طباعة

يا منقذ الإسلام

حييت يا منقذ الإسلام برهانا * * * حييتَ يا حاملاً سيفاً وقرآنا
حييت تستمطر الآفاق ما حملت * * * طياتُها من لهيبِ الجورِ نيرانا
تجمِّع الآهَ في حدّ الظبا لهباً * * * تصبُّه فوق هامِ البغيِ بركانا
ناراً تدك صروح البغي صاليةً * * * تذيبُ ما رصَّعوا عرشاً وتيجانا
لتحرقَ الظلمَ في أوكار سطوته * * * ويصطلي بضرامِ الحقِّ خسرانا
يخرُّ يذوي إلى رمس البِلى مِزَقاً * * * لِهُوَّةٍ ملئت ظلماً وعدوانا
بحيث لا ندم يجدي ولا سَعَةٌ * * * تُرجى وقيل له دِينَ الذي دانا
يُهالُ من فوقه كالجمر مضطرماً * * * شواظُ محنتِنا أيامَ بلوانا
ونقبرُ الآهَ تلوَ الآهِ في جدثٍ * * * فكم حسوناهُ ويلاتٍ وأحزانا
وكم جرعْنا بكأس الغمِّ غصَّتَه * * * وكم سلوْنا وذاتُ الصبرِ سلوانا
وكم سكبْناعلى شاطي النوى حِمَماً * * * من الدموع تُسلِّي النفسَ أحيانا
يغتالُنا اليأسُ يأسُ الانتظار ولا * * * يغتالُُ منّا أحاسيساً وأشجانا
نَرنو إلى مركب التأليف يجمعُنا * * * من الشتاتِ فكم شطَّتْ سرايانا
يُقِلُّنا الضفةَ الأخرى وإن بَعُدت * * * فالسيرُ عذبٌ لِشأْوٍ فيه إِحيانا
يُقِلُّنا لمروج الحبِّ مزهرةً * * * نستافُ من عبْقِها روحاً وريحانا
لمرفأٍ في حنايا الحبِّ مَرْتَعُهُ * * * وفي حنان الإخا يختالُ نشوانا
إلى الأمان وهل غير الأمان هوىً * * * نصبو إليه وتعلو فيه أصدانا
إلى الورودِ التي لم تبدُ حمرتُها * * * إلا بريِّ دمٍ صبَّتْه قتلانا
إلى اليفاعِ الذي لم تَخْبُ نضرتُه * * * إلا سقيناه أطفالاً وشبانا
إلى الجمالِ الذي لم تَحْلُ صورتُه * * * وقد عشقناه خلّاباً وفتّانا
إلا كما شاءت الأقدارُ وانخسفتْ * * * منا بدورٌ تردُّ البدرَ خجلانا
فكلما أَوْمَضَتْ خلف الغمام يدٌ * * * نظن أن بها بِيضاً ومُرَّانا
تعَكَّرَ الصفْوُ واسْتَشْرى الظلامُ به * * * وصال كالشبحِ المسعورِ هيمانا
وثار بحرُ الأسى تعلوه عاصفةٌ * * * وجاءنا موجُه العاتي وغطانا
فنحن في بحر آمالٍ تَقاذَفَنا * * * مداً وجزراً فأدنانا وأقصانا
بحرٍ خِضَمٍّ عميقٍ داكنٍ عكرٍ * * * وسطحُه مفعمٌ سُحباً ودخانا
فكيف نبصرُ خلفَ الحُجْبِ غايتَنا * * * وصارمُ اليأسِ أضنانا وأعيانا
والعينُ في دمعِها القاني بحرقَتِه * * * كأنما اصطنعتْ بالدمع أجفانا
أم كيف نبحرُ حتى لو مجازفةً * * * والنفسُ تحدو بنا شوقاً لمرمانا
والمركبُ الغرُّ محجوبٌ وصاحبُه * * * والركبُ يحتاجُ للإبحارِ ربانا
ها نحن رغمَ صروفِ الدهرِ في ثقةٍ * * * ورغم ما حملت منها رزايانا
ورغمَ طولِ مغيبٍ قد أَضرَّ بنا * * * وزاد في الزمن المشؤومِ أزمانا
والله ما خالجتْ أذهانَنا رِيَبٌ * * * ولا بهمسة شكٍّ في خفايانا
لكننا كلما نرنو لواقِعِنا الـ * * * ـمرِّ المعذبِ ألواناً وألوانا
ضاقت به الرُّحْبُ والأفياءُ فارهةٌ * * * تقل هارونَ في وكرٍ ومروانا
وثرثرتْ باسمِه الأنهارُ مُتْرعةً * * * وبات من حولها عطشان ظمآنا
نَبُثُّها صرخةَ الغرقى لمنقذِهِم * * * مما عراهم أسى سيلاً وطوفانا
ونحن واللهِ ندري ما تفيضُ به * * * جراحُ قلبِك آلاماً وتحنانا
فَمُذْ تكالبَت الأرزاءُ مطبقةً * * * أيقنتُ أنَّ بزوغَ الفجرِ قد حانا
أيقنتُ أنَّ ربيعَ الكونِ سوف يرى * * * بأن موعدَه المحتومَ قد حانا
قد آنَ أنْ تزهرَ الآفاقُ مُبْهَجَةً * * * ويبسمَ الدهرُ مسروراً وجذلانا
ويحكمَ الخصبُ أصقاعَاًلدنى فرحاً * * * ويزدهي المحل مكسواً وريانا
وينتشي العدلُ في أسمى مراتِبِه * * * يطبقُ الكونَ إخلاصاً وإحسانا
وتسكنَ الصرصرُ الهوجاءُ تائبةً * * * تلقى الشكائمَ في كفَّيْكَ سلطانا
ونكحلَ العيَن من وجهٍ يفيضُ سناً * * * ورأفةً وابتساماتٍ وإيمانا
ونشرحَ الصدرَ إيناساً بمجلسِه * * * ويخفقَ القلبُ مياساً وفرحانا
يا سيدي يا وليَّ العصرِ يا أملاً * * * غنَّى به القلبُ أنغاماً وألحانا
عجلْ فما أولهَ العشاقَ في غَدِنا * * * للسيِر خلفَك أنصاراً وأعوانا
عجلْ وعينُك خلف الغيب ترعانا * * * وأجمعْ بنورِ الهدى والحبِّ أهوانا
فالحقدُ كشَّرَ أنياباً لفرقتِنا * * * كأنَّ في كلِّ نابٍ منه ثُعبانا
وأننا اليومَ أشلاءٌ موزعةٌ * * * كأنَّنا لم نكنْ في الله إخوانا
فاشهر حُسامك فالبشرى بومضته * * * تنيرُ ليلَ الورى صبحاً وتبيانا
فكم تلوحُ سيوفُ الحاقدين بنا * * * تحتلُّ أنحرَنا غمداً وميدانا
تتيه ملؤُ مداها ضحكةً وأسى * * * كأنَّها وهي تفْرينا تحدانا
ونحنُ نشحذها جهلاً ونطعمُها * * * دم الموالين للكرار قربانا
نغوصُ في لُجَّةِ الآثامِ لا قبسٌ * * * يضيءُ وسطَ عُبابِ الذنبِ مسرانا
الناسُ بالعلمِ تسعى نحو عزتها * * * وإن بنوا في متين الصرح عصيانا
ونحن لم نرَ غيرَ الطعن في العُلما * * * وغيرَ سبِّهم درساً وعنوانا