طباعة

العلامة الرابعة: الصيحة

 ذكرت الروايات أنَّه ستحصل حادثة غريبة من نوعها، تكون المعجزة سِمتُها الظاهرة، عبَّرت عنها الروايات الشريفة بعدَّة تعبيرات، كالصيحة والفزعة والنداء في السماء، حيث يظهر من الروايات (أنَّ أخبار الصيحة والفزعة وأخبار النداء بأقسامها تشير إلى معنى مشترك وحادثة واحدة، لا اختلاف فيها وإن تعدَّدت أساليب الأخبار، ولا تعارض بينها في الحقيقة...)(٤٩٦).
وخلاصة هذه العلامة هي: في الليلة الثالثة والعشرين - ليلة جمعة - من شهر رمضان، سينادي جبرئيل (عليه السلام) بالحقّ: أنَّ الحقَّ مع آل محمّد عموماً ومع قائمهم (عليه السلام) خصوصاً، وحينئذٍ سيحصل فزع عظيم، بحيث يصل إلى كلّ من على وجه البسيطة، وستفزع حتَّى الفتاة الحيية من خدرها، ويعلم الجميع بالحقّ، فتخضع رقاب الظالمين وأعداء الله تعالى، لأنَّ إعلامهم المنحرف ضدّ القضيَّة المهدوية سيذهب أدراج الرياح بسبب ذلك النداء الإعجازي(٤٩٧)، وستكون هذه العلامة أقرب العلامات نسبياً للظهور المبارك، إذ أنَّها تحصل في شهر رمضان، والظهور سيكون في محرَّم الحرام. وسيكون لذلك النداء أثر مهمّ في قيام ذكر المهدي (عليه السلام) على ألسنة الناس، حتَّى يُشربوا حبَّه، وسيكون موضوع الساعة - كلّ ساعة - هو الإمام المهدي (عليه السلام).
والروايات في هذا المجال عديدة، نذكر منها:
عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «الصيحة التي في شهر رمضان تكون ليلة الجمعة لثلاث وعشرين مضين من شهر رمضان»(٤٩٨).
وعن الإمام الباقر (عليه السلام): «الصيحة لا تكون إلَّا في شهر رمضان، لأنَّ شهر رمضان شهر الله، والصيحة فيه هي صيحة جبرائيل إلى هذا الخلق»، ثمّ قال: «ينادي منادٍ من السماء باسم القائم (عليه السلام) فيسمع من بالمشرق ومن بالمغرب، لا يبقى راقد إلَّا استيقظ، ولا قائم إلَّا قعد، ولا قاعد إلَّا قام على رجليه فزعاً من ذلك الصوت، فرحم الله من اعتبر بذلك الصوت فأجاب، فإنَّ الصوت الأوَّل هو صوت جبرئيل الروح الأمين (عليه السلام)»، ثمّ قال (عليه السلام): «يكون الصوت في شهر رمضان في ليلة جمعة ليلة ثلاث وعشرين فلا تشكّوا في ذلك، واسمعوا وأطيعوا...، فإذا سمعتم الصوت في شهر رمضان فلا تشكّوا فيه أنَّه صوت جبرئيل، وعلامة ذلك أنَّه ينادي باسم القائم واسم أبيه (عليهما السلام) حتَّى تسمعه العذراء في خدرها فتُحرِّض أباها وأخاها على الخروج...»(٤٩٩).
وأخرج ابن طاووس (رحمه الله) عن أبو نعيم بإسناده عن علي (عليه السلام)، قال: «إذا نادى منادٍ من السماء أنَّ الحقَّ في آل محمّد، فعند ذلك يظهر المهدي على أفواه الناس، ويشربون حبَّه، فلا يكون لهم ذكر غيره»(٥٠٠).
***************
(٤٩٦) تاريخ ما بعد الظهور للسيّد محمّد الصدر: ١٣٠.
(٤٩٧) وكون النداء إعجازياً يمنع من صدور نداء معارض بأنَّ الحقّ مع (آل فلان) كما عبَّرت بعض الروايات، اللّهمّ إلَّا أن يُحمَل النداء على معنى طبيعي، والتفاصيل في تاريخ الغيبة الكبرى: ١٣١ و١٣٢.
(٤٩٨) كمال الدين: ٦٥٠/ باب ٥٧/ ح ٦.
(٤٩٩) الغيبة للنعماني: ٢٦٢ و٢٦٣/ باب ١٤/ ح ١٣.
(٥٠٠) الملاحم والفتن لابن طاووس: ١٢٩/ ح ١٣٦.