• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل السادس: وفود السنة العاشرة والحادية عشرة

وفود بني تغلب:

عن يعقوب بن زيد بن طلحة قال: قدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وفد بني تغلب ستة عشر رجلاً مسلمين ونصارى، عليهم صُلُب الذهب، فنزلوا دار رملة بنت الحارث. فصالح رسول الله «صلى الله عليه وآله» النصارى على أن يقرهم على دينهم، على أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية، وأجاز المسلمين منهم بجوائزهم([1]).
ونقول:
إن هذا النص قد تضمن أمراً هاماً جداً، نشير إليه فيما يلي:

إستغلال سذاجة الآخرين ممنوع:

إن هذا الذي اشترطه رسول الله «صلى الله عليه وآله» على نصارى بني تغلب، وهو: أن يقرهم على دينهم، على أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية، يشير إلى أمرين:
الأول: إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عامل نصارى تغلب بالرفق والعفو، حين رضي منهم أن يقرهم على دينهم، مع أن له كل الحق في معاملتهم بالشدة والعنف، ما دام أنه قد قهرهم بالحجة، فلجوا في طغيانهم، وأصروا على باطلهم وأقاموا على الجحود على ما أصبح واضحاً أنهم يعلمون بطلانه وبواره.
الثاني: إنه «صلى الله عليه وآله» آثر أن يرفق بهم، ليحفظ حق أبنائهم في الإختيار، وليضمن لهم حرية الفكر والإعتقاد، ثم حرية الموقف والممارسة.. فطلب منهم: أن لا يصبغوا أولادهم في النصرانية.
الثالث: إن هذا الإشتراط يعطينا: أنه ليس من حق أحد أن يستغل سذاجة أي إنسان، حتى لو كان ولده، ليفرض عليه عقيدته، وما يدين به، بل عليه أن يفسح له المجال، ليصل إلى قناعاته الدينية واعتقاداته عن طريق الدليل والبرهان.. ولا يجوز له أن يهيمن على فكره وعقله وقلبه من خلال أجواء يثيرها، أو إيحاءات يمارسها، ما دام أن الطرف الآخر غير قادر على التمييز بين الحق والباطل، أو كان ذلك مما يصرفه عن التفكير في هذا وذاك..
الرابع: إن هذا المبدأ لا يختص بصورة ما لو كان الطرف الآخر لا يدين بالإسلام، بل هو مما يفرضه الإسلام حتى على المسلمين أنفسهم، إمعاناً منه في إنصافهم، وفي إجراء سنة العدل فيهم، ففرض على كل مسلم أن يحصِّل قناعاته عن طريق الحجة والدليل، ولا سيما فيما يختص بالتوحيد والنبوة، وبعض المعتقدات الأخرى.. حيث لم يرض منه بتقليد الناس جهابذة العلم، وأساطين الفكر، فإنه لا يرضى بأن يقلد أحد أحداً من غير العلماء حتى تقليد الأبناء لآبائهم أو لغيرهم كما هو واضح.

وفود الرهاويين:

عن قتادة الرهاوي قال: «لما عقد لي رسول الله «صلى الله عليه وآله» على قومي، أخذت بيده فودعته، فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «جعل الله التقوى زادك، وغفر لك ذنبك، ووجَّهك للخير حيثما تكون»([2]).
وروى ابن سعد عن زيد بن طلحة التيمي قال: قدم خمسة عشر رجلاً من الرهاويين، وهم حي من مَذْحِج، على رسول الله «صلى الله عليه وآله» سنة عشر، فنزلوا دار رملة بنت الحدث، فأتاهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فتحدث عندهم طويلاً، وأهدوا لرسول الله «صلى الله عليه وآله» هدايا، منها فرس يقال له: المِروَاح، فأمر فَشُوِرَ بين يديه، فأعجبه. فأسلموا وتعلموا القرآن والفرائض، وأجازهم كما يجيز الوافد: أرفعهم اثني عشرة أوقية ونشَّاً، وأخفضهم خمس أواق، ثم رجعوا إلى بلادهم.
ثم قدم منهم نفر، فحجوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» من المدينة، وأقاموا حتى توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأوصى لهم بِجَادّ مائة بخيبر في الكتيبة جارية عليهم، وكتب لهم كتاباً، فباعوا ذلك في زمن معاوية([3]).
ونقول:
إننا حين نلاحظ مفردات الدعاء الذي دعا به رسول الله «صلى الله عليه وآله» لقتادة الرهاوي، فسنرى: أنه «صلى الله عليه وآله» لم يدعُ له بأمر دنيوي بصورة مباشرة، لكن ما دعا به من شأنه أن يمنحه أعلى درجات السعادة في الدنيا، بالرغم من أنه دعاء يخص الآخرة.. فإن من كانت التقوى زاده، وغفر الله تعالى له ذنبه، ووجهه للخير حيثما يكون، لا يمكن إلا أن يكون سعيداً مفلحاً منجَحاً في دنياه كما يكون كذلك في آخرته..

إجازات النبي للوفود:

وقد قرأنا في مواضع كثيرة ما يدلنا على أنه كان من عادة النبي «صلى الله عليه وآله» أن يجيز الوفود، وأن إجازته لهم كانت تتراوح ما بين خمس أواق إلى اثنتي عشرة أوقية ونشَّاً من الفضة..
ولا يمكن اعتبار هذا التفاوت تكريساً لزعامات جاهلية، كان من الضروري محاربتها وإسقاطها. بل إن هذا التفاوت اعتراف بواقع موضوعي قائم يريد رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يحفظه، ليحفظ به حياة الناس ووجودهم، وأمنهم. وهو سعي إلى استصلاح تلك الزعامات، وإعطائها الفرصة لتغيير أوضاعها بما ينسجم مع الواقع الجديد، وبما يخدم الأهداف العليا البعيدة المدى، إذ إن إسقاط تلك الزعامات دفعة واحدة لن ينتج إلا هرجاً ومرجاً، ودفع أولئك المتنفذين إلى العبث بأمن الناس، وبراحتهم، وربما السعي إلى تضليلهم، وإخراجهم من دائرة الإيمان..
مع العلم بأن الذين يمكن أن يأخذوا مكانهم في حفظ الشأن العام لا يملكون تجربة تمكنهم من إنجاز هذا المهم على النحو الأكمل حتى في الظروف العادية، فكيف إذا كان هذا الإجراء سوف يستتبع وجود مشكلات ووضع عراقيل من قبل أناس يملكون التجربة الطويلة، ولديهم خبرة عميقة بأحوال الناس الذين يتعاملون معهم، ويريدون إثارة النزاعات فيما بينهم..
على أن هؤلاء الناس كانوا لا يملكون من الإمكانات الروحية ما يميزهم عن الزعامات التي يراد إبعادها واستبدالها بهم.. بل الجميع كانوا يشربون من نفس المستنقعات، ويعيشون في محيط واحد، ويرفعون نفس الشعارات، ويمارسون ما كان يمارسه أولئك من سنن وعادات، ويشاركونهم في انحرافاتهم، وفي جرائمهم، وتعدياتهم..
على أن هذا الإجراء، بالإضافة إلى أنه سوف يثير الطموح لدى الآخرين ممن يرون انفسهم من أقران هؤلاء، فإنه لا يحمل معه أية ضمانة لانقياد سائر الناس لهم، ما دام أن الناس لم يخرجوا بعد بصورة تامة من أجواء الجاهلية، ولا تخلصوا من وطأة مفاهيمها، وأعرافها، بصورة تضمن سير الأمور بطريقة عفوية وطبيعية، خصوصاً إذا ترافق ذلك بتحريض ظاهر، أو مبطن من قبل من يرون أنفسهم قد تضرروا، أو الذين حرموا مما يرون أن العدل يقضي بمشاركتهم فيه..
أضف إلى ذلك كله: أنه إذا ظهر للناس في المنطقة بأسرها أن السياسة المتبعة هي إسقاط الزعامات واستبدالها بأخرى.. فإنه سيصبح من الصعوبة بمكان إتخاذ قرار بالدخول في هذا الدين، خصوصاً مع سعي تلك الزعامات إلى إبعاد الناس عن كل ما من شأنه أن يزعزع أركان قيادتهم وزعامتهم، وسوف تثور العصبيات، وتنطلق المشاحنات، ولربما يصبح دخول القبائل في الإسلام أمنع من العقاب، ومن أصعب الصعاب، حيث تنحصر الوسيلة إليه باستعمال السيف ولا شيء غيره.. ولن يكون من السهل أن تقبل القلوب عليه، وأن تتشوق الأرواح إليه، وهذا يتنافى مع المبدأ الذي قرره الإسلام من أنه: لا إكراه في الدين، وهو نقض للغرض بلا مبرر ظاهر..
وبذلك يتضح: أن إجازات النبي «صلى الله عليه وآله» للوفود، وتفضيل اهل الشأن بالجائزة، وحفظ شأن أصحاب الشأن الرفيع، يطمئن الناس إلى أن الإسلام لم يأت لهدم عز أحد، إذا التزم السير في خط الله تبارك وتعالى، بل جاء ليزيدهم عزة، ويمنحهم كرامة، ويدفع بهم على الخروج من واقعهم، والشروع في السير على طريق السؤدد والكرامة، والكمال، ونيل المقامات السامية، وفق الهدى الإلهي، والرعاية الربانية. فالإسلام لله يجعل الجميع في ربح دائم، وفي تكامل وتقدم مستمر..
وعن التفضيل بالجائزة نقول:
إنه تفضيل دعت إليه الحاجة والمسؤولية التي لابد لذلك الزعيم، أو الرئيس أن يضطلع بها، وليس تفضيلاً أهوائياً فرضته العناوين والأسماء..
واللافت هنا: أننا لم نجد أحداً تذمر من هذا الأمر، أو اعترض عليه، إلا من شاذ قصر فهمه عن إدارك وجه الحكمة فيه، وزينه له شيطان الهوى أو دعاه إليه مرض القلب، الذي أوقعه في وهاد العمى..

وفد غامد:

وقدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وفد غامد سنة عشر، وهم عشرة، فنزلوا ببقيع الغرقد، وهو يومئذ أثل وطرفاء، ثم انطلقوا إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله». وخلفوا عند رحلهم أحدثهم سناً. فنام عنه، وأتى سارق فسرق عيبة لأحدهم فيها أثواب له. وانتهى القوم إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فسلموا عليه، وأقروا له بالإسلام، وكتب لهم كتاباً فيه شرائع الإسلام، وقال لهم: «من خلفتم في رحالكم»؟
قالوا: أحدثنا سناً يا رسول الله.
قال: «فإنه قد نام عن متاعكم حتى أتى آت أخذ عيبة أحدكم».
فقال رجل من القوم: يا رسول الله، ما لأحد من القوم عيبة غيري.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «فقد أخذت وردت إلى موضعها».
فخرج القوم سراعاً حتى أتوا رواحلهم، فوجدوا صاحبهم، فسألوه عما أخبرهم رسول الله «صلى الله عليه وآله».
قال: فزعت من نومي ففقدت العيبة، فقمت في طلبها، فإذا رجل قد كان قاعداً، فلما رآني صار يعدو مني، فانتهيت إلى حيث انتهى فإذا أثر حفر، وإذا هو قد غيب العيبة فاستخرجتها.
فقالوا: نشهد أنه رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فإنه قد أخبرنا بأخذها وأنها قد ردت.
فرجعوا إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فأخبروه، وجاء الغلام الذي خلفوه، فأسلم، وأمر النبي «صلى الله عليه وآله» أبي بن كعب، فعلمهم قرآناً، وأجازهم «صلى الله عليه وآله» كما كان يجيز الوفود وانصرفوا([4]).
ونقول:
إننا لا نرى أننا بحاجة إلى التعليق على هذا النص، فإنه «صلى الله عليه وآله» قد قدم لهؤلاء القوم الدليل القاطع على نبوته..
غير أننا نشير إلى ما يلي:
1 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» أراد بمبادأتهم بهذا الخبر أن يسهّل عليهم تحصيل اليقين، مراعاة منه لحالهم..
2 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» لم يكتف منهم بإظهار الإسلام، لأنه يريد لهم الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة. ولو أنه كان يريد منهم ذلك وحسب، لأكتفى بإظهارهم الإسلام، ولم يخبرهم بشيء مما جرى، لأن مطلوبه يكون قد حصل، وانتهى الأمر..
3 ـ إن هذا يدلنا على: أن هؤلاء الناس كانوا من الناحية الثقافية والفكرية في مستويات متدنية، حيث لم يعتبروا بكل ما شاع وذاع عنه مما لا يمكن من الناحية الثقافية والفكرية إلا أن يكون بتسديد إلهي، ومدد رباني..
كما أن كل ما بيَّنه من حقائق، وأدلة على بطلان الشرك، وصحة التوحيد، لم ينفع في تكوين اليقين لديهم، فضلاً عن عدم خضوعهم لمعجزة القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
كما أن فطرتهم وعقولهم لم تستطع أن تجد لها دوراً في تكوين نظرتهم إلى الأمور، وتقييمهم لها.. لأنها كانت محكومة بالأهواء، مقصاة عن دائرة القرار. فكان لابد من تحريك ضمائرهم ووجدانهم من خلال ملامسة واقعهم الذي يعنيهم أكثر من أي شيء آخر. وأي شيء لديهم يكون أهم من أموالهم، وحفظها، فجاءهم الخطاب من هذا الطريق فأثر فيهم، ورسخ يقينهم.

وفود كندة:

عن الزهري قال: قدم الأشعث بن قيس على رسول الله «صلى الله عليه وآله» في ثمانين، أو ستين، أو اثني عشر راكباً من كندة، فدخلوا عليه مسجده، قد رجلوا جممهم، واكتحلوا، ولبسوا جباب الحبرات، مكثفة بالحرير.
فلما دخلوا قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «أولم تسلموا»؟
قالوا: بلى.
قال: «فما هذا الحرير في أعناقكم»؟
فشقوه ونزعوه وألقوه([5]).
وكان ذلك في سنة عشر، وكندة قبيلة من اليمن([6]).
وفي نص آخر: إنهم لما دخلوا عليه قالوا: أبيت اللعن، وكانت تحيتهم.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: لست ملكاً، أنا محمد بن عبد الله.
قالوا: لا نسميك باسمك.
قال: لكن الله سماني، وأنا أبو القاسم.
فقالوا: يا أبا القاسم، إنّا قد خبأنا لك خبيئاً فما هو؟ إذ كانوا خبأوا لرسول الله «صلى الله عليه وآله» عين جرادة في ظرف سمن.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: سبحان الله، إنما يفعل هذا بالكاهن، وإن الكاهن، والكهانة والتكهن في النار.
فقالوا: يا رسول الله، كيف نعلم أنك رسول الله.
فأخذ رسول الله «صلى الله عليه وآله» كفاً من حصى، فقال: هذا يشهد أني رسول الله.
فسبح الحصى في يده، فقالوا: نشهد إنك رسول الله.
فقال: إن الله بعثني بالحق، وأنزل عليّ كتاباً لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، أثقل في الميزان من الجبل العظيم، وفي الليلة الظلماء مثل نور الشهاب.
قالوا: فأسمعنا منه.
فتلا رسول الله «صلى الله عليه وآله»: {وَالصَّافَّاتِ صَفّاً}. حتى بلغ {وَرَبُّ المَشَارِقِ}([7])، ثم سكت وسكن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسكن روعه، فما يتحرك منه شيء، ودموعه تجري على لحيته.
فقالوا: إنا نراك تبكي، أفمن مخافة من أرسلك تبكي؟!
قال: إن خشيتي منه أبكتني، بعثني على صراط مستقيم، في مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت، ثم تلا: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلاً}([8])»([9]).
ويتابع نص آخر فيقول:
إن الأشعث بن قيس قال: يا رسول الله، نحن بنو آكل المُرار، وأنت ابن آكل المُرار.
فضحك رسول الله «صلى الله عليه وآله» ثم قال: «ناسب بهذا النسب ربيعة بن الحارث، والعباس بن عبد المطلب».
(قال الزهري وابن إسحاق: كانا تاجرين، وكانا إذا سارا في أرض العرب فسئلا: من أنتما؟
قالا: نحن بنو آكل المرار، يتعززان بذلك في العرب، ويدفعان به عن نفسيهما، لأن بني آكل المرار من كندة كانوا ملوكاً).
قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «لا، بل نحن بنو النضر بن كنانة، لا نقفوا أمنا، ولا ننتفي من أبينا»([10]).
وعن الأشعث بن قيس قال: قدمنا على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وفد كندة، ولا يرون إلا أني أفضلهم، قلت: يا رسول الله، ألستم منا؟
قال: «لا، نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا، ولا ننتفي من أبينا».
فكان الأشعث يقول: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد([11]).
وعن الأشعث أيضاً قال: قدمت على رسول الله «صلى الله عليه وآله» في وفد كندة، فقال لي النبي «صلى الله عليه وآله»: «هل لك من ولد»؟
قلت: غلام ولد مخرجي إليك من ابنة فلان، ولوددت أن يشبع القوم.
فقال: «لا تقولن ذا، فإن فيهم قرة عين، وأجراً إذا قبضوا».
ثم قال: «إنهم لمجبنة مبخلة»([12]).
وعن الأشعث قال: قدمت على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال لي: «ما فعلت بنت عمك»؟
قلت: نفست بغلام والله لوددت أن لي سبية.
فقال: «إنهم لمجبنة مبخلة، وإنهم لقرة العين، وثمرة الفؤاد»([13]).
قال ابن هشام: الأشعث بن قيس من ولد آكل المرار من قبل أمه، وآكل المرار: الحارث بن عمرو بن حجر بن عمرو بن معاوية بن الحارث بن معاوية بن ثور بن مرتع بن كندي، ويقال: كندة. وإنما سمي: آكل المرار، لأن عمرو بن الهبولة الغساني أغار عليهم. فأكل هو وأصحابه في تلك الغزوة شجراً يقال له المرار([14]).
ونقول:
إن لنا مع ما تقدم بعض البيانات والتوضيحات، هي التالية:

عدد أعضاء الوفد:

تقدم: أن وفد كندة كان يتألف من ستين أو ثمانين أو اثني عشر راكباً.. وهذا تناقض لا مجال لقبوله، إلا إذا فرض أنهم وفدوا أكثر من مرة، وقد شارك الأشعث بن قيس في هذا الوفد وذاك..

الرسول لا يرضى بلبس الحرير:

وقد قرأنا أيضاً: أن النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» لم يرض منهم لبس الحرير، وقد شقوه، ونزعوه، وألقوه من أعناقهم.. ولم يعترض على لبس الثياب الحبرات، وترجيل الجمم، والإكتحال، لأن الإسلام يدعوهم إلى ذلك، وإلى كل تجمل يليق بشأنهم، بشرط أن لا يتجاوز حدود الشرع..
غير أن ما لفت نظرنا هو: وصف الرواة لحال هؤلاء، وكأن ذلك يوحي بأن هذه الحالة كانت استثنائية، وغير مألوفة في المجتمع العربي، فهي تلفت النظر، وتثير الفضول. وربما تكون ندرتها فيهم بسبب رقة حالتهم المادية، وضعفهم الإقتصادي، الذي يفرض عليهم التقشف، والخشونة..
بل لعل هذا الضعف في عامة الناس كان يجعل من تظهر عليه أمارات الرفاهية والغنى في خطر أكيد من قبل أهل الأطماع الذين يعيشون على السلب والنهب والغارة، وما أكثرهم..

أبيت اللعن تحية الملوك:

وحين حيّاه وفد كنده بقولهم: أبيت اللعن، لم يقل لهم: هذه تحية الجاهلية، بل قال لهم: لست ملكاً.. لأن مجرد أن يخطئ الإنسان في اختيار التحية الصحيحة، فيختار تحية الجاهلية، انسياقاً مع الإلف والعادة، أو جهلاً بما يجب عليه ـ إن ذلك ـ ليس بالأمر المهم، ويمكن معالجته بسهولة..
ولكن الأهم منه هو: أن يخلط الإنسان بين مفهومي الملك والنبي، فإن هذا يضر بدين ذلك الشخص وبإسلامه وبالإسلام من الأساس.. ولأجل ذلك بادر «صلى الله عليه وآله» إلى ردعهم، ونفي صفة الملك عن نفسه، فقال: لست ملكاً.

لا تناقض في فعل النبي :

وقد رأينا: أن هؤلاء الوافدين قد خبأوا لرسول الله «صلى الله عليه وآله» عين جرادة في ظرف سمن، فإن أخبرهم به آمنوا..
ولكنه «صلى الله عليه وآله» لم يستجب لهم، وأظهر لهم عوضاً عنه معجزة تسبيح الحصى بيديه، في حين أنه استجاب لاختبار غيرهم، كما تقدم معنا. وأظهر الخبء لهم.
ولعل سبب ذلك هو: أن الكهان كانوا يستفيدون من بعض شياطين الجن، فيخبرونهم ببعض الأمور التي يرون أنها قد حصلت أو غيرها، مما يتمكنون من الوصول إليه والحصول عليه، ولو باستراق السمع لما يتحدث به الملائكة في السماء. ثم يجعلون ذلك مبرراً لإطلاق دعاوى أوسع وأكبر، مثل علمهم بالأسرار، وبما يأتي في المستقبل([15]).
فإذا تكرر منه «صلى الله عليه وآله» الإخبار عن الخبء، فقد يتكون انطباع خاطئ يؤدي إلى جعله «صلى الله عليه وآله» في مصاف الكهان لدى بعض الناس الذين لا حظ لهم من العلم والمعرفة، وتؤثر عليهم التلقينات، وتأخذ بألبابهم الشائعات، ولا يملكون القدرة على التمييز بين الحق والباطل، وبين الدر والصدف، وبين الأصيل والزائف..
فكان لا بد من إظهار معجزة لا سبيل فيها إلى اللبس، ولا محل فيها للشبهة، لتكون سبيل هداية، ومنشأ حصانة لما أخبر به وعنه سابقاً، ولما قد يخبر عنه فيما يأتي.. فكان تسبيح الحصى بيديه هو تلك المعجزة القاهرة والظاهرة.

بكاء النبي حيَّرهم:

وإن بكاء النبي «صلى الله عليه وآله» الذي حيَّرهم، كان مفعماً بالدلالات، في كل اتجاه، فهو من جهة قد أظهر عمق تفاعل النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» مع الحقائق التي يتلوها، ليتضح أن شريعته، ودينه دين كرامـة، وإنسانية، ومشاعر، وروح وطهر وصفاء، يثير كـوامـن النفس الإنسانية، لكي ترتقي من خلال كمالاتها، إلى آفاق الشرف والكرامة، لدى خالق الكون والحياة..
وأظهر أيضاً: أنه لم يأت بالدين ليكون لغيره، ويكون هو مستثنى منه، بل هو مثلهم فيه، في جميع المجالات، وسائر الإتجاهات.
وأظهر من جهة أخرى ـ من خلال اندفاعهم للسؤال عن سبب بكائه «صلى الله عليه وآله» ـ: أنهم لم يتأملوا فيما يتلوه عليهم، ولا تفاعلوا معه، ولا انفعلوا به، بل هم قد تحيَّروا، أو تعجبوا ممن وعى معناه، وتأثر به!!

النبي يصد الأشعث:

وقد أظهرت الروايات المتقدمة: أن الأشعث بن قيس قد حاول أن يتزلف للنبي «صلى الله عليه وآله» بطريقة ماكرة، من شأنها أن تنقص من قدره «صلى الله عليه وآله»، حيث ألقى إليه مقولة أنه «صلى الله عليه وآله» ابن أكل المرار، أي إنه يريد أن ينسبه إلى غير أبيه. وكأنه يريد أن يضع علامة استفهام على صحة انتسابه إليه.. لأن القبول بمقولة الأشعث سوف يكرس انتسابهم لأمهم دون أبيهم.
ولكن النبي «صلى الله عليه وآله» عرف ما يرمي إليه الأشعث، فعالجه بما فضح أمره، وأبطل كيده.. حين أظهر «صلى الله عليه وآله» في كلامه، أنه أراد أن يستدرجه للإعتراف بالإنتساب إلى أمه دون أبيه.
ليشرِّف نفسه من جهة، ولينقص من قدر النبي «صلى الله عليه وآله» من جهة أخرى..
وقد عرّفه النبي «صلى الله عليه وآله»: أنه كان على علم بأن العباس، وربيعة بن الحارث كانا يستفيدان من اسم آكل المرار، ليأمنا على نفسيهما، ولكي لا يتعرض لهما من ينتسب إلى آكل المرار بسوء، بل يكون المنتسبون إليه عضداً لهما على من سواهما، إن لزم الأمر..
وقد صرح الأشعث نفسه بأنه كان يرمي ـ فعلاً ـ إلى نفي انتساب النبي «صلى الله عليه وآله» وقريش إلى أبيه النضر بن كنانة.. وحاول استعادة بعض ماء الوجه حين قال: لا أوتى برجل نفى رجلاً من قريش، من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد.. حيث إن قوله هذا بمثابة تذرع بالجهل، لينأى بنفسه عن موقع التشكيك بنسب رسول الله «صلى الله عليه وآله». لأنه بذلك يكون قد وضع على نفسه علامة استفهام كبيرة عند قومه، وسيسقط محله فيهم، وسيرون أنه لا يملك من الكرامة والفضل ما كانوا يظنونه به.

الأولاد مجبنة مبخلة:

ثم إنه ليس في قول النبي «صلى الله عليه وآله» عن الأولاد: إنهم لمجبنة مبخلة ما يوجب الذم والإنتقاص لأحد، بل هو يخبر عن واقع الناس وحالاتهم، لأن وجود الأولاد يدفع الإنسان إلى أن ينأى بنفسه عن مواطن الخطر، حيث يسعى إلى أن يحفظ حياته، وقدرته على رعايتهم، وتدبير شؤونهم، لأنه يخشى عليهم من الضياع لو غاب عنهم، ما داموا غير قادرين على حفظ أنفسهم بأنفسهم، وهذا يلتقي في نتيجته مع فعل الجبناء، ونتائج جبنهم.
كما أنه يهتم من جهة أخرى بجمع الأموال وادخارها حباً بالأولاد، ليستفيدوا منها في مستقبل أيامهم. وهذا يلتقي مع فعل البخيل الذي يجمع المال حباً بنفسه، أو حباً بالمال. وذلك ظاهر لا يخفى.

وفود بني سلامان:

قال محمد بن عمر: كان مَقْدَمُهُم في شوال سنة عشر.
و عن حبيب بن عمرو السلاماني قال: قدمنا وفد سلامان على رسول الله «صلى الله عليه وآله» ونحن سبعة، فصادفنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» خارجاً من المسجد إلى جنازة دُعي إليها، فقلنا: السلام عليك يا رسول الله.
فقال: «وعليكم من أنتم»؟
فقلنا: نحن من سلامان قدمنا إليك لنبايعك على الإسلام، ونحن على من وراءنا من قومنا.
فالتفت إلى ثوبان، غلامه فقال: «أنزل هؤلاء الوفد حيث ينزل الوفد». فلما صلى الظهر جلس بين المنبر وبيته، فتقدمنا إليه، فسألناه عن أشياء من أمر الصلاة وشرائع الإسلام، وعن الرقى، وأسلمنا، وأعطى كل رجل منا خمس أواقي، ورجعنا إلى بلادنا، وذلك في شوال سنة عشر.
وفي نص آخر أنه «صلى الله عليه وآله» قال لوفد سلامان: «كيف البلاد عندكم»؟
قالوا: مجدبة، فادعُ الله أن يسقينا في موطننا.
فقال: «اللهم أسقهم الغيث في دارهم».
فقالوا: يا نبي الله، ارفع يديك، فإنه أكثر وأطيب.
فتبسم، ورفع يديه حتى يرى بياض إبطيه، ثم رجعوا إلى بلادهم، فوجدوها قد مطرت في اليوم الذي دعا فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله» في تلك الساعة([16]).
ونقول:
قد اشرنا أكثر من مرة لأمور تضمنها هذا النص، ومنها:
1 ـ تعهدهم بإسلام قومهم الذين لم يحضروا معهم.
2 ـ إنه قد كانت هناك دار خصصت لنزول الوفود فيها، وهي دار رملة بنت الحدث (الحارث).
3 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» كان يجيز تلك الوفود بأواق من الفضة.
4 ـ إنهم كانوا يرون لدعاء النبي «صلى الله عليه وآله» أثراً في سقي الله لهم.
5 ـ إن وفد سلامان هنا قد تدخل في طريقة دعاء النبي «صلى الله عليه وآله» لهم، حيث طلبوا منه أن يرفع يديه، مدَّعين أن ذلك يؤثر في أمرين، هما: الكثرة والطيبة.
وقد تبسم «صلى الله عليه وآله» لهذا التطفل الذي ينم عن حاجتهم إلى المزيد من التثقيف، والتعريف بشؤون النبوة، والأنبياء..
6 ـ كما أن سؤالهم عن الرقى، يشير إلى مدى تأثرهم بكل ما من شأنه أن يطمئنهم إلى ما هو غائب عنهم، مما لا سبيل لهم إلى معرفته، فيسعون للتحرز مما قد ينالهم منه من سوء وأذى..
7 ـ إنهم قد حددوا المكان الذي يريدون نزول الغيث فيه، وقد استجاب النبي «صلى الله عليه وآله» لطلبهم، محدداً المكان وفق ما طلبوه..
8 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» قد سألهم عن حال البلاد عندهم.. مما أفهمهم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» مهتم بقضاياهم، ويريد لهم أن ينعموا بالراحة، والعيش الرغيد..
9 ـ إن معرفتهم بعد رجوعهم باستجابة دعاء النبي «صلى الله عليه وآله»، الموافقة لما طلبوه، في نفس ساعة الدعاء، لابد أن يترك أثره على إيمانهم، فيزيده رسوخاً وعمقاً، وصلابة..
10 ـ ثم يلاحظ أخيراً: أنهم حين ألقوا السلام على رسول الله، أجابهم «صلى الله عليه وآله» بقوله: «..وعليكم»، ولم يزد على ذلك..
ولعل السبب هو: أنه يريد أن يعرفنا كيفية التعامل مع الناس في الحالات المشابهة، إذا كان أمر الوافدين غير ظاهر لنا، إذا ألقوا علينا السلام، مع قيام احتمال أن يكونوا من غير المسلمين، حيث أجابهم إجابة لا تفيد أنه قد سلم عليهم بتحية أهل الإسلام، كما أنها لا تأبى أن تنطبق عليها، إذ يصح أن يكون التقدير هو: وعليكم السلام. وأن يكون التقدير: وعليكم نفس ما قصدتموه.
11 ـ إن ذلك يعطينا: أنه «صلى الله عليه وآله» كان يتعامل مع الأمور وفق حكمها الظاهري، لا وفق ما يعلمه منها بما أظهره الله تبارك وتعالى عليه من الغيوب. وذلك ظاهر لا يخفى.

وفود خثعم:

وقالوا: وفد عثعث بن زَحر، وأنس بن مدرك في رجال من خثعم إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعد ما هدم جرير بن عبد الله البجلي ذا الخلصة، وقتل من قتل من خثعم، فقالوا: آمنا بالله ورسوله، وما جاء [به] من عند الله، فاكتب لنا كتاباً نتبع ما فيه.
فكتب رسول الله «صلى الله عليه وآله» لخثعم:
«هذا كتاب من محمد رسول الله «صلى الله عليه وآله» لخثعم من حاضر بيشة وباديتها: أن كل دم أصبتموه في الجاهلية فهو عنكم موضوع، ومن أسلم منكم طوعاً أو كرهاً في يده حرث من خَبار أو عَزاز تسقيه السماء، أو يرويه اللثى، فزكا عِمارة في غير أزمة ولا حطمة، فله نشره وأكله، وعليهم في كل سيح العشر، وفي كل غرب نصف العشر، شهد جرير بن عبد الله ومن حضر»([17]).
ونقول:
1 ـ قد ظهر مما تقدم: أن اللغة التي كان «صلى الله عليه وآله» يكتب بها كتبه للقبائل إنما كانت تستعمل الألفاظ التي يتداولونها فيما بينهم، وذلك أنه يريد لهم أن يفهموا مقاصده، ويفوا بتعهداتهم.
2 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» يطمئنهم بأنهم سوف لا يطالبهم أحد بالدماء التي سفكوها قبل أن يدخلوا في الإسلام، فإن الإسلام يجب ما قبله، ولعلهم كانوا قد أصابوا بعضاً من المسلمين في السنوات التي سبقت إسلامهم، فكانوا يخشون من ملاحقة المسلمين لهم بتلك الدماء، فأراد أن يزيل هذا الوهم من نفوسهم، ليعيشوا حال السكينة في ظل الإسلام.

وفد بني الحارث بن كعب:

تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أرسل خالداً إلى بني الحارث بن كعب، فاستجابوا للإسلام، فكتب خالد بذلك إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، فطلب إليه النبي «صلى الله عليه وآله» أن يقدم، ويقدم معه وفدهم، فقدم بهم خالد، وقال لهم رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «بِمَ كنتم تغلبون من قاتلكم في الجاهلية»؟
قالوا: لم نكن نغلب أحداً.
قال: «بلى [قد كنتم تغلبون من قاتلكم]».
قالوا: كنا نجتمع ولا نتفرق، ولا نبدأ أحداً بظلم.
قال: «صدقتم». وأمَّر عليهم قيس بن الحصين، فرجعوا إلى قومهم في بقية من شوال، أو في صدر ذي القعدة، فلم يمكثوا بعد رجوعهم إلا أربعة أشهر حتى توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله»([18]).
وقال ابن إسحاق: «لما رآهم النبي «صلى الله عليه وآله» قال: من هؤلاء القوم الذين كأنهم رجال الهند؟
قيل: يا رسول الله، هؤلاء رجال بني الحارث بن كعب.
فسلموا عليه وقالوا: نشهد أنك لرسول الله، وأنه لا إله إلا هو.
فقال «صلى الله عليه وآله»: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله. ثم قال «صلى الله عليه وآله»: أنتم الذين إذا زجروا استقدموا.
فسكتوا، فلم يراجعه منهم أحد، فأعادها ثلاث مرات.
فقال يزيد بن عبد المدان بعد الرابعة: نعم يا رسول الله، نحن الذين إذا زجروا استقدموا.
قالها أربع مرات.
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: لو أن خالداً لم يكتب إليّ أنكم أسلمتم ولم تقاتلوا، لألقيت رؤوسكم تحت أقدامكم.
فقال يزيد بن عبد المدان: أما والله

قضايا فطرية تأتي بالنصر:

ا حمدناك، ولا حمدنا خالداً.
قال: فمن حمدتم؟
قال: حمدنا الله الذي هدانا بك يا رسول الله.
قال: صدقتم، وأمَّر عليهم قيس بن الحصين، ورجع الوفد، فأرسل «صلى الله عليه وآله» عمرو بن حزم ليفقههم في الدين، ويعلمهم معالم الإسلام، ويأخذ منهم صدقاتهم([19]).
وقد أرسله إليهم وعمره سبع عشرة سنة.
ونقول:
إن لنا هنا بعض الإيضاحات، وهي التالية:

قضايا فطرية تأتي بالنصر:
تقدم: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد سأل بني الحارث بن كعب عن سر غلبتهم من قاتلهم، فأجابوه بأن السبب هو اجتماعهم أولاً. وعدم بدئهم بظلم أحد..
ونستفيد من ذلك:
أولاً: تكرر انتصار هؤلاء القوم على أعدائهم حتى أصبح ذلك لافتاً للنظر، بحيث يُسأل عن سببه، ولم نجد لهؤلاء القوم شهرة تاريخية في ذلك، وهذا يجعلنا نتوقف في الحكم على هذا النص بالصحة..
غير أننا نورد الكلام هنا رجاء أن يكون صحيحاً..
ثانياً: إن هذا النص يدل على أن ثمة أحكاماً يدركها الإنسان بعقله، وينساق إليها بفطرته، وتفرضها عليه حكمته، ويدعوه إليها تدبيره، ويشترك فيها جميع البشر، وتقضي بها عقولهم، من دون حاجة إلى تعليم من الشارع، ومنها: قبح الظلم، ولزوم التناصر على العدو المشترك.
ثالثاً: إن هذا التقرير لهم، ثم التصريح بصحة نظرتهم، يستبطن حثهم على الإستقامة على هذا النهج، كما أنه يشير للآخرين بلزوم الأخذ به، إن أرادوا أن يكون لهم النصر على أعدائهم.

النبي يشهد لنفسه بالنبوة:

وقد لاحظنا: أنه «صلى الله عليه وآله» أعلن بالشهادتين كما شهد بها ذلك الوفد الذي كان يكلمه.. ونستفيد من هذه المبادرة ما يلي:
1 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» قد ساوى نفسه بهم، من حيث التكليف، ولزوم الإعلان بالشهادتين..
2 ـ إنه قد أوضح لهم: أن الشهادة له «صلى الله عليه وآله» بالرسالة، لا تعني أن المطلوب هو تكريس الإمتيازات له كشخص، بحيث يكون هو المستفيد الأول والأخير، حيث ينتهي إليه إيمان الناس، ثم لا يتعداه، ولذلك ليس لأحد أن يمنّ عليه بإسلامه وإيمانه..

تهديد النبي لبني الحارث:

ثم إنه لا مجال لتصديق ما تذكره الرواية المتقدمة من تهديد النبي «صلى الله عليه وآله» لبني الحارث بن كعب بالقتل بعد أن قررهم ـ ثلاث مرات ـ بأنهم هم الذين إذا زجروا استقدموا، فأجابوا بالإيجاب..
فأولاً: المفروض: أن ما يتهددهم من أجله إنما كان منهم قبل إسلامهم، والإسلام يجب ما قبله. ولا يطالب المسلم بشيء منه، ولا يعاقب عليه.
ثانياً: لا فرق في هذا الحكم بين أن يسلموا بعد القتال أو من دون قتال.. فما معنى أن يقول لهم ـ حسب زعم الرواية ـ: «إنكم أسلمتم ولم تقاتلوا»..
ثالثاً: إنهم حتى لو فعلوا ذلك بعد أن أسلموا، فهل يكون القتل هو جزاء من يفعل هذا الذي يلومهم عليه؟!.

وفود محارب:
عن أبي وجرة السعدي قال: قدم وفد محارب سنة عشر في حجة الوداع، وهم عشرة نفر، منهم سواء بن الحارث، وابنه خزيمة بن سواء، فانزلوا دار رملة بنت الحدث. وكان بلال يأتيهم بغداء وعشاء إلى أن جلسوا مع رسول الله «صلى الله عليه وآله» يوماً من الظهر إلى العصر، فأسلموا وقالوا: نحن على من وراءنا، ولم يكن أحد في مواسم الحج التي كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعرض دعوته فيها على القبائل، ويدعوهم إلى الله وإلى نصرته، أفظ ولا أغلظ على رسول الله «صلى الله عليه وآله» منهم.
وكان في الوفد رجل منهم، فعرفه رسول الله «صلى الله عليه وآله» فأمده النظر، فلما ر آه المحاربي يديم النظر إليه قال: كأنك يا رسول الله توهمني، قال: «لقد رأيتك».
قال المحاربي: أي والله، لقد رأيتني وكلمتني، وكلمتك بأقبح الكلام، ورددت عليك بأقبح الرد بعكاظ، وأنت تطوف على الناس.
فقال «صلى الله عليه وآله»: «نعم».
فقال المحاربي: «يا رسول الله، ما كان في أصحابي أشد عليك يومئذٍ ولا أبعد عن الإسلام مني»، فأحمد الله الذي أبقاني حتى صدقت بك، ولقد مات أولئك النفر الذين كانوا معي على دينهم.
فقال «صلى الله عليه وآله»: «إن هذه القلوب بيد الله عز وجل».
فقال: يا رسول الله، استغفر لي من مراجعتي إياك.
فقال «صلى الله عليه وآله»: «إن الإسلام يجب ما كان قبله من الكفر». ومسح رسول الله «صلى الله عليه وآله» وجه خزيمة بن سواء، فكانت له غرة بيضاء. وأجازهم كما يجيز الوفد، وانصرفوا إلى أهليهم([20]).
عن أبان المحاربي، ويقال له: أبان العبدي، قال: «كنت في الوفد، فرأيت بياض إبط رسول الله «صلى الله عليه وآله» حين رفع يديه يستقبل بهما القبلة»([21]).
ونقول:

آثار لقاءات عكاظ ظهرت في المدينة:

إن هذا النص يظهر لنا عمق ما تركته لقاءات النبي «صلى الله عليه وآله» في مكة للقبائل التي كانت تفد لحضور سوق عكاظ. فإنها أظهرت لهم: كذب ما كانت تتهمه به قريش، من أنه مجنون، كما أنها هيأت لهم الفرصة ليشاهدوا سلوك أهل الإيمان، وصلاح وجمال أقوالهم وأفعالهم، وانسجام ما يدعون إليه مع فطرتهم، وموافقته لما تقضي به عقولهم، ثم مقارنة ذلك كله مع ما هم فيه من انحراف، وزيف، ومتابعة للأهواء، وبعد عن الحق والعدل، وانغماس في الرذيلة والشر، ليقودهم ذلك كله بعد أن تخف الضغوط عليهم في المحيط الذي يعيشون فيه، إلى قبول دعوة الحق والخير والهدى.. ويجعلهم يندمون على ما فرط منهم..

وفود زبيد في السنة الحادية عشرة:

لما كانت السنة التي توفي فيها رسول الله «صلى الله عليه وآله»، رأت زبيد قبائل اليمن تقدم على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، مقرين بالإسلام، مصدقين برسول الله، يرجع راجعهم إلى بلادهم وهم على ما هم عليه.
وكان رسول الله «صلى الله عليه وآله» استعمل خالد بن سعيد بن العاص على صدقاتهم ـ وأرسله مع فروة بن مُسيك كما قلنا ـ فقالوا: «والله لقد دخلنا فيما دخل فيه الناس. وصدقنا بمحمد «صلى الله عليه وآله»، وخلينا بينك وبين صدقات أموالنا، وكنا لك عوناً على من خالفك من قومنا».
قال خالد: قد فعلتم.
قالوا: فأوفد منا نفراً يقدمون على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ويخبرونه بإسلامنا، ويقبسونا منه خيراً.
فقال خالد: ما أحسن ما عدتم إليه وأنا أجيبكم، ولم يمنعني أن أقول لكم هذا إلا أني رأيت وفود العرب تمر بكم فلا يهيجنكم ذلك على الخروج، فساءني ذلك منكم، حتى ساء ظني فيكم، وكنتم على ما كنتم عليه من حداثة عهدكم بالشرك، فحسبت أن لا يكون الإسلام راسخاً في قلوبكم([22]).

آخر الوفود وفد النخع:

قالوا: بعثت النخع ـ قبيلة من اليمن ـ رجلين منهم إلى النبي «صلى الله عليه وآله»، وافدين بإسلامهم، وهما: أرطأة بن شراحيل بن كعب، والجهيش، واسمه الأرقم من بني بكر بن عوف بن النخع.
فخرجا حتى قدما على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فعرض عليهما الإسلام فقبلاه وبايعاه على قومهما، فأعجب رسول الله «صلى الله عليه وآله» شأنهما، وحسن هيئتهما، فقال: «هل خلفتما وراءكما قومكما مثلكما»؟
فقالا: يا ر سول الله، قد خلفنا وراءنا من قومنا سبعين رجلاً كلهم أفضل منا، وكلهم يقطع الأمر وينفذ الأشياء، ما يشاركوننا في الأمر إذا كان.
فدعا لهما رسول الله «صلى الله عليه وآله» ولقومهما بخير وقال: «اللهم بارك في النخع».
وعقد لأرطأة لواء على قومه (وكتب له كتاباً)، فكان في يده يوم الفتح([23]).
وقال ابن سعد: كان آخر من قدم من الوفد على رسول الله «صلى الله عليه وآله» وفد النخع، وقدموا من اليمن للنصف من المحرم سنة إحدى عشرة، وهم مائتا رجل، فنزلوا دار رملة بنت الحدث، ثم جاؤوا رسول الله «صلى الله عليه وآله» مقرين بالإسلام، وقد كانوا بايعوا معاذ بن جبل باليمن، فكان فيهم زرارة بن عمرو.
قال: أخبرنا هشام بن محمد هو زرارة بن قيس بن الحارث بن عدي، وكان نصرانياً([24]).
وقالوا: وفد رجل من النخع يقال له زرارة بن عمرو على رسول الله «صلى الله عليه وآله» فقال: يا رسول الله، إني رأيت في سفري هذا رؤيا هالتني.
قال: «وما رأيت»؟
قال: رأيت أتانا تركتها في الحي كأنها ولدت جدياً أسفع أحوى.
فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «هل لك من أمة تركتها مصرة حملاً»؟
قال: نعم تركت أمة لي أظنها قد حملت.
قال: «فإنها قد ولدت غلاماً وهو ابنك».
فقال: يا رسول الله، ما باله أسفع أحوى؟
قال: «ادن مني».
فدنا منه. فقال: «هل بك برص تكتمه»؟
قال: والذي بعثك بالحق نبياً ما علم به أحد، ولا اطلع عليه غيرك.
قال: «فهو ذلك».
قال: يا رسول الله، ورأيت النعمان بن المنذر وعليه قرطان، ودملجان، ومسكتان.
قال: «ذلك ملك العرب عاد إلى أحسن زيه وبهجته».
قال: يا رسول الله، ورأيت عجوزاً شمطاء خرجت من الأرض.
قال: «تلك بقية الدنيا».
قال: ورأيت ناراً خرجت من الأرض، فحالت بيني وبين ابن لي يقال له: عمرو، ورأيتها تقول: لظى لظى، بصير وأعمى، أطعموني آكلكم آكلكم، أهلككم وما لكم.
فقال النبي «صلى الله عليه وآله»: «تلك فتنة في آخر الزمان».
قال: وما الفتنة يا رسول الله؟
قال: «يقتـل النـاس إمـامهم ثم يشتجـرون اشتجـار أطبـاق الـرأس ـ وخالف رسول الله «صلى الله عليه وآله» بين أصابعه ـ يحسب المسيء أنه محسن، ودم المؤمن عند المؤمن أحلى من شرب الماء، إن مات ابنك أدركت الفتنة، وإن مت أنت أدركها ابنك».
فقال: يا رسول الله، ادع الله ألا أدركها.
فقال له رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «اللهم لا يدركها».
فمات وبقي ابنه، وكان ممن خلع عثمان([25]).
ونقول:
إن لنا مع النص المتقدم وقفات عديدة، نذكر منها ما يلي:

فتنة آخر الزمان:

تقول الرواية المتقدمة: إنه «صلى الله عليه وآله» قد فسر رؤيا النار التي حالت بين ذلك الرجل وبين ابنه بفتنة في آخر الزمان، يقتل فيها الناس إمامهم.. ثم طبق تلك الفتنة على قتل عثمان.
ويرد على ذلك:
أن قتل عثمان لم يكن في آخر الزمان، وقد حاول الزرقاني حل هذا الإشكال فقال: «سماه آخراً مع أنها قتل عثمان، على معنى أنه لغلظ أمره وفحشه بمنزلة ما يكون في آخر الزمان، الذي تندرس فيه الأحكام وتزول حتى كأنها لا أثر لها، أو أن المراد آخر زمان الخلافة الحقيقية التي جروا فيها على سنن المصطفى، وسماها آخراً مع أنه بقي منها مدة علي وابنه، لقرب قتل عثمان من آخرها»([26]).
غير أننا نقول:

إنها محاولة فاشلة:

أولاً: لأن الأحكام لم تندرس بقتل عثمان حتى كأنها لا أثر لها، بل اندرست في زمن عثمان، وزمن من سبقه، وقد أعادها علي «عليه السلام»، وستعود إلى الإندراس في أزمنة لاحقة على زمان علي «عليه السلام»، وقد أشار صلوات الله عليه إلى هذه الأمور الثلاثة حيث قال لأهل العراق: «وركزت فيكم راية الإيمان، وعرفتكم حدود الحلال والحرام»([27]).
وقال «عليه السلام»: «إن هذا الدين قد كان أسيراً في أيدي الأشرار، يعمل فيه بالهوى، وتطلب به الدنيا»([28]).
وعنه «عليه السلام» أنه قال: «يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه من القرآن إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه»([29]).
وقد ذكرنا في الجزء الأول من هذا الكتاب نصوصاً أخرى في هذا السياق، فلا حاجة لإعادتها. فذلك كله يشير إلى أن الإسلام كان قبل قتل عثمان، وحينه قد تعرض لأعظم الأضرار نتيجة للسياسات التي انتهجها أسلاف أمير المؤمنين «عليه السلام»([30]). ولكن علياً «عليه السلام» أعاد إليه رونقه..
ثانياً: دعواه: أن خلافة عثمان هي آخر زمان الخلافة الحقيقية التي جروا فيها على سنن المصطفى «صلى الله عليه وآله».. مردودة عليه، فإن الأحكام والأمور قد جرت في خلافة علي أمير المؤمنين «عليه السلام»، ثم في خلافة ولده الإمام الحسن «عليهما السلام» على سنن المصطفى «صلى الله عليه وآله»، بعد أن خالف من سبقهما سنته وحادا عن طريقته ونهجه «صلى الله عليه وآله».. بل خلافتهما هي التي أعادت الناس إلى ما كان على عهد رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فأعلن أصحاب الأطماع عليهما الحروب في الجمل وصفين والنهروان. وبعد ذلك حين استولى معاوية على البلاد، وأذل العباد.
ثالثاً: إن الزرقاني يريد تطبيق مفهوم الفتنة على حروب البغاة على علي «عليه السلام»، مع أن الفتنة هي التي لا يعرف وجه الحق فيها، في حين أن وجه الحق معروف في حروب الجمل وصفين والنهروان، فإن الحق كان مع علي «عليه السلام»، وكان محاربوه بغاة عليه.
ويزيد الأمر وضوحاً كثرة ما روي عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» في شأن الناكثين والقاسطين والمارقين، وفي شأن الخوارج، وفيما أخبر به «صلى الله عليه وآله» عائشة والزبير، من أنهما سيحاربان علياً «عليه السلام»، مع ذكره «صلى الله عليه وآله» حتى لبعض جزئيات ما يجري، مثل ركوبها الجمل الأدبب، ونباح كلاب الحوأب عليها، وغير ذلك..

متى قدم زرارة بن عمرو؟!:

تقدم في رواية أسيد: أن زرارة بن عمرو قدم على النبي «صلى الله عليه وآله» سنة إحدى عشرة، ولكن آخرين يقولون: إنه قدم في نصف رجب سنة تسع([31]). قال الزرقاني: «فيحتمل أنه وفد فيها، ثم وفد مع قومه سنة إحدى عشرة»([32]).
غير أن النص المتقدم قد صرح: بأن اللواء الذي عقده النبي «صلى الله عليه وآله» لزرارة بن عمرو على قومه قد كان مع زرارة يوم الفتح، وهذا معناه: أن وفادته على النبي «صلى الله عليه وآله» قبل فتح مكة في سنة ثمان، وكان زرارة قبل ذلك نصرانياً.
ويدل هذا أيضاً على: أن النخع قد أرسلوا رجلين منهم إلى النبي «صلى الله عليه وآله» قبل فتح مكة، ثم قدم عليه منهم مائتا رجل في المحرم سنة إحدى عشرة([33]).

حديث رؤيا زرارة:

وعن رؤيا زرارة نقول:
1 ـ ما المقصود بملك العرب فيها؟! هل هو ملك أبي بكر وعمر وعثمان! أم ملك بني أمية؟! وهل هذا الملك كان حسناً بنظر رسول الله «صلى الله عليه وآله»؟!
2 ـ وما معنى أن يحال بين زرارة وبين ولده، في حين أن ولده كان ممن خلع عثمان وبايع علياً«عليه السلام».. فهل من يبايع علياً «عليه السلام» يهلك، وتأكله نار الفتنة؟!
ولماذا وبماذا نجا زرارة؟! هل نجا لأنه شارك في حرب القادسية، وقتل فيها؟!
3 ـ أضف إلى ذلك ما قدمناه مما يرتبط بالفتنة، كما يزعم هؤلاء.




([1]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص287 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص316، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص178، وراجع: البداية والنهاية ج5 ص108.
([2]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص339 عن الطبراني برجال ثقات وقال في هامشه: أخرجه الطبراني في الكبير ج19 ص15 والبخاري في التاريخ ج7 ص185 وذكره الهيثمي في المجمع ج10 ص131 والسيوطي في الدر ج1 ص221، وكتاب الدعاء للطبراني ص259، وطبقات خليفة للعصفري ص137، والتاريخ الكبير للبخاري ج7 ص185، وأسد الغابة ج4 ص194 وج5 ص65، والإصابة ج5 ص319.
([3]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص339 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص367 ورسالات نبوية ص39 والطبقات الكبرى لابن سعد (ط ليدن) ج1 ق2 ص76 و (ط دار صادر) ج1 ص344 ومجموعة الوثائق السياسية ص94 و 235 وإمتاع الأسماع ج1 ص507 والمفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام ج2 ص194.
([4]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص390 عن زاد المعاد، عن الواقدي، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص225 و 226، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص319.
([5]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص402 و 276 عن زاد المعاد، عن ابن إسحاق، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص161 و 162 وعن البداية والنهاية ج5 ص72 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص328، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص140، وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص689، والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص1006، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص293.
([6]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص160، والإصابة ج1 ص597.
([7]) الآيات 1 ـ 5 من سورة الصافات.
([8]) الآية 86 من سورة الإسراء.
([9]) راجع: الدر المنثور ج4 ص201 وج5 ص271 والسيرة الحلبية ج3 ص260 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص161، وإمتاع الأسماع ج4 ص356، وسبل الهدى والرشاد ج7 ص72.
([10]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص276 و402، وراجع: الشرح الكبير لابن قدامه ج7 ص10، ومسند احمد ج5 ص211، وسنن ابن ماجة ج2 ص871، ومجمع الزوائد ج1 ص195 وج8 ص218، وعمدة القاري ج16 ص73، والآحاد والمثاني ج2 ص165 وج4 ص382، والمعجم الصغير للطبراني ج1 ص81 و236، والمعجم الكبير للطبراني ج2 ص286، والإنباه على قبائل الرواة لابن عبد البر ص42، والإستيعاب ج1 ص133و277، والدرر ص257، وكنز العمال ج12 ص369 و442، وجامع البيان للطبري ج15 ص110، وتفسير الثعلبي ج6 ص99 وج10 ص301، وتفسير السمعاني ج3 ص241، والمحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية الأندلسي ج3 ص455، وتفسير الرازي ج32 ص106، وتفسير القرطبي ج10 ص258 وج20 ص202، وتفسير البحر المحيط ج6 ص32، وتفسير الثعالبي ج3 ص473، والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص23، والتاريخ الكبير للبخاري ج7 ص274، وتاريخ بغداد ج7 ص131، وتاريخ مدينة دمشق ج54 ص218، وأسد الغابة ج1 ص98 و283 و290، والإصابة ج1 ص598، والأنساب للسمعاني ج1 ص27، وتاريخ المدينة ج2 ص547، وتاريخ الطبري ج2 ص394، والكامل في التاريخ ج2 ص298، والبداية والنهاية ج2 ص253 و254، وج5 ص86، وتاريخ ابن خلدون ج2 ق2 ص56، وإمتاع = = الأسماع ج2 ص99، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص293، والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص86 وج4 ص141.
([11]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص402 و 403 عن مسند أحمد، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص162 وعن البداية والنهاية ج5 ص72، ومسند احمد ج5 ص211، وسنن ابن ماجة ج2 ص871، وإرواء الغليل للألباني ج8 ص35، والتاريخ الصغير للبخاري ج1 ص37، وإمتاع الأسماع ج3 ص210.
([12]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص402 و 403 عن أحمد، وابن ماجة، والحارث، والبارودي، وابن سعد، والطبراني في الكبير، وأبي نعيم، والضياء، وراجع: مجمع الزوائد ج10 ص158 عن أحمد، والطبراني.
([13]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص403 عن العسكري، وراجع: السيرة الحلبية ج3 ص261، وكشف الخفاء للعجلوني ج2 ص339.
([14]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص276 و403، وراجع: السيرة النبوية لابن هشام الحميري ج4 ص1006، وخزانة الأدب للبغدادي ج8 ص285.
([15]) وقد قيل: إن الفرق بين العرَّاف والكاهن: أن الكاهن يخبر عما مضى، والعرَّاف يخبر عما يأتي. راجع: أقرب الموارد، مادة كهن ج2 ص1110 عن كليات أبي البقاء.
([16]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص345 وفي هامشه عن: دلائل النبوة لأبي نعيم ص160 وعن الطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص43 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص223 و 224، وراجع: عمدة القاري ج7 ص36، وإمتاع الأسماع ج14 ص311، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص317.
([17]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج6 ص331 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص286 و (ط ليدن) ج1 ق2 ص78 ونثر الدر لـلآبي ج1 ص262 ونشأة = = الدولة الإسلامية ص351، و مكاتيب الرسول للأحمدي الميانجي ج 3 ص 413 عن: لطبقات ج1 ق2 ص34 وفي (ط أخرى) ص286 (وأوعز إليه ص78)، وراجع نثر الدر للآبي ج1 ص262، ونشأة الدولة الاسلامية ص351، ومدينة البلاغة ج2 ص340، والوثائق السياسية ص291 و186 عن الطبقات ونثر الدر المكنون للأهدل ص64 وقال قابل الطبقات ج1 ق 2 ص78 وانظر كايتاني ج10 ص28، واشپرنكر ج3 ص469.
([18]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص320 وفي هامشه عن: البداية والنهاية ج5 ص95، وعيون الأثر لابن سيد الناس ج2 ص298 وراجع: المواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص171 ـ 173 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ص339 و 340 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص241، ومكاتيب الرسول ج2 ص515 نقلاً عن: ابن هشام والطبري والطبقات وتأريخ الخميس والتنبيه والاشراف وشرح المواهب للزرقاني، و تاريخ ابن خلدون ج 2 ق2 ص 54.
([19]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص173 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص426 وراجع: مكاتيب الرسول ج2 ص515 وقال في هامشه: راجع في تفاصيل وفودهم: تاريخ الأمم والملوك للطبري ج3 ص126 والسيرة النبوية لابن هشام ج4 ص226 وفي (ط أخرى) ص239 والمفصل ج4 ص188 و ج3 ص532 وحياة الصحابة ج1 ص95 و 96 والطبقات الكبرى لابن سعد ج1 ق2 ص72 وزاد المعاد ج3 ص35 والكامل ج2 ص293 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص53 وتاريخ الخميس ج2 ص144 والبحار ج21 ص270 والروض الأنف ج4 ص228 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج4 ص33 و 34 ومعجم قبائل العرب ج1 ص231 وأسد الغابة ج4 ص211 والسيرة الحلبية ج3 ص259 والسيرة النبوية لدحلان (بهامش الحلبية) ج2 ص384 ودلائل النبوة للبيهقي ج5 ص411 والبداية والنهاية ج5 ص98 وما بعدها.
([20]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص409 عن ابن سعد، وفي هامشه عن: الطبقات لابن سعد، (ط ليدن) ج2 ص436 وفي (ط دار صادر) ج1 ص299، والبداية والنهاية ج5 ص104، والسيرة النبوية لابن كثير ج4 ص173.
([21]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص409 عن ابن شاهين، وأبي نعيم في معرفة الصحابة، وابن خلاد في الجزء الثاني من فوائده، وأسد الغابة ج1 ص37، والإصابة ج1 ص171.
([22]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص342.
([23]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج1 ص346 والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص234 و 235 وراجع: أسد الغابة ج1 ص61 والإصابة ج1 ص27 و 255 ورسالات نبوية ص9 ومجموعة الوثائق السياسية ص244 وكنز العمال ج16 ص186، والسيرة الحلبية ج3 ص280.
([24]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423 عن ابن سعد، والطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج1 ص346 وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص234 و 235 عنه، وعن ابن شاهين، وراجع: تاريخ مدينة دمشق ج46 ص13.
([25]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423 و 424 عن ابن شاهين من طريق المدائني، وابن الكلبي، والمواهب اللدنية وشرحه للزرقاني ج5 ص235 ـ 238، و الطبقات الكبرى لابن سعد ج5 ص532، وتاريخ مدينة دمشق ج46 ص14،وعيون الأثر ج2 ص321، والسيرة الحلبية ج3 ص279.
([26]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص237.
([27]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج1 ص153، والبحار ج34 ص209، وشرح النهج للمعتزلي ج6 ص380، وأعلام الدين في صفات المؤمنين للديلمي ص 128.
([28]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج3 ص95 من عهده «عليه السلام» للأشتر.
([29]) نهج البلاغة (بشرح عبده) ج4 ص87 الحكمة رقم 369 و 190.
([30]) راجع: الجزء الأول من هذا الكتاب فصل: «الدوافع والأهداف، والآثار والنتائج».
([31]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص234 عن ابن عبد البر، والذهبي، والوافي بالوفيات ج14 ص129، والإصابة ج2 ص463.
([32]) شرح المواهب اللدنية للزرقاني ج5 ص234 وقال: كذا في النور.
([33]) سبل الهدى والرشاد ج6 ص423.

 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page