شروط تأثير النصيحة
ذكرنا سابقاً أن النصيحة أو الموعظة يشترط في تأثيرها ثلاثة شروط:
1 ـ التلطف: فالموعظة يجب أن تكون بتلطف وتودد وأن تكون خارجةً من صميم القلب.
2 ـ الاستدلال: القصد من ذلك أن يكون للنصحية سند صحيح وتعتمد على أساس قوي من الدلائل والبراهين الواضحة.
3 ـ رحابة الصدر: هذا الشرط يحظى بحصة الأسد في أهميته فهو من النعم الكبيرة التي أنعم الله بها على عباده؛ ولهذا ركز عليه القرآن الكريم في قوله المبارك للرسول الأكرم (ص):
(ألم نشرح لك صدرك) سورة الانشراح، الآية: 1.
وقد عنى ـ سبحانه وتعالى ـ بشرح الصدر رحابته للأمور وقدرته على استيعابها بحكمة وطمأنينة تقربه من النفوس وتزيده جلالاً في العيون.
رحابة الصدر من صفات الأنبياء
لقد كان الأساس في تبليغ الرسول ابتداءً من بعثته وانتهاءً برحلته رحابة صدره وحسن خلقه الكريم.
ولقد كانت رحابة الصدر من دواعي نجاحه وانتشار رسالته (ص).
وفي خطاب الله ـ سبحانه وتعالى ـ إلى موسى بن عمران (ع) الذي دعي فيه إلى دعوة فرعون للإسلام ينم عن الخلق الرفيع ورحابة الصدر إذ قال سبحانه:
(إذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى) سورة طه، الآيتان: 43 ـ 44.
وحين سمع موسى هذا الخطاب الرباني وهو يرى بأم عينه التجهيزات العسكرية والقدرة الضخمة من الجيوش التي كان يمتلكها فرعون توجه إلى الله ـ سبحانه وتعالى ـ طالباً السكينة وشرح الصدر:
(قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي) سورة طه، الآيات: 25 ـ 28.
من الطبيعي أنه إذا كان الإنسان واسع الصدر كان لكلامه الأثر الكبير في نفوس الآخرين، ولكن إذا ضاق صدره وارتكب ما لا يليق بالإنسان الكيس فلن يكون هناك أثر لموعظته أو حديثه في نفوس الآخرين وسيفقد حق النفوذ في نفس من يريد وعظه ونصحه.
ويجب أن يعلم ما للارتباط بالله ـ جل وعلا ـ من أمور تبعث على صفاء النفس ورحابة الصدر وطيب الخلق، وكلما زاد الإنسان من صدقه مع الباري وسعى إلى تقوية روابطه مع المولى تمكن من تنمية هممه التي تمنحه الحلم والتحمل.
من الواضح جداً إذا كان رب البيت قوي الإرادة حليماً نفذت كلمته في نفس مقابله.