طباعة

ادّعاء وضوح الدعوة

 ادَّعى كلّ من مرزا غلام أحمد القادياني وأحمد إسماعيل البصري أنَّ دعوة كلّ منهما دعوة حقّ، وأنَّها واضحة كوضوح الشمس، وأنَّه لا عذر لأحد في عدم الإيمان بها.
قال القادياني مؤكِّداً أنَّ حجَّته واضحة كالشمس:
(فأيّدني ربّي بآيات، وأنار أمري ببركات، وأتمَّ حجَّتي على الطالبين، ولكنَّهم ما خلّوا سبيلي وما كانوا منتهين، وجحدوا وقد تبيَّن الرشد من الغيّ وحصحص الحقّ، فأعجبني(٣٤٣) [كذا] إنكارهم وقساوة قلوبهم، إنَّهم رأوا علامات صدقي وآيات قبوليّتي، وما رجعوا إلى الحقّ وما كانوا راجعين.
يا حسرة عليهم! إنَّهم لا يفهمون حقيقة الواقعات، ولا يقبلون الآيات، بل يحتالون عند رؤيتها، ويتعامون مع وجود الأبصار، ويفترون عليَّ أشياء، ويريدون أن يطفئوا نور الإسلام، وصاروا ظهيراً للكافرين، وكان الحقّ واضحاً صريحاً مشرقاً كالشمس، فطبع الله على قلوبهم، وجعل على أبصارهم غشاوة، فما استطاعوا أن يروا الحقيقة كالمبصرين)(٣٤٤).
وكذلك الحال مع أحمد إسماعيل البصري، فإنَّه يؤكِّد دائماً على وضوح حقّيّة دعوته.
قال في أحد بياناته:
(لقد أسفر الصبح لذي عينين، وظهر أمر قائم آل محمّد عليهم السلام كالشمس في رائعة النهار، لا لبس فيه لكلّ طالب حقّ، وجاءكم يا علماء الشيعة من تعرفونه كما تعرفون أبناءكم، ولا يخفى عليكم أمره، بالروايات الصحيحة عن الصادقين عليهم السلام، فهل تنكرون على علماء اليهود والنصارى (لعنهم الله) أنَّهم لم يتَّبعوا محمّد [كذا] صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنَّه ذُكِرَ في كتبهم باسمه وصفته، وأنَّه يخرج من فاران، وتحتجّون عليهم بذلك، إذن فارجعوا إلى كتبكم وحاسبوا أنفسكم...).
إلى أن قال:
(أخبروكم أهل البيت عليهم السلام باسمي ومسكني وصفتي، فهل خفيتُ عليكم؟ ولكن (قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ) [هود: ٢٨]).
ثمّ قال:
أمَّا بعد فيا شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بحسب ما تدَّعون، لقد قامت عليكم الحجَّة البالغة التامّة من الله سبحانه وتعالى بي، وبأنّي الصراط المستقيم إلى جنّات النعيم، فمن سار معي نجا، ومن تخلَّف عني هلك وهوى، وهذا هو الإنذار الأخير لكم من الله ومن الإمام المهدي عليه السلام، وما بعده إلَّا آية العذاب والخزي في هذه الحياة الدنيا، وفي الآخرة جهنَّم يصلونها وبئس المهاد لمن لم يلتحق بهذه الدعوة)(٣٤٥).
وقال في بيان آخر:
(والله ما أبقى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وآبائي الأئمّة عليهم السلام شيء [كذا] من أمري إلَّا بيَّنوه، فوصفوني بدقَّة، وسمّوني، وبيَّنوا مسكني، فلم يبقى لبس في أمري ولا شبهة في حالي بعد هذا البيان، وأمري أبين من شمس في رابعة النهار، وأنّي أوّل المهديّين واليماني الموعود)(٣٤٦).
هذه بعض أوجه التشابه بين مرزا غلام أحمد القادياني وأحمد إسماعيل البصري، ولو أردنا أن نتتبَّع كلّ وجوه التشابه بينهما لطال بنا المقام؛ لأنَّها كثيرة، ولكن الذي يثير التساؤل والاستغراب هو أنَّ هذه التشابهات هل جاءت هكذا بمحض الصدفة؟ أو أنَّ أحمد إسماعيل اقتفى أثر القادياني وسار على طريقته في ادّعائه السفارة والمهدوية؛ لأنَّ القادياني قد اكتسب بعض الشهرة حتَّى أُلِّفت فيه وفي دعوته كتب كثيرة، واستطاع أن يجمع له أموالاً طائلة، ويستقطب أتباعاً ومريدين في مناطق مختلفة من العالم، ولا شكَّ أنَّ البصري يسعى للحصول على أمثال هذه الأُمور التي يتصوَّرها مكاسب.
وربَّما يكون سبب التشابه أنَّ هذه الدعوات صنيعة جهات عالمية متنفّذة، تخطِّط لأمثال هؤلاء المدَّعين، وتلقِّنهم ما يقولون، وتهيّئ لهم ما يكتبون، وما يدَّعون، وتطبع الكتب بأسمائهم، وتمدّهم بالأموال الطائلة التي تمكّنهم من شراء الأنصار والأتباع، وتهيّئ لهم وسائل الإعلام التي تمكِّن دعواتهم من التوسّع والانتشار.
***************
(٣٤٣) يريد: (فعجبتُ من إنكارهم).
(٣٤٤) حمامة البشرى: ١٨.
(٣٤٥) بيان البراءة (١٣/ رجب) في (١٣/٦/١٤٢٥هـ).
(٣٤٦) بيان بعنوان: (السيّد أحمد الحسن اليماني الموعود) في (٢١/٤/١٤٢٦هـ).