طباعة

بعض ما يدلّ على عدم قبول الإمام الرضا(علیه السلام) لولاية العهد

والنصوص الدّالة على عدم قبول الإمام الرضا (عليه السلام) بهذا الأمر كثيرة ومتواترة فقد قال أبو الفرج: فأرسلهم (يعنى الفضل والحسن ابني سهل) إلى علي بن موسى فعرضا ذلك – ويعني ولاية العهد – عليه فأبي فلم يزالا به وهو يأبى ذلك ويمتنع.. إلى أن قال له أحدهما: إن فعلت ذلك وإلاّ فعلنا بك وصنعنا. وتهدّداه. ثم قال له أحدهما: والله أمرني بضرب عنقك إذا خالفت ما يريد!! ثم دعا به المأمون وتهدّده فامتنع فقال له قولاّ شبيهاً بالتهديد ثم قال له: إن عمر جعل الشورى في ستة أحدهم جدّك وقال: من خالف فاضربوا عنقه ولا بدّ من قبول ذلك (1)
ويروي آخرون: أنّ المأمون قال له: يا بن رسول الله إنّما تريد بذلك - يعني بما أخبره عن آبائه من موته قبله مسموماً - التخفيف عن نفسك ودفع هذا الأمر عنك ليقول الناس: إنّك زاهد في الدنيا.
فقال الرضا: والله ما كذبت منذ خلقني ربّي عزّ وجل وما زهدت في الدنيا للدنيا وإنّي لأعلم ما تريد.
فقال المأمون: وما أريد؟
قال: الأمان على الصدق!
قال: لك الأمان.
قال: تريد أن يقول الناس: إنّ علي بن موسى لم يزهد في الدنيا بل زهدت الدنيا فيه، ألا ترون كيف قبل ولاية العهد طمعاً بالخلافة.
فغضب المأمون وقال: إنّك تتلقاني أبداً بما أكره وقد آمنت سطوتي فبالله أقسم لئن قبلت ولاية العهد وإلاّ أجبرتك على ذلك، فإن فعلت وإلاّ ضربت عنقك (2).
وقال الإمام الرضا (عليه السلام) في جواب الريان له عن سرّ قبوله لولاية العهد: قد علم الله كراهتي لذلك فلما خيّرت بين قبول ذلك وبين القتل اخترت القبول على القتل ويحهم.. إلى أن قال: ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك على إجبار وإكراه بعد الإشراف على الهلاك.
وقال في دعاء له: وقد أكرهت واضطررت كما أشرفت من عبد الله المأمون على القتل متى لم أقبل ولاية العهد.
وقال في جواب أبي الصلت: وأنا رجل من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجبرني على هذا الأمر وأكرهني عليه.
بل لقد أعرب عن عدم رضاً في نفسه ما كتبه على ظهر وثيقة العهد وإنّه يعلم بعدم تمامية هذا الأمر وإنّما يفعل ذلك امتثالاً لأمر المأمون وإيثاراً لرضاه. هذا بعض ما ورد من النصوص التي تؤكّد رفض الإمام لولاية العهد.
عفيف النابلسي
----------------------------------------------------------------------------------------------
1 - مقاتل الطالبين ص 562.
2 -  مناقب آل أبي طالب أمالي الصدوق وعيون أخبار الرضا وعلل الشرائع والبحار ومسند أحمد وروضة الواعظين وغيرها من تحدّث عن ولاية العهد.