طباعة

أضواء على الموقف(عرض الخلافة، ورفض الإمام (عليه السلام))

القسم الثالث
أضواء على الموقف
عرض الخلافة، ورفض الإمام (عليه السلام)

نصوص تاريخية:

تحدثنا كتب التاريخ: أن المأمون كان قد عرض الخلافة على الإمام أولاً..(1) لكنه (عليه السلام) رفض قبولها أشد الرفض، وبقي مدة يحاول إقناعه بالقبول، فلم يفلح. وقد ورد أن محاولاته هذه، استمرت في مرو وحدها أكثر من شهرين والإمام (عليه السلام) يأبى عليه ذلك(2).
بل لقد ورد أنه (عليه السلام) كان قد أجاب المأمون بما يكره، فقد: قال المأمون للإمام: «.. يا ابن رسول الله، قد عرفت فضلك، وعلمك، وزهدك، وورعك، وعبادتك، وأراك أحق بالخلافة مني..».
فقال الإمام (عليه السلام): «.. بالزهد بالدنيا أرجو النجاة من شر الدنيا، وبالورع عن المحارم أرجو الفوز بالمغانم، وبالتواضع في الدنيا أرجو الرفعة عند الله..
قال المأمون: فإني قد رأيت أن أعزل نفسي عن الخلافة، وأجعلها لك، وأبايعك؟!.
فقال الإمام (عليه السلام): إن كانت هذه الخلافة لك، فلا يجوز أن تخلع لباساً ألبسكه الله، وتجعله لغيرك، وإن كانت الخلافة ليست لك، فلا يجوز أن تجعل لي ما ليس لك(3).
قال المأمون: لا بد لك من قبول هذا الأمر!!
فقال الإمام (عليه السلام): لست أفعل ذلك طائعاً أبداً..
فما زال يجهد به أياما، والفضل والحسن(4) يأتيانه، حتى يئس من قبوله..
وخرج ذو الرئاستين مرة على الناس قائلاً: وا عجبا! وقد رأيت عجباً! رأيت المأمون أمير المؤمنين يفوض أمر الخلافة إلى الرضا.
ورأيت الرضا يقول: لا طاقة لي بذلك، ولا قدرة لي عليه. فما رأيت خلافة قط كانت أضيع منها(5).

___________________________________________________
(1)كما نص عليه في البداية والنهاية ج 10 ص 250، والفخري في الآداب السلطانية ص 217، وغاية الاختصار ص 67، وينابيع المودة للحنفي ص 384، ومقاتل الطالبيين، وغير هؤلاء كثير.. وسنشير في آخر هذا الفصل إلى طائفة منهم أيضاً..
لكن السيوطي قال في تاريخ الخلفاء «.. حتى قيل: أنه هم أن يخلع نفسه، ويفوض الأمر إليه..» أما رفضه لذلك، فهو أشهر من أن يذكر كما سيأتي..
(2)عيون أخبار الرضا ج 2 ص 149، والبحار ج 49 ص 134، وينابيع المودة وغير ذلك.
(3) عبارة تاريخ الشيعة ص 51، 52 هكذا: «.. إن كانت الخلافة حقاً لك من الله، فليس لك أن تخلعها عنك، وتوليها غيرك. وإن لم تكن لك، فكيف تهب ما ليس لك.» وهذه أوضح وأدل.
(4) لا ندري ما الذي أوصل الحسن بن سهل إلى مرو، مع أنه كان آنئذٍ في العراق، ولعل ذكر الحسن اشتباه من الراوي، واحتمل السيد الأمين في أعيان الشيعة ج 4 قسم 2 ص 120: أن يكون المأمون قد استدعى الحسن بهذه المناسبة إلى خراسان، فلما تم أمر البيعة عاد إلى بغداد.
(5) راجع في جميع هذه النصوص بالإضافة إلى ما تقدم: روضة الواعظين ج 1 ص 267، 268، 269، وإعلام الورى ص 320، وعلل الشرايع ج 1 ص 236، وينابيع المودة ص 384، وأمالي الصدوق ص 42، 43، والإرشاد ص 310، وكشف الغمة ج 3 ص 65، 66، 66، 87، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 149، 140. والمناقب ج 4 ص 363، والكافي ج 1 ص 489، والبحار ج 49 ص 129، 134، 136. ومعادن الحكمة، وتاريخ الشيعة، ومثير الأحزان ص 261، وشرح ميمية أبي فراس ص 164، 165، وغاية الاختصار ص 68.