طباعة

عصمة الأنبياء

حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضى الله عنه والحسين بن إبراهيم بن أحمد بن هشام المكتب وعلى بن عبد الله الوراق رضى الله عنهم قالوا: حدثنا على بن إبراهيم بن هاشم قال: حدثنا القاسم بن محمد البرمكى قال: حدثنا أبو الصلت الهروي قال: لما جمع المأمون لعلى بن موسى الرضا عليه السلام أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وسائر المقالات فلم يقم أحد إلا وقد الزمه حجته كانه القم حجرا قام إليه على بن محمد بن الجهم فقال له: بن رسول الله اتقول بعصمه الانبياء؟ قال: نعم قال: فما تعمل في قول الله عز وجل: (وعصى آدم ربه فغوى) (1) وفي قوله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه) (2) وفي قوله عز وجل في يوسف عليه السلام: (ولقد همت به وهم بها) (3) وفي قوله عز وجل في داود: (وظن داود إنما فتناه) (4) وقوله تعالى في نبيه محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) (وتخفى في نفسك ما الله مبديه) (5) فقال الرضا عليه السلام: ويحك يا على اتق الله ولا تنسب الى انبياء الله الفواحش ولا تتأول كتاب الله برايك فإن الله عز وجل قد قال: (ولا يعلم تأويله الا الله والراسخون) (6) وأما قوله عز وجل في آدم: (وعصى آدم ربه فغوى) فإن الله عز وجل خلق آدم حجه في ارضه وخليفه في بلاده لم يخلقه للجنه وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض وعصمته يجب ان يكون الأرض ليتم مقادير أمر الله فلما اهبط الى الارض وجعل حجه وخليفه عصم بقوله عز وجل: (ان اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) (7) وأما قوله عز وجل: (وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن ان لن نقدر عليه) إنما ظن بمعنى استيقن ان الله لن يضيق عليه رزقه الا تسمع قول الله عز وجل: (وأما إذا ما ابتليه ربه فقدر عليه رزقه) (8) أي ضيق عليه رزقه ولو ظن ان الله لا يقدر عليه لكان قد كفر وأما قوله عز وجل في يوسف (ولقد همت به وهم بها) فانها همت بالمعصيه وهم يوسف بقتلها ان اجبرته لعظم ما تداخله فصرف الله عنه قتلها والفاحشة وهو قوله عز وجل: (كذلك لنصرف السوء والفحشاء) يعنى القتل والزنا وأما داود عليه السلام فما يقول من قبلكم فيه؟ فقال على بن محمد بن الجهم: يقولون: ان داود عليه السلام كان في محرابه يصلى فتصور له ابليس على صوره طير احسن ما يكون الطيور فقطع داود صلاته وقام لياخذ الطير فخرج الطير الى الدار فخرج الطير الى السطح فصعد في طلبه فسقط الطير دار اوريا بن حنان فاطلع داود في اثر الطير بامراه اوريا تغتسل فلما نظر إليها هواها وقد اخرج اوريا في بعض غزواته فكتب الى صاحبه ان قدم اوريا امام التابوت فقدم فظفر اوريا بالمشركين فصعب ذلك على داود فكتب إليه ثانيه ان قدمه امام التابوت فقدم فقتل اوريا فتزوج داود بامراته قال: فضرب الرضا عليه السلام بيده على جبهته وقال: انا لله وانا إليه راجعون! لقد نسبتم نبيا من انبياء الله الى التهاون بصلاته حتى خرج في اثر الطير ثم بالفاحشة ثم بالقتل! فقال: يا بن رسول الله فما كان خطيئته؟ فقال: ويحك! ان داود إنما ظن ان ما خلق الله عز وجل خلقا هو اعلم منه فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا المحراب فقالا: (خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا الى سواء الصراط ان هذا اخى له تسع وتسعون نعجه ولي نعجه واحده فقال اكفلنيها وعزنى في الخطاب) فعجل داود عليه السلام على المدعى عليه فقال: (لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه) ولم يسال المدعى البينه على ذلك ولم يقبل على المدعى عليه فيقول له: ما تقول؟ فكان هذا خطيئه رسم الحكم لا ما ذهبتم إليه الا تسمع الله عز وجل يقول: (يا داود انا جعلناك خليفه الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى) الى آخر الايه فقال: يا بن رسول الله فما قصته مع اوريا فقال الرضا عليه السلام ان المرأه في ايام داود عليه السلام كانت إذا مات بعلها أو قتل لا تتزوج بعده ابدا واول من اباح الله له ان يتزوج بامراه قتل بعلها كان داود عليه السلام فتزوج بامراه اوريا لما قتل وانقضت عدتها منه فذلك الذي شق على الناس من قبل اوريا واما محمد (صلی الله علیه و آله و سلم) وقول الله عز وجل: (وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشيه الله فان الله عز وجل عرف نبيه (صلی الله علیه و آله و سلم) اسماء ازواجه في دار الدنيا واسماء ازواجه في دار الاخرة وانهن امهات المؤمنين واحداهن من سمى له زينب بنت جحش وهي يومئذ تحت زيد بن حارثه فاخفى اسمها في نفسه ولم يبده لكيلا يقول أحد من المنافقين انه قال في امراه في بيت رجل انها احدى ازواجه من امهات المؤمنين وخشى قول المنافقين فقال الله عز وجل: (وتخشى الناس والله احق ان تخشيه) يعنى في نفسك وان الله عز وجل ما تولى تزويج أحد من خلقه إلا تزويج حوا من آدم عليه السلام وزينب من رسول الله (صلی الله علیه و آله و سلم) بقوله: (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) الايه (9) وفاطمة من على عليه السلام قال: فبكى على بن محمد.

المصادر :
----------------------------------------------------------
1 - سورة طه: الاية 121.
2 - سورة الانبياء: الاية 87.
3 - سورة يوسف: الاية 24.
4-  سورة ص: الاية 24.
5 - سورة الاحزاب: الاية 37.
6 - سورة آل عمران: الاية 7.
7 - سورة آل عمران: الاية 33
8- سورة الفجر: الاية 16.
9- سورة الاحزاب: الاية 37. الوطر بالتحريك: الحاجة. قضى منه وطره: نال منه بغيته.