[ 4 ] و في حديثه (عليه السلام) إِذَا بَلَغَ اَلنِّسَاءُ نَصَّ اَلْحِقَاقِ فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى.
والنص : منتهى الأشياء و مبلغ أقصاها كالنص في السير لأنه أقصى ما تقدر عليه الدابة . و تقول : نصصت الرجل عن الأمر، إذا استقصيت مسألته عنه لتستخرج ما عنده فيه. فنص الحقاق يريد به الإدراك ، لأنه منتهى الصغر، و الوقت الذي يخرج منه الصغير إلى حد الكبير و هو من أفصح الكنايات عن هذا الأمر و أغربها. يقول : فإذا بلغ النساء ذلك فالعصبة أولى بالمرأة من أمها ، إذا كانوا محرما ، مثل الإخوة و الأعمام ؛ و بتزويجها إن أرادوا ذلك. و الحقاق : محاقة الأم للعصبة في المرأة و هو الجدال و الخصومة و قول كل واحد منهما للآخر:«أنا أحق منك بهذا» يقال منه: حاققته حقاقا، مثل جادلته جدالا . و قد قيل :«إن نص الحقاق» بلوغ العقل و هو الإدراك؛ لأنه عليه السلام إنما أراد منتهى الأمر الذي تجب فيه الحقوق و الأحكام و من رواه «نص الحقائق» فإنما أراد جمع حقيقة.
هذا معنى ما ذكره أبو عبيد القاسم بن سلام و الذي عندي أن المراد بنص الحقاق هاهنا بلوغ المرأة إلى الحد الذي يجوز فيه تزويجها و تصرفها في حقوقها، تشبيها بالحقاق من الإبل و هي جمع حقة و حق و هو الذي استكمل ثلاث سنين و دخل في الرابعة و عند ذلك يبلغ إلى الحد الذي يتمكن فيه من ركوب ظهره و نصه في السير و الحقائق أيضا: جمع حقة . فالروايتان جميعا ترجعان إلى معنى واحد و هذا أشبه بطريقة العرب من المعنى المذكور أولا .
الموعظة الرابعة
- الزيارات: 3356