• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

رسالة سفيان إلى هارون

رسالة سفيان إلى هارون
مصادر الرسالة:

ذكر هذه الرسالة الدميري في حياة الحيوان ج 2 ص 188، 189، نقلاً عن ابن بليان، والإمام الغزالي، ودحلان في الفتوحات الإسلامية ط مصطفى محمد ج 2 ص 449 حتى 453.
وأشار إليها ابن خلدون في مقدمته، ص 17 مستدلا بها على تدين الرشيد والتزامه.. وذكر جرجي زيدان شطراً منها في كتابه: تاريخ التمدن الإسلامي المجلد الأول، جزء 2 ص 385، 386، والمجلد الثاني جزء 4 ص 480، ونحن نذكرها هنا عن الدميري مع بعض تعديلات عن دحلان.
مناقشة لا بد منها:
ولكن الرسالة تذكر أن الذي كاتبه الرشيد، والمجيب له هو سفيان الثوري.. وهذا لا يمكن أن يكون صحيحاً، فإن سفيان قد توفي في خلافة المهدي متخفيا، في سنة 161 ه‍، وهارون لم يتول الخلافة إلا في سنة 170 ه‍.
ولعل الصواب: هو أن مرسلها هو: إمام مكة سفيان بن عيينة، المتوفى سنة 198 ه‍. عن إحدى وتسعين سنة.
ولعل الراوي قد اشتبه عليه الأمر، عفوا، أو عمداً! لحاجة في نفسه قضاها. وأياماً كانت الحقيقة، فإن هذه الرسالة تعتبر وثيقة تاريخية هامة، لأنها تصور لنا حقيقة الوضع في تلك الفترة من الزمن..
وتعطينا شأنها شأن رسالة الخوارزمي، ورسالة عبد الله بن موسى إلى المأمون صورة واضحة عما كان يمارسه خلفاء ذلك الوقت من مآثم، وما يرتكبونه من موبقات..
نص الرسالة:
وملخص حكاية هذه الرسالة هي: أن الرشيد أرسل إلى سفيان الثوري! ـ وقد قلنا: إن الظاهر: أنه ابن عيينة ـ كتاباً يتودد إليه فيه، ويطلب منه أن يقدم عليه.
فلما وصل الكتاب إلى سفيان، رماه من يده، وقال لإخوانه: ليقرأه بعضكم، فإني أستغفر الله أن أمس شيئاً مسه ظالم.
فلما قرأوه، أمرهم أن يكتبوا إلى الظالم في الجواب ما يلي:
«من العبد الميت سفيان، إلى العبد المغرور بالآمال هارون، الذي سلب حلاوة الإيمان، ولذة قراءة القرآن.
أما بعد:
فإني كتبت إليك أعلمك: أني قد صرمت حبلك، وقطعت ودك، وقليت موضعك، وأنك جعلتني شاهداً عليك، بإقرارك على نفسك في كتابك: بما هجمت على بيت مال المسلمين، فأنفقته في غير حقه، وأنفذته بغير حكمه، ولم ترض بما فعلته وأنت ناء عني، حتى كتبت إلي تشهدني على نفسك، فأما أنا فإني قد شهدت عليك، أنا وإخواني الذين حضروا قراءة كتابك، وسنؤدي الشهادة غداً بين يدي الله الحكم العدل..
يا هارون، هجمت على بيت مال المسلمين بغير رضاهم. هل رضي بفعلك المؤلفة قلوبهم، والعاملون عليها في أرض الله، والمجاهدون في سبيل الله، وابن السبيل؟ أم رضي بذلك حملة القرآن، وأهل العلم؟!
أم رضي بفعلك الأيتام والأرامل؟!.
أم رضي بذلك خلق من رعيتك؟!.
فشد يا هارون مئزرك، وأعد للمسألة جوابا، وللبلاء جلباباً، واعلم أنك ستقف بين يدي الله الحكم العدل، فاتق الله في نفسك، إذا سلبت حلاوة العلم والزهد، ولذة قراءة القرآن. ومجالسة الأخيار، ورضيت لنفسك أن تكون ظالماً، وللظالمين إماماً.
يا هارون، قعدت على السرير، ولبست حرير، وأسبلت ستوراً دون بابك. وتشبهت بالحجبة برب العالمين، ثم أقعدت أجنادك الظلمة دون بابك وسترك، يظلمون الناس ولا ينصفون. ويشربون الخمر، ويحدون الشارب، ويزنون، ويحدون الزاني، ويسرقون، ويقطعون السارق. ويقتلون، ويقتلون القاتل، أفلا كانت هذه الأحكام عليك، وعليهم، قبل أن يحكموا بها على الناس؟! فكيف بك يا هارون غداً، إذا نادى المنادي من قبل الله:
احشروا الظلمة. وأعوانهم أين الظلمة، وأعوان الظلمة، فتقدمت بين يدي الله، ويداك مغلولتان إلى عنقك، لا يفكهما إلا عدلك وإنصافك، والظالمون حولك، وأنت لهم إمام، أو سائق إلى النار.
وكأني بك يا هارون.. وقد أخذت بضيق الخناق، ووردت المساق، وأنت ترى حسناتك في ميزان غيرك، وسيئات غيرك في ميزانك على سيئاتك، بلاء على بلاء، وظلمة فوق ظلمة، فاتق الله يا هارون في رعيتك. واحفظ محمداً (صلى الله عليه وآله) في أمته. واعلم أن هذا الأمر لم يصر إليك. إلا وهو صائر إلى غيرك، وكذلك الدنيا تفعل بأهلها، واحداً بعد واحد، فمنهم من تزود زادا نفعه، ومنهم من خسر دنياه وآخرته، وإني أحسبك يا هارون ممن خسر دنياه وآخرته.
وإياك، ثم إياك أن تكتب إلي بعد هذا، فإني لا أجيبك.. والسلام».
ثم بعث بالكتاب منشوراً، من غير طي، ولا ختم..

قصيدة الأمير أبي فراس الحمداني

نقاط رئيسية:
كنت قد وعدت القارئ الكريم في فصل: سياسة العباسيين ضد العلويين، بأن أورد في أواخر هذا الكتاب قصيدة الأمير أبي فراس الحمداني المعروفة ب‍: «الشافية».
وقد حان الآن موعد الوفاء بذلك الوعد. وقبل ذلك، لا بأس بالإشارة إلى:
أن أبا فراس قد ولد في سنة 320 ه‍. وتوفي في سنة 357 ه‍. عليه الرحمة والرضوان..
وفي زمانه: كان بنو العباس الخلفاء، وآل بويه السلاطين، وآل حمدان الأمراء.
ولاء. وشجاعة:
وأما عن سبب نظم هذه القصيدة، فهو أن أبا فراس وقف على قصيدة ابن سكرة، التي يتحامل فيها على العلويين، والتي أولها:

بني علي دعوا مقالتكم***لا ينقص الدر وضع من وضعه

فحمي أبو فراس، ونظم هذه القصيدة، التي سارت بها الركبان، ودخل بغداد، وأمر أن يشهر في المعسكر خمسمأة سيف، وقيل: أكثر من ذلك.. ثم أنشد هذه القصيدة، وخرج من الناحية الأخرى(1) وقد شرح هذه القصيدة عدد من الأدباء والعلماء منهم ابن خالويه، ومنهم محمد بن أمير الحاج حسيني.
والقصيدة هي:

الدين مخترم والحق مهتضــم***وفيء آل رسول الله مقتســــم
والناس عندك لا ناس فيحفظهم***سوم الرعاة ولا شاء ولا نعـــم
إني أبيت قليل النوم أرقنــي***قلب تصارع فيه الهم والهمـــم
وعزمة لا ينام الدهر صاحبهـا***إلا على ظفر في طيه كــــرم
يصان مهري لأمر لا أبوح بـه***والدرع والرمح والصمصامة الخذم
وكل مائرة الضبعين مسرحهـا***رمث الجزيرة والحذراف والعنـم
وفتية قلبهم قلب إذا ركبـــوا***يوماً ورأيهم رأي إذا عزمـــوا
يا للرجال أما لله منتصــــر***من الطغاة، أما للدين منتقــــم
بنو علي رعايا في ديارهـــم***والأمر تملكه النسوان والخـــدم
محلاون فأصفى وردهم وشـل***عند الورود وأوفى شربهم لمــم
فالأرض إلا على ملاكها سعـة***والمال إلا على أربابه ديــــم
فما السعيد بها إلا الذي ظلمـوا***وما الشقي بها إلا الذي ظلمــوا
للمتقين من الدنيا عواقبهـــا***وإن تعجل فيها الظالم الإثـــم
لا يطغين بني العباس ملكهــم***بنو علي مواليهم، وإن رغمـوا
أتفخرون عليهم لا أبا لكـــم***حتى كأن رسول الله جدكـــم
وما توازن يوماً بينكم شـرف***ولا تساوت لكم في موطن قـدم
ولا لكم مثلهم في المجد متصل***ولا لجدكم مسعاة جدهــــم
ولا لعرقكم من عرقهم شبــه***ولا نثيلتكم من أمهم أمــــم
قال النبي بها «يوم الغدير» لهــم***والله يشهد، والأملاك، والأمـم
حتى إذا أصبحت في غير صاحبها***باتت تنازعها الذؤبان والرخـم
وصيروا أمرهم شورى كأنهـــم ***لا يعلمون ولاة الحق أيهـــم
تالله ما جهل الأقوام موضعهـــا***لكنهم ستروا وجه الذي علمـوا
ثم ادعاها بنو العباس ملكهـــم***وما لهم قدم فيها، ولا قدـــم
لا يذكرون إذا ما معشر ذكــرو***اولا يحكم في أمر لهم حكـــم
ولا رآهم أبو بكر وصاحبـــه***أهلاً لما طلبوا منها وما زعمـوا
فهل هم يدعوها غير واجبـــة***أم هل أئمتهم في أخذها ظلمـوا
أما علي فقد أدنى قرابتكـــــم***عند الولاية إن لم تكفر النعـم
أينكر الحبر عبد الله نعمتـــــه***أبوكم، أم عبيد الله، أم قثــم
بئس الجزاء جزيتم في بني حسـن***أباهم العلم الهادي، وأمهــم
لا بيعة ردعتكم عن دمائهــــم***ولا يمين، ولا قربى ولا ذمـم
هلا صفحتم عن الأسرى بلا سبب***للصافحين ببدر عن أسيركـم
هلا كففتم عن الديباج سوطكــم***وعن بنات رسول الله شتمكـم
ما نزهت لرسول الله مهجتـــه***عن السياط فهلا نزه الحــرم
ما نال منهم بنو حرب وإن عظمت***تلك الجرائر إلا دون نيلكــم
كم غدرة لكم في الدين واضحـة ***وكم دم لرسول الله عندكـــم
أأنتم آله فيما ترون وفــــي***أظفاركم من بنيه الطاهرين دم
هيهات لا قربت قربى ولا رحم***يوماً إذا أقصت الأخلاق والشيم
كانت مودة سلمان لهم رحمــاً***ولم تكن بين نوح وابنه رحـم
يا جاهداً في مساويهم يكتمهــــا***غدر الرشيد بيحيى كيف ينكتـم
ذاق الزبيري عبء الحنث وانكشفت***عن ابن فاطمة الأقوال والتهـم
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا***مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم(2)
باؤا بقتل الرضا من بعد بيعتـــه ***وأبصروا بعض يوم رشدهم وعموا
يا عصبة شقيت من بعد ما سعدت***ومعشر هلكوا من بعد ما سلمـوا
لبئسما لقيت منهم وإن بليــــت***بجانب الطف تلك الأعظم الرمـم
لا عن أبي مسلم في نصحه صفحوا***ولا الهبيري نجى الحلف والقسم
ولا الأمان لأهل الموصل اعتمـدوا***فيه الوفاء، ولا عن غيهم حلموا
أبلغ لديك بني العباس مألكـــــه***لا تدعوا ملكها ملاكها العجــم
أي المفاخر أمست في منابركـــم***وغيركم آمر فيها، ومحتكـــم
أنى يفيدكم في مفخر علــــــم***وفي الخلاف عليكم يخفق العلم
يا باعة الخمر كفوا عن مفاخركــم***لمعشر بيعهم يوم الهيــاج دم
خلوا الفخار لعلامين إن سئلـــوا ***يوم السؤال، وعمالين إن علموا
لا يغضبون لغير الله إن غصبــوا***ولا يضيعون حكم الله إن حكموا
تنشى التلاوة في أبياتهم سحـــراً***وفي بيوتكم الأوتار والنغـــم
إذا تلوا آية غني إمامكــــــم***قف بالديار التي لم يعفها قــدم
منكم عُلّية أم منهم، وكان لكـــم***شيخ المغنين إبراهيم، أم لهــم
ما في بيوتهم للخمر معتصــــر***ولا بيوتهم للشر معتصــــم
ولا تبيت لهم خنثى تنادمهــــم***ولا يرى لهم قرد له حشـــم
الركن والبيت والأستار منزلهم***وزمزم والصفا والحجر والحرم
وليس من قسم في الذكر نعرفه***إلا وهم دون شك ذلك القســم

وبذلك ينتهي هذا الكتاب، والحمد لله أولاً وآخراً، وصلى الله على خير خلقه أجمعين، محمد وآله الطيبين الطاهرين..
جعفر مرتضى الحسيني العاملي
________________________________________________
(1) راجع: شرح الشافية، لمحمد بن أمير حاج حسيني ص 6، وقاموس الرجال ج 10 ص 157، ورجال المامقاني ج 3 ص 30 من باب الكنى، ورجال أبي علي ص 349، والغدير ج 3 ص 403، والكنى والألقاب ج 1 ص 137، والفتوني في كشكوله، وغير ذلك.
(2) كان هذا البيت مقدما على الذي قبله في بعض مصادر هذه القصيدة. لكن الصواب تأخيره، ليتحد السياق، وينسجم المعنى..


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
رمضان
الأدعية
المحاضرات
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

30 رمضان

وفاة الخليفة العباسي الناصر لدين الله

المزید...

23 رمضان

نزول القرآن الكريم

المزید...

21 رمضان

1-  شهيد المحراب(عليه السلام). 2- بيعة الامام الحسن(عليه السلام). ...

المزید...

20 رمضان

فتح مكّة

المزید...

19 رمضان

جرح أميرالمؤمنين (عليه السلام)

المزید...

17 رمضان

1 -  الاسراء و المعراج . 2 - غزوة بدر الكبرى. 3 - وفاة عائشة. 4 - بناء مسجد جمكران بأمر الامام المهد...

المزید...

15 رمضان

1 - ولادة الامام الثاني الامام الحسن المجتبى (ع) 2 - بعث مسلم بن عقيل الى الكوفة . 3 - شهادة ذوالنفس الزكية ...

المزید...

14 رمضان

شهادة المختار ابن ابي عبيدة الثقفي

المزید...

13 رمضان

هلاك الحجّاج بن يوسف الثقفي

المزید...

12 رمضان

المؤاخاة بين المهاجرين و الانصار

المزید...

10 رمضان

1- وفاة السيدة خديجة الكبرى سلام الله عليها. 2- رسائل أهل الكوفة إلى الامام الحسين عليه السلام . ...

المزید...

6 رمضان

ولاية العهد للامام الرضا (ع)

المزید...

4 رمضان

موت زياد بن ابيه والي البصرة

المزید...

1 رمضان

موت مروان بن الحكم

المزید...
012345678910111213
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page