• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثالث: قضايا وأحداث في المجال العام

تحويل القبلة:

وقد جاء في الروايات: أن تحويل القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة قد كان بعد حرب بدر([1]).
وفي تفسير القمي: أن ذلك كان بعد الهجرة بسبعة أشهر.
وصحح صاحب تفسير الميزان: أن ذلك كان في رجب.
وقيل: في النصف من شعبان.
وعنه «صلى الله عليه وآله»: إن ذلك قد كان بعد سبعة (تسعة) عشر شهراً. وقد صرف إلى الكعبة، وهو في صلاة العصر([2])، ولتراجع سائر الأقوال في كتب التاريخ والسيرة.
وكان «صلى الله عليه وآله» حين قدم المدينة يتوجه إلى بيت المقدس، فصار اليهود يعيرونه، ويقولون: أنت تابع لنا، تصلي إلى قبلتنا.
فاغتم رسول الله «صلى الله عليه وآله» من ذلك غماً شديداً، وكان قد وُعد بتحويل القبلة، فخرج في جوف الليل يقلب وجهه في السماء، ينتظر أمر الله تعالى في ذلك، وأن يكرمه بقبلة تختص به.
فلما أصبح وحضرت صلاة الظهر ـ وقيل العصر ـ وكان في مسجد بني سالم، صلى الظهر بهم ركعتين؛ فنزل جبرائيل، فأخذ بعضديه، فحوله إلى الكعبة، فاستدارت الصفوف خلفه؛ فأنزل الله عليه:
﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ﴾([3]).
فصلى ركعتين إلى الكعبة.
فقالت اليهود، الذين شق عليهم ذلك، والسفهاء: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها([4]).
ويقال: إن المسجد الذي جرى فيه ذلك سمي بـ «مسجد القبلتين».
وقيل: بل سمي به مسجد آخر، بلغ المصلين فيه تحول النبي إلى الكعبة، فتحولوا هم أيضاً في وسط صلاتهم، فسمي مسجدهم بذلك.

تفسير وتحليل:

وجاء في بعض الأخبار عن الإمام العسكري «صلوات الله وسلامه عليه»: أن هوى أهل مكة كان في الكعبة؛ فأراد الله أن يبين متبع محمد من مخالفه، باتباع القبلة التي كرهها، ومحمد يأمر بها.
ولما كان هوى أهل المدينة في بيت المقدس، أمرهم بمخالفتها، والتوجه إلى الكعبة؛ ليبين من يتبع محمداً فيما يكرهه، فهو مصدقه وموافقه الخ..([5]).
ولا يخفى أن ما ذكر في هذه الرواية هو من حكم تحويل القبلة، وفوائده، لا أنه هو السبب الأول والأخير لذلك.
هذا كله على فرض صحة الرواية، وإلا فقد جاء بسند موثوق ما مفاده: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن يجعل الكعبة خلف ظهره في مكة، بل كان يستقبلها هي وبيت المقدس معاً. ولكنه في المدينة استقبل بيت المقدس دون الكعبة حتى حول إليها([6]).
وهذه الرواية لا توافق الرواية الأولى تماماً، لأنه في مكة كان يستقبلهما معاً، فلم يتضح موافقه من مخالفه، إلا في صورة التوجه نحو الكعبة في الجهة المخالفة لبيت المقدس.

مناقشات لا بد منها:

وربما يقال: كيف يغتم «صلى الله عليه وآله» لتعيير اليهود؟ فإن وجود حكم شرعي موافق لهم، لا يوجب غمه «صلى الله عليه وآله»، ولا فعالية تعييرهم إياه؛ إذ ما أكثر الأحكام التي هي من هذا القبيل؛ فلماذا اختاروا منها تعييره في موضوع القبلة فقط؟!.
ولو قبلنا: أنهم فعلوا ذلك، فإنه «صلى الله عليه وآله» إذا كان يعلم أن في هذا الحكم مصلحة، فإنه يأنس به، ويرتاح له، ولا تأخذه في الله لومة لائم، ولذا فهو لا يغتم لتعيير أحد.
ويمكن الجواب عن ذلك: أنه يمكن أن يكون «صلى الله عليه وآله» يرى: أن ذلك يهييء الفرصة لأعداء الإسلام لفتنة المؤمنين عن دينهم، وصد غيرهم عن التوجه إليه، والدخول فيه؛ فهو حينئذٍ يغتم ويهتم لذلك. وينتظر الإذن من الله بتحويل القبلة لتفويت الفرصة على أعدائه، الذين سوف لن يدعوه وشأنه، والذين يعيشون في المتناقضات، فإذا صلى إلى قبلتهم عيروه، وإذا تحول عنها، فسيقول السفهاء من الناس: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها. وهذه هي طبيعة الإنسان الذي لا يرى نفسه مسؤولاً عن مواقفه وحركاته وكلماته، ولا ينطلق في مواقفه إلا من موقع السفه، وعدم التثبت.

البراء بن معرور لم يصل لغير الكعبة:

ويذكر هنا: أن البراء بن معرور خرج في سفر مع بعض قومه، فقال لهم: «يا هؤلاء، قد رأيت ألا أدع هذه البنية (يعني الكعبة) مني بظهر، وأن أصلي إليها».
فقالوا  له: والله، ما بلغنا: أن نبينا يصلي إلا إلى الشام، وما نريد أن نخالفه.
فأصر البراء على الصلاة إلى الكعبة، فكان يصلي إليها، وهم يصلون إلى الشام، حتى قدموا مكة، فسأل النبي «صلى الله عليه وآله» عن ذلك، فقال «صلى الله عليه وآله»: «لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها».
فرجع البراء إلى قبلة النبي «صلى الله عليه وآله»، فصلى إلى الشام، وأهله يزعمون أنه صلى إلى الكعبة حتى مات.
ولما حضره الموت أوصى أن يدفن، وتستقبل به الكعبة، ففعلوا. وكانت وفاته في صفر قبل قدوم النبي «صلى الله عليه وآله» المدينة مهاجراً بشهر([7]).
ملاحظة:
ونحن نلاحظ هنا: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يحكم ببطلان عمل البراء، ولا لامه على ما فعله، ولا أمره بالصلاة إلى جهة الشام، غاية ما هناك أنه أعلمه أنه قد استعجل الأمر.
وقد يستفاد من هذا: أن موافقة الحكم الإنشائي مقبولة إلى حد ما، ومجزية أيضاً، بل يمكن أن يدعى أن النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه كان يمتثل هذا الحكم الإنشائي، فكان يتوجه إلى بيت المقدس، جاعلاً الكعبة بين يديه، ثم في المدينة نسخ الاتجاه إلى بيت المقدس من الأساس، بجميع مراتبه، ولم يكن يمكن استقبال الكعبة وبيت المقدس معاً، فلم يكن ثمة خيار في ترك بيت المقدس، إلى الكعبة.
إلا أن يقال: إنه ليس في المقام حكم إنشائي، بالنسبة إلى الكعبة، بل كان الحكم بالتوجه إليها فعليَّاً، إما على نحو التشريك مع لزوم التوجه إلى بيت المقدس حيث لا مندوحة، وإما على نحو التخيير كذلك أيضاً لمصلحة وقتية في ذلك.

تحول المصلين كيف كان:

وهنا أيضاً رواية تقول: إنه لما أخبر بنو عبد الأشهل بتحويل القبلة، وهم في الصلاة، وقد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس، تحول النساء مكان الرجال، والرجال مكان النساء، وجعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة، فصلوا صلاة واحدة إلى قبلتين([8]).
وفي رواية أخرى: أن جبرائيل أخذ بيد النبي «صلى الله عليه وآله»؛ فحول وجهه إلى الكعبة، وحول من خلفه وجوههم حتى قام الرجال مقام النساء، والنساء مقام الرجال إلخ..([9]).
وهذا يعني: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد ذهب مع جبرائيل إلى الناحية الأخرى من المسجد، وكذلك المصلون من الرجال، ثم جاء النساء إلى مكانهم، فوقفن هناك.
وهكذا جرى في بني عبد الأشهل أيضاً.
وهذا يدل على أن الانتقال الذي حصل في المسجد من ناحية إلى ناحية لم يقدح في صحة صلاتهم تلك، ما دام أن تحولهم هذا قد كان بأمر من الله وفي طاعته.
ولكن ذلك لا يدل على عدم قادحية هذا المقدار من السير في سائر الصلوات في الظروف العادية، لاحتمال اختصاص هذا التسامح بهذه الصلاة دون غيرها على الإطلاق.

ثأر قريش بأرض الحبشة:

ولما بلغ النجاشي نصر رسول الله «صلى الله عليه وآله» في بدر فرح فرحاً شديداً، ولكن مشركي قريش حين أصابتهم تلك الهزيمة القاتلة في بدر، قالوا: إن ثارنا عند ملك الحبشة، فلنرسل إلى ملكها ليدفع إلينا من عنده من أتباع محمد، فنقتلهم بمن قتل منا؛ فأرسلوا عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة، ومعهما الهدايا والتحف.
فعرف الرسول «صلى الله عليه وآله» بالأمر، فأرسل إلى النجاشي كتاباً يوصيه فيه بالمسلمين.
ويقولون: إن حامل الكتاب كان عمرو بن أمية الضمري([10]).
ولكن ذلك محل شك؛ فإن عمرواً لم يكن قد أسلم بعد، لأنه إنما أسلم بعد أحد([11]) وهو إنما حمل كتاباً آخر أرسله النبي «صلى الله عليه وآله» سنة ست أو سبع، كما سيأتي إن شاء الله تعالى([12]).
وعلى كل حال، فقد رفض النجاشي طلب عمرو بن العاص، فرجع من مهمته خائباً خاسراً؛ لأن المسلمين كانوا عند ملك لا يظلم عنده أحد، على حد تعبيره «صلى الله عليه وآله» عنه حسبما تقدم.
ولأن النجاشي كان مسلماً سراً، كما يظهر من فرحه بنتائج حرب بدر.
هذا، وتذكر هنا أمور تدل على إسلام عمرو بن العاص حينئذٍٍ، وقد أضربنا عنها، لأن من الثابت أنه لم يسلم إلا بعد سنوات من ذلك، وإنما يراد إثبات فضيلة له لا تثبت.

نهاية أبي لهب:

وبعد واقعة بدر بأيام كانت نهاية أبي لهب لعنه الله تعالى، فقد أصيب بالعدسـة، فقتلته. وهي بثـرة مـن جنس الطـاعـون، تخرج في موضع من الجسد، تقتل صاحبها غالباً.
وقد تركه ابناه ليلتين، أو ثلاثاً بلا دفن، حتى أنتن، وعابهم البعض على ذلك، فاستحيوا، ودفنوه بأن وضعوه إلى جنب جدار، ثم قذفوا الحجارة عليه حتى واروه([13]).
وهكذا فلتكن نهاية الظالمين والمشركين شراً وخزياً، وما هم عليه من الشرك في الشر أعظم وأعظم، ولعذاب الآخرة أخزى.

غلبة الروم على الفرس:

وفي السنة الثانية من الهجرة أيضاً، كانت غلبة الروم على فارس.
ويقال: إن ذلك كان في نفس اليوم الذي التقى فيه الرسول بالمشركين في بدر، فنصر عليهم.
وفرح المسلمون بانتصار الروم هذا؛ لأن الروم كانوا أهل كتاب، وفارس مجوس لا كتاب لهم([14]).
وقد ذكر الله ذلك في كتابه العزيز، فقال: ﴿الم، غُلِبَتِ الرُّومُ، فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ، فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ الله﴾([15]).
إلا أن من المحتمل قريباً أن يكون مراد الآية الأخيرة: أنهم يفرحون بنصر الله لهم في بدر، لا بنصر الروم على الفرس.

رهان أبي بكر:

ويذكرون هنا قضية ملخصها: أن المشركين كانوا يحبون غلبة الفرس، لأنهم أصحاب أوثان، وكان المسلمون يحبون غلبة الروم، لأنهم أصحاب كتاب؛ فأخبر النبي «صلى الله عليه وآله» وهو في مكة بأن الروم سيغلبون الفرس، فقامر أبو بكر المشركين: إن ظهر الروم فله كذا، وإن ظهر الفرس فلهم كذا إلى خمس سنين. (وذلك قبل أن يحرم القمار)؛ فأمره رسول الله «صلى الله عليه وآله» بزيادة المدة معهم، فزادها.
فلما ظهرت الروم قمر أبو بكر، وحصل على ما أراد من المشركين، وعند كثيرين: أنهم ظهروا عليهم في الحديبية، لا في بدر([16]).

مناقشة رواية الرهان:

ونحن لا نصدق هذه الرواية:
أولاً: لتناقض صورها. ونكتفي بذكر التناقضات التي أشار إليها العلامة الطباطبائي مع بعض الزيادات، قال أيده الله:
أقول: وفي هذا المعنى روايات أخر مختلفة المضامين في الجملة، ففي بعضها: أن المقامرة كانت بين أبي بكر وأبي بن خلف، (وفي بعض المصادر([17]): أمية بن خلف).
وفي بعضها: أنها كانت بين المسلمين والمشركين، كان أبو بكر من قبل المسلمين، وأبي من قبل المشركين.
وفي بعضها: أنها كانت بين الطائفتين. وفي بعضها: بين أبي بكر والمشركين كما في هذه الرواية.
وفي بعضها أن الأجل المضروب: ثلاث سنوات.
وفي بعضها: خمس.
وفي بعضها: ست.
وفي أخرى: سبع.
ثم الأجل المضروب أولاً انقضى بمكة، وهو سبع سنين؛ فمادهم أبو بكر سنتين بأمر النبي «صلى الله عليه وآله»؛ فغلبت الروم. وفي بعضها خلافه.
ثم في بعضها: أن الأجل الثاني انقضى بمكة.
وفي بعضها: أنه انقضى بعد الهجرة. وكانت غلبة الروم يوم بدر.
وفي بعضها: يوم الحديبية.
وفي بعضها: أن أبا بكر لما قمرهم بغلبة الروم أخذ منهم الخطر، وهو مائة قلوص، وجاء به إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فقال: إنه سحت، تصدق به([18]). إنتهى ما أورده العلامة الطباطبائي.
ومن التناقضات: أن الخطر في بعضها: أربعة قلائص.
وفي بعضها: خمس.
وفي بعضها: عشر.
وفي أخرى: مئة.
إلى غير ذلك من وجوه الاختلاف التي تظهر بالمراجعة والمقارنة.
وثانياً: قال العلامة الطباطبائي أيضاً:
«والذي تتفق فيه الروايات: أنه قامرهم؛ فقمرهم. وكان القمار بإشارة النبي «صلى الله عليه وآله». ووجه ذلك (أي في نفس الرواية كما في بعض نصوصها) بأنه: كان قبل تحريم القمار؛ فإنه قد حرم مع الخمر في سورة المائدة، وقد نزلت في آخر عهد النبي «صلى الله عليه وآله».
وقد تحقق بما قدمناه في تفسير آية الخمر والميسر: أن الخمر كانت محرمة في أول البعثة، وكان من المعروف عن الدين أنه يحرم الخمر والزنى. على أن الخمر والميسر من الإثم بنص آية: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الخَمْرِ وَالميْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ﴾([19]).
والإثم محرم بنص آية: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ﴾([20]).
والأعراف من العتائق النازلة بمكة؛ فمن الممتنع: أن يشير النبي «صلى الله عليه وآله» بالمقامرة.
وعلى تقدير تأخر الحرمة إلى آخر عهد النبي «صلى الله عليه وآله»، يشكل قوله لأبي بكر، لما أتى بالخطر إليه: إنه سحت، ثم قوله: تصدق به؛ فلا سبيل إلى تصحيح شيء من ذلك بالموازين الفقهية. وقد تكلفوا في توجيه ذلك بما يزيد الأمر إشكالاً.
ثم إن ما في الرواية: أن الفرس كانوا عبدة أوثان، لا يوافق ما كان عليه القوم؛ فإنهم وإن كانوا مشركين، لكنهم كانوا لا يتخذون أوثاناً»([21]).
هذا كله عدا عن أن قول النبي «صلى الله عليه وآله» لأبي بكر: إنه سحت، يدل على أن القمار كان محرماً، ولولا ذلك لم يكن المأخوذ به سحتاً. مع أن المدَّعى هو أن التحريم كان بعد بدر والحديبية معاً، لأن التحريم قد جاء في سورة المائدة النازلة بعد ذلك حسب زعمهم.

تتميم وتعقيب:

ونقول: إن كلام سيدنا العلامة هنا صحيح، إلا أنه يمكن الإجابة على الفقرة الأخيرة من كلامه، فيقال: إن عبارة الرواية، هكذا: «كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم؛ لأنهم أصحاب أوثان. وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على الفرس؛ لأنهم أصحاب كتاب».
فمن غير البعيد: أن يكون قوله: «لأنهم أصحاب أوثان» راجع للمشركين، أي أن سبب محبة المشركين لغلبة الفرس، هو كون المشركين أصحاب أوثان لا كتاب لهم؛ فأشبهوا الفرس في عدم الكتاب لهم، فهم يميلون إليهم. وعلة محبة المسلمين لغلبة الروم هو كون المسلمين أصحاب كتاب، أي والروم كذلك.

سد الأبواب في المسجد إلا باب علي:

ومن القضايا الجديرة بالتسجيل هنا، قضية أمر الرسول «صلى الله عليه وآله» بسد الأبواب الشارعة في المسجد، غير باب علي أمير المؤمنين «عليه السلام»، فنقول:
يظهر أن هذه القضية قد حصلت قبل استشهاد حمزة، وقبل وفاة رقية.
ويدل على ذلك:
1 ـ عن أمير المؤمنين «عليه السلام»: لما أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بسد الأبواب التي في المسجد، خرج حمزة يجر قطيفة حمراء، وعيناه تذرفان، يبكي؛ فقال: ما أنا أخرجتك، وأنا أسكنته، ولكن الله أسكنه([22]).
2 ـ وبهذا المعنى رواية أكثر تفصيلاً عن سعد بن أبي وقاص، فراجع([23]).
3 ـ عن أبي الحمراء، وحبة العرني، قال: لما أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بسد الأبواب التي في المسجد شق عليهم.
قال حبة: إني لأنظر إلى حمزة بن عبد المطلب، وهو يجر قطيفة حمراء، وعيناه تذرفان يقول: أخرجت عمك، وأبا بكر وعمر، والعباس، وأسكنت ابن عمك الخ..([24]).
لكن ذكر العباس في الرواية في غير محله. لأن العباس لم يأت إلى المدينة إلا بعد سنوات من استشهاد حمزة، فلا بد أن يكون ذلك من إقحام الرواة.
4 ـ في نص آخر، عن أمير المؤمنين «عليه السلام»، قال: قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: انطلق فمرهم، فليسدوا أبوابهم. فانطلقت، فقلت لهم، ففعلوا إلا حمزة.
فقلت: يا رسول الله، فعلوا إلا حمزة.
فقال رسول الله: قل لحمزة: فليحول بابه.
فقلت: إن رسول الله يأمرك أن تحول بابك؛ فحوله، فرجعت إليه، وهو قائم يصلي، فقال: ارجع إلى بيتك([25]).
5 ـ هناك رواية أخرى عن حذيفة بن أسيد، تذكر: أن رقية كانت حينئذٍ على قيد الحياة بالإضافة إلى حمزة، ففيها ـ أنه بعد أن أرسل «صلى الله عليه وآله» إلى أبي بكر وعمر فأمرهما بسد أبوابهما؛ ففعلا «أرسل إلى عثمان ـ وعنده رقية ـ فقال: سمعاً وطاعة، ثم سد بابه» ـ.
إلى أن قال: «فقال له النبي (أي لعلي): أسكن طاهراً مطهراً. فبلغ حمزة قول النبي «صلى الله عليه وآله» لعلي.
فقال: يا محمد، تخرجنا وتمسك غلمان بني عبد المطلب؟
فقال له نبي الله: لا، لو كان الأمر لي ما جعلت من دونكم من أحد، والله ما أعطاه إياه إلا الله، وإنك لعلى خير من الله ورسوله، أبشر؛ فبشره النبي «صلى الله عليه وآله»؛ فقتل يوم أحد شهيداً»([26]).
نحن نستبعد جرأة حمزة على النبي «صلى الله عليه وآله» بهذا النحو؛ فلا بد أن يكون قد تساءل عن سر هذا التصرف، كما تساءل غيره؛ فأجابه بأن الأمر قد جاء من قبل الله تعالى.
6 ـ في رواية أخرى عن رجل من أصحاب رسول الله: أنه خرج مناديه «صلى الله عليه وآله» يأمرهم بسد أبوابهم، فلم يقم أحد، وفي الثالثة: خرج، فقال: سدوا أبوابكم قبل أن ينزل العذاب، فخرج الناس مبادرين، وخرج حمزة بن عبد المطلب يجر كساءه حين نادى سدوا أبوابكم الخ..
إلى أن قال: فقالوا: سد أبوابنا وترك باب علي، وهو أحدثنا؟!
فقال بعضهم: تركه لقرابته.
فقالوا: حمزة أقرب منه، وأخوه من الرضاعة، وعمه الخ..([27]).
ولكننا نجد في مقابل ذلك، ما يدل على أن هذه القضية قد كانت بعد فتح مكة، إذ قد جاء في بعض رواياتها ذكر للعباس عم النبي «صلى الله عليه وآله»، والذي لم يقدم المدينة إلا بعد الفتح.
1 ـ فعن أبي سعيد الخدري: وأخرج رسول الله عمه العباس، وغيره من المسجد، فقال له العباس: تخرجنا، ونحن عصبتك، وعمومتك، وتسكن علياً؟!
فقال: ما أنا أخرجتكم وأسكنته، ولكن الله أخرجكم وأسكنه([28]).
2 ـ وهناك رواية عن علي في ذلك، ويصرح فيها باسم العباس([29]).
3 ـ عن جابر بن سمرة، قال: أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بسد الأبواب كلها غير باب علي.
فقال العباس: يا رسول الله، قدر ما أدخل أنا وحدي وأخرج؟
قال: ما أمرت بشيء من ذلك، فسدها غير باب علي.
قال: وربما مر وهو جنب([30]).
ولكن نفس هذه الرواية تقريباً، قد رويت عن جابر بن سمرة، وفيها: أن رجلاً قال ذلك. ولا تصرح بالاسم([31]).
4 ـ وثمة رواية أخرى عن سعد بن أبي وقاص تصرح باسم العباس أيضاً، ولكن لها نص آخر جاء فيه: أن عمه اعترض عليه، من دون تصريح بالاسم([32]).
5 ـ وعن أبي الطفيل في حديث مناشدة علي للمجتمعين يوم الشورى قال «عليه السلام»: «سد النبي «صلى الله عليه وآله» أبواب المهاجرين وفتح بابي، حتى قام إليه حمزة والعباس؛ فقالا: يا رسول الله سددت أبوابنا وفتحت باب علي؟
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: ما أنا فتحت.. إلخ»([33]).
ونحن نرجح: أن حديث سد الأبواب قد كان قبل استشهاد حمزة بن عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه، وذلك لعدم وجود اختلاف في الروايات الدالة على ذلك من جهة.
ولأننا نستبعد: أن يترك الصحابة أكثر من ثماني سنوات يمرون في المسجد حتى في حال الجنابة من جهة ثانية.
ولأننا كذلك نجد في ذكر كلمة «عمه» في بعض الروايات، ثم إبدالها بكلمة «العباس» في غيرها ما يشير إلى أن هذه الزيادة ـ عن عمد، أو عن غير عمد ـ قد جاءت من قبل الرواة أنفسهم، إما اعتماداً على ما هو المركوز في أذهانهم، أو لهدف سياسي معين.
أضف إلى ذلك: أن ذكر رقية في بعض النصوص الأخرى، يؤيد بل يدل على صحة الروايات التي تصرح باسم حمزة رضوان الله تعالى عليه، لأن رقية قد توفيت في السنة الثانية، إما بعد بدر مباشرة، أو في ذي الحجة، كما تقدم.

حديث سد الأبواب في مصادره:

وقد ذكرت المصادر الكثيرة جداً بالأسانيد الكثيرة الصحيحة: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، حين أمر بسد الأبواب، إلا باب علي «عليه السلام» قد أحدث هزة عنيفة بين المسلمين، لا سيما وأنه قد أجاز له أن يدخل المسجد وهو جنب، كما في النصوص.
وقال الناس في ذلك ـ ولا سيما قريش ـ : سددت أبوابنا، وتركت باب علي؟!
فقال: ما بأمري سددتها، ولا بأمري فتحتها.
أو قال: ما أنا أخرجتكم من قبل نفسي وتركته، ولكن الله أخرجكم وتركه، وإنما أنا عبد مأمور، ما أمرت به فعلت، إن أتبع إلا ما يوحى إلي.
أو ما هو قريب من هذا.
وفي بعض النصوص: أنه «صلى الله عليه وآله» صعد المنبر، وهو في حالة غضب، بعد أن عصوا أمره مرتين، ولم يطيعوا إلا في الثالثة. وهذا الغضب والحنق منه قد أيدته وأكدته النصوص الكثيرة، فلا مجال للتشكيك فيه.
هذا، ويقول الجويني: «حديث (سد الأبواب) رواه نحو من ثلاثين رجلاً من الصحابة، أغربها حديث عبد الله بن عباس»([34]).
وقد روى له السيوطي فقط حوالي أربعين طريقاً على ما قاله الحجة الشيخ المظفر([35]).
وممن رواه من الصحابة: علي «عليه السلام»، عمر بن الخطاب، ولده عبد الله، زيد بن أرقم، البراء بن عازب، عبد الله بن عباس، أبو سعيد الخدري، جابر بن سمرة، أبو حازم الأشجعي، جابر بن عبد الله، عائشة، سعد بن أبي وقاص، أنس بن مالك، بريدة، أبو رافع مولى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، حذيفة بن أسيد الغفاري، ابن مسعود، أبو ذر الغفاري، أم سلمة أم المؤمنين. ورواه أيضاً: عبد المطلب بن عبد الله بن حنطب أبو الحمراء، وحبة العرني، وكيسان البراد، وغيرهم([36]).

النواصب وحديث سد الأبواب:

وبعد كل ما تقدم، فلا يمكن أن يصغى لقول ابن الجوزي، وابن كثير، وابن تيمية: إن حديث سد الأبواب ليس بصحيح.
أو إنه من وضع الرافضة([37]).
فإن تواتر هذا الحديث في كتب أهل السنة، وتصحيح حفاظهم لكثير من طرقه، ورواية العشرات من الصحابة له، أي نحو ثلاثين صحابياً. إن ذلك لا يمكن أن يخفى على أحد.
وإذا جاز: أن يضع الرافضة مثل هذا الحديث، ويدخلوه في عشرات الكتب والمسانيد، فإنه لا يمكن الوثوق بعد هذا بأي حديث، ولا كتاب، ولا بأي حافظ من أهل السنة.
هذا بالإضافة إلى ما في هذه الدعوى من رمي أمة بأسرها بالبله والتغفيل الذي لا غاية بعده.
ويكفي أن نذكر: أن العسقلاني([38]) بعد أن ذكر ستة من الأحاديث في سد الأبواب إلا باب علي، قال: «وهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً، وكل طريق منها صالح للاحتجاج، فضلاً عن مجموعها».
ثم ذكر: أن ابن الجوزي لم يورد الحديث إلا من طريق سعد بن أبي وقاص، وزيد بن أرقم، وابن عمر، مقتصراً على بعض طرقه عنهم، وأعله ببعض من تكلم فيه من رواته.
وقال العسقلاني أيضاً بعد أن ذكر بعض طرقه: «فهذه الطرق المتضافرة من روايات الثقات تدل على أن الحديث صحيح دلالة قوية، وهذه غاية نظر المحدث»([39]).
وقـال: «فكيف يدعى الوضع على الأحـاديث الصحيحة بمجـرد التوهم؟ ولو فتح هذا الباب لادعي في كثير من الأحاديث الصحيحة البطلان، ولكن يأبى الله ذلك والمؤمنون»([40]).
وقال الجصاص: «ما ذكر من خصوصية علي رضي الله عنه فهو صحيح، وقول الراوي: لأنه كان بيته في المسجد، ظن منه؛ لأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أمر في الحديث الأول بتوجيه البيوت الشارعة إلى غيره، ولم يبح لهم المرور لأجل كون بيوتهم في المسجد؛ وإنما كانت الخصوصية فيه لعلي رضي الله عنه دون غيره، كما خص جعفر بأن له جناحين في الجنة، دون سائر الشهداء الخ..»([41]).

خوخة أو باب أبي بكر:

وفي البخاري، عن ابن عباس: سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر، وعن أبي بكر، وعن أبي سعيد الخدري عنه «صلى الله عليه وآله»: إن أمن الناس علي في صحبته، وماله، أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام ومودته. لا يبقين في المسجد باب إلا سد إلا باب أبي بكر. أو لا يبقين في المسجد خوخة إلا خوخة أبي بكر.
قال ذلك في مرضه الذي مات فيه. وعند مسلم، عن جندب: قبل أن يموت بخمس ليال، وعند الطبراني، وأبي يعلى بإسناد حسن عن معاوية وعائشة: أن ذلك بعد أن صب عليه «صلى الله عليه وآله» من سبع قرب من آبار شتى([42]).
وقد استدلوا بذلك على استحقاق أبي بكر للخلافة، لا سيما وأنه قد ثبت أن ذلك كان في أواخر حياته «صلى الله عليه وآله»([43]).
ونقول:
1 ـ بعد أن ثبت صحة حديث: سدوا الأبواب إلا باب علي؛ وبعد أن اتضح: أنه لم يكن حين مرض وفاته «صلى الله عليه وآله» أي باب مفتوحاً إلا باب علي، فلا معنى لأن يأمرهم «صلى الله عليه وآله» بسد هذه الأبواب الشوارع في المسجد إلا باب أبي بكر([44])، بعد أن لم يسمح النبي «صلى الله عليه وآله» لذلك الرجل!! بكوة، ولو بقدر ما يخرج رأسه، حتى ولو بقدر رأس الإبرة!!([45]).
وبهذا يتضح عدم صحة قولهم في وجه الجمع: إنهم بعد أن سد النبي «صلى الله عليه وآله» أبوابهم، استحدثوا خوخاً يستقربون منها الدخول إلى المسجد([46]).
2 ـ هذا بالإضافة إلى أن الحديث قد تضمن منّ أبي بكر على النبي «صلى الله عليه وآله» بصحبته له، وقد تقدم في حديث الغار: أن ذلك لا يصح إلا على معنى فيه ذم لأبي بكر. كما أنه قد تضمن حديث خلة أبي بكر.
وتقدم في حديث المؤاخاة: أنه لا يمكن أن يصح أيضاً.
3 ـ إن البعض يذكر: أن بيت أبي بكر كان بالسنح، ويشك كثيراً، بل على حد تعبير التوربشتي: لم يصح أن يكون له بيت قرب المسجد([47]).
وأجيب: بأنه لا يلزم من ذلك أن لا يكون له دار مجاورة للمسجد، واستدل على ذلك بأنه قد كان لأبي بكر أزواج متعددة كأسماء بنت عميس، وغيرها، وبأن ابن شبة قد ذكر: أنه كان له في زقاق البقيع دار قبالة دار عثمان الصغرى، واتخذ منزلاً آخر عند المسجد في غربيه([48]).
ولكن ذلك لا يثبت ما يريدون إثباته؛ فإن تعدد أزواجه لا يلزم منه أن يكون له بيت في جانب المسجد، ولا سيما إذا كان له بيت في زقاق البقيع ـ بعيداً عن المسجد ـ في قبالة دار عثمان الصغرى. ثم لماذا لا يسكن أزواجه مع تعـددهـن في بيت واحـد ذي حجـر متعـددة، كغيره من أهـل المـدينـة ـ ومنهم النبي «صلى الله عليه وآله» ـ الذين كان لهم عدة زوجات.
ولعل هؤلاء قد اعتمدوا في ذكرهم بيتاً لأبي بكر عند المسجد على هذا الحديث بالذات. أو أنهم أرادوا بذكرهم بيتاً له كذلك أن يمدوا يد العون لهذا الحديث الذي توالت عليه العلل والأسقام، تماماً كما جعلوا ـ إلى يومنا هذا ـ خوخة في المسجد من أجل تصحيح ذلك. ولكنهم لم يجعلوا باباً لعلي «عليه السلام»، وهو الذي ثبت أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أبقى بابه مفتوحاً، وسد كل باب في المسجد سواه.
4 ـ لقد اعترف ابن عمر، وأبوه: أن علياً قد أوتي ثلاث خصال، لأن تكون لي واحدة منهن أحب إلي من حمر النعم: زوجه رسول الله «صلى الله عليه وآله» ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه في المسجد، وأعطاه الراية يوم خيبر([49]).
فهذه الرواية صريحة في أنه «عليه السلام» قد اختص بذلك، كما اختص بالراية يوم خيبر، وبتزوجه فاطمة «عليها السلام»، وولادتها له.
ولو كان لأبي بكر فضل هنا وامتياز، لم يسمح عمر ولا ولده لنفسيهما باختصاصه «عليه السلام» بهذا الوسام. وامتيازه في قضية سد الأبواب كامتيازه في قضية الراية يوم خيبر، حيث إن أخذ أبي بكر وعمر لها ليس فقط لم يكن امتيازاً لهما، بل كان وبالاً عليهما، كما هو معلوم.
5 ـ وأخيراً، فقد قال المعتزلي عن البكرية التي أرادت مقابلة الأحاديث في فضل علي: إنها «وضعت لصاحبها أحاديث في مقابلة هذه الأحاديث، نحو: «لو كنت متخذاً خليلاً» فإنهم وضعوه في مقابلة حديث الإخاء، ونحو سد الأبواب، فإنه كان لعلي «عليه السلام»؛ فقلبته البكرية إلى أبي بكر»([50]).
وقد ذكر اللمعاني: أن قضية سد باب أبي بكر، وفتح باب علي «عليه السلام» كانت من أسباب حقد عائشة على أمير المؤمنين «عليه السلام»، فراجع([51]).
وما أجمل ما قاله الكميت في هذه المناسبة:
عـلــي أمـيــر المــؤمـنـين وحـقـه      من الله مفـروض عـلى كـل  مسلم
وزوجـه صـديـقـة لـم  يكــن لهــا       معــادلــة غـيـر الـبـتـولـة مـريم
وردم أبــواب الــذيـن بـنـى لهــم        بـيـوتــاً سـوى أبـوابـه لـم يـردم
وقال السيد الحميري:
وخـبـر الـمـسـجــد  إذ خـصــه    مـجـلــلاً مـن عــرصــة الــدار
إن جــنــبـاً كـان وإن  طــاهـــراً    فــي كــل إعــــلان  وإســــرار
وأخــرج الــبــاقــيــن منـه معـاً    بــالــوحـي مــن إنــزال جـبـار
وقال الصاحب بن عباد:
ولـم يـك محتـاجـاً إلى عـلـم غـيره      إذا احتـاج قـوم في قضـايـا تبلدوا
ولا سـد عـن خـير المسـاجـد  بابـه     وأبـوابـهـم إذ ذاك عــنــه  تسـدد

كلام ابن بطريق حول حديث سد الأبواب:

ولابن بطريق كلام هنا نلخصه على النحو التالي:
إن الله تعالى قد أظهر الفرق بين أمير المؤمنين «عليه السلام»، وبين غيره. وإذا كان الحرام على غيره قد حل له، فإن ذلك يعني: أنه يمتاز على ذلك الغير. والنبي «صلى الله عليه وآله» قد فتح أبواب الجميع على ظاهر الحال من الصلاح والخير، والنبي «صلى الله عليه وآله» لا يعلم إلا هذا الظاهر إلا أن يطلعه الله على الباطن.
وعليه، فإن كان تعالى قد سد أبوابهم على ظاهر الحال، فقد بينا: أنها كانت صالحة عند الكل؛ ولذلك فتح أبوابهم أولاً، فلم يبق إلا أنه قد سد أبوابهم، من أجل شيء يرجع إلى الباطن، وفتح بابه لأنه قد انفرد بصلاح الباطن دونهم، (أو فقل: انفرد في كونه القمة في الصلاح الباطني) بالإضافة إلى مشاركته لهم في صلاح الظاهر.
وبذلك امتاز «صلوات الله وسلامه عليه» عليهم.
ثم إن منعهم من الجواز وإباحته له، إما أن يكون بلا سبب، وهو عبث لا يصدر من حكيم، وإما أن يكون له سبب، وذلك يدل على انفراده «عليه السلام» بما لا يشركه فيه غيره.
وأقواله «صلى الله عليه وآله» تعضد هذا التخصص، وتدل على صلاح باطنه، كقوله «صلى الله عليه وآله»: «علي مني، وأنا منه».
وقوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى».
وقوله: «أنت أخي في الدنيا والآخرة».
وقوله: «صلت الملائكة عليَّ وعلى علي سبع سنين قبل الناس».
وقوله: «من كنت مولاه فعلي مولاه».
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾([52]).
وغير ذلك من مناقبه ومآثره ومزاياه؛ فلولا ثبوت هذه المزايا له على غيره، لما أنزله من نفسه بهذه المنازل، ولما أقامه من نفسه في شيء من ذلك، ولا أذن الله له بتخصيصه وتمييزه عن أمثاله وأضرابه الخ..([53]). إنتهى ملخصاً.

كلام العلامة المظفر:

ويقول العلامة الشيخ محمد حسن المظفر «رحمه الله» ما ملخصه: إن هذه القضية تكشف عن طهارة علي، وأنه يحل له أن يجنب في المسجد، ويمكث فيه كذلك، ولا يكره له النوم فيه، تماماً كما كان ذلك لرسول الله «صلى الله عليه وآله». فإن عمدة الغرض من سد الأبواب هو تنزيه المسجد عن الأدناس، وإبعاده عن المكروهات. وكان علي «عليه السلام» كالنبي «صلى الله عليه وآله» طاهراً مطهراً، ولا تؤثر فيه الجنابة دنساً معنوياً، وكان بيت الله كبيته بكونه حبيبه القريب منه. وأبو بكر لم يكن ممن أذهب الله عنهم الرجس، وطهرهم تطهيراً؛ ليحسن دخوله للمسجد جنباً، ولا هو منه بمنزلة هارون من موسى؛ ليمكن إلحاقه به.
هذا كله، عدا عن ضعف خبر باب أو خوخة أبي بكر بفليح بن سليمان([54])، وبإسماعيل بن عبد الله الكذاب الوضاع([55]).

أبواب المهاجرين فقط:

ومن الواضح: أن البيوت التي كانت شارعة في المسجد إنما هي أبواب بيوت المهاجرين؛ ويؤيد ذلك ما روي في حديث مناشدة علي «عليه السلام» لأهل الشورى، حيث يقول:
«أكان أحد مطهراً في كتاب الله غيري، حين سد النبي «صلى الله عليه وآله» أبواب المهاجرين، وفتح بابي؟!([56]).

بيت علي أم النبي ؟!

وأما محاولة فضل بن روزبهان إيهام أن البيت كان للنبي «صلى الله عليه وآله»، وكان علي «عليه السلام» ساكناً في بيت النبي «صلى الله عليه وآله»، حيث قال: «كان المسجد في عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكان علي ساكناً بيت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، لمكان ابنته الخ..».
فهي محاولة فاشلة: وذلك لأن الأخبار قد صرحت: بأن الباب لعلي، حتى تكلم الناس في استثناء بابه. ولو كان الباب للنبي «صلى الله عليه وآله» لما كان ثمة مجال لكلامهم، واعتراضهم، وحسدهم.
(أقول: بل لا مجال لاستثنائه أصلاً، لأن النبي أمرهم بسد أبوابهم، أما الباب الذي له فهو يعرف وظيفته، وتكليفه فيه).
وواضح: أن هدف ابن روزبهان، هو أن يجعل المستثنى هو باب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، لأن البيت كان له. إذاً فلا يكون لعلي «عليه السلام» فضل.
فالهدف الأول والأخير له ـ بحسب ما يظهر من كلامه ـ هو إنكار فضائل علي «عليه السلام»([57]).
ولكن الله يأبى إلا أن يتم نوره ويظهر دينه، وينصر ويعز وليه.
أضف إلى كل ما تقدم: أن علياً «عليه السلام» قد بنى بفاطمة في بيت حارثة بن النعمان([58])، وحارثة هذا كان قد أعطى للرسول «صلى الله عليه وآله» بيوتاً أخرى ليسكن بها أزواجه([59]).

سرقة طعمة:

وتذكر في السنة الثالثة، قبل وقعة أحد سرقة طعمة بن أبيرق درعاً لجاره قتادة بن النعمان، وسنذكرها مع بعض الملاحظات والمناقشات في الجزء الآتي من هذا الكتاب في فصل: من متفرقات الأحداث.

 

 ([1]) الوسائل ج3 ص215 أبواب القبلة باب2 حديث1 و2 و12 و17، وفي هوامشها إشارة إلى مواضع عديدة من الكتاب وإلى مصادر كثيرة أيضاً. وراجع أيضا: قصار الجمل ج2 ص121.
([2]) قصار الجمل ج2 ص21، ووسائل الشيعة ج3 ص220.
([3]) الآية 144 من سورة البقرة.
([4]) الآية 142 من سورة البقرة، وراجع فيما تقدم: البحار ج19 ص114 و 195 و 202، وإعلام الورى ص71، وتفسير القمي ج1 ص63، وراجع أيضاً: السيرة الحلبية ج2 ص128 ـ 130، وتفسير الميزان ج1 ص333 و 334 عن الفقيه، ومجمع البيان، والوسائل ج3 أبواب القبلة، الباب الأول والثاني.
([5]) تفسير الميزان ج1 ص333، وليراجع: البحار ج19 ص197.
([6]) راجع: الوسائل ج3 ص216.
([7]) أسد الغابة ج1 ص173 و 174، والإستيعاب هامش الإصابة ج1 ص136 و 137، وقاموس الرجال ج2 ص160 و167.
([8]) الوسائل ج3 ص216، والتهذيب ج1 ص44.
([9]) الوسائل ج3 ص219، ومن لا يحضره الفقيه ج1 ص178.
([10]) السيرة الحلبية ج2 ص200.
([11]) المصدر السابق.
([12]) السيرة الحلبية ج2 ص201.
([13]) البحار ج19 ص228، وطبقات ابن سعد ج4 قسم1 ص73، والبداية والنهاية ج3 ص208، ومستدرك الحاكم ج3 ص32، ومجمع الزوائد ج6 عن البزار والطبراني، وحياة الصحابة ج3 ص587 و 588 عنهم، وعن دلائل أبي نعيم ص170.
([14]) تاريخ الخميس ج1 ص298.
([15]) الآيات من أول سورة الروم.
([16]) راجع: الدر المنثور ج5 ص150 و 151 عن أحمد، والترمذي، وحسنه النسائي، وابـن المنـذر، وابـن أبي حاتم، والطبراني في الكبير، والحاكم وصححه، وابـن = = مردويه، والبيهقي في الدلائل، والضياء في المختارة، وتاريخ الخميس ج1 ص298، والبداية والنهاية ج3 ص108، وحياة الصحابة ج3 ص69 عن بعض من تقدم وعن ابن جرير، وتفسير ابن كثير ج3 ص422، وغير ذلك.
([17]) راجع: البداية والنهاية ج3 ص108.
([18]) تفسير الميزان ج16 ص163، وللوقوف على المزيد من التناقضات، راجع: الدر المنثور ج5 ص150 ـ 153 عن مصادر أخرى غير ما قدمناه في هامش الصفحة السابقة، مثل ما نقله عن: ابن جرير، وأبي يعلى، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن عساكر، والترمذي وصححه، والدارقطني في الأفراد، والطبراني، وأبي نعيم في الدلائل، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن الحكم في فتوح مصر، وحياة الصحابة ج3 ص69.
([19]) الآية 90 من سورة المائدة.
([20]) الآية 23 من سورة الأعراف.
([21]) تفسير الميزان ج16 ص163 و 164.
([22]) الغدير ج3 ص208 عن أبي نعيم في فضائل الصحابة. ورواه السمهودي في وفاء الوفاء ج2 ص477 عن يحيى من طريق ابن زبالة وغيره عن عبد الله بن مسلم الهلالي عن أخيه، واللآلي المصنوعة ج1 ص352.
([23]) ملحقات إحقاق الحق ج5 ص560 عن أرجح المطالب (ط لاهور) ص421 عن أبي سعد في شرف النبوة، واللآلي المصنوعة ج1 ص346.
([24]) الدر المنثور ج6 ص122، والإصابة ج1 ص373، وإحقاق الحق ج5 ص570 عن أرجح المطالب ص421 عن ابن مردويه، وفضائل الخمسة ج2 ص149.
([25]) كنز العمال ج15 ص155 و156 عن البزار، ووفاء الوفاء ج2 ص478، ومجمع الزوائد ج9 ص115 بإسناد رجاله ثقات، إلا حبة العرني وهو ثقة، وذكره الأميني في الغدير ج3 ص209 عن المجمع، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص346.
([26]) مناقب الإمام علي لابن المغازلي ص254 و255، والطرائف لابن طاووس ص62، وكشف الغمة ج1 ص331 و 332، وعمدة ابن بطريق ص178، ونقله في إحقاق الحق ج5 ص568 و 569 عن المناقب لعبد الله الشافعي، وعن أرجح المطالب ص415 عن ابن مردويه وابن المغازلي.
([27]) وفاء الوفاء ج2 ص478 و 479 عن ابن زبالة، ويحيى.
([28]) مستدرك الحاكم ج3 ص117، وراجع: وفاء الوفاء ج2 ص479 عن يحيى، وكشف الغمة ج1 ص332.
([29]) راجع: كنز العمال ج15 ص155، واللآلي المصنوعة ج1 ص351، ومجمع الزوائد ج9 ص114، ومنتخب الكنز بهامش المسند ج5 ص55.
([30]) مجمع الزوائد ج9 ص114 و 115 عن الطبراني بسند فيه ناصح، وهو متروك، والقول المسدد ص23، ووفاء الوفاء ج2 ص480، والغدير ج3 ص206 عن بعض من تقدم، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص346، وراجع: نزل الأبرار ص69، وإحقاق الحق ج5 ص555 عن مصادر أخرى.
([31]) وفاء الوفاء ج2 ص479 و 480.
([32]) خصائص النسائي ص74 و 75، واللآلي المصنوعة ج1 ص346، والغدير ج3 ص207 عن الأول.
([33]) مناقب الخوارزمي الحنفي ص225.
([34]) فرائد السمطين ج1 ص208.
([35]) دلائل الصدق ج2 ص266.
([36]) راجع المصادر التالية: مسند أحمد ج4 ص369 وج2 ص26، وج1 ص175 و331، ومجمع الزوائد ج9 ص114 و115 و120، والخصائص للنسائي ص72 ـ 75، ومستدرك الحاكم ج3 ص125 و117 و134، وتلخيصه للذهبي بهامشه، والقول المسدد ص19 ـ 26، وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص204، ومعرفة علوم الحديث ص99، ونزل الأبرار ص69، وفتح الباري ج7 ص12 ـ 14، وإرشاد الساري ج6 ص84 و 85، ووفاء الوفاء للسمهودي ج2 ص474 ـ 480، والبحار ج39 ص19 ـ 34، عن كثير من المصادر، والبداية والنهاية ج7 ص342، واللآلي المصنوعة ج1 ص346  و 354، والصواعق المحرقة ص121 و 122 و 125، والمناقب للخوارزمي ص214 و 235 و 238، وفرائد السمطين ج1 ص205 ـ 208، ومناقب الإمام علي لابن المغازلي252 و 261، وسنن الترمذي ج5 ص639 ـ 641، وكنز العمال ج15 ص96 و 101 و 120 و 155، وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج2 ص106، والإصابة ج2 ص509، وفضائل الخمسة ج1 ص231 وج2 ص149 ـ 157، وحلية الأولياء ج4 ص153، والطرائف لابن طاووس60 ـ 63، وترجمة الإمام علي >عليه السلام< من تاريخ ابن عساكر، بتحقيق المحمودي ج1 ص252 ـ 281 و 327 و 219، وكفاية الطالب ص201 ـ 204، وتذكرة الخواص ص41، وتاريخ بغـداد ج7 ص205، والـدر المنثور ج3 ص314، وعلل الشرايـع ص201   = = و202، وكشف الغمة للأربلي ج1 ص330 ـ 335، وينابيع المودة ص283، ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص29، وذخائر العقبى ص76 و 77 و 87، ولسان الميزان ج4 ص165، وراجع: سنن البيهقي ج7 ص65، وشرح النهج للمعتزلي ج9 ص195، والغدير ج3 ص201 ـ 215، وج10 ص68 عن غير واحد ممن تقدم، وملحقات إحقاق الحق ج5 من ص540 حتى ص586 عن كثير ممن تقدم وعن الحاوي للفتاوى ج2 ص15 وغيره من المصادر.
وقد نقلنا بالواسطة عن: غاية المرام ص640، وأرجح المطالب ط لاهور ص421، والكشاف ج1 ص366، وأحكام القرآن للجصاص ج2 ص248، وكنز العمال ج6 ص152 و 157 و 391 و 398 و 408، وأخبار القضاة ج3 ص149، والخصائص الكبرى ج2 ص243، ورواه أيضاً: الطبراني في الكبير والأوسط، وأبو يعلى، وسعيد بن منصور، والضياء في المختارة، والكلاباذي، والبزار، والعقيلي، وابن السمان، وكثير غيرهم.
([37]) اللآلي المصنوعة للسيوطي ج1 ص347، وتفسير ابن كثير ج1 ص501، ومنهاج السنة ج3 ص9، والقول المسدد ص19، وفتح الباري ج7 ص13 عن ابن الجوزي، ووفاء الوفاء ج2 ص476.
([38]) فتح الباري ج7 ص13، وراجع: إرشاد الساري ج6 ص85، وراجع: القول المسدد ص20، ووفاء الوفاء ج2 ص476.
([39]) القول المسدد ص23، واللآلي المصنوعة ج1 ص350 عنه باختلاف يسير في اللفظ.
([40]) القول المسدد ص24 و 25، وراجع ص19 وعنه في اللآلي المصنوعة ج1 ص350.
([41]) أحكام القرآن للجصاص ج2 ص204.
([42]) راجـع: البخاري باب قـول النبي >صلى الله عليه وآله< سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر بهامش فتح الباري ج7 ص11 و 12 وباب الهجرة وفي كتاب الصلاة، وصحيح مسلم ج7 ص108، ووفاء الوفاء ج2 ص471 و 472 عنهما وعن الطبراني، وأبي يعلى، وابن سعد. وراجع: القول المسدد ص24 و 25، واللآلي المصنوعة ج1 ص350 و 352، والبداية والنهاية ج5 ص230 و 229، وتفسير ابن كثير ج1 ص501، وتفسير الرازي ج2 ص347، والمصنف ج5 ص431، وحياة الصحابة ج3 ص346، ومجمع الزوائد ج9 ص42.
([43]) وفاء الوفاء ج2 ص472 و 473، وفتح الباري ج7 ص12، وإرشاد الساري ج6 ص84، وراجع: القول المسدد ص24، والبداية والنهاية ج5 ص230.
([44]) الغدير ج3 ص213، ودلائل الصدق ج2 ص261.
([45]) وفاء الوفاء ج2 ص477، وراجع: فرائد السمطين ج1 ص206 عن أبي نعيم، واللآلي المصنوعة ج1 ص349 و 351.
([46]) فتح الباري ج7 ص13، والقول المسدد ص25، ووفاء الوفاء ج2 ص477، وهم عن الطحاوي في مشكل الآثار، والكلاباذي في معاني الأخبار.
([47]) فتح الباري ج7 ص12، وإرشاد الساري ج6 ص84، ووفاء الوفاء ج2 ص473.
([48]) المصادر الثلاثة المتقدمة.
([49]) راجع: مسند أحمد ج2 ص26، ومستدرك الحاكم ج3 ص125، والصواعق المحرقة الفصل3 باب9، وكنز العمال، وغير ذلك من المصادر المتقدمة.
([50]) شرح النهج ج11 ص49.
([51]) شرح النهج للمعتزلي ج9 ص195.
([52]) الآية 33 من سورة الأحزاب.
([53]) راجع: كشف الغمة للأربلي ج1 ص333 و 334.
([54]) راجع كتابنا: حديث الإفك ص60 و61.
([55]) راجع ص21 و22 من دلائل الصدق ج1.
([56]) اللآلي المصنوعة ج1 ص362.
([57]) راجع: دلائل الصدق ج2 ص261 ـ 267.
([58]) البحار ج19 ص113، وإعلام الورى ص71.
([59]) البحار ج19 ص113، وإعلام الورى ص71، وراجع: الوفاء لابن الجوزي ج1 ص257، وتاريخ الخميس ج1 ص366، ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص131، ووفاء الوفاء ج2 ص462، والسيرة الحلبية ج1 ص336.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page