• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

قبول ولاية العهد بعد التهديد

قبول ولاية العهد بعد التهديد
مع محاولات المأمون لإقناع الإمام:

الذي يبدو من ملاحظة كتب التاريخ والرواية، هو: أن محاولات المأمون لإقناع الإمام بما يريد، كانت متعددة، ومتنوعة، وأنها بدأت من حين كان الإمام (عليه السلام) لا يزال في المدينة. حيث كان المأمون يكاتبه، محاولاً إقناعه بذلك، فلم ينجح، وعلم الإمام أنه لا يكف عنه. ثم أرسل رجاء بن أبي الضحاك، وهو قرابة الفضل والحسن ابني سهل(6)، فأتى بالإمام (عليه السلام) من المدينة إلى مرو رغما عنه.. وبذل المأمون في مرو أيضاً محاولات عديدة، استمرت أكثر من شهرين. وكان يتهدد الإمام بالقتل، تلويحا تارة، وتصريحا أخرى، والإمام (عليه السلام) يأبى قبول ما يعرضه عليه.. إلى أن علم أنه لا يمكن أن يكف عنه، وأنه لا محيص له عن القبول، فقبل ولاية العهد مكرها، وهو باك حزين ـ على حد تعبير الكثيرين ـ، وكانت البيعة له في السابع من شهر رمضان، سنة [201 ه‍ ]، كما يتضح من تاريخ ولاية العهد..

بعض ما يدل على عدم رضا الإمام (عليه السلام):

والنصوص الدالة على عدم رضا الإمام (عليه السلام) بهذا الأمر كثيرة، ومتواترة، فقد قال أبو الفرج: «.. فأرسلهما [يعني الفضل والحسن ابني سهل] إلى علي بن موسى، فعرضا ذلك [يعني ولاية العهد] عليه، فأبى، فلم يزالا به، وهو يأبى ذلك، ويمتنع منه..
إلى أن قال له أحدهما: «إن فعلت ذلك، وإلا فعلنا بك وصنعنا، وتهدده، ثم قال له أحدهما: والله، أمرني بضرب عنقك، إذا خالفت ما يريد»!. ثم دعا به المأمون، وتهدده، فامتنع، فقال له قولاً شبيهاً بالتهديد، ثم قال له: «إن عمر جعل الشورى في ستة، أحدهم: جدك وقال: من خالف فاضربوا عنقه، ولا بد من قبول ذلك..»(7)!
ويروي آخرون: أن المأمون قال له: «.. يا ابن رسول الله، إنما تريد بذلك [يعني بما أخبره به عن آبائه من موته قبله مسموماً] التخفيف عن نفسك، ودفع هذا الأمر عنك، ليقول الناس: إنك زاهد في الدنيا..
فقال الرضا: والله، ما كذبت منذ خلقني ربي عز وجل، وما زهدت في الدنيا للدنيا، وإني لأعلم ما تريد؟!.
فقال المأمون: وما أريد؟!
قال: الأمان على الصدق؟
قال: لك الأمان.
قال: تريد بذلك أن يقول الناس: إن علي بن موسى لم يزهد في الدنيا، بل زهدت الدنيا فيه: ألا ترون: كيف قبل ولاية العهد طعماً في الخلافة؟!
فغضب المأمون، وقال له: «إنك تتلقاني أبداً بما أكرهه، وقد آمنت سطوتي، فبالله أقسم: لئن قبلت ولاية العهد. وإلا أجبرتك على ذلك، فإن فعلت، وإلا ضربت عنقك..»(8).
وقال الإمام الرضا (عليه السلام) في جواب الريان له، عن سر قبوله لولاية العهد:
«.. قد علم الله كراهتي لذلك، فلما خيرت بين قبول ذلك وبين القتل، اخترت القبول على القتل، ويحهم. إلى أن قال: ودفعتني الضرورة إلى قبول ذلك، على إجبار وإكراه، بعد الإشراف على الهلاك إلخ..»(9).
وقال في دعاء له: «.. وقد أكرهت واضطررت، كما أشرفت من عبد الله المأمون على القتل، متى لم أقبل ولاية العهد..».
وقال في جواب أبي الصلت: «وأنا رجل من ولد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أجبرني على هذا الأمر وأكرهني عليه..».
بل لقد أعرب عن عدم رضاه في نفس ما كتبه على ظهر وثيقة العهد، وأنه يعلم بعدم تمامية هذا الأمر، وإنما يفعل ذلك امتثالاً لأمر المأمون، وإيثاراً لرضاه..

أما الباحثون وغيرهم فيقولون:

أما الباحثون، فلعلنا لا نكاد نعثر على باحث يتعرض لهذا الأمر ينسى أن يؤكد على رفض الإمام (عليه السلام) لهذا الأمر، واستيائه منه..
يقول أحمد أمين: «.. والزم الرضا بذلك، فامتنع، ثم أجاب..»(10).
وقال القندوزي: إنه قبل ولاية العهد، وهو باك حزين(11).
وقال المسعودي: «.. فألح عليه، فامتنع، فأقسم، فأبر قسمه الخ.»(12).
وعلى كل حال: فإن النصوص التاريخية الدالة على عدم رضاه (عليه السلام) بهذا الأمر، وأنه مكره مجبر عليه كثيرة جداً(13). وتضارعها كثرة أقوال الباحثين، الذين تعرضوا لهذا الموضوع. ولذا فليس من اليسير الإحاطة بها واستقصاؤها في مثل هذه العجالة.
ولهذا.. فإننا نكتفي هنا بهذا القدر، حيث إن المجال لا يتسع لأكثر من ذلك..

_______________________________________________
(6) وقيل: أنه عمهما، وقد كان رجاء هذا من قواد المأمون، وقد ولاه المأمون خراسان مدة، لكنه أساء السيرة، فعزله.
(7) مقاتل الطالبيين ص 562، 563، وقريب منه ما في إرشاد المفيد ص 310 وغير ذلك.
(8) راجع في ذلك. مناقب آل أبي طالب ج 4 ص 363، وأمالي الصدوق ص 43، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 140، وعلل الشرايع ج 1 ص 238، ومثير الأحزان ص 261، 262، وروضة الواعظين ج 1 ص 267، والبحار ج 49 ص 129، وغير ذلك.
وفي تاريخ الشيعة ص 52: أنه بعد أن عرض عليه الخلافة، وأجابه بالجواب المتقدم في الفصل السابق، قال له: «.. إذن، تقبل ولاية العهد». فأبى عليه الإمام أشد الإباء، فقال له المأمون: «.. ما استقدمناك باختيارك، فلا نعهد إليك باختيارك.
والله، إن لم تفعل ضربت عنقك..».
(9) علل الشرايع ج 1 ص 239، وروضة الواعظين ج 1 ص 268، وأمالي الصدوق ص 72، والبحار ج 49 ص 130، وعيون أخبار الرضا ج 2 ص 139.
(10) ضحى الإسلام ج 3 ص 294.
(11) ينابيع المودة ص 284.
(12) إثبات الوصية ص 205.
(13) وإنه وإن كان سيمر معنا نصوص أخرى تدل على ذلك.. إلا أننا نحيل القارئ على بعض مظان وجودها، فراجع: ينابيع المودة ص 384، ومثير الأحزان ص 261، 262، 263، وكشف الغمة ج 3 ص 65، وأمالي الصدوق ص 68، 72، والبحار ج 49 ص 129، 131، 149، وعلل الشرايع ج 1 ص 237، 238، إرشاد المفيد ص 191، وعيون أخبار الرضا ج 1 ص 19، و ج 2 ص 139، 140، 141، 149، وإعلام الورى 320، والخرائج والجرائح، وغير ذلك..


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page