• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفرق بين المذاهب الثلاثة بلحاظ الإرادة الأزليّة

الفرق بين المذاهب الثلاثة بلحاظ الإرادة الأزليّة

 

 

وملخّص الفرق بين المذاهب الثلاثة :

] إنّه على [ مذهب الجبر أنّ الأفعال الصادرة من العبد صادرة بالإرادة الأزليّة الإلهيّة ، من دون أن يكون للعبد فيها إختيار ، فتكون بمنزلة حركة نبضه ، بخلاف مذهب التفويض ومذهب الأمر بين الأمرين فإنّهما يشتركان في أنّ الأفعال الصادرة من العبد صادرة منه بإرادته واختياره ، وما به الامتياز بينهما : أنّ مذهب التفويض ]يعتقد[ أنّ الفعل صادر من العبد بالاستقلال والغناء عنه تعالى ، بحيث لا  يكون له تعالى دخل فيه حين صدوره أصلاً ، ومذهب الأمر بين الأمرين ]يعتقد[ أنّ العبد لا يكون مستقلاًّ فيه حين صدوره غنيّاً عنه تعالى ، بل الفعل يصدر منه بإفاضة الوجود والقدرة من قبله سبحانه آناً فآناً إلى إتمام العمل ، وتكون الإفاضة من قبله تعالى متّصلة بمنزلة جريان الماء ، بحيث لو انقطعت الإفاضة منه تعالى آناً لما تمكّن العبد من الفعل من ساعته .

وإن شئت قلت : إنّ مذهب الجبر يستلزم نفي العدالة عنه تعالى ، إذ من الواضح أنّه لا  يمكن التحفّظ على عدالته تعالى مع الالتزام بأنّه يعاقب العبد بما يصدر عنه بلا إرادة واختيار ، ومذهب التفويض يستلزم نفي سلطنته تعالى على أفعال عباده ، إذ لو كان العبد مستقلاًّ في فعله غنيّاً عنه تعالى لكان فعله خارجاً عن تحت سلطنته تعالى ، فمن أراد التحفّظ على عدالته وسلطنته تعالى ، فلا مناص له من الالتزام بالأمر بين الأمرين بالمعنى الّذي ذكرناه .

فاتّضح أنّ القول بالجبر ـ وأنّ الأفعال صادرة من العبد بالإرادة الأزليّة ، ولا  يكون للعبد فيها إرادة واختيار ـ تفريط ، والقول بالتفويض ـ وأنّ العبد مستقل في أفعاله غني عنه تعالى ـ إفراط ، والقول الوسط المحترز عن الافراط والتفريط ، الخاضع لسلطنته تعالى ، والمناسب لعدله سبحانه هو الأمر بين الأمرين ، كما ورد في روايات كثيرة من الأئمّة(عليهم السلام) ، فالمتعيّن هو الالتزام به([1]) .

]وكيف كان ، فقد اتّضح على ضوء الفرق المزبور[ أنّ الفعل الصادر من العبد خارجاً على ثلاثة أصناف :

الأول : ما يصدر منه بغير اختياره وإرادته ، وذلك كما لو افترضنا شخصاً مرتعش اليد ، وقد فقدت قدرته واختياره في تحريك يده ، ففي مثله إذا ربط المولى بيده المرتعشة سيفاً قاطعاً ، وفرضنا أنّ في جنبه شخصاً راقداً وهو يعلم أنّ السيف المشدود في يده سيقع عليه فيهلكه حتماً . ومن الطبيعي أنّ مثل هذا الفعل خارج عن اختياره ولا يستند إليه ، ولايراه العقلاء مسؤولاً عن هذا الحادث ولا  يتوجّه إليه الذم واللّوم أصلاً ، بل المسؤول عنه إنّما هو من ربط يده بالسيف ويتوجّه إليه اللوم والذم ، وهذا واقع نظرية الجبر وحقيقتها .

الثاني : ما يصدر منه باختياره واستقلاله من دون حاجة إلى غيره أصلاً ، وذلك كما إذا افترضنا أنّ المولى أعطى سيفاً قاطعاً بيد شخص حرّ وقد ملك تنفيذ إرادته وتحريك يده ، ففي مثل ذلك إذا صدر منه قتل في الخارج يستند إليه دون المعطي ، وإن كان المعطي يعلم أنّ إعطاءه السيف ينتهي به إلى القتل ، كما أنّه يستطيع أن يأخذ السيف منه متى شاء ، ولكن كلّ ذلك لا  يصحّح استناد الفعل إليه ، فإنّ الاستناد يدور مدار دخل شخص في وجوده خارجاً ، والمفروض أنّه لا  مؤثّر في وجوده ما عدا تحريك يده الذي كان مستقلاًّ فيه . وهذا واقع نظرية التفويض وحقيقتها .

الثالث : ما يصدر منه باختياره وإعمال قدرته على رغم أنّه فقير بذاته وبحاجة في كلّ آن إلى غيره بحيث لو انقطع منه مدد الغير في آن انقطع الفعل فيه حتماً ، وذلك كما إذا افترضنا أنّ للمولى عبداً مشلولاً غير قادر على الحركة فربط المولى بجسمه تيّاراً كهربائيّاً ليبعث في عضلاته قوة ونشاطاً نحو العمل ، وليصبح بذلك قادراً على تحريكها ، وأخذ المولى رأس التيار الكهربائي بيده وهو الساعي لإيصال القوة في كلّ آن إلى جسم عبده ، بحيث لو رفع اليد في آن عن السلك الكهربائي انقطعت القوة عن جسمه وأصبح عاجزاً . وعلى هذا فلو أوصل المولى تلك القوة إلى جسمه وذهب باختياره وقتل شخصاً والمولى يعلم بما فعله ، ففي مثل ذلك يستند الفعل إلى كلٍّ منهما ، أمّا إلى العبد فحيث إنّه صار متمكّناً من إيجاد الفعل وعدمه بعد أن أوصل المولى القوة إليه وأوجد القدرة في عضلاته وهو قد فعل باختياره وإعمال قدرته ، وأمّا إلى المولى فحيث إنّه كان معطي القوة والقدرة له حتّى حال الفعل والاشتغال بالقتل ، مع أنّه متمكّن من قطع القوة عنه في كلّ آن شاء وأراد ، وهذا هو واقع نظرية الأمر بين الأمرين وحقيقتها([2]) .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] مصباح الاُصول 1 / القسم1 : 274 - 275 .

[2] المحاضرات 2 : 87 ـ 89 . وفي أجود التقريرات 1 : 136 ـ 137 مانصّه : « ولتوضيح ذلك نمثّل مثالاً عرفياً يفترق كلّ من مذهبي الجبر والتفويض عن المذهب الحق ، فنقول : إذا فرضنا أنّ المولى أعطى لعبده سيفاً مع علمه بأنه يقتل به نفساً ، فالقتل إذا صدر منه باختياره لا  يكون مستنداً إلى المولى بوجه; فإنّه حين صدوره يكون أجنبيّاً عنه بالكلّيّة ; غاية الأمر أنّه هيّأ بإعطائه السيف مقدّمةً إعداديّة من مقدّمات القتل ، وبعد ذلك قد خرج أمر القتل عن اختياره بحيث لو شاء أن لا يقع في الخارج لما تمكّن منه ، وهذا هو واقع التفويض وحقيقته .

            كما أنّه إذا شدّ آلة الجرح بيد العبد مع فرض ارتعاش اليد بغير اختيار العبد ، فأصابت الآلة من جهة الارتعاش نفساً فجرحته ، فالجرح لا يكون صادراً من العبد بإرادته واختياره ، بل هو مقهور عليه في صدوره منه لا محالة ، وهذا هو واقع الجبر وحقيقته .

            وإذا فرضنا أنّ يد العبد مشلولة لا يتمكّن من تحريكها إلاّ مع إيصال الحرارة إليها بالقوّة الكهربائية أو بغيرها ، فأوصل المولى القوّة إليها بوساطة سِلك يكون أحد طرفيه بيد المولى ، فذهب العبد باختياره إلى قتل نفس والمولى يعلم بذلك ، فالفعل بما أنّه صادر من العبد باختياره فهو اختياريّ له ، وليس هو بمقهور عليه ، وبما أنّ السلك بيد المولى وهو الذي يعطي القوّة للعبد آناً فآناً فالفعل مستند إليه ، وكلٌّ من الإسنادين حقيقيّ من دون أن يكون هناك تكلّف أو عناية ، وهذا هو واقع الأمر بين الأمرين ، فالأفعال الصادرة من المخلوقين بما أنّها تصدر منهم بالإرادة والاختيار ، فهم مختارون في أفعالهم من دون أن يكون هناك شائبة القهر والإجبار ، وبما أنّ فيض الوجود والقدرة والشعور وغيرها من مبادئ الفعل يجري عليهم من قِبَل الله تعالى آناً فآناً بحيث لو انقطع عنهم الفيض آناً واحداً لما تمكّن العبد فيه من فعل أبداً ; فالأفعال الاختياريّة بين الجبر والتفويض ، ومنتسبة إلى المخلوقين من جهة ، وإلى الخالق من جهة اُخرى . فافهم ذلك واغتنمه . وذكر نحوه في البيان : 88 . ومصباح الاُصول ج 1 / القسم 1 : 275 ـ 276 . ومصابيح الاُصول : 197 ـ 198 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page