• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

تنبيهات

 

تنبيهات

 

 

لا بأس بالإشارة في نهاية المطاف إلى ]عدّة تنبيهات[ :

الأول : أنّ الفخر الرازي قد أورد شبهة على ضوء الهيئة القديمة([1])] سوف نتعرّض لها في بحث حقيقة الإرادة الإلهيّة([2]) لمناسبتها مع ذلك البحث ، فانتظر[ .

الثاني : ]وحاصله : أنّه[ سبق أن قلنا أن الفعل الخارجي الصادر من العبد بحسب اختياره منسوب إلى الله تعالى وإلى العبد نفسه ، فباعتبار أنّ قدرة العبد نحو العمل إنّما هي من قبل الله تعالى فالعمل منسوب إليه تعالى ، وباعتبار أنّ العبد أعمل قدرته بحسب اختياره وأوقع العمل بنفسه خارجاً فالعمل منسوب إلى العبد ، فكان للعمل فاعلان : فاعل مباشر ، وفاعل موجد للمقتضي بلا فرق بين أن تكون الأعمال حسنة أو قبيحة .

وقد ينسب العمل إلى واحد منهما دون الآخر في نظر العرف ، فالأعمال الحسنة إن صدرت من الشخص فهي منسوبة إلى من هيّأ مقدّمات ذلك الشيء ، أمّا الأعمال القبيحة إن صدرت فهي منسوبة إلى فاعلها ، مثلاً لو بذل شخص زاداً وراحلة لشخص آخر في الذهاب إلى الحج ، وسعى له في انجاز مهمّاته ، وقد أحضر له طائرة خاصّة فذهب بها إلى الحج وأدّى الفريضة ، فالعرف يرى صدور الفعل ممن هيّأ له المقدّمات دون فاعله ، أمّا لو اتّفق أن استقلّ الطائرة ، وذهب بها إلى أماكن لا  ترضي الله ورسوله وعمل ما عمل هناك ، فالفعل في نظر العرف منسوب إلى الفاعل دون من هيّأ المقدّمات ، وهكذا الأمر في أفعال العبيد ، فإن كانت أفعالهم حسنة استندت في نظر العرف إلى الله تعالى ، وإن فعلها العبد بنفسه ـ وإن كانت قبيحة ـ استندت إلى العبد نفسه دون ربّه ، وإن كان العمل في الحقيقة منسوباً إلى كليهما كما عرفت .

وعلى هذا يحمل ما ورد في بعض الروايات بحسب المضمون « إنّي أولى بحسناتك من نفسك ، وأنت أولى بسيئاتك منّي » فإنّ المنظور إليه هو النظر العرفي دون الدقي ، وهذا المعنى لا يتنافى مع ما قلناه ، من صحّة استناد العمل إلى الله تعالى ، وإلى فاعله ]وهو[ العبد([3]) .

] الثالث [ : إنّ قولك في الصلوات « بحول الله وقوّته أقوم وأقعد » يشير إلى ما ذكرناه من الأمر بين الأمرين ، وأنّ إفاضة القدرة دائماً يكون من المولى ، وهكذا جميع مبادئ الفعل من الإدراك والحبّ والإشتياق والقدرة يكون منه تعالى ، وأنّ البناء والاختيار يكون من العبد ، ولذا أسند الفعل في قول « بحول الله أقوم » إلى نفس العبد ، والحول والقوة إلى الله تعالى ، وأمّا قوله تعالى : (وَلاَ تَقُولَنَّ لِشَيْء إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَداً * إِلاَّ أَن يَشَاءَ)([4]) ، فقد ذكر بعض المفسّرين أنّ الاستثناء يكون من المنهي عنه ، وأنّ المعنى هو النهي عن قول إنّي فاعل ذلك غداً بتّاً ، وعدم النهي عنه إذا انضم إليه قول إلاّ أن يشاء الله ، ولكنّه محتاج إلى التقدير وهو خلاف الظاهر ، بل الظاهر أن يكون المراد هو النهي عن مجموع تلك الجملة بأن يكون الاستثناء أيضاً مقول القول ، فقول «إلاّ أن يشاء الله» يكون هو المنهي عنه : وذلك لأن ظاهره التفويض .

وبعبارة اُخرى ، تارة : يخبر الإنسان عن فعل عمل بتّاً من دون تعليق ، وربّما يكون ذلك مع الالتفات إلى لوازمه مستلزماً للكفر . واُخرى : ربّما يخبر معلّقاً على حول الله وقوّته ومشيئته ، وهذا هو المحبوب . وثالثة : يخبر ويجعل إرادة الخلاف من الله تعالى مانعاً عن ذلك بأن يقول : « أفعل ذلك غداً إلاّ أن يشاء الله خلافه ويمنعني عنه » ، وكثيراً ما يستعمل ذلك في محاورات أعضاء الدولة ، مثلاً يقول الوزير : « أخرج غداً إن لم يمنعني السلطان » ، ومعنى ذلك هو الاستقلال في العمل والاستغناء عن السلطان والإخبار بأنّه أقدر منه ، فإن شاء منعه ، وهذا تفويض محض ، وهو المنهي عنه في الآية المباركة ، فتأمّل .

] الرابع [ : أنّه لا ينافي ما ذكرناه من الأمر بين الأمرين ما ورد في بعض الآيات والأخبار من اسناد فعل العبد إلى الله تعالى أو تعليقه على مشيئته ، كما في قوله تعالى شأنه في سورة هل أتى (وَمَا تَشَاؤُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ)([5]) فإنّه واقع في ذيل قوله تعالى : (فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً)([6]) ، وحيث إنّه أمر خير اُسند ذلك إلى الله ، وهكذا ما ورد في الحديث القدسي ، وما مضمونه : « بمشيئتي ]كنت [أنت الذي تشاء »([7]) .

وبالجملة ، لا منافاة بين ثبوت الأمر بين الأمرين ، وكون نسبة الأعمال من المعاصي والطاعات الى المولى والى العبد على حدٍّ سواء بحسب الدقّة العقليّة ، وكون إسناد الطاعة إلى الله جلّ شأنه أولى عرفاً ، وإسناد المعصية إلى العبد أولى كذلك ، ونوضّحه بمثال عرفي ، فإنّه لو أعطى الوالد لولده مالاً وبيّن له طرق التجارة وطرق الملاهي ، وأمره بالتجارة ونهاه عن صرف المال في الملهى وحذّره ذلك ، فإن صرف الولد المال في التجارة وربح منها يسند الربح إلى المولى عرفاً ، ويقال هذا الخير وصل إلى الولد من والده ، وأمّا لو صرفه في اللّهو والخسران يسند ذلك عرفاً إلى الولد ، ويقال هو خسّر نفسه ، ونظير ذلك إسناد الطاعات إلى المولى الحقيقي والمعاصي إلى العبد ، وهذا معنى الأولويّة([8]) .

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

[1] المحاضرات 2 : 95 .

[2] وهي مذكورة تحت عنوان : « تعلّق المشيئة الإلهيّة بحركة الأجرام على نحو خاص » ، وسوف يأتي أنّها على هذه النظرية ساقطة جداً » .

[3] مصابيح الاُصول : 201 ـ 202 ، وفي المحاضرات 2: 98 ـ 99 ما يقرب منه معنىً، فإنّه قال : «قد عرفت أنّ للفعل الصادر من العبد إسنادين حقيقيين : أحدهما : إلى فاعله مباشرة . وثانيهما : إلى معطي مقدّماته ومباديه التي يتوقّف الفعل عليها ، وهو الله سبحانه وتعالى ، ولكن قد يكون إسناده إلى الله تعالى أولى في نظر العرف من إسناده إلى العبد ، وقد يكون بالعكس...» .

[4] الكهف : 23 و24 .

[5] الإنسان : 30 .

[6] الإنسان : 29 .

[7] توحيد  الصدوق : 343 ـ 344 ، ح13 .

[8] دراسات في علم الاُصول 1 : 169 ـ 171 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page