طباعة

سرد الروايات

 إذا عرفنا هذا التفصيل، تعالَ معي عزيزي المؤمن، لنطالع معاً بعض الروايات الشريفة الواردة في صفات الإمام المهدي (عليه السلام)، وستجد فهمها إن شاء الله تعالى سهلاً بعد اطّلاعك على التنويع والتفصيل المتقدّم.
ففي رواية علي بن مهزيار ورؤيته للإمام المهدي (عليه السلام) يقول علي: (... فدخلت عليه صلوات الله عليه وهو جالس على نمط عليه نطع أديم أحمر متَّكئ على مسورة أديم، فسلَّمت عليه وردَّ عليَّ السلام، ولمحته فرأيت وجهه مثل فلقة قمر، لا بالخرق ولا بالبزق، ولا بالطويل الشامخ، ولا بالقصير اللاصق، ممدود القامة، صلت الجبين، أزج الحاجبين، أدعج العينين، أقنى الأنف، سهل الخدّين، على خدّه الأيمن خال، فلمَّا أن بصرت به حار عقلي في نعته وصفته...)(٧٤).
وعن حذيفة بن اليمان، عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنَّه قال: «المهدي من ولدي، وجهه كالكوكب الدرّي، واللون لون عربي، والجسم جسم إسرائيلي، يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضى بخلافته أهل السماء [وأهل الأرض](٧٥) والطير في الجوّ...»(٧٦).
وعن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: «لو خرج القائم لقد أنكره الناس، يرجع إليهم شابَّاً موفَّقاً، فلا يلبث عليه إلَّا كلّ مؤمن أخذ الله ميثاقه في الذرِّ الأوَّل»(٧٧).
وعن أبي بصير، قال: قال أبو جعفر أو أبو عبد الله (عليهما السلام) - الشكّ من ابن عصام -: «يا أبا محمّد، بالقائم علامتان: شامة في رأسه، وداء الحزاز برأسه، وشامة بين كتفيه من جانبه الأيسر، تحت كتفيه الأيسر ورقة مثل ورق الآس»(٧٨).
عن أبي وائل، قال: نظر أمير المؤمنين علي إلى الحسين (عليهما السلام) فقال: «إنَّ ابني هذا سيّد كما سمّاه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيّداً، وسيُخرج الله من صلبه رجلاً باسم نبيّكم يشبهه في الخَلْق والخُلُق، يخرج على حين غفلة من الناس، وإماتة للحقّ، وإظهار للجور، والله لو لم يخرج لضُرِبَت عنقه، يفرح بخروجه أهل السماوات وسكّانها، وهو رجل أجلى الجبين، أقنى الأنف، ضخم البطن، أزيل الفخذين، بفخذه اليمنى شامة، أفلج الثنايا، ويملأ الأرض عدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً»(٧٩).
وعن حمران بن أعين، قال: قلت لأبي جعفر الباقر (عليه السلام): جُعلت فداك، إنّي قد دخلت المدينة وفي حقوي(٨٠) هميان فيه ألف دينار، وقد أعطيت الله عهداً أنَّني أنفقها ببابك ديناراً ديناراً، أو تجيبني فيما أسألك عنه. فقال: «يا حمران، سَلْ تجب، ولا تنفقنَّ دنانيرك»، فقلت: سألتك بقرابتك من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنت صاحب هذا الأمر والقائم به؟ قال: «لا»، قلت: فمن هو، بأبي أنت وأُمّي؟ فقال: «ذاك المشرب حمرة، الغائر العينين، المشرف الحاجبين، العريض ما بين المنكبين، برأسه حزاز، وبوجهه أثر، رحم الله موسى»(٨١).
وفي رواية عن أمير المؤمنين (عليه السلام) يصف فيها المهدي (عليه السلام)، قال: «هو شاب مربوع، حسن الوجه، حسن الشعر، يسيل شعره على منكبيه، ونور وجهه يعلو سواد لحيته ورأسه، بأبي ابن خيرة الإماء»(٨٢).
نسأل الله تعالى أن يرينا الطلعة البهيَّة للإمام المهدي (عليه السلام) على سلامة من ديننا ويقين من اعتقادنا، إنَّه سميع مجيب، والحمد لله ربّ العالمين.
إشارات(٨٣):
١ - إنَّ معرفة أوصاف الإمام المهدي (عليه السلام) هي من النوع الذي ينبغي معرفته لزيادة كمال المعرفة، نعم تترتَّب عليها منافع عظيمة كتشخيصه وعدم الاشتباه في شخصيته.
٢ - وردت في بعض الروايات صفاتٌ له (عليه السلام) قد يظهر منها التعارض، فمن رواية تقول: إنَّه مشرب بحمرة، إلى أُخرى تقول: في وجهه سمرة. رواية تقول: شعره حسن يسيل على منكبيه، وأُخرى تقول: إنَّ شعره أجعد.
فإمَّا أن تُحمَل بعضها على البعض الآخر، أو يُطرَح ضعيف السند، وأمرُ ذلك موكول إلى مظانّه.
٣ - إنَّ الصفات المذكورة للإمام (عليه السلام) بعضها من قبيل العرض اللازم كمقدار طول جسمه ولون عينيه، وبعضها من قبيل العرض المفارق، كالرواية التي وصفت شعره بأنَّه يسيل على منكبيه، فإنَّ هذا الأمر كان متعارفاً زمن صدور الرواية، وليس من الضروري أن يبقى شعر الإمام يسيل على منكبيه في زمنٍ يعاب فيه على الرجل هذا الأمر.
***************
(٧٤) كمال الدين: ٤٦٨ و٤٦٩/ باب ٤٣/ ح ٢٣.
(٧٥) ما بين المعقوفتين من البحار.
(٧٦) دلائل الإمامة: ٤٤١/ ح (٤١٣/١٧)؛ بحار الأنوار ٥١: ٩١.
(٧٧) بحار الأنوار ٥٢: ٢٨٧/ ح ٢٣، عن الغيبة للطوسي: ٤٢٠/ ح ٣٩٨.
(٧٨) الغيبة للنعماني: ٢٢٤/ باب ١٣/ ح ٥.
(٧٩) الغيبة للنعماني: ٢٢٢ و٢٢٣/ باب ١٣/ ح ٢.
(٨٠) أي الموضع الذي يُشَدُّ عليه الحزام.
(٨١) الغيبة للنعماني: ٢٢٣ و٢٢٤/ باب ١٣/ ح ٣.
(٨٢) الغيبة للطوسي: ٤٧٠/ ح ٤٨٧.
(٨٣) مستفادة من مركز الدراسات التخصّصية في الإمام المهدي (عليه السلام).