المعروف تأريخياً أنّ النجف شهدت ثورة ضد الانجليز... ودراسة الثورة المشار إليها، لابُدّ أن تمرّ على مواقف السيّد اليزدي، فهو المرجع الأعلى للشيعة الّذي يتّخذ من النجف مقرّاً له، ممّا يعني أ نّه كان وسط دائرة الحوادث، وفي موقع التأثير على مجرياتها، أو على الأقلّ في موقع الاحتكاک المباشر بها، وهذا ما يفرض عليه أن يكون صاحب موقف فيما يدور حوله، ولم يكن بمقدوره أن ينعزل ويبتعد، فخيار الحياد لم يكن ممكناً لشخص في موقعه.
وعلى هذا فالسيّد محمّد كاظم اليزدي جزء من حركة الحوادث، ومعرفة موقفه لايصحّ تجاوزها بأيّ حال من الأحوال عند دراسة ثورة النجف.
إنّ هذا التصوّر مسألة أساسية تفرضها طبيعة المتابعة ومنهجية البحث، وليس هناک أيّ مبرر موضوعي لمخالفة هذا المنهج التاريخي. فالمطلوب إذاً دراسة موقف اليزدي ودوره في حوادث الثورة.
أين كان يقف في معادلة الصراع؟
هل مارس دوراً داعماً أم مناهضاً للثورة والثوار؟
ما هي قدراته في التأثير على عناصر الثورة؟
وغير ذلک من الأسئلة الّتي يحقّ لكلّ باحث، بل لكلّ مهتمّ أن يثيرها أمام شخصية المرجع الأعلى للشيعة أيامَ ذاک. وهذه النقطة بالذات ـ أي كونه مرجع زمانه ـ هي الّتي تجعل مناقشة دور اليزدي في الثورة ذات أهميّة قصوى إلى أعلى المستويات، بحكم موقعه الديني المتفرّد في العالم الشيعي.
إنّ ثورة النجف هي في حقيقتها محصّلة عدّة وقائع تاريخيّة شاخصة: موقف زعماء النجف... جمعية النهضة الإسلامية.. عملية الحاج نجم البقال.. أزمة سعد الحاج راضي.. قرار زعماء النجف.
هذه هي المفردات الأساسية الّتي تشكّلت منها حوادث تلک الفترة، والّتي قادت إلى المواجهة المسلّحة بين الثوار والاستعمار البريطاني، ولقد كان لكلّ مفردة ظروفها الخاصّة الّتي استدعت اتخاذ مواقف تنسجم مع أجوائها السياسية والاجتماعيّة الّتي عاشت وسطها. وسنحاول دراسة هذه المفردات من خلال مقاطعها الزمنيّة وترابطها مع الحوادث الاُخرى :
موقف السيّد اليزدي من ثورة النجف وأثره
- الزيارات: 430