طباعة

الحيلة من رفع هذه الشعارات

 مواجهة البسطاء والجهلة بحيلة طرح شعار مقدَّس عامّ ليجذبوهم إلى قداسته، حتَّى إذا اقتنع بأنَّ ما يُراد الاستدلال به هو لا ريب فيه، ليُخرِجوهم بهذا الاستدراج من قناعاتهم السابقة وعقيدتهم التفصيلية بأحقّية شخص ما كرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رزية الخميس، وكأمير المؤمنين عليه السلام في صفّين، وفي فتنة الوهّابية المعاصرة والتي ليس مهمَّاً عندها أن تجري أنهار من دماء المسلمين بغير حقّ بسبب فتاواهم المغرضة، لكن المهمّ هو أن يُقصِّر المسلم ثوبه. وليس مهمَّاً أن يكون الحاكم جائراً وظالماً ومبتزَّاً لقوت شعبه ومقدرات بلده، لكن المهمّ أن يحافظ المسلمون على سُنَّة النبيِّ في السواك، ليُضلِّلوا البسطاء في تلك الممارسات، فيوهموهم بالتزامهم بسُنَّة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، فإن جاؤوا بكبيرة وجدوا لهم عذراً بالتزامهم بالسواك وتقصير الثياب وغيرها.
وكذلك هذه الحركات الضالّة التي نحن بصددها، فإن نجحت خطَّتهم في استدراج من يُراد خداعه، يجعلونه يقارن بين عقيدته السابقة الإجمالية ومستوى يقينه بها، وبين الشعار الجديد الذي يتضمَّن (الرجوع إلى القرآن أو البيعة لله).
ومن الطبيعي أنَّ عقيدة أكثر المسلمين في القرآن وولاية الله تعالى إجمالاً تنافس وتطغى على العقائد الأُخرى بصورتها التفصيلية، والمقارنة الحقيقية بالضبط إنَّما تتمُّ بين مستوى عقيدته بالقرآن وولاية الله سبحانه، وبين عقيدته التفصيلية بما يعتقده، فإن تمَّت المقابلة بينهما فمن الطبيعي سوف يُرجِّح اعتقاده بالقرآن وولاية الله، باعتبارهما الأصل قياساً بتفاصيل العقيدة، فإذا أخذ هذا الرجحان دوره الطبيعي في التأثير على هذا الشخص المعنيّ في الاستدراج في ترجيح قدسية وقطعية القرآن يُبقوه في هذه الدائرة العامَّة من قداسة القرآن، ثمّ يطرحون عليه مفاهيم متشابهة معدَّة سلفاً بمكر وحيلة، كما طُرِحَت فكرة الشورى والصحبة للنبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وجمل زوجة النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم ودم عثمان، وعبادة القبور بالنسبة للوهّابية، وبيضة السماء بالنسبة للگرعاوي والهمبوشي باعتباره قائم آل محمّد عليه السلام.
وبعد أن أُفرِغ هذا المسكين عن عقيدته السابقة يستدرجونه إلى حيث يشاؤون، لأنَّه سلَّم لهم وصدَّقهم في مقدّمتهم الأُولى من طرح شعارهم كشعار (حسبنا كتاب الله)، و(البيعة لله). والمراد الحقيقي هو تجهيز جيش من الجاهلين بهذه الأساليب، غايته سحق الحقِّ بأقدام المغفَّلين والمغرضين، فنراه بين الفينة والأُخرى يطلع علينا بنفس تلك القلوب التي كأنَّها رؤوس الشياطين، والهدف هذه المرَّة هو محق قضيَّة الله العظمى، وتشويه عقيدة المؤمنين بإمام الزمان وشريك القرآن الإمام المهدي عليه السلام.