• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حياة وإمامة الإمام الجواد (عليه السلام)

الإمام وهو ( صبي ):
الإمامة في عقيدة الشيعة القائلين بها تختلف عنها في منطق الآخرين كثيراً. فإن الكلمة تعني عند الشيعة الخلافة المطلقة لشخص الرسول ولعلومه ومعارفه ومؤهلاته وصلاحياته ومسؤولياته، وبتعبير آخر (صورة كاملة للنبوة)، بفارق واحد فقط هو أن الإمام لا يوحى إليه، بينما النبي يوحى إليه، فلا نبي بغير وحي، ولكن الإمام بدونه.
والنبوة - في منطق الإسلام - صلاحية فريدة في نوعها ومتميزة عن صلاحيات سائر البشر، يهبها الله تعالى إلى فرد يختاره ويجعله وسيطاً يتلقى الوحي منه وينشره بين قومه، وإذا تمت هذه الفكرة عن النبي تتم عن الإمام بنفس الملاك ونفس الحجة، وكما أنه إذا صح القول بأنه من الممكن أن يغتدي الصبي نبياً وهو في المهد رضيع، صح ذلك في الإمام (عليه السلام).
والعمر وإن كان مقياساً للناس في الأغلب ولكنه ليس بمقياس عند الله، فليس الأكبر سناً أعظم عند الله دائماً، وربَّ شيخ يغيض عند ربه ولربَّ شاب أو طفل محبوب عند بارئه. العمل الصالح والنية الطيبة والإمكانيات الموهوبة وما إلى ذلك مما يهب الفرد قيمة وتقديراً هو المقياس الأول عند الإسلام وفي منطق القرآن، أضف إلى ذلك أن القول بالنبوة والإمامة لا يمكن إلاّ بعد الإيمان الكامل بقدرة الله تعالى على أن يجعل من فرد واحد مجمعاً للفضائل، ومرجعاً للمعارف، وقدوة للناس وأسوة للخلق، فالاعتقاد بالنبوة يفرض على الإنسان الإيمان بالمعجزة (والتي هي ما يتعدى طاقة الإنسان) وله ميزة على سائر البشر حتى يمكنه أن يقودهم ويقول لهم إنني نذير من الله.
وإذا كانت المعجزة تعني شيئاً خارجاً عن الطبيعة الجارية في سائر الخلق، فلا فرق بين أن يكون الفرد الذي تتجلى فيه المعجزة كبيراً أو صغيراً، غنياً أو فقيراً.
وطالما زعمت الأمم السالفة: أن النبي يجب أن يكون له مال وثراء عريض، ويكون سيداً في قومه ورئيساً مهيباً، فأفهمهم أنبياؤهم (عليهم السلام) بأن الله إذا أراد أن ينزَّل رحمته في فرد لا تتوفر فيه هذه الشروط ويجعله نبياً، فهل في ذلك من بأس ؟ قال تعالى:
{ أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ } (الزخرف/32).
ولطالما أعجبت الأمم ودهشت حينما رأت أن الله قد بعث إليها صبياً نبياً، ولكن ربنا أبرز لهم أن فعله ذلك إنما كان تعمداً ليعرفهم معنى النبوة، وأنها ليست موهبة عادية تبرز في فرد دون فرد، تبعاً للبيئة والتربية، وإنما هو نبوءٌ عن عادة الخلق، وخرق لسنة الكون، ونداء جديد ليس يشابهه نداء المخلوقات، بأن الله هو القادر وأنه إليه المصير، يقول علي بن أسباط في حديث له عن الإمامة: رأيت أبا جعفر الجواد (عليه السلام) قد خرج إليّ فأحددت النظر إليه، وإلى رأسه وإلى رجله لأصف قامته لأصحابنا بمصر فخر ساجداً وقال: إن الله احتج في الإمامة بمثل ما احتج في النبوة، قال تعالى:
{ وآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً } (مريم/12).
وقال الله سبحانه وتعالى:
{ وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ } (يوسف/22).
وقال:
{ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً } (الاحقاف/15).
فقد يجوز أن يؤتى الحكمة وهو صبي ويجوز أن يؤتى وهو ابن أربعين سنة (1).
أجل إذا كانت النبوة معجزة الله تعالى، أو كانت آية الابتداع فسواء - إذاً - أن تظهر في كبير أو صغير.
وعن بعض الرواة أنه قال: كنت واقفاً عند أبي الحسن الرضا (عليه السلام) بخراسان فقال قائل: يا سيدي.. إن كان كون فإلى من ؟ ( يريد: إذا متَّ فمن الإمام بعدك ؟ ).
قال: إلى أبي جعفر ابني.. وكأن القائل استصغر سن أبي جعفر.
فقال أبو الحسن (عليه السلام): إن الله سبحانه بعث عيسى رسولاً نبياً صاحب شريعة مبتدئة في أصغر من السن الذي فيه أبو جعفر (عليه السلام) (2).
نعم: ليس هناك أي استبعاد لما يشاؤه الله ويفعله، فقد يجعل عيسى نبياً في أول صباه.. ويهب محمد بن علي الإمامة صبياً أيضاً.
كان للإمام أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) ولد كان يدعى علي بن جعفر وكان وجيهاً محترماً لدى الشيعة الإمامية، وكان يفد إليه الناس، وينهلون من علومه التي تلقاها مباشرةً عن أبيه الصادق (عليه السلام).. وأخيه موسى بن جعفر (عليه السلام).. فيروي بعض المحدثين: أنه كنت عند علي بن جعفر بن محمد (عليه السلام) جالساً بالمدينة، وكنت أقمت عنده سنتين أكتب عنه ما سمعه من أخيه يعني موسى بن جعفر (عليه السلام) إذ دخل عليه أبو جعفر محمد بن علي بن موسى (عليه السلام) المسجد - مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله) فوثب علي بن جعفر بلا رداء ولا حذاء، فقبَّل يده وعظَّمه، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): يا عم اجلس رحمك الله.
قال: يا سيدي كيف أجلس وأنت قائم.
فلما رجع علي بن جعفر إلى مجلسه جعل أصحابه يوبخونه ويقولون أنت عم أبيه وأنت تفعل هذا الفعل؟
فقال: اسكتوا، إذا كان الله عزَّ وجلَّ - وقبض على لحيته - لم يؤهل هذه الشيبة وأهّل هذا الفتى ووضعه حيث وضعه، اُنكر فضله ! نعوذ بالله مما تقولون بل أنا له عبد (3).
بعد وفاة والده:
توفي الإمام الرضا في خراسان مسموماً، ودفن في طوس، واختلفت - بسبب موته - الأمة الإسلاميـة، وفقدت الأمة ملامحها التي كانت قد تميَّزت بها في عهد الرضا (عليه السلام).. فرجعت الخلافة إلى بغداد.. وقرَّب المأمون العباسي من يريد وغدر بمن كان قد نصره على أخيه الأمين في نزع الملك عنه، وغيَّر شعاره الذي اتخذه للثورة التي كانت نصف علوية، ورجع إلى لبس السواد، فأصبحت الدولة دولة عباسية مرة أخرى.
ومرة كان الإمام يسير في طرقات بغداد العاصمة المزدحمة وقد اصطف الناس لابن الرضا (عليه السلام)، رافعين أعناقهم كي يفوزوا بنظرة منه.. وكان من الواقفين رجل زيدي المذهب، يحدثنا فيقول:
خرجت إلى بغداد فبينما أنا بها، إذ رأيت الناس يتدافعون ويتشرفون ويقفون، فقلت:
ما هذا ؟.. فقالوا: ابن الرضا (عليه السلام)، فقلت: والله لأنظرن إليه، فطلع على بغل أو بغلة، فقلت لعن الله أصحاب الإمامة حيث يقولون أن الله افترض طاعة هذا، فعدل إليَّ وقال: يا قاسم بن عبد الرحمن: { فَقَالُوا أَبَشَراً مِنَّا وَاحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّآ إِذاً لَفِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } (القمَر/24).
فقلت في نفسي: ساحر والله.
فعمد إليَّ فقال: { أَءُلْـقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِن بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ } (القمَر/25)
قال: فانصرفت وقلت بالإمامة وشهدت أنه حجة الله على خلقه واعتقدت به(4)، أجل... إن الاستغراب الذي غمر قلب هذا الرجل من جهة صغر السن كان جوابه في هاتين الآيتين المباركتين واضحاً مستبيناً.
وكان الإمام الجواد (عليه السلام) رابضاً بالمدينة وهو الفتى الحديث في السن، المقدر عند الله والخلق، قد أعطت الشيعة - وهي يومذاك كثرة لا يستهان بها - أزّمتها بيده فنهض بتدبيرها خير نهوض، حتى التفت حوله طائفة من أصحاب أبيه وجده.
في المدينة:
وبقي في المدينة المنورة بعد عهد إمامته زهاء ثمانية أعوام، يحترمه الخاص والعام ويأوي إليه البعيد والقريب، يسألونه عما أغمض وأشكل عليهم فيحل ذلك لهم في أسرع وقت.
يقول بعض الرواة: لما مات أبو الحسن الرضا (عليه السلام) حججنا فدخلنا على أبي جعفر وقد حضر من الشيعة من كل بلد لينظروا إلى أبي جعفر (عليه السلام) فدخل عمه عبد الله بن موسى وكان شيخاً كبيراً نبيلاً، عليه ثياب خشنة وبين عينيه سجادة.
فجلس وخرج أبو جعفر (عليه السلام) من الحجرة وعليه قميص قصب ورداء قصب ونعل خوص بيضاء، فقام عبد الله - عمه - واستقبله وقبَّل بين عينيه وقامت الشيعة، وقعد أبو جعفر (عليه السلام) على كرسي ونظر الناس بعضهم إلى بعض تحيراً لصغر سنه.
فانتدب رجل من القوم فقال لعمه: أصلحك الله ما تقول في رجل أتى بهيمة (5). فقال تقطع يمينه ويقام عليه الحد.
فغضب أبو جعفر (عليه السلام) وقال: يا عم اتق الله - اتق الله - إنه لعظيم أن أفتيت يوم القيامة بين يدي الله عز وجل لما أفنيت الناس بما لا تعلم، فقال له عمه: يا سيدي أليس قال هذا أبوك (عليه السلام) ؟
فقال أبو جعفر (عليه السلام): إنما سُئِل أبي عن رجل نبش قبر امرأة فنكحها، فقال أبي: تقطع يمينه للنبش ويضرب حد الزنا، فإن حرمة الميِّتة كحرمة الحية فقال: صدقت يا سيدي أنا أستغفر الله، فتعجب الناس فقالوا له: يا سيدنا أتأذن أن نسألك ؟
فقـال: نعم، فسألوه في مجلس عن ثلاثين ألف مسألة فأجابهم فيها وله تسع سنين (6).
وهذه القصة تبين مدى أهمية الإمام في عين الشيعة ثم غزارة علمه وطول باعه وسعة ثقافته التي نبعث عن قلب نفخ فيه الله علمه ومعرفته وأكثر فيه تقواه وخشيته.
إلى بغداد:
وحينما انتقل المأمون العباسي إلى بغداد، وكان يعيش في صراع دائم مع العباسيين الذين استنكروا عليه إعطائه ولاية العهد للرضا (عليه السلام)، مذكرين له أن هؤلاء بني فاطمة هم المناوئون الذين يخشى جانبهم أكثر من أي مناوئ آخر لأن لهم أنصاراً وموالين في شرق البلاد وغربها.
وكان المأمون يبرر موقفه من علي بن موسى بنقل فضائله التي عجزت شفاه المأمون وغيره عن أن تحصيها عداً قائلاً: بأن أهل هذا البيت قد ورثوا العلم من آبائهم كما ورثوا المكارم والخلق الرفيع.
وكانت الشيعة يومئذ قد قويت شوكتهم بالإمام الرضا وأصبح لهم دعاة مخلصون في كل زاوية من البلاد الإسلامية ومالت إليهم العامة لما ظهر من الإمام الرضا (عليه السلام) في المسرح السياسي من آيات الفضل والكمال.
ثم إنه ذهبت دعوتهم إلى إمامة بني فاطمة تنتشر أكثر من أي يوم آخر، لأن كثيراً منهم نالوا المناصب الرفيعة في الدولة وقاموا بحركات إيجابية دائمة بسبب الاختلاف الذي وقع بين العباسيين.. وعرفت السلطة طوائف كثيرة من العباسيين أنفسهم كانوا يكيدون للدولة ويريدون لأنفسهم السلطان فاضطرت إلى استخدام مناوئ هؤلاء، من الشيعة.
هذا من جانب ومن جانب آخر كانت موجة من الاستياء العام تمثل العامة بسبب قتل المأمون للرضا (عليه السلام). وتغطية لغدره بالرضا (عليه السلام) واحتجاجاً على الخاصة من العباسيين.. واستمالة لفؤاد العامة من غيرهم، أرسل المأمون إلى المدينة يطلب الإمام الجواد (عليه السلام) في دعوة رسمية..
كان ذلك في السنة ( 211) هجرية حيث كان لأبي جعفر الجواد من العمر زهاء ( 16) سنة فقط.
ومما يبدو من التاريخ: أن وفود الإمام (عليه السلام) كان حافلاً بالاحتفاء الملوكي... الذي هيأه الخليفة لمقدم موفوده المبارك.
وكان الناس يبشرون أنفسهم بابن الرضا (عليه السلام) الذي طالما تشوقوا إلى رؤيته والمثول عنده.
واستقبله المأمون استقبالاً حافلاً، ونوى أن يزوجه ابنته أم الفضل، كما زوج أباه الرضا (عليه السلام) ابنته أم حبيب.
فاعترضه العباسيون اعتراضاً شديداً، خوفاً من انتقال الخلافة إلى بني فاطمة.
فاجتمع من أهل بيته الأدنون وقالوا له: نناشدك الله يا أمير المؤمنين ألا تقدم على هذا الأمر الذي عزمت من تزويج ابن الرضا (عليه السلام)، فإنّا نخاف أن يخرج به عنا أمر قد ملكنا الله عزَّ وجلَّ، وينزع منا عزّاً قد ألبسناه الله، وقد عرفت ما بيننا وبين هؤلاء القوم قديماً وحديثاً، وقد كنا في خشية من عملك مع الرضا (عليه السلام)، فكفانا الله المهم في ذلك، فالله أن تردنا إلى غم قد انحسر عنا.
فقال لهم المأمون: أما ما بينكم وبين آل أبي طالب فأنتم السبب فيه ولو أنصفتم القوم لكان أولى بكم، واما ما كان يفعله من قبلي بهم فقد كان قاطعاً للرحم، وأعوذ بالله من ذلك، والله ما ندمت على ما كان مني من استخلاف الرضا (عليه السلام).. ولقد سألته أن يقوم بالأمر وأنزعه من نفسي فأبى وكان أمر الله قدراً مقدوراً !!
وأما أبو جعفر محمد بن علي فقد اخترته لتفوِّقه على أهل الفضل كافة في العلم والثقافة مع صغر سنه.
وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه فتعلمون أن الرأي ما رأيت فيه.
فقالوا: إن هذا الفتى وإن راقك منه هديه فإنه صبي لا معرفة له ولا فقه، فأمهله ليتأدَّب ثم اصنع ما تراه بعد ذلك.
فقال لهم: ويحكم إني أعرف بهذا الفتى منكم، وإن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى لم يزل أبائه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا الناقصة، فإن شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يثبت لكم به ذلك.
قالوا: قد رضينا بذلك فخلِّ بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرتك عن شيْ، من فقه الشريعة فإن أصاب لم يكن لنا اعتراض، وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أمير المؤمنين فيه، فإن عجز عن ذلك فقد كفينا الخطب منه، فرضي المأمون بذلك، فاجتمع رأيهم على يحيى بن أكثم قاضي قضاة الديار الإسلامية في ذلك العهد أن يسأل الإمام الجواد (عليه السلام) عن المسائل الغامضة في الفقه الإسلامي، وحان الموعد واجتمع الناس، وجاء الإمام الجواد (عليه السلام) وحضر ابن أكثم، وجلس يحيى بين يديه والمأمون بجانب الإمام يهيمن على المجلس، فالتفت ابن أكثم إلى الخليفة وقال:
يأذن لي أمـير المؤمنين أن أسأل أبا جعفر عن مسألة ؟ فقال المأمون استأذنه في ذلك، فأقبل عليه يحيى قائلاً: جعلت فداك، تأذن لي في مسألة ؟ قال أبو جعفر (عليه السلام): سل ما شئت.
قال يحيى: ما تقول - جعلت فداك - في محرم قتل صيداً ؟
فقال أبو جعفر:
- قتله في حل أو حرم ؟
- عالماً كان المحرم أو جاهلاً ؟
- قتله عمداً أو خطأً ؟
- حُرَّاً كان المحرم أو عبداً ؟
- صغيراً كان أو كبيراً ؟
- مبتدئاً بالقتل أو معيداً ؟
- من ذوات الطير كان الصيد أو من غيرها ؟
- من صغار الصيد أم من كبارها ؟
- مصرّاً على ما فعل أو نادماً ؟
- في الليل كان قتله للصيد أم في النهار ؟
- محرماً كان بالعمرة إذ قتله، أم بالحج كان محرماً ؟ (7).
فتحير يحيى بن أكثم وبان في وجهه العجز والإنقطاع ولجلج حتى عرف الحاضرون امره، فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق لي في الرأي، ثم توجه إلى أهل بيته، فقال لهم: أعرفتم الآن ما كنتم تنكرونه ؟ ثم أقبل على أبي جعفر (عليه السلام) فقال له: أتخطب يا أبا جعفر ؟ فقال: نعم يا أمير المؤمنين، فقال له المأمون: أخطب لنفسك جعلت فداك، قد رضيتك لنفسي وأنا مزوجك أم الفضل ابنتي، وإن رغم قوم لذلك.
فقال أبو جعفر: الحمد لله إقراراً بنعمته ولا إله إلاّ الله إخلاصاً لوحدانيته وصلى الله على محمد سيد بريَّته والأصفياء من عترته... أما بعد: فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال سبحانه: { وَأَنكِحُوا الاَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَآئِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ الله مِن فَضْلِهِ وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ } (النُّور/32)
ثم إن محمد بن علي بن موسى يخطب أم الفضل بنت عبد الله المأمون، وقد بذل لـها مـن الصـداق مهـر جـدته فاطمـة بنـت محمـد (صلى الله عليه وآله)، وهو خمسمائة درهم جياداً، فهل زوجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور ؟
فقال المأمون: نعم قد زوجتك يا أبا جعفر أم الفضل ابنتي على الصداق المذكور، فهل قبلت النكاح، قال أبو جعفر (عليه السلام): قد قبلت ذلك ورضيت به.
حفلة الزواج:
قال المحدث: ولم نلبث أن سمعنا اصواتاً تشبه أصوات الملاَّحين في محاوراتهم، فإذا الخدم يجرون سفينة مصنوعة من فضلة مشدودة بالحبال من الإبريسم على عجلة مملوءة من الغالية (قسم من العطر)، فأمر المأمون أن تخضب لحاء الخاصة من تلك الغالية، ثم مدت إلى الدار العامة فتطيبوا منها ووضعت الموائد فأكل الناس وخرجت الجوائز إلى كل قوم على قدرهم، فلما تفرق الناس وبقي بعض الخاصة، قال المأمون لأبي جعفر (عليه السلام): إن رأيت جعلت فداك أن نذكر الفقه الذي فصلته من وجوه من قتل الصيد، فقال أبو جعفر (عليه السلام):
نعم، إن المحرم إذا قتل صيداً في الحل وكان الصيد من ذوات الطير، وكان من كبارها فعليه شاة، فإن أصابه في الحرم فعليه جزاءً الضعف، وإذا قتل فرخاً في الحل فعليه حمل قد فطم من اللبن، وإذا قتله في الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، فإذا كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرة، وإن كان نعلماً فعليه بدنة، وإن كان ظبياً فعليه شاة، وإن كان قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه جزاءً مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه بالحج نحره بمنى، وإن كان أحرامه بالعمرة نحره بمكة، وجزاء الصيد على العالم والجاهل سواء وفي العمد عليه المأثم، وهو موضوع عنه في الخطأ والكفارة على الحر في نفسه، وعلى السيد في عبده، والصغير لا كفارة عليه، وهي على الكبير واجبة، والنادم يسقط بندمه عنه عقاب الآخرة، والمصّر يجب عليه العقاب في الآخرة.
فقـــال المامون: أحسنت يا أبا جعفر، أحسن الله إليك، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألة كما سألك، فقال أبو جعفر (عليه السلام) ليحيى: أسألك ؟ قال: ذلك إليك - جعلـت فداك - فإن عرفت جواب ما تسألني عنه، وإلاّ استفدته منك، فقال له أبو جعفر (عليه السلام): أخبرني عن رجل نظر إلى امرأة في أول النهار، فكان نظره إليها حراماً عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما كان وقت العصر حلت له، فلما غربت الشمس حرمت عليه، فلما دخل وقت العشاء الآخرة حلت له، فلما كان وقت انتصاف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، فما حال هذه المرأة، وبماذا حلت له وحرمت عليه ؟
فقال له يحيى: لا والله لا أهتـدي إلى جـواب هذا السؤال، ولا أعرف الوجه فيه، فإن رأيتك أن تفيدنا.
فقال أبو جعفر: هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليه، فلما ارتفع النهار أبتاعها من مولاها فحلت له، فلما كان عند الظهر اعتقها فحرمت عليه، فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه، فلما كان وقت العشاء الآخرة كفَّر عن الظهار فحلت له، فلما كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه، فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له.
فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم: هل فيكم من يجيب هذه المسألة بمثل هذا الجواب أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال ؟
قالوا: لا والله، إن أمير المؤمنين أعلم، وما رأى.
فقال: ويحكم، إن أهل هذا البيت خصّوا من الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغر السن فيهم، لا يمنعهم من الكمال، أما علمتم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وهو ابن عشر سنين، وقبل منه الإسلام، وحكم له به، ولم يدع أحداً في سنه غيره، وبايع الحسن والحسين (عليه السلام) وهما ابنان دون الست سنين، ولم يبايع صبياً غيرهما، أولا تعلمون ما اختص الله به هؤلاء القوم ؟ وإنهم ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لأولهم.
فقالوا: صدقت يا أمير المؤمنين، ثم نهض القوم.
الجوائز:
فلما كان من الغد أحضر الناس، وحضر أبو جعفر (عليه السلام)، وسار القواد والحجاب والخاصة والعمال لتهنئة المأمون وأبي جعفر (عليه السلام)، فأخرجت ثلاثة أطباق من الفضة فيها بنادق (8) مسك زعفران معجون، في أجواف تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة وعطايا سنية وإقطاعات (9) فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصته، فكان كل من وقعت في يده بندقة أخرج الرقعة التي فيها، والتمسه فأطلق يده له.
ووضعت البدر، فنثرت ما فيها على القواد وغيرهم (من كبار الموظفين) وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا، وتقدم المأمون بالصدقة على المساكين كافة، ولم يزل مكرماً لأبي جعفر (عليه السلام)، معظماً لقدره مدة حياته، يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته (10).
وحينما تم زواج الإمام بابنة المأمون، وبقي في بغداد مدة غير قليلة ناعماً مرفهاً يأتيه المسلمون، فينهلون من فيضه، ويستقون غمائمه، ما تغنيهم وترويهم، بيد أنه لم يكن يرضيه التنعم في قصور العباسيين تاركاً أمور الشيعة والمسلمين الدينية وراءه ظهريّاً، وكما يبدو أنه إن لم يكن قد أكرهته الظروف بالمقام في بغداد، لما أقام فيها إلاّ قليلاً.
يروي بعض أصحابه فيقول: دخلت عليه في بغداد ففكرت فيما به من نعم، وقلت في نفسي إن هذا الرجل لا يرجع إلى موطنه أبداً، فأطرق رأسه ثم رفعه وقد اصفر لونه، فقال: يا حسين خبز شعير وملح جريش في حرم رسول الله أحب إلي مما تراني فيه (11).
إلى المدينة من جديد:
وسار إلى المدينة عن طريق الكوفة، فلما أن ورد الكوفة اجتمع إليه الشيعة، فاستقبلوه استقبالاً حافــــلاً، ثم ودعهم إلى مدينة جده، حيث بقي فيها سائر أيام حياته يواصل أداء مسؤولياته الخطيرة التي منها إنشاء مدرسة فكرية جامعة حتى وفاة المأمون العباسي.
بعد المأمون:
وأوصى المأمون إلى أخيه المعتصم العباسي ولبى دعوة ربه فمات في قرية من نواحي طرسوس، التي كانت من الحدود الفاصلة بين البلاد الإسلامية وبلاد الروم وكانت قد اشتعلت فيها مناوشات وقد سار إليها الخليفة بنفسه حتى ظفر المسلمون.
وأوصى إليه بشأن العلويين بصورة خاصة فقال مخاطباً أخاه المعتصم: هؤلاء بنو عمك من ولد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فأحسن صحبتهم وتجاوز عن مسيئهم وأقبل عليهم ولا تترك صِلاتهم في كل سنة عن محلها فإن حقوقهم تجب من وجوه شتى.
في أواخر الصيف، ليلة الثاني عشر من رجب سنة 218 هـ توفي المأمون العباسي ودفن في ضاحية طرسوس، فأخذ المعتصم أزمّة الحكم، وراح يثبت حكمه بكل قدر مستطاع ففكر في أن الإمام الجواد وهو صهر الخليفة الراحل وسيد الشيعة وهم قوة جبارة في الأمة، قد يشكل خطراً ما علـى الدولة فأشخصـه من المدينة إلى بغداد، لا لشيء إلاّ لكي يكون الإمام تحت مراقبته الشخصية، ونزح الإمام للمرة الثانية إلى بغداد، وبقي فيها مبتعداً عن البلاط الملكي مشتغلاً بالشؤون العامة وذلك في الفترة ما بين (28 محرم الحرام سنة 220 هـ و 29 ذي القعدة الحرام من نفس السنة) حيث وافته المنية بسم دس إليه من قبل السلطة بإشارة من الخليفة المعتصم بالله، وقصة ذلك حسب ما رواها المؤلف القدير العياشي عن خادم ابن أبي داود وصاحب سره الذي كان يسمى (ونان)، وابن أبي داود هذا كان قاضياً شهيراً في بغداد قال: رجع ابن أبي داود ذات يوم من عند المعتصم وهو مغموم فقلت له فيما ذاك، قال: لِما كان اليوم من هذا الأسود (أي أبي جعفر الجواد (عليه السلام)) بين يدي أمير المؤمنين، قال قلت وكيف ذاك ؟ قال: إن سارقاً أقر على نفسه بالسرقة وسأل الخليفة تطهيره فجمع في ذلك الفقهاء وقد أحضر محمد بن علي (عليه السلام) فسألنا عن القطع في أي موضع ؟ فقلت من الكرسوع (أي المفصل بين الكف والذراع)، قال: وما الحجـة في ذلك ؟ قلت: لأن اليد من الأصابع إلى الكرسوع لقوله تعالى في التيمم { فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِنْهُ } (المائدة/6).
واتفق معي على ذلك جماعة، وقال آخرون بل يجب القطع من المرفق لأن الله تعالى يقول في الوضوء { وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } فدلّ على أن اليد من المرفق، فالتفت المعتصم إلى محمد بن علي (عليه السلام) وقال: ما تقــــول أنت يا أبا جعفر (عليه السلام) فقال (عليه السلام): قد تكلم فيه القوم يا أمير المؤمنين، قال: دعني عما تكلموا بــه، أي شيء عندك ؟ قال: أعفني عن هذا يا أمير المؤمنين، قال: أقسمت عليك بالله تعالى لما أخبرت بما عندك فيه ؟ فقال: أما إذا أقسمت علي بالله فإني أقول أنهم اخطأوا فيه السنَّة، فإن القطع يجب أن يكون من مفصل أصول الأصابع فيترك الكف، فقال: فما الحجة في ذلك ؟
قال: قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) السجود على سبعة أعضاء الوجه واليدين والركبتين والرجلين، فإذا قطعت يــده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يد يسجد عليها وقد قال الله عزّ وجلّ: { وإنَّ المَساجِدَ لله} يعني بهذه الأعضاء السبعة التي يسجد عليها وما كان لله لـم يقطع.
قال: فأعجب المعتصم بذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الأصابع دون الكف.
(قال ابن أبي داود) فقامت قيامتي وتمنيت أني لم أكُ حيّاً، (قال): ثم صرت إلى المعتصم بعد ثلاث وقلت: إن نصيحة أمير المؤمنين واجبة وأنا أكلمه بما أعلم أني أدخل النار به، قال وما هو ؟ قلت إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماءهم لأمر وقع من أمور الدين وسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم، وقد حضر مجلسه قوّاده ووزراؤه وكتّابه، وقد تسامع الناس ذلك من وراء بابه، ثم يترك أقاويلهم كلهم، لقول رجل يقول شطر هذه الأمة بإمامته، ويدّعون أنه أولى منه بمقامه، ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء !! (قال) فتغير لونه وتَنبه لما نبهته له، قال: جزاك الله عن نصيحتك خيراً. قال: فأمر في اليوم الرابع فلاناً - بالطبع، ذكر اسماً حذفه بعض المؤلفين أو الرواة - من كتَّاب وزرائـه، أن يدعو الجواد (عليه السلام) إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه وقال: لقد علمت أني لا أحضر مجالسكم، فقال: إنما أدعوك إلى الطعام وأحب أن تطأ ثيابي وتدخل منزلي فأتبرك بذلك، فقد أحب فلان ابن فلان من وزراء الخليفة لقاءك، فصار إليه (ودسَّ إليه السم في الطعام) فلما طعم (عليه السلام) أحس بالسم، فدعى بدابته فسأله رب المنزل أن يقيم، فقال: خروجي من منزلك خير لك فلم يزل يومه ذاك وليلته يجود بنفسـه.
والسمَّ يسري في بدنه حتى قبض (عليه السلام).
آه، إمام الحق، هذا جزاؤك بعد كل هذا أنك لم ترِم لهم إلاّ الخير، ولم يبغوا لك إلاّ الشر فسقياً لك ورعياً، وتعساً لهم وويلاً، غدُر والله ومكّر والله إن يطعموك السم وأنت في ربيع أيامك، ولكن لك في الأولين من آبائك أسوة حسنة، ولهم في الأولين من آبائهم أسوة سيئة فعليك السلام وعليهم اللعنة والعذاب.
نعم، انطفأ ذلك المشعل الوهاج وخلَّف وراءه الأمة الإسلامية تجّر حسراتها تندبه كالأرض تنتدب بعد مغيب الشمس.
لقد كان الإمام الجواد (عليه السلام) أحدث الأئمة الإثني عشر سناً باستثناء الإمام الحجة (عليه السلام) حين انتقلت إليه الخلافة الروحية في آخر صفر من سنة 202 - وهو ابن سبع وكان أحدثهم سناً على الإطلاق، فحينما استشهد في آخر ( ذي القعدة سنة 220 من الهجرة ) وكان عمره آنذاك خمسة وعشرين ربيعاً كما كانت مدة إمامته ثماني عشرة سنة.
وضجت بغداد بوفاة ابن الرضا (عليه السلام) وذهبت الشكوك تحوم حول البلاط وكادت تتفجر ثورة عارمة على الحكم الجائر، وصلى عليه ابن المعتصم وولي عهده الواثق بالله كما صلـى عليـه نجله الكريم الإمام علي بن محمد النقي (عليه السلام) ودفن في مرقده في الكاظمية حيث لا يزال يُقصد ويُزار، فعلى محمد بن علي الجواد (عليه السلام) التحية والسلام.
وجاء في بعض الأحاديث عن وفاته (عليه السلام) أن المعتصم دعى بعض وزرائه وأمرهم بأن يشهدوا على محمد بن علي الجواد (عليه السلام) بأنه قد أراد أن يخرج عليه بثورة يفجرها مع تابعيه من الشيعة الإمامية ذلك لكي يسهل عليه أن يلقي به في السجن أو يقتله قتلاً.
فلما أحضر الإمام التفت المعتصم إليه قائلاً: انك أردت أن تخرج عليّ، فقال الإمام: والله ما فعلت شيئاً من ذلك، قال: إن فلاناً وفلاناً شهدوا عليك، فأحضروا فقالوا: نعم هذه الكتب أخذناها من بعض غلمانك قال: وكان جالساً في بهو (قاعة في مقدم الدار) فرفع أبو جعفر يده وقال: اللهم إن كانوا كذبوا عليً فخذهم.
قال الراوي: فنظرنا إلى ذلك البهو كيف يرجف ويذهب ويجئ وكلما قام واحدٌ وقع.
فقال المعتصم: يا بن رسول الله إني تائب مما فعلت فادع ربك أن يسكنه، فقال: اللهم سكّنه إنك تعلم أنهم أعداؤك وأعدائي، فسكن (12).
------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
1- بحار الأنوار: ( ج 50، ص 24 - 37 )
2- نفس المصدر.
3- الكافي: ( ج 1، ص 322 ).
4- بحار الأنوار: ( ج 50، ص 64 ).
5- أي باشر ووطئ بهيمة.
6- المصدر: ص 85 ومن المحتمل أن يكون عمره ثمان سنوات فقط كما هو مذكور في بعض الأحاديث، حيث أن الذي يبدو من هذا الحديث: أن الشيعة كانت قد اجتمعت بالمدينة في الموسم بعد وفاة الإمام الرضا مباشرة.. وكان للإمام الجواد (عليه السلام)، ( 7 ) سنين حين موته في آخر شهر صفر، فلما انقضت سبعة أشهر جاء شهر رمضان ودخل الجواد في الثامنة، وفي موسم الحج من تلك السنة كانت هذه المحاورة كما وإن من الممكن كون الأسئلة وجهت إلى الإمام في أيام متعددة مع وحدة المجلس فيكون مجلسه أشبه بالمؤتمرات التي تطول أياماً تباعاً يقضونها بالبحث باستثناء أوقات الراحة والطعام.
7- في هذه الفقرات التالية تبدو بطولته العلمية التي تظهر في مدى استطاعته على التشقيق.
وقديماً قالوا: تشقيق السؤال نصف الجواب، بالإضافة إلى بديهة الخاطر، والذكاء النادر الذي يحيط بجميع جوانب المسألة، وكل سؤال ثنائي للإمام (عليه السلام) يضرب في السؤال السابق عليه ويضرب فيه السؤال اللاحق به، لأن السؤال يكون على هذا الوجه، لو كان القتل في الحل فهو على قسمين، إما أن يكون المحرم عالماً أو جاهلاً، كما أن القتل في الحرم ينقسم بدوره إلى قسمين ¨ إما أن يكن المحرم عالماً أو جاهلاً، وهكذا دواليك.
8- جمع بندقة، وهي شيء مدور يشبه الجوز.
9- كان الملوك يهبون لبعض الأفراد قطعا كبيرة من الأراضي الأميرية، فكانت تسمى إقطاعاً.
10- الاحتجاج: ( ص 227 - 229 ) وبحار الأنوار: ( ج 50، ص 73 - 77 ).
11- مختار الخرائج والجرائح ( ص 208 ).
12- مختار الخرائج والجرائج: ( ص 237 ). 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page