التدخل الإلهي
ثم جاء التهديد الإلهي لهم، فحسم الموقف، وأبرم الأمر، وظهر لهم أنهم عاجزون عن الوقوف في وجه إرادة الله، القاضية بلزوم إقامة الحجة على الناس كافة، بالأسلوب الذي يريده الله ويرتضيه، وأدركوا: أن استمرارهم في المواجهة السافرة قد يؤدي بهم إلى حرب حقيقة، فيما بينهم وبين الله ورسوله، وبصورة علنية ومكشوفة.
فلم يكن لهم بد من الرضوخ، والانصياع، لا سيما بعد أن افهمهم الله سبحانه:
أنه يعتبر عدم إبلاغ هذا الأمر بمثابة عدم إبلاغ أصل الدين، وأساس الرسالة، (وان لم تفعل فما بلغت رسالته) الأمر الذي يعني: العودة إلى نقطة الصفر، والشروع منها، وحتى لو انتهى ذلك إلى خوض حروب في مستوى بدر، وأحد والخندق، وسواها من الحروب التي خاضها المسلمون ضد المشركين من أجل تثبيت أساس الدين وإبلاغه.
ومن الواضح لهم: أن ذلك سوف ينتهي بهزيمتهم وفضيحتهم، وضياع كل الفرص، وتلاشي جميع الآمال في حصولهم على امتياز يذكر، أو بدونه، حيث تكون الكارثة بانتظارهم، حيث البلاء المبرم، والهلاك والفناء المحتّم.
فآثروا الرضوخ إلى الأمر الواقع، والإنحناء أمام العاصفة، في سياسة غادرة وماكرة.
ولزمتهم الحجة، بالبيعة التي أخذت منهم له (عليه السلام) في يوم الغدير.
وقامت الحجة بذلك على الأمة بأسرها أيضاً.
ولم يكن المطلوب أكثر من ذلك.
ثم كان النكث منهم لهذه البيعة، وذلك بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)، وإحساسهم بالأمن، وبالقوة. (فمن نكث فإنما ينكث على نفسه)(2).
(وليحملن أثقالهم، واثقالاَ مع أثقالهم وليسألنّ يوم القيامة عما كانوا يفعلون)(3).