صلى الله عليه وآله» موتاً بعد خديجة «صلوات الله وسلامه عليها».
وقبل أن نمضي في الحديث لا بأس بأن نتوقف قليلاً لنلقي نظرة، ولنتأمل في الدوافع التي دعت النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» إلى تكثير زوجاته؛ فنقول:

سر تعدد زوجاته:

الاتهام الباطل:
قد يحلو لبعض المغرضين والحاقدين: أن يسجل على رسول الإسلام الأعظم «صلى الله عليه وآله» ملاحظة غير واقعية، تتلخص في أنه «صلى الله عليه وآله» إنما تزوج عدة نساء استجابة لرغبة جنسية جامحة، كان يعاني منها.
ولكننا، إذا درسنا هذه الناحية بعمق ووعي، فإننا نخرج بنتيجة حاسمة تعطينا: أن هذا الكلام محض خيال زائف، ليس له منطق يساعده، ولا دليل يعتمد عليه، وذلك بملاحظة ما يلي:
1 ـ إن حب الرجل للمرأة أمر طبيعي، ولقد كان النبي «صلى الله عليه وآله» رجلاً إنساناً؛ فطبيعي أن يميل إلى المرأة، ويشعر بالمتعة معها. ولكن أول ما يطالعنا في هذا المجال في حياته «صلى الله عليه وآله»، هو أننا نلاحظ: أن أكثر زوجاته «صلى الله عليه وآله» كن ثيبات: إما مطلقات، أو ترملن من أزواجهن قبله «صلى الله عليه وآله».
فلو كان «صلى الله عليه وآله» يهتم بأمور الجنس؛ لكان باستطاعته أن يتزوج خيرة الفتيات الأبكار؛ ولوجد أولياءهن يفتخرون بمصاهرته لهم. وهو الذي حث وحبذ وأثنى على الزواج بالأبكار، ورغب فيه بشكل واضح وملموس.
2 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» وهو في مكة بقي 25 سنة مع زوجته خديجة، المرأة الوفية، التي كانت تكبره سناً، كما يقولون.
ولم يتزوج عليها في حياتها أحداً، مع أن تعدد الزوجات كان مألوفاً لدى الناس آنئذٍ.
3 ـ إننا نجده يرفض عرض قريش عليه التزويج بأي النساء شاء، في مقابل أن يلين في موقفه، ويخفف من مواجهته لآلهتهم وعقائدهم.
4 ـ وملاحظة رابعة نضيفها وهي: أن نساءه «صلى الله عليه وآله» كن على كثرتهن من قبائل شتى، لا تكاد تجد منهن اثنتين من قبيلة واحدة، إلا من اللواتي لم يدخل بهن.
5 ـ ثم إن جميع زوجاته باستثناء خديجة، إنما دخلن بيت الزوجية عنده حينما كان في المدينة المنورة، أي بعد أن تجاوز سن الخمسين، وبعضهن تزوجهن «صلى الله عليه وآله» قبل وفاته بمدة قليلة.
6 ـ وأيضاً، فإن هذا التعدد لم يشغل النبي «صلى الله عليه وآله» عن واجباته، ولا أخرجه عن اتزانه، ولا طغى على وقته ونشاطه، وتاريخ حياته «صلى الله عليه وآله» يشهد: بأنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن يهتم بهذه الأمور، بل كان مثال العفاف والطهر البالغ، ولم يلوث نفسه بأي مما كانت الجاهلية تبيحه، وتشيع في مجتمعه ممارسته، ولم يستطع أحد من أعدائه أن يصمه بشيء من ذلك.
7 ـ وأخيراً، فإن ما يجب الالتفات إليه هو: أنه «صلى الله عليه وآله» قد خيّر زوجاته بين الرضا بحياة التقشف معه، وبين الطلاق والفراق، فلو كان زواجه بهن بسبب طغيان الغريزة الجنسية لديه، لكان يجب أن يحتفظ بهن في جميع الأحوال، ولا يفرط بهن لمجرد حبه لحياة التقشف والزهد.
فهل استيقظ فيه «صلى الله عليه وآله» الشعور الجنسي في المدينة بالذات، وبعد شيخوخته، وفي أواخر عمره؟!
وهل استيقظ هذا الشعور على خصوص النساء اللواتي ترملن؟ أو طلقهن أزواجهن؟!.
أو هل أراد حقاً أن يتذوق نساء القبائل المختلفة في الجزيرة العربية؟!.
ولماذا اختص ذلك بالعربية دون غيرها؟!.

الدوافع الحقيقية:

وبعدما تقدم، فإننا إذا أردنا أن نجيب على التساؤل حول السبب في كل ذلك، ودوافعه، وآثاره، فإننا نقول:
إن زواجه «صلى الله عليه وآله» المتعدد هذا، قد كان لدوافع سياسية، وأحكامية، وإنسانية؛ وانطلاقاًَ من مصلحة الإسلام العليا.
وتوضيح ذلك قدر الإمكان يكون في ضمن النقاط التالية:
1 ـ إن بعض موارد ذلك الزواج كانت دوافعه إنسانية بحتة، لكون تلك المرأة قد أسلمت وهاجرت، ثم توفي أو قتل عنها زوجها، ولا سبيل لها إلى الرجوع إلى أهلها المشركين؛ لأنها لا تستطيع أن تقاوم ضغوطهم النفسية والمادية عليها.
هذا إن لم تتعرض للتعذيب الجسدي الوحشي، فيما لو أرادت أن تحتفظ بدينها وعقيدتها فيما بينهم، ولا معيل ولا كفيل لها في هذا المجتمع الجديد، كما كان الحال بالنسبة لسودة بنت زمعة التي كانت مسنة، ويزيد عمرها على الخمسين عاماً، وكذا الحال بالنسبة لزينب بنت خزيمة.
هذا بالإضافة إلى أن تأيمها سيطلق الألسنة والأهواء في حقها وفي اتهامها، ويجعلها تتعرض لضغوط، وحتى إلى إغراءات، ربما لا تناسبها ولا تناسب موقعها ومصيرها في هذا المجتمع الغريب عنها. هذا إن لم يؤد ذلك إلى أزمات نفسية، وحتى قبلية لا مبرر لها.
فخير كافل، وخير معين، وحافظ وولي لها، هو النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»، إلا إذا وفق الله وتزوجها بعض خيار أصحابه «صلى الله عليه وآله»، حين يكون ثمة من يقدم على ذلك.
2 ـ إن زواجـه «صلى الله عليه وآله» بجويريـة قد نشأ عنه: ـ كما يقولون ـ أن يطلق المسلمون مئة أهل بيت، وعند دحلان مئتين من الأسرى من قبيلتها، فأسلم من قومها خلق كثير، على حد تعبير المؤلفين في السيرة النبوية([80]).
وسيأتي ذلك إن شاء الله مع مصادره في جزء آت من هذا الكتاب. فهذا نوع من التأليف للناس على الإسلام، والترغيب فيه، كما كان «صلى الله عليه وآله» يتألفهم بطرق أخرى كبذل المال لهم، وتزويجهم، وتوليتهم بعض الأمور، وغير ذلك.
بل نجد عمرو بن العاص يذكر لنا نوعاً من التأليف لم يكن يخطر على بالنا ؛ يقول عمرو: «كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقبل بوجهه وحديثه على أشر القوم، يتألفهم بذلك، فكان يقبل بوجهه وحديثه علي، حتى ظننت أني خير القوم..».
ثم ذكر أنه سأل النبي «صلى الله عليه وآله» عن نفسه، وفلان، وفلان، فأخبره: أنهم أفضل منه، فيقول عمرو: «فلوددت أني لم أكن سألته»([81]).
3 ـ إن زواجه بزينب بنت جحش قد كان لضرورة اقتضاها التشريع، حيث إنه «صلى الله عليه وآله» كان قد تبنى زوجها زيد بن حارثة، وكان العرب يعتقدون: أن آثار التبني هي نفس آثار البنوة الحقيقية، فيحل له، ويحرم عليه، ويرث، ويعامل ـ تماماً ـ كالابن الحقيقي بلا فرق.
ولم يكن مجال لقلع هذا المفهوم الخاطئ إلا بالإقدام على عمل أساسي لا مجال للريب، ولا للتأويل فيه. فكان زواج النبي «صلى الله عليه وآله» من زوجة ابنه بالتبني هو الوسيلة الفضلى لقلع هذا المفهوم الخاطئ من أذهانهم، وهكذا كان.
4 ـ لقد جاء الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» لهداية الناس وإرشادهم، ولا بد لهم من الإيمان به، والتسليم لأمره ونهيه. بل لا بد أن تكون له مكانة ومحبة في نفوسهم تزيد على محبتهم لكل شيء آخر، حتى المال، والولد، والنفس، بنص القرآن الكريم:
{قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ الله وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}([82]).
ولكن، وبعد أن اضطر «صلى الله عليه وآله» إلى مواجهتهم بالحرب، وقهرهم، وتمكن من السيطرة عليهم، صار بين كثير من القبائل التي كان عدد من زوجاته «صلى الله عليه وآله» ينتمي إليها، وبين المسلمين، والنبي «صلى الله عليه وآله» على رأسهم، حروب وقتلى، وكان لقضية الثار والدم عند العربي أهمية خاصة، كما ألمحنا إليه من قبل.
نعم، بعد ذلك كله، مست الحاجة إلى اتباع أساليب كثيرة من أجل تأليفهم وإيجاد علائق من نوع معين، تفرض عليهم، أو على الأقل على الكثيرين منهم ـ والنبي «صلى الله عليه وآله» يهمه حتى الفراد الواحد ـ: أن يرتبطوا به، ويتعاملوا معه تعاملاً واضحاً، ومن موقع الثقة المتبادلة. ويقطع الطريق عليهم في أي موقف سلبي منه، ومن دعوته.
وبعد أن يتمكن من شحنهم روحياً وعقائدياً، يكون قد مهد الطريق للقضاء على الأحقاد والإحن، ليمكن ـ من ثم ـ العمل يداً واحدة من أجل هدف واحد، وفي سبيل واحد.
ولهذا نجده «صلى الله عليه وآله» يتحمل من بعض تلك النسوة أذى كثيراً، ويواجه صعوبات جمة معها، ولكنه لا يبادر إلى قطع العلاقة معها نهائياً، لأنه يتعامل مع زوجاته من موقعه السياسي الحرج، لا من جو بيت الزوجية([83]).
5 ـ وكشاهد على ما تقدم نذكر: أن زواجه «صلى الله عليه وآله» بحفصة مثلاً كان ـ على ما يظهر ـ زواجاً سياسياً؛ ويمكن أن يتضح ذلك من كلام أبيها عمر لها، حين طلقها النبي «صلى الله عليه وآله»، وأراد طلاقها مرة ثانية، حينما تظاهرت هي وعائشة عليه «صلى الله عليه وآله»، واعتزلهما، فقد قال عمر لابنته:
«والله، لقد علمت: أن رسول الله لا يحبك، ولولا أنا لطلقك رسول الله صلى الله عليه وآله»([84]).
كما ويرى البعض: أنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن يساوي بين أبي بكر وعمر من جهة المصاهرة لكل منهما([85]).
ومعنى كلامه هذا هو أن الدافع للزواج بحفصة كان سياسياً، وليس هو الرغبة الجنسية الجامحة، كما يدعون.
وكذا الحال بالنسبة لزواجه بعائشة، حيث تزوجها من أجل الاحتفاظ بولاء أبيها وأبنائه إلى جانبه.
وحينما طلق رسول الله «صلى الله عليه وآله» حفصة في المرة الأولى، حثا عمر على رأسه التراب، وقال ما يعبأ الله بعمر، وابنته بعدها، فراجعها النبي، رحمة لعمر([86]).
فهذا الموقف الشديد لعمر من طلاق ابنته، جعل النبي «صلى الله عليه وآله» يضطر إلى مراجعتها من جديد!!
وقد ذكرها عمر بهذا الأمر حينما أراد «صلى الله عليه وآله» طلاقها في المرة الثانية فقال: «إنه قد كان طلقك مرة، ثم راجعك من أجلي» أو قال: إن النبي طلقك وراجعك من أجلي، أو نحو ذلك([87]).
وبعدما تقدم يتضح: أنه لا يصح قولهم: إنه «صلى الله عليه وآله» إنما راجعها، لأن جبرائيل أمره بمراجعتها، لأنها صوامة قوامة([88]).
خصوصاً وأن الصوامة القوامة لا تجعل النبي «صلى الله عليه وآله» يضطر إلى طلاقها مرتين، ثم يراجعها من أجل أبيها.
وقد يتضح للبعض: أن تلفيق رواية زواج علي «عليه اليلام» من بنت أبي جهل، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» طلب أن يطلق ابنته إذا أصر على ذلك، قد جاء بهدف حفظ ماء الوجه لعمر فيما جرى له في قصة طلاق النبي «صلى الله عليه وآله» لابنته حفصة.

كذبة مفضوحة:

ومن الكذب الواضح هنا: ما روي أنه لما طلقها النبي «صلى الله عليه وآله» اغتم الناس؛ ودخل عليها خالها عثمان بن مظعون، وأخوه قدامة، فبينما هو عندها، وهم مغتمون إذ دخل النبي «صلى الله عليه وآله» على حفصة، وقال: يا حفصة، أتاني جبريل «عليه السلام» آنفاً، فقال: إن الله يقرؤك السلام، ويقول لك: راجع حفصة؛ فإنها صوامة قوامة، وهي زوجتك في الجنة.
وثمة نص قريب من هذا، ورجاله رجال الصحيح([89]) كما يدَّعون.
وهذا من الكذب الواضح؛ فإن عثمان بن مظعون قد توفي قبل زواج النبي «صلى الله عليه وآله» بها بمدة، وقضية الطلاق إنما حصلت في قضية لها مع مارية التي قدمت إلى المدينة سنة سبع، أو ثمان.
وقد قلنا: إن الصوامة القوامة لا يعهد منها أن تؤذي النبي إلى حد يضطر معه إلى طلاقها مرتين. والتي تؤذي النبي لا يعقل أن تكون معه في الجنة، والله تعالى يقول: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ الله لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}([90]).
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً}([91]).
وبعد هذا، فلا يمكن أن نصدق: أن يأتي جبرائيل فيأمره بمراجعة من هذه حالها، ثم يحكم ـ علاوة على ذلك ـ لها بالجنة([92]).

لماذا لم يطلق النبي عائشة؟!

وقد يتساءل البعض فيقول: إذا كان الزواج بعائشة وحفصة، و.. و.. سياسياً، فلماذا لم يطلقهن النبي «صلى الله عليه وآله» بعد أن قوي الإسلام، ليرتاح الناس من كثير من البلاءات التي حدثت بسببهن بعده، وبذلك لا يبقى مجال لادِّعائهن الحظوة عنده «صلى الله عليه وآله»، ولا يبقى لهن تلك المكانة التي مكنتهن من خوض حرب الجمل، وغير ذلك؟!
والجواب:
إن قوة الإسلام السياسية والعسكرية، وانتشاره الواسع في آخر حياة النبي «صلى الله عليه وآله» لا يعني قدرته على طلاق هؤلاء النسوة.. ثم مواجهة الكيد الذي سوف ينشأ عن ذلك..
ويدل على ذلك: أن فتح مكة قد أعطى ذلك الفريق قوة وجماهير تتعصب لهم، بحيث تمكنوا من منع الرسول «صلى الله عليه وآله» من تبليغ ولاية علي «عليه السلام» في يوم عرفة..
كما أنهم لم يمتثلوا أوامر الرسول «صلى الله عليه وآله» لهم، بالخروج في جيش أسامة. بل إنهم قد تجرؤوا على الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» في حديث رزية يوم الخميس، حتى قالوا: إن النبي ليهجر. كما أنهم قد حشدوا الألوف من الذين ساعدوهم على الانقلاب المسلح ضد علي «عليه السلام» في نفس يوم دفن رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
إلى غير ذلك مما يظهر: أن عامة من أسلم بعد فتح مكة كان يلتقي مع هذا الفريق في طموحاته وأهدافه وسياساته، وأن هذا الفريق قد أصبح أقوى بكثير مما كان عليه قبل ذلك..

الزواج السياسي احتقار للمرأة:

ربما يقال: إن الزواج السياسي من قبل النبي «صلى الله عليه وآله»، أو من قبل الإمام الحسن «عليه السلام» من جعدة بنت الأشعث، إهانة للمرأة، وتحقير لها، وامتهان لكرامتها كإنسان.
والجواب:
أولاً: إن النساء يختلفن من حيث الكرامة والقيمة باختلاف حالاتهن، وبمقدار التزامهن بخط الإسلام والأحكام، ففاطمة ومريم، «عليهما السلام» وامرأة فرعون وخديجة، وأم سلمة (رحمهن الله) لسن مثل امرأة نوح وامرأة لوط، فالمرأة التي ترضى لنفسها أن تكون في موقع الإهانة لا تكون إهانتها إهانة للجنس.
وثانياً: إنه إذا كان الزواج بامرأة ما سبباً لهداية جماعة من الناس، أو دفع ضرر عن الإسلام، أو عن المسلمين، فإنه يكون تكريماً للمرأة، وتشريفاً لها، لا سيما إذا كان ذلك من نبي أو وصي.
فاعتبار ذلك إهانة للمرأة ليس له ما يبرره.

7 ـ ولادة الإمام الحسن :

وولد الإمام الحسن عليه الصلاة والسلام في النصف من شهر رمضان المبارك من السنة الثالثة، على ما هو الأقوى؛ وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد أمرهم أن يلفوه في خرقة بيضاء؛ فأخذه «صلى الله عليه وآله» وقبله، وأدخل لسانه في فيه، يمصه إياه، وأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وحلق رأسه، وتصدق بوزن شعره ورقاً (أي فضة)، وطلى رأسه بالخلوق([93]).
ثم قال: يا أسماء، الدم فعل الجاهلية([94]). أي أن طلي رأس المولود بالدم إنما هو من فعل الجاهلية.
وسأل علياً «عليه السلام»، إن كان قد سماه.
فقال «عليه السلام»: ما كنت لأسبقك باسمه.
فقال «صلى الله عليه وآله»: ما كنت لأسبق ربي باسمه.
فأوحى الله إليه: إن علياً منك بمنزلة هارون من موسى؛ فسمه باسم ابن هارون.
قال: وما كان اسمه؟
قال: شبر.
قال: لساني عربي.
قال: سمه: «الحسن»، فسماه الحسن([95]).
وهذا يدفع قولهم: إنهم سموا الحسن أولاً، حرباً([96])، أو حمزة؛ فإن علياً «عليه السلام» في أدبه وفضله لم يكن ليسبق النبي «صلى الله عليه وآله» في تسميته. وعق «صلى الله عليه وآله» عن الحسن بكبشين.
وقيل: بكبش.
وقيل: إن فاطمة «عليها السلام» هي التي عقت عنه، وهو بعيد، مع وجود أبيها وزوجها عليهما الصلاة والسلام.
بقي أن نشير هنا إلى ما يلي:

ألف: ذكر أسماء بنت عميس هنا:

إنه قد ورد في عدد من الروايات ذكر لأسماء بنت عميس، بمناسبة ولادة الإمام الحسن «عليه السلام»([97]). مع أن أسماء قد كانت حين ولادته «عليه السلام» في الحبشة، وقد أرضعت هناك ابن النجاشي، فعظمت منزلتها لدى أهل تلك البلاد([98]).
ونقول:
إن هذه الزيادة قد حصلت من الرواة، حيث زادوا كلمة: «بنت عميس» تبرعاً من عند أنفسهم، جرياً على عادتهم، لأنها هي الأعرف عندهم.
والمقصود هنا: هو أسماء بنت يزيد الأنصارية، وليس هذا الاشتباه إلا في بعض الروايات، فإن رواية عيون أخبار الرضا([99]) لا تحريف فيها.
وقد اشتبه الأمر على المحقق التستري هنا([100]) بسبب اشتباهه في كيفية قراءة الخبر، فإن السجاد «عليه السلام» يروي عن أسماء بنت عميس، وهي تروي عن فاطمة، عن أسماء بنت يزيد الأنصارية.
والكلام في الرواية تارة يكون للسجاد، فيكون مراده بنت عميس، وأخرى يكون لبنت عميس، فيكون مرادها أسماء الأنصارية.
كما أن قولها في الرواية: «فدفعته» قرأه المحقق التستري بصيغة المتكلم، على اعتبار أن التاء فيه ضمير في محل رفع فاعل، مع أنها ساكنة، وهي تاء التأنيث، فراجع الرواية، وتأمل.

باء: الحسن والحسين ‘اسمان جديدان:

لقد ذكر البعض: أن العرب ما كانوا يعرفون اسمي: «الحسن والحسين» إلى حين تسمية النبي «صلى الله عليه وآله» لهما بهما، لا الذين كانوا من ولد نزار، ولا اليمن، مع سعة أفخاذهما، وكثرة ما فيهما من الأسامي، وإنما يعرف فيها «حسن وحسين» على وزن سعد، وسعيد. فهما اسمان قد ادخرهما الله لهما([101]).

جيم: إرضاع أم الفضل للحسن :

لقد رووا: أن أم الفضل، زوجة العباس، قالت: قلت: يا رسول الله صلى الله عليك، رأيت في المنام: كأن عضواً من أعضائك في حجري.
فقال «صلى الله عليه وآله»: تلد فاطمة غلاماً، فتكفليه؛ فوضعت فاطمة الحسن «عليهما السلام»، فدفعه إليها النبي «صلى الله عليه وآله»، فأرضعته بلبن قثم بن العباس([102]).
ونحن نشك في هذه الرواية:
أولاً: لأن العباس لم يكن قد هاجر حينئذٍ إلى المدينة. وكانت زوجته معه في مكة.
وثانياً: إننا نجد البعض ينكر أن يكون لقثم صحبة أصلاً([103]).
وقد رويت هذه القضية تقريباً مع أم أيمن، وأنها أرضعت الحسين «عليه السلام»، إلا أن فيه بدل في حجري: «في بيتي»([104]) فلعل هذه الرواية هي الصحيحة، ثم نسبت إلى أم الفضل من قبل العباسيين، الذين يهمهم إثبات أمر كهذا لمن ينتسبون إليه.



([1]) تاريخ الخميس ج1 ص406.
([2]) تاريخ الخميس ج1 ص406.
([3]) ذخائر العقبى ص163.
([4]) راجع: طبقات ابن سعد ج8 ص24 و 25، والإصابة ج4 ص304، ووفاء الوفاء ج3 ص895، ومنحة المعبود في تلخيص مسند الطيالسي ج1 ص159، وليراجع قاموس الرجال ج10 ص439 عن الكافي.
([5]) راجع المصادر المتقدمة.
([6]) مستدرك الحاكم ج4 ص47، وتلخيصه هامش نفس الصفحة للذهبي، وسكت عنه، وليراجع: الإستيعاب هامش الإصابة ج4 ص301، والإصابة ج4 ص304، وفتح الباري ج3 ص127، ومسند أحمد ج3 ص270 و 229، وعن تاريخ البخاري الأوسط، والروض الأنف ج3 ص127.
([7]) صحيح البخاري ط سنة 1309 ج1 ص152 و 146، ومشكـل الآثـار ج3  = = ص202 و204، والإصابة ج4 ص304، والإستيعاب بهامشها ج4 ص301، والمعتصر من المختصر لمشكل الآثار ج1 ص113 و 114، وسنن البيهقي ج4 ص53، ومستدرك الحاكم ج4 ص47، ومسند أحمد ج3 ص126 و228، وذخائر العقبى ص166، والمصنف لعبد الرزاق ج3 ص414، وعن تاريخ البخاري.
([8]) الإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص301، ونهاية ابن الأثير ج4 ص46، وطبقات ابن سعد ج8 ص26، والإصابة ج4 ص304 و 489 عن أبي عمر وابن سعد، وعن البخاري ولكن قد رأينا أن البخاري لم يصرح بأنها أم كلثوم، نعم قد ذكر الرواية في رقية في تاريخه، ثم ناقشها بما ذكروه. والمواهب اللدنية ج1 ص197 عن البخاري، وفتح الباري ج3 ص127 عنه و 126 عن غيره، والروض الأنف ج3 ص127، وذخائر العقبى ص166.
([9]) الروض الأنف للسهيلي ج3 ص127و 128.
([10]) فتح الباري ج3 ص127.
([11]) المراد: أن الشارع هو الذي أوجب على رسول الله أن يبادر للتصدي والمواجهة.
([12]) المصدر السابق.
([13]) الغدير ج8 ص233.
([14]) قاموس الرجال ج10 ص439.
([15]) قاموس الرجال ج10 ص440 عن تقريب ابن الصلاح.
([16]) راجع: الغدير ج8 ص233 و234.
([17]) راجع: مستدرك الحاكم ج4 ص49، وأسد الغابة ج5 ص612 و613 عن ابن المسيب، وذخائر العقبى ص165 و 166 عن ابن عباس وأبي هريرة، وقال: أخرجهما الفضائلي.
([18]) مستدرك الحاكم ج4 ص48، وتلخيصه للذهبي هامش نفس الصفحة، ومجمع الزوائد ج9 ص81، وسيرة مغلطاي ص16 و 17، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص4 عن الحاكم، وابن عساكر.
([19]) الصحيح: سنة اثنتين.
([20]) مستدرك الحاكم ج4 ص48، وتلخيصه للذهبي هامش نفس الصفحة.
([21]) راجع: الغدير ج5 ص326، وج9 ص351 و 352 و 303 و 372 و 374، وموارد أخرى لا مجال لذكرها.
([22]) مجمع الزوائد ج9 ص216 و 217 عن الطبراني. قال الهيثمي: وفيه زهير بن العلاء، ضعفه أبو حاتم، ووثقه ابن حبان، فالإسناد حسن.
([23]) راجع: ذخائر العقبى ص162، والمواهب اللدنية ج1 ص197 عن الدولابي، وتاريخ الخميس ج1 ص406.
([24]) تاريخ الخميس ج1 ص275 عن الدولابي.
([25]) مناقب ابن شهراشوب ج1 ص22.
([26]) المواهب اللدنية ج1 ص197، وذخائر العقبى ص162.
([27]) مستدرك الحاكم ج4 ص47، وتلخيصه للذهبي هامش نفس الصفحة.
([28]) الإصابة ج4 ص489، والإستيعاب بهامشها ج4 ص487.
([29]) رجال المامقاني ج3 ص73 و74 عن قرب الإسناد، وقاموس الرجال ج10 ص406، وقريب منه خبر الخصال كما في ص407 من القاموس للتستري.
([30]) مستدرك الحاكم ج4 ص49.
([31]) ذخائر العقبى ص165، والمواهب اللدنية ج1 ص197. وقال: أخرجه الخجندي.
([32]) لسان الميزان ج2.
([33]) مستدرك الحاكم ج4 ص44، وقاموس الرجال ج10 ص446، ومجمع الزوائد ج9 ص216، وقال: رواه الطبراني، وهومرسل، ورجاله رجال الصحيح.
([34]) راجع في هذه الرواية: ذخائر العقبى ص157، ومجمع الزوائد ج9 ص212.
([35]) راجع: البداية والنهاية ج3 ص331.
([36]) قد تقدم في غزوة بدر حين الكلام عن فداء الأسرى، حينما أرسلت زينب بالقلائد بعض ما يعبر عن شخصية أبي جعفر هذا، فراجع.
([37]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص193.
([38]) مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ج3 ص358.
([39]) كفاية الطالب ص413.
([40]) وليراجع كتاب: بانوى كربلاء (فارسي) (ط سنة 1339) هامش ص18 و 19، ودراسات وبحوث في التاريخ والإسلام (للمؤلف) ج1 ص29.
([41]) البدء والتاريخ ج5 ص20.
([42]) ميزان الاعتدال ج1 ص139، ولسان الميزان ج1 ص268.
([43]) الملل والنحل للشهرستاني ج1 ص57 (ط سنة 1387 هـ.) والمطبوع بهامش الفصل في الملل والنحل ج1 ص73 مع تصريحه باسم >المحسن< في هذه الطبعة.
([44]) الفرق بين الفرق ص147و 148.
([45]) مستدرك الحاكم ج4 ص43 و 44، وصححه على شرطهما، وتلخيص المستدرك للذهبي، وقال: إنه حديث منكر.والبداية والنهاية ج3 ص331، وذخائر العقبى ص158، ومجمع الزوائد ج9 ص212 و 213، عن الطبراني في الكبير، وفي الأوسط بعضه، ورواه البزار، ورجاله رجال الصحيح، وحياة الصحابة ج1 ص379 عن المجمع، وتاريخ الخميس ج1 ص274، ومختصر تاريخ دمشق ج2 ص267، ومشكل الآثار ج1 ص45.
([46]) مشكل الآثار ج1 ص46 و 47.
([47]) مشكل الآثار ص47 وليراجع ص51.
([48]) المصدر السابق ص53.
([49]) طبقات ابن سعد ج8 ص27 ط صادر، وج 8 ص18 ط ليدن.
([50]) البحار ج43 ص197 عن الاحتجاج، ومرآة العقول ج5 ص321، والعوالم ص225.
([51]) الإستيعاب هامش الإصابة ج4 ص421 و 422، وتاريخ الخميس ج1 ص466 عن السمط الثمين عن أبي عمر، وذكره مغلطاي في سيرته بلفظ قيل.
([52]) تاريخ الخميس ج1 ص466، وراجع سيرة مغلطاي ص55.
([53]) التنبيه والإشراف ص213، وسيرة مغلطاي ص55 وغيره كثير.
([54]) راجع على سبيل المثال: الإصابة ج4 ص459، وتاريخ الخميس ج1 ص466.
([55]) طبقات ابن سعد ج8 ص62، والمواهب اللدنية ج1 ص204، ولم يذكر غير أبي بكر، وأسد الغابة ج5 ص58، والإصابة ج4 ص459.
([56]) مصبية: ذات صبي.
([57]) تهذيب الأسماء واللغات ج2 ص362.
([58]) الإصابة ج4 ص459، وحديث الإفك ص161 عنه.
([59]) تهذيب الأسماء واللغات ج2 ص362، والمواهب اللدنية ج1 ص205.
([60]) تاريخ الخميس ج1 ص467، وطبقات ابن سعد ج8 ص66، والإصابة ج4 ص459 عنه.
([61]) راجع: الموفقيات ص131، والجمل ص83 و84، ومقاتل الطالبيين ص42 و43، وقاموس الرجال ج10 ص475.
([62]) المحاسن والمساوي للبيهقي ج1 ص481.
([63]) راجع: قاموس الرجال ترجمة أم سلمة.
([64]) قاموس الرجال ترجمة عمر بن أبي سلمة.
([65]) راجع: ترجمة أم سلمة في طبقات ابن سعد ج8، والمواهب اللدنية ج1 ص205، وتهذيب الأسماء واللغات ج2 ص362.
([66]) كما ذكره أبوعمر في الإستيعاب، وابن الكمال، وابن الأثير.
([67]) تهذيب الأسماء واللغات ج2 ص362، والإصابة ج4 ص460.
([68]) راجع مصادر هذه القضية في كتاب: >سيرتنا وسنتنا< للعلامة الأميني، فإنه مشحون بالمصادر لها. والسجود على الأرض للعلامة الأحمدي ص112 و 113 و 114، ففيه مصادر كثيرة أيضاً.
([69]) البداية والنهاية ج8 ص215.
([70]) مجمع الزوائد ج9 ص246.
([71]) مقتل الحسين للمقرم ص355 وسير أعلام النبلاء ج2 ص202.
([72]) مقتل الحسين للمقرم ص355، وسير أعلام النبلاء ج2 ص207 وج3 ص283.
([73]) تهذيب التهذيب ج2 ص356، وتاريخ الخلفاء ص208، وأمالي ابن الشيخ الطوسي ج1 ص89، ومقتل الحسين للمقرم ص355 عنهما وعن: ذخائر العقبى ص148، وسير أعلام النبلاء ج3 ص316.
([74]) تاريخ الخلفاء للسيوطي ص208، ومجمع الزوائد ج9 ص199 عن الطبراني، وحياة الصحابة ج3 ص742 عنه.
([75]) شـواهـد التنزيـل ج2 ص73 و74 و75 و76 وراجـع ص77 وفي هـامشه، = = ومسند أحمد ج6 ص298، والمعجم الصغير ج1 ص65. وراجع البحار ج45 ص199 عن الطرائف لابن طاووس ص26 ج1، ومشكل الآثار ج1 ص335.
([76]) الإصابة ج4 ص460.
([77]) راجع: الإصابة ج4 ص460، وتهذيب الأسماء واللغات ج2 ص362، ومرآة الجنان ج1 ص137، والبداية والنهاية ج8 ص215، وتاريخ الخميس ج1 ص467، وغير ذلك.
([78]) طبقات ابن سعد ج8 ص57 و 58، وليراجع الإصابة ج4 ص273، والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص268 و 300.
([79]) المواهب اللدنية ج1 ص97، وذخائر العقبى ص165.
([80]) سيرة المصطفى ص467.
([81]) مجمع الزوائد ج9 ص15 عن الطبري بأسناد حسن، وفي الصحيح بعضه بغير سياقه، وحياة الصحابة ج2 ص706 عن الترمذي في الشمائل ص25.
([82]) الآية24 من سورة التوبة.
([83]) راجع كتاب: حديث الإفك ص165 للمؤلف.
([84]) صحيح مسلم ج4 ص165، والجامع لأحكام القرآن ج18 ص190.
([85]) مع المفسرين والمستشرقين في زواج النبي «صلى الله عليه وآله» بزينب بنت جحش ص104.
([86]) أسد الغابة ج5 ص426، والإصابة ج4 ص273، والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص269، ومجمع الزوائد ج9 ص244 عن الطبراني.
([87]) راجع هذه النصوص في: أسد الغابة ج5 ص426، ومجمع الزوائد ج9 ص244 عن الطبراني ورجاله رجال الصحيح، والإصابة ج4 ص273 عن أبي يعلى، وراجع سيرة مغلطاي ص48.
([88]) طبقات ابن سعد ج8 ص58 و59، ومجمع الزوائد ج9 ص244 عن البزار والطبراني، وأسد الغابة ج5 ص425، والإستيعاب بهامش الإصابة ج4 ص269، وتهذيب الأسماء واللغات ج2 ص238.
([89]) راجع: مجمع الزوائد ج9 ص244 عن الطبراني في الأوسط، وفي السند من لم يعرفهم، وفي ص245 ما يقرب من هذا النص، وقال: إن رجاله رجال الصحيح. وتاريخ الخميس ج1 ص416 و 417، وطبقات ابن سعد ج8 ص58.
([90]) الآية 61 من سورة التوبة.
([91]) الآية 57 من سورة الأحزاب.
([92]) راجع بعض قضاياها في بيت النبي >صلى الله عليه وآله< في ترجمتها في كتاب قاموس الرجال، وكتاب عائشة للعلامة العسكري وغير ذلك.
([93]) الخلوق: نوع من الطِيب.
([94]) راجع: البحار ج43 ص239، وتاريخ الخميس ج1 ص418، فيظهر: أنهم كانوا في الجاهلية يطلون رأس المولود بالدم، فهو >صلى الله عليه وآله< هنا ينهى عن ذلك.
([95]) البحار ج43 ص241، وعلل الشرايع ج1 ص137، ومعاني الأخبار ص57، وتاريخ الخميس ج1 ص418، وغير ذلك. وليراجع مناقب ابن شهر آشوب، عن مسند أحمد، وتاريخ البلاذري، وفردوس الديلمي.
ويقول بعض المحققين: إنه لم يجد في التوراة اسم شبر وشبير لابني هارون، وقد ذكرت قصة أبناء هارون مفصلاً.
([96]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص418 عن أحمد، وابن أبي حاتم، والبحار ج43 ص254 و 255 عن كشف الغمة، والأخبار الدخيلة ص13، وعيون أخبار الرضا ج2 ص25.
([97]) تاريخ الخميس ج1 ص417 و 418، وذخائر العقبى، والبحار ج43 ص255.
([98]) نسب قريش لمصعب الزبيري ص81.
([99]) الأخبار الدخيلة ص13و 14 عن العيون ص195.
([100]) راجع: الأخبار الدخيلة ص13 و 14.
([101]) البحار ج43 ص252 و 253 عن المناقب عن أبي الحسين النسابة، وتاريخ الخميس ج1 ص418، وليراجع أسد الغابة أيضاً.
([102]) راجع: البحار ج43 ص242 و255، وتاريخ الخميس ج1 ص418 و 419 عن الدولابي والبغوي في معجمه، والإصابة ج3 ص227 وج4 ص487 عن ابن سعد بسند جيد، وقاموس الرجال ج7 ص284 عن نسب مصعب الزبيري.
([103]) راجع: الإصابة ترجمة قثم.
([104]) البحار ج43 ص242 و 243 عن أمالي الصدوق، وعن المناقب، وقال: أخرجه القيرواني في التعبير، وصاحب فضائل الصحابة، والمناقب لابن شهر آشوب ج4 ص70، وروضة الواعظين ص154.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page