• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الرابع: جيوش تجتمع.. والهدف مجهول

استشارة أبي بكر وعمر في أمر مكة:

عن محمد بن الحنفية ـ رحمه الله ـ عن أبي مالك الاشجعي قال: «خرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» من بعض حجره، فجلس عند بابها. وكان إذا جلس وحده لم ياته أحد حتى يدعوه، فقال: «ادع لي أبا بكر».
فجاء، فجلس أبو بكر بين يديه، فناجاه طويلاً، ثم أمره فجلس عن يمينه.
ثم قال: «ادع لي عمر».
فجاء فجلس إلى أبي بكر، فناجاه طويلاً، فرفع عمر صوته، فقال: «يا رسول الله، هم رأس الكفر، هم الذين زعموا أنك ساحر، وأنك كاهن، وأنك كذاب، وأنك مفتر»، ولم يدع عمر شيئاً مما كان أهل مكة يقولونه إلا ذكره.
فأمره أن يجلس إلى الجانب الآخر، فجلس أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله.
ثم دعا الناس، فقال: «ألا أحدثكم بمثل صاحبيكم هذين»؟
فقالوا: نعم يا رسول الله.
فأقبل بوجهه إلى أبي بكر، فقال: «إن إبراهيم كان ألين في الله تعالى من الدهن اللين».
ثم أقبل على عمر، فقال: «إن نوحاً كان أشد في الله من الحجر، وإن الأمر أمر عمر، فتجهزوا وتعاونوا».
فتبعوا أبا بكر، فقالوا: يا أبا بكر، إنَّا كرهنا أن نسأل عمر عما ناجاك به رسول الله «صلى الله عليه وآله».
قال: قال لي: كيف تأمرني في غزو مكة؟
قال: قلت: يا رسول الله!! هم قومك، حتى رأيت أنه سيطيعني.
ثم دعا عمر، فقال عمر: هم رأس الكفر، حتى ذكر له كل سوء كانوا يقولونه. وأيم الله، وأيم الله، لا تذل العرب حتى تذل أهل مكة، وقد أمركم بالجهاد ليغزو مكة»([1]).
ونقول:
إننا نشك في هذه الاستشارة، حيث سيأتي: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أمر عائشة بتجهيزه، وأن أبا بكر لم يكن يعلم بشيء، حتى أخبرته ابنته.
وقد اعتذر الحلبي عن ذلك: بأن الاستشارة قد وقعت بعد أمره لعائشة بذلك([2]).
وهو اعتذار غير مقبول.. إلا إذا كانت الاستشارة صورية، تهدف إلى تأليف أبي بكر، أو أنه أراد أن يكشف دخيلته للناس.
وقد يؤيد ذلك: ما ذكره من أنه أشار بعدم السير، وقوله: هم قومك([3]).
إذ كيف يرى رسول الله «صلى الله عليه وآله» يتجهز ويأمر بذلك، ثم يشير عليه بخلاف ما عزم عليه، فهل يرى أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يفعل ما يفعل من عند نفسه؟! أم أنه يرى نفسه فوق الوحي، وفوق رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!

أبو بكر يفشي سرّ رسول الله :

ومع غض النظر عما تقدم، نقول:
أولاً: إن هذه الرواية قد تضمنت إقدام أبي بكر على أمر غير مقبول منه تجاه رسول الله «صلى الله عليه وآله».. فهو قد أفشى سرّاً ائتمنه عليه.
وذلك لأن الرواية تقول: إنه «صلى الله عليه وآله» جلس على انفراد، ثم استدعاه إليه، وناجاه بسرِّه هذا، ثم ناجى به عمر بن الخطاب، ثم دعا الناس للجلوس إليه، ثم كلمهم بكلام لا يشي بشيء من حقيقة وجهة سيره، باستثناء قوله: «تجهزوا وتعاونوا».
فما معنى: أن يخبرهم أبو بكر بأمر كتمه عنهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
وأين يقع التصرف الخاطئ هذا من موقف فاطمة الزهراء بنت رسول الله «صلوات الله وسلامه عليه وعليها وعلى آلهما الطيبين الطاهرين» مع عائشة بنت أبي بكر، حين أقبلت فاطمة إليه، فأجلسها عن يمينه، ثم أسرَّ إليها بأمر فبكت، ثم أسرَّ إليها بآخر فضحكت، فسألتها عائشة عما قال «صلى الله عليه وآله».
فقالت «عليها السلام»: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وقد استمرت على كتمان هذا السرّ حتى قبض «صلى الله عليه وآله»([4]).
ومن جهة أخرى، سيأتي بعد صفحات يسيرة: أن عائشة تفشي هي الأخرى سرَّ رسول الله «صلى الله عليه وآله» في نفس غزوة الفتح أيضاً؛ فإنه «صلى الله عليه وآله» قال لها: جهزينا واخفي أمرك..
فهي بمجرد أن دخل عليها أبوها وسألها قائلاً: أمركن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بتجهيزه؟!
قالت: نعم.
وعلينا أن نقارن بين موقف الزهراء «عليها السلام» الآنف الذكر مع عائشة نفسها!! وبين ما فعله أبو بكر وعائشة بإقدامهما على إفشاء سرّ رسول الله «صلى الله عليه وآله»، رغم التفاوت الكبير بين هذا السرّ وذاك.
فسرُّ الزهراء «عليها السلام» يرتبط بأمر شخصي يعود إليه «صلى الله عليه وآله»، ولكن السرَّ الذي أفشاه أبو بكر وعائشة يرتبط بالأمة بأسرها وبالدين كله..
ثانياً: إذا كان «صلى الله عليه وآله» قد دعا عمر ليناجيه، فلماذا يرفع عمر صوته بكلام صريح بما يدور الحديث حوله؟؟ وهل رضي «صلى الله عليه وآله» منه ذلك؟! فإن كان قد رضيه، فما معنى المناجاة به؟!
وإن كان قد سخط ذلك وردعه عنه، فلماذا لم يرتدع، بل استمر رافعاً صوته يعدِّد أقوال أهل مكة فيه «صلى الله عليه وآله»؟!
وإن كان لم يردعه عن أمر قد سخط هذا الإعلان به فلماذا ناجاه به؟! أم أنه عدل عن إرادة كتمان ما ناجاهم به؟ وما هو السبب في هذا العدول؟ هل خاف من عمر؟! أم أنه أراد أن يظهر جرأة عمر، وسوء فعله؟!
ثالثاً: إذا كان عمر قد ارتكب هذه المخالفة الظاهرة لمقاصد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فلماذا أطراه ذلك الإطراء الكبير، حتى اعتبره مثل نبي الله نوح «عليه السلام»؟!
رابعاً: إذا كان عمر قد رفع صوته معدداً أفاعيل أهل مكة، فأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالتجهز والتعاون، معتبراً أن الأمر أمر عمر، فإن الأمر سيصبح واضحاً للناس، ولم يعودوا بحاجة إلى سؤال أبي بكر عما ناجاه به النبي «صلى الله عليه وآله»، فإن الكل سوف يفهم: أن الأمر مرتبط بأهل مكة، وأن التجهيز والتعاون هو لأجل إنجاز هذا الأمر.
لأن المفروض هو: أن موقف عمر وموقف أبي بكر متخالفان في أمر واحد، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قد اختار قول عمر..
خامساً: لماذا اختار رسول الله «صلى الله عليه وآله» قول عمر، وترك ما قاله أبو بكر. مع أن أبا بكر ـ حسب زعم الرواية ـ قد أشبه إبراهيم الخليل، الذي كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» مأموراً بالعمل بشريعته «عليه السلام»، فقد قال تعالى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ}([5]).
سادساً: إنه إذا كان إبراهيم «عليه السلام» ألين في الله من الدهن اللين، فهل لم يكن أشد في الله من الحجر الصلد أيضاً؟! فيضع الأمور في مواضعها، فيشتد حين يقتضي الأمر الشدة، ويلين حين يوجب الأمر اللين؟!
ونفس السؤال يرد بالنسبة لنوح «عليه السلام»..
وأما إذا كان إبراهيم «عليه السلام» ليناً فقط، ولا يشتد حين يكون المطلوب هو الشدة، وكان نوح شديداً، ولا يلين حين يقتضي الأمر اللين، فذلك يعني: أنهما غير متصفين بصفات أهل الإيمان، وأنهما لا يعملان بشرع الله، ولا يراعيان المصالح، ولا يتصفان بأدنى درجات الحكمة والعصمة، فهما لا يستحقان درجة النبوة، لأنهما يفقدان صفات أهل الإيمان من الأساس.
فهل نريد أن نمدح أبا بكر وعمر بقيمة ذم الأنبياء، ونسبة هذه النقائص إليهم؟!

ذل العرب.. وذل أهل مكة:

واللافت هنا: ما نسبوه إلى أبي بكر من القَسَمِ المتكرر حول أمر لا يصح ولا يجوز أن يدخل في دائرة أهداف الأنبياء «عليهم السلام»، فقد قال أبو بكر: «.. وأيم الله، وأيم الله، لا تذل العرب حتى تذل أهل مكة. وقد أمركم بالجهاد ليغزو مكة..».
إن هدف الأنبياء «عليهم السلام» لا يمكن أن يكون إذلال أحد من الناس، بل مرادهم هو إخراج الناس من ذل العبودية للأهواء والشهوات، ومن ذل عبادة الأصنام والشرك إلى العز بالإسلام، ولا يمكن أن يريد النبي «صلى الله عليه وآله» ذل العرب، بل هو يريد ذل الشرك، والكفر، والانحراف. ولا يريد ذل أهل مكة، بل يريد لهم أن يحترموا أنفسهم، وعقولهم، أن يشعروا بالكرامة الإلهية، وبالتكريم الرباني..
حديث فاطمة عليها السلام كان في عام الفتح أيضاً:
عن أم سلمة: أن النبي «صلى الله عليه وآله» دعا فاطمة عام الفتح، فناجاها فبكت، ثم حدثها فضحكت.
قالت: فلما توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله» سألتها عن بكائها وضحكها.
قالت: أخبرني رسول الله «صلى الله عليه وآله» أنه يموت فبكيت، ثم أخبرني أني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران، فضحكت([6]).
ولكن قال في بعض الروايات: إن ذلك كان بعد الفتح([7]).
ونقول:
1 ـ تقدم: أن هذه الرواية قد رويت عن عائشة أيضاً، وأنها هي التي حاولت استنطاق وحمل فاطمة «عليها السلام» على إفشاء سرِّ النبي «صلى الله عليه وآله» حين ناجاها، فقالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وفي بعض نصوص الحديث: أنه «صلى الله عليه وآله» قال لها: إنها أول أهل بيته لحوقاً به فضحكت.. وجمعت بعض الروايات بين العبارتين([8]).
ولا مانع من أن يتكرر الحدث تارة مع أم سلمة، وأخرى مع عائشة، فتسأل كل واحدة منهما الزهراء «عليها السلام» بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله» وتسمع الجواب..
كما أنه لا مانع من حدوث هذا الأمر أكثر من مرة، وأكثر من زمان.
ويحتمل أن تكون أم سلمة قد ذكرت جزءاً من الجواب، وذكرت عائشة الجزء الآخر.
ولا مانع من أن تذكر عائشة كلا الجزأين من جواب النبي «صلى الله عليه وآله» لفاطمة «عليها السلام»، أو احدهما في مجالس مختلفة.
2 ـ إن بعض نصوص هذه الحادثة يقول: إنه «صلى الله عليه وآله» قد ذكر لفاطمة «عليها السلام» أن جبرئيل قد عارضه بالقرآن مرتين في ذلك العام، ليدل بذلك على قرب وفاته «صلى الله عليه وآله»، وهكذا كان..
وهذا يخالف رواية أم سلمة السابقة، التي تذكر أن هذه القضية قد حصلت عام الفتح، أي في السنة الثامنة للهجرة، في حين أنه «صلى الله عليه وآله» قد توفي في آخر السنة العاشرة، بناء على أن أول السنة هو ربيع الأول، أو في أوائل السنة الحادية عشرة بناء على أن ابتداء السنة الهجرية هو شهر محرم.
ولكننا ذكرنا: احتمال أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد ناجى فاطمة الزهراء «عليها السلام» في هذا الأمر أكثر من مرة، لحكمة اقتضت ذلك..
3 ـ إن استثناء مريم بنت عمران ممن تكون فاطمة «عليها السلام» سيدتهن قد ورد في بعض نصوص هذا الحديث دون سائرها.. فهل نسي الرواة هذه الفقرة؟ أم أنهم أهملوها عمداً، لعلمهم بأنها لم تكن في الحديث من الأساس؟
إننا نرجح الاحتمال الثاني، وذلك لما يلي:
ألف: إن الأحاديث الدالة على أن فاطمة سيدة وأفضل نساء أهل الجنة على الإطلاق، متواترة.. وقد وردت في مناسبات كثيرة ومتنوعة، وفي موارد أخرى غير مورد مسارّة النبي «صلى الله عليه وآله» لفاطمة «عليها السلام».
ب: إن بعض نصوص الحديث قد صرحت: بأنها «عليها السلام» سيدة نساء العالمين([9]). ويدل ذلك على عدم استثناء مريم منهن.
ج: إن الروايات دلت على: أن مريم بنت عمران سيدة نساء عالمها، أما السيدة الزهراء «عليها السلام» فهي سيدة نساء العالمين، من الأولين والآخرين([10]).
ويؤيد ذلك: الروايات الكثيرة جداً التي تقول: إنها «عليها السلام» سيدة نساء أهل الجنة([11]). فإن أكثرها لم يستثن مريم «عليها السلام» حسبما تقدم.
وأما الرواية التي ذكرت: أنه «صلى الله عليه وآله» قد قرر أنها سيدة نساء العالمين، فسألته «عليها السلام» عن موقع مريم في هذه الحالة، فقال: لها «صلى الله عليه وآله»: تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك([12])، فهي متناقضة في نفسها، إذ لا ينسجم قوله «صلى الله عليه وآله» لها «عليها السلام»: إنها سيدة نساء العالمين، مع قوله لها: أنت سيدة نساء عالمك.
وهذا يؤكد: أن الصحيح هو حذف العبارة الأخيرة ليستقيم المعنى.
وذلك ظاهر لا يخفى.

جهزينا، وأخفي أمرك:

ورووا: أن النبي «صلى الله عليه وآله» مكث بعد خروج أبي سفيان ما شاء الله أن يمكث، ثم قال لعائشة: جهزينا، وأخفي أمرك([13]).
وقال: «اللهم خذ على أسماعهم وأبصارهم، فلا يرونا إلا بغتة، ولا يسمعون بنا إلا فجأة»([14]).
وفي نص آخر أنه قال: «اللهم خذ العيون والأخبار على قريش، حتى نبغتها في بلادها»([15]).
وكان قد بنى الأمر في مسيره إليها على الاستسرار بذلك([16]).

عائشة تفشي سر النبي :

ودخل أبو بكر على عائشة وهي تحرك بعض جهاز رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: أمركن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بتجهيزه؟
قالت: نعم، فتجهز.
قال: فأين ترينه يريد؟
قالت: لا والله ما أدري([17]).
قال: ما هذا زمان غزو بني الأصفر، فأين يريد؟
قالت: لا علم لي([18]).
ودخل عليه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: يا رسول الله، أردت سفراً؟
قال: نعم.
قال: فأتجهز؟!
قال: نعم.
قال: فأين تريد يا رسول الله؟!
قال: قريشاً. وأخفِ ذلك يا أبا بكر([19]).
«وفي رواية: أن أبا بكر قال: يا رسول الله، أتريد أن تخرج مخرجاً؟!
قال: نعم.
قال: لعلك تريد بني الأصفر؟!
قال: لا.
قال: أفتريد أهل نجد؟!
قال: لا.
قال: فلعلك تريد قريشاً؟
قال: نعم.
قال: يا رسول الله، أليس بينك وبينهم مدة؟
قال: أولم يبلغك ما صنعوا ببني كعب؟ يعني خزاعة»([20]).
وأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالجهاز، قال: أوليس بيننا وبينهم مدة؟!
قال: قال: إنهم غدروا، ونقضوا العهد، فأنا غازيهم.
وقال لأبي بكر: اطوِ ما ذكرت لك.
فظان يظن أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يريد الشام، وظان يظن ثقيفاً، وظان يظن هوازن([21]).
ولنا مع ما تقدم عدة وقفات نسوقها على النحو التالي:

للمباغتة وجهان:

للمباغتة وجهان: وجه سيء، ووجه حسن، فمن يريد أن يباغت عدوه ليتمكن من إهلاكه، وسحق كل قدراته، وتدمير كل نبضات الحياة لديه، يعتبر المباغتة فرصة للتخريب، والتدمير والاستئصال، والتنفيس عن الحقد، والتشفي، والانتقام الوحشي الذي لا يقف عند حد، فهذا الانتقام سيء وقبيح، وكذلك المباغتة التي هيأت له..
وهناك المباغتة التي يمارسها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويريد منها أن يهييء الجو لإلحاق هزيمة نفسية تتلاشى معها رغبة الطرف الآخر بالقتال، ويواجه أجواء الفشل والإحباط، ويدفعه إلى السعي لإنهاء المعركة، والخروج من أجوائها الضاغطة، فتنتج تلك المباغتة السلامة، والنجاة، وصيانة المال والعرض، وربما يحتفظ بالكرامة والجاه، وفق ما تسوقه إليه إرادته، ويهديه إليه عقله، وتهيئه له اختياراته.
وخير دليل على ما نقول: هذا الذي جرى في فتح مكة، فإن عنصر المباغتة في الفتح كان ظاهراً وواضحاً كالنار على المنار وكالشمس في رابعة النهار، مع أن مبرررات الانتقام كانت حاضرة، والقدرة عليه ظاهرة، فقد نكثوا العهد، وقتلوا الأبرياء من الصبيان، والنساء، والرجال الضعفاء، وجحدوا ذلك وأنكروه، وسعوا إلى إبطال حق ضحاياهم بوسائل ماكرة، ظهرت بعض معالمها فيما تقدم من فصول..
فكان لا بد من إسقاط هيمنة الظالمين، وكف أيدي العتاة المتجبرين لإفساح المجال لعباد الله ليتنفسوا نسيم الحرية، وليخرجوا من أسر أولئك الطواغيت إلى كنف رعاية الله، ويتفيأوا ظلال شرائعه وأحكامه، حيث يكون النبي «صلى الله عليه وآله» قائدهم، والحق رائدهم.
وهكذا كان.

مكث ما شاء الله:

وقد صرح النص المتقدم: بأن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يبادر إلى دعوة الناس للتجهز للمسير بمجرد دعوة الخيبة لأبي سفيان.. بل هو قد أهمل هذا الأمر مدة تكفي إلى غياب ما جرى لأبي سفيان عن ذاكرتهم، ثم أمرهم بالتجهز والاستعداد، فلم يفطنوا إلى الجهة التي يقصدها في مسيره ذاك..
ومن شأن جهلهم بمقصده أن يفوت الفرصة على محبي قريش، والمتعاملين معها، فلا يتمكنون من إنذارها في وقت مبكر لكي تأخذ حذرها وتستعد للقتال، أو أن تزداد تحصُّناً وتمنُّعاً يقلل من تأثُّرها بالحشد الذي أعده، وبالعدة التي هيأها..

التجهيز لسفر مبهم:

ثم إن النص المتقدم يقول: إنه «صلى الله عليه وآله» قال لعائشة: جهزينا وأخفي أمرك..
أي أنه «صلى الله عليه وآله» يريد منها أن تخفي أصل التجهز، والاستعداد لسفر لم يحدده لها ولا عرَّفها طبيعته، هل هو سفر للحرب؟ أو لزيارة منطقة بعينها؟ أو لأي غرض آخر..
والذي نريد أن نستوضحه هنا هو: أنها إذا كان المطلوب منها إخفاء نفس التهجيز له، فهذا يدل على أنه يريد سفراً لا يعرف به أحد، فهل يريد أن يسافر وحده «صلى الله عليه وآله» دون سائر المسلمين؟!
وربما يمكننا أن نجيب على هذا التساؤل بتقديم أحد احتمالين ، ربما يكون أحدهما أو كلاهما هو السبب.
الإحتمال الأول: أن يكون الغرض هو إخفاء هذا الأمر عن أناس بأعيانهم، لهم نوع اتصال قريب بها، لعله يخشى من أن يبادروا إلى إعلام قريش بالأجواء التي استجدت في المدينة، تماماً كما حصل في قضية حاطب بن بلتعة الآتية، حيث بادر بالكتابة لقريش بمجرد أن علم بتهيؤ المسلمين لغزو مّا، رغم أنه لم يعلم المقصود بالغزو أصلاً..
الإحتمال الثاني: أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد اراد تقديم نموذج من معاناته، ليعرف الناس عظمة صبره ودقة ملاحظته، وصحة تدبيره الذي انتهى بذلك الفتح العظيم..
فإنه إذا كانت زوجة الرسول لم تستطع كتمان هذا الأمر لمدة ساعة أو ساعات، حتى أفشته لأبيها، رغم توصية رسول الله «صلى الله عليه وآله» لها، فما بالك بسائر الناس وكيف سيتصرفون عندما يظهر لهم طرف من هذا الأمر؟!
وثمة احتمال ثالث يمكن أن ندرجه في دائرة مقاصده أيضاً، وهو أن يعطينا «صلى الله عليه وآله» درساً في الحيطة والحذر في مثل هذه الأمور، حتى من أقرب الناس، وهذا درس مفيد وجليل وسديد، لا بد من التوفر على مضامينه بحرص وإتقان.

نجاح الخطة:

يظهر جلياً من النصوص المتقدمة كيف أن الذين حاولوا التكهن بمقصده «صلى الله عليه وآله» لم يخطر على بال أحد منهم أنه يقصد مكة، بل ذهب وهمهم إلى الشام، وثقيف، وهوازن.
كما أن أبا بكر قد قلَّب احتمالات عديدة، مثل أن يغزو أهل نجد، أو بني الأصفر، وكان آخر ما زعموا أنه خطر على باله هو غزو قريش، مع استبعاد قوي منه لهذا الاحتمال، مدعَّم بالاستدلال، بأنه كيف يغزوهم وبينه وبينهم مدة وعهد؟!
ومن غير الطبيعي كتمان أمر عن أمة بأسرها، يستنفر منها عشرة آلاف مقاتل ليعالجوا نفس هذا الأمر المكتوم، مع كثرة الموتورين والحاقدين في المنطقة، ومع وفرة المنافقين المتربصين. بالإضافة إلى الذين يبحثون عما يفيدهم في مصالحهم الشخصية، أو القبلية، أو غيرها..
وخفاء هذا الأمر الخطير إلى هذا الحد، وفي ظروف كهذه، وفي هذا المحيط بالذات يعد من أعظم الإنجازات، ومن أجلِّ التوفيقات، ويدلل على التدبير الحكيم، والضبط الدقيق للأمور من قبل رسول الله «صلى الله عليه وآله»..

الأخذ على الأسماع والأبصار:

لا يريد النبي «صلى الله عليه وآله» بدعائه الله بأن يأخذ على أسماع وأبصار أعدائه أن يتدخل الله سبحانه بإعمال إرادته التكوينية، ويفعل بهم ذلك بصورة قاهرة.. لأن هذا ظلم لهم، {وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}..
بل هو يطلب منه تعالى: أن يتصرف في خارج دائرة اختيار أولئك المشركين، فيؤيد المؤمنين بالتوفيقات والعنايات، والألطاف الإلهية، وبالتدبيرات الصحيحة، ويفتح أبواب أفهامهم لسد الفرج، والإمساك بالأمور بحيث لا يتمكن أحد من إيصال أي خبر عن حقيقة ما يجري داخل المجتمع الإسلامي إلى معسكر الكفر والبغي والعدوان..
وهذا ما حصل بالفعل..
ولهذه المباغتة تأثيرات هامة على صعيد حسم الأمور لصالح أهل الإيمان، من حيث إن ذلك يمثل فشلاً روحياً، وإحباطاً كبيراً لدى الأعداء..
وهو يفقدهم القدرة على الإعداد والإستعداد، وإيقاظ الهمم، وشحذ العزائم، ولا يبقي لهم الفرصة لرسم الخطط القتالية، والاستفادة من عنصر المفاجأة في المواقع المختلفة..
ثم إن جعل زمام المبادرة بيد أهل الإيمان من شأنه أن يجعل الأمور تسير باتجاه اتخاذ القرارات الحكيمة والمنصفة، والتدبيرات المؤثرة في حسم الأمور بأقل قدر ممكن من الخسائر..

حتى نبغتها في بلادها:

ومن الواضح: أن مجرد أن يراك عدوك تطأ أرضه، وتحل في بلاده يجعله في موقع الدفاع بصورة تلقائية، ويضطره ذلك إلى الإحساس الداخلي بأن ثمة درجة من الهزيمة والخسارة قد حاقت به، وذلك يؤثر على روحه، ويطامن من عنفوانه، ويخفف من عنجهيته.
كما أنه يعطيك درجة من الهيمنة على الموقف، ويبعث فيك قدراً من الطموح، ويثير فيك حالة من العنفوان والقوة.
ولعل هذا وذاك هو ما يفسر لنا قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «حتى نبغتها في بلادها» حسبما تقدم.

لماذا الحديث عن قريش دون بني بكر؟!:

ويلاحظ: أنه «صلى الله عليه وآله» قد ركز حديثه على قريش، دون بني بكر، مع أن بني بكر هم الذين ارتكبوا الجريمة، ودعوا قريشاً لمشاركتهم ومعاونتهم فيها، فسارع عدد من زعمائها إلى تلبية الطلب.. فلماذا يخصصها «صلى الله عليه وآله» بالذكر دونهم يا ترى؟!
ونقول في الجواب:
إن رأس الطغيان في المنطقة العربية كلها، وحامي حمى البغي والظلم والتعدي هو قريش.. ولولاها لم يجرؤ بنو بكر على مهاجمة خزاعة، ويكفي مانعاً ورادعاً عن ذلك معرفتهم بحلف خزاعة مع رسول الله «صلى الله عليه وآله»
ولذلك سعى بنو نفاثة إلى إشراك قريش في هذا الأمر..
فاستئصال كبرياء قريش، وكسر جبروتها الظالم يكفي لمنع تكرار مثل هذه الجرائم..

أبو بكر وعائشة في مأزق:

وقد يعتذر البعض عن إفشاء عائشة السرّ الذي أمرها رسول الله «صلى الله عليه وآله» بإخفائه، فبادرت إلى إفشائه لأبيها عند أول سؤال وجهه إليها ـ يعتذر ـ بأنها لم تفش السر لرجل غريب، بل هو أبوها المقرَّب جداً من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، والذي يعد من أهل البيت، وكانت تقطع برضى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بإطلاعه على ما هو أهم من هذا..
ونجيب بما يلي:
أولاً: لو كان هذا صحيحاً لبادر رسول الله «صلى الله عليه وآله» نفسه إلى إعلام أبي بكر بالأمر.
ثانياً: هذا اجتهاد في مقابل النص، فإن النبي «صلى الله عليه وآله» قد نص صراحة على لزوم إخفاء هذا الأمر، فلا معنى، ولا يقبل اجتهاد عائشة في مقابل هذا النص.
ثالثاً: إن قضايا الحرب والسلم قد تطوى عن أقرب الناس، وتبيَّن وتفصّل للبعداء لأسباب تعود إلى طبيعة الحرب واقتضاءاتها..
ومن كلام علي «عليه السلام» لأصحابه: «ألا وإن لكم عندي أن لا أحتجز (أحجبن) دونكم سراً إلا في حرب، ولا أطوي دونكم أمراً إلا في حكم»([22]).
وقد يكون القريب ثرثاراً، والبعيد كتوماً. وفي غير هذه الصورة أيضاً قد يثق القريب بمن لا يؤمن من اتصاله بالعدو، وإخباره بما يجري..
بل قد يكون للقريب ما يدعوه إلى مباشرة ذلك بنفسه.. وقد.. وقد..
رابعاً: إن نفس انصراف الرسول «صلى الله عليه وآله» عن إخبار أبي بكر بهذا الأمر يضع علامة استفهام كبيرة حول صحة ما يدعونه من تقريب من رسول الله «صلى الله عليه وآله» له. فضلاً عن أن يعدَّ من أهل بيته..
وبعد هذا كيف يمكن ادِّعاء أنها كانت تقطع بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» يرضى منها بإخباره بالأمر، فإن هذا من الأمور القلبية التي لا يعرفها إلا علام الغيوب..
خامساً: بالنسبة لقرب أبي بكر من رسول الله «صلى الله عليه وآله» نقول:
إن ثمة فرقاً بين قرب يأتي من إصرار أبي بكر على حشر نفسه في مجالس النبي «صلى الله عليه وآله»، ومثابرته على نسبة نفسه إليه، وسعيه إلى التحدث باسمه، وإظهار قربه منه.. و.. و.. الخ.. وبين تقريب النبي «صلى الله عليه وآله» له، والدال على محبته «صلى الله عليه وآله» له، وثقته به.. والذي يمكن التسليم به لأبي بكر هو الأول. أما الثاني، فلا مجال لإثباته.
بل هناك دلائل وشواهد تصب في عكس هذا الاتجاه، ومنها: هذه القضية بالذات، حيث إن عدم إخبار النبي «صلى الله عليه وآله» له ولو بمقدار ما اطلع عليه عائشة يضع علامة استفهام كبيرة حول أصل ثقته به، واعتماده عليه..

أبو بكر يصر على النبي إلى حد الإحراج:

وقد رأينا في الروايات المتقدمة: حرص أبي بكر على معرفة كنه الأمر، ولا يكتفي بتوجيه عدة أسئلة إلى ابنته، مثل:
أمركن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بتجهيزه؟!
أين ترينه يريد؟!
ما هذا زمان غزو بني الأصفر، فأين يريد؟!
بل هو يوالي الأسئلة على رسول الله «صلى الله عليه وآله».. ويسمع أجوبة مقتضبة، من شأنها أن تعرّفه: أنه لا يريد أن يبوح له بشيء. ولكنه يتابع الأسئلة، ويصر على معرفة حقائق الدقائق، ومن أسئلته:
أردت سفراً؟
فأتجهز؟
أتريد أن تخرج مخرجاً؟
فأين تريد يا رسول الله؟
لعلك تريد بني الأصفر؟
أفتريد أهل نجد؟
فلعلك تريد قريشاً؟
أليس بينك وبينهم مدة؟
ولم يكن من المصلحة: أن يأمره النبي «صلى الله عليه وآله» بالكف عن الأسئلة، فربما تذهب به الظنون مذاهب مخيفة، ولربما تسوقه الأوهام إلى تكهنات لو سمعها الآخرون منه لألحقت بالمسيرة ضرراً بالغاً..
ولكن الذي كنا سنرتاح كثيراً لو عرفناه هو:
1 ـ ألم يلتفت أبو بكر إلى أن النبي «صلى الله عليه وآله» لا يريد ان يعرّفه شيئاً مما عقد العزم عليه، حتى أصل أنه يريد سفراً؟ كما دل إخباره «صلى الله عليه وآله» عائشة دونه؟!
2 ـ وبعد أن عرف أن النبي «صلى الله عليه وآله» يريد سفراً، لماذا يصرّ على معرفة المقصد بدقة، كما ظهر من توجيهه كل تلك الأسئلة إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، وسماعه تلك الأجوبة المقتضبة؟! ألم يدرك أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ليس راغباً في البوح له بشيء؟ فلماذا يحرجه بأسئلته إذن؟!
3 ـ هل يمكن أن نستفيد من أسئلته لابنته عائشة، أنه لم يكن واثقاً من أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» سيخبره لو سأله، فحاول أن يستل بعض الأخبار منها، فلما أعياه ذلك توجه إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولم يزل يحرجه بالسؤال تلو السؤال حتى حصل على ما أراد!!
4 ـ ثم ما معنى أن يسأل ابنته عن الاحتمالات التي تراودها، فيما يرتبط بوجهة سير رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟ وماذا يفيده رأيها وحدسها، وأية قيمة تكون للحدسيات والتخمينات في أمور كهذه؟!

أليس بينك وبينهم مدة؟!:

وقد حضر أبو بكر أو سمع بمجيء عمرو بن سالم، وبديل بن ورقاء، وجماعة كبيرة إلى المدينة، وعرف منهم ما جرى لخزاعة على يد قريش وبني بكر.. ورأى أبا سفيان أيضاً حين جاء يريد خداع المسلمين، والمكر بهم وبرسول الله «صلى الله عليه وآله» للنجاة من تبعات نقض العهد..
وقد كان لأبي بكر نفسه نصيب من النشاط الذي أثاره أبو سفيان في هذا الاتجاه، وزعموا له موقفاً شديداً مميزاً تفرد به، ثم تابعه عليه زميله عمر بن الخطاب.
فما معنى اعتراضه على رسول الله «صلى الله عليه وآله» فيما عقد عليه العزم في قريش، وكيف يزعم أن بين النبي وبينهم عقداً وعهداً ومدة، وهو عالم بنقض قريش للعهد والعقد في أمر خزاعة؟!

السيطرة على المسالك:

وأمر رسول الله «صلى الله عليه وآله» جماعة أن تقيم بالأنقاب (وهي المسالك في الجبال).
وكان عمر بن الخطاب يطوف على الأنقاب، فيمرُّ بهم، فيقول: لا تدعوا أحداً يمر بكم تنكرونه إلا رددتموه .
لكن صاحب السيرة الحلبية نقل ذلك من قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»..
وكانت الأنقاب مسلَّمة إلا من سلك إلى مكة فإنه يتحفظ به، ويسأل عنه([23]).
ونقول:
1 ـ إن رصد الطرقات والمنافذ إلى مكة، ووضع الرجال على المسالك في الجبال بصورة دائمة من شأنه أن يزيد الأمور ضبطاً وانتظاماً، وأن يمنع من تسرب الأخبار إلى قريش، ولا أقل من أنه يحرج من يريد أن يفعل ذلك، ويربكه، ويحد من ميله لتعريض نفسه للفضيحة، لو كشف أمره..
2 ـ إن هذه القوات التي كلفت بمهمة حفظ الطرقات لم تكن تضايق أحداً من سالكي تلك الطرق، فقد ذكر النص المتقدم: أن الطرق مسلّمة، لا يعترض أحد فيها سبيل أحد إلا من سلك إلى مكة.
3 ـ وحتى من يريد مكة، فإنه لا يمنع من ذلك، وإنما يحتجز بمقدار ما يتأكد من أمره، فيسأل عنه.
4 ـ لعل المقصود بالسؤال عن السالك إلى مكة هو: مراجعة النبي «صلى الله عليه وآله» في أمره..
5 ـ إذا كان النبي «صلى الله عليه وآله» قد حدد لتلك القوات الراصدة والضابطة للطرقات مسؤوليتها، وهو أن لا يدعوا أحد اً يمر بهم ينكرونه إلا ردُّوه.. فلماذا يطوف عمر بن الخطاب على الأنقاب، ويطلب منهم نفس هذا الطلب، ويصدر لهم نفس هذا الأمر؟!
ولسنا نشك في: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد حدد لأولئك الرجال المهمة التي انتدبهم لها ـ حتى لو لم يذكر لنا الحلبي أو غيره مضمون كلامه «صلى الله عليه وآله» لهم ـ.
فتكرار هذا الكلام على مسامعهم من عمر لا يقدم ولا يؤخر، لأن هذه هي مهمتهم التي انتدبوا لها، وهم ينفذون أوامر النبي «صلى الله عليه وآله» لا أوامر عمر.. إلا إذا كان عمر يريد أن يوحي لهم: بأنه قرين رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ونظيره، وأوامره كأوامره، وطاعته كطاعته..
واللافت هنا: أننا لا نجد هذه الحركات وأمثالها لدى أي من الصحابة الآخرين إلا من عمر بن الخطاب.. وإن شاركه غيره في شيء من ذلك فستجد أنه يسير في نفس خطه، ومن القريبين منه، أو من أهل الصفاء عنده، وتربطهما أواصر مودة وإلفة..

إلى بطن إضم:

لما أراد رسول الله «صلى الله عليه وآله» المسير إلى مكة، بعث أبا قتادة بن ربعي إلى بطن إضم، ليظن الظان: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» توجه إلى تلك الناحية، وأن لا تذهب بذلك الأخبار([24]).
وأبان رسول الله «صلى الله عليه وآله» المسير إلى قريش([25]).
وأرسل إلى أهل البادية، ومن حولهم من المسلمين، يقول لهم: «من كان يؤمن بالله وباليوم الآخر فليحضر رمضان بالمدينة»([26]).
وهم أسلم وغفار، ومزينة وجهينة، وأشجع، وبعث إلى بني سليم.
فأما بنو سليم فلقيته بقديد، وأما سائر العرب فخرجوا من المدينة([27]).
وبعث رسلاً في كل ناحية حتى قدموا على رسول الله «صلى الله عليه وآله»([28]).
قالوا: «ودعا رئيس كل قوم، فأمره أن يأتي قومه، فيستنفرهم»([29]).
وقالوا أيضاً: لما عزم رسول الله «صلى الله عليه وآله» على فتح مكة ـ شرفها الله تعالى ـ كتب إلى جميع الناس في أقطار الحجاز وغيرها، يأمرهم أن يكونوا بالمدينة في شهر رمضان من سنة ثمان للهجرة، فوافته الوفود والقبائل من كل جهة([30]).
وقال حسان بن ثابت يحرض الناس ويذكر مصاب رجال خزاعة:
عـنـاني ولـم أشهد ببطحاء مكـة                رجـال بـنـي كـعـب تحـز رقـابهـا
بأيـدي رجـال لم يسـلوا سيوفهم                وقـتـلى كـثـير لـم تجـن ثـيـابهـــا
ألا ليت شعري هل تنالن  نصرتي               سـهـيل بن عمرو حرهـا وعقابهـا
فـلا تأمننهـا يـا ابـن أم مجـالـــد                 إذا احتلبت صرفـا وأعصل    نابهــا
ولا تجـزعـوا منهـا فـإن سيـوفنا                لهـا وقـعـة بالمـوت يـفـتح بابهـا([31])
قال ابن إسحاق: وقول حسان: بأيدي رجال لم يسلوا سيوفهم: يعني قريشاً، وابن أم مجالد: عكرمة بن أبي جهل([32]).
وعسكر رسول الله «صلى الله عليه وآله» ببئر أبي عنبة، وعقد الألوية والرايات. فكان في المهاجرين ثلاث رايات: راية مع علي، وراية مع سعد بن أبي وقاص، ثم ذكر الواقدي سائر الرايات([33]).
إشارة لما سبق:
ونقول:
قد تحدثنا في جزءٍ سابق عن سرية بطن إضم، فلا نرى حاجة للإعادة، ونكتفي بالإشارة إلى بضعة أمور هي التالية:

النفير العام:

إنه يبدو: أنه «صلى الله عليه وآله» قد استنفر جميع العرب، بدوهم وحضرهم، قريبهم وبعيدهم، مسلمهم وكافرهم، ربما لأنه أراد أن يؤكد لهم سقوط جميع حصون الشرك في المنطقة، وأنه لم يعد هناك مبرر للتعامل بجفاء، أو عداء.
وعليهم الاعتراف بهيمنة الإسلام وقدرته وقوته، إذ إنهم ليسوا هدفاً عسكرياً له، ولا هو يريد أن يبتلعهم، أو أن يستغلهم.
بل هو يريد أن يتعاون معهم على حل المشكلات، وان يقف إلى جانبهم في إقرار الأمن والسلام، ومنع الظلم والتعدي. إذ هو يدعوهم إلى نصرة المظلومين، ومحاربة الظالمين، الذين ينقضون العهود، ويبطشون بالصبيان، والنساء، والضعفاء.. فلماذا لا ينصرونه، ولا يكونون معه؟ فإن ذلك من مصلحتهم بلا ريب.
ويدل أنه قد جرى على استنفار جميع العرب، النصوص المتقدمة نفسها، بالإضافة إلى أنه في حرب خيبر، وفي غيرها، وهي حروب كبرى، وصعبة ومصيرية، لم يستطع حشد أكثر من ألف وخمس مائة مقاتل مقابل أكثر من عشرة آلاف مقاتل من الأعداء، كانوا مستقرين في حصونهم، ومستعدين للمواجهة.
ولكنه جمع في مؤتة ثلاثة آلاف مقاتل..
وقد قلنا: إن الظاهر هو: أنه قد نفر معه مئات من غير المسلمين أيضاً، لأنهم أدركوا: أن خطر ملك الروم عظيم وجسيم، فلا بد لهم من الدفع عن أنفسهم، وحفظ حوزتهم، كما تقدم.

الحضور إلى المدينة في شهر رمضان:

وقد كانت رسالته «صلى الله عليه وآله» إلى العرب هي: الطلب إليهم أن يحضروا إلى المدينة في شهر رمضان، ولم يبين لهم سبب هذا الطلب، ولا الغاية من حضورهم، فهل هو يحضرهم لإبلاغهم أمراً، أو لمشاورتهم فيه، أو للاتفاق معهم على شيء بعينه، أو لحرب أهل مكة، أو حرب غيرهم؟ إن ذلك لم تحدده لهم تلك الرسائل التي أرسلها إليهم..
وحتى بعد أن ظهر أن القصد هو التجمع للحرب، فإن الأمر بقي غائماً ومجهولاً لهم، إلى أن سار بتلك الجموع مسافات طويلة، ثم سلك طريق مكة..
ولم نجد منهم أي تمرد أو تململ أو ضيق من هذا القرار القاضي بحجب معرفة المقصد عنهم، بل ربما يكون ذلك قد أشعرهم بخطورة الأمر وأهميته، وهيأهم لمواجهة أي خيار يفرض عليهم بصبر وشجاعة.
وإن هذا يشير بلا شك إلى مدى تسليم الناس لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وثقتهم بتدبيره، رغم أنهم لم يكونوا كلهم ـ حسبما استظهرناه ـ من أهل الإيمان، والإسلام.

إبان المسير إلى قريش:

قد تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أمر عائشة بكتمان الأمر، وأمر أبا بكر بذلك أيضاً. وانه أرسل أبا قتادة إلى بطن إضم، ولم يعلمه بوجهة سيره لئلا تذهب بذلك الأخبار.
فما معنى قولهم هنا: إنه «صلى الله عليه وآله» أعلَم الناس أنه سائر إلى مكة، وأمرهم بالجد والتجهيز([34])؟.
أو قولهم: «أبان رسول الله «صلى الله عليه وآله» السير إلى قريش، وأرسل إلى أهل البادية الخ..»([35]).
ومما يؤكد التزام السرية في هذا الأمر قولهم: «.. وأمر «صلى الله عليه وآله» الناس بالجهاز وطوى عنهم الوجه الذي يريده وقد قال له أبو بكر: يا رسول الله، أوليس بيننا وبينهم مدة؟
قال: إنهم غدروا ونقضوا العهد. واطو ما ذكرت لك..»([36]).
يضاف إلى ذلك: أن رسالة حاطب بن أبي بلتعة لقريش تدل على أنه لم يكن على يقين من وجهة سيره «صلى الله عليه وآله»، حيث جاء فيها: «وإن محمداً قد نفر، فإما إليكم، وإما إلى غيركم».
أو جاء فيها: «قد آذن بالغزوة، ولا أراه إلا يريدكم»([37]).




([1]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص208 عن ابن أبي شيبة، ومسند أحمد ج3 ص398 والمصنف لابن أبي شيبة ج14 ص506 والسيرة الحلبية ج3 ص74.
([2]) السيرة الحلبية ج3 ص74.
([3]) السيرة الحلبية ج3 ص74.
([4]) صحيح البخاري (ط مطبعة الأميرية) ج4 ص203 وصحيح مسلم ج7 ص142 ومسند الطيالسي ص196 وطبقات ابن سعد ج8 ص26 وحلية الأولياء ج2 ص39 والخصائص للنسائي (ط دار التقدم بمصر) ص34 ومصابيح السنة (ط دار الخيرية بمصر) ج2 ص204 ومسند أحمد ج6 ص282 وأنساب الأشراف ج1 ص552 وصفة الصفوة (ط حيدرآباد) ج2 ص5 وطرح التثريب ج1 ص149 والمختار من مناقب الأخيار (ط دمشق) ص56 ونظم درر السمطين ص179 وتذكرة الخواص ص319 ومنتخب تاريخ ابن عساكر ج1 (ط الترقي بدمشق) ص298 والبداية والنهاية ج5 ص226 وجمع الفوائد ج2 ص233 وتكملة المنهل العذب المورود ج3 ص222 والثغور الباسمة (ط بمبي) ص13 وأشعة اللمعات في شرح المشكاة ج4 ص693 ووسيلة النجاة للمولوي ص228 ومرآة المؤمنين ص190 وأضواء على الصحيحين ص345 وفضائل الصحابة ص77 وسنن ابن ماجة ج1 ص518 ومسند أبي يعلى ج12 ص112 والمعجم الكبير ج22 ص419 وعن أسد الغابة ج5 ص522 والأوائل للطبراني ص84 وعن المصادر التالية: كتاب الأربعين للماحوزي ص314 وفتح الباري ج8 ص103 ومسند أبي يحيى الكوفي ص79 ومسند ابن راهويه ج5 ص7 وعن السنن الكبرى للنسائي ج5 ص96 و 146 والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص448 وسير أعلام النبلاء ج2 ص120 وكشف الغمة ج2 ص80 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص45.
([5]) الآية 123 من سورة النحل.
([6]) الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص368 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص248 وجامع الأصول (ط السنة المحمدية بمصر) ج10 ص84 ومشكاة المصابيح ج3 ص268 وينابيع المودة (ط إسلامبول) ص172 والرصف للعاقولي (ط مكتبة الأمل الكويت) ج1 ص281 وأشعة اللمعات ج4 ص714 وتفريح الأحباب (ط دهلي) ص408 ومرآة المؤمنين ص190 والمختار من مناقب الأخيار ص56 ومنتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج5 ص97 والثغور الباسمة (ط بمبي) ص13 وتيسير الوصول (ط نول كشور) ص59.
([7]) منتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج5 ص98 والمعجم الكبير ج22 ص422 وفضائل سيدة النساء لعمر بن شاهين ص20 وتاريخ دمشق ج33 ص269 وكنز العمال ج13 ص677 وتهذيب الكمال ج16 ص275 وشرح إحقاق الحق ج19 ص38 وج25 ص86.
([8]) راجع: البداية والنهاية ج2 ص61 وسعد الشموس والأقمار (ط التقدم بمصر سنة 1330 هـ) ص103والأنوار المحمدية ص150 وتجهيز الجيش ص98 عن ابن عساكر، وأرجح المطالب ص241 وسير أعلام النبلاء ج2 ص120 وطبقات ابن سعد ج2 ص28 وأنساب الأشراف ج1 ص552 والخصائص (ط التقدم بمصر) ص34 وصفة الصفوة (ط حيدرآباد) ج2 ص5 ومسند أحمد ج6 ص282 وطرح التثريب ج1 ص149 والمختار في مناقب الأخيار (ط دمشق) ص56 ونظم در السمطين ص79.
([9]) أرجح المطالب ص241 وتجهيز الجيش (مخطوط) ص96 وجامـع الأحاديث للسيوطي ج7 ص734 وأشعة اللمعـات في شرح المشكـاة (ط لكهنو) ج4  ص693 ووسيلة النجاة ص228 وعيون المعجزات ص51 ومناقب آل أبي طالب ج3 ص137 والطبقـات الكـبرى ج8 ص27 وأسد الغابـة ج5 ص522 وج8 ص266 واللمعة البيضاء للتبريزي ص46 وشرح إحقاق الحق ج10 ص30 وج25 ص48 وج33 ص295 والمسانيد لمحمد حياة الأنصاري ج2 ص72.
([10]) مقتل الحسين للخوارزمي ص79 وأمالي الصدوق (ط مؤسسة البعثة) ص78 و 175 و 575 وكمال الدين وتمام النعمة ص257 ومعاني الأخبار للصدوق ص107 ومن لا يحضره الفقيه ج2 ص573 وتهذيب الأحكام ج6 ص10 وروضة الواعظين ص100 و 149 وشرح الأخبار ج3 ص520 والمزار لابن المشهدي ص80 والفضائل لابن شاذان ص9 والمحتضر لحسن بن سليمان الحلي ص197 والشرف المؤبد ص54 ومناقب الإمام علي لابن المغازلي ص368 والصلاة في الكتاب والسنة للريشهري ص200 ودلائل الإمامة للطبري ص81 و 149 عن مشكل الآثار ج1 ص51، وعن حلية الأولياء ج2 ص42، وعن ذخائر العقبى ص43. وراجع: البحار ج28 ص38 وج37 ص85 وج43 ص24 و 26 و 49 و 78 و 172 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص246 وموسوعة أحاديث أهل البيت للنجفي ج9 ص11 وميزان الحكمة ج1 ص150 وتفسير نـور الثقلـين ج1 ص338 وتفسير كنز الدقائق ج2 ص85 = = وقاوس الرجال ج12 ص334 وبشارة المصطفى للطبري ص274 و 306 والعدد القوية ص227 وينابيع المودة ج2 ص298 واللمعة البيضاء التبريزي ص179.
([11]) راجع: كشف الغطاء (ط ق) ج1 ص18 والأمالي للصدوق ص178 وكفاية الأثر ص124 وكتاب سليم بن قيس ص236 و 427 والإختصاص للمفيد ص183 والأمالي للطوسي ص85 و 248 ومناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج3 ص104 و 105 و 164 والعمدة لابن البطريق ص384 و 388 عن صحيح البخاري ج5 ص29 باب مناقب فاطمة «عليها السلام» ومناقب أهل البيت للشيرواني ص229 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص233 ومسند أحمد ج5 ص391 وصحيح البخاري (دار الفكر) ج4 ص183 و 209 و 219 وسنن الترمذي ج5 ص326 وفضائل الصحابة للنسائي ص58 و 76 والمستدرك للحاكم ج3 ص151 ومجمع الزوائد ج9 ص201 وفتح الباري ج7 ص82 وراجع: إحقاق الحق (قسم الملحقات) ج10 وج19 وأجزاء أخرى لتجد هذه الرواية عن عشرات المصادر بطرق مختلفة.
([12]) راجع: إحقاق الحق (قسم الملحقات) ج10 عن كثير من المصادر وج19 ص19 وسير أعلام النبلاء ج2 ص127 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص198 وفتح الملك المعبود تكملة المنهل العذب المورود ج4 ص8 ومرآة المؤمنين ص183.
([13]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص209 عن ابن عقبة، وابن إسحاق، والواقدي، وراجع: تاريخ الخميس ج2 ص78 والمغازي للواقدي ج2 ص796 والسيرة الحلبية ج3 ص74 و (ط دار المعرفة) ص9 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص534 والبداية والنهاية ج4 ص322 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص265 وإمتاع الأسماع ج1 ص351.
([14]) راجع المصادر المتقدمة في الهامش السابق.
([15]) راجع: السيرة الحلبية ج3 ص74 و (ط دار المعرفة) ص10 ومجمع البيان ج10 ص555 والمغازي للواقدي ج2 ص796 وتاريخ الخميس ج2 ص78 والبحار ج21 ص102 وتفسير الميزان ج20 ص380 وتفسير البغوي ج4 ص537 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص327 والكامل في التاريخ ج2 ص242 والبداية= = والنهاية ج4 ص323 وأعيان الشيعة ج1 ص275 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص857 وعيون الأثر ج2 ص184 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص535
([16]) البحار ج21 ص119 عن الإرشاد للمفيد (ط دار المفيد) ج1 ص56 وأعيان الشيعة ج1 ص408 ولوامع الحقائق للأشتياني ج1 ص85 .
([17]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص209 وراجع: المغازي للواقدي ج2 ص796 وتاريخ الخميس ج2 ص78 وتفسير البغوي ج4 ص537 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص327 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص857 وعيون الأثر ج2 ص184 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص9.
([18]) تاريخ الخميس ج2 ص78 والمعجم الصغير للطبراني ج2 ص73 ودلائل النبوة للأصبهاني ج2 ص635 وإمتاع الأسماع ج8 ص384.
([19]) السيرة الحلبية ج3 ص74 و (ط دار المعرفة) ص9 والمغازي للواقدي ج2 ص796 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص265 وإمتاع الأسماع ج1 ص325 .
([20]) السيرة الحلبية ج3 ص74 وبمعناه عند الواقدي في المغازي ج2 ص796.
([21]) المغازي للواقدي ج2 ص796 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص266 وإمتاع الأسماع ج1 ص352.
([22]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص79 والأمالي للطوسي ص217 والبحار ج33 ص76 و 469 وج72 ص354 وميزان الحكمة للريشهري ج1 ص124 وأعيان الشيعة ج1 ص463 والمعيار والموازنة ص104 وشرح النهج للمعتزلي ج17 ص16.
([23]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص209 والمغازي للواقدي ج2 ص796 والسيرة الحلبية ج3 ص74 و (ط دار المعرفة) ص9 وإمتاع الأسماع ج1 ص351.
([24]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 عن ابن عقبة، وابن إسحاق، والواقدي، وغيرهم. والمغازي للواقدي ج2 ص296 والسيرة الحلبية ج3 ص74 و (ط دار المعرفة) ص9 والطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص133 وتاريخ مدينة دمشق ج67 ص149 وإمتاع الأسماع ج1 ص347 وعيون الأثر ج2 ص177.
([25]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 وتاريخ الخميس ج2 ص78 وإمتاع الأسماع= = ج1 ص353.
([26]) مكاتيب الرسول ج1 ص308 وإمتاع الأسماع ج1 ص354 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص10.
([27]) المغازي للواقدي ج2 ص799 وتاريخ الخميس ج2 ص79 وإمتاع الأسماع ج1 ص354 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص10.
([28]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 والمغازي للواقدي ج2 ص799 وتاريخ الخميس ج2 ص79 وإمتاع الأسماع ج1 ص354 ومكاتيب الرسول ج1 ص308.
([29]) البحار ج21 ص127 عن إعلام الورى (ط مؤسسة آل البيت) ج1 ص218.
([30]) شرح النهج للمعتزلي ج17 ص359 عن الواقدي، والكافي ج4 ص249 والوسائل ج8 ص158 وعن السيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش السيرة الحلبية) ج2 ص298 ومكاتيب الرسول ج1 ص308.
([31]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 و 212 والسيرة الحلبية ج3 ص74 و (ط دار المعرفة) ص9 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص327 والبداية والنهاية ج4 ص323 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص857 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص535.
([32]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 و 212 والسيرة الحلبية ج3 ص74 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص327 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص857.
([33]) المغازي للواقدي ج2 ص800 وإمتاع الأسماع ج7 ص168.
([34]) السيرة الحلبية ج3 ص74 و (ط دار المعرفة) ص9 وتفسير البغوي ج4 ص537 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص327 والبداية والنهاية ج4 ص323 والعبر وتاريخ المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص42 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص857 وعيون الأثر ج2 ص184 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص535.
([35]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص211 وتاريخ الخميس ج2 ص78 وإمتاع الأسماع ج1 ص353 و 354 ومكاتيب الرسول ج1 ص308 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص10.
([36]) السيرة الحلبية ج3 ص74 وإمتاع الأسماع ج1 ص352.
([37]) سبل الهدى والرشاد ج5 ص210 وفتح الباري ج12 ص273 والسيرة الحلبية (ط دار المعرفة) ج3 ص11.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page