طباعة

المؤمن يرى المؤمن

المؤمن يرى المؤمن

 

 

يرفعه إلى ابن مسكان قال: سمعت أبا عبدالله (عليه السلام) يقول: «إنَّ المؤمن في زمان القائم (عليه السلام) وهو بالمشرق ليرى أخاه الذي في المغرب، وكذا الذي في المغرب يرى أخاه في المشرق»([1]).

إنَّ لهذا الحديث مصداقاً في هذا الزمان، فالتلفاز ; هذا الجهاز الذي يرى المؤمن والكافر، والبرّ والفاجر، أخاه وهو في المشرق مَن في المغرب، يرى البرامج والأحداث المصوّرة، كألعاب الكرة والرياضة على أشكالها، والسباقات أيضاً على أشكالها: سباق الخيول، أو السيّارات، أو الدرّاجات البخاريّة والهوائيّة، والإجتماعات العالميّة في الهيئات الدبلوماسيّة، كلّ ذلك تعرض في التلفاز.

ولمَّا تفتّحت ذهنيّة هذه الأزمنة على الإبتكار، توصّل الإنسان إلى أجهزة من هذا القبيل ولكنّها تحمل في الجيب، يرى ويسمع بها مَن في المشرق مَن في المغرب، تُسمَّى «الموبايل» والأجهزة الكمبيوتريّة المتطوّرة هي الأُخرى تؤدّي نفس الوظيفة، وفي الحقيقة إنَّها سهّلت أُموراً كثيرة في المعاملات التجاريّة والسياسيّة والخبريّة، والإستعلامات العسكريّة، ولكن يمكن رصدها، والإنصات إليها والوقوف على أسرارها، وهي في تطوّر مستمرّ وإلى الأحسن، وفق قواعد علميّة لا تقبل الخطأ، ولكن إذا أُسيء استعمالها.

وقد يكون، وهذا ليس غريباً أنَّ المستوى العلمي في زمان القائم (عج) يصل أعلى من هذا المستوى، بحيث لا يحتاج حتّى إلى الجهاز وبالمكاشفة، بحيث يرى المرء ويسمع، والأمر قد يكون غريباً بعض الشيء، كما كانت فكرة التلفاز والراديو في بادي الأمر فكرة صَعُبَ تقبّلها، ولكنّها استحسنت، وتمَّ استعمالها بمرور الزمن، ولنا أُسوة برسول الله (صلى الله عليه وآله)، حين قالت اليهود: لو كان محمَّد (صلى الله عليه وآله) له دين مستقل لما توجّه في صلاته إلى القدس الشريف، والنبيّ (صلى الله عليه وآله) أخذ يقلّب وجهه في السَماء، فكان قوله تعالى: (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي لاسَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا * فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ)([2])، وكان يومها في المدينة المنوّرة والموقع اليوم يُعرف بطاق الكشف، ومن هذا المكان رفع الله الكعبة، وأراها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غير كهرباء ولا عدسات تصوير ولا محطّات بثّ ولا أجهزة كمبيوتر أو موبايل أو تلفاز، أو أنَّه جعل الأرض مستوية وقرّب ذلك فرأى الكعبة وأمر بالتوجّه إليها، وقد يكون مثل هذا الأمر في زمان القائم (عج)، وهذا ليس ببعيد، والغريب في الأمر أنَّ النفس أمّارة بالسّوء، حيث لا تصدّق هذه الأُمور بالسهولة ما لم تطمئن إليه النفس، ويحضرني علم المرآة والنظر فيها، وهو علم بغنى عن الأسلاك والأجهزة المعقّدة، والعلم الذي كان عند آصف بن برخيا علم خارق بحيث أثبت سرعته الخياليّة، كسرعة الصوت أو النور، واليوم يُقال: إنَّ سرعة الطائرة الفلانيّة تفوق سرعة الصوت مرّات ومرّات، والحال كانت المسافة بين صنعاء والقدس الشريف كبيرة إلاّ أنَّه يختصر بأقلّ من لمح البصر: (وَقَالَ الذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ أنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أنْ يَرْتَدَّ إلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرَّاً عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي...)([3])، وهكذا نكون قد تقرّب لنا كيفيّة رؤية المؤمن أخاه في زمن القائم (عج).

 

 

--------------------------------------------------------------------------------

([1]) بشارة الإسلام، الباب الثالث.

([2]) البقرة / 144.

([3]) النمل / 40.