• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الرابع: سرايا أخرى قبل الحديبية

1 ـ سرية زيد إلى حسمى:

وفي جمادى الآخرة من سنة ست كانت سرية زيد بن حارثة أيضاً إلى حسمى، وهو واد وراء ذات القرى.
وكان من حديثها ـ كما حدث رجال من جذام، وكانوا علماء بها ـ: أن رفاعة بن زيد الجذامي لما قدم على قومه من عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» بكتابه، يدعوهم إلى الإسلام استجابوا له.. فلم يلبث أن قدم دحية بن خليفة الكلبي من عند قيصر صاحب الروم، حين بعثه إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومعه تجارة له، وقد أجازه قيصر، وكساه، فعاد إلى المدينة حتى إذا كان بوادي: «حسمى»، أغار عليه الهنيد بن عوض الضلعي (بطن من جذام) ومعه ابنه عوض في ناس من جذام، فأصاب كل شيء كان مع دحية. ولم يتركوا عليه إلا ثوباً خلقاً.
فبلغ ذلك قوماً من جذام أيضاً، من بني الضبيب، وهم رهط رفاعة، ممن كان قد أسلم، فنفروا إلى الهنيد وابنه، فاستنقذوا لدحية ما أخذ منه.
فخرج دحية حتى قدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأخبره خبره، واستشفاه (أو استسقاه) دم الهنيد وابنه.
فبعث النبي «صلى الله عليه وآله» زيداً في خمس مائة رجل([1])، ورد معه دحية، فكان زيد يسير بالليل، ويكمن بالنهار، حتى هجموا مع الصبح على الهنيد ومن معه، فأغاروا عليهم، وقتلوا فيهم (رجلين)، وأوجعوا، وقتلوا الهنيد وابنه، وأخذوا من النعم ألف بعير، ومن الشاء خمسة آلاف، ومائة من النساء والصبيان.
قالوا: فلما سمع بذلك بنو الضبيب ركب نفر منهم، فيهم حسان بن ملَّة، فلما وقفوا على زيد بن حارثة، قال حسان: إنا قوم مسلمون.
فقال له زيد: اقرأ أم الكتاب. فقرأها.
فقال زيد بن حارثة: نادوا في الجيش: أن قد حرم علينا ثغرة القوم التي جاؤوا منها، إلا من ختر أي غدر.
وإذا بأخت حسان مع الأسارى، فقال له زيد: خذها.
فقالت أم الغرار الضلعية: أتنطلقون ببناتكم، وتذرون أمهاتكم؟.
فقال أحد بني الخصيب: إنها بنو الضبيب وسحر ألسنتهم سائر اليوم.
فسمعها بعض الجيش، فأخبر بها زيداً، فأمر بأخت حسان، وقد كانت أخذت بحقوي أخيها، ففكت يداها من حقويه، وقال لها: اجلسي مع بنات عمك، حتى يحكم الله فيكن حكمه، فرجعوا.
ونهى الجيش أن يهبطوا إلى واديهم الذي جاؤوا منه، فأمسوا في أهليهم.
فلما شربوا عتمتهم ركبوا إلى رفاعة فصبحوه، فقال له حسان بن ملة: إنك لجالس تحلب المعزى، وإن نساء جذام أسارى، قد غرَّها كتابك الذي جئت به؟!
فدعا رفاعة بجمل لـه، فشد عليه رحلـه، وهو يقول: هل أنت حي وتنادي حياً؟.
ثم سار في نفر من قومه إلى المدينة ثلاث ليال، فلما دخلوا على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ألاح إليهم بيده: أن تعالوا من وراء الناس.. ثم دفع رفاعة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتابه، الذي كان كتب له ولقومه، حينما قدم عليه فأسلم، فقال: دونك يا رسول الله قديماً كتابه، حديثاً غدره.
فقال «صلى الله عليه وآله»: اقرأه يا غلام، وأعلن.
فلما قرأ كتابه استخبرهم، فأخبروه، فقال «صلى الله عليه وآله»: كيف أصنع بالقتلى؟! ثلاث مرات.
فقال رفاعة: أنت أعلم يا رسول الله، لا نحرم عليك حلالاً، ولا نحلل لك حراماً.
فقال أبو زيد بن عمرو ـ أحد قومه معه ـ : أطلق لنا يا رسول الله من كان حياً، ومن قتل فهو تحت قدمي هذه.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: صدق أبو زيد، اركب معهم يا علي.
فقال له علي «عليه السلام»: يا رسول الله، إن زيداً لا يطيعني.
قال «صلى الله عليه وآله»: فخذ سيفي هذا.
فأعطاه سيفه، فخرجوا، فإذا رسول لزيد بن حارثة على ناقة من إبلهم، أرسله زيد مبشراً، فأنزلوه عنها، وردها على القوم، وأردفه علي خلفه، فقال: يا علي، ما شأني؟!
فقال: ما لهم، عرفوه فأخذوه؟!
ثم ساروا، فلقوا الجيش، فطلب زيد من علي «عليه السلام» علامة، فقال: هذا سيفه «صلى الله عليه وآله».
فعرف زيد السيف، وصاح بالناس، فاجتمعوا، فقال: من كان معه شيء فليرده، فهذا سيف رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأخذوا ما بأيديهم، حتى كانوا ينتزعون لبد المرأة من تحت الرجل([2]).
ونقول:
إن لنا على هذا النص بعض الملاحظات، وهي التالية:

ألف: إرسال دحية إلى قيصر:

قد ذكر فيما تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان قد أرسل دحية إلى قيصر..
وذلك موضع شك، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» إنما أرسل دحية في كتاب إلى قيصر بعد الحديبية([3]).
فلعل دحية كان عند قيصر في شغل خاص به، وقد حصل منه على أموال وعطايا فجرى عليه ما جرى..

ب: لماذا إرجاع الأموال؟!

قد يقال: إن الغنائم إن كانت قد أخذت من أناس مشركين، معلنين للحرب، فلماذا تردُّ عليهم؟.
وقد تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أوكل أمر إرجاع الأموال إلى أبي العاص بن الربيع ـ أوكله ـ إلى قبول المشاركين في السرية، حيث قال لهم: «وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم، فأنتم أحق به»([4]).
وإن كانت قد أخذت من أناس مسلمين، فلماذا يأخذها منهم زيد؟
ثم لماذا لا يردها عليهم بعد أخذها؟!
ويؤيد هذا: أن أولئك القوم قد ذهبوا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، واشتكوا له، فبادر «صلى الله عليه وآله» إلى الاستجابة لهم، حسبما تقدم ذكره.. فلو أن المقتولين، والذين أخذت أموالهم كانوا من المسلمين لم يكن معنى لهذه المبادرة من هؤلاء، ولم يكن معنى لاستجابة النبي «صلى الله عليه وآله» لهم، وأخذ الأموال من المقاتلين وإرجاعها إلى أصحابها الشرعيين، لأنه إذا كان المقتولون وأصحاب الأموال محاربين، فإن تلك الأموال تكون للمقاتلين ولا يصح أخذها منهم..
ولكن قبولنا لهذا الأمر لا يحل الإشكال أيضاً؛ لأن المقتولين إذا كانوا مسلمين فلا معنى لطل دمهم، بل كان ينبغي أن يحاسب الذين قتلوهم، فإن كانوا قد قتلوهم مع علمهم بإسلامهم، فلا بد من إنزال العقوبة بمن فعل ذلك..
كما لا بد من محاسبتهم على أخذ أموالهم، وإصرارهم على هذا الأخذ، حتى إنهم ليحتاجون إلى علامة من رسول الله  «صلى الله عليه وآله» لإرجاعها إلى أهلها..
وإن كانوا قد قتلوهم عن جهل منهم بكونهم مسلمين، فهم وإن كانوا معذورين بقتلهم، لكن لا بد للرسول «صلى الله عليه وآله» من أن يديهم من بيت مال المسلمين على الأقل..
وقد يقال:
إن المقتولين كانوا من المشركين المعاهدين.. الذين لا ذنب ولا يد لهم بما جرى، وإنما غلبوا على أمرهم، وأصبحوا ضحية بغي الهنيد وابنه، فأخذوا بذنب غيرهم، وقد جاء الذين أسلموا من قومهم، ليحلوا هذا الإشكال، فارتأوا حله، بطلِّ دمهم، والاكتفاء بإرجاع أموالهم إليهم..
ويجاب:
بأنه لا توجد أية إشارة إلى وجود معاهدات بين أهل الشرك من هذه القبيلة، وبين رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
والصحيح في القضية هو: أن هذه القبيلة كانت قد أسلمت استجابة لرفاعة بن زيد الجذامي، الذي جاءهم بكتاب من عند رسول الله «صلى الله عليه وآله».
ثم إن بضعة أفراد منها، وهم الهنيد وابنه، وربما بعض آخر معهما، قطعوا الطريق على دحية وسلبوه ما معه ثم أرجع بنو الضبيب من جذام إليه ما كان سلب منه.. فاشتكى دحية إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وطلب منه أن ينتقم له من الهنيد وابنه، فأرسل النبي «صلى الله عليه وآله»  زيداً على رأس سرية لأخذ الجناة، فقتلت السرية الهنيد وابنه، واثنين (أو أكثر) ممن كانوا معه، وأخذوا ما وجدوه هناك من إبل وشاء.
ولكن هذا الذي وجدوه وأخذوه لم يكن للمقتولين بل هو لغيرهم من أفراد القبيلة المسلمين، الذين كان النبي «صلى الله عليه وآله» قد كتب لهم الكتاب مع رفاعة..
فاعتبره زيد غنيمة حرب، فرفعت القبيلة المسلمة أمرها إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فحكم بإرجاع الأموال إلى أهلها، ولم يعبأ بالمقتولين لأنهم أفسدوا، واعتدوا وحاربوا، وقطعوا السبيل، ولم يكن هناك أي عدوان أو تقصير من زيد، وقد فعل ما كان ينبغي له. والله هو العالم بالحقائق.

ج: العصبية للحق، لا للعشيرة:

والذي يثير الانتباه هنا: أن الجذاميين المسلمين من بني الضبيب قد تعصبوا لإسلامهم ولدينهم وللحق، ونصروا المظلوم حتى على ابن العشيرة، فاستنقذوا الأموال التي استلبها الهنيد وابنه منهما، وأرجعوها إلى صاحبها، مع أنهم كانوا إلى الأمس القريب يتعصبون لابن العشيرة، وينصرونه على غيره، حتى لو كان معتدياً وظالماً لذلك الغير.
د: خمس مائة رجل!! لماذا؟!
وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أرسل زيداً في خمس مائة رجل مع دحية..
ونحن نشك كثيراً في صحة هذا الأمر..
فإن أعداد أفراد السرايا التي كان النبي «صلى الله عليه وآله» يرسلها إلى البلاد البعيدة والقريبة كانت قليلة في الغالب.
فهو «صلى الله عليه وآله» يرسل ثلاثين، أو أربعين، أو سبعين، أو مائة، أو مائتي رجل..
فلماذا أرسل خمس مائة رجل في هذه المرة؟! مع كون تلك القبيلة كانت على الإسلام، ومع كون العصاة من أفرادها قليلين، لا يحسب لهم حساب، خصوصاً مع كون سائر قبيلتهم ضدهم، وقد أثبتت تلك القبيلة ذلك بصورة عملية، حيث استنقذت لدحية جميع ما كان قد أخذ منه..

هـ: تسرع غير مقبول:

وبعد.. فإن ما يثير الدهشة أيضاً: أن زيداً يغير على أولئك القوم في عماية الصبح، فيقتل، ويأسر، ويستاق النعم والشاء، ويسبي النساء.. فإن كان المذنب من تلك القبيلة هم أفراد قلائل، فما ذنب سائر أفراد القبيلة؟.
وإذا كانت القبيلة قد أعلنت إسلامها ـ حسبما ذكرناه فيما سبق ـ فلماذا يغير عليها في عماية الصبح؟!
وإذا أراد أن لا يفلت المجرم من يده، وإذا كان يصح أسر المقاتلين من الرجال، حتى لو كانوا مسلمين، فما هو ذنب النساء حتى تسبى؟! خصوصاً إذا كن مسلمات مؤمنات، قد صدقن كتاب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، الذي أرسله إليهن مع رفاعة، وقبلن أمانه؟!.
وكيف يكتب لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» كتاباً، ثم يأمر جنوده بالإغارة، عليهم..
ألم يكن الأجدر والأولى.. أن يرسل الرسول «صلى الله عليه وآله» إلى رفاعة، وإلى سائر بني جذام يطلب منهم تسليمه المجرم لينال جزاءه؟! فإن امتنعوا من ذلك، ومنعوا صاحبهم، وأصبحوا في عداد المحاربين، أمكن في هذه الحال.. أن يتخذ النبي «صلى الله عليه وآله» القرار المناسب في حقهم، وفق هذه المستجدات..
على أن من الواضح: أن الأخذ بقول دحية، والمبادرة إلى اتخاذ قرار الحرب ضد أناس آخرين ـ كان النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه قد أرسل إليهم بكتاب أمان منه، وقد استجابوا لكتابه، وأسلم من أسلم منهم بناء على ذلك. إن ذلك ـ لا يتناسب مع أخلاق وسياسات الأنبياء «عليهم السلام»، ولا يصح نسبته إليه «صلى الله عليه وآله».

و: كيف أصنع بالقتلى؟!

وحين قال النبي «صلى الله عليه وآله»: كيف أصنع بالقتلى؟.. لم يكن يريد أن يعبِّر عن تحيره في الأمر، ولا كان يسأل عن حكم الله تعالى فيهم، بل كان «صلى الله عليه وآله» يريد أن يسمع من نفس أصحاب العلاقة، ما يريد أن يمضيه فيهم، لأن ذلك يبعد عن أذهان ضعفة النفوس والإيمان أي احتمال يمكن أن يثار حول صوابية القرار الذي يصدره في قضيتهم، وهو يظهر بذلك لكل أحد: أن قراره هذا هو ما تحكم به الفطرة، ويفرضه الإنصاف في حق من يشهر سيفه على الناس، ويقطع الطريق ويخيف السبيل..
ولأجل ذلك: صرح رفاعة بأنه: لا يطلب إلا ما هو حلال ومباح، وموافق للمنطق. ثم جاءت مبادرة أبي زيد التي انطلقت بعفوية وأريحية لتؤكد هذا الأمر، وتحسم الرأي الصواب فيه، فأمضى رسول الله «صلى الله عليه وآله» له ذلك، حين ظهر أنهم منسجمون مع هذا الحق، متفهمون لذلك الصواب..

ز: مالُهُم، عرفوه فأخذوه:

ولم يكن انتداب النبي «صلى الله عليه وآله» علياً «عليه السلام» للمهمة الحاسمة، التي تضمنت إرجاع الحقوق إلى أهلها، هو الوحيد في تاريخ النبي «صلى الله عليه وآله» وعلي «عليه السلام».
وقد جاء تفويض هذه المهمة إليه «عليه السلام» ليؤكد على دوره في هذا الاتجاه، وليكون الدليل على الثقة المطلقة بحسن تدبيره، وبدقته في إنجاز ما يوكله «صلى الله عليه وآله» إليه من مهمات، حتى إنه «عليه السلام» لينتزع الناقة من الرسول الذي جاء بالبشرى، ثم يردفه خلفه، ولا يرضى بأن يركب ناقة صدر حكم رسول الله «صلى الله عليه وآله» بإرجاعها إلى أربابها، ولو خطوات يسيرة.
وكان التساؤل الحائر من ذلك الرسول: يا علي, ما شأني؟! حيث ظن أن ذلك قد جاء عقوبة له على أمر صدر منه.
فجاءه الجواب الحاسم والحازم منه «عليه السلام»: مالُهُم، عرفوه فأخذوه.

ح: مبالغات لا مبرر لها:

وروى الواقدي عن محجن الديلي، أنه قال: «كنت في تلك السرية، فصار لكل رجل سبعة أبعرة، أو سبعون شاة، وصار له من السبي المرأة والمرأتان، حتى رد رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذلك كله إلى أهله»([5]).
ونقول:
إنه إذا كان الجيش خمس مائة مقاتل، ثم كان مجموع السبي مائة امرأة وطفل، فكيف يكون قد صار للرجل المرأة والمرأتان؟!
وإذا كان الجيش خمس مائة، والأبعرة ألف، فكيف نال كل واحد سبعة أبعرة؟!

ط: زيد لا يطيعني:

وحين قال علي «عليه السلام» للنبي «صلى الله عليه وآله»: زيد لا يطيعني، فإنه لم يكن يريد بذلك تحريض الرسول الكريم «صلى الله عليه وآله» على زيد..
بل هو قد أراد أن يمدح زيداً بذلك، من حيث إنه يمارس عمله وفق أصول الانضباط، والالتزام بالمقررات بحزم وصرامة، ولا يتعامل على أساس العلاقات الشخصية، التي ربما تجر أحياناً إلى الوقوع في أخطاء قد لا يمكن تداركها.. خصوصاً حين يتعلق الأمر بالتعاطي مع الشأن العام، وتنفيذ المهمات، والقيام بالمسؤوليات النظامية.
وقد كان علي «عليه السلام» يدرك: أنه لا بد من إشاعة هذا النهج، وفرض الالتزام به على الآخرين، بصورة عملية وحاسمة، بحيث لا يبقى أي منفذ، أو فرصة لأي تسلل من شأنه أن يفسد طريقة تنفيذ القرار، أو أن يخل بحركة العمل في المجالات التطبيقية المختلفة.
وإلا، فإن زيداً كان يعرف علياً «عليه السلام»، ويدرك موقعه من رسول الله «صلى الله عليه وآله» ومن الإسلام كله.. ولكنه يريد أن يري الناس كيف يلتزم القائد بحرفية البيانات والبلاغات الصادرة إليه، وأن عليهم أن يتعلموا: أنه لا مجال لمحاباة أحد، ولا للاعتماد على الرأي والاجتهاد، بعد أن استبعدت المعرفة اليقينية، وحوصرت وصودرت أحكامها بأحكام وبيانات صريحة أخرى لم تدع لها مجالاً، ولا مقالاً..
وحسبنا هذا الذي ذكرناه هنا: فإن استقصاء الحديث حول التفاصيل والجزئيات لسوف يضر بالاستفادة مما هو أهم، ونفعه أتم، وأشمل وأعم..

2 ـ سرية كرز بن جابر إلى العرنيين:

وفي جمادى الآخرة من سنة ست على قول ابن اسحاق، أو في شوال على قول الواقدي، وابن سعد، وابن حبان، أو في ذي القعدة بعد الحديبية، كما في البخاري.. كانت سرية كرز بن جابر الفهري إلى العرنيين، وهم حي من قضاعة، وحي من بجيلة. لكن المراد هنا الثاني، على ما ذكره ابن عقبة في مغازيه.
فقد روي: أن ثمانية من عرينة، وفي البخاري من عكل وعرينة، وفي الاكتفاء من قيس كبة من بجيلة، قدموا على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فتكلموا بالإسلام وكانوا مجهودين، قد كادوا يهلكون لشدة هزالهم، وصفرة ألوانهم، وعظم بطونهم، فطلبوا منه «صلى الله عليه وآله» أن يؤويهم ويطعمهم، فأنزلهم «صلى الله عليه وآله» عنده بالصفة.
ثم استوخموا المدينة، وطلحوا، وقالوا: إنا كنا أهل ضرع، ولم نكن أهل ريف، فبعثهم النبي «صلى الله عليه وآله» إلى لقاحه التي كانت ترعى بناحية الجماوات، وكان يرعاها عبد له، يقال له: يسار..
وفي رواية: أنه «صلى الله عليه وآله» بعثهم إلى إبل الصدقة.
وجُمع بينهما: أنهما كانا معاً، فالبعث كان إليهما معاً.
فخرجوا إليهـا، وشربوا من أبوالها، وألبانها، حتى صحوا وسمنوا، وانطوت بطونهم عكناً، فكفروا بعد إسلامهم، وعدوا على الراعي فذبحوه.
وفي رواية: أنهم استاقوا اللقاح، فأدركهم يسار، فقتلوه، ومثَّلوا به.
فبلغ النبي «صلى الله عليه وآله» الخبر، فبعث في أثرهم كرز بن جابر في عشرين فارساً، فأدركوهم وأحاطوا بهم، وربطوهم، وقدموا بهم إلى المدينة, وأرجعوا اللقاح، وكانت خمس عشرة إلا واحدة، وكان «صلى الله عليه وآله» بالغابة، فخرجوا بهم نحوه.
وفي الإكتفاء: فأتي بهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» مرجعه من غزوة ذي قرد، فأمر بهم فقطعت أيديهم، وأرجلهم.
وفي رواية: وسمرت أعينهم، وصلبوا هناك.
وفي البخاري: فأمر بمسامير فأحميت، فكحلهم، وقطع أيديهم، وما حسمهم، ثم ألقوا في الحرة وهي أرض ذات حجارة سود، يستقون، فما سقوا حتى ماتوا.
قال أنس: فكنت أرى أحدهم يكد، أو يكدم الأرض بفيه، من العطش، ليجد بردها([6])، فلا يجده، حتى ماتوا على حالهم.
وأنزل الله فيهم: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ الآية([7]).
ولم يقع بعد ذلك: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» سمل عيناً([8]).
ونقول: إن لنا ههنا وقفات هي التالية:

المثلة والتعذيب:

قد يقال: إنه لا معنى لهذا التعذيب الذي أُنزِل بهم.
وقد يجاب عن ذلك ـ كما عن محمد بن سيرين ـ: أنه إنما فعل النبي «صلى الله عليه وآله» هذا قبل أن تنزل الحدود([9]).
قال أبو قلابة: هؤلاء قوم سرقوا، وقتلوا، وكفروا بعد إيمانهم،  وحاربوا الله ورسوله([10]).
ونقول:
أولاً: إننا لم نجد في النصوص ما يدل على أن عقوبة السرقة، والقتل، ومحاربة الله ورسوله أن تحمى المسامير بالنار، ثم يكحل فاعل ذلك بها، ولا أن يلقى في الحرة ليموت عطشاً؟!
ثانياً: لقد نزل قوله تعالى: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ﴾ في مكة قبل هذه القصة([11]).. وهذه العقوبات المذكورة التي صبت عليهم لم يفعلوا هم مثلها..
ثالثاً: إن ما فعله النبي «صلى الله عليه وآله» بهم ـ لو صح ـ فهو من مصاديق المثلة التي نهى النبي «صلى الله عليه وآله» عنها في غزوة أحد، كما يقولون. فما معنى أن ينهى «صلى الله عليه وآله» عن الأمر، ثم يبادر هو إلى فعله؟!
رابعاً: عن ابن أبي يحيى، عن جعفر، عن أبيه، عن علي بن حسين، قال: لا والله، ما سمل رسول الله «صلى الله عليه وآله» عيناً، ولا زاد أهل اللقاح على قطع أيديهم وأرجلهم([12]).
ومن الواضح: أن قطع الأيدي والأرجل هو عقوبة المفسد في الأرض، وقد صرح بها القرآن الكريم، وليست هي من المثلة المنهي عنها.

عدد الرعاة المقتولين:

وقد ذكرت الروايات تارة أنهم قتلوا يساراً فقط.
وجاء في رواية أخرى: ثم مالوا على الرعاء فقتلوهم.
وفي نص ثالث: فقتلوا الراعيين، وجاء الآخر، فقال: قتلوا صاحبيَّ، وذهبوا بالإبل([13]).
فما هذا التناقض في عدد من قتلوا من الرعاء؟

أين كانت اللقاح؟!:

قد ذكرت الرواية السابقة: أن اللقاح كانت بناحية الجماوات، ولكن هناك رواية أخرى تقول: إن اللقاح كانت بذي الجدر، غربي جبال عير، على ستة أميال من المدينة([14]) وهي بناحية قباء.
ونحن نشك في ذلك، إذ:
1 ـ لماذا تكون هذه اللقاح بعيدة عن المدينة إلى هذا الحد، وكيف يؤمن عليها الغارة من القبائل المحيطة، والمعادية؟!
2 ـ لقد اختلفت النصوص في موضع رعي الإبل، فهل كانت بناحية الجماوات، التي هي إلى جهة الشام، على ثلاثة أميال من المدينة؟ أم كانت ترعى بذي الجدر، على ستة أميال من المدينة، إلى جهة قباء؟!

أين صلب الجناة؟:

وهم تارة يقولون: إنهم قد صلبوا بالرغابة، بعد أن قطعت أيديهم وأرجلهم([15]).
وأخرى يقولون: إنهم قد صلبوا، وجرى عليهم ما جرى في المدينة نفسها، وأمر النبي «صلى الله عليه وآله» بهم فألقوا في الحرة([16]).

من هو أمير السرية؟:

وقد تقدم: أن الأمير على تلك السرية هو كرز بن جابر، بينما هناك من يقول: إن أمير الخيل يومئذ هو ابن زيد أحد العشرة المبشرة بالجنة.
وهناك من يقول: أن أمير السرية هو جرير بن عبد الله البجلي([17]).
ويرد هذا القول الأخير: بأن إسلام جرير بن عبد الله قد كان بعد حوالي أربع سنين من تاريخ هذه السرية([18]).
وقد روي عنه: أنه ما أسلم إلا بعد سورة المائدة في حجة الوداع([19]).

آية جزاء المحاربين:

وقد تقدم قولهم: إن آية:  ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ..﴾ قد نزلت في هذه المناسبة.
ونقول:
إن ذلك لا يصح:
أولاً: لأن هذه الآية وردت في سورة المائدة، التي نزلت دفعة واحدة في حجة الوداع([20]).
وحتى لو كانت قد نزلت بعد الحديبية، أو عام الفتح([21])، فإن ذلك يدل على أنها لم تنزل في هذه الغزوة التي حصلت قبل الحديبية.
وقد روي نزولها دفعة واحدة عن:
1 ـ عبد الله بن عمرو([22]).
2 ـ أسماء بنت يزيد([23]).
3 ـ أم عمرو بنت عبس([24]).
4 ـ محمد بن كعب القرظي([25]).
5 ـ والربيع بن أنس([26]).
ثانياً: لقد رووا عن ابن عباس في هذه الآية، قال: كان قوم من أهل الكتاب بينهم وبين رسول الله «صلى الله عليه وآله» عهد وميثاق، فنقضوا العهد وأفسدوا في الأرض، فخيَّر الله فيهم نبيه، إن شاء أن يقتل، وإن شاء أن يصلب، وإن شاء أن يقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف الخ..([27]).
ثالثاً: لقد اختلفت رواياتهم في قبيلة القوم الذين نزلت فيهم هذه الآية، هل هم أهل الكتاب، أو هم من المشركين من عكل أو عرينة، أو بجيلة، (وقد تقدمت المصادر المصرحة بهذا أو بذاك).
أو من بني فزارة([28]).
أو من بني سليم([29]).
أو أنها نزلت  في بني ضبة، كما سنرى([30]).

الصحيح في نزول الآية:

الصحيح هو: أن هذه القضية بأسرها قد حرفت بصورة عمدية، وصرفت عن مسارها الطبيعي، وأن أميرها هو علي «عليه السلام»، وأنها نزلت في نفر من بني ضبة، وأنهم إنما قتلوا ثلاثة من رعاة اللقاح إلى غير ذلك من تفاصيل، غيَّروا فيها وبدلوا، وظهرت الخلافات والاختلافات نتيجة لتصرف كل راوٍ على حدة..
الرواية الصحيحة:
والرواية المعقولة والمقبولة هي التالية:
روي عن أبي عبد الله الصادق «عليه السلام»، قال: قدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله» قوم من بني ضبة، مرضى.
فقال لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أقيموا عندي، فإذا برئتم بعثتكم في سرية.
فقالوا: أخرجنا من المدينة.
فبعث بهم إلى إبل الصدقة، يشربون من أبوالها، ويأكلون من ألبانها، فلما برئوا واشتدوا قتلوا ثلاثة ممن كان في الإبل.
فبلغ رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذلك، فبعث إليهم علياً «عليه السلام»، فإذا هم في واد قد تحيروا ليس يقدرون أن يخرجوا منه، قريباً من أرض اليمن، فأسرهم، وجاء بهم إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فنزلت هذه الآية: ﴿إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيم﴾([31]).
فاختار رسول الله  القطع، فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف([32]).

3 ـ سرية زيد إلى وادي القرى:

وفي شهر رجب من سنة ست كانت سرية زيد بن حارثة إلى وادي القرى، فقتل من المسلمين قتلى، وارتث زيد بن حارثة، أي حمل من المعركة رثيثاً أي جريحاً، وبه رمق([33]).
ونقول:
1 ـ  إننا لا ندري لماذا لم تصرح لنا الروايات بعدد القتلى من المسلمين، ولا بأسمائهم، مع الاهتمام الشديد بهذا الأمر في الموارد الأخرى؟!..
كما أننا لا ندري: هل قتل أحد من المشركين في هذه السرية؟! أو جرح، أم لم يقتل ولم يجرح أحد؟!
2 ـ ثم إننا لا ندري أيضاً لماذا لم تذكر أية تفاصيل عن مكان هذه المعركة، وعن أسبابها، وضد من كانت من قبائل العرب..
لكن بعضهم ذكر: أنها كانت ضد بني فزارة.
مع أنهم يذكرون: أدق التفاصيل في غزوات أو سرايا لم تجر فيها أحداث مهمة، بل هي مجرد سياحة استطلاعية رجع منها المسلمون، ولم يلقوا كيداً..
والظاهر هو: أن هذه الحادثة هي نفس ما ذكر من أنه قد حصل لزيد بن حارثة في سرية أم قرفة الآتية، وأنه إنما كان في تجارة له إلى الشام  فأخذوه، وجرى عليه ما جرى، ثم غزاهم في سرية بعثه بها الرسول «صلى الله عليه وآله»، فأصابوا فيها أم قرفة كما سيأتي.

4 ـ سرية ابن عوف إلى دومة الجندل:

وفي شعبان من سنة ست بعث «صلى الله عليه وآله» عبد الرحمن بن عوف إلى بني كلب في دومة الجندل.
فزعموا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» دعاه، فأجلسه بين يديه، وعممه بيده، وقال: اغز بسم الله، وفي سبيل الله، فقاتل من كفر بالله. ولا تغدر، ولا تقتل وليداً. وقال له: إن استجابوا لك فتزوج ابنة ملكهم.
فسار إليهم في سبع مائة مقاتل، فمكث ثلاثة أيام يدعوهم إلى الإسلام، وهم يأتون ويقولون: لا نعطي إلا السيف.
فلما كان اليوم الثالث أسلم أصبغ بن عمرو الكلبي ـ وكان نصرانياً، وكان رئيسهم ـ وأسلم معه ناس كثيرون من قومه، وأقام من أقام على دينه على إعطاء الجزية، وتزوج عبد الرحمن تماضر ابنة الأصبغ، فقدم بها المدينة، فولدت له أبا سلمة، عبد الله الأصغر، وهو من الفقهاء السبعة بالمدينة، ومن أفضل التابعين([34]).
وزعم عطاء بن أبي رباح: أنه سمع رجلاً من أهل البصرة يسأل عبد الله بن عمر عن إرسال العمامة من خلف الرجل، إذا اعتم.
فقال عبد الله: سأخبرك عن ذلك، إن شاء الله تعالى، ثم ذكر مجلساً شاهده من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، أمر فيه عبد الرحمن بن عوف أن يتجهز لسرية بعثه عليها، قال: فأصبح وقد اعتم بعمامة من كرابيس سود، فأدناه رسول الله «صلى الله عليه وآله» منه، ثم نقضها، ثم عممه بها، وأرسل من خلفه أربع أصابع، أو نحواً من ذلك. ثم قال: هكذا يابن عوف فاعتم، فإنه أحسن، وأعرف.
ثم أمر بلالاً أن يدفع إليه اللواء، فدفعه إليه، فحمد الله، وصلى على نفسه، ثم قال: خذه يابن عوف، اغزوا جميعاً الخ..([35]).

شكوك في سرية ابن عوف:

ولنا على هذه الغزوة ملاحظات عديدة هي التالية:
1 ـ إننا نشك في أصل حدوث هذه الغزوة. وذلك لأن بين دومة الجندل وبين دمشق خمس ليال، وتبعد عن المدينة حوالي خمس عشرة، أو ست عشرة ليلة، وهي بقرب تبوك([36]).
وعلى حد تعبيرهم: هي طرف من أفواه الشام([37]).
ونحن نستبعد: أن يخاطر النبي  «صلى الله عليه وآله» بأصحابه، فيرسلهم إلى هذه المسافات البعيدة، إلى أناس لم يظهر الوجه والمبرر لأن يقصدهم «صلى الله عليه وآله» بجيوشه هذه، دون كل من عداهم ممن هم في المناطق الأقرب منهم، والأيسر، والأقل مؤونة عليه.
هذا.. والحال: أن مشركي العرب مبثوثون في كل ناحية، وهم يترصدونهم في ذهابهم، وإيابهم، ليوقعوا بهم، وليوصلوا الأخبار إلى الأقطار عنهم.. خصوصاً إذا كان مسيرهم أصبح يشي بأنهم يقصدون ملك قيصر، وكسر هيبته، بتناول أطراف بلاده..
2 ـ إن هيمنة الإسلام لم تكن قد بلغت تلك المناطق، ليرضى نصارى بني كلب بدفع الجزية، مع قربهم من الشام، ومع وجود أكيدر في دومة الجندل، ومع كون المحيط كله لا يدين بالإسلام، ولا يرضى بدفع الجزية.
3 ـ إن الحديث عن أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عمم عبد الرحمن بن عوف بيده، لا يدل على أن ذلك كان كرامة وإكراماً منه «صلى الله عليه وآله» لابن عوف..
لأن حديث ابن عمر قد أوضح: أن السبب في ذلك هو: أن ابن عوف لم يحسن التعمم، فأراد «صلى الله عليه وآله» أن يعلمه طريقة التعمم الفضلى، ويوضح ذلك قوله «صلى الله عليه وآله»: «هكذا يابن عوف فاعتم، فإنه أحسن، وأعرف».
4 ـ إننا لا ندري ما هي المصلحة في أن يتزوج ابن عوف ابنة أصبغ بن عمرو الكلبي؟!
وماذا لو رفض أصبغ الموافقة على هذا الزواج؟!

فهل سيقهره عبد الرحمن عليه؟!

على أننا قد نفهم من بعضهم: أن ثمة شكاً في أن تكون تماضر هذه قد أدركت رسول الله «صلى الله عليه وآله».
فقد قال العسقلاني: عن أبي سلمة بـن عبد الرحمن بن عوف «أمه تماضر بنت الأصبغ، يقال: إنها أدركت النبي «صلى الله عليه وآله»..»([38]).
ويلاحظ: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عبر عن الأصبغ بكلمة «ملك»، مع أنه مجرد زعيم قبيلة، ولا يوصف رئيس القبيلة بهذا الوصف.
5 ـ على أن ثمة ما يدل على خلاف ما ذكرته الروايات المتقدمة، فقد قالوا: إنه بعد إسلام أولئك القوم: «أرسل (ابن عوف) رضي الله عنه إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعلمه بذلك، وأنه يريد أن يتزوج فيهم، فكتب إليه رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أن يتزوج ببنت الأصبغ، فتزوجها، وبنى بها عندهم، وقدم بها المدينة»([39]). فإن هذه الرواية تدل على: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يأمره بالزواج من بنت ملكهم حين عممه وأرسله..
بل إن عبد الرحمن بن عوف أرسل إليه رسالة يستأذن فيها بهذا الأمر.
6 ـ هل صحيح: أن أبا سلمة بن عبد الرحمن كان بهذه المثابة من الفضل والعلم؟ أم أنهم أطروه ورفعوا مقامه، في نطاق سياسة خلق مرجعيات للناس، واستبعاد أهل البيت «عليهم السلام»؟
خصوصاً وأنهم يذكرون: أن أبا سلمة هذا كان منسجماً معهم في طروحاتهم، وتوجهاتهم، فهو قد روى عن عثمان بن عفان، وطلحة، وعبد الله بن سلام، وأبي هريرة، والمغيرة، ومعاوية.. وغيرهم ممن هم على هذا النهج..
كما أن هذا الرجل كان من أعوان النظام الأموي والدموي، حيث يذكرون: أنه لما ولي سعيد بن العاص على المدينة من قبل معاوية في المرة الأولى، استقضى أبا سلمة عليها([40]).
لقد فرغت من تسويد هذا الجزء ليلة الخميس الساعة الرابعة قبل الفجر.. وذلك بتاريخ 10/6/2004م الموافق 21/4/1425هـ بيروت.
والحمد لله أولاً وآخراًَ، وباطناً وظاهراً، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.

 


([1]) راجع: العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص57 وعن عيون الأثر ج2 ص101 والبحار ج20 ص292 والطبقات الكبرى ج2 ص88 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص88.
([2]) تاريخ الخميس ج2 ص9 و 10 والسيرة الحلبية ج3 ص179 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص88 و 89 والبحار ج20 ص375.
([3]) قد تقدمت المصادر لهذه الفقرات ولأجل التذكير ببعضها، نقول: راجع: السيرة الحلبية ج3 ص179 ومكاتيب الرسول ج2 ص398 وسير أعلام النبلاء ج2 ص555 وتاريخ مدينة دمشق ج17 ص208 وتهذيب الكمال ج8 ص474.
([4]) السيرة الحلبية ج3 ص177 والبحار ج19 ص353 وشجرة طوبى ج2 ص241 والمستدرك للحاكم ج3 ص237 ومجمع الزوائد ج9 ص216 والمعجم الكبير ج22 ص430 وشرح النهج للمعتزلي ج14 ص196 وعن تاريخ الأمم والملوك ج2 ص166 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج2 ص483 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص83 وراجع: مناقب آل البيت «عليهم السلام» للشيرواني ص444.
([5]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص89.
([6]) تاريخ الخميس ج2 ص10 و 11 والسيرة الحلبية ج3 ص185 والدر المنثور ج2 ص277 و 278 عن مصادر كثيرة. وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 و 117 ومسند أحمد ج2 ص287 وعن سنن أبي داود ج2 ص331 وعن الجامع الصحيح للترمذي ج1 ص49 وسنن النسائي ج7 ص98 وراجع: عون المعبود ج12 ص17 وسنن النسائي ج2 ص296 ومسند أبي يعلي ج6 ص225 و 466 والفايق في غريب الحديث ج1 ص212 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص148 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص51 والبداية والنهاية ج4 ص205 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص341.
([7]) سورة المائدة الآية 33.
([8]) السيرة الحلبية ج3 ص85 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص117 وراجع: الدر المنثور ج2 ص277 عن البخاري، ومسلم، وعبد الرزاق، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، وابن جرير، وابن المنذر، والنحاس في ناسخه، والبيهقي في الدلائل عن أنس والطبقات الكبرى ج2 ص93 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص599.
([9]) تاريخ الخميس ج2 ص11 عن الترمذي، وسبل الهدى والرشاد ج6 ص117 وج9 ص200 ومسند أحمد ج3 ص290 وعن صحيح البخاري ج7 ص13 وعن سنن أبي داود ج2 ص332 والجامع الصحيح للترمذي ج1 ص50 والسنن الكبرى للبيهقي ج8 ص283 وج9 ص70 وج10 ص4 وعن فتح الباري ج1 ص294 وج10 ص120 وشرح سنن النسائي ج7 ص95 وتحفة الأحوذي ج1 ص207 وعون المعبود ج12 ص19 ومسند أبي يعلي ج6 ص466 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج6 ص149 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص52 وفتح القدير ج2 ص34.
([10]) تاريخ الخميس ج2 ص11 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 وعن صحيح البخاري ج8 ص20 وسنن أبي داود ج2 ص330 وعون المعبود ج12 ص15 وصحيح ابن حبان ج10 ص320 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص148 وتاريخ مدينة دمشق ج21 ص481.
([11]) السيرة الحلبية ج2 ص246 عن ابن كثير. وراجع: واقعة أحد في هذا الكتاب، فصل: بعدما هبت الرياح.
([12]) المسند للشافعي ص315 والأم للشافعي ج4 ص259 والسنن الكبرى ج9 ص70.
([13]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص115 و 119 وفتح الباري ج1 ص292 وشرح معاني الآثار ج3 ص180.
([14]) تاريخ الخميس ج2 ص11 وراجع: وفاء الوفاء ج4 ص1174 و 1175 وتركة النبي «صلى الله عليه وآله» لحماد البغدادي ص107 والطبقات الكبرى ج1 ص495 وتاريخ مدينة دمشق ج4 ص234 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص423.
([15]) تاريخ الخميس ج2 ص11 عن ابن سعد, عن ابن عقبة.
([16]) السيرة الحلبية ج3 ص185 وتاريخ الخميس ج2 ص10 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 وراجع: موسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص599 والطبقات الكبرى ج2 ص93.
([17]) راجع: الدر المنثور ج2 ص277 عن ابن جرير، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص52 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص117.
([18]) السيرة الحلبية ج3 ص185 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص116 و 117 وفي ص312: أن إسلام جرير كان قبل سنة عشر.
([19]) عن فتح الباري ج1 ص416 والجامع الصحيح للترمذي ج1 ص64 والمستدرك للحاكم ج1 ص169 والسنن الكبرى للبيهقي ج1 ص271 و 273 و 274 ومسند أحمد ج4 ص363 وسنن أبي داود ج1 ص42 وتحفة الأحوذي ج1 ص265 وعون المعبود ج1 ص179 والمنتقى من السنن المسندة للنيسابوري ص32 والمعجم الأوسط ج4 ص225 والمعجم الكبير ج2 ص308 و 336 و 348 و 357 و 358 ومسند إبراهيم بن أدهم ص40 و 41 ونصب الراية ج1 ص137 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص30 والدر المنثور ج2 ص263 والضعفاء للعقيلي ج2 ص76 وتهذيب الكمال ج2 ص38 وميزان الإعتدال ج2 ص89 وتهذيب التهذيب ج2 ص64 والبداية والنهاية ج5 ص93 وتاريخ جرجان ص228 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج8 ص54.
([20]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن جرير، وأبي عبيد، وراجع: البحار ج37 ص248 والغدير ج6 ص256 وراجع: المستدرك للحاكم ج1 ص163.
([21]) الجامع لأحكام القرآن ج6 ص30 وراجع: فتح القدير ج2 ص4.
([22]) الدر المنثور ج2 ص252 ومجمع الزوائد ج7 ص13وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص3 وفتح القدير ج2 ص3 والبداية والنهاية ج3 ص31 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص424 عن أحمد.
([23]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أحمد، وعبد بن حميد، وابن جرير، ومحمد بن نصر في الصلاة، والطبراني، وأبي نعيم في الدلائل، والبيهقي في شعب الإيمان، وراجع: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج2 ص3 ومجمع الزوائد ج7 ص13 والبيان في تفسير القرآن للسيد الخوئي ص341 والبداية والنهاية ج3 ص31 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص424 وسبل الهدى والرشاد ج2 ص257.
([24]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن أبي شيبة في مسنده، والبغوي في معجمه، وابن مردويه، والبيهقي في دلائل النبوة. وراجع: الآحاد والمثاني ج2 ص431 وأسد الغابة ج5 ص344.
([25]) الدر المنثور ج2 ص252 عن أبي عبيد وراجع: الغدير ج6 ص256.
([26]) الدر المنثور ج2 ص252 عن ابن جرير وجامع البيان لابن جرير الطبري ج6 ص112.
([27]) الدر المنثور ج2 ص277 عن ابن جرير، والطبراني في المعجم الكبير وراجع: المحلى لابن حزم ج11 ص300 ومجمع الزوائد ج7 ص15 والمعجم الكبير للطبراني ج12 ص199 وجامع البيان ج6 ص280 والتبيان للطوسي ج3 ص505 ومجمع البيان للطبرسي ج3 ص324 وزاد المسير لابن الجوزي ج2 ص269 والجامع لأحكام القرآن ج6 ص149 وتفسير القرآن العظيم لابن كثير  ج2 ص50 وفتح القدير ج2 ص37.
([28]) الدر المنثور ج2 ص278 عن عبد الرزاق، والمصنف للصنعاني ج10 ص107وتفسير القرآن العظيم ج2 ص52.
([29]) الدر المنثور ج2 ص278 عن ابن جرير وعبد الرزاق، وكنز العمال ج2 ص405 وجامع البيان ج6 ص282 وتفسير القرآن العظيم ج2 ص52.
([30]) ستأتي المصادر لذلك.
([31]) الآية 33 من سورة المائدة.
([32]) راجع: نور الثقلين ج1 ص621 و 622 والبرهان ج1 ص465 و 467 عن الكليني، والعياشي، والشيخ في تهذيب الأحكام، والكافي ج7 ص245 وكنز الدقائق ج4 ص102 و 103 وتفسير العياشي ج1 ص314 وتفسير الصافي ج2 ص31 وتهذيب الأحكام ج10 ص135 والوسائل (ط دار الإسلامية) ج18 ص535 وميزان الحكمة ج10 ص574 وتفسير الميزان ج5 ص331 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص597.
([33]) تاريخ الخميس ج2 ص11 وراجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص71 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص287 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1035 وعن عيون الأثر ج2 ص103.
([34]) تاريخ الخميس ج2 ص11 والسيرة الحلبية ج3 ص181 و 182 والإصابة ج1 ص108 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص93 و 94 وعن عيون الأثر ج2 ص105 والطبقات الكبرى ج2 ص89 والثقات ج1 ص285 وتاريخ مدينة دمشق ج2 ص4 وج69 ص80 والمغازي للواقدي ج2 ص560 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1048 وعن تاريخ الأمم والملوك للطبري ج2 ص286 والبداية والنهاية ج4 ص204 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص85 وإعلام الورى بأعلام الهدى ج1 ص202 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص340.
([35]) تاريخ الخميس ج2 ص11 و 12 والسيرة الحلبية ج3 ص181 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص94 والبداية والنهاية ج5 ص239 والمستدرك للحاكم ج4 ص541 ومجمع الزوائد ج5 ص318 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1048 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص437 وسبل الهدى والرشاد ج9 ص108.
([36]) راجع: تاريخ الخميس ج1 ص469 عن ابن سعد، والسيرة الحلبية ج2 ص277 وسيرة مغلطاي ص54 ونهاية الإرب ج17 ص163 والمواهب اللدنية ج1 ص108 وزاد المعاد ج2 ص112 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص62 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص23 والتنبيه والإشراف ص214 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص266 ووفاء الوفاء ج4 ص1328 والبداية والنهاية ج4 ص105 وعن عيون الأثر ج2 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص342 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص201.
([37]) راجع: المغازي للواقدي ج1 ص403 والبداية والنهاية ج4 ص105 وعن عيون الأثر ج2 ص32 وسبل الهدى والرشاد ج4 ص342 وتاريخ مدينة دمشق ج57 ص200 و 201  والطبقات الكبرى ج2 ص62.
([38]) تهذيب التهذيب ج12 ص116 وراجع: المصنف للصنعاني ج7 ص62 وسنن الدارقطني ج4 ص10 ونصب الراية ج5 ص218 وإرواء الغليل ج6 ص159 والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج18 ص152 والطبقات الكبرى ج2 ص89 وج3 ص129 وج5 ص155 وج8 ص298 و 99 وطبقات خليفة = = بن خياط ص422 وتاريخ مدينة دمشق ج7 ص365 وج69 ص79 وراجع: أسد الغابة ج1 ص115 وج3 ص314 وعن عيون الأثر ج2 ص105.
([39]) السيرة الحلبية ج3 ص182 والإصابة ج1 ص108 وسبل الهدى والرشاد ج6 ص94 والثقات لابن حبان ج1 ص285 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص573 وإعلام الورى للطبرسي ج1 ص202 عن المغازي للواقدي ج2 ص560 والطبقات الكبرى ج2 ص89 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص642 وراجع: تاريخ خليفة بن خياط ص47 وتاريخ مدينة دمشق ج9 ص171.
([40]) تهذيب التهذيب ج12 ص105 والطبقات الكبرى ج5 ص155 وتاريخ مدينة دمشق ج29 ص291 وراجع: ص306.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page