المقدمة
إنّ أُصول الحج الإبراهيمي : هي تلك التي شرّعها الدين المبين ، ومن الصعب الوصول عبر النصوص والوثائق الباقية باستثناء القرآن الكريم إلى شيء يمكنه رسم حقيقة تلك الأصول . ولكن في ضوء تعدد التفاسير، التي تقدمها المذاهب الاسلامية حول أداء الحجّ وفق نهج إبراهيم الخليل(عليه السلام)، وكما يدعو إليه الدين المبين ، وبالتحديد ما يتعلّق بالنواحي السياسية والاجتماعية والتولّي والتبرّي ، نجد من المناسب البحث فيما وصل إلينا عن شعائر الحج الابراهيمي ومناسكه ، خصوصاً وأنّ هذه التفاسير لم تكن بمنأى عن التأثر بتقادم الأزمنة وهيمنة الأمويين والعباسيين ، والأجواء السياسية والاجتماعية التي ترتبت على سلطة كلّ منهما، علاوة على انحياز بعض العلماء والفقهاء الذين عدوّا أنفسهم مرتبطين بجهاز الحكم إبّان العهدين الاموي والعباسي.
إنّ ما يمكنه تفصيل الحجّ الابراهيمي ، ونفخ الروح والمحتوى فيه ، هو المضامين والمناسك ، التي يجب دائماً التمسك بها واللجوء إليها، وبالحضور الديني بالحج تحقيق صدور رؤية إبراهيم الخليل(عليه السلام) ومحمّد الحبيب(صلى الله عليه وآله) . وإلاّ فانّ التمسك الظاهري في إقامة المراسم والمواسم يذكّر بالحجّ السهل الذي ادّاه أبوسفيان أيضاً. لأنّ الحجّ بالمعنى العامّ لا يختصّ به الاسلام ، إنّ ما أمر به الاسلام وأصرّ عليه ، هو الحجّ الابراهيمي من بين الحجّ الجاهلي والحجّ الحنيفي والحجّ الصابئي.