طباعة

٨ - نجاة قافلة تاهت في الصحراء بعدما كادت أن تموت من العطش

حدّث الشيخ عبد العظيم المهتدي البحراني عن المرحوم آية الله العظمى السيد عبد الأعلى السبزواري أعلى الله مقامه الشريف أنه لما كان في الأربعين من عمره الشريف قال: خرجنا مع قافلة الحاج السيد إسماعيل حبل المتين في حافلة (باص) من إيران قاصدين حج بيت الله الحرام, ولما دخلنا الأراضي الصحراوية للجزيرة العربية ضل السائق طريق مكة المكرمة, وأخذ يضرب يمنة ويسرة من دون جدوى حتى نفذ وقود محرك السيارة.. فنزلنا منها بحال يرثى لها, ألقينا النظر إلى ما حولنا فلم نجد سوى صحراء قاحلة, ولا أثر لذي حياة ولا دابة ولا جادة.
مضت ساعات نفذ الماء وانتهى الطعام أيضاً, وأخذ أملنا في النجاة يضعف تدريجياً ويخمد.. إنها كانت لحظات في منتهى الرعب، وفي غاية من القسوة..! إذ كان شبح الموت يدنو إلينا بخطاه الموحشة.
بعض ممد, قد سلّم أمره إلى الله.. وبعض آخر منطو على نفسه يائس من الحياة، وهو يفكر في أهله وماله الذي خلّفه في وطنه, وقام بعض منّا يحفر قبراً لنفسه ليرقد فيه لدى اللحظة الأخيرة.
يقول السيد السبزواري رحمه الله تعالى: وأما أنا فأخذت في هذه الساعة أبحث عن نافذة للهروب منها إلى الحياة، وإنقاذ هؤلاء الأشخاص أيضاً, وليس هناك طريق سوى الهروب إلى واهب الحياة، وخالقنا القوي المتعال.
وبينما كنت أتأمل في هذه الحال! وإذا بي أتذكر القيام بصلاة جعفر الطيار، والتوسل بها إلى الله تعالى.
أخذت سجادتي وابتعدت قليلاً حتى صرت لا أرى أمامي أحداً يشغلني عن التوجه إلى الله عزَّ وجلَّ.
ولما أصبحت على وشك الإنتهاء منها سمعت أحد الركاب يناديني: أسرع يا سيد, تعال فإننا ننتظرك أنت فقط.
نظرت إلى الوراء فرأيت أصحابي كلهم جالسين في السيارة مستعدين للحركة, جئت فوجدت كلّ شيء جاهزاً، وماكنة السيارة تشتغل.
قلت: ما الذي حدث؟
قالوا: إن فارساً جاء فأطعمنا وأروانا, وأمر السائق بتشغيل السيارة, فاشتغلت كما ترى, ثم أشار بيده إلى تلك الجهة, وقال: إنها طريق مكة المكرمة, ولما أراد الرحيل قال: نادوا السيد، وبلّغوه سلامي.
وهكذا تحركنا على ذات الإتجاه المشار إليه فوصلنا إلى مكة المكرمة سالمين.
فسلام الله عليه وتحياته وصلواته روحي لتراب مقدمه الفدا.
إنه على ما يبدو كان سيدي ومولاي الحجة بن الحسن المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.(١٢٧٣)
************************************
 (١٢٧٣) قصص وخواطر, الشيخ عبد العظيم المهتدي: ١٤٩ - ١٥١.