• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

نظريّة الأمر بين الأمرين في روايات أهل البيت(عليهم السلام)

نظريّة الأمر بين الأمرين في روايات أهل البيت(عليهم السلام)

 

أرشدت الطائفة إلى هذه النظرية : الروايات ـ الواردة في هذا الموضوع من الأئمّة الأطهار(عليهم السلام) ـ الدالّة على بطلان الجبر والتفويض من ناحية ، وعلى إثبات الأمر بين الأمرين من ناحية اُخرى ، ولولا تلك الروايات لوقعوا بطبيعة الحال في جانبي الافراط أو التفريط ، كما وقع أصحاب النظريتين الاُوليين([1]) .

وإليك بعض ما ورد ] عنهم (عليهم السلام)[ :

]منها : أنّه[ سأل رجل الصادق(عليه السلام) فقال : قلتَ : أجَبَر الله العباد على المعاصي ؟ قال : « لا » ، قلت : ففوّض اليهم الأمر ؟ قال : «لا» ، قال : قلت : فماذا ؟ قال : «لطف من ربّك بين ذلك »([2]) .

وفي رواية اُخرى عنه (عليه السلام) : « لا جبر ولا قدر ، ولكن منزلة بين منزلتين »([3])([4]) .

وعلى ضوء هذه الروايات كان علينا أن نتّخذ تلك النظرية لكي نثبت بها العدالة والسلطنة لله سبحانه وتعالى معاً .

بيان ذلك  : أنّ نظرية الأشاعرة وإن تضمّنت إثبات السلطنة المطلقة للباري عزّ وجلّ إلاّ أنّ فيها القضاء الحاسم على عدالته سبحانه تعالى ]كما تقدّم[ ... ونظرية المعتزلة على عكسها ، يعني أنّها وإن تضمّنت إثبات العدالة للباري تعالى إلاّ أنّها تنفي بشكل قاطع سلطنته المطلقة ، وأسرفت في تحديدها .

وعلى هذا فبطبيعة الحال يتعيّن الأخذ بمدلول الروايات لا من ناحية التعبّد بها ، حيث إنّ المسألة ليست من المسائل التعبّدية بل من ناحية أنّ الطريق الوسط الذي يمكن به حلّ مشكلة الجبر والتفويض منحصر فيه .

تفصيل ذلك : أنّ أفعال العباد تتوقّف على مقدّمتين :

الاُولى : حياتهم وقدرتهم وعلمهم وما شاكل ذلك  .

الثانية : مشيئتهم وإعمالهم القدرة نحو إيجادها في الخارج ، والمقدّمة الاُولى تفيض من الله تعالى وترتبط بذاته الأزليّة إرتباطاً ذاتيّاً ، وخاضعة له ، يعني أنّها عين الربط والخضوع ، لا أنّهـ]ـا[ شيء له الربط والخضوع . وعلى هذا الضوء لو انقطعت الإفاضة من الله سبحانه وتعالى في آن انقطعت الحياة فيه حتماً ، وقد أقمـ]ـنا [البرهان على ذلك بصورة مفصّلة عند نقد نظرية المعتزلة ، وبيّنا هناك أنّ سرّ حاجة الممكن إلى المبدأ كامن في صميم ذاته ووجوده ، فلا فرق بين حدوثه وبقائه من هذه الناحية أصلاً .

والمقدّمة الثانية تفيض من العباد عند فرض وجود المقدّمة الاُولى ، فهي مرتبطة بها في واقع مغزاها ومتفرّعة عليها ذاتاً ، وعليه فلا يصدر فعل من العبد إلاّ عند إفاضة كلتا المقدّمتين ، وأمّا إذا انتفت إحداهما فلا  يعقل تحقّقه . وعلى أساس ذلك صحّ إسناد الفعل الى الله تعالى ، كما صحّ إسناده إلى العبد([5]) .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] المحاضرات 2 : 83 .

[2] اُصول الكافي 1 : 159 ، ح 8 .

[3] اُصول الكافي 1 : 159 ، ح10 .

[4] البيان : 88 ـ 89 . وأمّا سائر الروايات الواردة في ذلك فهي كالتالي :

            1 ـ صحيحة يونس بن عبد الرحمن عن غير واحد عن أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما السلامقالا : «إنّ الله أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثمّ يعذّبهم عليها ، والله أعزّ من أن يريد أمراً فلا  يكون ، قال : فسُئِلا هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة ؟ قالا : نعم ، أوسع ممّا بين السماء والأرض» .

            2 ـ صحيحته الاُخرى عن الصادق عليه السلام قال : قال له رجل : جعلت فداك ، أجَبَر الله العباد على المعاصي ؟ قال : «الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثمّ يعذّبهم عليها ، فقال له : جعلت فداك ، ففوّض الله إلى العباد ؟ قال ، فقال : لو فوّض اليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي ، فقال له : جعلت فداك فبينهما منزلة ؟ قال ، فقال : نعم ، أوسع ممّا بين السماء والأرض» .

            3 ـ صحيحة هشام وغيره ، قالوا :قال أبو عبدالله الصادق عليه السلام : « إنّا لا نقول جبراً ولا  تفويضاً » .

            4 ـ رواية حريز عن الصادق عليه السلام ، قال : «الناس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل زعم أنّ الله عزّ وجلّ أجبر الناس على المعاصي ، فهذا قد ظلم الله عزّ وجلّ في حكمه وهو كافر ، ورجل يزعم أنّ الأمر مفوّض إليهم ، فهذا وهَنَ الله في سلطانه فهو كافر ، ورجل يقول : إنّ الله عزّ  وجلّ كلّف العباد ما يطيقون ولم يكلّفهم ما لا  يطيقون ، فإذا أحسن حمد الله ، وإذا أساء استغفر الله ، فهذا مسلم بالغ» .

            5 ـ رواية صالح عن بعض أصحابه عن الصادقعليه السلام ، قال : سئل عن الجبر والقدر ، فقال : «لا  جبر ولا  قدر ، ولكن منزلة بينهما فيها الحق التي بينهما لا  يعلمها إلاّ العالم أو من علّمها إياه العالم» .

            6 ـ ومنها : مرسلة محمد بن يحيي عن الصادق عليه السلام : «لا جبر ولا  تفويض ، ولكن أمر بين الأمرين» .

            7 ـ رواية حفص بن قرط عن الصادقعليه السلام ، قال : «قال رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم : من زعم أنّ الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله ، ومن زعم أنّ الخير والشر بغير مشيئة الله فقد أخرج الله من سلطانه ، ومن زعم أنّ المعاصي بغير قوّة الله فقد كذب على الله ، ومن كذب على الله أدخله النار» .

            8 ـ رواية مهزم ، قال : قال أبو عبداللهعليه السلام : « أخبرني عمّا اختلف فيه من خلّفت من موالينا ، قال فقلت : في الجبر أو التفويض ؟ قال : فاسألني ، قلت : أجَبَر الله العباد على المعاصي ؟ قال : الله أقهر لهم من ذلك ، قال ، قلت : ففوّض اليهم ؟ قال : الله أقدر عليهم من ذلك  ، قال ، قلت : فأيّ شيء هذا أصلحك الله ؟ قال : فقلب يده مرتين أو ثلاثاً ثمّ قال : لو أجبتك فيه لكفرت» .

            9 ـ مرسلة أبي طالب القمي عن أبي عبداللهعليه السلام ، قال ، قلت : اجَبَر الله العباد على المعاصي ؟ قال : «لا ، قال ، قلت : ففوّض اليهم الأمر ؟ قال : لا ، قال ، قلت : فماذا لطف من ربّك ؟ قال : بين ذلك » .

            10 ـ رواية الوشاء عن أبي الحسن الرضاعليه السلام ، قال : سألته فقلت : الله فوّض الأمر إلى العباد؟ قال : «الله أعزّ من ذلك  ، قلت : فجبرهم على المعاصي ؟ قال : الله أعدل وأحكم من ذلك  ، قال : ثمّ قال : قال الله : يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيّئاتك منّي ، عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك» .

            11 ـ رواية هشام بن سالم عن الصادقعليه السلام ، قال : «الله أكرم من أن يكلّف الناس ما لا  يطيقون ، والله أعزّ من أن يكون من سلطانه ما لا يريد» .

            12 ـ ما روي عن الصادق جعفر بن محمّدعليه السلام أنـّه قال : «لا جبر ولا تفويض بل أمر بين أمرين . . .» .

            13 ـ رواية عن أبي حمزة الثمالي أنـّه قال : قال أبو جعفرعليه السلام للحسن البصري : « إيّاك أن تقول بالتفويض ، فإنّ الله عزّ وجلّ لم يفوّض الأمر إلى خلقه وهناً منه وضعفاً ، ولا أجبرهم على معاصيه ظلماً » .

            14 ـ رواية المفضل عن أبي عبداللهعليه السلام قال : «لا جبر ولا  تفويض ولكن أمر بين أمرين» ، وغيرها من الروايات الواردة في هذا الموضوع ، وقد بلغت تلك الروايات من الكثرة حدّ التواتر .

            15 ـ فهذه الروايات المتواترة معنىً وإجمالاً ، الواضحة الدلالة على بطلان نظريتي الجبر والتفويض من ناحية ، وعلى إثبات نظرية الأمر بين الامرين من ناحية اُخرى وحدها كافية لإثبات المطلوب فضلاً عمّا سلف من إقامة البرهان العقلي على بطلان كلتا النظريتين . وعلى هذا الأساس فكلّما يكون بظاهره مخالفاً لتلك الروايات فلابدّ من طرحه بملاك أنـّه مخالف للسنة القطعية وللدليل العلمي العقلي ، انظر اُصول الكافي 1 : 157 ـ 160 . بحار الأنوار 5 : 4 ، 9 ، 17 ، 53 ، ح1 ، 26 ـ 28 ، 89 .

[5] المحاضرات 2 : 85 ـ 87 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page