• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الأول: المجزرة

  بـدايـة:
إن فتح مكة كان نقطة تحول في تاريخ الإسلام، وفي الأوضاع العامة في الجزيرة العربية بأسرها.. حيث لم يعد أحد يجد أي عقدة أو حرج من أية جهة كانت في الإقبال على هذا الدين، والإنضواء تحت لواء الإسلام، بل أصبح ذلك موضع تنافس، وتسابق، لأنهم وجدوا فيه فرصة لتعزيز موقعهم، وتأكيد وجودهم ودورهم في صنع المستقبل، ورسم مسار الأمة بأسرها إلى مصيرها..
وأصبح أعداء الأمس وصناع الحروب ضد هذا الدين وأهله أتباعاً بل أذناباً، أكثر ما يهتمون له هو: أن يجدوا وسيلة لتأكيد صدق ولائهم، وصحة إيمانهم، وسلامة اعتقادهم.. أو أن يظهروا المزيد من الحرص على كسر شوكة أعداء دين الله، والنكاية فيهم، وصدقهم في مناهضتهم وردِّ عاديتهم..
وأصبحت لا تسمع منهم إلا المدح والثناء، وإلا العبارات الطافحة بالرضا، والمعبرة عن مشاعر العرفان بالجميل، وعن الشعور بالإمتنان، وبالشكر الجزيل لمن كان بنظرهم قاطعاً للرحم، وسبباً في الخلاف وفي الاختلاف، ومن وصفوه بالكاهن والساحر والمجنون، وبالشاعر الذي يتربصون به ريب المنون..
فكيف كان هذا الفتح، وما هي تفاصيل أحداثه؟
هذا ما سوف نجيب عليه في الفصول الآتية.

  بـدايـة:
إن فتح مكة كان نقطة تحول في تاريخ الإسلام، وفي الأوضاع العامة في الجزيرة العربية بأسرها.. حيث لم يعد أحد يجد أي عقدة أو حرج من أية جهة كانت في الإقبال على هذا الدين، والإنضواء تحت لواء الإسلام، بل أصبح ذلك موضع تنافس، وتسابق، لأنهم وجدوا فيه فرصة لتعزيز موقعهم، وتأكيد وجودهم ودورهم في صنع المستقبل، ورسم مسار الأمة بأسرها إلى مصيرها..
وأصبح أعداء الأمس وصناع الحروب ضد هذا الدين وأهله أتباعاً بل أذناباً، أكثر ما يهتمون له هو: أن يجدوا وسيلة لتأكيد صدق ولائهم، وصحة إيمانهم، وسلامة اعتقادهم.. أو أن يظهروا المزيد من الحرص على كسر شوكة أعداء دين الله، والنكاية فيهم، وصدقهم في مناهضتهم وردِّ عاديتهم..
وأصبحت لا تسمع منهم إلا المدح والثناء، وإلا العبارات الطافحة بالرضا، والمعبرة عن مشاعر العرفان بالجميل، وعن الشعور بالإمتنان، وبالشكر الجزيل لمن كان بنظرهم قاطعاً للرحم، وسبباً في الخلاف وفي الاختلاف، ومن وصفوه بالكاهن والساحر والمجنون، وبالشاعر الذي يتربصون به ريب المنون..
فكيف كان هذا الفتح، وما هي تفاصيل أحداثه؟
هذا ما سوف نجيب عليه في الفصول الآتية.

تاريخ فتح مكة:

روي عن الإمام الرضا، عن آبائه «عليهم السلام»: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» سافر إلى بدر في شهر رمضان، وافتتح مكة في شهر رمضان([1]).
وفي الروايات التاريخية أيضاً: إن الفتح كان في يوم الجمعة([2]).
والقول: بأنه كان في شهر رمضان سنة ثمان مروي عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وأبي سعيد الخدري وغيرهم، بل لا خلاف في أن هذه الغزوة كانت في شهر رمضان([3])، فلا حاجة إلى تفصيل القول في ذلك.
ولكن الخلاف هنا هو في ثلاثة أمور، هي:
1 ـ يوم الخروج من المدينة.
2 ـ يوم دخول مكة.
3 ـ مدة الإقامة في مكة.
ونحن نذكر هنا موجزاً عن هذه الأمور الثلاثة كما يلي:

يوم خروج النبي من المدينة:

روي عن الزهري أنه قال: لا أدري أخرج في شعبان فاستقبل رمضان، أو خرج في رمضان بعدما دخل([4]).
وعن أبي سعيد الخدري، قال: خرجنا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» عام الفتح لليلتين خلتا من شهر رمضان([5]).
وقال آخرون: أنه خرج لعشر خلون من شهر رمضان([6]).

يوم دخول مكة:

واختلفت أقوالهم في يوم دخول مكة، فعن الزهري: فصبح رسول الله «صلى الله عليه وآله» مكة لثلاث عشرة خلت من شهر رمضان([7]).
وقيل: لاثنتي عشرة([8]).
وقيل: إنه دخل لست عشرة([9]).
وقيل: لسبع عشرة([10]).
وقيل: لتسع عشرة([11]).
وقيل: لعشرين من شهر رمضان([12]).
وقيل: لاثنين وعشرين من شهر رمضان([13]).
ورواية أخرى رددت: بين تسع عشرة، أو سبع عشرة([14]).

مدة الإقامة في مكة:

وأما بالنسبة لمدة بقائه «صلى الله عليه وآله» في مكة، فهو موضع خلاف أيضاً.
فقيل: عشر ليال([15]).
وقيل: خمس عشرة ليلة([16]).
وقيل: سبع عشرة([17]).
وقيل: ثماني عشرة([18]).
وقيل: تسع عشرة([19]).
ولعل التصحيف ـ بين سبع وتسع ـ هو الذي جعلهما قولين.
وقيل: عشرين([20]).
وقيل: بضع عشرة([21]).
وهذا قد لا يكون قولاً جديداً، فإنه قد يكون موافقاً لأحد الأقوال السابقة.
وهكذا يقال بالنسبة لقولهم: إنه بقي بقية شهر رمضان، وستة أيام من شوال([22])، فإنه قد يكون متوافقاً مع أحد الأقوال المتقدمة.

خطأ في البخاري:

روي عن ابن عباس: أن فتح مكة كان «على رأس ثماني سنين ونصف من مقدم رسول الله «صلى الله عليه وآله» المدينة»([23]).
قال العسقلاني وغيره: «وهو وهم. والصواب: على رأس سبع سنين ونصف»([24]).
وفي خلاصة السيرة: لسبع سنين وثمانية أشهر، وأحد عشر يوماً([25]).
ونقول:
إن هذا التحديد ليس دقيقاً، ولأن الصحيح هو: أنه «صلى الله عليه وآله» قد قدم المدينة في الثامن من شهر ربيع الأول([26])، فيكون فتح مكة بعد مقدمه «صلى الله عليه وآله» المدينة بسبع سنين وستة أشهر وأحد عشر يوماً إذا كان فتحها في التاسع من شهر رمضان المبارك.. وتقل الأيام وتزيد بحسب الاختلاف في اليوم الذي دخل فيه «صلى الله عليه وآله» مكة، حسبما أسلفناه في الصفحات السابقة.

شهر رمضان لماذا؟!:

1 ـ لقد كانت سياسة رسول الله «صلى الله عليه وآله» في كثير من حروبه مع أعدائه، وخصوصاً في غزوة الفتح، هي اعتماد عنصر المباغته. وقد توفر هذا العنصر أيضاً في اختيار شهر رمضان المبارك، وهو شهر الصوم والعبادة، للقيام بحملة واسعة وكبيرة، لأن ذلك كان من الأمور التي يقلّ احتمالها في حسابات الناس عادة، حيث يتوقعون إخلاد الناس للراحة في هذا الشهر، وعكوفهم على العبادة، وعزوفهم عن الأسفار، حتى لا يضطروا لقضاء الصوم في أيام فطر الناس.
وبذلك يصح اعتبار هذا التوقيت من العناصر التي ساعدت على مباغتة القوم، ومفاجأتهم كما هو ظاهر..
2 ـ ثم إن لشهر رمضان أثره الإيحائي في نفوس أهل الإيمان، من حيث أنه يهيئهم للعيش في كنف الله، والشعور بحضوره، ويؤكد علاقتهم به تبارك وتعالى. فكيف إذا انضم إلى ذلك أن حركتهم هذه إنما هي باتجاه بيت الله، وحرمه، وأقدس البقاع وأشرفها؟ ويقودهم ويرعاهم أفضل الأنبياء وأكرمهم وأشرفهم؟!.
ولعل أهم ما في الأمر: أن ذلك يحقق درجة كبيرة من التمازج العملي فيما بين المعاني والقيم الإيمانية، وبين حركة الإنسان في الحياة، ويعطي هذه الحركة معناها الروحي، ويتجلى ذلك فيها بعمق، وبوضوح، ويمنح الإنسان قدرة أكبر على الشعور بهذا التمازج، وتتفاعل مشاعره وأحاسيسه معه، وتحت وطأته.

الأحلاف في الجاهلية والإسلام:

قالوا: كانت خزاعة في الجاهلية أصابت رجلاً من بني الحضرمي، واسمه مالك بن عباد ـ وحلف الحضرمي يومئذٍ إلى الأسود بن رزن ـ وكان هذا الحضرمي قد خرج تاجراً، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه، وأخذوا ماله.
فمر رجل من خزاعة على بني الديل بعد ذلك فقتلوه، فوقعت الحرب بينهم، فمر بنو الأسود بن رزن، وهم: ذؤيب، وسلمى، وكلثوم على خزاعة، فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم.
وكان قوم الأسود منخر بني كنانة يُودَونَ في الجاهلية ديتين لفضلهم في بني بكر، ونودى دية.
فبينا بنو بكر وخزاعة على ذلك بعث رسول الله «صلى الله عليه وآله» فحُجز بالاسلام بينهم، وتشاغل الناس به، وهم على ما هم عليه من العداوة في أنفسهم.
فلما كان صلح الحديبية بين رسول الله «صلى الله عليه وآله» وبين قريش، ووقع الشرط: «ومن أحب أن يدخل في عقد رسول الله «صلى الله عليه وآله» فليدخل، ومن أراد أن يدخل في عقد قريش فليدخل»، دخلت خزاعة في عقد رسول الله «صلى الله عليه وآله».

حلف خزاعة:

وقالوا أيضاً: وكانت خزاعة حلفاء عبد المطلب بن هاشم، وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك عارفاً، ولقد جاءته خزاعة يومئذٍ بكتاب عبد المطلب فقرأه عليه أُبي بن كعب وهو:
«باسمك اللهم. هذا حلف عبد المطلب بن هاشم لخزاعة، إذ قدم عليه سرواتهم وأهل الرأي، غائبهم مقر بما قاضى عليه شاهدهم، إن بيننا وبينكم عهود الله وعقوده، وما لا ينسى أبداً، اليد واحدة، والنصر واحد ما أشرف ثبير، وثبت حراء مكانه، وما بل بحر صوفة. ولا يزداد فيما بيننا وبينكم إلا تجدداً أبد الدهر سرمداً».
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «ما أعرفني بخلقكم على ما أسلمتم عليه من الحلف! فكل حلف كان في الجاهلية فلا يزيده الإسلام إلا شدة. ولا حلف في الإسلام»([27]).
وفي الإمتاع: أن نسخة كتاب الحلف هي:
«باسمك اللهم. هذا ما تحالف عليه عبد المطلب بن هاشم ورجالات عمرو بن ربيعة من خزاعة، تحالفوا على التناصر والمواساة ما بلّ بحر صوفة، حلفاً جامعاً غير مفرق، الأشياخ على الأشياخ، والأصاغر على الأصاغر، والشاهد على الغائب، وتعاهدوا وتعاقدوا أوكد عهد، وأوثق عقد، لا ينقض ولا ينكث، ما أشرقت شمس على ثبير، وحنّ بفلاة بعير، وما أقام الأخشبان، وعمر بمكة إنسان، حلف أبد، لطول أمد، يزيده طلوع الشمس شدّاً، وظلام الليل مداً..
وأن عبد المطلب وولده ومن معهم ورجال خزاعة متكافئون، متظاهرون متعاونون، فعلى عبد المطلب النصرة لهم بمن تابعه على كل طالب، وعلى خزاعة النصرة لعبد المطلب وولده ومن معهم على جميع العرب، في شرق أو غرب، أو حزن أو سهل. وجعلوا الله على ذلك كفيلاً، وكفى بالله جميلاً».
فجاؤوا بعهدهم هذا إلى النبي «صلى الله عليه وآله» في الحديبية، فقرأه له أُبي بن كعب، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ما أعرفني بحقكم وأنتم على ما أسلفتم عليه من الحلف([28]).

سبب حلف خزاعة:

وذكروا عن سبب عقد هذا الحلف:
أنه لما مات المطلب بن عبد مناف، وثب أخوه نوفل على ساحات وأفنية كانت لعبد المطلب، واغتصبه إياها، فاضطرب عبد المطلب لذلك، واستنهض قومه، فلم ينهض معه أحد منهم، وقالوا له: لا ندخل بينك وبين عمك.
فكتب إلى أخواله بني النجار، فجاءه منهم سبعون راكباً، فأتوا نوفلاً، وقالوا له: ورب هذه البنية، لتردنّ على ابن أختنا ما أخذت، وإلا ملأنا منك السيف، فرده.
ثم حالف خزاعة بعد أن حالف نوفل بني أخيه عبد شمس([29]).
ونقول:
إن لنا مع النصوص المتقدمة وقفات عديدة، نقتصر منها على ما يلي:

حلف أهل الباطل:

قد اتضح مما تقدم: أن نوفلاً كان متعدياً على عبد المطلب غاصباً لحقه، وأن عبد المطلب حين لم ينهض معه أحد من قومه اضطر إلى الاستعانة بأخواله من بني النجار، ثم حالف خزاعة، ليمتنع بهم إن تعرض له احد بظلم، لكي يدفع عن نفسه، ويعيش مرهوب الجانب عزيزاً مكرماً..
ولكن نوفلاً الذي ظلم عبد المطلب، ولم يتراجع عن موقفه إلا تحت وطأة التهديد باستعمال السيف، قد حالف بني أخيه عبد شمس، ليتقوى بهم على مواصلة سيرته ونهجه، وهم لم يجدوا في التحالف معه على ذلك أي حرج أو مانع..
وشتان بين من يحالف جماعة ليتقوى بهم على إحقاق الحق، وبين من يحالف الآخرين ليتقوى بهم على إشاعة نهجه الإنحرافي والظالم..

لا حلف في الإسلام:

ومن خلال المعادلة المشار إليها آنفاً ندرك صحة ما يرمي إليه قوله «صلى الله عليه وآله»: «كل حلف في الجاهلية فلا يزيده الإسلام إلا شدة. ولا حلف في الإسلام».
فإن المقصود بالحلف الذي في الجاهلية، ويزيده الإسلام شدة، هو الحلف الهادف إلى نصرة الحق، والمتضمن للتعاون، والتناصر، والمواساة، ودفع الظلم.. فإن الإسلام يشدد على الاستمرار في هذا الاتجاه، ويؤكد على الالتزام بمضمون كل حلف فيه هذه المزايا، ويدعو إلى دخول جميع الناس في هذا الالتزام..
ولكن الإسلام لا يرضى بنشوء حلف فيما بين المسلمين ضد أي فريق آخر منهم أنفسهم، لأن معنى هذا هو: إقرار الإسلام حالة الإنقسام فيما بين أهل الصف الواحد، وأتباع النهج والدين الواحد، في حين أن دعوة الإسلام تقوم على اعتبار المسلمين يداً واحدة على من سواهم([30])، ويريد لهم: أن يكونوا بمثابة أُسرة واحدة متكاملة العناصر، لهم قيِّم واحد، وهو النبي «صلى الله عليه وآله» أو الإمام «عليه السلام»، وقد روي عنه «صلى الله عليه وآله» قوله: أنا وعلي أبوا هذه الأمة([31]).
وتتشارك سائر العناصر في بناء الحياة في أخوة مسؤولة، متعاونة، ومتكافلة، ومنسجمة على قاعدة: {إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ}([32])، تقوم على أساسين اثنين هما: الحق والمواساة، كما اتضح من مؤاخاته «صلى الله عليه وآله» بين المسلمين. وقد ذكرنا ذلك في جزء سابق من هذا الكتاب.

مرتكزات حلف عبد المطلب وخزاعة:

وإذا تأملنا في مضمون حلف عبد المطلب مع خزاعة، فإننا نجده قائماً على نفس المرتكزات التي قامت عليها المؤاخاة فيما بين المسلمين حسبما قدمناه في هذا الكتاب..
فإن كانت المؤاخاة قد قامت على دعامتين هما: الحق والمواساة. فإن حلف عبد المطلب وخزاعة أيضاً قد قام على نفس هاتين الدعامتين، لأنه جاء لحماية الحق، وتأكيد الالتزام به، والانتصار له، والتناصر فيه، والتعاون على حفظه، والالتزام بالمواساة فيه.
كما أنه صرح أو أشار إلى حيثيات تؤكد على هذا المسار، وتبين معالمه، وتوضح آفاقه.
فهو ـ كما صرحت الروايات ـ:
1 ـ حلف جامع غير مفرق.
وهو يقوم على:
2 ـ التكافؤ فيما بين أفراده وشرائحه، فالكل متكافئون..
3 ـ والتناصر.. إلى حد يكون فيه النصر واحداً، لا تمييز فيه بين كبير وصغير.
4 ـ والتعاون حتى إن اليد واحدة.
5 ـ والمواساة.
6 ـ وأساس هذا الحلف عهود الله وعقوده..
7 ـ وهو يخضع لرعاية الله تبارك وتعالى، فهو سبحانه الكفيل والضامن وغير ذلك من لمحات وإشارات يجدها فيه المتأمل الخبير، والناقد البصير.

قريش تنقض العهد:

وقد نقضت قريش عهدها الذي عقدته مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» في الحديبية.
وقالوا: إن سبب ذلك هو: أنه لما دخل شعبان على رأس اثنين وعشرين شهراً من صلح الحديبية، كلمت بنو نفاثة وبنو بكر أشراف قريش أن يعينوهم بالرجال والسلاح على عدوهم من خزاعة، وذكروهم القتلى الذين أصابت خزاعة منهم.
وأرادوا أن يصيبوا منهم ثأر أولئك النفر الذين أصابوا منهم في بني الأسود بن رزن، وناشدوهم بأرحامهم، وأخبروهم بدخولهم في عقدهم، وعدم الإسلام، ودخول خزاعة في عقد محمد وعهده.
فوجدوا القوم إلى ذلك سراعاً، إلا أن أبا سفيان بن حرب لم يشاور في ذلك ولم يعلم([33]).
ويقال: إنهم ذاكروه فأبى ذلك([34]).
فأعانوا بالسلاح والكراع والرجال، ودسوا ذلك سرَّاً لئلا تحذر خزاعة، وخزاعة آمنون غارون لحال الموادعة، ولما حجز الإسلام بينهم.
ثم اتعدت قريش وبنو بكر وبنو نفاثة أن يأتوا إلى (الوتير)، وهو موضع أسفل مكة، وهو منازل خزاعة، فوافوا للميعاد فيهم رجال من قريش، من كبارهم، متنكرون منتقبون؛ منهم: سهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وحويطب بن عبد العزى، وشيبة بن عثمان ـ وأسلموا بعد ذلك ـ ومكرز بن حفص، وأجلبوا معهم أرقاءهم.
ورأس بني بكر نوفل بن معاوية الديلي ـ وأسلم بعد ذلك ـ.
فبيتوا خزاعة ليلاً، وهم غارون آمنون ـ وعامتهم صبيان، ونساء، وضعفاء الرجال ـ فلم يزالوا يقتلونهم حتى انتهوا إلى أنصاب الحرم.
فقال أصحاب نوفل بن معاوية له: يا نوفل، إلهك، إلهك. قد دخلت الحرم!
فقال كلمة عظيمة: لا إله لي اليوم، يا بني بكر، لعمري إنكم لتسرقون الحاج في الحرم ، أفلا تدركون ثأركم من عدوكم، ولا يتأخر أحد منكم بعد يومه عن ثاره؟!
فلما انتهت خزاعة إلى الحرم دخلت دار بديل بن ورقاء، ودار مولى لهم يقال له: رافع الخزاعيين، وانتهوا بهم في عماية الصبح.
ودخلت رؤساء قريش منازلهم، وهو يظنون أنهم لا يعرفون، وأنه لا يبلغ هذا رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وأصبحت خزاعة مقتَّلين على باب بديل ورافع.
وقال سهيل بن عمرو لنوفل بن الحرث: قد رأيت الذي صنعنا بك وبأصحابك، ومن قتلت من القوم، وأنت قد حصدتهم تريد قتل من بقي، وهذا ما لا نطاوعك عليه، فاتركهم.
فتركهم، فخرجوا.
وندمت قريش، وندموا على ما صنعوا، وعرفوا أن هذا الذي صنعوه نقض للذمة والعهد الذي بينهم وبين رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وجاء الحارث بن هشام، وعبد الله بن أبي ربيعة إلى صفوان بن أمية، وإلى سهيل بن عمرو، وعكرمة بن أبي جهل، فلاموهم بما صنعوا من عونهم بني بكر على خزاعة، وقالوا: إن بينكم وبين محمد مدة، وهذا نقض لها([35]).
وقيل: إنهم قتلوا منهم عشرين رجلاً([36]).
وقيل: إن سبب نقض العهد ليس هو سعي بني نفاثة لأخذ ثأرهم القديم من خزاعة، بل السبب هو: أن شخصاً من بني بكر، وهو أنس بن زنيم الديلي، هجا رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وصار يتغنى به، فسمعه غلام من خزاعة، فضربه فشجه، فثار الشر بين الحيين، مما كان بينهم من العداوة.
فطلب بنو نفاثة من أشراف قريش أن يعينوهم بالرجال والسلاح على خزاعة، فأمدوهم بذلك، فبيتوا خزاعة وهم غارون آمنون.. وقاتل معهم جمع من قريش الخ..([37]).
واعتزلت بنو مدلج، فلم ينقضوا العهد([38]).
كما أن أبا سفيان لم يشاوَر في ذلك ولم يعلَم([39]).
وقال الطبرسي: «لما مضت سنتان من القضية (يعني عمرة القضاء) قعد رجل من كنانة يروي هجاء رسول الله، فقال له رجل من خزاعة: لا تذكر هذا.
قال: وما أنت وذاك؟!
فقال: لإن أعدت لأكسرن فاك!
فأعادها، فرفع الخزاعي يده، فضرب بها فاه.
فاستنصر الكناني قومه، والخزاعي قومه. وكانت كنانة أكثر، فضربوهم حتى أدخلوهم الحرم، وقتلوا منهم. وأعانتهم قريش بالكراع والسلاح.
فركب عمرو بن سالم إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فخبره الخبر»([40]).
وستأتي قصة عمرو بن سالم.
ولكننا قبل ذلك نشير: إلى بعض الأمور التي ترتبط بما تقدم، فنقول:

سبب نقض العهد واحد:

قد يبدو للوهلة الأولى من ملاحظة النصوص المتقدمة أن ثمة اختلافاً حول سبب إقدام قريش على نقض العهد.
ولكن الحقيقة هي: أن مجموع تلك النصوص يشير إلى أمر واحد مترابط ومنسجم، وهو: أن أحد بني كنانة، ولعله من بني نفاثة، صار يروي هجاء رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأنذره الخزاعي، فلم يرتدع، فضربه الخزاعي، فاستنصر الكناني قومه، فطلبوا النصر من قريش، فنصروهم وجرت الأمور بعد ذلك وفق ما فصَّلته الرواية الأولى.

إستغلال الضغائن:

وقد لوحظ: أن بني نفاثة حين انتصروا لصاحبهم، إنما حركهم إلى ذلك أحقادهم على خزاعة، وتربصهم بها، لِتِرَاتٍ لهم عندها في حوادث جرت قبل البعثة النبوية الشريفة حسبما تقدم بيانه..
ولكنهم حين يطلبون المساعدة من قريش تراهم يلجأون إلى تذكيرها بما تعتبره ميزة وفضلاً، وهو: أن بني نفاثة لم يسلموا، وأنهم دخلوا في عقد قريش ضد رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
ثم يحتجون لهم على استحقاق خزاعة للعقوبة: بأنها قد دخلت في عقد محمد وعهده.. فكان هذا وذاك من موجبات مسارعة قريش للمشاركة في توجيه تلك الضربة القاسية لخزاعة..
فحقد قريش على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وعلى الإسلام وأهله قد دعاها إلى المشاركة في جريمة قتل الصبيان، والنساء، والضعفاء.. ونقض العهد والغدر بالآمنين، واجتياحهم، وأخذهم على حين غرة.
واللافت هنا: أن الذين يستجيبون لهذه المحركات، لا لنداء الضمير والوجدان والعقل والشرف والشهامة والرجولة هم ـ على حد تعبير الرواية ـ «رجال من قريش، من كبارهم»!!..
مع أن هؤلاء هم الذين يفترض فيهم أن يكونوا أبعد الناس عن التصرفات الرعناء، وعن الانقياد للنزوات الطائشة. ويتوقع منهم أن يَزِنوا الأمور بموازين فيها شيء من بعد النظر والاتزان، وحساب العواقب.
ولكن الأمور قد جرت في غير هذا الاتجاه، كما رأينا..

الغدر بالضعفاء، وبالصبيان والنساء:

وإن الغدر قبيح من كل أحد، لأنه ينافي الرجولة، وميثاق الشرف، والشهامة، وأعظم منه قبحاً: أن يغدر القوي بالضعيف، فكيف إذا كان هذا الضعيف هو الصبيان، والنساء، والضعفاء من الرجال؟!
وكيف إذا كان الغادر هم كبار القوم، والمدَّعون للشرف، بل لمقام الأشرفية والرئاسة فيهم؟!
وكيف إذا كان هؤلاء الكبار المشاركون هم أنفسهم الذين أعطوا العهود والمواثيق وتعهدوا بالوفاء؟!.
بل إن بعضهم كان هو المفاوض في تلك العهود، والمتولي لإبرامها، والمشرف على نصوصها، والموقع عليها وأعني به سهيل بن عمرو!!
إنه غدر بالآمنين الذين يستندون في أمنهم إلى عهد وعقد وميثاق، معقود مع نفس هؤلاء الغادرين بأشخاصهم وأعيانهم، فليس هو أمن الغفلة والتقصير في الاحتياط، ولم يكن الغادر ممن يحسن الاحتياط معه ومنه..

القسوة.. لماذا ؟!:

ولا نجد تفسيراً معقولاً لهذه القسوة من قريش، ومن كبارها على النساء والصبيان، وضعفاء الرجال، فهم يبيحون لأنفسهم قتلهم، لا على سبيل الصدفة والاتفاق، بل عن سابق تخطيط وتدبير، وسعي للإستفراد بهم واستئصالهم قبل أن يتنبه الآخرون لما يحدث..
بل نحن نستغرب: أن يقدم حتى بنو نفاثه على أمر كهذا. وهم الذين يدَّعون أن قتل النساء كان عيباً في الجاهلية.. فكيف بالضعفاء، والصبيان؟!. فضلاً عن أن يمعنوا في ملاحقتهم حتى ألجأوهم إلى الحرم!! ثم لاحقوهم حتى في الحرم نفسه، إلى دار بديل بن ورقاء، ورافع الخزاعي!!

حرمة الحرم لدى قريش:

وإذا كانت قريش ترى: أن عزها ومجدها وفخرها هو في رعايتها لحرمة الكعبة والحرم، فما بال الكبار فيها قد رضوا بهتك حرمة الحرم، وشاركوا هم في ذلك، ولم نسمع من أحد منهم كلمة ملامة لأحد من أولئك المعتدين على الأرواح، وعلى قدس المقدسات؟! حتى بعد أن حصل ما حصل..
وكيف يمكننا تفسير موقف قريش من قضية القتال في يوم يشك في أن يكون هو أول الشهر الحرام وهو شهر رجب، أو آخر الشهر الذي قبله، حيث شنعت على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأثارت عاصفة من الشكوى والتظلم من أجل ذلك، رغم أن هذا القتال قد كان مع الظالمين والمعتدين، والذين يصدون عن سبيل الله. قال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ.
قُلْ: قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالمَسْجِدِ الحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}([41]).
ثم إنها وعلى أعلى المستويات فيها يعتدي كبارها على قوم بينها وبينهم عهد وميثاق. فيغدرون بهم، ويختارون قتل خصوص النساء والصبيان والضعفاء منهم، حتى في حرم الله تبارك وتعالى..
بل إن هذا التعدي لا ينحصر بهتك حرمة الحرم، بل يتجاوزه إلى التصريح بالإلحاد، وإنكار أصل الألوهية، وذلك حين يقول أصحاب نوفل: إلهك إلهك!! قد دخلت الحرم.
فيقول: لا إله لي اليوم.

هل ندموا حقاً؟!

وبعد.. فإننا لم نستطع فهم ما يرمي إليه قولهم: ندمت قريش وندموا على ما صنعوا، وعرفوا أن هذا الذي صنعوه نقض للذمة والعهد الذي بينهم وبين رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وذلك لأن قرائن الأحوال تشهد بعدم صحة هذا الكلام:
أولاً: لأن رجال قريش قد تنكروا وتنقبوا حين جاؤوا لمساعدة بني بكر، مع أن بني بكر كانوا حلفاءهم، وقد دخلوا في عقدهم، فعليهم نصرهم علناً، ولا ضرورة للتنكر والتنقب إن لم يكونوا يريدون تعمية الأمور، لكي لا يظهر للناس أنهم قد نقضوا عهدهم مع النبي «صلى الله عليه وآله»..
ثانياً: إن بني نفاثة حين كلموا قريشاً في نصرهم على خزاعة قد ذكروا لها أنهم داخلون في حلفهم ضدّ محمد «صلى الله عليه وآله»، وخزاعة داخلة مع النبي في الحلف والعقد ضدهم.
فهم إذاً ملتفتون إلى هذا العقد والعهد، مدركون أن المهاجم متحالف مع قريش، وأن المقصود بالهجوم متحالف مع المسلمين في عهد الحديبية.
فما معنى ادِّعاء الروايات ورواتها أن قريشاً بعد أن ارتكبت جريمتها في حق خزاعة «عرفوا أن هذا الذي صنعوه نقض للذمة والعهد الذي بينهم وبين رسول الله «صلى الله عليه وآله»..»؟.
ثالثاً: إن هناك روايات تقول: إنهم كلموا أبا سفيان، فأبى ذلك([42]).
فلماذا لا يرضى أبو سفيان بنصر حلفائه؟! وهو الحاقد على خزاعة بسبب ميلها إلى رسول الله وتحالفها معه «صلى الله عليه وآله».
ألا يدل امتناعه هذا على أنه يرى في ذلك ضرراً بالغاً، ودخولاً في أمر خطير، من حيث أنه نقض للعقد والعهد القائم بينهم وبين المسلمين؟!
رابعاً: ما معنى قول هؤلاء الرواة أنفسهم: إنه بعد انتهاء الهجوم وحصول المجزرة «دخلت رؤساء قريش منازلهم، وهم يظنون: أنهم لا يُعْرَفون، وأنه لا يبلغ هذا رسول الله «صلى الله عليه وآله»..»؟!
أليس ظنهم هذا يؤدي بهم إلى إدراك أن بلوغ هذا الأمر لرسول الله «صلى الله عليه وآله» سوف يؤدي إلى نشوء مشكلة خطيرة لهم معه؟!
ولا مبرر لاعتبار ذلك مشكلة إلا لأنهم يدركون أن ما فعلوه له مساس مباشر بالعقود التي تحكم فيما بينهم وبينه «صلى الله عليه وآله»..

بنو نفاثة يسرقون الحاج:

واللافت هنا: هذا المنطق الخسيس الذي اعتمده نوفل بن معاوية لتحريض بني بكر على الإمعان في قتل النساء والصبيان والضعفاء، وتوقعه ذلك منهم حتى في داخل الحرم.. فإنه قال لهم: «إنكم لتسرقون الحاج في الحرم، أفلا تدركون ثأركم من عدوكم»؟!
فإذا كان هؤلاء يسرقون الحجاج وهم في حرم الله تبارك وتعالى، فهل يتوقع منهم احترام المقدسات، والوقوف عند حدود الله سبحانه، والالتزام بأمره ونهيه؟!
وإذا كان هذا هو منطق رئيس بني بكر، وتلك هي أوامره لمن هم تحت إمرته، وهذه هي توقعاته منهم!!
وإذا كان يدفعهم بهذا المنطق إلى متابعة جرائمهم لاستئصال الأبرياء، من النساء والصبيان والضعفاء!!
وإذا كان يصور لهم: أن هؤلاء الصبيان الذين قد لا يعرفون شيئاً مما يدور حولهم، بل إنهم غير قادرين على إدراك معنى الشر، بالإضافة إلى النساء، والضعفاء ـ يصورهم على أنهم هم أعداؤهم الذين يريد منهم أن يعملوا فيهم سيوفهم إلى حد الاستئصال.
وإذا كان نفس هذا الرئيس ينكر وجود الإله لمجرد تبرير اندفاعه للتنفيس عن حقده على هذا النوع من الناس.
وإذا كان الرئيس هو الذي يفترض فيه أن يكون الأكثر وعياً وإحساساً بالمسؤولية..
فما الذي نتوقعه من همج رعاع، وجهلة أغبياء، وأشرار أشقياء، يمتهنون سرقة الحاج في حرم الله تعالى، وعند بيته المحرم؟!
وهذا يدلنا على مدى معاناة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، الذي جاءهم من عند الله بأصفى وأفضل التعاليم، التي هي محض الخير، وكل العطاء، وحقيقة البر والرحمة، والنور الأنور، والطهر الأصفى، والنبل والوفاء، والتضحية والفداء، وسائر المعاني الإنسانية في أرقى الدرجات، وأفضل الحالات.

بديل بن ورقاء وما جرى:

وقد قرأنا في النصوص المتقدمة: أن خزاعة أصبحت مقتَّلة على باب بديل بن ورقاء ورافع الخزاعيين..
وسنقرأ فيما يلي: أن بديلاً قد عاش هذه المحنة، وتجرع غصتها، ولمس بشاعتها في بيته وعلى باب داره، أكثر من أي إنسان آخر..
فما بالنا نرى هذا الرجل بالذات رفيقاً لأبي سفيان حين خرج من مكة يترقب الأخبار، ليعرف حقيقة تحركات رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيما يرتبط بهذا الحدث؟ فلماذا لا يكون لبديل موقف سلبي وغاضب من قريش ورموزها؟
ويمكن أن نجيب عن هذا السؤال بما يلي:
أولاً: إن أبا سفيان ـ كما تدَّعيه بعض الروايات ـ أبى أن يستجيب لطلب بني بكر فيما يرتبط في توجيه الضربة لخزاعة([43]).
أو أنه لم يشاور في هذا الأمر، ولم يعلم، ولكنه حين علم لم يرض، ولم يغضب كما تقدم وسيأتي([44]).
أو أنه كان في الشام ولم يكن في مكة حين الإعتداء على الخزاعيين([45]).
وهذا معناه: أن لا يجد بديل بن ورقاء أي مانع من الإبقاء على علاقته به، ويكون همزة وصل، لو حصل في المستقبل ما يحتاج إلى تفاوض، أو تدخل لمنع حدوث الأسوأ..
ثانياً: إنه إذا كانت خزاعة تعيش في دائرة الخطر، ولم يكن يمكنها الحصول على الأمن المطلوب إلا عن طريق المداراة والمصانعة، بانتظار الوقت الذي تتمكن فيه من تجاوز المحنة، أو كان هذا الأمر يختص ببديل بن ورقاء فقط، فإن هذه المداراة تصبح مقبولة إذا بقيت في حدود المعقول، وليس في ذلك أية غضاضة أو وهن على بديل ولا على خزاعة، وذلك ظاهر لا يخفى.

بين الثأر.. والقصاص:

وقد تقدم: أن نوفل بن معاوية صار يقرِّع بني بكر ويقول لهم: «تسرقون الحاج في الحرم، ولا تدركون ثاركم»!!
ومعلوم: أن مفهوم الثأر يعتمد على تبلور حالة من الحنق الشخصي في اندفاع ساحق ومدمر، مع إغفال أي حساب آخر سوى إرضاء نزعة الحقد الأسود بهذا البطش الأرعن وغير المسؤول، الذي لا يبالي بالضحية التي تكون في موقع البراءة والطهر في أكثر الأحيان..
وخير شاهد على هذه الرعونة هو: انتقام بني بكر حتى من الصبيان والنساء، والضعفاء، وذلك ثأراً لأناس قتلوا قبل عشرات السنين. أي قبل ولادة كثير من هؤلاء الضحايا بسنوات كثيرة بلا ريب..
فالثأر يهدف إلى التدمير والإبادة والاستئصال حتى للبريء..
وقد قال سهيل بن عمرو لنوفل بن الحرث بن معاوية: «وأنت قد حصدتهم، تريد قتل من بقي»؟
وإذا كان الحاكم هو منطق الأحقاد والضغائن، لا الأخلاق والقيم والمبادئ والشرع، أو العقل، فلا بد من أن ينتج هذا السلوك حرصاً على مقابلة الإساءة بالإساءة، والتدمير والاستئصال حتى للأبرياء بمثله، ويحول الوحدة إلى تشتت وتفرق، والجماعة والعصبة إلى تمزق، ويتحول اهتمام المجتمع من العمل على لم الشعث، والتعاون على البر والتقوى، ليصبح تعاوناً على الإثم والعدوان وعلى معصية الله ورسوله.

وهذا هو الفرق بين الثأر والقصاص.

فإن القصاص إجراء تربوي إصلاحي، يهدف إلى إرساء قواعد القسط والعدل، وإلى جعل الحياة أكثر صفاء ونقاء، بل أكثر حيوية وقوة واندفاعاً، على قاعدة: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ}([46]).
وفي القصاص حفاظ على النفوس، ومحاصرة للجريمة، وخنق لها في مهدها، وقطع دابرها، وإعفاء آثارها..
والقصاص معناه: حصر الجريمة في مصدرها وهو المجرم نفسه، ثم استئصاله واستئصالها به، وتطهير المحيط منه ومنها.
والقصاص يرسي قواعد الأمن المجتمعي، ويبعد الناس عن العيش في أجواء التآمر، والكيد والتربص شراً بالآخرين وينمي حالة الثقة والتعاون فيما بين الناس.
والقصاص يهيئ الأجواء لإشاعة مفهوم الكرامة للإنسان، ويؤكد قيمته، ويحدُّ من الطموح للتعدي عليه وهتك حرمته..
وبالقصاص يعطي العدل قيمته ومعناه، وينصب أمام أعين الناس مثلاً وقيماً ومعاني إنسانية لتكون موضع طموحهم، وغاية ومنتهى آمالهم.

 


([1]) البحار ج19 ص273 وج21 ص116 وراجع ج97 ص168 وأمالي ابن الشيخ ص218. وراجع: الأمالي للطوسي ص342 ومسند الإمام الرضا ج2 479 وميزان الحكمة ج3 ص2249 وتفسير الميزان ج9 ص29 ومشارق الشموس للخوانساري ج2 ص370 والحدائق الناضرة ج3 ص188 والإستبصار ج2 ص102 وتهذيب الأحكام ج4 ص126 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج10 ص201 و (ط دار الإسلامية) ج7 ص243 ومنتهى الجمان ج2 ص520.
([2]) تاريخ الخميس ج2 ص77. وراجع: البحار ج21 ص143 والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص137 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص391 والبداية والنهاية (ط مكتبة المعارف) ج2 ص322 وزاد المعاد (ط مؤسسة الرسالة) ج1 ص1096 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص77 و 232 ونيل الأوطار ج2 ص195 وأحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص640.
([3]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص200 و 265 و 266 عن البخاري، والبيهقي، وأحمد، والواقدي، وابن إسحاق، وإسحاق بن راهويه، ومسلم، وتاريخ الخميس ج2 ص90 و 77 والسيرة الحلبية ج3 ص76 والبحار ج21 ص102 و 111 و 124 و 127 و 133 و 143 ومجمع البيان ج10 ص555 وعن البخاري ج7 ص595.
وراجع: السنن الكبرى للبيهقي ج4 ص341 وج6 ص55 ومقدمة فتح الباري ص371 وفتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 والتبيان ج5 ص198 وتفسير القرطبي ج6 ص60 ومكاتيب الرسول ج1 ص119 وسبل السلام ج2 ص161 وج3 ص5 والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص134 و 137 و (ط دار الكتب العلمية) ج1 ص391 والبداية والنهاية (ط مكتبة المعارف) ج2 ص322 والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص58 وفتوح البلدان ج1 ص46 وزاد المعاد (ط مؤسسة الرسالة) ج1 ص1096 وتاريخ مدينة دمشق ج16 ص77 و 232 ونيل الأوطار ج2 ص195 وأحكام أهل الذمة لابن قيم الجوزية (ط دار الكتب العلمية) ج2 ص640 وإعلام الورى ج1 ص215 وقصص الأنبياء للراوندي ص345 والسيرة النبوية لابن كثير ج2 ص354 و 539 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص42 وتاريخ خليفة بن خياط ص52. وغير ذلك من المصادر الكثيرة جداً.
([4]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص265 عن البيهقي، وراجع: السيرة النبوية لابن كثير ج3 ص539 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص326 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313.
([5]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص265 و 266 عن أحمد بإسناد صحيح، والسيرة الحلبية ج3 ص76 و (ط دار المعرفة) ج3 ص3 والبحار ج21 ص127 وإعلام الورى ج1 ص218 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص327 و (ط دار المعارف) ج2 ص283 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص541 و 542 صحيح ابن حبان (ط مؤسسة الرسالة) ج11 ص46 و (ط دار الفكر) ج5 ص84 وشرح معاني الآثار ج2 ص66 ومسند أبي حنيفة ج1 ص250 وصحيح ابن خزيمة ج3 ص264 وراجع: المبسوط للسرخسي ج3 ص91 وعن عون المعبود ج7 ص30 و (ط دار الفكر) ص39 والتمهيد للقرطبي ج2 ص169 وج22 ص47 ومرقاة المفاتيح ج4 ص525 والسير الكبير للشيباني ج1 ص66 والمناقب لابن شهرآشوب ج1 ص177 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313.
([6]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص266 عن الواقدي، وابن إسحاق، وعن إسحاق بن راهويه بسند صحيح عن ابن عباس، والسيرة الحلبية ج3 ص76 ومجمع البيان ج10 ص555 وتاريخ الخميس ج2 ص90 والبحار ج21 ص102 وراجع: شرح مسلم للنووي ج5 ص234 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313 والديباج على مسلم ج3 ص216 وعن عون المعبود ج7 ص30 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص42 وتاريخ خليفة بن خياط ص52 ومرقاة المفاتيح ج4 ص525.
([7]) البحار ج21 ص133 عن إعلام الورى وغيره، والسيرة الحلبية ج3 ص76 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص265 عن البيهقي بسند صحيح، وإعلام الورى ج1 ص226 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص541 وصحيح مسلم (ط دار الفكر) ج3 ص141 و (ط دار الكتب العلمية) ج7 ص190 والعلل لابن حنبل ص231 والسنن الكبرى للبيهقي (ط دار الفكر) ج4 ص241 و (ط أخرى) ج6 ص273 شرح مسلم للنووي (ط دار الكتاب العربي) ج5 ص233 و (ط دار الفكر) ج7 ص189 والدر منثور ج6 ص408 ومسند أحمد (ط دار صادر) ج1 ص276 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص107 والمستدرك للحاكم ج3 ص43 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313 والمصنف للصنعاني ج5 ص374 ونصب الراية (ط دار الحديث) ج3 ص28 ومنتخب مسند عبد بن حميـد (ط مكتبـة النهضة) ص217 و (ط دار عـالم الكتـاب) ج1 = = ص216 وغرر الفوائد المجموعة ليحي بن علي القرشي ص310 ومجمع الزوائد ج6 ص177 ونصب الراية ج3 ص28 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص327 و (ط دار المعارف) ج2 ص283.
([8]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص265 و 266 عن أحمد، والسيرة الحلبية ج3 ص76 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313.
([9]) تاريخ الخميس ج2 ص77 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص265 و 266 عن مسلم، وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313.
([10]) الدر المنثور ج6 ص408 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص326 و (ط دار المعارف) ج2 ص282 والسيرة النبوية لابن كثر ج3 ص541.
([11]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص265 و 266 عن أحمد، والسيرة الحلبية ج3 ص76 وشرح مسلم للنووي (ط دار الكتاب العربي) ج7 ص334 و (ط دار الفكر) ج7 ص189 ونيل الأوطار (ط دار الفكر) ج2 ص295 و (ط دار الجيل) ج4 ص311 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج4 ص158 وج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج4 ص690 وج8 ص313 وعمدة القاري ج11 ص45 والديباج على مسلم ج3 ص216.
([12]) البحار ج94 ص168 ج21 ص143 عن الكازروني، وتاريخ خليفة بن خياط ص53 وتاريخ الأمم والملـوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص343 والسيرة النبوية لابن هشام (ط مكتبة محمد علي صبيح) ج4 ص889 و (دار المعرفة) = = ج4 ص60 عن ابن إسحاق، ومستدرك سفينة البحار ج8 ص107 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313 والديباج على مسلم ج3 ص216 ونيل الأوطار (ط دار الفكر) ج2 ص295 و (ط دار  الجيل) ج4 ص311 و 312 وإعلام الورى ج1 ص226 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص44 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث) ج4 ص327 و 369 و (ط دار المعارف) ج2 ص283 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص542 وتفسير أبي السعود ج9 ص208 وراجع: تفسير الثعالبي، وتفسير البغوي.
([13]) فتح القدير ج2 ص10 وتفسير القرطبي ج6 ص60 عن الضحاك.
([14]) تاريخ الخميس ج2 ص77 والبحار ج21 ص111عن كتاب العدد، وسبل الهدى والرشاد ج5 ص266 وتاريخ بغداد ج12 ص108 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج8 ص2 و (ط دار الفكر) ج8 ص313 وشرح معاني الآثار ج2 ص68.
([15]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص261 وعن البخاري ج1 ص367 ح1031 وج4 ص1064 ح1046 وعن مسلم ج2 ص141 ح15 والمحلى ج5 ص27 والمجموع للنووي ج4 ص363 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص148.
([16]) تاريخ الخميس ج2 ص90 عن البخاري، والمغـازي للـواقـدي ج2 ص871 = = وسبل الهدى والرشاد ج5 ص261 وج8 ص231 عن أبي داود، وعن ابن إسحاق، والنسائي. وراجع: مسالك الأفهام ج7 ص428 عن صحيح مسلم ج2 ص1024 ح20 ونيل الأوطار ج9 ص269 وعن صحيح مسلم (ط دار الفكر) ج4 ص132 وتحفة الأحوذي ج3 ص93 وج4 ص225 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص415 والبحار ج21 ص143 عن الكازروني، والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص143 و 144 والبداية والنهاية ج4 ص363 والسيرة النبوية ج3 ص600 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص151 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص340 وج8 ص540 وتاريخ خليفة بن خياط ص52 وتفسير مجمع البيان ج5 ص34 وتفسير الميزان ج9 ص230.
([17]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص261 وتاريخ الخميس ج2 ص90 عن أبي داود، وراجع: الطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص143 وكنز العمال ج8 ص239.
([18]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص261 وج8 ص231 عن أبي داود، وتاريخ الخميس ج2 ص90 عن الترمذي، وراجع: الطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص143 و 144 والمصنف لابن أبي شيبة ج1 ص419 وكنز العمال ج7 ص545 وج8 ص237 وعن فتح الباري ج2 ص463 وتحفة الأحوذي ج3 ص93 وتلخيص الحبير ج4 ص449 وج7 ص355 وسبل السلام ج2 ص40 ونيل الأوطار ج3 ص256 ومسند أحمد ج3 ص431 و 432 وسنن أبي داود ج1 ص275 والسنن الكبرى للبيهقي ج3 ص157 والمصنف لابن أبي شيبة ج2 ص338 و 340 و 419 ونصب الراية ج2 ص224 و 225 و 226 والبداية والنهاية ج4 ص363 والسيرة النبوية ج3 ص599.
([19]) تاريخ الخميس ج2 ص90 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص261 وج8 ص230 عن البخاري وأبي داود، والسيرة الحلبية ج3 ص104 وتحفة الأحوذي ج3 ص93 ونصب الراية ج2 ص221.
([20]) المغازي للواقدي ج2 ص871 وتحفة الأحوذي ج3 ص94 ومنتخب مسند عبد بن حميد ص201 وتلخيص الحبير ج4 ص449.
([21]) تاريخ الخميس ج2 ص90 عن الإكليل، وراجع: عون المعبود ج14 ص37.
([22]) المصدر السابق.
([23]) صحيح البخاري (ط دار إحياء التراث العربي) ج8 ص313 و (ط دار الفكر) ج5 ص90 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص266 عنه، والسيرة الحلبية ج3 ص76 وتاريخ الخميس ج2 ص77 وعوالي اللآلي ج1 ص203 ومسند أحمد (ط دار صادر) ج1 = = ص334 و (ط دار إحياء التراث العربي) ص549 والسنن الكـبرى للبيهقي ج4 ص241 وعن فتح الباري (ط دار المعرفة) ج4 ص154 و (ط دار الفكر) ج8 ص313 والمصنف للصنعاني ج5 ص373 والدر المنثور (ط دار المعرفة) ج6 ص407 و (ط دار الفكر) ج8 ص659 ونيل الأوطار (ط دار الفكر) ج2 ص288 و (ط دار الجليل) ج4 ص303 والطرائف لابن طاووس ص528 والبداية والنهاية (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص326 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص541.
([24]) فتح البارى (ط دار المعرفة) ج8 ص3 و (ط دار الفكر) ج8 ص313 وعمدة القاري ج17 ص275 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص266 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص76.
([25]) تاريخ الخميس ج2 ص77.
([26]) راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص41 والمصنف للصنعاني ج5 ص361 والدر المنثور (ط دار المعرفة) ج4 ص108 و (ط دار الفكر) ج5 ص97 والعلل في معرفة الرجال لابن حنبل ج3 ص426.
([27]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص200 عن فتح الباري ج7 ص592 والسيرة الحلبية ج3 ص70 والمغازي للواقدي ج2 ص781 و 782 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج2 ص345 ومكاتيب الرسول ج3 ص130 و 234 و 235 .
([28]) السيرة الحلبية ج3 ص 70 و 71.
([29]) السيرة الحلبية ج3 ص70 وراجع: تاريخ الأمم والملوك (ط مؤسسة الأعلمي) ج2 ص9 و10.
([30]) راجع: كتاب الأم للشافعي ج4 ص239 و 302 وج7 ص367 و 370 ومختصر المزني ص258 و 272 والمجموع للنووي ج19 ص364 و 365 والمبسوط للسرخسي ج10 ص25 ونيل الأوطار ج8 ص180 والأمالي للشيخ الطوسي ص263 والبحار ج93 ص81 وج97 ص32 والغدير ج8 ص171 وميزان الحكمة ج2 ص1340 و 1341 وسنن ابن ماجة ج2 ص895 ومجمع الزوائد ج6 ص292 والمصنف للصنعاني ج10 ص99 وصحيح ابن خزيمة ج4 ص26 وشرح معاني الآثار ج3 ص193 والمعجم الأوسط ج6 ص305 والمعجم الكبير ج20 ص206 وكنز العمال ج1 ص99 والسير الكبير للشيباني ج2 ص482.
([31]) راجع: معاني الأخبار ص52 و 118 وعيون أخبار الرضا ج2 ص85 و (ط أخرى) ج1 ص91 والبرهان (تفسير) ج1 ص369 عن الفائق للزمخشري، وعن ابن شهرآشوب. والميزان (تفسير) ج4 ص357 عنه وعن العياشي. ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص235 وعلل الشرائع ج1 ص127 والأمالي للصدوق = = ص65 و 411 و 755 وكمال الدين وتمام النعمة ص261 وروضة الواعظين للفتال النيسابوري ص322 وخاتمة المستدرك للنوري ج5 ص14 والغارات للثقفي ج2 ص717 و 745 ومائة منقبة لمحمد بن أحمد القمي ص46 و 47 وكنز الفوائد ص186 والمناقب لابن شهرآشوب ج2 ص300 والعمدة لابن البطريق ص345 وسعد السعود للسيد ابن طاووس ص275 والصراط المستقيم ج1 ص242 و 243 والمحتضر لحسن بن سليمان الحلي ص35 وكتاب الأربعين للشيرازي ص47 والبحار ج16 ص95 و 364 وج23 ص128 و 259 وج26 ص264 و342 وج36 ص6 و 9 و 11 و 14 و 255 وج38 ص92 و 152 وج39 ص93 وج40 ص45 و 53 وج66 ص343 وج71 ص116 وج108 ص320 و 376 وج109 ص10 وج110 ص36 وكتاب الأربعين للماحوزي ص238 وشرح الزيارة الجامعة للسيد عبد الله شبر ص43 والمراجعات ص286 ومستدرك سفينة البحار ج1 ص40 و 41 وج2 ص393 وج9 ص264 وج10 ص445 ونهج السعادة ج7 ص156 و 158 والإمام علي «عليه السلام» لأحمد الرحماني ص76 و 787 ومسند الإمام الرضا «عليه السلام» ج1 ص80 و 221 ودرر الأخبار ص244 و 272 وتفسير أبي حمزة الثمالي ص159 و200 و 413 وتفسير الإمام العسكري «عليه السلام» ص330 و 331 و 645 والتفسير الصافي ج1 ص150 وج4 ص 165 و166 وج5 ص52 والتفسير الأصفى ج2 ص984 وتفسير نور الثقلين ج4 ص237 و 238 وتفسير كنز الدقائق ج1 ص286 وج4 ص357 ومفردات غريب القرآن ص7 وإختيار معرفة الرجال ج1 ص233 وبشارة المصطفى لمحمد بن علي الطبري ص97 و 254 ونهج الإيمان لابن جبر ص625 و 629 وتأويل الآيات لشرف الدين الحسيني ج1 ص74 و 128 وينابيع المودة ج1 ص370.
([32]) الآية 10 من سورة الحجرات.
([33]) المغازي للواقدي ج2 ص783 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص205 وتاريخ مدينة دمشق ج23 ص453 والبحار ج21 ص108 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص260 و 271 .
([34]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص201 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص257.
([35]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص201 وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص71 والبحار ج21 ص100 و 101 ومجمع البيان ج10 ص554 و 555 والمغازي للواقدي ج2 ص782 و 783 وتاريخ الخميس ج2 ص77 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص257 وزاد المسير ج3 ص272 والطبقات الكبرى ج2 ص134.
([36]) تاريخ الخميس ج2 ص77 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص258 وزاد المسير ج3 ص272 والطبقات الكبرى ج2 ص134.
([37]) السيرة الحلبية ج3 ص71 عن الإمتاع، والمغازي للواقدي ج2 ص782 و 783 وراجع: فتوح البلدان ج1 ص41 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص257 والجامع لأحكام القرآن ج8 ص87.
([38]) السيرة الحلبية ج3 ص71 عن الإمتاع، والمغازي للواقدي ج2 ص782 و 783 وراجع: تفسير الميزان ج5 ص37 وتفسير العياشي ج1 ص263 والكافي ج8 ص327 وشرح أصول الكافي ج12 ص455 والبحار ج19 ص172 والتفسير الصافي ج1 ص480 والتفسير الأصفى ج1 ص228 وتفسير نور الثقلين ج1 ص529 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص564.
([39]) المغازي للواقدي ج2 ص783 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص205 وتاريخ مدينة دمشق (ط دار الفكر) ج23 ص453 و (ط دار الكتب العلمية) ج25 ص284 وكنز العمال ج10 ص511 والبحار ج21 ص108 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص260 و 271 وجامع الأحاديث والمراسيل ج20 ص171.
([40]) البحار ج21 ص124 و 125 عن إعلام الورى ج1 ص215 .
([41]) الآية 217 من سورة البقرة.
([42]) شرح النهج للمعتزلي ج17 ص257 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص201.
([43]) تقدمت مصادر ذلك في النص المتقدم.
([44]) المغازي للواقدي ج2 ص783 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص205 وتاريخ مدينة دمشق (ط دار الفكر) ج23 ص453 و (ط دار الكتب العلمية) ج25 ص284 وكنز العمال ج10 ص511 والبحار ج21 ص108 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص260 و 271 .
([45]) راجع: البحار ج21 ص126 عن مناقب آل أبي طالب ج1 ص177 وعن إعلام الورى ج1 ص217 والأنوار العلوية للنقدي ص199.
([46]) الآية 179 من سورة البقرة.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page