المقدّمة الثانية : علّيّة الشوق المحرّك نحو الإرادة([1])
إنّ الشوق المؤكّد بأعلى مرتبة التأكيد المحرّك للعضلات نحو الفعل المطلوب هل هو علّة تامّة لصدور الفعل بحيث لا يكون بينه وبين صدور الفعل توسّط شي آخر ، أو لا يكون علّة تامّة له ؟ فبعد تحقّق هذا الشوق المؤكّد له أن يفعل وأن لا يفعل ، وله الاختيار فيهما ، أي له طلب الخير والأخذ بما يراه خيراً من الفعل والترك ، والشوق المذكور لا يكون اختيارياً وإلاّ لزم كونه مسبوقاً بارادة اُخرى ، فيلزم الدور أو التسلسل ، بل هو أمر فطري ناشئ من ملائمة الطبع المكوّنة بأمر من الله بحسب ما اقتضته الحكمة والمصلحة([2]) .
]وبعبارة اُخرى :[ هل الإرادة المفسّرة بالشوق المؤكّد علّة تامّة في إيجاد الفعل بعدها ، أو هناك واسطة بينها وبين الفعل تسمّى بالإختيار([3]) أو الطلب ، بأن يشتاق الإنسان أولاً ثم يطلب فيقع الفعل خارجاً ؟([4])
إختار الفلاسفة وجماعة من غيرهم ومنهم صاحب الكفاية (رحمه الله) أنّ صدور الفعل مترتّب على الشوق المؤكّد ترتّب المعلول على علّته التامّة ، فبعد تحقّق الشوق المذكور ليس له أن يفعل وأن لا يفعل ، بداهة استحالة تخلّف المعلول عن علّته التامّة([5]) .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] هذا البحث عقلي كلامي تبتني عليه مسألة الجبر والتفويض والأمر بين الأمرين . مصباح الاُصول ج1 / القسم 1 : 253 . مصابيح الاُصول : 181 .
[2] مصباح الاُصول ج1 / القسم 1 : 260 ، 253 .
[3] مصابيح الاُصول: 181 .
[4] المصدر السابق : 186 .
[5] مصباح الاُصول ج1 / القسم 1 : 261 .