طباعة

2 - الظهور حجَّة على صاحبه ومن ساغ له تقليده ومتابعته

 لو أغفلنا النظر عمَّا ذُكِرَ في المبحث السابق، والتزمنا بحجّية الظهور في مثل هذا المورد، ولم تقم قرينة على خلافه تُسقِط الحجّية عنه، ولم تعارضه دلالة دليل آخر بنحو مستقرٍّ بحيث يُسقِطه عن الحجّية ويُقدَّم عليه أو يسقط معه وفقاً لقواعد التعارض المنقَّحة في محلِّها في باب التعادل والتراجيح، فإنَّ الظهور إنَّما يكون حجَّة على من تحقَّق عنده ومن ساغ له أن يُقلِّده ويتابعه دون غيره، وفي محلِّ الكلام نقول: إنَّ المورد ليس من الفروع العملية ليسوغ التقليد فيه، ولا أنَّ المقلَّد المزعوم قد توفَّرت فيه شرائط التقليد بنحو تحقَّق المكلَّف من ثبوتها، وأنّى له التثبُّت من وجودها فيمن احتجب عن الأنظار وغاب عن الأبصار؟ وفي المقابل ليس للمتابعين قابلية التحقُّق من الظهورات وإعمال قواعد الصناعة في استنطاق الأدلَّة والوقوف على مكنون معانيها وواقع مقاصدها وملاحظة المعارض لها وما يمكن أن يُؤثِّر في المفهوم منها ممَّا يصلح لأن يكون قرينة على إرادة ما هو مخالف للظاهر أو ما يُؤثِّر على قبولها رغم تمام دلالتها - لو تمَّت -، وعلى هذا كيف يحلُّ الإشكال في المتابعة؟
ونحن حين نظرنا إلى هذه الرواية لم نجد فيها ما يصلح للدلالة على المدَّعى المزعوم ولا تشخيص الفرد المراد، إذ إنَّها تتحدَّث عن قضيَّة خارجية وليست بصدد بيان حكم كلّي ليقال: إنَّ الدلالات تتناول المفاهيم، وفي مقام تحديد المفاهيم يرجع إلى الفهم العرفي. مضافاً إلى كثرة الهنات في الاستفادة المزبورة من قرائن عقلية ورواية معارضة وقرائن منفصلة. فكيف يُراد إتمام الحجَّة علينا بدعوى تُسوّق على أنَّها مستندة إلى دليل صالح لتأسيس مثل هذا الأمر المهمّ؟