• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثاني: فاطمة وعلي عليهما السلام ومناوؤوهما

إقتران الزهراء بعلي عليهما السلام:

وتزوج أمير المؤمنين بفاطمة الزهراء بنت رسول الله «صلوات الله عليهم أجمعين» في شهر رمضان من السنة الثانية، وبنى بها في ذي الحجة من نفس السنة([1]). هذا هو المعتمد والمشهور.
وقيل: في السنة الأولى، وقيل: في الثالثة بعد أحد، وقيل غير ذلك. وتبعاً لاختلافهم في ذلك نجدهم يختلفون في تاريخ ولادة الحسنين «عليهما السلام».
و كان عمرها حين زواجها «عليها السلام» تسع سنين، وقال آخرون غير ذلك. وقد تقدم تحقيق تاريخ ولادتها، وأنه بعد البعثة بخمس سنين، فلا حاجة لإطالة الكلام في ذلك.
ومن الطريف هنا: أن البعض ـ كمغلطاي ـ يناقض نفسه، فيذكر أنها تزوجت بأمير المؤمنين «عليه السلام» بعد أحد، وعمرها 15 سنة.
ولكنه يعود فيذكر في نفس الصفحة: أنها توفيت ولها تسع وعشرون سنة.
ويضيف: وقيل ثلاثون، وقيل خمس وثلاثون!!([2]).
وعلى كل حال، فإن كثيراً من المؤرخين يناقضون أنفسهم حينما يذكرون تاريخ ولادتها، ووفاتها، وسنة زواجها، ومقدار عمرها، ومراجعة بسيطة مع مقارنة خير شاهد ودليل على ما نقول.
وهذا يدلنا: على أن ذلك ليس من قبيل الصدفة، فقد كان ثمة تعمد للتلاعب في مقدار عمرها الشريف، ولذلك دوافع وأهداف لا مجال للإفاضة فيها.
والحقيقة ـ وقد أشرنا إلى ذلك غير مرة ـ : أن عائشة هي التي كان لها ذلك السن العالي. أما فاطمة «عليها السلام» فقد توفي النبي «صلى الله عليه وآله» وعمرها 18 سنة، فعكسوا الأمر لحاجة في أنفسهم قضيت.
وقد تقدم تحقيق ذلك.

حديث الزواج:

ولقد خطب أبو بكر وعمر (رض) فاطمة أولاً، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: إنها صغيرة، فخطبها علي؛ فزوجها منه.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه([3]).
وثمة نص آخر يفيد: أن أشراف قريش قد خطبوا فاطمة، فردهم النبي «صلى الله عليه وآله»، ومنهم عبد الرحمن بن عوف([4])، بإشارة من أبي بكر وعمر عليه، وكان قد خطبها أبو بكر فرده «صلى الله عليه وآله»، ثم خطبها عمر فرده أيضاً([5]).
وقد قيل لعلي ـ وتصرح طائفة من الروايات أن أبا بكر وعمر، بعد أن ردهما النبي «صلى الله عليه وآله» قصدا علياً «عليه السلام» إلى محل عمله، فقالا له([6]) ـ : لم لا تخطب فاطمة؟.
فخطبها «عليه السلام» إلى النبي؛ فزوجه إياها.
وصرح «صلى الله عليه وآله» غير مرة: بأنه إنما زوجه إياها بأمر من السماء([7])، كما صرحت به المصادر الكثيرة.
وجاء أن سعد بن معاذ، أو أم أيمن، أو جماعة من الأنصار، قد طلبوا منه «عليه السلام» أن يخطب فاطمة([8]).
ولا مانع من أن يكون الكل قد طلبوا منه ذلك لما يرون من مكانته وقرباه من النبي «صلى الله عليه وآله»، بالإضافة إلى أهليته في نفسه.
وقد عاتب الخاطبون النبي «صلى الله عليه وآله» على منعهم، وتزويج علي «عليه السلام»، فقال «صلى الله عليه وآله»: والله، ما أنا منعتكم وزوجته، بل الله منعكم وزوَّجه([9])..
وقد ورد عنه «صلى الله عليه وآله» أنه قال: «لو لم يخلق علي ما كان لفاطمة كفؤ»([10]).
وفي كيفية زفافهما «صلوات الله وسلامه عليهما» في الأول، أو في السادس من ذي الحجة تفصيلات تظهر ما لهما «عليهما السلام» من الفضل والمزية([11]). وكذلك هي تعبر عن البساطة التي تميز بها زفاف بنت أعظم إنسان على وجه الأرض، على رجل هو أعظم وأفضل الناس بعد النبي «صلى الله عليه وآله»، حتى لقد جاء: أن فراشهما كان إهاب كبش ينامان عليه ليلاً، ويعلف عليه الناضح نهاراً([12]).
وقبل أن نمضي في الحديث، لا بد من التعرض لبعض ما يرتبط بهذا الموضوع، فنقول:

ألف: ميزات هذا الزواج:

يقول العلامة الشيخ محمد حسن آل ياسين، وهو يتحدث عن ميزات هذا الزواج:
«وكانت أولى هذه الميزات: أنه زواج في السماء، وبأمر من الله تعالى، قبل أن يكون نسباً أرضياً، ومجرد ارتباط عاطفي، ويكفينا في ذلك ما حدثنا به الخليفة عمر بن الخطاب إذ قال: «نزل جبريل فقال: يا محمد، إن الله يأمرك أن تزوج فاطمة ابنتك من علي»([13]).
«وكان ثاني هذه الميزات: أن الله تعالى قد جعل الذرية النبوية الطاهرة محصورة بهذا الزواج المبارك، ومن طريق هذين الزوجين.
وفي ذلك يقول الخليفة عمر بن الخطاب: «سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول: كل نسب وسبب ينقطع يوم القيامة ما خلا سببي ونسبي، وكل بني أنثى فعصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة فإني أبوهم، وأنا عصبتهم»([14]).
«ثم كان ثالث هذه الميزات: أن الزهراء «عليها السلام» وحيدة محمد، التي لم يكن لها أخت في النسب الأبوي. أما زينب، ورقية، وأم كلثوم ـ وقد اشتهرن بكونهن بنات محمد ـ فهن بنات خديجة (رضي الله عنها) من زوجيها الأولين، ولم يؤيد التحقيق التاريخي المتعمق بنوتهن لمحمد»([15]).
ونقول:
إن التحقيق يدل على أنهن ربيبات للنبي «صلى الله عليه وآله» ولخديجة، ولسن بناته ولا بناتها كما تقدم.
وقد حققنا ذلك في كتاب لنا مستقل، بعنوان: «بنات النبي «صلى الله عليه وآله» أم ربائبه»، فراجع.

ب: لست بدجال:

لقد روى غير واحد: أن علياً خطب فاطمة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال «صلى الله عليه وآله»: هي لك يا علي، لست بدجال.
وفي نص آخر: خطب أبو بكر فاطمة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: «هي لك يا علي لست بدجال»([16]).
وبما أن في هذه الكلمة تعريضاً صريحاً بمن خطبها قبل أمير المؤمنين، فقد حاول ابن سعد، والبزار جعل التاء في «لست» للمتكلم، فقال ابن سعد: «وذلك أنه كان قد وعد علياً بها قبل أن يخطب إليه أبو بكر وعمر»([17]).
وقال البزار: «معنى قوله: لست بدجال يدل على أنه كان وعده، فقال: إني لا أخلف الوعد».
وقال الهيثمي: رجاله ثقات إلا أن حجراً (ابن عنبس) لم يسمع من النبي «صلى الله عليه وآله»([18]).
ونحن نقول: إن كلام كل هؤلاء لا يصح، وذلك:
أولاً: لأن العقيلي قد روى هذا الحديث بنص آخر يظهر منه أن التاء للمخاطب لا للمتكلم، فقال: عن حجر بن عنبس قال: لما زوج النبي «صلى الله عليه وآله» فاطمة من علي قال: لقد زوجتك غير دجال([19]).
والظاهر: أن الرواية خطاب لفاطمة «عليها السلام»، فهو «صلى الله عليه وآله» يريد أن ينفي أن يكون قد زوج فاطمة رجلاً دجالاً، وليس يريد أن ينفي عن نفسه كونه دجالاً.
كما أنه لو كان يريد أن ينفي عن نفسه الخلف بالوعد، لكان الأنسب أن يقول: لست بمخلف وعدي أو نحو ذلك لأن كلمة دجال، التي تعني الاختلاق، لا تناسب خلف الوعد.
وحتى لو كان الكلام خطاباً لأمير المؤمنين «عليه السلام»، فإنه يريد به أيضاً نفي كون الخاطب دجالاً. هذا هو الأنسب بالمقام، والأوفق بإجراء الكلام.
وحُكْمُ السيوطي على هذا الحديث بالوضع؛ لمكان موسى بن قيس، لا اعتبار به؛ لأنه استند في ذلك إلى كلام العقيلي فيه، واتهامه له بالرفض ـ والعقيلي هو الذي يوثق عمر بن سعد قاتل الإمام الحسين «عليه السلام»!!.
وموسى بن قيس قد وثقه كل من تعرض له سوى العقيلي، فليراجع كلام ابن معين، وأبي حاتم، وأبي نعيم، وأحمد، وابن شاهين، وابن نمير([20]).
وأما حجر بن العنبس، فقولهم: لم يسمع من النبي «صلى الله عليه وآله»، لا ندري مستنده، ونحن نرى: أنه يروي عن النبي «صلى الله عليه وآله»، وقد عاصره، بل لقد أدرك الجاهلية، وذكره الطبراني في الصحابة([21])، بل لماذا لا تكون نفس روايته هذه دليلاً على سماعه منه «صلى الله عليه وآله»، كما يجعل نظائر المقام دليلاً على ذلك؟!
ولكن الحقيقة هي: أن ذنب حجر الوحيد هو: أنه حضر مع علي «عليه السلام» الجمل وصفين، ولهؤلاء اهتمام خاص في تقليل عدد الصحابة الذين كانوا مع أمير المؤمنين، وتكثير غيرهم، ولربما نشير إلى هذا الأمر بنوع من التفصيل في موقع آخر إن شاء الله تعالى.
وثانياً: لقد نصت العديد من المصادر المتقدمة: على أنه لم يكن يخطر في بال أمير المؤمنين «عليه السلام» خطبة فاطمة «عليها السلام»، وأنه لما عرض عليه أبو بكر وعمر ذلك قال: لقد نبهتماني لأمر كنت عنه غافلاً، ثم ذهب إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فخطبها، فأجابه. وهذا يدل على أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن قد وعده بها.
وثالثاً: إن الروايات تنص على أنه «صلى الله عليه وآله» قد أجاب أبا بكر وعمر، بأنه ينتظر بها القضاء. فلو كان قد سبق منه وعد لعلي «عليه السلام»، لكان الأنسب أن يقول لهما: إنها مخطوبة، أو إنني وعدت بها فلاناً.
إذاً، فقد كان النبي «صلى الله عليه وآله» يعرض بغير علي «عليه السلام» هنا، ممن له علاقة قريبة بهذا الأمر.
والغريب في الأمر: أننا نجد علياً «عليه السلام» نفسه يعرض بغيره في هذا الموضوع بالذات؛ ف‍ «عن أسماء بنت عميس: أنها قالت: قيل لعلي: ألا تتزوج بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟
فقال: ما لي صفراء ولا بيضاء، ولست بمأبور ـ بالباء الموحدة، يعني غير الصحيح في الدين ـ ولا المتهم في الإسلام»([22]).
وهذا يدل على أن تزويج النبي «صلى الله عليه وآله» لربائبه قد كان لمصلحة الدين والدعوة بالدرجة الأولى، كتزوجه «صلى الله عليه وآله» لنسائه كما تقدم توضيحه. وحينما طلب منه سعد بن معاذ: أن يخطب فاطمة، قال له: «ما أنا بأحد الرجلين: ما أنا بصاحب دنياً يلتمس ما عندي، وقد علم ما لي صفراء ولا بيضاء، وما أنا بالكافر الذي يترفق بها عن دينه ـ يعني يتألفه ـ إني لأول من أسلم»([23]).
وإذا كنا نعلم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يلتمس الدنيا، فلا بد أن يكون ذلك تعريضاً بعثمان، حيث قد تقدم: أنه كان قد عاهد أبا بكر على أن يسلم إذا زوجه النبي «صلى الله عليه وآله» رقية، التي كانت ذات جمال رائع.
ثم هو تعريض بأولئك الذين كانوا يملكون أموالاً، وكانوا يظنون أن النبي «صلى الله عليه وآله» يزوجهم لأجل ذلك، فكان نصيبهم الرد والخيبة. ثم أشار «عليه السلام» إلى ملاك الشرف والتفضيل بقوله: إني لأول من أسلم. ولأجل ذلك زوجه الله ورسوله «صلى الله عليه وآله».
وقد قدمنا: أن رد النبي «صلى الله عليه وآله» لأولئك المعروفين عن فاطمة، كان له أثر كبير في نفوسهم، حتى لقد قال أحد الأشراف العلويين الحسنيين في قصيدته المشهورة:
تلــك كــانت حــزازة ليس تبـرا حـين رُدا عنهـا وقـــد خطـبـاهـا

ج: ترهات أبي حيان:

ومن الأمور الطريفة هنا: أن أبا حيان التوحيدي ـ الناصبي المعروف ـ يروي عن أبي حامد المرو الروذي رسالة شفهية من أبي بكر لأمير المؤمنين «عليه السلام»، وفيها:
«ولقد شاورني رسول الله «صلى الله عليه وآله» في الصهر؛ فذكر فتياناً من قريش، فقلت له: أين أنت من علي؟
فقال: إني لأكره ميعة شبابه، وحدة سنه.
فقلت: متى كنفته يدك، ورعته عينك حفت بهما البركة، وأسبغت عليهما النعمة، مع كلام كثير خطبت به رغبته فيك، وما كنت عرفت منك في ذلك حوجاء ولا لوجاء، ولكني قلت ما قلت، وأنا أرى مكان غيرك، وأجد رائحة سواك، وكنت إذ ذاك خيراً منك الآن لي»([24]).
عجيب!! وأين كانت هذه الرواية عن أنظار المؤرخين، وكيف أجمعت كلمتهم، وتضافرت وتواترت رواياتهم على مخالفتها وتكذيبها.
وقد كفانا ابن أبي الحديد المعتزلي مؤونة البحث في هذه الرواية، وبين الكثير من إمارات الوضع والاختلاق فيها، فمن أراد فليراجعه([25]).

د: ما يقال عن موقف فاطمة عليها السلام من الزواج:

وذكر الحلبي: أنه لما استشار الرسول «صلى الله عليه وآله» فاطمة «بكت، ثم قالت: كأنك يا أبت إنما ادخرتني لفقير قريش؟
فقال «صلى الله عليه وآله»: والذي بعثني بالحق، ما تكلمت في هذا حتى أذن لي الله فيه من السماء.
فقالت فاطمة (رض): لقد رضيت ما رضي الله ورسوله»([26]).
ثم هناك روايات تقول: إنه «صلى الله عليه وآله» لما رأى تغيرها خشي أن يكون ذلك من أجل أن علياً «عليه السلام» لا مال له، فراجع المصادر الكثيرة المتقدمة في أول الحديث عن هذا الموضوع.
وعن ابن إسحاق: أن علياً لما تزوج فاطمة، قالت للنبي «صلى الله عليه وآله»: زوجتنيه أعيمش، عظيم البطن؟
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: لقد زوجتكه وإنه لأول أصحابي سلماً الخ..([27]).
ونحن لا نصدق كل ذلك. أما:
أولاً: فلأن رواية الحلبي تدل على سوء ظن فاطمة «صلوات الله وسلامه عليها» بأبيها الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله»، وهي أبر وأتقى، وأجل من أن يحتمل في حقها ذلك. وهي التي لو لم يخلق علي «عليه السلام» لم يكن لها كفؤ على وجه الأرض، وقد أذهب الله عنها الرجس، وطهرها تطهيراً، إلى غير ذلك مما يدل على مقامها السامي، الذي نالته بفضل عمق إدراكها، وحسن معرفتها، وعظيم تقواها.
وثانياً: إن الذي يطالع سيرة فاطمة «عليها السلام» وحياتها، يخرج بحقيقة لا تقبل الشك، وهي: أنها لم تكن تقيم لحطام الدنيا وزنا أبداً، أليست هي التي طحنت حتى مجلت يدها؟ ثم قبلت بالتسبيح عوضاً عن الخادم الذي كانت بأمس الحاجة إليه؛ ليرفع عنها بعض ما تعانيه وتتعرض له؟!.
أليست هي التي بقيت ثلاثة أيام طاوية هي وزوجها، وولداها، وفضة، وآثرت اليتيم، والمسكين، والأسير بالطعام؟!
أليست هي التي رضيت بإهاب كبش تنام عليه هي وزوجها ليلاً، ويعلفان عليه ناضحهما نهاراً؟!.
إلى غير ذلك مما لا مجال لتتبعه واستقصائه.

الرواية الصحيحة:

والرواية الصحيحة التي تنسجم مع سيرة وروح ونفسية الزهراء «صلوات الله وسلامه عليها»، وتنسجم مع نفسيات وخطط القرشيين، هي: أنه «صلى الله عليه وآله» قال لابنته في رابع يوم زفافها: «كيف أنت يا بنية، وكيف رأيت زوجك؟!
قالت له: يا أبت خير زوج، إلا أنه دخل علي نساء من قريش، وقلن لي: زوجك رسول الله من فقير لا مال له.
فقال لها: يا بنية، ما أبوك بفقير، ولا بعلك بفقير».
ثم ذكر «صلى الله عليه وآله» لها فضائل علي «عليه السلام» ومناقبه([28]).
وروى ابن أبي الحديد الشافعي المعتزلي: أن الرسول «صلى الله عليه وآله» سأل فاطمة عن حالها، فقالت: لقد طال أسفي، واشتد حزني، وقال لي النساء: زوجك أبوك فقيراً لا مال له([29]).
فقال لها: أما ترضين أني قد زوجتك أقدم أمتي سلماً، وأكثرهم علماً، وأفضلهم حلماً؟
قالت: بلى، رضيت يا رسول الله.
وفي رواية أخرى ذكرها المعتزلي، زاد فيها: وما زوجتك إلا بأمر من السماء، أما علمت: أنه أخي في الدنيا والآخرة؟([30]).
وقد ذكر ذلك العبدي الكوفي في شعره فقال:
إذ أتـتـه الـبـتــول فاطـم تبـكـي         وتــوالـي شهيقها  والـــزفيـــرا
اجتمـعـن الـنساء عندي  وأقبلن                يـطـلـن الـتـقـريـع   والـتـعـييرا
قلن إن النبي زوجـك اليوم فقيراً                عـلـيــاً بـعــلاً مـعـيــلاً فـقـيرا
إلى آخر الأبيات([31]).
بل إن ثمة ما يدل على أن تعييرهن إياها قد كان بعد سنوات من زواجها، وهذا هو الراجح، لأن نساء قريش الحاقدات إنما كثرن بعد بدر، وأحد، والخندق.
ففي رواية الخوارزمي: أنها «عليها السلام» أقبلت وقد حملت الحسن والحسين «عليهما السلام» على كتفيها وهي تبكي بكاء شديداً، قد شهقت في بكائها.
فقال لها النبي «صلى الله عليه وآله»: ما يبكيك يا فاطمة، لا أبكى الله عينيك؟
فقالت: يا رسول الله، وما لي لا أبكي ونساء قريش قد عيرنني، فقلن لي: إن أباك زوجك من رجل معدم لا مال له.
فقال «صلى الله عليه وآله»: لا تبكي يا فاطمة؛ فوالله، ما زوجتك أنا، بل الله زوجك به الخ..([32]).
نعم، وإذا عرف السبب بطل العجب.
فإن القرشيين بما فيهم نساؤهم، كانوا ـ في الأكثر ـ أعداء لعلي وآل علي «عليهم الصلاة والسلام»، منذ فجر الإسلام، وحتى قبل ظهور الإسلام؛ فإن العداء كان موجوداً بين الهاشميين، الذين كانوا ـ عموماً ـ ملتزمين إجتماعياً، ويحترمون أنفسهم، ولهم من الفضائل والمزايا ما يجعل غيرهم، ممن لم يكن لديه روادع دينية أو وجدانية، ينظر إليهم بعين الحنق والشنآن، والإحن والأضغان.
ثم جاء الإسلام، فكان بنو هاشم ـ ولا سيما أبو طالب وولده ـ أتباعه وحماته، والمدافعين عنه بكل غال ونفيس، ثم كانت الضربة التي تلقتها قريش في بدر، وكان لعلي «عليه السلام» الحظ الأوفر، والنصيب الأكبر حينئذٍ في إذلال قريش، وتحطيم كبريائها، وكذلك في أحد، والخندق وغيرهما.
إذن، فمن الطبيعي: أن نجد نساء قريش يحاولن إيجاد المتاعب في بيت علي «عليه السلام»، وإثارة الفتنة بين علي وزوجته الطاهرة صلوات الله وسلامه عليها.
وفاطمة هي التي تشكوهن للرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله»، بعد أن تعلن: أن زوجها خير زوج، ويكون ذلك سبباً في أن يظهر الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» بعض فضائل أمير المؤمنين «عليه السلام».
ثـم إنـه «صلى الله عليه وآله» يبين لهم: أن المقياس ليس هـو المال والحطام، وإنما هو الدين والعلم، والفضائل النفسية والأخلاقية.
وبعد.. فإن أتباع القرشيين والأمويين لا يزالون إلى يومنا هذا يهتمون بتنقص أهل البيت «عليهم السلام»، وحتى فاطمة «عليها السلام»، فانظر على سبيل المثال ما جاء في الموسوعة العربية الميسرة، «مادة فاطمة».
وفيها: أنها «عليها السلام» لم يكن لها أي دور سياسي أو إجتماعي (!!) وأنها كانت ضعيفة! وأن الشيعة قد نسجوا لها الفضائل حتى لقد فضلوها على عائشة!!
وقد سبق لأمثال هؤلاء أن تنقصوها هي وزوجها في شعرهم أيضاً، حتى اضطر الشاعر العظيم الحسين بن الحجاج، المتوفى سنة 391 ه‍ إلى التصدي للرد عليهم، فهو يقول في جوابه لابن سكرة:
فـكــان قـولـك في الزهراء  فاطمة      قـول امـرئ لهـج بالنصب  مفتون
عيرتهــا بـالـرحــا والـزاد  تطحنـه     لا زال زادك حبـاً غير مـطـحــون
وقلـت: إن رسـول الله زوجــهـــا        مسكـيـنـة بـنت مسكـين  لمسكين
كذبت يا ابن التي باب أستها سلس    الأغـلاق بالليل مفكوك  الزرافين
ست النساء غـداً في الحشر  يخدمهـا          أهـل الجنـان بحـور الخرد العين([33])
فجزاك الله يا ابن الحجاج عن ابنة رسول الله، وعن أبيها، وزوجها خير الجزاء وأوفاه، وبارك الله في هذا الإخلاص لهم ولقضاياهم، وآمنك الله يوم الفزع الأكبر من كل خوف، إنه خير مأمول، وأكرم مسؤول.

مقارنة:

ولا بد لنا أخيراً من أن نلفت النظر إلى أنه لا بأس بالتأمل، وإمعان النظر والمقارنة، بين ما يذكرونه عن مواقف سيئة لفاطمة «عليها السلام» تجاه أمير المؤمنين «عليه السلام»، وأنها قد رفضته أولاً؛ لأنه فقير، وبين ما يذكرونه عن عثمان وزوجته، وأنها لما سئلت عنه قالت: «خير زوج..». مع أن القضية كانت على العكس تماماً؛ فإن عثمان هو الذي كان يعامل زوجته معاملة غير مرضية، كما قدمنا، وفاطمة هي التي قالت عن زوجها: إنه خير زوج، ونساء قريش هن اللواتي حاولن الفتنة كما عرفت.
ولكن السياسة قد اقتضت عكس المواقف، وتزييف الحقائق؛ لحاجات في أنفسهم لا تخفى.

ه‍: أم سلمة وبنت عميس في زواج فاطمة عليها السلام:

قد يقال: إنه يُشك في رواية أسماء هذه من ناحيتين:
1 ـ لقد ورد ذكر أم سلمة في بعض روايات تزويج فاطمة «عليها السلام»، مع أن أم سلمة إنما دخلت بيت النبي «صلى الله عليه وآله» كزوجة له بعد هذا التزويج.
2 ـ وورد أيضاً في عدد من الروايات ذكر لأسماء بنت عميس في هذه المناسبة، مع أن أسماء كانت حينئذٍ مع زوجها جعفر بن أبي طالب ذي الجناحين في الحبشة، ولم تأت إلى المدينة إلا عام خيبر.
ونقول: يمكن الإجابة عن ذلك:
أولاً: بأن المقصود هو أسماء بنت يزيد الأنصارية، ولكن شهرة بنت عميس، وأنس ذهن الرواة باسمها جعلهم يضيفون عمداً من عند أنفسهم للتوضيح ـ بزعمهم ـ أو عن غير عمد تبعاً لسليقتهم، كلمة: «بنت عميس». وبهذا أجاب أيضاً الكنجي الشافعي([34]).
وقد حصل نظير هذا الخلط بين الاسمين في رواية أخرى، تقدم الكلام حولها حين الكلام على ولادة الإمام الحسن «عليه السلام»، فإلى هناك.
ويرى الأربلي: أن التي حضرت زفاف فاطمة «عليها السلام» هي سلمى بنت عميس أخت أسماء، لكن الرواة بدلوا اسمها باسم أختها لشهرتها، أو سها راو فتبعوه([35]).
.ثانياً: ومن جهة ثانية، فلو فرضنا أن أم سلمة لم تكن موجودة فإننا نقول: إن أسماء بنت يزيد هذه كانت تكنى بأم سلمة أيضاً، فلعلهم كانوا تارة يعبرون عنها بأسماء، وأخرى يعبرون عنها ب‍ «أم سلمة» فلا يبقى ثمة إشكال.
وثالثاً: إن من الممكن: أن تكون أم سلمة قد حضرت زفاف فاطمة «عليها السلام» في ذي الحجة من السنة الثانية؛ لأن أبا عمر صاحب الإستيعاب يقول: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» تزوجها في السنة الثانية في شوال بعد بدر، بل قيل قبل بدر أيضاً([36]).
ولربما يؤيد ذلك: أن بعض الروايات تصرح بأنه «صلى الله عليه وآله» كان حين تزويج فاطمة في بيت أم سلمة.
وكان «صلى الله عليه وآله» كلما تزوج بامرأة بنى لها بيتاً. ولو كان قد تزوجها في الرابعة لم يكن لها بيت في السنة الثانية.
واحتمال أن يكون المراد: «الذي صار فيما بعد بيتاً لها».
مخالف لظاهر الرواية التي تكاد تكون صريحة في أنه «صلى الله عليه وآله» كان يتعامل معها كزوجة، بل نجد بعض الروايات تصرح بأن أم سلمة كانت حينئذٍ زوجة له «صلى الله عليه وآله»([37]).
ولسوف يأتي الحديث عن تاريخ زواج أم سلمة عن قريب إن شاء الله تعالى.

و: هذا ضرب الرحمن لعثمان بن عفان:

ويقولون: إن عثمان رأى درع علي «عليه السلام» تباع في السوق ليلة عرسه؛ فدفع لغلام أربعمائة درهم، وأرسله إليه، وأقسم عليه أن لا يخبره بذلك، ورد الدرع معه.
فلما أصبح عثمان وجد في داره أربعمائة كيس، في كل كيس أربعمائة درهم، مكتوب على كل درهم: «هذا ضرب الرحمن لعثمان بن عفان».
فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله» بذلك، فقال: هنيئاً لك يا عثمان.
ولا شك في أن هذا كذب محض؛ فقد ذكر الحلبي: أن في فتاوى الجلال السيوطي: أنه سئل: «هل لهذه القصة أصل؟
فأجاب عن ذلك كله: بأنه لم يصح([38]). أي وهي تصدق بأن ذلك لم يرد، فهو من الكذب الموضوع».
وقال ابن درويش الحوت: كذب شنيع([39]).
والعجيب هنا: أننا لم نجد لتلك المئة وستين ألف درهم أثراً في المتاحف العالمية، ولا تداولها الناس، ولا احتفظوا بها تبركاً وتيمناً بأنها من: «ضرب الرحمن لعثمان بن عفان»!!.
مع أنهم قد احتفظوا بشعر نبيهم، وحتى بالخرق التي مست جسده، والمواضع التي صلى فيها؛ فهل كان نبيهم أعز عليهم من ربهم؟! أو حتى من عثمان؟! وهو الذي تؤيده السياسة على مر العصور، أما النبي «صلى الله عليه وآله» فقد كانت ثمة محاولات لطمس اسمه، ومحو آثاره، كما اتضح في الجزء الأول من هذا الكتاب.
وكم كنت أود لو أنني أرى خط الرحمن، كيف هو؟ وأقارن بينه وبين قواعد الخطوط الموجودة على الأرض؛ لكي أرى إن كان يستطيع أن يضارع ما أنتجه الخطاطون البارعون من مخلوقاته؟!!.
ولست أدري أيضاً: أين كان الأمويون عن هذه الفضيلة العظيمة، لشيخهم وخليفتهم؟!. ولم لم يظهروا تلك الدراهم للمباهاة بها؟ أو على الأقل: لم لم يذكروا الناس بدعوات النبي «صلى الله عليه وآله» له؟
حسب الرواية الأخرى التي تقول: إن عثمان قد اشترى الدرع من علي، فجاء به علي «عليه السلام» وبالمال إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فدعا له بدعوات. مع أنهم كانوا بأمس الحاجة إلى ذلك، في صراعهم ضد علي «عليه السلام»، وضد الصحابة الأخيار، الذين كانوا في المدينة حين قتل عثمان، ولم يحركوا ساكناً، أو أنهم شاركوا في قتله، أو في التأليب عليه.
ولربما نتكلم عن نفقات عثمان في مثل هذا السبيل حين الكلام عن تجهيز جيش العسرة في غزوة تبوك إن شاء الله، كما أننا قد ألمحنا إلى ذلك من قبل، حين الحديث حول وقف بئر رومة.

ز: أخوة علي :

وجاء أنه لما تزوج علي فاطمة «عليهما السلام»، أمر «صلى الله عليه وآله» علياً أن لا يحدث حدثاً حتى يأتيه، ثم جاء «صلى الله عليه وآله»، فقال: أثم أخي؟!.
فقالت أم أيمن: يا رسول الله، هذا أخوك وزوجته ابنتك؟!
وكان النبي «صلى الله عليه وآله» آخى بين أصحابه وآخى بين علي ونفسه.
قال: إن ذلك يكون يا أم أيمن([40]).
وهذه الرواية أقرب إلى الاعتبار من تلك الرواية القائلة: إنه لما خطب «صلى الله عليه وآله» ابنة أبي بكر قال له أبو بكر: هل تصلح له؟ إنما هي بنت أخيه.
فأخبره «صلى الله عليه وآله»: أنه أخوه في الإسلام، وهو أخوه، وابنته تصلح له، فأنكحه حينئذٍ أبو بكر([41]).
فإن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يؤاخ أبا بكر ولا أحداً من الناس قبل خطبته عائشة، لأنه إنما آخى بين المهاجرين قبل الهجرة بقليل، وهو إنما خطب عائشة قبل الهجرة بحوالي ثلاث سنوات.
ولو كان أبو بكر يتوهم: أن أخوة الإسلام تمنع من ذلك، فإن ذلك يعني: أن يكون أبو بكر قد بقي عدة سنوات، بل من أول ظهور الإسلام يعتقد حرمة زواج أي مسلم بمسلمة، وهذا لا يتوهمه إلا أبو بكر، ولا يخطر ولم يخطر على بال أي من السذج والبسطاء، فكيف خطر في بال أبي بكر، الذي يعتقد فيه البعض كل حنكة وروية، وتعقل؟!. هذا عدا عن أننا لم نجده يعترض على زواج أي مسلم بمسلمة على الإطلاق.
أضف إلى ذلك: أنه قد تقدم في جزء سابق حين الكلام حول مؤاخاة النبي «صلى الله عليه وآله» بين أصحابه، وبينه وبين علي «عليه السلام»: أن علياً «عليه السلام» قال: أنا عبد الله وأخو رسوله، لا يقولها أحد بعدي إلا كذاب مفترٍ.

ح: متى كان تحريم الخمر؟!

ويروون عن علي بن الحسين «عليهما السلام»، عن أبيه، عن علي «عليه السلام»: أنه بينما كان يستعد لنقل فاطمة «عليها السلام» وعنده شارفان من الإبل، كان أخذهما من خمس غنائم بدر، قد أناخهما إلى جانب حجرة لبعض الأنصار، وإذا بحمزة بن عبد المطلب قد خرج عليهما من بيت كان يشرب فيه، وعنده قينة تغنيه: «ألا يا حمز للشرف النواء»
خرج عليهما وهو سكران؛ فجب أسنمتهما، وبقر خاصرتيهما، وأخرج كبدهما، ومضى لسبيله.
فشكاه علي «عليه السلام» إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ فجاء معه الرسول ورأى ما رأى، فنظر إليه حمزة، وصعد النظر إليه، وقال: وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟
فتركه «صلى الله عليه وآله» وانصرف، وذلك قبل تحريم الخمر([42]).
وفي رواية: أن حمزة قد فعل ذلك في واقعة أحد، حتى إن الرسول إنما رضي عنه في وسط المعركة، وبعد أن حمل عدة حملات صاعقة على العدو([43]).
وذلك لا يصح، أما:
أولاً: فلأن مختلف الروايات الواردة في زواج أمير المؤمنين تقول: إنه «عليه السلام» لم يكن يملك إلا درعه الحطمية، التي باعها وأنفق ثمنها على الزفاف، وتضيف بعض الروايات فرسه أيضاً.
ولو كان عنده شارفان من الإبل، لكان الأولى أن يذكرهما للنبي «صلى الله عليه وآله» حينما سأله عما يملك، مما يريد أن يقدمه مهراً، فلم يذكر له إلا درعه الحطمية؛ فلتراجع الروايات المتقدمة.
وثانياً: إن من المعلوم: أن زفاف فاطمة قد كان قبل أحد بعدة أشهر، فكيف تقول الرواية الثانية: إن ذلك قد كان في أحد؟.
كما أنهم قد قرروا: أن حمزة كان يوم أحد وقبله صائماً([44]).
فكيف يكون قد شرب الخمر، وفعل ما فعل في ذلك اليوم، أو في الذي قبله؟!.
وثالثاً: إن الخمر لم تكن سمعتها حسنة عند العرب، وكانوا يدركون سوءها، وقد حرمها عدد منهم على نفسه قبل مجيء الإسلام، مثل: أبي طالب([45]) وعبد المطلب([46])، وتقدم ذلك عن جعفر بن أبي طالب أيضاً كما رواه في الأمالي.
وذكر ابن الأثير: أن ممن حرمها على نفسه عثمان بن مظعون، وعباس بن مرداس، وعبد المطلب، وجعفر، وقيس بن عاصم، وعفيف بن معد يكرب العبدي، وعامر بن الظرب، وصفوان بن أمية، وأبو بكر، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن جدعان([47]).
وإن كنا نشك في ذلك بالنسبة إلى بعض من ذكرهم، مثل أبي بكر، وعبد الرحمن بن عوف، كما سنرى.
وأما ذكر عمر بن الخطاب مع هؤلاء، فلا شك في أنه من إضافات النساخ، جرياً على العادة في ذكر هذه الأسماء، لأنه كان من أشرب الناس للخمر في الجاهلية، بل لقد استمر على ذلك حتى بعد أن أسلم كما أوضحه العلامة الأميني([48]). وسيأتي إن شاء الله بعض من ذلك أيضاً.
ومهما يكن من أمر، فقد عد ابن حبيب ممن حرم الخمر على نفسه أيضاً: ورقة بن نوفل، وأبا أمية بن المغيرة، والحارث بن عبيد المخزوميين، وزيد بن عمرو بن نفيل، وعامر بن حذيم، وعبد الله بن جدعان، ومقيس بن قيس، وعثمان بن عفان، والوليد بن المغيرة، وشيبة بن ربيعة، وعبد المطلب بن هاشم([49]).
وإنما حرمها هؤلاء على أنفسهم، لأنهم رأوها لا تناسب كرامتهم وسؤددهم، كما يظهر من روايـة تنسب إلى أبي بـكـر؛ فقد روى ابن عساكر ـ وإن كان سيأتي عدم صحة هذه الرواية، لكننا نذكرها لدلالتها على سوء سمعة الخمر عند العرب ـ : أنه قيل لأبي بكر في مجمع من الصحابة: هل شربت الخمر في الجاهلية؟!
فقال: أعوذ بالله.
فقلت: ولم؟
قال: كنت أصون عرضي، وأحفظ مروءتي، فإن من شرب الخمر كان متضيعاً في عرضه ومروءته الخ..([50]).
وقال ابن الأثير: «وكان العباس بن مرداس ممن حرم الخمر في الجاهلية، فإنه قيل له: ألا تأخذ من الشراب، فإنه يزيد في قوتك؛ وجراءتك؟
فقال: لا أصبح سيد قومي، وأمسي سفيهاً، لا والله لا يدخل جوفي شيء يحول بيني وبين عقلي أبداً»([51]).
ومن عرف حمزة، واطلع على سمو نفسه، وعزته، وأنفته، وسجاياه، فإنه يرى: أنه لا يقصر عن هؤلاء، ولا عن غيرهم ممن حرمها على نفسه، إن لم يكن يزيد عليهم في كثير من الخصال والسجايا، التي تجعله يربأ بنفسه عن أمر كهذا.
ولعل حشر حمزة، بل وحتى أمير المؤمنين «عليه السلام»، الذي ربي في حجر النبوة، ليس إلا من أولئك الحاقدين على الإسلام وحماته، ممن يهمهم الطعن في كرامة كل هاشمي، كما هو ظاهر سيرة الأمويين والزبيريين، وأذنابهم ومن يتزلف لهم، ولو بالكذب والدجل والافتراء.
ورابعاً: إن الأقوال والروايات تكاد تكون متفقة على مخالفة رواية الشارفين المذكورة، لأن رواية الشارفين تقول: إن تحريم الخمر كان حين زفاف فاطمة «عليها السلام».
والأقوال في تحريم الخمر نشير إليها فيما يلي:

أقوال في تحريم الخمر:

هذا.. وقد ذكر أبو إسحاق السبيعي، وابن إسحاق، وغيرهما: أن الخمر قد حرمت سنة أربع من الهجرة([52]).
وقال آخرون: إنها قد حرمت سنة ست، جزم به الحافظ الدمياطي، ورجحه القسطلاني([53]).
وقال آخرون: إنها قد حرمت سنة ثلاث([54])، وآخرون: إنها حرمت سنة ثمان([55]).
قال أبو هريرة: لما نزل تحريم الخمر، كنا نعمد إلى الخلقانة الخ..([56]).
ومن المعلوم: أن أبا هريرة إنما أسلم عام خيبر.
ورأى آخرون: أن تحريمها كان في أول الهجرة، لقوله تعالى في سورة البقرة: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَآ أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا}([57]).
قالت عائشة: لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر، فنهى رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن ذلك([58]).
تحريم الخمر قبل الهجرة:
ونحن نقول: إن الخمر حرمت في مكة قبل الهجرة، ونستدل على ذلك بما يلي:
1 ـ عن معاذ بن جبل: إن أول ما نهى عنه النبي «صلى الله عليه وآله» حين بعث شرب الخمر، وملاحاة الرجال([59]).
وعن أبي الدرداء، أو معاذ بن جبل، عن النبي «صلى الله عليه وآله» قال: إن أول شيء نهاني عنه ربي بعد عبادة الأوثان: شرب الخمر وملاحاة الرجال.
قال الأبشهي: إن هـذا من أقـوال النبي «صلى الله عليه وآلـه» المتفق عليها([60]).
وقريب من ذلك ما روي عن أم سلمة عنه «صلى الله عليه وآله»، وحسب نص البيهقي عن أم سلمة عنه «صلى الله عليه وآله»: كان أول ما نهاني عنه ربي، وعهد إلي بعد عبادة الأوثان، وشرب الخمر لملاحاة الرجال([61]).
إلا أن يناقش في ذلك: بأن نهي الله له لا يستلزم أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد أبلغ ذلك للناس مباشرة، إذ لعل ذلك كان مختصاً به «صلى الله عليه وآله» لفترة من الزمن.
ويمكن الجواب، بأن جعله مقترناً بعبادة الأوثان يشعر بأنه على حده ومن قبيله، في التشريع وفي التبليغ..
هذا عدا عن أن رواية معاذ صريحة في أن الخمر كانت من أول ما نهى عنه النبي «صلى الله عليه وآله»، إلا أن تقرأ «نهي» بالبناء للمفعول.
قال العلامة الطباطبائي «رحمه الله»: «وقد تحقق بما قدمنا في تفسير آية الخمر والميسر: أن الخمر كانت محرمة من أول البعثة، وكان من المعروف من الدين: أنه يحرم الخمر والزنى»([62]).
2 ـ وقد روى الكليني والشيخ الطوسي «رحمهما الله»: ما يدل على أن الله ما بعث نبياً إلا وفي علم الله عز وجل: أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر، ولم تزل الخمر حراماً الخ..([63]).
فالخمر إذاً قد كانت محرمة في الشرائع السابقة، وقد جاءت هذه الشريعة لتتميم ما سبق، ولم ينسخ هذا التحريم، بل قد جاء التأكيد عليه، كما هو معلوم.
3 ـ قال أبو حاتم: كان النبي «صلى الله عليه وآله» يدعو الخلق إلى الله وحده لا شريك له، وكان أبو جهل يقول للناس: «إنه كذاب يحرم الخمر، ويحرم الزنى»([64]).
4 ـ قال تعالى في سورة الأعراف التي نزلت في مكة قبل الهجرة: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ}([65]).
وقد فسر أئمة أهل البيت «عليهم السلام»: «الإثم» في الآية بالخمر([66]).
كما أن أهل اللغة قد قرروا: أن الإثم معناه الخمر، قال الشاعر:
شـربـت الإثــم حتـى ضـل عقـلي        كـذاك الإثــم يـذهـب بـالعقـول
وقال آخر:
نهانـا رسـول الله: أن نـقـرب الخنـا    وأن نشرب الإثم الذي يوجب الوزرا
وقال آخر:
يشـرب الإثــم بـالصـواع جهـاراً        تـرى المسـك  بينـنــا  مستـعـارا([67])
هذا كله، عدا عن أن كون الخمر من الفواحش ظاهر، فإن العرب كانوا يدركون سوءها كما يظهر من الحلبي([68]).
ولذا نرى: أن عدداً كبيراً منهم ممن يحترم نفسه، وشرفه، وسؤدده، قد حرمها على نفسه، كأبي طالب «عليه السلام»، وعبد المطلب([69])، وجعفر بن أبي طالب([70])، وقيس بن عامر، وعامر بن الظرب، وصفوان بن أمية، وغيرهم ممن تقدم ذكرهم عن قريب.
بل إن عبد الله بن جدعان، الذي كان مولعاً بها، قد صرح بأنهم كانوا يسمونها بالسفاه، وأنه آنس بسببها الهوان، فهو يقول:
شـربـت الخـمر حتى قـال قـومـي       ألـست عـن السفــاه بمستـفـيـق
وحـتـى مـا أوســد فــي مـبـيـت أبـيـت بـه سـوى الترب السحيق
وحـتى أغـلـق الـحـانـوت مـالـي        وآنـسـت الـهـوان مـن الـصديق
ثم حرمها على نفسه؛ فلم يقربها([71]).
وبعد نزول هذه الآية، وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن؛ فلا يعقل أن يعتبرها العرب إلا من الفواحش. ثم إن عطف الإثم الذي هو الخمر على الفواحش، من باب عطف الخاص على العام، لمزيد الاهتمام به، وحرصاً على الردع عنه، لأنه مما تألفه النفوس عادة وتميل إليه، فيحتاج إلى مزيد من التأكيد والتكرار.
5 ـ لقد روى جماعة من المؤرخين: أن أعشى قيس خرج إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، يريد الإسلام، وقد مدحه بقصيدة أولها:
ألـم تـغـتمض عينـاك ليـلة أرمـدا       وبـت كـما  بـات السـليم  مسهـدا
فلما كان بمكة أو قريباً منها، اعترضه بعض مشركي قريش ـ أبو جهل أو أبو سفيان كما سنرى ـ فسأله عن أمره؛ فأخبره أنه جاء ليسلم، فقال له:
«يا أبا بصير، إن محمداً يحرم الزنى!
فقال الأعشى: والله إن ذلك لأمر ما لي فيه من إرب.
فقال: وإنه ليحرم الخمر!
فقال الأعشى: أما هذه ففي النفس منها لعلالات. ولكني منصرف فأرتوي منها عامي هذا، ثم آتيه فأسلم، فانصرف راجعاً، ومات في عامه»([72]).
وناقش البعض هذه الرواية: بأن الخمر إنما حرمت في سورة المائدة، وهي آخر ما نزل من القرآن. وفي الصحيحين من ذلك قصة حمزة والشارفين. فإن صح خبر الأعشى، وما ذكر له في الخمر، فلم يكن هذا بمكة، وإنما كان بالمدينة، ويكون القائل له: أما علمت أنه يحرم الخمر من المنافقين، أو من اليهود، فالله أعلم. وفي القصيدة مما يدل على هذا قوله «فإن لها في أهل يثرب موعداً».
وقد ألفيت للقالي رواية عن أبي حاتم، عن أبي عبيدة، قال: لقي الأعشى عامر بن الطفيل في بلاد قيس ـ وهو مقبل إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»؛ فذكر له: أنه يحرم الخمر، فرجع، فهذا أولى بالصواب([73]).
وفي رواية أبي الفرج، وابن قتيبة: أن أبا سفيان هو الذي كلم الأعشى، وأن ذلك كان والمشركون مع الرسول «صلى الله عليه وآله» في هدنة([74]). ولكن هذه المناقشات لا يمكن قبولها، فإن قصة الشارفين قد تقدم أنها لا يمكن أن تصح.
وكونها إنما حرمت في سورة المائدة أيضاً قد تقدم ما فيه، وأنها قد حرمت قبل ذلك في سورة مكية.
كما أن نزول القرآن بتحريمها لا ينافي تحريمها على لسان النبي «صلى الله عليه وآله» قبل ذلك.
وأما قولهم: إن عامر بن الطفيل هو الذي قال للأعشى ذلك. فلا يمكن قبوله، إذ قد صرح آخرون: بأن القائل للأعشى ذلك هو أبو جهل، وبالذات في دار عتبة بن ربيعة في مكة([75]) وأبو جهل قتل في بدر قبل نزول سورة المائدة، وقبل هدنة الحديبية بسنوات.
أما رواية القتيبي، وأبي الفرج فقد صرحت بأن القائل للأعشى ذلك هو أبو سفيان([76]).
وبعد تحديد تلك الروايات: أن هذا قد جرى قرب مكة، بل وفي مكة نفسها، وبالذات في دار عتبة بن ربيعة، فلا يمكن الالتفات إلى رواية أخرى ربما يكون الرواة قد تصرفوا فيها لتلائم ما يعتقدونه من أن الخمر قد حرمت بعد الهجرة.
ولربما يكون هذا هو السر في تبديلهم كلمة «يثرب» بكلمة «مكة» في الشعر المنسوب إليه، وهو الدالية المتقدمة. وإذا كان ذلك القول قد قيل في مكة أو بالقرب منها، فلا يعقل أن يكون ذلك بعد الهجرة، وذلك لأن الأعشى كان يسكن: «منفوحة» باليمامة، والطريق بينها وبين المدينة مستقيم لا يمر على مكة، والمرور على مكة لا يكون إلا بقصد مستقل لها، إذ لا يعقل سلوك طريق دائري كهذا لمن يريد المدينة. ولعل فيما ذكرناه كفاية.

لا تدرج في تحريم الخمر:

وفي مجال آخر نقول:
إنه ليس ثمة تدرج في تحريم الخمر كما ادعاه بعضهم([77])، وإنما حرمت بشكل نهائي وقاطع في مكة؛ ثم صارت تحصل تعديات ومخالفات؛ فكان يتكرر النهي عنها لأجل تلك المخالفات في الموارد الخاصة.
ويظهر ذلك من ملاحظة خصوصيات الآيات والموارد التي نزلت فيها.
والظاهر: أن إلف الناس للخمر، وحبهم لها، والتذاذهم بها ـ مع أنهم يدركون مساوئها ـ يدل على أن تركها كان صعباً عليهم؛ لأنهم يرون أن ذلك لسوف يفقدهم لذة تحبها نفوسهم، وأليفاً تهفو إليه قلوبهم. ولذلك تراهم يسألون عنها، ويكررون السؤال، ويجيبهم القرآن ببيان مساوئها، وبالزجر عنها، ولكنهم عنها لا ينتهون، وغير معاقرتها لا يطلبون، وهم بذلك لأحكام الله يخالفون. حتى الكبار منهم، وحتى أبو بكر، وعمر، وابن عوف وغيرهم([78]) كما سيأتي عن قريب.
بل يظهر: أن بعضهم لم يتركها حتى وفاة الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله»([79]).
بل يروي ابن سعد: عن الشعبي: أنه مر على مسجد من مساجد جهينة فقال: «أشهد على كذا وكذا من أهل هذا المسجد من أصحاب النبي «صلى الله عليه وآله» ثلاثمائة يشربون نبيذ الدنان في العرائس»([80]).
انتهينا! انتهينا:
ويقولون: إنه بعد حرب بدر شرب عمر الخمر، وشج رأس عبد الرحمن بن عوف بلحى بعير، ثم قعد ينوح على قتلى بدر من المشركين في ضمن أبيات تقول:
وكـائـن بـالقليب قـليب   بـــدر             مـن الفتيـان والــعــرب   الـكرام
وكــائـن بـالقـليب قليـب بــدر                   مـن الشـيـزى المـكلـل   بـالسنـام
أيـوعــدني ابـن كبشـة أن  سنحيا                 وكـيــف حـيــاة  أصـداء  وهـام
أيـعـجـز أن يـرد المـــوت عـنـي                  ويـنـشـرنـي إذا بـلـيـت   عظامي
ألا مـن مـبـلـغ الـرحمـن  عـنــي                  بـأنــي تــارك شــهــر  الصيــام
فــقــل لله يـمـنـعـنـي شــــرابي               وقــل لله يـمـنـعـنـي  طــعــامي
فبلغ ذلك الرسول؛ فخرج مغضباً، فرفع شيئاً كان في يده؛ فضربه به، فقال: أعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فأنزل الله تعالى:
{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ الله وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}([81]).
فقال عمر: انتهينا، انتهينا([82]).
وتعبير عمر ب‍ «انتهينا انتهينا» موجود في عشرات المصادر، وإن كانت هذه القصة لم تذكر فيها([83]).
وسورة المائدة من أواخر ما نزل، بل يقال: إنها نزلت في حجة الوداع.
وهذا يعني: أنهم ما كانوا يلتزمون كثيراً بالنواهي الواردة عن شرب الخمر، كما أشرنا إليه آنفاً.
وعلى كل حال، فإن روايات شرب عمر للخمر بعد الهجرة كثيرة جداً([84]) وقد أتي في خلافته بأعرابي قد سكر فطلب له عذراً، فلما أعياه قال: إحبسوه فإن صحا فاجلدوه، ودعا عمر بفضله ودعا بماء فصبه عليه فكسره، ثم شرب وسقى أصحابه، ثم قال: هكذا فاكسروه بالماء إذا غلبكم شيطانه.
قال: وكان يحب الشراب الشديد([85]).
بل نجد: أن ركوة عمر كانت تسكر كل من يشرب منها، حتى بعد توليه الخلافة، وقضية إقامته الحد على من شرب من ركوته فسكر معروفة.
وقد اعترض عليه بقوله: «يا أمير المؤمنين إنما شربت من ركوتك»؟! فكان اعتذار عمر عن ذلك بأنه إنما حده لسكره لا لشربه!!([86]).
وهذا فقه جديد، ما عهدناه من غيره!! وقد أخذ به بعضهم، حين ذكر: أن السكر كان حراماً، لكن الشرب لم يكن محرماً، ثم ورد تحريم الشرب بعد الهجرة بسنوات([87]).
والكلام حول هذا الموضوع طويل جداً لا مجال له هنا.

تحريف متعمد:

والغريب في الأمر: أن الرواية الآنفة الذكر، قد ذكرها الزمخشري في ربيع الأبرار ناسباً لها إلى عمر بن الخطاب كما رواها غيره، واستدل بها الفقهاء الذين يرون في الصحابة مثالاً يحتذى في كل شيء. ولكن محمد بن قاسم الذي انتخب كتابه من ربيع الأبرار بالذات وسماه: «روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار» قد تعمد تحريف هذه القضية، فذكر اسم علي «عليه السلام» بدل اسم عمر([88]). «فتبارك الله أحسن الخالقين».

وأما أبو بكر:

فيقول الفاكهي: إن الذي أنشد الأبيات المتقدمة في رثاء قتلى بدر هو أبو بكر، ومطلع الأبيات هكذا:
تـحـيـي أم بــكــر بـالســـلام              وهـل لي بـعـد قـومك من سلام([89])
واعتمد نفطويه على هذه الرواية، فقال: شرب أبو بكر الخمر قبل أن تحرم، ورثى قتلى بدر من المشركين([90]).
ويؤيده رواية رواها أبو الجارود، عن أبي جعفر «عليه السلام» في هذا الشأن، فلتراجع([91]).
وقد بلغ شيوع شرب أبي بكر للخمر حداً اضطرت معه عائشة إلى التصدي للدفاع عن أبيها: فكانت تقول: «ما قال أبو بكر شعراً قط في جاهلية ولا إسلام، ولقد ترك هو وعثمان شرب الخمر في الجاهلية»([92]).
وعنها: «لقد حرم أبو بكر الخمر على نفسه في الجاهلية»([93]).
ويظهر: أن أم المؤمنين قد فشلت في الدفاع عن أبيها، ولذلك نرى الزهري يروي عن عروة، عن عائشة: أنها كانت تدعو على من يقول: إن أبا بكر الصديق قال هذه القصيدة، ثم تقول: «والله ما قال أبو بكر شعراً في جاهلية ولا في إسلام»([94]) ثم تنسب القضية إلى رجل آخر يُدَّعى أن اسمه أبو بكر بن شعوب.
ولكننا لا ندري ما تقول أم المؤمنين في قولهم المعروف: «كان أبو بكر شاعراً، وكان عمر شاعراً، وكان علي أشعر الثلاثة»([95]).
بل ذكر البعض: أن الخلفاء الأربعة كانوا أشعر الصحابة، وكان أبو بكر أشعر الخلفاء، وقد جمع البعض له ديواناً تعجز عن تقريضه أفواه المحابر، وألسنة الأقلام، رتبه على حروف المعجم([96]).
ويعلق العلامة الأميني على تعليق الحكيم الترمذي على حديث شرب أبي بكر للخمر بقوله: «هو مما تنكر القلوب»([97]).
فيقول: «فكأن الترمذي وجد الحديث دائراً سائراً في الألسن، غير أنه رأى القلوب تنكره»([98]).
كما أن العسقلاني قد حذا حذو الترمذي، فإنه بعد أن ذكر أن ابن مردويه يذكر أبا بكر وعمر في من شرب الخمر في بيت أبي طلحة قال: «وهو منكر، مع نظافة سنده، وما أظنه إلا غلطاً»([99]).
ثم إنه بعد ذكره لقضية: «تحيي أم بكر بالسلام» قال: «وأبو بكر هذا يقال له: ابن شغوب، فظن بعضهم أنه أبو بكر الصديق، وليس كذلك.
ولكن قرينة ذكر عمر تدل على عدم الغلط في وصف الصديق، فحصلنا على تسمية عشرة»([100]).
فهو كما ترى قد عاد وأقر بأن أبا بكر كان فيمن شرب الخمر في بيت أبي طلحة([101]).

الكذب على علي :

بقي أن نشير إلى أننا نشهد لدى بعض الناس حرصاً شديداً على حشر علي أمير المؤمنين «عليه السلام» في أمر مشين كهذا.. فبذلوا محاولات عديدة ومتنوعة في هذا السبيل.
ولكنها كانت محاولات فاشلة وعقيمة، فإن الكل يعلم: أنه «عليه السلام» قد تربى في حجر النبوة، وتهذب وتأدب منذ نعومة أظفاره بأدب الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله»؛ ولم نعهد منه إلا الامتثال والخضوع المطلق لأوامر وتوجيهات معلمه وسيده ومربيه، حتى لقد أثر عنه قوله: «أنا عبد من عبيد محمد».
وسيرته عليه الصلاة والسلام خير شاهد ودليل على ما نقول، ولسوف نقرأ: أنه حينما قال له رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم خيبر: «إذهب، ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك»، مشى «عليه السلام» هنيهة، ثم قام، ولم يلتفت للعزمة. ثم قال: على ما أقاتل الناس؟!
قال النبي «صلى الله عليه وآله»: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله الخ..»([102]).
ولعله لأجل هذا بالذات تقرأ أيضاً: أن النبي «صلى الله عليه وآله» يأمر رسوله إلى علي «عليه السلام»: أن لا يناديه من خلفه([103]).
وهو بعد ذلك كله، من أهل البيت، الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وإن رغمت أنوف الحاقدين والشانئين.
وأما بالنسبة للصحابة، فلو أردنا استقصاء مخالفاتهم في هذا المجال، لملأنا عشرات الصفحات من أحداث، ومن مصادر لها. والحر تكفيه الإشارة.

لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى:

ويروون ـ عن علي «عليه السلام» (!!) ـ أنه قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً؛ وسقانا من الخمر؛ فأخذت الخمر منا، وحضرت الصلاة؛ فقدموني، فقرأت:  {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ}([104])، ونحن نعبد ما تعبدون، فأنزل الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ}([105]).
وعن عكرمة في الآية قال: نزلت في أبي بكر، وعمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، صنع علي لهم طعاماً وشراباً، فأكلوا، وشربوا، ثم صلى علي بهم المغرب؛ فقرأ: قل يا أيها الكافرون، حتى خاتمتها؛ فقال: ليس لي دين، وليس لكم دين، فنزلت: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} ([106]).
وعن علي، أنه كان هو وعبد الرحمن بن عوف، ورجل آخر، شربوا الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن: فقرأ: قل يا أيها الكافرون، فخلط فيها؛ فنزلت: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى}([107]).
وعن الحاكم عن علي «عليه السلام»: دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب، فتقدم رجل وقرأ قل يا أيها الكافرون، فالتبس عليه فنزلت([108])
وفي رواية أخرى عن علي «عليه السلام»: أن رجلاً من الأنصار دعاه، وعبد الرحمن بن عوف، فسقاهما قبل أن تحرم الخمر، فأمهم علي في المغرب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون؛ فخلط فيها، فنزلت الخ..([109]).
وفي بعض الروايات: أنه قرأ: «قل يا أيها الكافرون؛ فلم يقمها»([110]). ورواية أخرى لا تصرح باسم أحد، لكنها تقول: فشربها رجل، فتقدم، فصلى بهم، فقرأ: قل يا أيها الكافرون، أعبد ما تعبدون، فنزلت الخ..([111]).
وفي رواية أخرى عن عوف: فشربها رجلان؛ فدخلا في الصلاة، فجعلا يهجران كلاماً؛ لا يدري عوف ما هو([112]).
المناقشة:
ونقول: إن ذكر علي «عليه السلام» في الرواية المذكورة لا يصح، بل إن الرواية بمجملها محل شك وشبهة لدينا، ونستند في حكمنا هذا إلى ما يلي:
أولاً: إن الروايات المتقدمة فيها العديد من موارد التنافي والتناقض.
1 ـ فهل الذي صنع الطعام هو عبد الرحمن بن عوف؟ أم هو علي «عليه السلام»؟! أم هو رجل من الأنصار؟!
2 ـ وهل الذي صلى بهم إماماً هو علي «عليه السلام»؟ أم عبد الرحمن بن عوف، أم هو فلان الذي لم يسم؟!
3 ـ وهل قرأ القارئ في الصلاة: قل يا أيها الكافرون إلى آخرها،
ثم قال: ليس لي دين، وليس لكم دين؟
أم أنه قرأ: قل يا أيها الكافرون: أعبد ما تعبدون؟!
أم أنه قرأ: قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون، ونحن نعبد ما تعبدون؟!
أم أنه قرأ: ونحن عابدون ما عبدتم؟!([113]).
أم أنه قرأ: قل يا أيها الكافرون أعبد ما تعبدون، وأنتم عابدون ما أعبد، وأنا عابد ما عبدتم، لكم دينكم ولي دين، كما جاء في بعض الروايات؟!([114]).
أم أنه جعل يهجر كلاماً في الصلاة، لا يدري عوف ما هو؟!..
4 ـ وهل كان الحاضرون ثلاثة أشخاص فقط: علي، وعبد الرحمن بن عوف، ورجل من الأنصار؟
أم كانوا خمسة أشخاص: أبو بكر وعمر، وعلي، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد؟!
أم أن الشارب كان رجلاً واحداً، كما هو ظاهر النص الأخير، وهو ظاهر رواية الحاكم؟!
5 ـ وهل كان الذي شربها رجل واحد، ودخل في الصلاة، أم شربها رجلان، ودخلا في الصلاة؟!..
وكما يقولون: لا حافظة لكذوب..
وثانياً: قد تقدم أن الخمر قد حرمت في مكة قبل الهجرة، وذكرنا لذلك العديد من الدلائل والشواهد، مثل رواية معاذ بن جبل([115])، وأم سلمة([116])، وأبي الدرداء.. وغير ذلك.
وثالثاً: قال الحلبي الشافعي: إن الخمر قد حرمت ثلاث مرات([117])، وروى أحمد ذلك عن أبي هريرة أيضاً([118]).
والمقصود: إن كان أنها قد حرمت أولاً في مكة في أول البعثة، فلا تصح الرواية المتقدمة، وإن كان المقصود أنها قد حرمت في سورة البقرة، ثم في سورة النساء النازلتين في أول الهجرة، فإننا نقول:
إن النحاس يرى: أن سورة النساء مكية، وقال علقمة: إن قوله تعالى: يا أيها الناس حيث وقع إنما هو مكي([119]).. وعليه، بل وحتى على تقدير نزولها أول الهجرة، فإن التحريم يكون قد سبق وقوع القصة المتقدمة التي يرون أنها قد حصلت في المدينة في سنة ثلاث، أو أربع، أو في سنة ست الخ.. حسبما تقدمت الإشارة إليه.
ورابعاً: إن المروي عن أئمة أهل البيت «عليهم السلام»، وعن الضحاك: أن المراد في قوله تعالى: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى}([120]): هو سكر النوم([121]).
وخامساً: قد روى القطان في تفسيره، عن الحسن البصري، قال: إن علياً لم يقبل أن يشرب معهم في دار أبي طلحة، بل خرج من بينهم ساخطاً على ما يفعلون، قال الحسن: «والله الذي لا إله إلا الله هو، ما شربها قبل تحريمها، ولا ساعة قط»([122]).
نعم.. وهذا هو الذي ينسجم مع خلق علي «عليه السلام»، ووعيه، وهو الذي تربى في حجر الرسالة، وكان يلازم النبي «صلى الله عليه وآله» ملازمة الظل لصاحبه..
وسادساً: قال الحاكم: «إن الخوارج تنسب هذا السكر، وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، دون غيره، وقد برأه الله منها؛ فإنه راوي هذا الحديث»([123]).
وذلك لأن رواية الحاكم ليس فيها أنه «عليه السلام» قد شربها، كما أنها تنص على أن غيره هو الذي صلى بهم، وعلى حسب نص

الجصاص:

عن علي قال: دعا رجل من الأنصار قوماً؛ فشربوا من الخمر؛ فتقدم عبد الرحمن بن عوف لصلاة المغرب؛ فقرأ: قل يا أيها الكافرون، فالتبس عليه، فأنزل الله تعالى: {لاَ تَقْرَبُواْ..} الخ..([124]).

إتهام بريء آخر:

وأخيراً فإننا نجد في بعض الروايات تسجيل اتهام ضد بريء آخر، ألا هو عثمان بن مظعون، وأنه كان فيمن شرب الخمر، حتى نزلت: {لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} الخ..([125]).
وقد رد العلامة الأميني على ذلك بقوله: «هذا افتراء على ذلك الصحابي العظيم. وقد نص أئمة التاريخ والحديث على أنه ممن حرم على نفسه الخمر في الجاهلية، وقال: لا أشرب شراباً يذهب عقلي، ويضحك بي من هو أدنى مني، ويحملني على أن أنكح كريمتي»([126]).
ونزيد نحن: أن عثمان بن مظعون قد مات قبل هذه القضية بمدة طويلة كما هو معلوم.

سر الافتراء:

ولا نريد أن نفيض في بيان سر حياكة هذه الأكاذيب، فإنه قد كان ثمة تعمد لإيجاد شركاء لأولئك الذين ارتكبوا هذه الشنيعة، ممن يهتم أتباعهم بالذب عنهم، فلما لم يمكنهم تكذيب أصل القضية عمدوا إلى إشراك أبرياء معهم، ليخف جرم أولئك من جهة، وسعياً في تضعيف أمر هؤلاء من جهة أخرى..
ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره، وينزه أولياءه، ويطهرهم، ويصونهم من عـوادي الكذب والتجني.. وليذهب الآخرون بعارها وشنارها، وليكن نصيب محبيهم وأتباعهم، والذابين عنهم بالكذب والبهتان، الخزي والخذلان وسبحان الله، وله الحمد، فإنه ولي المؤمنين، والمدافع عنهم..

خطبة علي بنت أبي جهل:

وتحكى ههنا قصة خطبة علي «عليه السلام» بنت أبي جهل، ومن حقها أن تذكر في السنة الثامنة من الهجرة، ولكن بما أنها لا ريب في أسطوريتها كما سيتضح، فإننا نذكرها هنا ونبين كذبها، لمناسبة واضحة بين الحديث عن زواجه «عليه السلام» بفاطمة، وخطبته لغيرها؛ فنقول:

الحديث الموضوع:

في البخاري وغيره، عن المسور بن مخرمة، قال: سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» يقول، وهو على المنبر: إن بني هشام بن المغيرة استأذنوني في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب، فلا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، ثم لا آذن لهم، إلا أن يريد ابن أبي طالب: أن يطلق ابنتي، وينكح ابنتهم؛ فإنما هي بضعة مني، يريبني ما أرابها، ويؤذيني ما آذاها.
وفي البخاري وغيره أيضاً، عن المسور: أن فاطمة أتت رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقالت: يزعم قومك: أنك لا تغضب لبناتك، وهذا علي ناكح ابنة أبي جهل.
فسمعته حين تشهد يقول: إني أنكحت أبا العاص بن الربيع، فحدثني وصدقني، وإن فاطمة بضعة مني، وإني أكره أن يسوءها. والله، لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل واحد، فترك علي الخطبة.
وفي رواية أخرى لمسلم والبخاري وغيرهما: أن المسور قال: سمعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» على المنبر وهو يخطب في ذلك، وأنا محتلم، فقال: إن فاطمة مني، وأنا أخاف أن تفتن في دينها..
إلى أن قال: وإني لست أحرم حلالاً، ولا أحل حراماً، ولكن والله، لا تجتمع بنت رسول الله، وبنت عدو الله مكانا واحداً أبداً.
وذكر مصعب الزبيري: أن علياً خطب جويرية([127]) بنت أبي جهل، فشق ذلك على فاطمة، فأرسل إليها عتاب: أنا أريحك منها؛ فتزوجها؛ فولدت له عبد الرحمن بن عتاب.
وقال ابن إسحاق: حدثني من لا أتهم: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كان يغار لبناته غيرة شديدة، كان لا ينكح بناته على ضرة([128]).
وعند الحاكم: أن علياً خطب بنت أبي جهل؛ فقال له أهلها: لا نزوجك على فاطمة([129]).
وعند ابن المغازلي: أنه «عليه السلام» خطب أسماء بنت عميس؛ فأتت فاطمة إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فقالت: إن أسماء بنت عميس متزوجة علياً.
فقال: ما كان له أن يؤذي الله ورسوله([130]).
وقد نظم مروان بن أبي حفصة هذه القصة في قصيدة يمدح بها الرشيد، فكان مما قال:
وسـاء رسـول الله إذ ســاء بـنـتـه      بـخطـبتـه بـنـت اللعين أبي جهل
فـذم رســول الله صـهـر أبيكـــم على منبر بالمنطق الصادع الفصل([131])

المناقشة:

ونحن نعتقد ـ كما يعتقد ابن شهراشوب([132]) ـ أنه لا ريب في كذب هذه الرواية، وذلك استناداً إلى ما يلي:
أولاً: إن الروايات مختلفة ومتناقضة، كما يظهر بالمراجعة والمقارنة.
أضف إلى ذلك: أن ما جاء في هذه الروايات لا ينسجم مع ما تقدم في بحث تكنية علي «عليه السلام» بأبي تراب: من أنه «عليه السلام» لم يسؤ فاطمة قط.
وثانياً: عن بريدة: أنه لما استلم علي «عليه السلام» الغنائم من خالد بن الوليد في غزوتهم لبني زبيد، حصلت جارية من أفضل السبي في الخمس، ثم صارت في سهم آل علي، فخرج عليهم علي «عليه السلام» ورأسه يقطر، فسألوه؛ فأخبرهم: أنه وقع بالوصيفة التي صارت في سهم آل علي.
فقدم بريدة في كتاب من خالد على النبي «صلى الله عليه وآله»، وصار يقرؤه عليه بريدة، ويصدق (أي بريدة) ما فيه، فأمسك «صلى الله عليه وآله» بيده، وقال: يا بريدة أتبغض علياً؟
قال: نعم.
فقال «صلى الله عليه وآله»: لا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حباً، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة.
وفي نص آخر: فتكلم بريدة في علي عند الرسول، فوقع فيه، فلما فرغ رفع رأسه، فرأى رسول الله غضب غضباً لم يره غضب مثله إلا يوم قريظة والنضير، وقال: يا بريدة، أحب علياً، فإنه يفعل ما آمره. وكذا روي عن غير بريدة([133]).
وفي الرواية التي عند المفيد رضوان الله عليه: «فسار بريدة، حتى انتهى إلى باب النبي «صلى الله عليه وآله»، فلقيه عمر، فسأله عن حال غزوتهم، وعن الذي أقدمه؛ فأخبره: أنه إنما جاء ليقع في علي، وذكر له اصطفاءه الجارية من الخمس لنفسه، فقال له عمر: امض لما جئت له؛ فإنه سيغضب لابنته مما صنع علي»([134]).
وثالثاً: وفي محاورة بين عمر وابن عباس، كان مما قاله ابن عباس له: يا أمير المؤمنين، إن صاحبنا من قد علمت، والله، إنه ما غير ولا بدل، ولا أسخط رسول الله «صلى الله عليه وآله» أيام صحبته له.
فقال: ولا في ابنة أبي جهل، وهو يريد أن يخطبها على فاطمة رضي الله عنها؟
قلت: قال الله في معصية آدم «عليه السلام»: {وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً}([135])؛ فصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولكن الخواطر التي لا يقدر أحد على دفعها عن نفسه. وربما كانت من الفقيه في دين الله، العالم بأمر الله، فإذا نبه عليها رجع وأناب.
فقال: يا ابن عباس، من ظن أنه يرد بحوركم، فيغوص فيها معكم حتى بلغ قعرها؛ فقد ظن عجزاً([136]).
فابن عباس يصارح الخليفة بأن علياً لم يغضب الرسول، ولا أراد ذلك، ولا عزم عليه، ثم هو قد أنكر قضية بنت أبي جهل، واعتبرها من الخواطر التي ربما تمر، ولا يقدر أحد على دفعها، وصدقه بذلك عمر.
ويلاحظ هنا: مهارة ابن عباس في تكذيب هذه القضية، حيث لم يواجه الخليفة الثاني صراحة بذلك، وإنما جاءه من الطريق المعقول والمقبول عنده، وقطع عليه كل طريق حتى قال له: «من ظن أنه يرد بحوركم الخ..».
ويكاد النقيب أبو جعفر محمد بن أبي زيد، الذي وصفه ابن أبي الحديد بأنه منصف، ولا يمكن اتهامه بالتشيع ـ كما تقدم في غزوة بدر ـ يكاد يصرح بأن عمر هو الذي أوحى للناس بأن النبي قد غضب من علي في هذه القضية، فهو يقول عنه:
«ثم عاب علياً بخطبته بنت أبي جهل؛ فأوهم أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» كرهه لذلك، ووجد عليه»([137]).
ورابعاً: إننا في نفس الوقت الذي نجد فيه النبي «صلى الله عليه وآله» يقرر: أنه لا يتصرف في هذا المورد من موقع الولاية، وكونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، حيث يقول في خطبته: «إني لست أحرم حلالاً، ولا أحل حراماً»، نجده يفرض على علي أن يطلق ابنته، إن أراد تزوج ابنة أبي جهل؛ مع أن الله قد جعل الطلاق بيد الزوج، وليس للزوجة ولا لأبيها حق فرض ذلك عليه.
ثم هو ينهى علياً عن الزواج بالثانية، مع أن الله تعالى أحل الزواج من مثنى وثلاث ورباع([138]).
وإذا كان يحرم على علي الزواج في حياة فاطمة لخصوصية لها([139])
وكان هذا الحكم لم يبلغ إلى علي «عليه السلام» حتى ذلك الوقت؛ فهو لا يستحق هذا التشهير القاسي.
وإن كان «صلى الله عليه وآله» قد بلغه إياه، فلماذا يقدم علي الذي نصت آية التطهير على طهارته من كل رجس، على أمر محرم عليه، حتى يضطر النبي «صلى الله عليه وآله» إلى اتخاذ هذا الموقف منه؟
ولماذا يعمد إلى إيذاء فاطمة، وهو يسمع قوله «صلى الله عليه وآله»: فاطمة بضعة مني يؤذيها ما يؤذيني؟!
وكيف نوجه بعد هذا قوله «صلى الله عليه وآله»: لولا أن الله خلق علياً، لم يكن لفاطمة كفؤ، آدم فمن دونه؟!
بل إن الله تعالى هو الذي اختار علياً لفاطمة، فكيف يختار لها من يؤذيها ويغمها؟!([140]).
ثم ألم يكن لدى علي «عليه السلام» من الأدب والاحترام بمقدار ما كان لبني المغيرة؛ فيستأذنونه «صلى الله عليه وآله»، ولا يستأذنه علي «عليه السلام»؟!
ثم إننا لا ندري ما حقيقة إيمان، وجمال، ومزايا بنت أبي جهل ـ التي كانت من الطلقاء([141]) ـ حتى جعلت علياً يقدم على خلق مشكلة بهذا الحجم له، ولبني المغيرة، وحتى للنبي «صلى الله عليه وآله» نفسه.
ولماذا لم يكلم النبي «صلى الله عليه وآله» علياً سراً، ويطلب منه صرف النظر عن هذا الأمر؟!. أم أنه فعل ذلك، فرفض علي، حتى اضطر إلى فضحه، وتأليب الناس ضده بهذه الصورة؟!([142])
وكذلك الحال بالنسبة لبني المغيرة، لماذا لا يردعهم سراً عن تزويجه؟! أم أنه فعل ذلك، فلم يرتدعوا إلا بهذه الطريقة؟!. وإذا كانوا لا يرتدعون؛ فلماذا يستأذنون؟!.
واعتذار العسقلاني عن ذلك بأنه «صلى الله عليه وآله» أراد من خطبته على رؤوس الأشهاد: أن يشيع ذلك الحكم، ويأخذوا به على سبيل الإيجاب، أو الأولوية([143]).
لا يمكن قبوله، فقد كان يمكن أن يشيع هذا الحكم بالطرق الأخرى التي تشيع فيها سائر الأحكام، لا سيما وأنه ليس من الأحكام العامة التي يبتلي بها عامة المكلفين.
وأيضاً، فإن ذلك لا يتناسب مع كلمات النبي القاسية على المنبر، ولا مع تعريضاته القوية المشعرة بأن علياً قد ارتكب أمراً عظيماً.. هذا مع العلم بأنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن من عادته أن يواجه أحداً بما يعاب به؛ فكيف يعلن به على المنبر.
حتى إنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن يقدح بشهود المدَّعي بصورة صريحة، بل هو يدعو المتحاكمين إلى الصلح([144]).
بل إنه «صلى الله عليه وآله» كان إذا بلغه عن أحد شيء يكرهه لا يصرح باسمه، حتى ولو كان من جملة المنافقين، فحين بلغه قول زيد بن اللصيت، وهو من المنافقين، من أحبار اليهود: يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء، وهو لا يدري أين ناقته. قال «صلى الله عليه وآله»: «إن قائلاً قال: يزعم محمد أنه يأتيه خبر السماء ولا يدري أين ناقته، وإني والله الخ..»([145]).
واعتذار العسقلاني أيضاً عن ذلك: بأنه لعله مبالغة في رضا فاطمة «عليها السلام»، لأنها أصيبت بأمها وإخوتها، فكان إدخال الغيرة عليها يزيد من حزنها([146]).
لا يصح أيضاً؛ فإن رضا شخص لا يبرر تنقص شخص آخر على أمر مباح بل مستحب.
وكذلك فإن كون فاطمة «عليها السلام» قد أصيبت، لا يبرر منع زوجها من العمل بما هو مباح له.. وهل لم يصب أحد بأقربائه سواها؟ وهل كل من أصيبت بأقربائها تمنع زوجها من الزواج بأخرى؟!. لا سيما بعد مرور السنوات العديدة على ذلك!!
ولماذا لا يطلب العسقلاني من أبي بكر أن يبالغ في رضا فاطمة، حينما أصيبت في أبيها سيد البشر، فحرمها أبو بكر من إرثها، وعاملها بما هو معروف لدى كل أحد، حتى ماتت «عليها السلام» وهي هاجرة له، وأوصت أن تدفن ليلاً ولا يحضر جنازتها هو ولا الخليفة عمر؟.
ثم هناك تعريضه بعلي «صلى الله عليه وآله»، وأنه حدثه ولم يصدقه..
لا ندري كيف؟ ومتى؟ وأن أبا العاص (الذي بقي على شركه حتى أسلم مع طلقاء مكة كرهاً، أو طمعاً، والذي صرح الصادق «عليه السلام» بنفاقه كما نسب إليه)([147]) قد حدثه، فصدقه، كيف؟ ومتى؟ وفي أي مورد؟!.
وبعد، فما معنى: أن لا تجتمع بنت عدو الله وبنت رسول الله عند رجل؟ وقد جمع عثمان بين رقية وأم كلثوم بنتي بل ربيبتي رسول الله، وبين فاطمة بنت الوليد بن عبد شمس، ورملة بنت شيبة، وأم البنين بنت عيينة بن حصن، الذي كان من المنافقين.
ولو صحت خطبة علي لبنت أبي جهل فلماذا تتأذى فاطمة من العمل بحكم إلهي مشرع في القرآن وعلى لسان أبيها؟!.
ولماذا لا تكون مثال المرأة المؤمنة الراضية والمطمئنة؟
وأين هو إيمانها القوي وثباتها؟!.
ولماذا لا تكون كأي امرأة أخرى تواجه قضية كهذه؟!.
وكيف بلغ بها الأمر أن أصبح أبوها يخشى عليها الفتنة في دينها؟!
أكل ذلك من أجل أن زوجها يريد التزوج من امرأة أخرى؟!.
ثم ألم تسمع قول أبيها: جدع الحلال أنف الغيرة؟([148])
ولو كانت لم تسمع ذلك فلم لا يذكر لها أبوها ذلك حينما اشتكت من زوجها، أو على الأقل لماذا لا يتذكر هو ذلك، قبل أن يصعد المنبر ويتكلم بذلك الحماس، وتلك العصبية والقسوة؟!.
وهل يتناسب ذلك مع حكمته ونبل أخلاقه، وسمو نفسه، وما عرف به من الكظم والحلم؟!.
وهذا المأمون يجيب ابنته على شكواها من قضية كهذه بقوله: إنا ما أنكحناه لنحظر عليه ما أباحه الله تعالى. فهل كان المأمون أعلى نفساً، وأكرم أخلاقاً منه «صلى الله عليه وآله»؟! والعياذ بالله([149]).
وخامساً: قال السيد المرتضى: «وبعد، فأين كان أعداؤه «عليه السلام» من بني أمية وشيعتهم عن هذه الفرصة المنتهزة؟! وكيف لم يجعلوها عنواناً لما يتخرصونه من العيوب، والقروف؟! وكيف تمحلوا الكذب، وعدلوا عن الحق؛ وفي علمنا بأن أحداً من الأعداء متقدماً لم يذكر ذلك، دليل على أنه باطل موضوع»([150]).
وسادساً: وبعد كل ما تقدم: كيف يقول النبي «صلى الله عليه وآله» لبنت أبي جهل، (بنت عدو الله)، على المنبر، وهو الذي منع الناس من أن يقولوا لعكرمة أخيها: (ابن عدو الله)، وقال كلمته الخالدة: يأتيكم عكرمة مهاجراً؛ فلا تسبوا أباه، فإن سب الميت يؤذي الحي؟!([151]).
وسابعاً: إن المسور بن مخرمة قد ولد في السنة الثانية للهجرة، فكيف يقول: إنه سمع النبي «صلى الله عليه وآله» يخطب على المنبر وهو (يعني المسور) محتلم؟!.
ووجه ذلك ابن حجر: بأن المراد بالاحتلام كمال العقل([152]).
وهذا التوجيه يخالف كلاً من اللغة والعرف، فلا يقال لطفل عمره ست سنين: إنه محتلم. مهما كان له من الدراية، ومن العقل والفطنة([153]).

الرواية الأقرب إلى القبول:

وأخيراً، فإن السيد المرتضى يرى: أن هذه الأسطورة إنما رواها الكرابيسي البغدادي، صاحب الشافعي، والكرابيسي معروف بنصبه وانحرافه عن أمير المؤمنين «عليه السلام»([154]).
ولعلك تقول: إن الرواية بكيفيتها المتقدمة لا ريب في بطلانها وافتعالها، إلا أننا لا نمانع في أن يكون لها أصل سليم عن كل ما قدمناه، ولا يتنافى مع روحية، وعصمة النبي «صلى الله عليه وآله»، ووصيه، وبضعته الزهراء «عليها السلام».
وذلك بأن يكون قد خطر له «عليه السلام» أن يخطب بنت أبي جهل لمصلحة رآها، فاستشار رسول الله «صلى الله عليه وآله». فلم ير منه تشجيعاً، فانصرف عن ذلك.
وقد ألمحت رواية إلى ذلك؛ فذكرت: أن علياً «عليه السلام» خطب ابنة أبي جهل إلى عمها الحارث بن هشام، فاستشار علي «عليه السلام» رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فقال «صلى الله عليه وآله»: أعن حسبها تسألني؟
قال علي: قد أعلم ما حسبها، ولكن أتأمرني بها؟
قال: لا، فاطمة بضعة مني، ولا أحب أنها تحزن أو تجزع.
قال علي: «لا آتي شيئاً تكرهه»([155]).
ونقول في الجواب:
إن هذه الرواية قاصرة
عن إفادة المعنى المقصود، لا سيما وأنها تشتمل على التناقض في مضمونها، إذ لا معنى للخطبة، ثم الاستشارة، بل الاستشارة تكون قبل الخطبة، لا سيما بملاحظة قوله: أتأمرني بها الخ..
كما أنها لا تزال تتهم الزهراء «عليها السلام» بأنها تحزن وتجزع من فعل الأمر المحلل يضاف. إلى ذلك كله أن هناك ما يدل على تحريم النساء على علي «عليه السلام» في حياة فاطمة كرامة وإجلالاً لها «صلوات الله وسلامه عليها».. فلماذا يخالف علي «عليه السلام» هذا الحكم الثابت؟!.
إلا أن يقال: إنه لم يكن عالماً به، قبل هذه الحادثة. وقد علم به بعدها..
ولكنه قول غير مقبول، بملاحظة: أنه «عليه السلام» باب مدينة علم الرسول «صلى الله عليه وآله»، وهو أيضاً الإمام المعصوم الذي لا يحتمل في حقه الجهل بتكاليف نفسه.
وأخيراً، فإن كلام ابن عباس الذي قدمناه في جوابه لعمر بن الخطاب يؤيد هذه الرواية أيضاً.
ولربما تكون فاطمة قد عرفت بقول عمر، عن النبي «صلى الله عليه وآله»: «إنه سيغضب لابنته»؛ فاشتكته إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، لا أنها اشتكت علياً «عليه السلام» غيرة من خطبته امرأة أخرى. فإن فاطمة أجل وأرفع، وأعمق إيماناً من أن تفكر في أمر كهذا.


([1]) تاريخ الخميس ج1 ص411.
([2]) راجع: سيرة مغلطاي ص17. والقول الأخير يدل على أنها ولدت قبل البعثة بحوالي12 سنة ولم يقل بذلك أحد.
([3]) مستدرك الحاكم ج2 ص167 و 168، وسكت عنه الذهبي في تلخيص المستدرك، وسنن النسائي ج6 ص62، والخصائص للنسائي ص114، وتذكرة الخواص ص306 و 307، ومناقب آل أبي طالب ج3 ص345.
([4]) البحار ج43 ص108 و140 عن ابن بطة في الإبانة وعن غيره، وكفاية الطالب ص302 و 303، وكشف الغمة ج1 ص368.
([5]) صحيح ابن حبان، مخطوط في مكتبة: >قبوسراي< في إستانبول، وسنن النسائي ج6 ص62، ومستدرك الحاكم ج2 ص167، لم يتعقبه الذهبي، والسيرة الحلبية ج2 ص206، وتاريخ الخميس ج1 ص361، وكفاية الطالب ص304، وفضائل الخمسة ج2 ص133، والرياض النضرة ج3 ص142 و 145 وعن ابن عساكر ص79 عن أبي الحسن بن شاذان، وعن علي بن سلطان في مرقاته ج5 ص574 في الشرح، وليراجع ص142 ـ 145. والبحار ج43 ص107 و 108 عن البلاذري في التاريخ، وابن شاهين في فضائل الأئمة ص125 و 136 و 140 وقال في ص108: >قد اشتهر في الصحاح بالأسانيد عن أمير المؤمنين، وابن عباس، وابن مسعود، وجابر الأنصاري، وأنس بن مالك، والبراء بن عازب، وأم سلمة، بألفاظ مختلفة، ومعاني متفقة: أن أبا بكر، وعمر، خطبا إلى النبي >صلى الله عليه وآله< فاطمة مرة بعد أخرى، فردهما<.
وكذلك فليراجع: ذخائر العقبى ص27 ـ 30، ودلائل الصدق ج2 ص289 ـ292، وأسد الغابة ج5 ص520، واللآلي المصنوعة ج1 ص365، وطبقات ابن سعد ج8 ص11، ومجمع الزوائد ج9 ص204 عن البزار، والطبراني، ورجاله ثقات وص205 عن الطبراني أيضاً، وشرح النهج ج13 ص228 وليراجع ص227 وقال: >وقد روى هذا الخبر جماعة من الصحابة، منهم: أسماء بنت عميس، وأم = =  أيمن، وابن عباس، وجابر بن عبد الله< والصواعق المحرقة ط سنة1375 ه‍   ص139 و140 و161 عن أحمد، وابن أبي حاتم، وأبي الخير القزويني والحاكمي، وأبي داود السجستاني، وكشف الغمة ج1 ص353 و364 عن علي وأم سلمة وسلمان، ومناقب الخوارزمي ص247، وجلاء العيون ج1 ص158 عن أمالي الشيخ، وكنز العمال ج15 ص199 و286 و288 عن ابن جرير، وأبي نعيم، وقال: إن الدولابي صححه في الذرية الطاهرة.
([6]) راجع: المصادر المتقدمة؛ فإن كثيراً منها قد صرح بذلك.
([7]) راجع المصادر المتقدمة فإن كثيراً منها قد صرح بذلك.
([8]) راجع المصادر المتقدمة فإن كثيراً منها قد صرح بذلك.
([9]) البحار ج43 ص92.
([10]) كنوز الحقائق للمناوي بهامش الجامع الصغير ج2 ص75 عن الفردوس للديلمي، وكشف الغمة ج2 ص98، والبحار ج43 ص141 ـ 145 وينابيع المودة ج2 ص67 و 80 و 244 و 286.
([11]) حياة الإمام الحسن >عليه السلام< للقرشي ج1 ص15.
([12]) راجع: ذخائر العقبى ص325، وحياة الإمام الحسن >عليه السلام< للقرشي ج1 ص86 و 87 والزهد والرقائق ص355، ومجمع الزوائد ج9 ص209.
([13]) ذخائر العقبى ص30، وراجع شرح نهج البلاغة ج9 ص193.
([14]) ذخائر العقبى ص169، وقريب منه ما في شرح نهج البلاغة ج12 ص106.
([15]) كان ما تقدم هو كلام الشيخ آل ياسين في كتابه الإمام علي بن أبي طالب >عليه السلام< سيرة وتاريخ ص27.
([16]) طبقات ابن سعد ج8 ص12، ومجمع الزوائد ج9 ص204 عن البزار، واللآلي المصنوعة ج1 ص365 عن العقيلي، والطبراني. وروى الحديث في الإصابة ج1 ص374 عن الطبراني بنفس السند ونفس الراوي مع حذف كلمة >لست بدجال< وهذا يعبر عن مدى إنصاف وأمانة العسقلاني في النقل!!!.
([17]) طبقات ابن سعد ج8 ص12.
([18]) مجمع الزوائد ج9 ص204.
([19]) اللآلي المصنوعة ج1 ص365، والضعفاء الكبير ج4 ص165.
([20]) تهذيب التهذيب ج10 ص366 و 367.
([21]) الإصابة ج1 ص374.
([22]) السيرة الحلبية ج2 ص207، وراجع: المصنف للصنعاني ج5 ص486، والنهاية في اللغة ج1 ص14.
([23]) مجمع الزوائد ج9 ص207، ومصنف عبد الرزاق ج5 ص486، ومناقب الخوارزمي ص243، وكثير من المصادر المتقدمة، حين ذكر خطبة أبي بكر وعمر لفاطمة صلوات الله وسلامه عليها.
([24]) شرح النهج للمعتزلي ج10 ص276. وصبح الأعشى ج1 ص287، ونهاية الأرب ج7 ص220، وعن محاضرة الأبرار ج2 ص102 ـ 115، ونشرها إبراهيم الكيلاني مع رسالتين لأبي حيان في دمشق سنة1951.
([25]) شرح النهج للمعتزلي ج10 ص285 ـ  287.
([26]) السيرة الحلبية ج2 ص206، وليراجع: كشف الغمة ج1 ص267 عن مناقب الكنجي، وكنز العمال ج15 ص95، ومستدرك الحاكم ج3 ص129، ومجمع الزوائد ج9 ص112، ونزهة المجالس ج2 ص226، وتاريخ بغداد ج4 ص195.
([27]) مصنف عبد الرزاق ج5 ص490، وأخرجه الطبراني، وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج2 ص104، وراجع ما ذكره المحمودي في هامشه.
([28]) مناقب الخوارزمي ص256 و 205، وكشف الغمة ج1 ص362 عن المناقب، وليراجع: البحار ج43 ص99 عن تفسير القمي، وجلاء العيون ج1 ص170 و 171 عنه أيضاً.
([29]) نعم، إنها تتألم وتحزن لهذا الإسفاف في التفكير، ولهذه النفوس المريضة، ولهذه الروح الشريرة التآمرية.
([30]) شرح النهج للمعتزلي ج13 ص226 و 227.
([31]) راجع الغدير ج2 ص317 و 318 والعبدي عاش في عهد الإمام الصادق >عليه السلام<.
([32]) مناقب الخوارزمي ص205، وراجع ص256 أيضاً.
([33]) الغدير ج4 ص89، وأعيان الشيعة ج25 ص108 لكن فيه: أنه يرد بهذه الأبيات على مروان بن أبي حفصة.
([34]) كفاية الطالب ص307 و 308، وكشف الغمة للأربلي ج1 ص73 عنه.
([35]) كشف الغمة ج1 ص316 و 317.
([36]) راجع: الإستيعاب هامش الإصابة ج4 ص421 و 422، وتاريخ الخميس ج1 ص466، عن السمط الثمين، وسيرة مغلطاي، وغير ذلك.
([37]) البحار ج43 ص126 عن كشف الغمة، ومناقب الخوارزمي ص248 و249 و253.
([38]) السيرة الحلبية ج2 ص206، وللرواية نص آخر يخالفهـا كثيراً في منـاقب الخوارزمي ص252، والغدير ج9 ص376.
([39]) الغدير ج5 ص322 وج9 ص376.
([40]) أنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج2 ص135، ومجمع الزوائد ج9 ص209 عن الطبراني، ورجاله رجال الصحيح.
وفيه في رواية أخرى لكن الجواب ليس موجوداً. وحياة الصحابة ج2 ص46 عن الهيثمي، والصواعق المحرقة ص84، وحياة الإمام الحسن >عليه السلام< للقرشي ج1 ص19 عنه، وعن البحار ج10 ص31.
([41]) راجع: مجمع الزوائد ج9 ص225 عن الطبراني، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عمرو بن علقمة، وهو حسن الحديث وص226 عن أحمد.
([42]) البخاري ط سنة1309 ج2 ص120 كتاب الخمس حديث1 وكتاب المغازي باب12 وكتاب المساقاة، وصحيح مسلم كتاب الأشربة ج6 ص85 و 86، ومسـنـد أحمـد ج1 ص142، والبـدايـة والنهاية ج3 ص245، والإصابة ج4 = = ص378، والسيرة الحلبية ج2 ص161، وتفسير البرهان ج1 ص498، وتفسير الميزان ج6 ص131 كلاهما عن العياشي، وراجع: مشكل الآثار ج2 ص287. وبهجة المحافل ج1 ص279 وشرحه للأشخر اليمني، والجامع لأحكام القرآن ج6 ص287، وغرائب القرآن مطبوع بهامش جامع البيان ج7 ص29 و30 و31، وأسباب النزول ص118 و119 ومدارك التنزيل للخازن ج1 ص147. ولكن النص الموجود في المصادر الأخيرة قد ذكر نزول آية سورة المائدة في هذه المناسبة، مع وجود مخالفة ظاهرة للرواية المذكورة في المتن أعلاه. مع أن سورة المائدة قد نزلت بعد سنوات من استشهاد حمزة في حرب أحد. وذلك ظاهر؛ لأنها إنما نزلت في أواخر حياة النبي >صلى الله عليه وآله<. فراجع: الدر المنثور ج2 ص252 عن مصادر كثيرة.
([43]) راجع: البحار ج20 ص114 و 115 عن المجالس والأخبار ص57 و 58، وتفسير العياشي ج1 ص339 و 340.
([44]) مغازي الواقدي ج1 ص211، وشرح النهج ج14 ص224.
([45]) راجع: السيرة الحلبية ج1 ص113.
([46]) راجع: السيرة الحلبية ج1 ص4 و113، وشرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص279، وأسنى المطالب ص58.
([47]) أسد الغابة ج3 ص113، وراجع: شرح بهجة المحافل للأشخر اليمني ج1 ص279، وعن عباس بن مرداس راجع: الإصابة ج2 ص272.
([48]) راجع: الغدير ج6 ص95 ـ 103.
([49]) المنمق ص531 و 532، وراجع: شرح بهجة المحافل ج1 ص279.
([50]) الصواعق المحرقة ص73 عن ابن عساكر، وقال ابن حجر: وهو مرسل غريب سنداً ومتناً.
([51]) أسد الغابة ج3 ص113.
([52]) راجع تاريخ الخميس ج1 ص468، وج2 ص26 عن ابن إسحاق والمنتقى والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص200، وفتح الباري ج10 ص25 والسيرة الحلبية ج2 ص261، والغدير ج7 ص101 عن الإمتاع للمقريزي ص93 وغيره، وراجع: بهجة المحافل ج1 ص278.
([53]) راجع تاريخ الخميس ج2 ص26، وفتح الباري ج10 ص25، والسيرة الحلبية ج2 ص261، والغدير ج7 ص101.
([54]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص285 وراجع فتح القدير ج2 ص75، وتاريخ الخميس ج2 ص26 عن أسد الغابة، والسيرة الحلبية ج1 ص261.
([55]) فتح الباري ج8 ص209، وج10 ص25.
([56]) الفائق للزمخشري ج1 ص310.
([57]) الآية219 من سورة البقرة. وهذا هو ما اختاره الجصاص والقرطبي فراجع: الغدير ج7 ص101 وج6 ص254 و 255.
([58]) تاريخ بغداد ج8 ص358، والدر المنثور ج1 ص252، والغدير ج7 ص101 عنهما.
([59]) الغدير ج7 ص101 عن أوائل السيوطي ص90، والبحار ج2 ص127، وقصار الجمل ج1 ص183 وج2 ص23 و 12، وراجع ص22 عن الوسائل العشرة باب 126 ج8.
([60]) مجمع الزوائد ج5 ص53 عن البزار والطبراني، والبحار ج2 ص127 بسند صحيح، والمستطرف ج2 ص220.
([61]) راجع: مجمع الزوائد ج5 ص53 عن الطبراني، وليراجع: سيرة المصطفى ص369، والدر المنثور ج2 ص326 عن البيهقي.
([62]) تفسير الميزان ج16 ص163.
([63]) الكافي ج6 ص395، وليراجع باب: >أصل تحريم الخمر: والتهذيب للشيخ<.
([64]) الثقات لابن حبان ج1 ص69.
([65]) الآية 33 من سورة الأعراف.
([66]) الكافي للكليني ج6 ص406.
([67]) راجع في هذه الأشعار، كلا أو بعضاً: مجمع البيان في تفسير الآية في سورة الأعراف، ولسان العرب ج2 ص272، وتاج العروس ج8 ص179، وفتح القدير ج2 ص201، والغدير ج6 ص254.
([68]) راجع: السيرة الحلبية ج1 ص138.
([69]) السيرة الحلبية ج1 ص113.
([70]) قاموس الرجال ج2 ص369 عن الأمالي.
([71]) نسب قريش لمصعب الزبيري ص292.
([72]) سيرة ابن هشام ج2 ص25 ـ 28، والأغاني ط ساسي ج8 ص85 و 86، والبداية والنهاية ج3 ص101 و 102، والروض الأنف ج2 ص136، وسيرة مغلطاي ص25، وتفسير الميزان ج6 ص134، والسيرة الحلبية ج2 ص262، ومحاضرات الأدباء المجلد الثاني ص418، والشعر والشعراء لابن قتيبة ص135.
([73]) راجع: الروض الأنف ج2 ص136، والبداية والنهاية ج3 ص103، وسيرة مغلطاي ص25.
([74]) الأغاني ط ساسي ج8 ص86، والشعر والشعراء ص136.
([75]) الروض الأنف ج2 ص136، والسيرة الحلبية ج2 ص262، وليراجع البداية والنهاية ج3 ص103.
([76]) الأغاني ج8 ص86، والشعر والشعراء ص136.
([77]) راجع: بهجة المحافل ج1 ص278.
([78]) راجع: الدر المنثور وتفسير الطبري، وجميع التفاسير، في آيات الخمر في سورة البقرة، والأعراف والنساء والمائدة، وجميع كتب الحديث في أبواب الأشربة حين الكلام على تحريم الخمر.. والغدير للعلامة الأميني ج7 ص95 ـ 103 وج6 ص251 ـ 261.
([79]) راجع حول شرب الصحابة أو بعضهم للخمر: الدر المنثور ج2 ص321 و 322 و325، والكامل في التاريخ ج2 ص569.
([80]) الطبقات الكبرى (ط ليدن) ج6 ص175.
([81]) الآية91 من سورة المائدة.
([82]) المستطرف ج2 ص220، وتفسير البرهان ج1 ص370 و 498، والميزان ج1 ص136، والغدير ج6 ص251 عن الزمخشري في ربيع الأبرار في باب اللهو واللذات، والقصف واللعب. والرواية من دون تصريح بالاسم موجودة في تفسير جامع البيان ج2 ص211 ونقلت الرواية عن: مسند أحمد ج1 ص53، = = وسنن النسائي ج8 ص287، وتاريخ الأمم والملوك ج7 ص22، وسنن البيهقي ج8 ص285، وأحكام القرآن ج2 ص245، ومستدرك الحاكم ج2 ص278، والجامع لأحكام القرآن ج5 ص200، وتفسير الخازن ج1 ص513، وفتح الباري ج8 ص225، والدر المنثور ج1 ص252.
([83]) راجع في هذه المصادر الغدير ج6 ص252 و 253، وفتح الباري ج10 ص25.
([84]) راجع: الموطأ (المطبوع مع تنوير الحوالك) ج3 ص89، والدر المنثور في تفسير الآيات المشار إليها، وأي كتاب تفسيري، أوحديثي آخر، ولا سيما كتاب الغدير للعلامة الأميني الجزء الخامس والسادس والسابع، والمبسوط ج24 ص7 و8، وكنز العمال ج2 ص109، وعن محاضرات الراغب ج1 ص319، والسنن الكبرى ج8 ص299، والغدير ج6 ص257، والطبقات الكبرى ج6 ص97، وإزالة الخفاء، والطبقات الكبرى ج3 ص341 و355 و354 و346 و351 و352، والإمامة والسياسة ج1 ص26، وتاريخ الأمم والملوك ج5 ص13، والإستيعاب (هامش الإصابة) ج2 ص269، وأسد الغابة ج4 ص75 و76، وتاريخ الخميس ج2 ص249، وتاريخ الخلفاء ص134، والكامل في التاريخ ج3 ص51، والرياض النضرة ج2 ص91 و 93 و 95، وحياة الصحابة ج2 ص306.
([85]) جامع مسانيد أبي حنيفة ج2 ص192، والآثار للشيباني ص226، والسنن للنسائي ج8 ص326، وأحكام القرآن ج2 ص565، وراجع فتح الباري ج10 ص34.
([86]) راجع: فتح الباري ج10 ص34، ولسان الميزان ج3 ص27، وربيع الأبرار ج4 ص63، وراجع: مصنف الحافظ عبد الرزاق ج9 ص224، والعقد الفريد ط دار الكتاب ج6 ص369، وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص464، وحاشية ابن التركماني على سنن البيهقي المطبوعة معه ج8 ص306، والغدير ج6 ص257 / 258 عنه، وعن كنز العمال ج8 ص110.
([87]) راجع: فتح الباري ج10 ص33.
([88]) راجع: روض الأخيار المنتخب من ربيع الأبرار ص142.
([89]) الإصابة ج4 ص22، ونوادر الأصول ص66، وراجع: فتح القدير ج1 ص472 عن ابن المنذر، وذكر الطبري الرواية محرفة في تفسيره.
([90]) الإصابة ج4 ص22.
([91]) البحار ج63 ص487، وج76 ص131 ط مؤسسة الوفاء.
([92]) الصواعق المحرقة ص73 عن ابن عساكر بسند صحيح.
([93]) الصواعق المحرقة ص73 عن أبي نعيم بسند جيد، وفتح الباري ج10 ص31.
([94]) نوادر الأصول ص66، والمصنف ج11 ص266 و 267، والإصابة ج4 ص22، والصواعق المحرقة ص73.
([95]) كنز العمال ج15 ص97 عن ابن عساكر، وراجع: أنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج2 ص152 و 114، وترجمة الإمام علي من تاريخ ابن عساكر تحقيق المحمودي ج3 ص242، وفي هامشه عن كتاب الرجال لأحمد بن حنبل ج1 ص313 ط1.
([96]) التراتيب الإدارية ج1 ص211.
([97]) نوادر الأصول ص66.
([98]) الغدير ج7 ص96.
([99]) فتح الباري ج10 ص31، والغدير ج7 ص97/98.
([100]) فتح الباري ج10 ص31، والغدير ج7 ص97/98.
([101]) وراجع: ترجمة سعيد بن ذي لعوة في لسان الميزان، وغيره وراجع: الغدير ج6 ص251 ـ 261، وج7 ص95 ـ 103، وجميع كتب الحديث في أبواب الخمر، وجميع كتب التفسير في تفسير الآيات، وغير ذلك.
([102]) صحيح ابن حبان (مخطوط في مكتبة قبوسراي في إستانبول) ترجمة علي >عليه السلام<، وأنساب الأشراف (بتحقيق المحمودي) ج2 ص93، والغدير ج10 ص202، وج4 ص278، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة ج1 ص200، وترجمة علي >عليه السلام< من تاريخ دمشق (بتحقيق المحمودي) ج1 ص159.
([103]) المصنف للصنعاني ج5 ص217 وغيره، والبحار ج73 ص223 و325 عن قرب الإسناد ص76.
([104]) الآية43 من سورة النساء.
([105]) الدر المنثور ج2 ص164 و 165 عن عبد بن حميد وأبي داود، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس، والحاكم وصححه، ومستدرك الحاكم ج4 ص142 وليس فيه تصريح بأن علياً >عليه السلام< قد شربها معهم، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج5 ص200 عن الترمذي والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص238، وراجع جامـع البيـان  = = للطبري ج2 ص312، وج5 ص61، وفتح القدير ج1 ص472، وتفسير ابن كثير ج1 ص500، ولباب النقول ص63، وتفسير الخازن ج1 ص358، وراجع: بهجة المحافل ج1 ص278 و79 وليس فيه تصريح بالاسم لكن صرح به الأشخر اليمني في شرحه بهامشه، وكنز العمال ج2 ص248، ورمز للعديد من المصادر المتقدمة وعن سعيد بن منصور.
([106]) الدر المنثور ج2 ص165 عن ابن المنذر، وفتح القدير ج1 ص472.
([107]) الدر المنثور ج2 ص165 عن ابن جرير، وابن المنذر، وجامع البيان للطبري ج5 ص61، وتفسير ابن كثير ج1 ص500 قال: وهكذا رواه أبو داود والنسائي.
([108]) مستدرك الحاكم ج2 ص308 وج4 ص142، وتلخيص الذهبي بهامشه، وراجع تفسير ابن كثير ج1 ص500 عن ابن أبي حاتم.
([109]) راجع: سنن أبي داود ج3 ص225، وتفسير الخازن ج1 ص358.
([110]) أسباب النزول ص87، وجامع البيان للطبري ج2 ص212.
([111]) راجع: تفسير القرطبي ج5 ص200، والغدير ج6 ص252 و 253 عنه، وجامع البيان للطبري ج7 ص22، وتفسير النيسابوري بهامشه ج2 ص322، وتفسير الرازي ج6 ص40.
([112]) تفسير الطبري ج2 ص211.
([113]) تلخيص المستدرك للذهبي بهامش نفس المستدرك ج4 ص142.
([114]) تفسير جامع البيان للطبري ج5 ص61، وراجع: تفسير ابن كثير ج1 ص500، وتفسير الرازي ج10 ص107، وتفسير الخازن ج1 ص146، وتفسير النسفي بهامشه، والكشاف ج1 ص513 و260، وغير ذلك.
([115]) روايته موجودة أيضاً ـ عدا عما تقدم ـ في البحار ج2 ص127 ح4، وقصار الجمل ج1 ص183، وج2 ص23 و 12 وراجع ص22، عن الوسائل العشرة باب 136 ح8.
([116]) رواية أم سلمة توجد أيضاً في الدر المنثور ج2 ص326 عن البيهقي.
([117]) السيرة الحلبية ج2 ص261.
([118]) فتح القدير ج2 ص75، وتاريخ الخميس ج2 ص27 عن المواهب اللدنية.
([119]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج5 ص1، والغدير ج8 ص11 عنه، وراجع: الإتقان ج1 ص12.
([120]) الآية43 من سورة النساء.
([121]) راجع: نور الثقلين ج1 ص400 و 401، وتفسير البرهان ج1 ص370، ومجمع البيان ج3 ص52، وقول الضحاك في مختلف تفاسير أهل السنة فعدا عما تقدم راجع تفسير الخازن ج1 ص359، وتفسير الرازي ج10 ص109، وتفسير ابن كثير ج1 ص500، وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص201، وعن ابن جرير، وابن أبي حاتم.
([122]) تفسير البرهان ج1 ص500 عن ابن شهراشوب، عن القطان في تفسيره..
([123]) مستدرك الحاكم ج2 ص307.
([124]) أحكام القرآن للجصاص ج2 ص201.
([125]) راجع الغدير ج6 هامش ص254، والدر المنثور ج2 ص315 و317 و318.
([126]) الغدير ج6 هامش ص253، وأشار إلى مصدرين لما ذكره وهما: الإستيعاب ج2 ص482، والدر المنثور ج2 ص315.
([127]) ويقال: اسمها العوراء. ويقال: جرهمة. ويقال: جميلة. ويقال: الحيفاء. راجع فتح الباري ج7 ص68.
([128]) راجع هذه النصوص في: صحيح البخاري، كتاب النكاح، باب ذب الرجل عن ابنته في الغيرة والإنصاف. وكتاب الخمس وكتاب المناقب، وصحيح مسلم ج7 ص141، وفي فضائل فاطمة، ومسند أحمد ج4 ص328، وحلية الأولياء ج2 ص40، وسنن البيهقي ج7 ص64، ومستدرك الحاكم ج3 ص158 و159، وغوامض الأسماء المبهمة ص340 و 341، وسنن ابن ماجة ج1 ص616، وأسد الغابة ج5 ص521، والمصنف ج7 ص301 و 302 و 300 بعدة نصوص، وفي هامشه عن عدد من المصادر، ونسب قريش ص87 و 312، وفتح الباري ج7 ص6، وج9 ص286، وتهذيب التهذيب ج7 ص90، وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص88 و 51 وج4 ص64ـ 66، ومحاضرة الأدباء المجلد الثاني ص234، والسيرة الحلبية ج2 ص208، وتلخيص الشافي ج2 ص276، ونقل عن سنن أبي داود ج2 ص326، وراجع: المناقب لابن شهر آشوب ج1 ص4، ونزل الأبرار ص82 و83، وفي هامشه عن صحيح البخاري ج2 ص302 و189 وج3 ص265، وعن الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص698.
([129]) فتح الباري ج9 ص286.
([130]) مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص365.
([131]) شرح النهج للمعتزلي ج4 ص65.
([132]) راجع: مناقب آل أبي طالب ج1 ص4.
([133]) راجع: مجمع الزوائد ج9 ص128 عن الطبراني، وخصائص النسائي ص102 و 103، ومشكل الآثار ج4 ص160، ومسند أحمد ج5 ص359 و 350 و 351، وسنن البيهقي ج6 ص342 وقال: رواه البخاري في الصحيح، وحلية الأولياء ج6 ص294، وسنن الترمذي ج5 ص632 و 639، وكنز العمال ج15 ص124 و  125 و126 ـ 271، ومناقب الخوارزمي الحنفي ص92، ومستدرك الحاكم ج3 ص110 و 111 على شرط مسلم، وتلخيص المستدرك للذهبي بهامشه وسكت عنه، والبداية والنهاية ج7 ص344 و345 عن أحمد والترمذي، وأبي يعلى وغيره بنصوص مختلفة. والغدير ج3 ص216 عن بعض من تقدم، وعن كنز العمال ج6 ص152 و 154 و 300، وعن نزل الأبرار للبدخشي ص22، والرياض النضرة ج3 ص129 و 130، وعن مصابيح السنة للبغوي ج2 ص257. والبحر الزخار ج6 ص435، وجواهر الأخبار والآثار المستخرجة من لجة البحر الزخار للصعدي (مطبوع بهامش المصدر السابق) نفس الجلد والصفحة، عن البخاري والترمذي.
([134]) إرشاد المفيد ص93، وقاموس الرجال ج2 ص173 عنه.
([135]) الآية115 من سورة طه.
([136]) شرح النهج للمعتزلي ج12 ص51، ومنتخب كنز العمال ج5 ص229 بهامش مسند أحمد، وحياة الصحابة ج3 ص249 عنه عن الزبير بكار في الموفقيات، وقاموس الرجال ج6 ص25.
([137]) شرح النهج للمعتزلي ج12 ص88.
([138]) راجع: تلخيص الشافي ج2 ص277.
([139]) كما احتمله العسقلاني في فتح الباري ج9 ص287.
([140]) تلخيص الشافي ج2 ص277.
([141]) طبقات ابن سعد ج8 ص191.
([142]) تلخيص الشافي ج2 ص278.
([143]) فتح الباري ج7 ص68.
([144]) راجع: الوسائل ج18 ص175 والتفسير المنسوب إلى الإمام العسكري «عليه السلام» ص673 و 674.
([145]) السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص174.
([146]) فتح الباري ج7 ص69، وراجع: ج9 ص287.
([147]) مستطرفات السرائر ص470.
([148]) محاضرات الأدباء المجلد الثاني ص234.
([149]) راجع: تلخيص الشافي ج2 ص276 ـ 279، ومقالاً للشيخ إبراهيم الأنصاري في مجلة الهادي سنة5 عدد2 ص30 ـ 33 بعنوان أسطورة تزوج علي ببنت أبي جهل، وتنزيه الأنبياء للسيد المرتضى ص168.
([150]) تنزيه الأنبياء ص169، وراجع: تلخيص الشافي ج2 ص279.
([151]) راجع: مقال الأنصاري في مجلة الهادي سنة5 عدد2 ص32.
([152]) فتح الباري ج9 ص286. راجع: مقال الأنصاري أيضاً.
([153]) راجع مقال الأنصاري أيضاً.
([154]) تنزيه الأنبياء ص167، وشرح النهج للمعتزلي ج4 ص64 و 65.
([155]) كنز العمال ج16 ص280 عن أبي يعلى، والمصنف ج7 ص301، وفتح الباري ج9 ص286 بأسناد صحيح عن الحاكم.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page