طباعة

معرفة علامات الظهور

 شاءت إرادة المولى جلَّ وعلا أن يجعل قبيل ظهور وليّ من أوليائه أو مزامناً له إرهاصات كونية ملفتة لنظر عموم الناس حتَّى يستعدَّ من كان ينتظره لتفعيل مقتضى انتظاره، وهذا ما وجدناه في حركات أغلب الأنبياء، فالنبيّ موسى (عليه السلام) كانت قبله نبوءة من أتباع بلاط فرعون بأنَّ مولوداً من بني إسرائيل سيزيل ملكه، وقتل لأجل التخلّص منه أكثر من عشرين ألف مولود ذكر، ولكن شاء المولى أن يعيش من يزيل ملك فرعون في بيت فرعون نفسه...(٤٧٥).
والنبيّ عيسى (عليه السلام) كانت علامة ولادته نجماً في السماء معروفاً بصفات محدَّدة، وقد تتبَّعه بعض العلماء في ذلك الزمن حتَّى وصلوا إلى فلسطين، وفي بيت لحم بناحية بيت المقدس، حيث وُلِدَ النبيّ عيسى (عليه السلام)...(٤٧٦).
والنبيُّ الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كذلك، حيث سقطت شرف طاق كسرى، وخمدت نار فارس وهي التي لم تخمد مذ نشبت، وغارت بحيرة ساوة، وفاض وادي السماوة...(٤٧٧).
فهذه هي سنن ولادات الأنبياء (عليهم السلام)، أو قل: هذه هي علامات ظهور حركة جديدة تُغيِّر مساراً سارت عليه الأُمَّة لقرون متمادية، وتلك هي العلامات التي ينتظرها المؤمنون.
إذن، (مسألة العلامات تُمثِّل إرهاصات لظهور الحقّ، وتمهيد الناس لاستقبال الحدث المهمّ، وهو أمر جرى في الأنبياء السابقين...)(٤٧٨).
وهي عادةً تشير إلى أُمور غير مألوفة أو غير طبيعية، وربَّما حوت بعضها على عنصر المعجزة، من شأنها أن تهزّ كيان الإنسان، وأن تُحرِّك شعوره وفضوله حول معرفة ما يجري حوله، وبالتالي الاستعداد لذلك الحدث المهمّ.
***************
(٤٧٥) راجع: كمال الدين: ٣٥٤/ باب ٣٣/ ح ٥٠.
(٤٧٦) راجع: سعد السعود: ٥٥٣ و٥٤.
(٤٧٧) عن أبان بن عثمان، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال: «كان إبليس لعنه الله يخترق السماوات السبع، فلمَّا وُلِدَ عيسى (عليه السلام) حُجِبَ عن ثلاث سماوات، وكان يخترق أربع سماوات، فلمَّا وُلِدَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حُجِبَ عن السبع كلّها، ورُميت الشياطين بالنجوم، وقالت قريش: هذا قيام الساعة الذي كنّا نسمع أهل الكتب يذكرونه، وقال عمرو بن أُميَّة، وكان من أزجر أهل الجاهلية: أُنظروا هذه النجوم التي يُهتدى بها، ويُعرَف بها أزمان الشتاء والصيف، فإن كان رُمي بها فهو هلاك كلّ شيء، وإن كانت ثبتت ورُمي بغيرها فهو أمر حدث. وأصبحت الأصنام كلّها صبيحة مولد النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ليس منها صنم إلَّا وهو منكبٌّ على وجهه، وارتجس في تلك الليلة إيوان كسرى، وسقطت منه أربعة عشر شرفة، وغاضت بحيرة ساوة، وفاض وادي السماوة، وخمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلاً صعاباً تقود خيلاً عراباً، قد قطعت دجلة، وانسربت في بلادهم، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه، وانخرقت عليه دجلة العوراء، وانتشر في تلك الليلة نور من قِبَل الحجاز، ثمّ استطار حتَّى بلغ المشرق، ولم يبقَ سرير لملك من ملوك الدنيا إلَّا أصبح منكوساً، والملك مخرساً لا يتكلَّم يومه ذلك، وانتزع علم الكهنة، وبطل سحر السحرة، ولم تبقَ كاهنة في العرب إلَّا حُجِبَت عن صاحبها، وعظمت قريش في العرب، وسمّوا آل الله (عزَّ وجلَّ)»، قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): «إنَّما سمّوا آل الله (عزَّ وجلَّ) لأنَّهم في بيت الله الحرام». (أمالي الصدوق: ٣٦٠ و٣٦١/ ح ٤٤٤/١).
(٤٧٨) مجلَّة الانتظار/ العدد ٤/ ص ١١.