الغدير في ظل التهديدات الإلهية
قد عرفنا في الفصل السابق: أن قريشاً، ومن هم على رأيها هم الذين كانوا يخططون لصرف الأمر عن بني هاشم، وبالذات عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام، ويتصدون لملاحقته ومتابعته في جميع تفاصيله وجزئياته.
وقد رأوا: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في مختلف المواقع والمواضع لا يزال يهتف باسمه، ويؤكد على إمامته، ولم يكن في مصلحتهم أن يعلن بذلك أمام تلك الجموع الغفيرة، التي جاءت للحج من جميع الأقطار والأمصار، ولأجل ذلك فقد بادروا إلى التشويش والإخلال بالنظام.
قريش بالذات هي التي قصدت النبي (صلى الله عليه وآله) في منزلة بعد هذا الموقف مباشرة لتستوضح منه ماذا يكون بعد هؤلاء الأئمة.
فكان الجواب: ثم يكون الهرج. والصحيح: (الفرج)، كما رواه الخزاز(1).
وقد رأى النبي (صلى الله عليه وآله): أن مجرد التلميح لهذا الأمر، قد دفعهم إلى هذا المستوى من الإسفاف والإسراف في التحدي لإرادة الله سبحانه. ولشخص النبي (صلى الله عليه وآله)، دون أن يمنعهم من ذلك شرف المكان، ولاخصوصية الزمان، ولا قداسة المتكلم، وشأنه وكرامته.
فكيف لو أنه (صلى الله عليه وآله) صرح بذلك وجهر باسمه عليه الصلاة والسلام، فقد يصدر منهم ما هو أمر وأدهى وأقبح واشد خطراً على الإسلام وعلى مستقبله بصورة عامة.