المعراج (سماوي أو أرضي)
السؤال : أرجو التفضل بالإجابة علی مايلي:
1 – هل هناک قول صادر عن أهل العصمة و الطهارة عليهم السلام أو رأي لعلماء الإمامية سواء المتقدمين منهم أو المتأخرين يدل علي أو يؤيد مايلي:
أ – أن الرسول صلوات الله و سلامه عليه و آله الطاهرين لم يسري به إلی المسجد الأقصي الموجود في فلسطين إنما عرج به إلی السماء، و أن المسجد في السماء و صلي بالأنبياء هناک في السماء، و مسألة الإسراء به إلی المسجد الاقصي الموجود في فلسطين من الخرافات و الأکاذيب؟
الجواب : ظاهر الآية الکريمة وتفسيرها في الروايات أنّ الاسراء کان من المسجد الحرام إلی المسجد الاقصی وهو بيت المقدس الواقع في فلسطين قال الله تعالی: (سبحان الذي أسری بعبده ليلا من المسجد الحرام إلی المسجد الاقصی الذي بارکنا حوله) ولاينافي ذلک أن الاسراء کان إلی السماء أيضا إذ يحتمل أنه اسري به أولا إلی المسجد الاقصی ثم عرج به إلی السموات.
کما يحتمل تعدد المعراج علی ما يظهر من الروايات ففي اصول الکافي بسنده عن علي بن أبي حمزة قال سأل ابو بصير أبا عبد الله (عليه السلام) وأنا حاضر، فقال: جعلت فداک کم عرج برسول الله؟ فقال: مرتين فاوقفه جبرئيل موقفا، فقال له: مکانک يا محمد فلقدوقفت موقفاً ما وقفه ملک قط ولا نبي أن ربک يصلي، فقال: يا جبرئيل وکيف يصلي؟ فقال: يقول سبوح قدوس أنا رب الملائکة والروح سبقت رحمتي غضبي، فقال: اللهم عفوک عفوک إلی أن قال: فقال الله تبارک وتعالی: يا محمد. قال: لبيک ربي. قال: من لامتک من بعدک؟  قال: الله اعلم. قال: علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين وسيد الوصيين وقائد الغر المحجلين. ثم قال أبو عبد الله (عليه السلام) لابي بصير: يا أبا محمد والله ما جاءت ولاية علي من الأرض ولکن جاءت من السماء مشافهة.
وروايات المعراج کثيرة ومن الروايات التي تصرح بأن النبي (صلی الله عليه وآله وسلم) اسري به إلی المسجد الاقصی ما ورد عن الصادق (عليه السلام) في حديث قال: ثم ارکبه جبرئيل البراق واسري به إلی بيت المقدس وعرض عليه محاريب الانبياء وآيات الانبياء فصلی فيها ورده من ليلته إلی مکه فمر في رجوعه بعير قريش واذا لهم ماء في آنية فشرب منه وأهرق باقي ذلک وقد کانوا أضلوا بعيراً لهم  وکانوا يطلبونه فلما أصبح قال لقريش: إن الله قد اسري بي في هذه الليلة إلی بيت المقدس فعرض علي محاريب الانبياء وآيات الانبياء ثم اخبرهم بخبر العير فقال ابو جهل: قد امکنتکم الفرصة من محمد اسألوه کم الاساطين فيه والقناديل؟ فقالوا: يا محمد أن ههنا من قد دخل بيت المقدس فصف لنا کم أساطينه وقناديله ومحاريبه. فجاء جبرئيل فعلق صورة بيت المقدس تجاه وجهه فجعل يخبرهم بما يسألونه فلما أخبرهم قالوا: حتی يجيء العير ونسألهم عما قلت. فقال لهم رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم): وتصديق ذلک أن العير تطلع عليکم مع طلوع الشمس يقدمها جمل احمر. فلما اصبحوا اقبلوا ينظرون إلی العقبة وهم يقولون هذه الشمس تطلع الساعة فبينا هم کذلک إذ طلعت العير مع طلوع الشمس يقدمها جمل احمر فسألوهم عما قال رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم) فقالوا: لقد کان هذا ضل جمل لنا في موضع کذا وکذا ووضعنا ماءً وأصبحنا وقد اهريق الماء فلم يزدهم إلا عتواً.
نعم في بعض الروايات أن المعراج کان رأساً إلی السماء وأن المراد من المسجد الاقصی ليس نفس بيت المقدس بل ملکوته الذي هو في السماء ففي تفسير العياشي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سألته عن المساجد التي لها الفضل فقال: المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم). قلت: والمسجد الاقصی جعلت فداک. فقال: ذاک في السماء إليه اسری رسول الله . فقلت: إن الناس يقولون إنه بيت المقدس. فقال: مسجد الکوفة أفضل منه.
وفي حديث آخر عن اسماعيل الجعفي قال: کنت في مسجد الحرام قاعداً وأبو جعفر (عليه السلام) في ناحية فرفع رأسه إلی السماء مرة وإلی الکعبة مرة ثم قال: سبحان الذي اسری بعبده ليلاً من السجد الحرام إلی المسجد الاقصی. وکرر ذلک ثلاث مرات ثم التفت إليّ فقال: أي شيء يقول اهل العراق في هذه الآية يا عراقي؟ قلت: يقولون اسری به من المسجد الحرام إلی البيت المقدس. فقال: ليس کما يقولون ولکنه اسری به من هذه إلی هذه وأشار بيده إلی السماء وقال: ما بينهما حرم.... الخ (تفسير القمي 2\234).
لکن هذه الروايات لاتقاوم الروايات الاخری التي تصرح بأنه صلی في البيت المقدس بل في تفسير القمي أن النبي صلی أولا في طور سيناء ثم في بيت لحم ثم في البيت المقدس ثم عرج به إلی السماء.

أضف تعليق