طباعة

كلام الشريف المرتضى رحمه الله تعالى في الرجعة

سُئل الشريف المرتضى رحمه الله تعالى عن حقيقة الرجعة، لأن شذاذ الإمامية يذهبون إلى أن الرجعة رجوع دولتهم في أيام القائم عليه السلام من دون رجوع أجسامهم.
الجواب: إعلم أن الذي تذهب الشيعة الإمامية إليه أن الله تعالى يعيد عند ظهور إمام الزمان المهدي عليه السلام قوماً ممن كان قد تقدم موته من شيعته، ليفوزوا بثواب نصرته ومعونته ومشاهدة دولته, ويعيد أيضاً قوماً من أعدائه لينتقم منهم، فيلتذوا بما يشاهدون من ظهور الحق وعلو كلمة أهله, والدلالة على صحة هذا المذهب أن الذي ذهبوا إليه مما لا شبهة على عاقل في أنه مقدور لله تعالى، غير مستحيل في نفسه، فإنا نرى كثيراً من مخالفينا ينكرون الرجعة إنكار من يراها مستحيلة غير مقدورة, وإذا ثبت جواز الرجعة ودخولها تحت المقدور، فالطريق إلى إثباتها إجماع الإمامية على وقوعها، فإنهم لا يختلفون في ذلك.
وإجماعهم قد بينا في مواضع من كتبنا أنه حجة، لدخول قول الإمام عليه السلام فيه، وما يشتمل على قول المعصوم من الأقوال لا بد فيه من كونه صواباً, وقد بينا أن الرجعة لا تنافي التكليف، وأن الدواعي مترددة معها حين لا يظن ظان أن تكليف من يعاد باطل.
وذكرنا أن التكليف كما يصح مع ظهور المعجزات الباهرة والآيات القاهرة، فكذلك مع الرجعة، لأنه ليس في جميع ذلك ملجئ إلى فعل الواجب والامتناع من فعل القبيح.
فأما من تأول الرجعة في أصحابنا على أن معناها رجوع الدولة والأمر والنهي، من دون رجوع الأشخاص وإحياء الأموات، فإن قوماً من الشيعة لما عجزوا عن نصرة الرجعة وبيان جوازها وأنها تنافي التكليف، عولوا على هذا التأويل للأخبار الواردة بالرجعة.
وهذا منهم غير صحيح، لأن الرجعة لم تثبت بظواهر الأخبار المنقولة، فيطرق التأويلات عليها، فكيف يثبت ما هو مقطوع على صحته بأخبار الآحاد التي لا توجب العلم؟ وإنما المعول في إثبات الرجعة على إجماع الإمامية على معناها، بأن الله تعالى يحيي أمواتاً عند قيام القائم عليه السلام من أوليائه وأعدائه على ما بيناه، فكيف يطرق التأويل على ما هو معلوم، فالمعنى غير محتمل.(١٠٠١)
وقال الشريف المرتضى في موضع آخر: (مسألة ستون) مسألة الرجعة, الاعتقاد في الرجعة عند ظهور القائم عليه السلام وما في الرجعة؟
الجواب: معنى الرجعة أن الله تعالى يحيي قوماً ممن مات قبل ظهور القائم عليه السلام من مواليه وشيعته، ليفوزوا بمباشرة نصرته وطاعته وقتال أعدائه، ولا يفوتهم ثواب هذه المنزلة الجليلة التي لم يدركها، حتى لا يستبدل عليهم بهذه المنزلة غيرهم، والله تعالى قادر على إحياء الموتى، فلا معنى لتعجب المخالفين واستبعادهم.(١٠٠٢)
***********************************
(١٠٠١) رسائل المرتضى, الشريف المرتضى: ١/ ١٢٥.
 (١٠٠٢) نفس المصدر: ١/ ٣٠٢ - ٣٠٣.