• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الأول: بيعة الرضوان

حديث البيعة:

قال الصالحي الشامي: لما بلغ رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن عثمان قد قتل، (وقتل معه العشرة الآخرون([1]))، دعا الناس إلى البيعة، وقال: «لا نبرح حتى نناجز القوم».
وأتى رسول الله «صلى الله عليه وآله» منازل بني مازن بن النجار، وقد نزلت في ناحية من الحديبية، فجلس في رحالهم تحت شجرة خضراء، ثم قال: «إن الله تعالى أمرني بالبيعة».
فأقبل الناس يبايعونه حتى تداكوا، فما بقي لبني مازن متاع إلا وطئ، ثم لبسوا السلاح وهو معهم قليل.
وقامت أم عمارة إلى عمود كانت تستظل به، فأخذته بيدها، وشدت سكيناً في وسطها.
وروى ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن سلمة بن الأكوع، والبيهقي عن عروة، وابن إسحاق عن الزهري، ومحمد بن عمر عن شيوخه، قال سلمة: بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله «صلى الله عليه وآله»:
«أيها الناس البيعة البيعة، نزل روح القدس، فاخرجوا على اسم الله».
قال سلمة: «فسرنا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه»([2]).
وفي صحيح مسلم عنه قال: فبايعته أول الناس..
ثم بايع، وبايع، حتى إذا كان في وسط من الناس قال: «بايع يا سلمة».
قال: قلت: قد بايعتك يا رسول الله في أول الناس([3]).
قال: «ورآني رسول الله «صلى الله عليه وآله» عزلاً، فأعطاني حجفة ـ أو درقة ـ.
ثم بايع حتى إذا كان في آخر الناس قال: «ألا تبايعني يا سلمة»؟
قال: قلت: يا رسول الله قد بايعتك في أول الناس، وفي وسط الناس.
قال: «وأيضاً»، فبايعته الثالثة.
ثم قال لي: «يا سلمة أين حجفتك ـ أو درقتك ـ التي أعطيتك»؟
قال: قلت: يا رسول الله، لقيني عمي عامر عزلاً فأعطيته إياها.
قال: فضحك رسول الله «صلى الله عليه وآله» وقال: إنك كالذي قال الأول: اللهم ابغني حبيباً هو أحب إلي من نفسي([4]).
وفي صحيح البخاري عنه قال: بايعت رسول الله «صلى الله عليه وآله» تحت الشجرة.
قيل: على أي شيء كنتم تبايعون؟
قال: على الموت([5]).
وروى الطبراني عن عطاء بن أبي رباح قال: قلت لابن عمر: أشهدت بيعة الرضوان مع رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟
قال: نعم.
قلت: فما كان عليه؟
قال: قميص من قطن، وجبة محشوة، ورداء وسيف، ورأيت النعمان بن مُقَرِّن المازني قائم على رأسه، قد رفع أغصان الشجرة عن رأسه يبايعونه.
وفي صحيح مسلم، عن جابر قال: بايعنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعمر آخذ بيده، تحت شجرة ـ وهي سمرة ـ فبايعناه غير الجد بن قيس الأنصاري، اختفى تحت بطن بعيره.
وعند ابن إسحاق، عن جابر بن عبد الله: فكأني أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته، قد خبا إليها، يستتر بها من الناس. بايعناه على ألا نفِرَّ، ولم نبايعه على الموت([6]).
وروى الطبراني عن ابن عمر، والبيهقي عن الشعبي، وابن منده عن زر بن حبيش قالوا: لما دعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي، فقال: ابسط يدك أبايعك.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «علام تبايعني»؟
قال: على ما في نفسك.
زاد ابن عمر: فقال النبي: وما في نفسي؟
قال: أضرب بسيفي بين يدك حتى يظهرك الله أو أقتل. فبايعه، وبايعه الناس على بيعة أبي سنان([7]).
وروى البيهقي عن أنس، وابن إسحاق عن ابن عمر، قال: لما أمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ببيعة الرضوان كان بعث عثمان رسولُ الله «صلى الله عليه وآله» إلى أهل مكة، فبايع الناس، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «اللهم إن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك، فضرب بإحدى يديه على الأخرى، فكانت يد رسول الله «صلى الله عليه وآله» لعثمان خيراً من أيديهم لأنفسهم([8]).
وروى البخاري وابن مردويه عن قتادة قال: قلت لسعيد بن المسيب: كم كان الذين شهدوا بيعة الرضوان؟
قال: خمس عشرة مائة.
قلت: فإن جابر بن عبد الله قال: أربع عشرة مائة.
قال: يرحمه الله توهم، هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة([9]).
وروى الشيخان، وابن جرير عن عبد الله بن أبي أوفى قال: كان أصحاب الشجرة ألفاً وثلاثمائة، وكانت أسلم ثُمن المهاجرين([10]).
أفاد الواقدي: أن أسلم كانت في الحديبية مائة رجل.
وروى سعيد بن منصور والشيخان عن جابر بن عبد الله قال: كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة، فقال لنا رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «أنتم خير أهل الأرض»([11]).
وروى الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي عن جابر بن عبد الله، ومسلم عن أم مبشر: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: «لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة»([12]).
فلما نظر سهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص، ومن كان معهم من عيون قريش من سرعة الناس إلى البيعة وتشميرهم إلى الحرب اشتد رعبهم وخوفهم، وأسرعوا إلى القضية([13]).
 ثم أتى رسولَ الله «صلى الله عليه وآله»: «أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل»([14]).

أول من بايع:

وقالوا: إن أبا سنان الأسدي أول من بايع..
وقالوا: إن هذا هو الأشهر، وعليه الأكثر([15]).
ولكن نصاً آخر يقول: إن أولهم هو ولده سنان بن أبي سنان([16]).
ولعل هذا هو الصحيح، وذلك لأن أبا سنان نفسه قد مات في حصار بني قريظة، ودفن بمقبرتهم([17]).
وقيل: أول من بايع هو عبد الله بن عمر([18]).
وقيل: هو سلمة بن الأكوع([19]).
ولعل السبب في ظهور هذين القولين هو: أن ابن عمر قد بايع مرتين: مرة في أول الناس، ومرة في آخر الناس([20]).
كما أن سلمة بن الأكوع قد بايع ثلاث مرات: مرة في أول الناس، ومرة في وسط الناس، ومرة في آخر الناس([21]).
فظنوا، أن المراد بقوله: بايع أول الناس وآخر الناس: أنه لم يبايع النبي «صلى الله عليه وآله» أحد قبله.
مع أن المراد: أنه كان في أوائل المبايعين تارة، وفي أواخرهم أخرى.

لماذا تعددت بيعة ابن الأكوع؟!

وقد أثار طلب النبي «صلى الله عليه وآله» من سلمة بن الأكوع أن يكرر بيعته ثلاث مرات تساؤلاً حول سبب ذلك..
فادَّعى البعض: أن ذلك كان فضيلة لسلمة؛ لأنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن يؤكد بيعته لعلمه بشجاعته، وعنايته بالإسلام، وشهرته في الثبات. بدليل ما وقع له في غزوة ذي قرد، بناء على تقدمها على ما هنا، أو تفرس فيه «صلى الله عليه وآله» ذلك، بناء على تأخرها([22]).
ونقول:
1 ـ قد أشرنا فيما سبق: إلى أن ما يذكرونه عنه في غزوة ذي قرد ظاهر الفساد، ولا يمكن تأييد صحته..
2 ـ ومع غض النظر عن ذلك نقول: لماذا لم تظهر لسلمة هذا أية مواقف أخرى في سائر المشاهد، بل هو قد فر مع الفارين، وأحجم مع المحجمين؟! وتلك هي غزوة حنين، وخيبر، وسواهما، شاهد صدق على ما نقول.
3 ـ لماذا لا يطلب النبي «صلى الله عليه وآله» تكرار البيعة من جميع من عرفوا بالشجاعة، مثل علي، والمقداد، وأبي دجانة و.. و..؟!
4 ـ إن الشجاعة لا تناسب طلب تجديد البيعة، بل تناسب إعطاء المناصب، وإطلاق الكلمات المادحة في حق ذلك الشجاع.. أما البيعة فهي أخذ عهد، وإبرام عقد يطلب الوفاء به..
5 ـ إن تجديد العهود، إنما يكون بهدف تأكيد الإلزام بها، والحمل على الالتزام بالوفاء , وهذا إنما يطلب ممن يظن فيه الغدر، ويتهم بالخيانة وعدم الوفاء..
فليكن طلب البيعة مرة بعد أخرى يهدف إلى التلويح بإمكانية صدور هذه الخيانة منه..
6 ـ ويمكن تأييد ذلك بما ظهر في نفس ذلك المجلس، حيث يذكرون: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد أعطى سلمة في المرة الثانية دَرَقَةً ـ أو جَحَفَةً ـ فما لبث أن أعطاها لغيره، ثم طلب منه البيعة الثالثة فبايعه، فسأله عن جحفته أو درقته التي أعطاه إياها آنفاً، فأخبره أنه أعطاها لعمه عامر([23]).
فلم يحتفظ بهذه الدرقة سوى هذا الوقت القصير.
مع أن المفروض هو: أن يبقيها عنده، كأعز ذكرى لديه، وأنفس شيء حصل عليه في حياته.
وإذا كان الصحابة يتبركون بفضل وضوء النبي «صلى الله عليه وآله»، وبشعره، وبعصاه، وبكل شيء يرتبط به، فما بال سلمة يزهد بهذه العطية السنية، ويعطيها لسواه، ولا تستقر معه دقائق معدودات؟!
ولو أردنا أن نحمل عمله هذا على إرادة الإيثار، وهو عمل سام ونبيل، يستحق فاعله التمجيد والتقدير. فإن هذا التوجيه لن يلقى قبولاً لدى أهل الدراية والمعرفة؛ لأنهم سوف يقولون لنا: إنه لا مجال للإيثار في أمور العبادة. وتقديس رسول الله، والتبرك بآثاره «صلى الله عليه وآله» هو من قبيل الصلاة، أو الحج، الذي لا يقبل الإيثار، إذ لا يمكن التخلي عن الصلاة لإيثار الغير بها فيصلي غيره ويترك هو الصلاة..
وقد قال البعض: إن من الممكن أن يكون رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد طلب البيعة أكثر من مرة من سلمة بعد أن أعطاه درقته، من أجل أن يزعزع ثقة المشركين الذين هم على رأيه، والدليل على ذلك: أنه لم يحتفظ بالدرقة ولو لوقت قصير لكي لا تكون علامة انسجام بينه وبين النبي «صلى الله عليه وآله»، وقد ضحك رسول الله «صلى الله عليه وآله» ليفهم سلمة أنه ـ أي الرسول «صلى الله عليه وآله» ـ عارف بسبب تخلصه من الدرقة.
هل بايعوه على الموت؟!
وقد اختلفوا في بيعة الرضوان، هل كانت على الموت، أو على عدم الفرار.. ([24]) أو أن المراد واحد، كما ذكره البعض([25])؟
ونقول:
إن البيعة على عدم الفرار ـ سواء أكانت هي نفسها البيعة على الفتح أم الشهادة ـ خلاف الحكمة والتدبير، وذلك لأنها تتضمن اتهاماً لأصحابه، بأنهم مظنة الفرار، من جهة..
وفيها أيضاً: إيحاء للعدو بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» غير واثق بنصر أصحابه له، وأن عدم الثقة هذا قد بلغ حداً جعله يلجأ إلى أخذ المواثيق والعهود منهم بذلك، من جهة أخرى.
ومن شأن هذا أن يدفع الأعداء إلى أن يطمعوا بالنصر عليه «صلى الله عليه وآله»، وأن يفكروا بأن بذل المزيد من الجهد قد يعطي ثماراً طيبة لهم..

ومما يشهد على ما قلناه:

ما رووه: من أن أول من بايع هو سنان بن أبي سنان الأسدي، فقال للنبي «صلى الله عليه وآله»: أبايعك على ما في نفسك.
قال «صلى الله عليه وآله»: وما في نفسي؟!
قال: أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو أقتل، وصار الناس يبايعونه على ما بايعه عليه سنان([26]).

بيعة المنافقين في الحديبية:

قالوا: وقد بايع جميع الناس رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولم يتخلف منهم أحد إلا الجد بن قيس.
قال: لكأني أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته، يستتر بها من الناس.
وقد قيل: إنه كان يرمى بالنفاق. وقد نزل في حقه في غزوة تبوك من الآيات ما يدل على ذلك.
وكان الجد بن قيس سيد قومه بني سلمة ـ بكسر اللام ـ في الجاهلية.
ويقال: إن النبي «صلى الله عليه وآله» سوَّد عليهم بشر بن البراء بن معرور، وقيل: عمرو بن الجموح. ورجح ابن عبد البر الأول، ورووا شعراً يؤيد الثاني..
وذكروا: أن سبب ذلك هو: أنه كان يرمى بالبخل([27]).

ونشير هنا إلى أمرين:

الأول: أننا نرى: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يبادر إلى أمر كهذا بلا مبرر قوي، لا سيما وأنه يجر عداوات، ويخلق أحقاداً وخصومات، وينشئ عُقَداً تجاهه «صلى الله عليه وآله». ومجرد بخل إنسان مّا لا يكفي مبرراً للإقدام على أمر كهذا.. إلا إذا كان ذلك قد حصل قبل إظهار الجد بن قيس للإسلام، ولسنا بصدد تحقيق هذا الأمر..
الثاني: أن هذا النص يدل على: أن بقية المنافقين الحاضرين، ومنهم عبد الله بن أبي قد بايع وبايعوا أيضاً.. وقد كان ابن أُبي حاضراً بدليل:
1 ـ ما تقدم: من أنه كان حاضراً هو وجماعة من المنافقين، حين جاشت البئر بالماء، بسبب غرس سهم رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيها.. فقيل له في ذلك، فادَّعى: أنه رأى مثل هذا فيما سبق، واستغفر له «صلى الله عليه وآله» في هذه المناسبة.
2 ـ أن قريشاً بعثت إلى ابن سلول: إن أحببت أن تدخل فتطوف بالبيت فافعل.
فقال له ابنه عبد الله: يا أبت أذكرك الله، أن لا تفضحنا في كل موطن. تطوف! ولم يطف رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
فأبى حينئذٍ وقال: لا أطوف حتى يطوف رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وفي لفظ قال: إن لي في رسول الله أسوة حسنة.
فلما بلغ رسول الله «صلى الله عليه وآله» امتناعه رضي عنه، وأثنى عليه بذلك([28]).
حديث: «لا يدخل النار من شهد الحديبية» لا يصح:
وهذا يوضح لنا: عدم صحة الأحاديث التي تقول: لا يدخل النار من شهد بدراً، والحديبية، وأن الله غفر لأهل بدر والحديبية، ونحو ذلك([29]).
فإن المنافقين يدخلون النار بلا شك. وقد كانوا حاضرين في الحديبية، وقد بايع قسم منهم النبي «صلى الله عليه وآلـه» في الحديبيـة، وعلى رأسهم ـ حسب قولهم ـ عبد الله بن أبي، الذي يقول عنه أهل السنة: إنه كان رأس النفاق في زمن رسول الله «صلى الله عليه وآله».. وإن كنا نحتمل أن يكون ثمة تضخيم لدور ابن أبي، ومحاولة الإنحاء باللائمة عليه في كثير من الأمور، التي قد يكون بطلها الحقيقي شخصاً آخر يراد التستر عليه، أما ابن أُبي فهو ضحية هذه السياسة حين لا يكون له دور أساسي فيها، أو قد يكون بريئاً من أي دور فيها. ولسنا هنا بصدد تحقيق ذلك.
وظهر أيضاً عدم صحة حديث: أنتم اليوم خير أهل الأرض([30])، فإن المنافقين كانوا فيهم، ولم يكن المنافقون خير أهل الأرض قطعاً. إلا إن كان المراد: أنهم كذلك في ذلك اليوم بالنسبة للمعلنين بالشرك، والمظهرين العناد.
قال الحلبي: «قال ابن عبد البر (ره): ليس في غزواته «صلى الله عليه وآله» ما يعدل بدراً ويقرب منها إلا غزوة الحديبية.
والراجح: تقديم غزوة أحد على غزوة الحديبية، وأنها التي تلي بدراً في الفضيلة»([31]).
وقد ظهر: أنه كلام بلا مستند صحيح، فالأولى الإضراب، والإعراض عنه، والتوجه إلى ما هو أهم، ونفعه أعم.

بيعة النبي عن عثمان:

وقد ادعوا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد بايع عثمان، فوضع يده اليمنى على اليسرى، وقال: اللهم إن هذه عن عثمان، فإنه في حاجتك، وحاجة رسولك. أو نحو ذلك([32]).
ونقول:
إننا قد تحدثنا عن هذا الأمر في الجزء السابق، غير أننا نعود فنذكر القارئ بما يلي:
أولاً: إذا كانت بيعة الرضوان قد حصلت، لأنه بلغهم أن عثمان قد قتل، فكيف بايع النبي «صلى الله عليه وآله» عنه؟!.. أما وقد كان عثمان حياً، فإن سبب البيعة لا بد أن يكون شيئاً آخر وهو: حبس العشرة الذين دخلوا إلى مكة([33]).
أو محاولتهم قتل رسوله إليهم، أعني خراش بن أمية، بعد أن عقروا بعيره.
أو المناوشات التي جرت بينهم وبينه، حيث قتلوا أحد المسلمين.
أو محاولتهم انتهاز فرصة غفلة المسلمين لأسر بعضهم أو قتله، فأسر المسلمون منهم خمسين رجلاً تارة، واثني عشر رجلاً أخرى.
أو إصرار قريش على منعهم من العمرة وزيارة بيت الله..
أو أن جميع هذه الحوادث قد انضم بعضه إلى بعض ليصبح سبباً للدعوة إلى البيعة.
هذا كله، إن لم يكن من أسباب هذه البيعة أنه «صلى الله عليه وآله» أراد أن يلزم أناساً بها، بعد أن شعر أنهم يدبرون أمر خيانة خطيرة في الخفاء..
ثانياً: لماذا لم يبايع النبي «صلى الله عليه وآله» عن العشرة الذين أُخذوا في مكة جميعاً كما بايع عن عثمان؟!
مع أنهم يقولون: إنهم قد دخلوا في أمان عثمان أيضاً حسبما تقدم..
محاولة فاشلة:
وقد حاول بعضهم حل هذا الإشكال بادعاء: أن بيعة النبي «صلى الله عليه وآله» عن عثمان إنما كانت بعد مجيء الخبر بسلامة عثمان، أو أنه «صلى الله عليه وآله» قد علم بعدم صحة شائعة قتله([34]) فبايع عنه.
ويرد عليه: أنه إذا صح ذلك، فلا يبقى داع للدعوة إلى البيعة. كما أنها كلها مجرد احتمالات لا شاهد لها، ولا دليل يساعدها، بل هي محض تخرص ورجم بالغيب.

الرد على الشيعة:

قال الحلبي: «وبهذا يُرَدُّ على ما تمسك به بعض الشيعة في تفضيل علي كرم الله وجهه على عثمان (رض)، لأن علياً كان من جملة من بايع تحت الشجرة. وقد خوطبوا بقوله «صلى الله عليه وآله»: أنتم خير أهل الأرض، فإنه صريح في تفضيل أهل الشجرة على غيرهم.
وأيضاً علي حضر بدراً دون عثمان، وقد جاء مرفوعاً: لا يدخل النار من شهد بدراً والحديبية.
وحاصل الرد: أن النبي «صلى الله عليه وآله» بايع عن عثمان، مع الاعتذار عنه: بأنه في حاجة الله، وحاجة رسوله.
وخلف رسول الله «صلى الله عليه وآله» عثمان (رض) عن بدر لتمريض ابنته «صلى الله عليه وآله». وأسهم له، كما تقدم، فهو في حكم من حضرها.
على أنه سيأتي: أنه (رض) بايع تحت تلك الشجرة بعد مجيئه من مكة»([35]).
ونقول:
إن هذا الكلام كله لايصح أيضاً، وذلك لما يلي:
1 ـ إن القول المنسوب إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أنتم خير أهل الأرض، مكذوب عليه، ولا يصح؛ لأن المنافقين كانوا من بينهم.
وهكذا يقال: بالنسبة لما رووه مرفوعاً: لا يدخل النار من شهد بدراً والحديبية..
2 ـ إن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يبايع عن عثمان حسبما تقدم؛ لأنهم يدَّعون: أن البيعة كانت لأجل ما أشيع من أن عثمان قد قتل..
3 ـ إن الله سبحانه لا يحتاج إلى شيء، فلا يصح القول بأن عثمان كان في حاجة الله تعالى..
إلا أن يكون المقصود: أنه كان في حاجة يريدها الله منه بالإرادة التشريعية، أو ما يقرب من هذا المعنى.
4 ـ حديث أن عثمان قد بايع النبي «صلى الله عليه وآله» بعد رجوعه من مكة تحت نفس الشجرة، التي كان المسلمون قد بايعوه «صلى الله عليه وآله» تحتها([36])، لا مجال للاطمينان إليه، فإن من البعيد أن يقصد النبي «صلى الله عليه وآله» تلك الشجرة بالذات لكي يجلس تحتها مرة أخرى، ثم يأتي عثمان ويبايعه.. ولا يوجد داع إلى ذلك..
وهذا أشبه بالتمثيل، وصناعة الأفلام..
ولو أن ذلك قد حصل لامتلأت الكتب في وصف الحادثة، ولكثر رواتها، والمتسابقون لبيان تفاصيلها وجزئياتها.. خصوصاً من محبي عثمان، ومن قومه من بني أمية..
5 ـ بالنسبة لقوله: إن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي خلف عثمان على ابنته ليمرضها، نقول:
ألف: إن الروايات قد صرحت: بأنه لم يكن مهتماً بمرضها، وبأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد حرمه من النزول في قبرها، لأنه كان قد واقع في نفس ليلة وفاتها([37]) بصورة جعلته مستحقاً لهذا الحرمان.
وقد لاحظ ابن بطال هنا: أنه حين قال النبي «صلى الله عليه وآله»: أيكم لم يقارف الليلة أهله؟ سكت عثمان، ولم يقل: أنا، لأنه قارف ليلة ماتت بعض نسائه، ولم يشغله الهم بالمصيبة، وانقطاع صهره من النبي «صلى الله عليه وآله» عن المقارفة.
فتلطف النبي «صلى الله عليه وآله» في منعه من الدخول في قبر زوجته بغير تصريح([38]).
وقد علق العلامة الأميني «رحمه الله» على هذه الواقعة بكلام جيد، ذكر فيه: أن النبي «صلى الله عليه وآله» الداعي للستر على المؤمنين، والداعي للإغضاء عن العيوب، والناهي عن التجسس عما يقع في الخلوات ـ كما نص عليه كتاب الله ـ قد خرج عن سجيته، وعرَّض بعثمان هذا التعريض الذي فضحه، فلو أن ما فعله عثمان كان حلالاً له، لم يقدم «صلى الله عليه وآله» على ذلك في حقه..
وهذا معناه: أن ما فعله، كان أمراً بالغ الخطورة..
ونقول:
ربما يكون هذا الأمر العظيم الذي عجز التاريخ عن الإفصاح عنه هو: ما أشارت إليه بعض الروايات.
فقد روي في الكافي: أن رقية لما قتلها عثمان، وقف النبي «صلى الله عليه وآله» على قبرها، فرفع رأسه إلى السماء، فدمعت عيناه، وقال للناس: إني ذكرت هذه وما لقيت، فرققت لها، واستوهبتها من ضمة القبر([39]).
ولعل عائشة قد أشارت إلى ذلك أيضاً.
فقد روي: أن عثمان خطب فقال: ألست ختن النبي على ابنتيه؟!
فأجابته عائشة: بأنك كنت ختنه عليهما، ولكن كان منك فيهما ما قد علمت([40]).
6 ـ بالنسبة إلى إسهام النبي «صلى الله عليه وآله» لعثمان في بدر نقول:
ألف: إسهامه «صلى الله عليه وآله» لرجل في بعض الغزوات لا يجعل ذلك الذي أعطاه «صلى الله عليه وآله» من سهامها بحكم من حضر تلك الغزوة، بل إن ذلك كما قد يكون لأجل إظهار فضله، قد يكون أيضاً تأليفاً له على الإسلام، وإنما يعرف هذا من ذاك من خلال القرائن والدلالات الأخرى..
ولأجل ذلك نلاحظ: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أعطى غنائم بعض الغزوات للمؤلفة قلوبهم..
والحاصل:
أن القرائن تدل تارة: على أن الإسهام للشخص، وإعطاءه من الغنيمة تكريم، وإجلال، وإعلان بفضل أو بتفضيل من يسهم له، إذا كان ذلك الشخص يقوم بمهمات جلى في خدمة الدين، وفي الدفاع عنه..
وتدل تارة أخرى: على مجرد استحقاقه ذلك، من حيث إنه قد كان له نوع مشاركة في تلك الحرب.
وقد أعطى رسول الله «صلى الله عليه وآله» طلحة وسعيد بن زيد من الغنائم في بدر؛ لأنه «صلى الله عليه وآله» قد أرسلهما ليتجسسا له خبر العير، فرجعا إلى المدينة بعد خروجه «صلى الله عليه وآله» إلى بدر([41]).
وكذلك كان الحال: بالنسبة لجعفر بن أبي طالب، حيث روي عن الإمام الباقر «عليه السلام» أنه قال: ضرب رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوم بدر لجعفر بن أبي طالب بسهمه وأجره([42]).
وما ذلك إلا: لأن جعفراً صلوات الله وسلامه عليه قد هاجر إلى أرض الحبشة، نصرة لدين الله تعالى، وحفاظاً على المسلمين المستضعفين، وإلا، فقد كان بإمكانه أن لا يهاجر إلى تلك البلاد النائية، حيث الغربة عن الوطن والأهل، والأحبة، بين أناس يختلفون معه في اللغة، وفي العادات، وفي الدين، وفي كثير من الأمور الأخرى..
ب: لقد جاء في حديث مناشدة علي «عليه السلام» لأهل الشورى؛ وفيهم عثمان، وطلحة، والزبير، وغيرهم قوله: «أفيكم أحد كان له سهم في الحاضر، وسهم في الغائب؟
قالوا: لا»([43]).
وهو «عليه السلام» لم يغب إلا عن غزوة تبوك.
وقد ذكر الزمخشري في مناقب العشرة: أن النبي «صلى الله عليه وآله» حين قسم غنائم تبوك دفع لكل واحد منهم سهماً، ودفع لعلي «عليه السلام» سهمين. فاعترض عليه زائدة بن الأكوع، فأجابه النبي «صلى الله عليه وآله» بأن جبرائيل كان يقاتل في تبوك، وأنه هو الذي أمره أن يعطي علياً «عليه السلام» سهمين([44]).
وقد يقال: إن خطابه «عليه السلام» لأهل الشورى ناظر إلى هؤلاء الحاضرين في زمانه، وليس ناظراً إلى جعفر الذي كان قد استشهد في حياة النبي «صلى الله عليه وآله» ولا إلى أبي أمامة الذي لم يكن مع أولئك المخاطبين ولا نعرف تاريخ وفاته.
ج: إننا نشك في أن يكون قد تخلف عن بدر لأجل تمريض بنت (ربيبة) رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقد روي أيضاً: أن تخلفه كان لأجل أنه كان مريضاً بالجدري([45]).
د: إنه لو فعل النبي «صلى الله عليه وآله» ذلك لوجدنا كثيرين ممن تخلفوا عن بدر يعترضون ويطالبون بإعطائهم سهمهم أيضاً، كما أعطي عثمان.. وخصوصاً إذا كان بعضهم قد تخلف على مريض له.
بل إننا قد نجد الأصوات ترتفع حتى من الذين حضروا بدراً وقاتلوا، فإنهم سوف لا يرضون بإعطاء من لم يحضر، ولم يقاتل، إلا أن يعرفهم النبي «صلى الله عليه وآله» بوجود سبب معقول، ومقبول لهذا الإعطاء..
هـ: إن تخلف عثمان كان بنظر مشاهير الصحابة منقصة له، وكانوا يعيِّرونه بها، فلو كان النبي «صلى الله عليه وآله» قد ضرب له بسهمه وأجره لم يكن هناك محل لهذا التعيير.
فقد قال الوليد بن عقبة لعبد الرحمن بن عوف: ما لي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان؟
فقال عبد الرحمن: أبلغه أني لم أفر يوم عينين ـ أي يوم أحد ـ ولم أتخلف يوم بدر، ولم أترك سنة عمر.
فخبر الوليد عثمان، فاعتذر عن تخلفه يوم بدر بتمريضه رقية([46]).
وبمثل ذلك اعتذر ابن عمر لذلك الذي كان يعترض على عثمان بذلك([47]).
ودخل رجل على سالم بن عبد الله، فطعن على عثمان بعين ما تقدم عن عبد الرحمن بن عوف([48]).
فلو أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان ضرب له بسهمه وأجره لم يكن معنى لتعيير كبار الصحابة له بذلك، وقد كان ابن عوف حاضراً في بدر، ولم يكن ما جرى فيها خافياً عليه.
كما أنه قد كان من المناسب: أن يعتذر هو بهذا الأمر، لا بتمريض رقية، فإنه أدحض لحجة المخالفين له..
و: إن ابن مسعود قد رد على سب عثمان له بقوله: «لست كذلك. ولكني صاحب رسـول الله «صلى الله عليه وآله» يوم بـدر، ويـوم بيعة الرضوان»([49]).
فقد أشار ابن مسعود إلى خصوص هذين الموضعين؛ لأن عثمان لم يحضرهما ـ أشار بذلك ـ ليرد بذلك عليه، لأنه كان قد تنقصه، ونال منه..
وذلك يدل: على أن عدم حضور عثمان لبيعة الرضوان يعد منقصة له، فلو أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان قد بايع عنه لكان ذلك من أعظم فضائله.
وهكذا يقال بالنسبة لتخلفه عن بدر حسبما أوضحناه..

الصحيح في القضية:

ولعل الصحيح في القضية هو: ما روي من أن أبا أمامة بن ثعلبة كان قد أجمع على الخروج إلى بدر، وكانت أمه مريضة، فأمره النبي «صلى الله عليه وآله» بالمقام على أمه، وضرب له بأجره وسهمه، فرجع «صلى الله عليه وآله» من بدر، وقد توفيت، فصلى على قبرها.
بل في بعض نصوص هذه الرواية: أن أبا أمامة تنازع مع أخي زوجته، أبي بردة بن نيار، حيث أراد منه أن يتخلف على أخته، وأراد منه أبو بردة أن يتخلف على زوجته فحسم النبي «صلى الله عليه وآله» الأمر، بأن أمر زوجها بالتخلف عليها([50]).
وأما صلاة النبي «صلى الله عليه وآله» على قبرها، فلعله لأنها دفنت من غير أن يصلي عليها أحد، وكان في نبشها لأجل الصلاة عليها هتك لها..
وعلينا أن لا ننسى أن هذا الإصرار من أبي أمامة على الخروج للجهاد، والسعي إلى إقناع أخي زوجته بالبقاء عند أخته، ثم اتخاذ الرسول نفسه «صلى الله عليه وآله» قرار إبقائه، يجعل الإسهام له من غنائم بدر أمراً مقبولاً لدى الصحابة، ولا يبرر لهم أي اعتراض على ذلك..
سؤال وجوابه:
ويبقى هنا سؤال، وهو: إذا كان عثمان غير مستحق لأن يسهم له في بدر؛ لأنه ارتكب في حق رقية أمراً عظيماً، حتى استحق التشهير به من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وحرمانه أمام كل الناس من الدخول إلى قبرها، وترجيحه «صلى الله عليه وآله» أن ينزل في قبرها رجل غريب، فلماذا لا يعاقبه على فعلته تلك؟!

ولماذا يزوجه النبي «صلى الله عليه وآله» أختها أم كلثوم؟!

ويجاب:
أولاً: إن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يعاقب الناس على جرائمهم ما لم تتوفر وسائل إثبات ذلك، ولم يكن يحق له أن يستند في عقوبتهم إلى الغيب الذي يصل إليه بالطرق غير العادية، أو من خلال علم الشاهدية..
ومن الواضح: أن عثمان لم يعترف بما فعل، ولا شهد عليه به الشهود.. ولكنه أعطى الانطباع بصدور هذا الأمر منه..
ثانياً: إن هذا الإشكال مبني على أن رقية وأم كلثوم، هما بنتا رسول الله «صلى الله عليه وآله» من خديجة.. وقد أثبتنا عدم صحة ذلك، وأنهما كانتا ربيبتيه «صلى الله عليه وآله».. فلم يكن «صلى الله عليه وآله» بالذي يتصدى لتزويج بنات الناس، إلا إذا ظهر: أنهن يردن منه ذلك، ويطلبن نصيحته ومشورته.
فلعل أم كلثوم هي التي أقدمت على هذا الأمر، ولم تطلب النصيحة منه «صلى الله عليه وآله». وليس ثمة ما يثبت: أنها كانت مطلعة على ما جرى لأختها مع عثمان..

دليل على موت الخضر:

قال الحلبي: «واستدل بقوله «صلى الله عليه وآله»: أنتم خير أهل الأرض على عدم حياة الخضر «عليه الصلاة والسلام» حينئذٍ، لأنه يلزم أن يكون غير النبي أفضل منه. وقد قامت الأدلة الواضحة على ثبوت نبوته، كما قاله الحافظ ابن حجر»([51]).
ونقول:
أولاً: بعد أن ثبت: أن المنافقين قد حضروا بيعة الرضوان، وبايعوا، وثبت أيضاً أن الحديث القائل: أنتم خير أهل الأرض لا تصح نسبته إلى النبي «صلى الله عليه وآله».. فلا يصح الاستدلال به على حياة الخضر، ولا على غير ذلك من أمور.
ثانياً: قولهم: إنه يلزم أن يكون غير النبي أفضل منه، فلا يصح تفضيل أهل الحديبية على الخضر، لا يصح.
إذ لا شك في أن بعض الأولياء والأئمة أفضل من بعض الأنبياء، فإن علياً «عليه السلام» كان أفضل من الأولين والآخرين، باستثناء نبينا الأعظم «صلى الله عليه وآله»..
والأحاديث الدالة على ذلك كثيرة، ومنها قوله «صلى الله عليه وآله» للسيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام»: لولا علي لم يكن لفاطمة كفؤ آدم فمن دونه([52]).
حيث دل على أنه حتى أولو العزم من الأنبياء «عليهم السلام» ـ باستثناء نبينا «صلى الله عليه وآله» ـ لم يكونوا كفؤاً لها «عليها السلام»، وكان علي وحده الكفؤ، فهو إذن أرفع مقاماً من جميع الأنبياء.
بل ذلك يدل على أفضيلة الزهراء «عليها السلام» عليهم أيضاً، وذلك ظاهر..

هل أسلم ابن عمر قبل أبيه؟!

وفي البخاري وغيره، عن نافع: أن ابن عمر أسلم قبل أبيه، وليس كذلك. ولكن عمر يوم الحديبية أرسل عبد الله إلى فرس له عند رجل من الأنصار، يأتي به ليقاتل عليه. ورسول الله «صلى الله عليه وآله» يبايع عند الشجرة، وعمر لا يدري بذلك، فبايعه عبد الله، ثم ذهب إلى الفرس فجاء به إلى عمر وهو يستلئم للقتال، فأخبره: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يبايع تحت الشجرة.
قال: فانطلق. فذهب معه حتى بايع الرسول «صلى الله عليه وآله»..
فهي التي يتحدث الناس: أن ابن عمر أسلم قبل عمر([53]).
وفي البخاري أيضاً: عن نافع، عن ابن عمر: أن الناس كانوا مع النبي «صلى الله عليه وآله»، يوم الحديبية تفرقوا في ظلال الشجر، فإذا الناس محدقون بالنبي «صلى الله عليه وآله»، فقال عمر: يا عبد الله، انظر ما شأن الناس أحدقوا برسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
فذهب، فوجدهم يبايعون، فبايع، ثم رجع إلى عمر، فخرج، فبايع([54]).
ونقول:
إن ذلك لا يصح، وذلك لما يلي:
1 ـ روى ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن سلمة بن الأكوع والبيهقي، عن عروة وابن إسحاق عن الزهري ومحمد بن عمر عن شيوخه، قال سلمة: بينا نحن قائلون إذا نادى منادي رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أيها الناس، البيعة، البيعة الخ.. ([55]).
وذكر الحلبي: أن المنادي هو عمر بن الخطاب([56]).
2 ـ لا ندري كيف أصبحت كلمة أسلم قبل عمر بمعنى: بايع قبل عمر، فإن ذلك من بدائع اللغة العربية؟!
3 ـ إن التناقضات بين الروايتين المتقدمتين عن البخاري: ظاهرة، ولا حاجة إلى بيانها، مع أنها واردة في الكتب التي يدَّعون صحة جميع مروياتها.
4 ـ إنه إذا كان هناك منادٍ قد نادى بالناس: البيعة البيعة، فكيف لم يعلم عمر بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يبايع حتى أخبره ولده عبد الله، أو حتى رأى الناس محدقين بالرسول «صلى الله عليه وآله» حسبما تقدم؟!

لا توقدوا ناراً بالليل:

عن أبي سعيد الخدري قال: لما كان يوم الحديبية، قال لنا رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «لا توقدوا ناراً بالليل».
فلما كان بعد ذلك قال: «أوقدوا، واصطنعوا، فإنه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم، ولا مدكم»([57]).
وهذا التوجيه النبوي الشريف ظاهر المأخذ: فإن مرحلة ما بعد الحديبية، قد اختلفت كثيراً عن المرحلة التي سبقتها، فإنه لم يعد ثمة من حاجة إلى التخفي في أي مسير يقوم به الجيش الإسلامي في أي اتجاه.
بل أصبح إيقاد النيران للجيش الإسلامي يرعب العدو أكثر من أي شيء آخر..
ولم يعد هناك أي شيء من شأنه أن يفتح له باب التفكير بتسديد أي ضربة موجعة لذلك الجيش، لأنه يرى أنه لم يعد له حيلة فيه، وليس من مصلحته الاحتكاك به، بل المصلحة كل المصلحة تكمن في الابتعاد عنه، وإخلاء كل المحيط له.
وهذا هو أحد المظاهر التي تُجَسِّدُ صدق قول رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن هذا الصلح: إنه أعظم الفتح.
وظهر بذلك أيضاً مصداق قوله تعالى في مناسبة هذا الصلح: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً﴾([58]).

عمر يقطع شجرة بيعة الرضوان:

إن هناك مفارقات ظاهرة بين آراء وتصرفات عمر بن الخطاب وبين ما هو ثابت عن النبي «صلى الله عليه وآله»، وعن الصحابة. بل هناك مفارقات بين تصرفات عمر بالذات.
فهو من جهة يتوسل إلى الله في الاستسقاء بالعباس عم رسول الله «صلى الله عليه وآله»([59])، ويقبِّل الحجر الأسود؛ لأنه رأى النبي «صلى الله عليه وآله» يقبِّله([60]).
وهو يرى: أن الصحابة يتبركون بفضل وضوء الرسول «صلى الله عليه وآله» وبشعره، وعرقه، وببصاقه، وبكل شيء يرجع إليه.
ويشاهد بأم عينيه ما فعله «صلى الله عليه وآله» حين بصق وغرس السهم في البئر التي في الحديبية، بالإضافة إلى عشرات الموارد التي يشاهدها هو والمسلمون طيلة حياتهم معه «صلى الله عليه وآله» وعدة سنين بعدها فضلاً عن تبركهم بقبره الشريف وبغير ذلك([61]).
ولكنه من جهة أخرى ـ على رغم ذلك كله ـ لا يطيق في أيام خلافته رؤية المسلمين يتعاهدون شجرة بيعة الرضوان، ويصلُّون عندها.
فقد روي عن نافع قال: بلغ عمر بن الخطاب: أن ناساً يأتون الشجرة التي بويع تحتها، فيصلون عندها، فتوعدهم. ثم أمر فقطعت([62]).
والظاهر: أن موضعها بقي معلوماً، أو أن بقية منها كانت ظاهرة للناس فكانوا يقصدونها للصلاة عندها أيضاً، فحاول سعيد بن المسيب أن يشكك الناس في موضعها، تأييداً منه لما فعله عمر بن الخطاب.
فقد روي عن طارق بن عبد الرحمن قال: انطلقت حاجاً، فمررت بقوم يصلُّون، فقلت: ما هذا؟!
قالوا: هذه الشجرة، حيث بايع رسول الله «صلى الله عليه وآله» بيعة الرضوان.
فأتيت سعيد بن المسيب، فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي: أنه كان فيمن بايع رسول الله «صلى الله عليه وآله» تحت الشجرة، فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها، فلم نقدر عليها..
فقال سعيد: إن أصحاب محمد لم يعلموها، وعلمتموها أنتم؟ فأنتم أعلم؟! ([63]).
ونقول نحن لسعيد: لعل أباك وبعض رفقائه نسوا ذلك المكان، فلم يقدروا عليه، وربما يكون نسيانهم هذا لأسباب مختلفة، ولكن هذا لا يعني أن يكون سائر الصحابة وعددهم ألف وأربع مائة أو أكثر قد نسوا كلهم ذلك المكان أيضاً.. إلا أن تكون هذه الأمة هي أغبى الأمم، وأشدها تغفيلاً!!
وفي حديث نافع الآخر: أنه خرج قوم من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد ذلك بأعوام، فما عرف أحد منهم الشجرة، واختلفوا فيها.
قال ابن عمر: كانت رحمة من الله..
وهذا الحديث: قد يكون هو نفس الحديث المتقدم عن طارق وسعيد بن المسيب (لكنه بدَّل كلمة: «من العام المقبل» بكلمة: «بعد ذلك بأعوام»).
وحتى لو كان حديثاً عن جماعة أخرى، فالجواب عنه هو الجواب المتقدم عن حديث طارق أيضاً، فإن نسيان جماعة للمكان لبعض الأسباب، لا يلازم نسيان غيرهم له أيضاً.. ولعلهم قد خرجوا بعد أن أمر عمر بن الخطاب بقطعها([64])، فقطعت ولم يعلموا بقطعها، فبحثوا عنها، فلم يجدوها..
واللافت: أن عمر بن الخطاب قد أجرى امتحاناً للصحابة، وذلك حين مر بذلك المكان بعد ذهاب الشجرة (أي بعد أن أمر بقطعها) فقال: أين كانت؟
فجعل بعضهم يقول: ههنا.
وبعضهم يقول: هنا.
فلما كثر اختلافهم قال: سيروا، قد ذهبت الشجرة([65]).
وأما قول ابن عمر: «كانت رحمة من الله».
فإن كان يقصد به: أن الشجرة كانت رحمة من الله، فهو صحيح، لأن عبادة الله تعالى عندها من موجبات رحمته سبحانه..
وأما إن كان يقصد: أن قطعها كان رحمة من الله، فهو لا يتلاءم مع تبرك الصحابة بآثار النبي ولا مع تبركه «صلى الله عليه وآله» بعلي «عليه السلام» وبالحجر الأسود، وبغير ذلك.
بل قد يقال: إن ذلك لا يتلاءم مع ما كان يفعل ابن عمر نفسه حيث رووا عنه: أنه كان يتتبع آثار رسول الله «صلى الله عليه وآله»، والمواضع التي صلى فيها، فيصلي فيها.
بل يذكرون: أنه كان يتتبع مواطئ قدمه «صلى الله عليه وآله» أيضاً.
إلا أن يقال: إنه لم يرد عن النبي «صلى الله عليه وآله» أنه قد صلى تحت تلك الشجرة، لكي يقتدي به ابن عمر ويصلي تحتها أيضاً..
وعلى كل حال: فقد عرفنا في ابن عمر تأثره الشديد لخطى أبيه، والالتزام بأوامره ونواهيه بصورة لافتة، ولعل هذا من ذاك.
مع أن اتباعه لرسول الله «صلى الله عليه وآله» ولصحابته في التبرك بآثاره، كان هو الأحرى به، والأولى..



([1]) السيرة الحلبية ج3 ص16 وتفسير الثعالبي ج5 ص255 وشرح أصول الكافي ج12 ص452 وعن فتح الباري ج7 ص49 وتحفة الأحوذي ج10 ص141 وجامع البيان ج26 ص111 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 والبداية والنهاية ج4 ص191 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص780 وعن عيون الأثر ج2 ص119 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص319.
([2]) أخرجه البيهقي في الدلائل ج4 ص136 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص48 والسيرة الحلبية ج3 ص16 و 17 وصحيح مسلم ج6 ص25 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص512 وكنز العمال ج1 ص332 وتفسير الميزان ج18 ص292 وزاد المسير ج7 ص167 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 وتفسير الجلالين ص713 والدر المنثور ج6 ص73 ولباب النقول ص177 وفتح القدير ج5 ص52 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص622.
([3]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص48، أخرجه مسلم في الجهاد ج3 ص1434 (132) وصحيح مسلم ج5 ص190ومسند أحمد ج4 ص54، والبيهقي في الدلائل ج4 ص138 وتاريخ مدينة دمشق ج22 ص90 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279.
([4]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 والسيرة الحلبية ج3 ص18 ومسند أحمد ج4 ص49 وصحيح مسلم ج5 ص190 وشرح مسلم للنووي ج12 ص175 والجامع الصغير ج1 ص387 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص202.
([5]) أخرجه البخاري (4169) والبيهقي ج4 ص138 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وج9 ص110 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص303 والبحار ج38 ص218 ومسند أحمد ج4 ص54 وعن صحيح البخاري ج4 ص8 وعن فتح الباري ج13 ص172 وعن تفسير القرآن العظيم ج4 ص201 والدر المنثور ج6 ص74 وفتح القدير ج5 ص52.
([6]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وج9 ص111 أخرجه مسلم ج6 ص26 ومسند أحمد ج3 ص355 وشرح مسلم للنووي ج13 ص2 وصحيح ابن حبان ج10 ص416 والمعجم الكبير ج20 ص228 وسير أعلام النبلاء ج2 ص484.
([7]) أخرجه ابن أبي شيبة ج14 ص87 (600) وذكره السيوطي في الدر المنثور ج6 ص74 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 والسيرة الحلبية ج3 ص18 ومجمع الزوائد ج6 ص146.
([8]) أخرجه الدولابي في الكنى ج1 ص133 والطبراني في الكبير ج1 ص41 وابن أبي شيبة ج12 ص46 والحاكم ج3 ص98 وانظر: الدر المنثور ج6 ص74، وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 والسيرة الحلبية ج3 ص17 وسنن الترمذي ج5 ص290 وكنز العمال ج13 ص64 وضعيف سنن الترمذي ص496 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص76 وأسد الغابة ج3 ص379.
([9]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 و 51 عن البخاري ج7 ص507 (4153) والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص235 وعن فتح الباري ج7 ص341 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص200 والدر المنثور ج6 ص73 وفتح القدير ج5 ص49 وتاريخ خليفة بن خياط ص49.
([10]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 وعن البخاري في المصدر السابق ج5 ص63 (4155) ومسلم ج3 ص1485 (75/1857) وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص271 والبداية والنهاية ج4 ص195 وعن فتح الباري ج7 ص443 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص326.
([11]) عن البخاري ج7 ص507 (4154) وعن مسلم ج3 ص1484 (71/1856) والسيرة الحلبية ج3 ص17 و 18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص51 وعن فتح الباري ج7 ص341 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص202 والدر المنثور ج6 ص73 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص222 والبداية والنهاية ج4 ص195 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص325.
([12]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 أخرجه أبو داود (4653) والترمذي (3860) وأحمد 3 ص350 وابن المبارك في الزهد (498) وابن سعد ج2 ق1 ص73 ومسلم في الفضائل باب 37 (163) والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص464 والبداية والنهاية ج6 ص211 وج7 ص372 ورأس الحسين لابن تيمية ص204.
([13]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 و 52.
([14]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص48 ـ 51 ومكاتيب الرسول ج3 ص89 وجامع البيان ج26 ص112 والبداية والنهاية ج4 ص191 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص621 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص781 وعن عيون الأثر ج2 ص119 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص319.
([15]) السيرة الحلبية ج3 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص75 وكتاب الأوائل ص82 ومعرفـة علـوم الحديث ص183 وعن الإصابة ج3 ص157 وج7 = = ص153 والبداية والنهاية ج4 ص191 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص328 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص562.
([16]) السيرة الحلبية ج3 ص18 والطبقات الكبرى ج3 ص93 وأسد الغابة ج5 ص221 والبداية والنهاية ج4 ص197 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص328.
([17]) السيرة الحلبية ج3 ص18 والطبقات الكبرى ج2 ص100 وج3 ص93 والإصابة ج7 ص155 و 163 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص253 والبداية والنهاية ج4 ص145 و 192 وعن السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص733 وعن عيون الأثر ج2 ص58 و 127 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص43.
([18]) السيرة الحلبية ج3 ص18.
([19]) السيرة الحلبية ج3 ص18 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص49 ومسند أحمد ج4 ص49 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص202.
([20]) السيرة الحلبية ج3 ص18.
([21]) تقدمت المصادر لذلك.
([22]) السيرة الحلبية ج3 ص18.
([23]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49.
([24]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 وفي هامشه عن: صحيح مسلم ج3 ص1483 (267، 69/1856).
([25]) السيرة الحلبية ج3 ص17.
([26]) تقدمت مصادر ذلك.
([27]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17.
([28]) السيرة الحلبية ج3 ص18 والنص والإجتهاد ص168.
([29]) السيرة الحلبية ج3 ص17 و 18 وسنن أبي داود ج2 ص402 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص464 وفيض القدير ج5 ص384 وعن الإصابة ج2 ص44 والبداية والنهاية ج3 ص398 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص514 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص51.
([30]) السيرة الحلبية ج3 ص17 وعن صحيح البخاري ج5 ص63 وكتاب المسند ص217 ومسند أحمد ج3 ص308 وصحيح مسلم ج6 ص26 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص235 وعن فتح الباري ج7 ص341 ومسند الحميدي ج2 ص514 والمصنف لابن أبي شيبة ج8 ص510 ومنتخب عبد بن حميد ص332 والسنن الكبرى للنسائي ج6 ص464 وكنز العمال ج10 ص475 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص202 والدر المنثور ج6 ص73 وتاريخ بغداد ج12 ص439 وتاريخ مدينة دمشق ج11 ص222 وتهذيب الكمال ج4 ص449 وسير أعلام النبلاء ج3 ص192 والبداية والنهاية ج4 ص195 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص325 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص51.
([31]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص18.
([32]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص50 والمصنف لابن أبي شيبة ج7 ص489 والآحاد والمثاني ج1 ص130 والمعجم الأوسط ج7 ص209 والمعجم الكبير ج7 ص23 وكنز العمال ج13 ص40 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص75.
([33]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17 والمصادر السابقة.
([34]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص17.
([35]) السيرة الحلبية ج3 ص17.
([36]) السيرة الحلبية ج3 ص17 و 18.
([37]) راجع: صحيح البخاري ج1 ص152 و 146 ومستدرك الحاكم ج4 ص47 وتلخيص المستدرك للذهبي (مطبوع بهامشه) والإصابة ج4 ص304 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج4 ص301 ومشكل الآثار ج3 ص202 و 204 والمعتصر من المختصر لمشكل الآثار ج1 ص113 و 114 وفتح الباري ج3 ص127 ومسند أحمد ج3 ص270 و 229 و 228 و 126 والروض الأنف ج3 ص127 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص53 وذخائر العقبى ص166 والمصنف للصنعاني ج3 ص414 وعن تاريخ البخاري الأوسط والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص144 وكنز العمال ج15 ص603.
([38]) راجع: الروض الأنف للسهيلي ج3 ص127 و 128 وفتح الباري ج3 ص127.
([39]) الكافي ج3 ص236 وقاموس الرجال ج10 ص439 والفصول المهمة ج1 ص325 وشجرة طوبى ج2 ص244 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص226 والبحار ج22 ص163.
([40]) قاموس الرجال ج10 ص440 عن تقريب أبي الصلاح، عن تاريخ الثقفي.
([41]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص147 و 185 والمستدرك للحاكم ج3 ص369 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص171.
([42]) سير أعلام النبلاء ج1 ص216 وشرح الأخبار ج3 ص205 وبغية الباحث ص215 وتهذيب الكمال ج5 ص52 والبداية والنهاية ج3 ص396.
([43]) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب لابن عساكر (بتحقيق المحمودي) ج3 ص93. وراجع: اللآلي المصنوعة ج1 ص362 والضعفاء الكبير ج1 ص211 و 212 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص435 والموضوعات ج1 ص379 وكنز العمال ج5 ص725.
([44]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص142 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص77 وجواهر المطالب في مناقب الإمام علي ج1 ص78.
([45]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص185 و 146 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص224 والمغازي للواقدي ج1 ص131.
([46]) راجع: مسند أحمد ج1 ص68 و 75 والأوائل ج1 ص305 و 306 ومحاضرات الأدباء المجلد الثاني ص184 والدر المنثور ج2 ص89 عن أحمد، وابن المنذر، والبداية والنهاية ج7 ص207 وشرح النهج للمعتزلي ج15 ص21 و 22 والمغازي للواقدي ج1 ص278 والغدير ج9 ص327 وج10 ص72 عن أحمد، وابن كثير، وعن الرياض النضرة ج2 ص97 ومجمع الزوائد ج7 ص226 وج9 ص84 والمعجم الكبير ج1 ص89 وتفسير القرآن العظيم ج1 ص428 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص258 وتاريخ المدينة ج3 ص1033 وموسوعة التاريخ الإسلامي ج2 ص224.
([47]) مستدرك الحاكم ج3 ص98 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص629 ومسند أحمد ج2 ص101 والبداية والنهاية ج7 ص207 عن البخاري، والغدير ج10 ص71 و 70 عن الحاكم، وأحمد، وعن صحيح البخاري ج6 ص122 والبحار ج31 ص201 ومناقب أهل البيت ص367 وعن فتح الباري ج7 ص48 وعون المعبود ج7 ص283 والجامع لأحكام القرآن ج11 ص256 وتاريخ مدينة دمشق ج39 ص261 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص284.
([48]) فتح القدير ج10 ص70 عن الرياض النضرة ج2 ص94.
([49]) أنساب الأشراف ج5 ص36 والغدير ج9 ص3 و 4 عنه وعن الواقدي والمسترشد للطبري ص164 والبحار ج31 ص189 وحياة الإمام الحسين للقرشي ج1 ص377.
([50]) راجع: السيرة الحلبية ج2 ص147 والإصابة ج4 ص9 عن أبي أحمد الحاكم والإستيعاب (مطبوع بهامش الإصابة) ج4 ص4 وأسد الغابة ج5 ص139 و 566 وج1 ص154 ومجمع الزوائد ج3 ص32 والآحاد والمثاني ج4 ص57 والمعجم الكبير ج1 ص272 وكنز العمال ج16 ص579.
([51]) السيرة الحلبية ج3 ص17.
([52]) تهذيب الأحكام ج7 ص470 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص29 والجواهر السنية ص252 والفصول المهمة ج1 ص408 والبحار ج43 ص93 و 107 ومسند الإمام الرضا ص141 وعيون أخبار الرضا ج1 ص225 واللمعة البيضاء ص212 و 246 ومجمع النورين ص27 و 43.
([53]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وفي هامشه عن البخاري ج7 ص521 (4186) وفتح الباري ج7 ص350 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص201 والتعديل والتجريح للباجي ج2 ص852 وج3 ص1317 والبداية والنهاية ج4 ص197 وعن عيون الأثر ج2 ص127 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص328.
([54]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص49 وفي هامشه عن البخاري ج7 ص521 (4187) ومسند أحمد ج5 ص324 وفتح الباري ج7 ص350 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص201 والبداية والنهاية ج4 ص197 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص329.
([55]) دلائل النبوة للبيهقي ج4 ص136 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص48 والسيرة الحلبية ج3 ص16 و 17 وشرح أصول الكافي ج12 ص452 وكنز العمال ج1 ص332 والميزان ج18 ص291 وجامع البيان ج26 ص112 وزاد المسير ج7 ص167 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 وتفسير الجلالين ص713 والدر المنثور ج6 ص73 ولباب النقول ص177 وفتح القدير ج5 ص52 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص279.
([56]) السيرة الحلبية ج3 ص16.
([57]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص51 ومستدرك الحاكم ج3 ص36 وذكر أخبار إصبهان ج2 ص169 ومسند أحمد ج3 ص26 وعن المصنف لابن أبي شيبة ج8 ص481 و ج14 ص443 وعن فتح الباري ج7 ص341 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص268 وكنز العمال ج11 ص528 ومجمع الزوائد ج6 ص145 وج9 ص161 ومسند أبي يعلى ج2 ص272 والفايق في غريب الحديث ج2 ص263 وطبقات المحدثين بإصبهان ج1 ص391.
([58])  الآية 1 من سورة الفتح.
([59]) الغدير ج7 ص301 ومكاتيب الرسول ج3 ص618 وعن فتح الباري ج2 ص412 وج7 ص62 وتحفة الأحوذي ج10 ص26 وتاريخ مدينة دمشق ج26 ص359 وسير أعلام النبلاء ج2 ص413 وج12 ص87 ودفع الشبه عن الرسول للدمشقي ص131.
([60]) المعجم الأوسط ج5 ص191 ورياض الصالحين للنووي ص139 ومسند أحمد ج1 ص35 وسنن أبي داود ج1 ص419 وسنن النسائي ج5 ص227 والسنن الكبرى للبيهقي ج5 ص74 وشرح مسلم للنووي ج9 ص16 وصحيح ابن حبان ج9 ص131 ونصب الراية ج3 ص117 وكنز العمال ج5 ص173 وشرح مسند أبي حنيفة ص199 عن الشفا بتعريف حقوق المصطفى ج2 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج1 ص178.
([61]) إن ما جرى في الحديبية ما هو إلا غيض من فيض، فراجع كتاب: التبرك للشيخ علي الأحمدي «رحمه الله».
([62]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 عن ابن أبي شيبة وابن سعد وشرح النهج للمعتزلي ج12 ص101 والدر المنثور ج6 ص73 وفتح القدير ج5 ص52.
([63]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص50 عن البخاري وابن مردويه. وفي هامشه عن البخاري ج7 ص512 رقم (4163) وعن فتح الباري ج7 ص344 وتفسير القرآن العظيم ج4 ص205 والطبقات الكبرى ج2 ص99 وعن الإصابة ج6 ص96 والبداية والنهاية ج4 ص196 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص327.
([64]) السيرة الحلبية ج3 ص25.
([65]) تاريخ الخميس ج2 ص20.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page