• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ثانياً : تحرير محلّ النزاع

ثانياً : تحرير محلّ النزاع

 

إنّما قيّدنا الرفع ]في التعريف[ بالأمر الثابت في الشريعة ليخرج به ارتفاع الحكم بسببب ارتفاع موضوعه خارجاً ، كارتفاع وجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان ، وارتفاع وجوب الصلاة بخروج وقتها ، وارتفاع مالكيّة شخص لماله بسبب موته ، فإنّ هذا النوع من ارتفاع الأحكام لا  يسمّى نسخاً([1]) ، ولا  إشكال في إمكانه ووقوعه ، ولا  خلاف فيه من أحد .

ولتوضيح ذلك نقول : إنّ الحكم المجعول في الشريعة المقدّسة له نحوان من الثبوت :

أحدهما : ثبوت ذلك الحكم في عالم التشريع والإنشاء ، والحكم في هذه المرحلة يكون مجعولاً على نحو القضية الحقيقيّة ، ولا فرق في ثبوتها بين وجود الموضوع في الخارج وعدمه ، وإنّما يكون قوام الحكم بفرض وجود الموضوع .

فإذا قال الشارع : شرب الخمر حرام ـ مثلاً ـ فليس معناه أنّ هنا خمراً في الخارج ، وأنّ هذا الخمر محكوم بالحرمة ، بل معناه أنّ الخمر متى ما فرض وجوده في الخارج فهو محكوم بالحرمة في الشريعة سواء أكان في الخارج خمراً بالفعل أم لم يكن ، ورفع هذا الحكم في هذه المرحلة لا  يكون إلاّ بالنسخ .

وثانيهما : ثبوت ذلك الحكم في الخارج بمعنى أنّ الحكم يعود فعليّاً بسبب فعليّة موضوعه خارجاً ، كما إذا تحقّق وجود الخمر في الخارج ، فإنّ الحرمة المجعولة في الشريعة للخمر تكون ثابتة له بالفعل ، وهذه الحرمة تستمر باستمرار موضوعها ، فإذا انقلب خلاًّ فلا  ريب في ارتفاع تلك الحرمة الفعليّة التي ثبتت له في حال خمريّته ، ولكن ارتفاع هذا الحكم ليس من النسخ في شيء ، ولا كلام لأحد في جواز ذلك ولا في وقوعه ، وإنّما الكلام في القسم الأول ، وهو رفع الحكم عن موضوعه في عالم التشريع والانشاء([2]) .

]وتفصيل[ الكلام فيه أنّه تارةً : يكون الحكم الثابت أوّلاً صوريّاً ظاهريّاً بداعي الامتحان ونحوه ثمّ يصدر ناسخ له ، وهذا خارج عن النسخ المصطلح ، ولا إشكال في إمكانه بل وقوعه ; إذ لا مانع من أن يتكلّم المولى لمصلحة فيه .

واُخرى : يكون حكماً حقيقيّاً بداعي البعث والزجر . وهذا على أقسام :

فإنّه إمّا أن يكون في مقام الإثبات محدوداً بحدٍّ خاص ، وهو أجنبي عن النسخ ، وإمّا أن يكون مهملاً في مرحلة الإثبات، ثمّ يرد الثاني فيكون مبيّناً لإجماله لا ناسخاً له ، فجميع هذه الاقسام خارجة عن النسخ المصطلح . وإمّا أن يكون بحسب مقام الإثبات مطلقاً دالاًّ على الاستمرار وضعاً أو إطلاقاً، فيرد الدليل الثاني ويرفع ذاك الاستمرار ، فيكشف عن عدم كونه مراداً جدّياً من أول الأمر ، نظير التخصيص في الأفراد ، وهذا هو المراد من النسخ اصطلاحاً ، كما هو المناسب للفظه لغة ، فإنّه يقال : « نسخت الشمس الظل إذا رفعته »([3]) .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] مصباح الاُصول ج 1/ القسم 2 : 547 ، وبلفظه في المحاضرات 5 : 328 قال ما  نصّه : « ومنه يظهر أنّ ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه ـ كارتفاع وجوب الصلاة بخروج وقتها ، ووجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان ، وهكذا ـ ليس من النسخ في شيء » .

            وفي الهداية في الاُصول 2 : 385 ، قال : « حقيقة النسخ بالنسبة إلى غير العالم بالغيب هو الرفع ، مثلاً : يرى مصلحة في فعل فيأمر به في زمان ثم يبدو ويظهر له أنّه ذو مفسدة و]أنّه [أخطأ فينسخه ويرفع ما أثبت ، وأمّا بالنسبة إلى العالم بالغيب ـ كالباري تعالى ـ هو الدفع لا  الرفع ، مثلاً : يأمر بفعل ويظهر دوامه واستمراره لمصلحة في إظهار الدوام والاستمرار ، مع أنّه في الواقع لا  يريده إلاّ في زمان معيّن خاص ثم ينسخه » .

[2] البيان : 278 . وفي مصباح الاُصول ج1 / القسم 2 : 547 ـ 548 والمحاضرات 5 : 328 ـ 329 ، قال : « والوجه في ذلك هو أنّا قد ذكرنا أنّ للحكم المجعول في الشريعة المقدّسة مرتبتين :

            الاُولى : مرتبة الجعل ، وهي مرتبة ثبوت الحكم في عالم التشريع والانشاء ، وقد ذكرنا في غير مورد أنّ الحكم في هذه المرتبة مجعول على نحو القضايا الحقيقيّة التي لا تتوقّف على وجود موضوعها فيه سواءً أكان موجوداً حقيقةً أم لم يكن ، مثلاً قول الشارع : شرب الخمر حرام ، ليس معناه أنّ هنا خمراً في الخارج ، وأنّ هذا الخمر محكوم بالحرمة في الشريعة ، بل مردّه هو أنّ الخمر متى ما فرض وجوده في الخارج فهو محكوم فيها ، سواءً أكان موجوداً في الخارج أم لم يكن .

            الثانية : مرتبة الفعليّة ، وهي مرتبة ثبوت ذلك الحكم في الخارج بثبوت موضوعه فيه ، مثلاً : إذا تحقّق الخمر في الخارج تحقّقت الحرمة المجعولة له في الشريعة المقدسة ، ومن الطبيعي أنّ هذه الحرمة تستمر باستمرار موضوعها خارجاً فلا يعقل انفكاكها عنه حيث إنّ نسبة الحكم إلى الموضوع من هذه الناحية نسبة المعلول إلى العلّة التامّة ، وعليه فإذا انقلب الخمر خلاًّ ، فبطبيعة الحال ترتفع تلك الحرمة الفعليّة الثابتة له في حال خمريته ; ضرورة أنّه لا  يعقل بقاء الحكم مع ارتفاع موضوعه وإلاّ لزم الخلف ، وبعد ذلك نقول : إنّ ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه ليس من النسخ في شيء ولا كلام في إمكانه ووقوعه في الخارج .

            وإنّما الكلام في إمكان ارتفاع الحكم عن موضوعه المفروض وجوده في عالم التشريع والجعل » .

[3] دراسات في علم الاُصول 2 : 317 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page